الأحد, 15 ديسمبر 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

أثر مكافحة الفساد على التنمية المستدامة

أثر مكافحة الفساد على التنمية المستدامة
عدد : 12-2021
بقلم الدكتور/ عادل عامر

مما لاشك فيه أن للفساد الاقتصادي آثارا عديدة ومختلفة على التنمية المستدامة حيث ـانه يؤثر سلبا عليها ويظهر ذلك جليا من خلال إهمال فئات كبيرة من المجتمع التي تعاني من التهميش , إضافة إلى انعدام التوزيع العادل للدخل وبالتالي العيش في ظروف غير إنسانية ,

وتنجر عنها عدة مشاكل اجتماعية وسياسية كما أن الفساد يؤثر على المؤشرات الاقتصادية بكاملها ولذا وجب استنفاذ كل الطرق والمناهج والسياسات للتصدي لهاته الظاهرة المستفحلة وبقوة في اقتصاديات الدول النامية حتى يتسنى المضي قدما في تنمية مستدامة شاملة تحفظ حقوق الأجيال الحالية والمستقبلية بعيدا عن المحسوبية والظلم

يؤثر الفساد الاقتصادي على التنمية المستدامة بشتى أبعادها، حيث يؤدي إلى نقص الفعالية و الكفاءة الاستخدامية للموارد الاقتصادية و سوء العدالة التوزيعية للمداخيل وعدم استغلال العقلاني لها، و ارتفاع كلفة الخدمات الاجتماعية، مما يؤثر على رفاهية المجتمع و التنمية البشرية المستدامة. لذلك اقتضى بالضرورة تبني استراتيجية بمشاركة الحكومة و القطاع الخاص لمكافحة الفساد الاقتصادي و ذلك بواسطة الإصلاح السياسي، الاقتصادي و حتى الإداري و تشريعي أيضا.

كما تم أنشاء الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته المعدل و المتمم أما بالنسبة لتفعيل التنمية المستدامة فيجب إرساء مبادئ الشفافية و المحاسبة و تبني استراتيجية لحوكمة القطاع الضريبي من حقيقة وجود ظاهرة الفساد في دول العالم كافة سواء المتقدمة منها أو النامية بدون استثناء، ما استدعى الاهتمام بمواجهة هذه الظاهرة لأثارها السلبية على القيم الأخلاقية والوظيفية وعلى كفاءة الأجهزة الإدارية وإعاقة برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

كمحاولة لتحديد أثار الفساد على التنمية الاقتصادية في الجزائر وذلك بالاعتماد على الأسلوب القياسي التحليلي من خلال تحديد العلاقة بين مجموعة من مؤشرات الفساد كمؤشرات مستقلة والتي تم اختيارها اعتمادا على دراسات سابقة في هذا المجال، ومؤشر النمو الاقتصادي خلال الفترة(1996-2012)كمؤشر تابع، وذلك بأسلوب قياسي يعتمد على معالجة بيانات المؤشرات المعتمدة والتي تم تجميع بياناتها من مصادر مختلفة، بالاعتماد على برنامج التحليل الإحصائي

لقد استحوذ موضوع التنمية المستدامة على اهتمام العالم خلال 15 سنة الماضية حيث أصبحت التنمية المستدامة الحل الأمثل للقضاء على التخلف ومختلف المشكلات التي تعاني منها الشعوب والمجتمع الدولي إذ جاءت نتيجة جهود حثيثة بذلت على الصعيد العالمي ومرت بعدة مراحل وتطورات فمن التنمية كمرادف للنمو إلى التنمية كمفهوم يشمل النمو والتوزيع إلى التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة لتصل إلى مفهوم التنمية المستدامة . تعرف التنمية المستدامة بمعناها العام أنها عبارة عن عملية تطوير الأرض والمدن والمجتمعات

وكذلك تلبية احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية حاجاتها فالتنمية المستدامة مصطلح اقتصادي واجتماعي يعنى بتطوير وسائل الإنتاج بطرق لا تؤدي إلى استنزاف الموارد الطبيعية لضمان استمرار الإنتاج للأجيال القادمة . فهي إذن عملية ترشيد استغلال الموارد المتاحة مع المحافظة على حق الأجيال القادمة . تعرفها منظمة الأغذية والزراعة العالمية أنها عبارة عن عملية إدارة قواعد الموارد الطبيعية والعمل على توجيهها نحو التغير التقني والمؤسسي بصورة تضمن تحقيق واستمرار إشباع الحاجات البشرية للأجيال الحالية وكذلك المستقبلية

جاءت خطة التنمية المستدامة محل الأهداف الإنمائية للألفية الثمانية والتي تمخضت عن إعلان الأمم المتحدة للألفية سنة 2000 إلى غاية 2015 والتي وقعت عليها 192 دولة و23 منظمة ركزت أهدافها على مكافحة الفقر والجوع والأمراض والأمية والمرأة من خلال ثمانية فصول : فصل القضاء على الفقر ، فصل تعميم التعليم ، فصل المساواة بين الجنسين ، فصل التقليل من وفيات الأطفال ، وفصل مكافحة الإيدز والملاريا والأمراض الأخرى ، وفصل كفالة الاستدامة البيئية ، وأخيرا فصل إقامة شراكة عالمية من أجل التنمية . ومهما قيل عن مدى تحقق الأهداف للألفية الإنمائية فإنها تجسدت في دول وفشلت في أخرى .

