السبت , 7 ديسمبر 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

باب اللوق

 باب اللوق
عدد : 01-2022
بقلم المهندس/ طارق بدراوي
موسوعة" كنوز أم الدنيا"


أنشئ باب اللوق عام 1241م في عهد السلطان الأيوبي الملك الصالح نجم الدين أيوب كبوابة لميدان ألعاب الأكرة وهي عبارة عن رياضة رماية وفروسية يمارسها الفرسان وهم فوق ظهور الخيل في المنطقة التي يقع بها حي باب اللوق حاليا بالقاهرة وقد تعددت أسباب تسمية باب اللوق فيقال إن الأرض في تلك المنطقة كانت لينة وتلاق لوقا أي تبذر فيها البذور ويضغط عليها بألواح خشبية حتى تغوص البذور داخل الأرض التي لم تكن بحاجة إلى الري بسبب تشبعها بالمياه خلال شهور الغمر طوال الصيف ويقال إن اللوق أو اللق هي الأرض المرتفعة ويظهر هذا من رسالة الخليفة الأموي الخامس عبد الملك بن مروان إلى واليه بالعراق الحجاج بن يوسف الثقفي عندما أمره ألا تترك لقا ولا خقا إلا زرعته والخق هو الغدير إذا جف أو ما إنخفض من الأرض ولما إنحسر النيل غربا في القرنين السادس والسابع الهجريين الموافقين الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين ظهرت مناطق تعرف الآن بباب اللوق وفم الخليج والمنيرة وجاردن سيتي وميدان التحرير والقاهرة الخديوية وتشمل شارع سليمان باشا سابقا شارع طلعت حرب حاليا وشارع قصر النيل وشارع شريف وغيرها وقبل نهاية العصر الأيوبي إشترى الأمير فخر الدين الشهير بإبن ثعلب تلك الأرض الخصبة وبنى له فيها قصرا مهيبا محاطا بالبساتين الغناء وإشتهرت المنطقة بإسم بستان إبن ثعلب وبعد وفاته قرر إبنه حصن الدين ثعلب بيعه للسلطان نجم الدين ايوب وكان ذلك في عام 639 هجرية الموافق عام 1241م وأنشأ الملك الصالح نجم الدين أيوب ميدانا للعب الأكرة وما إلى ذلك في الموقع الذي يشغله الآن ميدان باب اللوق وكان لهذا الميدان سور وباب ومن هنا جاء إسم باب اللوق ولما تولي السلطان المملوكى الظاهر بيبرس ألغي هذا الميدان وأنشأ آخر إلى الغرب منه وكان موقعه الآن ميدان التحرير والجزء الشمالي من جاردن سيتي وعندما جاء السلطان العادل كتبغا كان يخشى على نفسه الخروج من القلعة لممارسة أعمال الفروسية فقام بإلغاء الميدان الظاهرى الذي أنشأه الظاهر بيبرس وأقام ميدان أمام القلعة ليتمكن من ممارسة رياضته المفضلة في حراسة الجنود .

وقد ظل هذا الميدان الأخير إلى عهد السلطان المملوكي الناصر محمد بن قلاوون الذي ألغاه وأنشأ مكانه بستانا للفاكهة والزهور كان يشرف على النيل غربا وأنشأ امام القلعة ميدان الرميلة وخصصه لفرسان المماليك وقد أخذت ملكية أرض منطقة باب اللوق تنتقل من شخص لآخر وبمرور الزمن طالها الإهمال وتهدمت القصور وجفت الزروع وخربت البساتين وأصبحت المنطقة مرتعا للصوص ومنبعا للأمراض والأوبئة وعندما تولى محمد على باشا الحكم خصص المنطقة لمدابغ الجلود ومع ذلك فقد ظل مكان هذا الميدان يطلق عليه أسماء متعددة حيث كان يطلق عليه غير باب اللوق ميدان الفلكي وميدان الأزهار ومع تخطيط القاهرة الخديوية في عهد الخديوى إسماعيل تم نقل المدابغ إلي مكان آخر وتم تخطيط الشوارع والمربعات السكنية وأصبحت منطقة باب اللوق في وسط القاهرة الخديوية وشقت بها العديد من الشوارع التي حملت أسماء لأعلام مصر في ذلك الوقت إلا أنه إقتصر إسم الفلكي حاليا على أحد الشوارع المتفرعة منه ليستعيد الميدان إسمه الأصلي باب اللوق ويعد شارع الفلكي حاليا أطول شارع يمر بميدان باب اللوق حيث يبدأ الشارع قرب ميدان التحرير بتقاطعه مع شارع محمد صبرى أبو علم وشارع هدى شعراوى وشارع البستان وشارع التحرير وهو ينسب لمحمود حمدى الفلكي باشا والذى أطلق عليه لقب الفلكي لإنشغاله بعلم الفلك حيث كان هو أول من وضع تقويم مقارن للتواريخ الميلادية والهجرية والقبطية وشغل منصب وزير المعارف العمومية في عام 1885م في عهد الخديوى توفيق وقد قررت الحكومة المصرية إطلاق إسمه في عام 1930م على الميدان تكريما له وتخليدا لذكراه ويمتد هذا الشارع ليتقاطع مع شارع محمد محمود وشارع الشيخ ريحان وشارع مجلس الشعب وشارع حسين حجازى وشارع سعد زغلول وشارع ضريح سعد وشارع إسماعيل أباظة وشارع صفية زغلول وشارع محمد عز العرب وينتهي بتقاطعه مع شارع أمين سامي باشا .

