بقلم الدكتور/ عادل عامر
الاقتصاد الأخضر هو ناتج تحسن الوضع الاقتصادي مع الحد من المخاطر البيئية وندرة الحياة البيئية، والذي يؤدي إلى تحسين المساواة بين الإنسان ورفاهه الاجتماعي. الاقتصاد الأخضر هو نموذج للتنمية الاقتصادية على أساس التنمية المستدامة ومعرفة الاقتصاد البيئي. وهو نوع من الطرق المنظمة لإنشاء مجتمع وبيئة نظيفة ترفع من المستوى الاقتصادي وتدفع المجتمع نحو حياة أفضل, وتحافظ على موازنة البيئة من جميع أشكال التنوع البيئي.
الاقتصاد الأخضر وسيلة لتحقيق التنمية المستدامة، ولا يعد بديلاً لها. الاقتصاد الأخضر ييسر تحقيق التكامل بين الأبعاد الأربعة للتنمية المستدامة وهى الأبعاد البيئية والاجتماعية والاقتصادية والتقنية أو الإدارية. ... ضرورة تطبيق مبدأ المسئوليات المشتركة بين الأجهزة المعنية للدولة للانتقال الطوعي صوب الاقتصاد الأخضر.
مع تزايد الضغوط على البيئة نتيجة الالتزامات والنشاطات المختلفة التي تخدم الاقتصاد وخاصة في الدول الصناعية الكبرى … بدأ يظهر مفهوم الاقتصاد الأخضر وهو يعني تحقيق النمو والتنمية المستدامة دون الإخلال بالنظام البيئي وكذلك توفير المساعدات والمنح للدول الفقيرة من أجل النهوض بالتعليم والصحة والبنية الأساسية وبذلك تتحقق العدالة والمساواة في التنمية. اليوم اكثر من مليار شخص يستخدمون ويستغلون البيئة ،
الحكومات تعاني من الأزمات المالية العالمية ، والفجوة بين الأغنياء والفقراء تزداد اكثر، واذا استمر إهدار الموارد سوف يعيش 4 مليار فرد في أماكن تعاني من النقص الشديد في المياه بحلول 2050 ، الصين والهند سوف تحتاج 80% اكثر من الطاقة التي تعتمد بشكل أساسي على الوقود الحفرى ، غازات الصوبة الخضراء سوف تظل ثابتة في دول منظمة التنمية و التعاون الدولي (OECD) وروسيا ، بينما تزداد اكثر من الضعف في مجموعة البريكس،وتزداد في باقي دول العالم وعالميا بنسبة اكثر من 50% وهو ما يزيد من درجة حرارة الأرض من 3 إلى 6 درجات مئوية بنهاية القرن .
لقد فرضت مطالب الإصلاح الذي يضمن المنافع طويلة الأمد للمجتمعات المحلية اعتماد نهج التنمية المتكاملة. بات الأردنيون بحاجة إلى أن يكونوا على وعي بما يجري وبأن يتمركزوا في قلب عملية صنع القرار. وبينما يدعون لتوفير مزيد من فرص العمل والرعاية الاجتماعية؛
أصبح المصريون أكثر وعيا بالضغوط التي تتعرض لها الموارد الطبيعية للبلاد بسبب النمو الاقتصادي. إن على بيئة الأعمال والمناخ الاستثماري أن يقدما قيمة مضافة للاقتصاد، فالأراضي والمياه والطاقة والبنية التحتية والحوكمة الرشيدة هي جميعها مدخلات في عملية التنمية، وبالتالي، إذا كان الأردن سيدخل غمار المنافسة في السوق، يتعين علينا أن نجد الوصفة الصحيحة.
وفي حين أصبح الأردن عارفا بموارده غير المستغلة، وجه اهتمامه إلى قطاعات جديدة للاستثمار في الطاقة النظيفة والخضراء لتعزيز التنمية الاقتصادية وتوفير فرص العمل الخضراء والحفاظ على الموارد الطبيعية. وباعتباره أول دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (مينا) تجري دراسة وطنية استكشافية لتقييم نطاق الاقتصاد الأخضر، حددت مصر عدة فرص لإطلاق القطاعات الخضراء، بما في ذلك الطاقة المتجددة وكفاءة استخدام الطاقة والمياه وإدارة المياه العادمة والنفايات الصلبة والمباني الخضراء والسياحة البيئية والنقل إلخ.
ومع ذلك، لا يزال أدراج إمكانيات الاقتصاد الأخضر في تلك القطاعات محدودا. لقد بلغت تكلفة الطاقة المستوردة ما يقارب 20٪ من الناتج المحلي الإجمالي عام 2006. وبلغ إجمالي الطاقة المستوردة 96٪ من إجمالي احتياجات مصر من الطاقة. ويقدر حجم الاستثمار المطلوب في قطاع الطاقة المتجددة بحلول عام 2020 حوالي 2.1 مليار دولار، وفي قطاع كفاءة وحفظ الطاقة بنحو 152 مليون دولار.
