السبت , 7 ديسمبر 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

درب اللبانة

درب اللبانة
عدد : 12-2021
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا”

درب اللبانة حارة شهيرة تقع بحي القلعة وتعد من أشهر حارات القاهرة الفاطمية حيث تتمتع بطابع خاص وموقع فريد فهي تقع فوق سفح عال وتحيطها كثير من درجات السلالم من كلا الناحيتين لكي يتمكن زائرها من الوصول لها كما أنه تحيط بها المساجد الأثرية الرائعة وتجاورها قلعة صلاح الدين الأيوبي وقد سميت حارة درب اللبانة بهذا الإسم نسبة إلى إحدى العائلات التي عاشت بالمنطقة وكانت تبيع وتتاجر بالألبان ومنتجاته وتوزعه على أغلب أحياء المحروسة وتعد العمارة هي أهم ما يميز المنطقة التي تقع فيها حارة درب اللبانة وما حولها والعمارة هى فن البناء القائم على الإبداع والفكر وهي من أهم الوسائل التي تعبر عن الثقافة الإنسانية والسلوك الجمعي وهي تعد معرضا لتكامل الفنون والحرف ويجب علينا أن نلاحظ أن العمارة لا تعني المباني والمنشآت فقط وإنما يتسع معناها لتشمل معنى العمران البشري المتكامل بالعديد من الأبنية ولكل وطن عمارته المميزة ولكل منطقة عمارته التي تميزه ومن هنا جاءت فكرة بيت المعمار المصري الذى إتخذ من درب اللبانة مقرا له وأصبح يمثل بداية الإجماع غير المسبوق على لقطة غنية بخطوطها وتركيبها وملامسها وروحها المصرية الجميلة ومن ثم يعد بيت المعمار المصرى أبرز معالم درب اللبانة وذلك إلي جانب جامع قاني باي الرماح ومئذنته ذات الرأسين وقبته البديعة وهو الجامع الذى وضعت صورته علي أوراق العملة المصرية مرتان الأولى على الورقة فئة الجنيه والثانية على الورقة فئة المئتين جنيه .