الفساد عدو التنمية المستدامة

وفق الدراسات الاستقصائية للبنك الدولي سنة 2016 أن 53.2 % من الشركات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا اعتبرت الفساد بمثابة العقبة الرئيسية أمام ممارسة الأعمال التجارية

فالفساد يؤثر على الاستثمار ونمو الاقتصاد بل يقوض أهداف التنمية المستدامة وكل عملية تنموية تفشل إذا لم يتم محاربة الفساد ، فإذا حللنا كل هدف من الأهداف التي تقوم عليها التنمية المستدامة نجد أن الفساد معرقل أساسي في تجسيدها بمختلف أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية وهي الأبعاد التي تركز عليها التنمية المستدامة .

على المستوى الاقتصادي

يؤثر الفساد على فرص الاستثمار وعلى الإنفاق العام ويؤدي إلى هدر الأموال وانخفاض في الدخل وسوء توزيع الثروة ، فالتنمية المستدامة تعتمد على موارد أولية وطاقة وزيادة الإنتاج وتطوير مهارات الإنسان وهذا يتحقق بنمو اقتصادي وتشجيع الصناعة والابتكار والاستثمارات وتحسين المعيشة والرفاه.

على المستوى السياسي

تستلزم التنمية المستدامة بيئة ديمقراطية وحكما راشدا يتميز بالشفافية والمساءلة ففي النظام الغير ديمقراطي يستشري الفساد وبالتالي لا يمكن تحقيق التنمية وضمان حق التمتع بالحريات والسلام والعدل والمؤسسات القوية ، فالفساد يعرقل تحقيق الاستقرار السياسي والأمني ويضعف تطبيق النصوص القانونية كما يساهم في ضياع حقوق الأنسان وحق التنمية المستدامة كحق من حقوق الشعوب ، كما يؤثر الفساد على ضعف المشاركة السياسية ويشوه المناخ الديمقراطي مما يؤثر سلبا على كل أشكال التنمية وعجز مؤسسات الدولة .

على المستوى الاجتماعي

يؤثر الفساد على الاستقرار الاجتماعي ويؤدي إلى انهيار القيم الأخلاقية وانتشار البطالة والفقر وبروز طبقية وبالتالي عدم المساواة وهذا يتنافى مع أهداف التنمية المستدامة فقد أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة أن الفساد يشكل عائقا أمام التنمية ويحول الموارد بعيدا عن الجهود المبذولة للقضاء على الفقر وضمان التنمية المستدامة فهو جريمة تستلزم التعاون الدولي لمحاربتها ، فالفساد يؤدي إلى تردي مستوى الخدمات الاجتماعية ، ويزيد من معدلات الجريمة ويؤثر على تفعيل دور العدالة واستقلالية القضاء في محاسبة الفاسدين ، كما أنه يزيد من تكلفة الخدمات العامة ويقلل جودتها

على المستوى البيئي

يؤدي الفساد إلى استنزاف الموارد الطبيعية مما يرهن مستقبل الأجيال القادمة وبالتالي الفشل في تحقيق استمرارية التنمية المستدامة التي تركز على الإنتاج والاستهلاك المسؤولين .

رهانات وتحديات

لقد توجه العالم نحو تجسيد أهداف التنمية المستدامة من أجل ضمان حق الأجيال الحاضرة والقادمة والوقوف ضد كل العراقيل والمعوقات كالفساد الذي زادت حدته في العصر الحديث خاصة في الدول النامية التي تعاني من ارتفاع معدلات الفقر والأمراض الفتاكة والبطالة وكثرة الحروب والنزاعات الأثنية أضف إلى ذلك غياب الديمقراطية والحكم الراشد مما أدى إلى خلق بيئة مواتية لتفشي الفساد بكل أشكاله وأصبح من أهم التحديات التي تواجه مسار التنمية المستدامة في العالم بالأخص الدول النامية بل يعتبر معول هدم لكل الجهود المبذولة ، لهذا ارتبط الفساد بضياع حقوق الإنسان وحق كل الشعوب في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسة والبيئية.

التنمية المستدامة إطار مشترك للعمل العالمي والتعاون إذ تحرص الأمم المتحدة على ضمان مسارها حتى 2030 .

هل ستنجح التنمية المستدامة في حل كل المشاكل والأزمات التي يعاني منها المجتمع الدولي اليوم من حروب وفقر وأمراض ومجاعة ومشاكل بيئية تهدد استمرار حق الأجيال القادمة في الحياة ؟

هل ستنجح الجهود الدولية وكل الفواعل في مكافحة الفساد في ظل ازدياد الهوة بين الشمال والجنوب أمام تضارب مصالح الدول الكبرى ؟