بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا”
درب شغلان هو أحد شياخات حي الدرب الأحمر الستة عشر وهى غير درب شغلان الباطنية والدرب الأحمر والسروجية والعمري والغورية والمغربلين وباب الوزير وتحت الربع وحارة الروم ودرب سعادة وسوق السلاح والمناصرة والحلمية الجديدة والدوادية والقريبية ودرب شغلان أيضا شارع من أضيق شوارع الدرب الأحمر الأصيلة وقد زادت أهميته بدرجة كبيرة بعد إنشاء حديقة الأزهر التى أصبحت الحد الشرقي لدرب شغلان وبسبب هذه الحديقة تم هدم معظم المنازل والبيوت القديمة لتقام بدلا منها أبراج وعمائر شاهقة تطل على حديقة الأزهر التى أصبحت متنفس عظيم لأهالى درب شغلان وبعد أن كان يقال عن الدرب درب شغلان اللي يخش مكسي يطلع عريان أصبح الجميع يتمنى السكن فى هذا الدرب فسبحان مغير الأحوال وجدير بالذكر أن حديقة الأزهر هي أحد أضخم حدائق القاهرة الكبرى وواحدة من أكبر وأجمل حدائق العالم وهي تقع على مساحة 80 فدان وكانت تستغل في الماضي كمقلب للقمامة والمخلفات لمدة تزيد علي ألف عام وإفتتحت للزائرين في عام 2005م بعد أن إستغرق إنشاؤها أكثر من 7 أعوام بتكلفة إجمالية تزيد على 100 مليون جنيه تحملتها بالكامل مؤسسة أغا خان للعمارة الإسلامية وجدير بالذكر أيضا أنه في كتابه الخطط التوفيقية يصف علي مبارك باشا درب شغلان عام 1860م بقوله درب شغلان يقع عن يمين المار من فبلى جامع أصلان ممتدا إلى جامع إبراهيم أغا وقد عرف هذا الدرب بإسم ضريح يقع في آخره يقال له ضريح سيدى شغلان وهناك ضريحان آخران أحدهما بأوله ويعرف بضريح سيدى أحمد والثانى بوسطه ويعرف بضريح سيدى عبد الله الأنصارى وبه أيضا زاوية تعرف بزاوية الشيخ سليم وأخرى تعرف بزاوية الخضيرى كانت متخربة ثم جددتها إمرأة تدعى الحاجة فاطمة وكانت ناظرة عليها وبها قبران أحدهما للشيخ على الخضيرى الذى عرفت الزاوية بإسمه والآخر يقال إنه قبر زوجته كما توجد زاوية تعرف بزاوية عابدين أنشأها الأمير عابدين جاويش عام 1084 هجرية الموافق عام 1673م وهى معطلة الشعائر لتخربها وزاوية تعرف بإسم زاوية مرشد وهى معطلة الشعائر أيضا لتخربها بداخلها ضريح الشيخ مرشد ويتبعها سبيل والشيخ مرشد هذا ترجمه الشعرانى فى كتابه الطبقات وقال إنه توفى عام 940 هجرية الموافق عام 1533م ودفن بزاويته وذكر المناوى فى طبقاته أن مرشدا هذا إسمه إبراهيم وكان يعرف بمرشد ثم قال وكان عجيب الزهد والورع أقام أربعين عاما صائما وله كرامات ومات وعمره مائة وبضعة عشر سنة .
وبهذا الدرب أيضا من جهة اليسار حارة جامع أصلان وهى غير نافذه وبها سبيل وقف الكور عبد الله وضريح يعرف بضريح الأربعين ثم عطفة خرابة الصعايدة ثم عطفة رجبية ثم درب الفرن حيث يوجد بداخله فرن معدة للخبيز يالأجرة ثم العطفه الصغيرة وكلها غير نافذة وأما جهة اليمين من هذا الدرب فبها عطفتان متقاربتان فرع ممتد من درب شغلآن يسلك منه الى شارع التبانة من قبلى جامع عارف باشا وبه عطفة واحدة ومن أهم معالم درب شغلان مسجد و مقام ستنا فاطمة النبوية والتي لقبت منذ قدومها إلي مصر بأم الحنان وأم اليتامي وأم المساكين وهو من أشهر المساجد بحي الدرب الأحمر لأن الست فاطمة بنت سيدنا الحسين بن علي بن أبي طالب رضى الله عنهما دفنت بعد وفاتها في عام 110 هجرية داخله في ضريح عليه قبة مرتفعة ومقصورة من النحاس الأصفر وقد تم تسميتها علي إسم جدتها السيدة فاطمة الزهراء إبنة النبي الكريم محمد صلي الله عليه وسلم حيث كانت شديدة الشبه بها وقد أنشئ هذا المشهد فى عهد الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله ثم أمر بتجديده المأمون البطايحى وزير الخليفة الفاطمي المستنصر بالله وفي العهد المملوكي فى القرن الثامن الهجرى الموافق للقرن الرابع عشر الميلادى أعاد تجديده القاضى شرف الدين الصغير ناظر الجيوش المصرية وفي القرن الثامن عشر الميلادى جدده الأمير والمهندس المعمارى العثماني عبد الرحمن كتخدا ثم جدده مرة أخرى الخديوى عباس حلمي الثاني ضمن ما قام بترميمه وإصلاحه من مساجد آل البيت النبوى في مصر حيث كان محبا لهم أشد الحب وجعل فيه منبرا ودكة وميضاة من الرخام وحنفية للوضوء ومنارة وبابين أحدهما يؤدى إلى الميضاة والآخر يؤدى إلى الضريح الشريف .