ولا يمكننا أن نذكر درب اللبانة وبيت المعمار المصرى دون أن نذكر المهندس المعمارى حسن فتحى أعظم مهندس على مستوى العالم فى العصر الحديث وصاحب كتاب عمارة الفقراء والذي نال شهرة عالمية في هذا الفن وأسس مدرسة تعتمد على إستخدام مواد البناء من الطبيعة نفسها وكان هو أخر سكان بيت المعمار المصري بعد أن كان قد سكن فى هذا البيت عدد من أشهر الفنانين والمستشرقين وهذا البيت يعد أثر ومزار في حد ذاته وهو نموذج لشكل وخصائص أحد أنماط المساكن في العصر العثماني في مصر والذي سار على تقاليد العمارة المملوكية التقليدية ويعتبر ضمن أهم البيوت الإسلامية الأثرية بالقاهرة وقد أسسه الأخوان عمر وإبراهيم الملاطيلي سكنا لأسرتيهما في القرن الثامن عشر الميلادى ثم إشتهر تدريجيا لبيت علي أفندي لبيب وكان يعمل حارسا له وقد إشتهر هذا البيت بإسم بيت الفنانين منذ أواخر ثلاثينيات القرن العشرين الماضي وعرفت المنطقة بإسم مونمارتر القلعة أسوة بمنطقة المونمارتر بباريس لإجتذابه العديد من الفنانيين الأجانب والمستشرقين والمصريين للإقامة به أو لإتخاذ آتيليهاتهم ومراسمهم بمبانيها وقد سكن به الكثير من الفنانين منهم بيبي مارتان وموسكا نيللي وراغب عياد وميلاد فهيم وجمال كامل ورمسيس يونان ولبيب تادرس ومحمد ناجي وزكي بولس وسند بسطا ولويس فوزي ومنير كنعان ومحمد ضياء الدين وعبد الغني أبو العينين وشادي عبد السلام ورؤوف عبد المجيد وعبد الفتاح الكيال والمهندس حسن فتحي والذي إقترن البيت بإسمه لاحقا وكان يقابل بيت الفنانين بيت يسمي بيت هندية وكان به مراسم للفنان ممدوح عمار والمهندسين المعماريين محمد مهيب ونبيل غالي وأحمد ربيع وغيرهم وبعد وفاة المعماري العالمي حسن فتحي في عام 1989م أهمل البيت إلى أن تم تجديده في أوائل الألفية الثانية حينما تقدم المعماري عصام صفي الدين بفكرة مشروع بيت المعمار إلى وزير الثقافة حينذاك الفنان فاروق حسني والذي أصدر قرارا برقم 19 لعام 2010م بتحويل الأثر رقم 497 إلى بيت المعمار المصري وقد تضمن هذا القرار تحديد الأهداف الأساسية له والتي تتلخص في إبراز ثقافة العمارة المصرية المتواصلة بالوطن المصرى جميعه عبر عصورها التاريخية وحتى زمانها المعاصر مع الإشارة إلى الإيجابيات والسلبيات والإيحاء الإجتهادى فى ترشيد توقعاتها المستقبلية فى ضوء الثوابت والمتغيرات وإجتهادات كل المساهمين فى رعايتها وممارستها والمخططات القومية والإقليمية والعمرانية والإسكانية والنمو والمشروعات التنموية إلي جانب توضيح الملامح والعوامل المؤكدة للجانب الإيجابى فى توافق المعمار المصرى مع الواقع البيئى بتنوع أنماطه الجغرافية والمؤثرات الثقافية وأيضا توضيح أولويات النواتج الإبداعية النظرية والعملية للحرفيين والبنائين والمعماريين عبر التاريخ وإسهامات ذلك فى تاريخ العمارة محليا ودوليا وتوضيح الشخصية البصرية والطابع المصرى بأنماطه ومراحله وتعبيراته الثقافية والإجتماعية والإفادة منها فى مناهج التعليم المعمارى وتوضيح الممارسات التى توافقت مع ذلك ميدانيا وأثر ذلك فى مشاعر الإنتماء وتوضيح المناهج النظرية فى إستخلاص الطابع المعمارى فضلا عن إبراز دور وقيمة وذكرى المعماريين الراحلين حسن فتحى ورمسيس ويصا واصف وإسهاماتهما فى ثقافة العمارة المصرية وإحياء وتدعيم مدرستهما الإنتمائية وتوفير القاعدة المعلوماتية والبحثية المرجعية بمختلف الوسائل الممكنة علميا ونظريا مع تنظيم الأنشطة والفعاليات الثقافية الهادفة إلى تحقيق وصل المجتمع المصرى بالمعمار المصرى وتذوقه وإسهاماته الممكنة فى تكوين رأى نقدى موضوعى وتثقيف وتحفيز الطفل المصرى لتذوق العمارة والربط بينهما وبين عموم الإبداع والسلوك الجمالى والبيئى وإثارة روح الإنتماء وغرس مبدأ إبداء الرأى والنقد والعمل على التوعية الثقافية والإعلامية فى مجال المعمار والعمران والبيئة المصرية والعمل أيضا على تزكية ورعاية فنون وحرف العمارة التقليدية والشعبية على مستوى العمل اليدوى وعلى مستوى الإنتاج الصناعى بما يتوافق مع المعمار المصرى وتوضيح العلاقة بين المعمار المصرى كجسد معمارى وبين فنون التصميم للعمارة الداخلية المتوافقة مع أسس وثقافة المعمار المصرى وأخيرا العمل على إقامة الندوات الثقافية والمعارض المتوافقة مع أهداف إبراز المعمار المصرى والمتوافقة معه .

