بقلم الدكتور/ عادل عامر
يُعتبر الشّباب المحرّك الرّئيس للعمل والإنجاز في شتّى أنواع المجتمعات الإنسانيّة؛ ففئة الشّباب هي التي تمتلك الحماس المطلوب، والاندفاع الضّروري، والتّفكير المُستنير، والطّاقة البَدنيّة العالية التي تُمكِّنهم من القيام بالأعمال التي قد تعجز عنها فئات أُخرى عديدة،
ومن هنا فقد ارتبطت أنواعٌ معيّنة من الأعمال بهذه الفئة، ولعلَّ أبرز هذه الأعمال؛ الأعمالُ التّطوّعيّة التي تتّسم غالباً بالتّنظيم، والتي تَهدف إلى إنجاز منجَزات عديدة، ومُتنوِّعة، وخدمةِ المُجتمعِ المحليّ، وربما الخارجيِّ أيضاً، تُلاقي الأعمال التطوعية بشتّى صنوفها وأنواعها إقبالاً مُنقطعَ النّظير من قِبل الشّباب في شتّى بقاع العالم؛ فلولا الشّباب لما وُجدت مثل هذه الأعمال ولما استمرّت، ومن هنا فإنّ هناك العديد من الفوائد التي تعود على المُجتمع بشكلٍ عام، وعلى الشباب بشكلٍ خاصٍّ نتيجةً لتواجد مثل هذه المُبادرات.
من بين أبرز الفوائد التي قد يتحصَّل المجتمع عليها من خلال تطبيق تجربة حياة كريمة علي الشباب انتشار ثقافة الأعمال التطوعية بين الشّباب سدُّ بعض الاحتياجات التي قد تعجز الحكوماتُ عن سدِّها، والاعتناء ببعض الفئات المُهمَّشة التي قد لا تلقى العناية الكافية؛ خاصَّةً في المُجتمعات الفقيرة، والمُساعدة في حلِّ بعض المشكلات المُستعصِيةِ الّتي لا يُمكِن حلُّها إلا بتكاتف المجهودات، وعلى رأس هذه المشكلات؛ المشكلات الاجتماعيّة، والثّقافيّة، وغيرهما.
بالنّسبة للشّباب، فإنّ فوائد الأعمال التّطوّعيّة أكثر من أن تُحصى، ولعلَّ أبرز هذه الفوائد: بناء شخصيّة الشّاب المُتطوّع، وإكسابه مهارات حياتيّة مُختلفة، وصقل شخصيّته، وتعريفه على مكامن قُوّته، ومُساعدته على تجاوز مُشكلاته ونقاط ضَعفه، وتعريفه بمُشكلات المُجتمع من حوله حتى لا يكون مُنفصلاً عنه، وملء أوقات الفراغ التي قد يُؤدّي عدم استغلالها بالشكل الأمثل إلى ضياع جيلٍ كامل، بسبب المغريات المُتعدّدة التي لا تُقاوَم، إلى جانب العديد من الفوائد الأخرى.
التطوّع هو العمل أو الجهد الذي يُقدّم دون مقابل أو عوض مادي بدافع تحمل مسؤولية معينة وتقديم خدمة إنسانية للمجتمع أو البيئة، والمتطوع هو الشخص الذي يسخّر نفسه عن طواعية ودون إكراه لمساعدة ومؤازرة الآخرين بقصد القيام بعمل يتطلب الجهد الجماعي في موضوع معيّن. ويسعى العمل التطوعي لخلق روح إنسانية تعاونية بين أفراد المجتمع الواحد والمجتمعات المختلفة، فالتطوع هو ممارسة تتطلب ثقافةً ووعياً بما يقدم لنا وللآخرين، لأن التطوع هو منا ولأجلنا، وهو نابع عن خلق العطاء العظيم ويعتبر عملاً سامياً وجميلاً.
إن كان من السهل قياس الفوائد الشخصية المتحققة للمتطوعين نتيجة العمال التطوع التي يقومون بها، والتي تظهر على كم المهارات والمعارف الجديدة التي يتم اكتسابها، وإمكانية تعزيز تلك الأعمال التطوعية من فرص المتطوعين في الحصول على عمل مدفوع الأجر، وغير ذلك من الفوائد التي قد تترتب على المشاركة في الأعمال التطوعية. كما أنه من الممكن قياس الأثر الاجتماعي الناتج عن تنفيذ الأعمال التطوعية، والذي يمكن تحديده من خلال معرفة التغيير الحاصل في البيئة المحلية أو في المستفيدين من الأعمال التطوعية التي تم تنفيذها. إلا أن قياس القيمة الاقتصادية الناتجة عن تلك الأعمال التطوعية ألا يزال في مراحلة الأولية. وعلى الرغم من ذلك، فإن الأبحاث تشير وبقوة إلى قدرة التطوع على تحقيق فوائد مجتمعية أوسع، بما يمكنها من تحقيق وفو ارت ملموسة في الإنفاق الحكومي، وأن يكون للب ارمج التطوعية تأثير كبير وطويل الأمد على السلوك المالي للحكومة. وتشير إحدى الدراسات إلى شروط أساسية من أجل أن تساهم الأعمال التطوعية التي يتم تنفيذها لصالح المؤسسات الحكومية في تخفيض الإنفاق الحكومي،
الشرط الأول هو أن يتم التخطيط بشكل جيد من قبل المديرون العموميون لجذب المتطوعين، ثاني تلك الشروط هو الاستثمار في تدريب وتأهيل المتطوعين من أجل تولي بعض المهام ذات النفع العام، ثالث تلك الشروط هو بذل الجهد من أجل ضمان استبقاء المتطوعين للتمكن من تحقيق فوائد تطوعهم، وبدون تلك الشروط قد ينتهي الأمر بالمنظمات العامة
بعد إظهار الحجم المحدود للنشاط التطوعي في مصر، وطبيعة المشكلات التي تؤثر سلبا العمل التطوعي، وبعد تناول الإطار القانوني المنظم للعمل التطوعي، والذي اتضح أنه لم يتم الاستفادة منه على النحو المطلوب حتى الآن،
وذلك بسبب عدم تفعيل المواد القانونية الداعمة للعمل التطوعي حتى الآن. وبالتالي، فإنه من المهم استكشاف الواقع الفعلي لعالقة المؤسسات الحكومية بالعمل التطوعي، ومدى استفادة القطاعات الحكومية المختلفة من هذا المورد المتجدد في دعم أنشطتها وبرامجها.