وكان أيضا من الشوارع التي تم تخطيطها في منطقة باب اللوق شارع البستان حيث كان يوجد بذلك الشارع قصر البستان الذي كان يسكنه الأمير فؤاد قبل أن يصبح ملك مصر ويعرف حاليا بشارع البستان سابقا شارع عبد السلام عارف حاليا وشارع شريف باشا وكان يسمي شارع المدابغ سابقا وقد سمُي الشارع على إسم محمد شريف باشا أبو الدستور المصرى وجد الملكة نازلي زوجة الملك فؤاد وأم الملك فاروق إعترافًا بمجهوداته العظيمة وخدماته لمصر وثالث الشوارع التي تم شقها في المنطقة أيضا كان شارع سليمان باشا الفرنساوي الذى قام بإنشاء جيش مصر الحديث في فترة حكم محمد علي باشا والذى حارب جنبا إلى جنب مع القائد إبراهيم باشا إبن محمد علي باشا في حربي الأناضول والشام وقد أصبح هذا الشارع يسمي حاليا شارع طلعت حرب باشا الإقتصادى الكبير ومؤسس بنك مصر وأخيرا كان من الشوارع التي تم شقها بالمنطقة شارع رشدي باشا وينسب لحسين رشدى باشا الذي كان رئيسا لوزراء مصر بين الحرب العالمية الأولى في أواخر عهد الخديوى عباس حلمي الثاني وخلال عهد السلطان حسين كامل ما بين عام 1914م وعام 1917م ثم في عهد السلطان فؤاد وحتي قيام ثورة عام 1919م ثم تم إختياره بعد ذلك ليكون رئيسا للجنة الثلاثين التي قامت بوضع دستور عام 1923م .

ومن أهم معالم منطقة باب اللوق السوق المغطي الذى يحمل نفس الإسم أي سوق باب اللوق والذى يقع على ناصيتين إحداهما لشارع الفلكى والأخرى لشارع منصور والذى أصبح حاليا لا يكاد أحد يلحظ وجوده إلا من يعرفه رغم مساحته الكبرى المقدرة بحوالي ٦٦٠٠ متر مربع ولافتته التى تعلن عن إفتتاحه منذ عام 1912م أى قبل قرن ونسعة أعوام وكان هذا النمط من الأسواق المغطاة إحدى علامات المدينة الحديثة المغايرة لمدن العصور الوسطى وشكل الأسواق فيها ولم يكن هذا النمط من الأسواق متواجدا في مصر فقط بل إنتشر فى المدن الكبرى فى منطقة البحر المتوسط مثل العاصمة اليونانية أثينا أو في إسطنبول عاصمة الدولة العثمانية حينذاك ويعود الفضل في تشييد هذا السوق إلى رجل المال والأعمال المصري يوسف أصلان قطاوي رئيس الجالية اليهودية المصرية في النصف الأول من القرن العشرين الماضي والذي كانت له إسهامات كبرى في الإقتصاد المصري حيث إشترك عام 1920م بالتعاون مع الإقتصادي المصري الأشهر طلعت حرب باشا ويوسف شيكوريل رجل الأعمال اليهودي في تأسيس بنك مصر كما أنه تم إختياره عضوا بمجلس النواب عام 1923م ثم شغل عددا من المناصب في الدولة المصرية منها وزير المالية ثم وزير المواصلات في وزارة أحمد زيوار باشا التي تولت الحكم في شهر نوفمبر عام 1924م وما بين عام 1927م وحتي عام 1936م تم إختياره عضوا في مجلس الشيوخ وقد أنشئ هذا السوق على الطراز الفرنسي حيث عهد قطاوي لمهندسين معماريين فرنسيين بتصميم السوق على الطراز الأوروبي على شكل حدوة حصان والسقف على شكل جمالون ضخم يتضمن فتحات تهوية تضمن تجديد الهواء والإنارة الجيدة له وتم إفتتاحه كما ذكرنا في عام 1912م في إحتفال مهيب حضره رجال الطبقة الأرستقراطية المصرية ورؤساء الجاليات الأجنبية وظلت السوق تخدم زبائنها من الطبقة الثرية حيث كان عامة الشعب يذهبون لسوق العتبة وعدد من الأسواق المتناثرة على مداخل القاهرة سواء من الأجانب أو المصريين وكان حينذاك يوجد بداخل السوق كل ما يحتاجه أهل القاهرة حيث كان بمثابة مركز تجارة للعاصمة .

