بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا”
متحف مصلحة السجون أحد المتاحف المصرية الفريدة من نوعها وهو يوجد داخل مجمع سجون منطقة طرة بجنوب القاهرة وقد تم بناؤه وتصميمه بشكل محترف بحيث نتعرف منه علي تاريخ السجون منذ العصر الملكي والإحتلال البريطاني وحتي وقتنا الحاضر وكيف تطورت السجون في العصر الحديث وذلك من خلال محاكاة تم الإستعانة خلالها برسوم جدرانية وتماثيل شمعية أوضحت الطرق والأساليب التي كانت متبعة خلال العصر القديم لمعاقبة السجناء كالجلد بالسياط وكان يتم تحديد عدد الجلدات على حسب المخالفة كما كان من أساليب العقاب أيضا الحبس الإنفرادي داخل زنزانة صغيرة 2 متر في 2 متر وفضلا عن ذلك يبين هذا المتحف أوضاع غرف النزلاء وغرف الحجز الإنفرادي والحرف التي كان يمتهنها نزلاء السجون في ذلك الوقت وفضلا عن ذلك يضم المتحف عددا من الأسلحة المختلفة التي كانت وما زالت تستخدم في الجرائم وصورا لبعض الجرائم التي إرتكبها المتهمون بإستخدام حيل مختلفة وصعب إكتشافها مثل تهريب مواد مخدرة أو مجوهرات وغيرها من الممنوعات وتتصدر صور قضية ريا وسكينة المشهد بإعتبارها من أشهر القضايا التي تم ضبطها وكانتا أشهر السيدات اللاتى دخلن السجن حيث نزحت المتهمتان في بداية حياتهما من جنوب الصعيد إلى بني سويف ثم إنتقلتا إلى كفر الزيات ومنها إلي مدينة الإسكندرية في بدايات القرن العشرين الماضي وتم إتهامهما بتكوين عصابة لخطف النساء وقتلهن بالإشتراك مع محمد عبدالعال زوج سكينة واللتين حوكما وتم الحكم عليهما بالإعدام وتم تنفيذ الحكم بالفعل .
وعلاوة علي ما سبق يشمل هذا المتحف عدد من التماثيل الشمعية بالحجم الطبيعى ترصد الحياة اليومية للسجناء حيث تصور معظم هذه التماثيل عمليات التأهيل التى نجحت من خلالها مصلحة السجون فى تحويل مسار المتهمين من جناة وبلطجية ومنحرفين خارجين عن القانون إلى أشخاص أسوياء مفيدين لمجتمعهم وبدأ ذلك من خلال إستيعاب مصلحة السجون أن تعليم السجناء حرفا يدوية سيساعدهم على الحياة خارج الأسوار فيما بعد حيث تعمل تلك المهارات التى إكتسبوها فى السجن على حصولهم على ربح حلال يغنيهم عن إرتكاب الجرائم مرة أخرى ومن تلك المهن على سبيل المثال حرف الغزل والنسيج والحدادة والنجارة وغيرها وذلك إيمانا بالمبدأ الأساسى وهو أن السجن ليس وسيلة عقابية فقط إنما هو تهذيب وتأديب وإصلاح وذلك حرصا من وزارة الداخلية على إنتهاج فلسفة عقابية تسعى للإصلاح والتهذيب من أجل تأهيل النزلاء عند خروجهم للمجتمع مرة أخرى ولذلك كثفت الوزارة من إهتمامها بأوجه الرعاية الإجتماعية والثقافية والدينية والتعليمية والرياضية التى شهدت عمليات تطوير متلاحقة لا مثيل لها وكان أولها الإلتزام بتنفيذ المعايير الدولية لحقوق الإنسان حيث يتم توفير غذاء صحى للسجناء فضلا عن المشروعات الصناعية والزراعية والإنتاجية من مزارع خاصة بوزارة الداخلية مما كان له تأثير كبير فى تنفيذ برامج التأهيل الخاصة بالنزلاء كما عملت تلك المزارع على تحقيق الإكتفاء الذاتى من الغذاء فى السجون وهو الأمر الذى إستدعى التوسع فى إنشاء مشروعات جديدة يمكن من خلالها إستيعاب أعداد أكبر من النزلاء وذلك لتحسين أحوالهم المادية وتأهيلهم على النحو الأمثل ولم تقف عمليات التطوير عند هذا الحد إنما إمتدت للرعاية الطبية فهناك إجراءات صحية متبعة مع النزلاء وذلك بشقيها الوقائى والعلاجى فالمساجين يلقون رعاية طبية غير محدودة داخل مستشفيات السجون أو فى مستشفيات وزارتى الصحة والتعليم العالى إذا إستدعت حالتهم الصحية ذلك .
