الأحد, 15 ديسمبر 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

ميدان الكوربة

 ميدان الكوربة
عدد : 11-2021
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا”

ميدان الكوربة هو أحد أشهر ميادين ضاحية مصر الجديدة ويعد قلب مصر الجديدة ودٌرة تاجها النابض فهو ميدان ذو طبيعة خاصة يتميز بشكله المثلث كما أنه تميز بأنه توجد على أضلاعه ثلاث بنايات ضخمة وهي بعيدا عن التحفة المعمارية الخالدة وهي قصر البارون إمبان وكذلك قصر بوغوص نوبار باشا تعد شواهد تاريخية شاهدة على عراقة الكوربة وهى فندق هليوبوليس بالاس والذى أصبح قصر الرئاسة الآن درة تاج الكوربة ويطلق عليه قصر الإتحادية وكنيسة البازيليك والكنيسة الأسقفية بالكوربة وقد صممت هذه الأبنية بهندسة معمارية فريدة من نوعها على يد مؤسس ضاحية مصر الجديدة البارون إمبان وكانت بداية نشأة ضاحية مصر الجديدة ذات البوائك التاريخية التي يشتهر بها ميدان الكوربة والمنطقة من حوله والتي تحمل نفس الإسم وتعد الكوربة عكس المدن الجديدة التي إنتشرت فيها ما يسمي بكومباوند سكني حيث تعددت وتعالت أسوارها وتقوقعت الهويات داخلها فعلي العكس في الكوربة فأنت تشعر بأنك في كومباوند خاص بلا أسوار في مكان مفتوح لا فروق طبقية فيه ويبدو هذا الطابع بوضوح في شوارعها حيث الكافيهات والمطاعم والمتاحف والمعارض ذات الطابع الغربي وذات الطابع الشرقي ومع ذلك يوجد بها أماكن ذات طابع شعبي وكما ذكرنا في السطور السابقة يتميز ميدان الكوربة بشكله المثلث حيث يبدأ من شارع الأهرام بداية من فندق هليوبوليس بالاس والذى أصبح قصر الرئاسة الآن حتي كنيسة البازيليك فشارع نزيه خليفة الذي يتقاطع مع شارع الثورة حتى قصر البارون إمبان ومن داخل منطقة الكوربة يوجد شارع بغداد الذي يلتقي أيضا مع شارع الثورة ويرجع تسمية هذا الميدان بهذا الإسم لا كوربيه نظرا لإستدارة الشارع على غير عادة الشوارع فى ذلك الوقت والكلمة تعني بالإيطالية الإنحناءة أو القوس حيث كان المترو يأخذ إنحناءة أو دوران في هذا المكان في رحلة عودته قادما من شارع فؤاد الأول بوسط البلد فكان الكمساري البلجيكي الجنسية ينادي بكلمة لا كورب والتي حرفت إلي الكوربة فصارت إسما للمكان .