لذلك تكون التوصيات
1 - حث المدن والمؤسسات والشركات على وضع وتعزيز نظم رقابية معتمدة ومعايير بيئية موثوقة وتحفيز جميع الجهات على الإسهام في تحقيق التنمية المستدامة وبناء نظم الإنذار المبكر وتحديد استراتيجيات إدارة المخاطر لمواجهة الكوارث والمخاطر المحتملة.
2 - الالتزام بمعايير الاستدامة ومراعاة أنظمة البناء الأخضر في جميع المشاريع الحكومية ومشاريع الأعمال واستخدام التكنولوجيا الحديثة الصديقة للبيئة وتطبيقات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء في بناء المدن الصناعية والذكية.
3 - تعزيز عملية التثقيف المجتمعي بأهمية البيئة والاستدامة وكيفية الوصول للاقتصاد الأخضر وتطوير برامج تأهيلية من أجل إعداد قيادات وطنية تراعي التغير نحو الاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة.
4 - تعزيز التعاون العلمي وبناء نظم لشراكات دولية وإقليمية ووطنية مع المنظمات الدولية والجهات المختصة ذات العلاقة بهدف نقل الخبرات والتقنيات النظيفة الحديثة الداعمة للاقتصاد الأخضر، وتخطيط وإنتاج وممارسة سلوكيات تنموية محفزة ومستدامة تعتمد التكامل مع الرؤية الوطنية للتنمية في جميع أبعادها الاجتماعية والبيئية والاقتصادية وتعزز من فرص القطاع الخاص في تحمل مسؤوليته الوطنية والمجتمعية والبيئية.
هذه المبادرات التي أطلقتها المملكة جاءت لتؤكد أهمية تحقيق البيئة المستدامة في مجتمعنا، خاصة أن معظم المنظمات الدولية حذرت من تفاقم حدة الظواهر المضرة بالبيئة. فبرنامج الأمم المتحدة للبيئة أكد تعرض 63 في المائة من أراضي كوكبنا الصالحة للزراعة لظاهرة التغير المناخي لتصل تكلفة مكافحتها السنوية إلى 42 مليار دولار.
وحذر مركز أبحاث أوبئة الكوارث في العاصمة البلجيكية في دراسة شارك فيها البنك الدولي، من ازدياد الدول المهددة بالجفاف في إفريقيا وآسيا، والفيضانات المتزايدة في شرق وجنوب آسيا. وطبقا لبرنامج الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، فإن غذاء أكثر من مليار نسمة في 100 دولة أصبح عرضة لمخاطر التصحر، منها 23 دولة إفريقية وعربية، لكونها تواجه تحديات الضغوط السكانية وتقلص مساحات الأراضي الزراعية وشح المياه، فضلا عن التوسع الحضري الذي فاق 55 في المائة من السكان. كما أكد البرنامج أن العالم العربي يعاني تفاقم ندرة الموارد المائية الناتجة عن 43 في المائة من مصادر داخلية و57 في المائة من مصادر خارجية، وهو الأمر الذي يعرض شعوبه لمخاطر كبيرة في المرحلة المقبلة، خاصة في ظل استنزافه مصادر المياه الجوفية، وتهديد التصحر المتواصل لنحو ثلاثة ملايين كيلو متر مربع من الأراضي العربية، التي تساوي 22 في المائة من المساحة الإجمالية للوطن العربي.
وأهابت هذه التقارير بالدول النامية عامة والدول الخليجية خاصة، التي تعتمد على الغذاء المستورد والمياه المصنعة أن تبدأ فورا البحث عن الأساليب والوسائل التي تمكنها من مواجهة هذا الخطر والاستفادة من أرصدتها المالية في بناء المخزون الاستراتيجي للغذاء، وترشيد استخدام المياه، وبالتالي توفير التنمية المستدامة والطاقة البديلة وتطبيق مبادئ الاقتصاد الأخضر.
ونظرا لأن الاقتصاد الأخضر يعتمد على الطاقة المتجددة لمنع التلوث البيئي والاحتباس الحراري واستنزاف الموارد، فقد اكتسب شهرة إضافية عندما أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم 236 / 64 وتاريخ 24 / 12 / 2009، القاضي بتنظيم مؤتمرات التنمية المستدامة لتحقيق أهداف الاقتصاد الأخضر، ومنها خفض انبعاثات الكربون وتقليص استنزاف الموارد المائية وتحقيق الأمن الغذائي.
بعد جولات من المفاوضات الشاقة في هذه المؤتمرات تبنى ممثلو 193 دولة مشروع وثيقة نهائية تحت عنوان المستقبل الذي نريده، وتمت صياغته من قبل الدول النامية. إلا أن الدول المتقدمة رفضت التوقيع على هذه الوثيقة لافتقادها الطموح المطلوب، علما بأنها تتسبب في 80 في المائة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والغازات التي تسهم في ظاهرة الاحتباس الحراري، ما سيؤدى إلى ارتفاع معدل درجات الحرارة بنسب غير مسبوقة. فهل تلتزم الدول المتقدمة بأهداف الاقتصاد الأخضر لتحقيق المستقبل الذي نريده؟
|