بطبيعتها فإن وزارة الشباب والرياضة هي الوزارة الأقرب إلى المورد الرئيسي للعمل التطوعي، وهو الشباب. وبالتالي، فلقد حرصت وزارة الشباب والرياضة خلال السنوات الأخيرة على تعزيز استفادتها من المشاركة التطوعية للشباب في العديد من الفعاليات والأحداث الهامة، فعلى سبيل المثال يشارك فريق من المتطوعين تابع لوزارة الشباب والرياضة
منذ أكثر من ثالث سنوات في تنظيم فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب، كما شاركت مجموعات كبيرة من الشباب المتطوعين لدى الوزارة في المساعدة في تنظيم ومتابعة سير العمليات الانتخابية التي جرت في مصر خلال الأشهر الماضية، وآخرها كان فتح باب التطوع للمشاركة في تنظيم بطولة العالم لكرة اليد ،
هذا بجانب بعض أنشطة التطوع المحلية التي يقوم بها متطوعون في م اركز الشباب بالقرى والمدن. يعد الاتحاد العام للكشافة والمرشدات من أكبر الكيانات الشبابية التي تستعين بالعمل التطوعي في أنشطتها، والاتحاد هو هيئة شبابية مستقلة تتبع وزارة الشباب والرياضة،
ويهدف إلى تكوين عادات الاعتماد على النفس، والتعاون والمشاركة في مشروعات الخدمة العامة وتنمية المجتمع وخدمة البيئة. إلا أنه أيضا ظهره الصفحة الخاصة بالاتحاد تتوافر بيانات كافية عن أعداد المتطوعين لدى الاتحاد، للتطوع الحق في النهاية،
تتعدد مجالات تمكين الشباب، في التعليم، والثقافة، والسياسة، والتدريب وبناء القدرات، والتوظيف، والصحة، والاندماج الاجتماعي. وتولي الدولة المصرية أهمية كبيرة بالشباب في إطار البعد الاجتماعي لسياساتها التنموية وهو ما يؤكد على أهمية دور الشباب في المجتمع وضرورة مشاركتهم في جميع مجالات التنمية الشاملة التي تشهدها مصر. يمكن القول إننا بحاجة إلى جهد كبير من أجل دفع العمل التطوعي لمكانته الصحيحة داخل المجتمع والدولة المصرية، من أجل تحقيق اقصى استفادة اجتماعية واقتصادية ممكنة، بما يدعم جهود الدولة، ويساعد في تحقيق أهداف خططها وبرامجها التنموية. أنه من الأهمية تسويق ثقافة التطوع وتعبئة الموارد البشرية اللازمة وتوظيفها لصالح العمل التنموي، وأهمية إعداد وتأهيل المتطوعين وحمايتهم ومساءلتهم إذا خالفوا قواعد التطوع، مع ضرورة تطوير قاعدة البيانات الموحدة لتشمل جميع المتطوعين بتوزيعهم العمري والجغرافي والتعليمي بكافة القطاعات التي يرغبون التطوع فيها وتصنيفهم طبقاً لتواجدهم الجغرافي،
وتم تسليط الضوء على ضرورة استغلال القدرات البحثية والميدانية للمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، وتعظيم دوره في حصر نتائج التطوع وسبل تقييم أثرها على العمل التنموي، مع العمل على رصد فرص التطوع لتغطية المناطق المحرومة من الخدمات، طالما كانت الريادة والمبادرة مطمح وهدف لكل من أ ارد أنُ يطور نفسه، أو أنُ يقدم شيئا لمجتمعه.
لكن في كثير من الأحيان بقيت الريادة والمبادرة شعارات يرددها البعض من المسؤولين، أو من كبار السن، ويطالبون الشباب بها، دون تمكينهم من المها ارت والمعارف التي تلزمهم للنجاح. بل كانت النظرة للبعض منهم هي التعامل مع الشباب كمصدر للمشكلات والأزمات والأعباء. |