وبخصوص فندق هليوبوليس بالاس فقد بدأ العمل في تشييد هذا القصر عام 1906م وإفتتح عام 1910م في حفل فخم ويعد هذا أول مبنى في الكوربة إشترك في تصميمه المهندس المعمارى البلجيكي إرنست جاسبارحيث وضع التصميم العام له وتكلف تأسيسه 60 ألف جنيه بينما بلغت تكلفته الإجمالية بعد إنشائه خمسة ملايين جنيه وكان الفندق يضم 400 غرفة إلي جانب عدد 50 شقة خاصة وعدة قاعات ضخمة وقام بتنفيذ البناء شركتان للإنشاءات كانتا من أكبر الشركات العاملة في مصر آنذاك وهما شركة ليو رولين وشركاه وشركة بادوفا دينتا مارو وفيرو وإشتركت معهما شركة ميسس سيمنز آند شوبيرت اﻷلمانية في تنفيذ اﻷعمال الكهربائية للفندق وتم تأثيث الحجرات بأثاث فاخر من طرازى لويس الرابع عشر ولويس الخامس عشر وكذلك القاعة الرئيسية للقصر وهي قاعة دائرية نسج لها خصيصا سجاد إيراني كان قطره 30 متر وزودت بثريات ضخمة من الكريستال شرقية الطراز كانت هي اﻷفخم واﻷضخم في وقتها وتغطيها قبة ضخمة إرتفاعها 55 مترا وتبلغ مساحتها 589 مترا مربعا وتم فرشها بسجاد شرقي فاخر وزودت بمرايات ضخمة في بعض جوانبها وبها أيضا مدفأة ضخمة من الرخام وعدد 22 عمودا رخاميا وقد صمم أعمال الديكور الداخلي المذكورة المهندس جورج لوى كلود وإلي جوار القاعة الرئيسية كانت توجد قاعة طعام فاخرة تكفي 150 فردا وقاعة أخرى خصصت لممارسة لعبة البلياردو كانت تضم 3 طاولات بلياردو منها إثنتين كبيرتي الحجم من طراز ثرستون أما الأثاث الذي كان من خشب الموهاجني فقد جئ به من العاصمة البريطانية لندن فيما ضمت الحجرات العلوية مكاتب وأثاث من خشب البلوط جئ بها من محلات كريجير في العاصمة الفرنسية باريس وكان الطابق السفلي من القصر ومنطقة العاملين من الضخامة بحيث تم تركيب سكة حديدية خاصة بطول الفندق كانت تعبر مكاتب الإدارة والمطابخ والثلاجات والمخازن ومخازن الطعام وحجرات العاملين وجميع خدمات الفندق الأخرى وقد عاصر الفندق الحربين العالميتين اﻷولي والثانية وﻷنه كان من أفخم الفنادق في هذا الوقت فقد كان الكثير من زوار مصر في ذلك الوقت يفضلون اﻹقامة به وكان من أشهرهم الملك جورج السادس والد الملكة إليزابيث الثانية ملكة بريطانيا الحالية وملك بريطانيا مابين عام 1936م وعام 1952م وزوجته الملكة إليزابيث باوز ليون واللذين أمضيا شهرا كاملا فى الفندق حيث كانت الملكة فى ذلك الوقت تتعافى من مرض التيفويد إلي أن إستعادت الملكة صحتها بشكل بطئ وتدريجى وكان الأطباء البلجيكيون المعالجون لها قد نصحوها بضرورة الإقامة في مكان يتمتع بنقاء وجفاف الهواء ورشحوا لها منطقة مصر الجديدة بالتحديد ومن أشهر الشخصيات أيضا التي أقامت بهذا الفندق المليونير اﻷمريكي الملقب بملك الشيكولاتة ميلتون هيرشي مؤسس ومالك شركة هيرشي للشيكوﻻتة وأيضا اﻹقتصادى والمصرفي اﻷمريكي جون بيربونت مورجان وكذلك الملك البير اﻷول ملك بلجيكا وزوجته الملكة إليزابيث .

وتأتي التحفة الثانية بمنطقة الكوربة المتمثلة في كنيسة البارون أو كنيسة البازيليك والتي بناها أحد أهم بناة مصر الجديدة الفرنسي الكسندر مارسيل والذى كان من أهم أعماله قصر البارون بمصر الجديدة وقصر مهراجا كابورتالا في الهند والبرج الياباني وكشك الجناح الصيني في حديقة قلعة لايكين بالعاصمة البلجيكية بروكسل والنصب التذكاري لذكرى سرب لافاييت الأميريكي في العاصمة الفرنسية باريس وقد شيدت هذه الكنيسة ما بين عام 1911م وعام 1913م بناءا على طلب من البارون إمبان وكان ذلك من ماله الخاص وبعيدا عن شركة واحات مصر الجديدة والتي كان قد أسسها البارون إمبان كمالك إعتبارى للضاحية في ذلك الوقت ووضعت رسومات الكنيسة على الطراز البيزنطي وهى صورة مصغرة لكاتدرائية آيا صوفيا بإسطنبول ويلاحظ أنها لم تشمل برجا للأجراس كما هو معتاد في الكنائس الأخرى حتي لا يحدث أي إزعاج لسكان الضاحية وهي تقع في أول شارع الأهرام وقد أطلق عليها البارون إمبان إسم نوتردام دي تونجر البلجيكية وأطلق عليها أيضا إسم كنيسة البازيليك وكلمة بازيليك كلمة من أصل يوناني بمعنى ملكي الحكمة وكانت تطلق عند اليونان على القصور الملكية وكان مبنى البازيليك هو مركز للعدالة أو الحكمة وبعد ذلك شيدت الكنائس في أوروبا بنفس الشكل فكانت تسمى بازيليك أما في الوقت الحاضر فلا تطلق إلا على الكنائس التي لها أهمية كبرى مثل بازيليكا القديس بطرس في الفاتيكان ومدن أخرى وقد دفن البارون إمبان بكنيسة البازيليك بمصر الجديدة في يوم 17 فبراير عام 1930م بناءا على وصيته في مقبرة تتوسط الممشي الرئيسي للكنيسة وتقع أسفل هيكل الصلاة ويغطيها علم بلجيكا موطنه الأصلي وتتضمن أيضا لوحتين جداريتين الأولى تضم المشروعات التي نفذها في مصر وأوروبا وتحديدا فرنسا أما الثانية فتضم ألقابه والنياشين التي حصل عليها حيث كان قد حصل علي لقب البارون وعلي رتبة جنرال ومما يذكر أنه كان قد تم نقل جثمانه إليها ليدفن فيها في شهر فبراير عام 1930م بعد حوالي 7 شهور من وفاته حيث توفي خارج مصر في موطنه وبلده الأصلي بلجيكا متأثرا بمضاعفات مرض السرطان وفيما بعد دفن إبنه إدوارد إلي جواره في نفس المقبرة وقد تبرعت بها أسرته بعد ذلك للكنيسة الكاثوليكية بمصر .