ويتكون هذا السوق من دور أرضي ومخزن تحت الأرض كان يستخدم قديما كمخازن وكثلاجات لحفظ وتبريد الفاكهة والخضراوات أما الأدوار العلوية الثلاث فكان يصعد إليها عبر سلالم توجد في ممرين داخل السوق والذى كان يشمل عدد 200 متجر وكان فيما مضي من يدخل من باب السوق يلاحظ أن في طابقه الأرضي توجد محلات جزارة عديدة تشغل نسبة لا بأس بها من مساحته جنبا إلى جنب مع محلات الأسماك والدواجن والعطارة والأدوات الكهربائية والعديد من مكاتب التلغراف والبريد ومكاتب التصدير والإستيراد والمقاهي والمطاعم ومحلات الخضر والفاكهة التي تعرض ثمار نادرة بجوار ثمار الأسواق الشعبية وذلك إلي جانب تقديمها خدمة تنظيف الخضر وتحضيرها للسيدات العاملات وإذا صعدنا إلي الطوابق الثلاثة العلوية في هذا السوق فسوف نجد ورش تصنيع الأحذية والحقائب الجلدية ومحلات وورش تصنيع المفاتيح والعديد من الترزية والمطابع بينما تضم واجهة السوق من الخارج محال أجهزة إلكترونية وصيدلية وسوبر ماركت للبقالة ومصبغة سجاد وحتي بداية الثمانينيات من القرن العشرين الماضي كان سوق باب اللوق يزدحم بالمترددين عليه ويعج بالنشاط ولا تتوقف فيه الحركة التجارية ليلا ونهارا ولما تم إلغاء محطة باب اللوق التي كان ينتهي عندها مترو حلوان بدأت الحركة تقل تدريجيا بالسوق وبدأ الركود ينتشر به عاما بعد عام وطغي الإهمال عليه وعلي مرافقه وتراكمت القمامة في ممراته وطرقاته بعد أن كان ينظف في يومي الإثنين والخميس من كل أسبوع وكان له حراس لحمايته ومما زاد الوضع السئ له تعرضه لحريق كبير أثناء أحداث تورة 25 يناير عام 2011م ومابعدها .

وعلي الرغم من إهتمام الحكومة المصرية في الوقت الحاضر بتطوير منطقة وسط القاهرة ومبانيها التاريخية فإن أيادي الترميم لم تمتد لترأف بحال مبنى سوق باب اللوق والذي يمكن إستغلاله كمزار سياحي بإمتياز نظرا لقربه من وسط المدينة والمتحف المصري وميدان التحرير ولما له من تاريخ وقيمة معمارية تتمثل في الزخارف والمقرنصات التي تزين واجهته فهي تضاهي أشهر الأسواق المغطاة في العالم سواء في باريس أو أثينا أو إسطنبول لكن ما يثير الشجن فعلا أن الأجيال الجديدة لم تدرك قيمة وجود سوق تاريخية مغطاة فهذا المبنى العريق لا يسترعي نظر أي من الأجيال الجديدة التي تقطن وسط القاهرة بل إن أغلبهم لم يدخل ممرات هذه السوق مطلقا وجدير بالذكر أنه في شهر مايو عام 2017م أعلنت محافظة القاهرة عن خطة لتطوير سوق باب اللوق من خلال برنامج مشترك مع كلية الهندسة بجامعة القاهرة وجامعة نيوكاسل الإنجليزية والمجلس البريطاني ومؤسسة نيوتن مشرفة إلا أن هذه الخطة لم يتم تنفيذها وأخيرا ففي شهر يوليو عام 2018م نشرت جريدة الأهرام إعلانا من جانب ملاك السوق الحاليين من أسرة عيسي عن بيع سوق باب اللوق ومايزال السوق ينتظر مصيره الحائر حتي وقتنا الحاضر .
 
 
الصور :