ومن أهم معالم المنطقة أيضا مسجد قانى باى الرماح والذى يعود تاريخ إنشائه إلي عام 908 هجرية الموافق عام 1502م على يد الأمير قاني باي الرماح أحد أمراء مماليك السلطان الأشرف قايتباي والذى كان يتولى منصبا يعد من أهم الوظائف العسكرية بالدولة المملوكية وهي وظيفة أمير خور أي المسئول عن الإصطبلات السلطانية وما فيها من دواب من خيل وبغال وإبل في وقت كانت فيه الخيل هي عدة الحرب عند المماليك وكان قاني باى الرماح شجاعا وإشتهر بالفروسية ولعب الكرة من فوق ظهر الخيل ولهذا سموه الرماح أي السريع الشجاع وقد أنشئ هذا المسجد على نظام المدارس ذات التخطيط المتعامد إذ يشتمل على صحن مكشوف تحيط به أربعة إيوانات معقودة وقد إختلف عما سبقه من مساجد المماليك الجراكسة في طريقة تسقيف إيواناته فبينما نرى أسقف المساجد التي أنشئت في هذا العصر إتخذت من الخشب وحليت بنقوش مذهبة جميلة بينما نرى أسقف هذا المسجد إتخذت جميعها من الحجر على هيئة قبوات مختلفة الأشكال فإيوان القبلة تغطيه قبة منبسطة من مداميك من الحجر الأبيض والأحمر على التعاقب ولهذا المسجد محراب يقع في الواجهة الجنوبية له في صدر إيوان القبلة وهو من الحجر ويجاوره منبر خشبي صغير به حشوات مجمعة على شكل أطباق نجمية مطعمة بالعاج وعلى جانبي المنبر يوجد دولابان خشبيان حليا بزخارف نباتية مورقة وعلى جانبي إيوان القبلة شبابيك نقشت أعتابها بزخارف دقت في الحجر مما يبرهن على أن أرجاء المسجد كانت حافلة بالزخارف المترفة وحول صحن المسجد أربعة أبواب سجل على كل واحد منها نص إنشاء المسجد وتؤدي هذه الأبواب إلى ملحقات المسجد المتعددة وهي القبة والميضاة وتجدر الإشارة إلى أنه بالقبة ضريحان أحدهما للأمير قاني باي الرماح مشيد المسجد .

ولمسجد قاني باى الرماح مئذنة ترتفع على يسار الباب الرئيسي للمسجد وهي مبنية من الحجر وتشبه إلي حد كبير المئذنة التي أضافها السلطان قنصوة الغورى للجامع الأزهر الشريف والتي تعتبر أحد العلامات المميزة في سماء القاهرة والناظر إلى ميدان القلعة بالقاهرة يمكن أن يرى فيما يحيط به من منشآت أثرية غابة من المآذن المتنوعة الأشكال والمتباينة في أحجامها وإرتفاعاتها إلا أن مئذنة مسجد قاني باي الرماح تبقى فريدة في نوعها وجديرة بالتأمل وحدها وهي مؤلفة من ثلاثة طوابق جميعها تعتمد على المسقط الأفقي المربع فالطابق الأول المتعامد الأضلاع نجد بوسط كل ضلع من هذه الأضلاع الأربعة فتحة إضاءة مربعة تتوسط حنية على جانبيها عمودان رخاميان رشيقان يحملان عقدا مدببا ويتوج الطابق الأول صفوف من المقرنصات الحجرية التي تحمل شرفة آذان مربعة ذات سياج خشبي أما الطابق الثاني فقد جاء متعامد الأضلاع أيضا عوضا عن إستخدام المقطع المستدير أو شكل المثمن كما هو الحال في أغلب المآذن المملوكية ولكن هذا الطابق جاء أقل إرتفاعا وسعة من الطابق الأول وكأنه صدى له حتى فيما يتعلق بالمقرنصات التي تتوجه إذ جاء عددها أقل أيضا وعمد المهندس الذي أبدع هذه المئذنة إلى الحفاظ على إيقاع دوراتها فجعل الطابق الثالث متعامد الأضلاع أيضا ولكن على هيئة بدنين مربعين صغيرين حليا بالمقرنصات وتوج كل واحد منهما بخوذة قبة صغيرة تعرف في مصطلح العصر المملوكي بإسم القلة وهذه الوحدة التي تجمع مكونات المئذنة مع الحفاظ على إيقاع السعة والإرتفاع المتناقص كلما إتجهت الى أعلى منحت مئذنة مسجد قاني باي الرماح شخصيتها المتفردة وسط كل مآذن ميدان القلعة والقاهرة عموما وهذا النموذج من المآذن المملوكية ظهرت له نماذج تميزت بإستخدام الرأس المزدوجة في قمة المئذنة ولكن مئذنة قاني باي الرماح تختلف عنها في إعتماد المقطع المتعامد لكل أجزائها .
 
 
الصور :