ونأتي الآن إلي ثالث التحف المعمارية بمنطقة الكوربة وهي الكنيسة الأسقفية الإنجليكانية ويطلق عليها أيضا كنيسة القديس ميخائيل وهي تابعة لأبروشية مصر التي يقع مقرها الرئيسي بجزيرة الزمالك والتابعة بدورها لإقليم الإسكندرية الإنجليكاني والذي يضم أبروشية مصر والقرن الأفريقي وشمال أفريقيا وأثيوبيا وهي تقع بشارع سيتي المتفرع من شارع بغداد وكان لهذه الكنيسة الفضل في تأسيس معهد جبال التوبة لدراسة الكتاب المقدس في عام 2013م بطلب من قادة الخدمة فى المجتمع السودانى فى مصر داخل كنيسة القديس ميخائيل بالكوربة وتبلغ مدة البرنامج الدراسي ثلاث سنوات يركز فيهم الدارس على تعلم الكتاب المقدس وتقنيات الإدارة ويعد هذا المعهد أحد خدمات كلية اللاهوت الأسقفية وفضلا عن ذلك تتبني الكنيسة الأسقفية مشروع يسمي معا من أجل تنمية مصر وهو يشمل تدريب شباب محافظة القاهرة تحت عنوان طاقات الشباب الإبداعية وذلك إنطلاقا من رؤية المشروع لتعزيز معرفة وقبول الآخر وإعلاء القيم المشتركة وتفعيل العمل الجماعى المبنى على الإحتفاء بالإختلاف وقد تم تصميم هذا التدريب من أجل بناء فريق مجتمعى قادر على إطلاق برامج في المجتمعات المحلية تطلق طاقات الشباب الإبداعية وتمكنهم من تنفيذ مشروعات مجتمعية تزرع المحبة والسلام بين مختلف أطياف المجتمع مع إقامة علاقات وصداقات قوية وحقيقية بين الشباب وتنمية قدراتهم ورفع الوعى الثقافى والحضارى لديهم بالإضافة إلى إشتراك المتدربين معا فى تنفيذ مبادرات عملية تعود بالنفع على مجتمعاتهم المحلية بهدف الوصول إلى درجة من التكامل وجودة العمل عن طريق التواصل مع الهيئات الحكومية ومنظمات المجتمع المدنى التى تعمل فى ذات الإتجاه الذى ترتبط به مبادرتهم ويتم تنفيذ هذا المشروع تحت رعاية إقليم الكنيسة الأسقفية فى مصر وشمال أفريقيا والقرن الأفريقى ومؤسسة مصر الخير ومن المقرر أن يشمل المشروع أيضا على مجموعة من المبادرات والفعاليات فى محافظات ومدن أخرى غير القاهرة منها الإسكندرية والمنيا ومدينتي السادات ومنوف بمحافظة المنوفية.
 
 
الصور :