ويعد هذا المسجد أقرب المساجد إلى قلوب الناس فى حي الدرب الأحمر لأنه يعد من مساجد آل البيت ومن أشهر ما روي عنها قصة رعايتها لسبع بنات يتيمات تيتمن بعد موقعة كربلاء التي وقعت في شهر المحرم عام 61 هجرية الموافق شهر أكتوبر عام 680م والتي إستشهد فيها أبوها الإمام الحسين رضي الله عنه فأخذتهن معها أينما كانت وتكفلت برعايتهن طوال حياتها ولم تفارقهن حتي دفن جميعا بجوار مقامها ولم تكتف بالسبع بنات فقط وإنما كانت دارها مأوي للمساكين من جميع الأقطار فكانت تحسن إلي المساكين وتطعمهم وتلبسهم وتعينهم بكل السبل علي مواجهة الحياة ولذا فإنه يمكن إعتبارها صاحبة أول مؤسسة خيرية إجتماعية في تاريخ الإسلام لرعاية أبناء ضحايا وشهداء الحرب ومنذ زمن تقام كل يوم إثنين حضرة بعد صلاة المغرب لقراءة القرآن الكريم ويوزع بعدها الناس الطعام والهدايا على الفقراء والأيتام أما مولد السيدة فاطمة النبوية فهو أول مولد لأهل البيت يأتى بعد المولد النبوى الشريف ويقام بهذه المناسبة إحتفال كبير يستمر لمدة أسبوع وتقام فيه الخيام ويوزع فيه الفول النابت والعدس واللحمة وقد تم تجديد المسجد تجديد شامل بعد زلزال شهر أكتوبر الشهير في عام 1992م بحيث تم تحويله إلي أحد المزارات السياحية الدينية التي لها مكانة عند سائر المسلمين وقد تم إستغلال المساحة التي نزعت ملكيتها بمعرفة محافظة القاهرة بمساحة قدرها 1550 مترا مربعا وتم إضافتها الي مساحة المسجد لتصبح 2450 مترا مربعا بدلا من900 متر مربع ليستوعب نحو 5 آلاف مصل بدلا من1500 مصل .
ومن أهم معالم درب شغلان أيضا مسجد أصلم السلحدار والذى يعرفه سكان الحي بإسم جامع أصلان وقد بناه الأمير أصلم السلحدار وإلى جوار مسجده بني دارا لتدريس المذهب السني وسبيل وقد بدأ بناء هذا المسجد عام 745 هجرية الموافق عام 1344م وأتمه عام 746 هجرية الموافق عام 1345م والأمير أصلم المعروف بالسلحدار وتعني هذه الكلمة حامل السيف هو أمير مملوكي إلتحق ببلاط السلطان المملوكي الناصر محمد بن قلاوون وكان قد ولد بالقاهرة ونشأ بها وحفظ القرآن الكريم عند العالم الشيخ النور المنوفى والشيخ العمدة وأدى فريضة الحج بصحبة أمه وكان عمره 20 عاما وصاهر العالم البلقينى على أكبر وبنى دارا بالقرب من مدرسة المولوى البلقينى وكان كثير الحركة والكلام ووصل إلي رتبة أميرمائة وهي رتبة عسكرية تعادل لواء حاليا وكان أحد المشايخ ويجلس علي رأس الحلقة حيث كان يجلس لتدريس علوم الدين ويجيد رمى النشاب ولما تقدم في السن لزم بيته ولما مات في عام 747 هجرية الموافق عام 1347م دفن بمسجده والذى يعتبر النموذج الوحيد المتبقي شاهدا على أعماله .
ويتكون المسجد من ساحة رئيسية للصلاة والضريح الخاص بالأمير وعدد من الغرف الداخلية ومنطقة للوضوء وساحة المسجد مقسمة إلي عدد 4 إيوانات بينها صحن وكل إثنين منها متماثلين فالإيوان الشرقي ونظيره الغربي فتح كل منهما علي الصحن بواسطة عقد كبير كما فتح عليه كل من الإيوان البحري ونظيره القبلي بواسطة ثلاثة عقود صغيرة تحملها أعمدة رخامية أسفلها قاعدة رخامية مربعة وقد تم تسقيف صحن المسجد بعد ان كان مكشوفا كما هو الحال في معظم المساجد المملوكية وقد إقتبست بعض مظاهر هذا التخطيط في بعض المساجد اللاحقة سواء من حيث نظام الايوانات أو تغطيه الأصحن بأسقف خشبية وتقع قبة الضريح بالركن الشرقي القبلي للمسجد وبابها علي يمين الداخل من الباب القبلي وتحمل قبة الضريح ثلاث حطات من المقرنصات ومما يذكر أنه يوجد بالإيوان الشرقي منبر خشبي صغير دقيق الصنع حفرت بحشواته زخارف بارزة جميلة ويدل سقف هذا الايوان وأسقف الإيوانات الأخري وما تبقي عليها من زخارف علي أنها كانت غنيه بنقوش مختلفة الألوان أما الصحن فيحلي واجهاته أعلي العقود دوائر ومعينات من الجص المزخرف يتخللها شبابيك وصفف عقودها مثلثة علي شكل مراوح ويحيط بها إطارات من الكتابة الكوفية كما أن للمسجد مئذنة قصيرة نسبيا مكونة من حطتين تفصل بينهما شرفة مقرنصة .
|