وقد تم مؤخرا تشييد مجمع أو مركز الإصلاح والتأهيل بوادى النطرون وهو يعد باكورة مراكز الإصلاح والتأهيل والذى سيتم عقب التشغيل الفعلى له غلق 12 سجنا يمثلون 25% من إجمالى عدد السجون العمومية في مصر وهو ما سيؤدى إلى عدم تحمل الموازنة العامة للدولة أية أعباء لإنشاء وإدارة مراكز الإصلاح والتأهيل في ضوء أن القيمة الإستثمارية لمواقع السجون العمومية المقرر غلقها تفوق تكلفة إنشاء تلك المراكز وقد تم تصميم هذا المركز بأسلوب علمى وتكنولوجيا متطورة وذلك بإستخدام أحدث الوسائل الإلكترونية كما تم الإستعانة في مراحل الإنشاء والتجهيز وإعتماد برامج الإصلاح والتأهيل على أحدث الدراسات التي شارك فيها متخصصون في كافة المجالات ذات الصلة للتعامل مع المحتجزين وتأهيلهم لتمكينهم من الإندماج الإيجابى في المجتمع عقب قضائهم فترة العقوبة وتضم منطقة الإحتجاز بهذا المركز عدد 6 مراكز فرعية روعى في تصميمها توفير الأجواء الملائمة من حيث التهوية والإنارة الطبيعية والمساحات الكافية بالإضافة إلى توفير أماكن لإقامة الشعائر الدينية وفصول دراسية وأماكن تتيح للنزلاء ممارسة هواياتهم وساحات للتريض وملاعب ومراكز للتدريب المهنى والفنى تضم مجموعة من الورش المختلفة وتضم منطقة التأهيل والإنتاج مناطق الزراعات المفتوحة والصوب الزراعية والثروة الحيوانية والداجنة والمصانع والورش الإنتاجية ومن الجدير بالذكر أنه يوجد في المنطقة الخارجية للمركز منافذ لبيع المنتجات كما يتم بيع منتجات المركز في المعارض التي ينظمها قطاع الحماية المجتمعية حيث يتم تخصيص العائد المالى للنزيل وتوجيه هذا العائد حسب رغبته فإما تحويل العائد أو جزء منه لأسرته أو الإحتفاظ به عقب قضاء العقوبة ويضم مركز الإصلاح والتأهيل أيضا مستشفى مركزى مجهز بأحدث المعدات والأجهزة الطبية وغرف عمليات تشمل كافة التخصصات وغرف للرعاية المركزة وغرف للعزل والطوارئ بالإضافة إلى صيدلية مركزية وقسم للمعامل والتحاليل والأشعة ووحدة الغسيل الكلوى بالإضافة إلى العيادات التي تم تجهيزها بأحدث المعدات وذلك مع الإلتزام بتطبيق كافة الإجراءات الإحترازية على النزلاء وعلي الزائرين وفقا للإجراءات والإشتراطات الصحية المتبعة في هذا الشأن وكذا الإجراءات التأمينية من حيث تسجيل البيانات وإصطحاب الزائرين لمناطق الزيارة بواسطة حافلات وإصطحابهم عقب إنتهاء الزيارة وفضلا عن ذلك فقد تم تأسيس مجمع للمحاكم داخل المركز والذى تم إنشائه لتحقيق أقصى درجات التأمين ويضم عدد 8 قاعات لعقد جلسات المحاكمات وهي منفصلة إداريا وتبلغ سعتها الإجمالية عدد 800 فرد حتى يتم عقد جلسات علنية لمحاكمة النزلاء بها وتحقيق المناخ الآمن لمحاكمة عادلة يتمتع فيها النزيل بكافة حقوقه وتوفير عناء ونكاليف الإنتقال للمحاكم المختلفة .
|