الخميس, 28 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

حي المقطم

حي المقطم
عدد : 01-2022
بقلم المهندس/ طارق بدراوي
موسوعة" كنوز أم الدنيا"

حي المقطم أحد أحياء محافظة القاهرة وهو يقع أعلى جبل المقطم بالقاهرة والذى ينقسم إلى ثلاث هضبات الهضبة العليا والوسطى والسفلى أو الصغرى وهذا الجبل يمثل حافة وادي الشرقية كلها ويقصد به على وجه التحديد ما يصف الناحية الشرقية لمدينتي الفسطاط والقاهرة وهو يشغل المناطق التي تقع شرق قلعة صلاح الدين الأيوبي ويعتبر من الجبال التي لعبت دورا هاما في أعمال التشييد خلال العصرين القبطي والإسلامي وهو المكان الذي دفن فيه الصحابي عمرو بن العاص وقد تعددت الآراء في سبب تسمية جبل المقطم بهذا الإسم فيقال إنه سمى بذلك الإسم لأن أطرافه منقطعة وكذلك رواية ياقوت الحموي وغيره كثيرون يذكرون أن المقطم مأخوذ من القطم وهو القطع حيث أنه منقطع الشجر والنبات لذلك سمي مقطما ومن مميزات حي المقطم هو أنه بالرغم من وقوعه في وسط مدينة القاهرة الملوثة فإنه يعد أقل تلوثا بسبب إرتفاع مستوى منسوبه عن باقي المدينة أما عن مميزاته الجغرافية فهو مثلث الشكل على هيئة هضبة متوسطة الإرتفاع تبلغ مساحتها 14 كم مربع ويمتد على شكل حافة من الصخور الجيرية ويبدأ من أسفل بخط كنتور +60 متر فوق مستوى سطح البحر ثم يأخذ في الإرتفاع نحو الشرق ويبلغ أقصى ارتفاع له +140 متر وتلتوي طبقاته بحيث تكون محدبة في أعلاه في المنطقة القريبة من القلعة حتى يبلغ إرتفاعه +240 متر ثم ينخفض إلى الجنوب ويقل إرتفاعه كلما إتجه نحو الشمال حيث ينتهى بالجبل الأحمر عند العباسية وتقترب حافته من نهر النيل بداية من منطقة المعصرة في الجنوب عند جبل طرة ويتقهقر عند المعادي في إتجاه الداخل لوجود وادي التيه ثم تظهر الحافة الشرقية له مرة أخرى بداية من منطقة البساتين حتى الجبل الأحمر ثم يعود إلى التراجع نحو الداخل جنوب مدينة نصر شمال العباسية وينتمي جبل المقطم إلى عصر الأيوسين وهو الحقبة الجيولوجية التي كانت بدايتها من حوالي 56 مليون سنة وإستمرت حتي حوالي 34 مليون سنة مضت وهو عبارة عن طبقات متعاقبة من الصخر الجيري والمارل والصلصال سمكها في المتوسط حوالي 700 متر ترسبت في العصر الأيوسيني وتتسع مساحة هذه الترسبات الأيوسينية نحو الجنوب الشرقي من المقطم ومعظم صخوره من النوع المعروف بالصخور البيضاء ذات التجانس النسبي وهي صالحة لأغراض البناء .

ومما يذكر عن جبل المقطم إنه كان مفتاح الفتح الإسلامي لمصر القديمة وتحريرها من الرومان عندما إستخدمه القائد المسلم عمرو بن العاص للسيطرة على جميع الأحياء المحيطة به من الأعلى ومعرفة تحركات جيوش الرومان والرد عليها وقد دفن بعض الصحابة بسفح هذا الجبل وعلاوة علي ذلك فقد شرف الله سبحانه وتعالي جبل المقطم بأن جعل غراسه أهل الجنة وعن ذلك يحكى الإمام الليث بن سعد أن المقوقس عظيم القبط في مصر سأل عمرو بن العاص رضى الله عنه أن يبيعه سفح جبل المقطم بسبعين ألف دينار فكتب بذلك إلى أمير المؤمنين الخليفة عمر بن الخطاب رضى الله عنه فرد عليه عمر قائلا سله لماذا أعطاك ما أعطاك فيه وهو لا يزرع ولا يستنبط منه ماء فسأل عمرو بن العاص المقوقس عن ذلك فقال إنا نجد صفته فى الكتب القديمة أنه يدفن فيه غراس الجنة فكتب بذلك عمرو بن العاص إلى أمير المؤمنين فرد عليه قائلا أنا لا أعرف غراس الجنة إلا للمؤمنين فإجعلها مقبرة لمن مات قبلك من المسلمين ولا تبعه شئ فمنذ ذلك الحين صار أرضا مسبلة يدفن فيها موتى المسلمين إلى الآن وفضلا عن ذلك فقد كان طبيعيا أن يلجأ المتصوفون والزهاد إلى جبل المقطم يتخذون من سفحه مقاما ومن أوديته مناما بعد أن عرفوا تقديس الديانات السماوية السابقة على الإسلام له وتكريم المسلمين أيضا حيث جاء فى الآثار القديمة أن جبل المقطم كان أكثر الجبال أنهارا وأشجارا ونباتا فلما كانت الليلة التى كلم الله فيها نبي الله موسى عليه السلام أوحى إلى الجبال أنى مكلم نبيا من أنبيائى على جبل منكم فتطاول كل جبل وتشامخ إلا جبل طور سيناء فإنه تواضع وتصاغر فأوحى الله سبحانه وتعالى إليه لم فعلت ذلك وهو به أعلم قال إجلالا لك يا رب فأوحى الله تعالى إلى الجبال أن يجود كل جبل بشئ مما عليه فجاد كل جبل بشئ مما عليه إلا جبل المقطم فإنه جاد له بجميع ما كان عليه من الشجر والنبات والمياه فصار كما ترون أقرع قال فلما علم الله سبحانه وتعالى بذلك أوحى إليه لأعوضنك عما كان على ظهرك ولأجعلن فى سفحك غراس أهل الجنة وقد دفن بهذه البقعة المباركة من الصحابة عمرو بن العاص فاتح مصر وعقبة بن عامر وعبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدى وأبو بصرة الغفارى ومسلمة بن مخلد الأنصارى وغيرهم ومن الأشراف السيدة نفيسة بنت الحسن بن زيد رضى الله عنها والشريفة فاطمة والشريف الهاشمى وإبنته السيدة زينب والأشراف من آل طباطبا والشريف حيدرة ويحيى الشبيه بن القاسم الطيب وأخوه عبد الله وزوجة القاسم الطيب أم يحيى الشبيه وكانت من الزاهدات العابدات وهى من الأشراف أيضا ومن الأئمة والفقهاء والصوفيين الإمام الليث بن سعد والإمام ابو محمد بن إدريس الشافعى وعبد الله بن الحكم والمزنى وأشهب وعبد الرحمن بن القاسم وأبو يعقوب البويطى وعبد الله بن وهب والطحاوى وعبد الله بن جمرة الأندلوسي ومحمد بن سيد الناس وإبن دقيق العيد وغيرهم ومن الزهاد والصوفية إبن عطاء الله السكندرى وذو النون المصرى ومحمد بن جابار الزاهد وأبو على الروذبارىّ ودينار العابد وأبو الخير الأقطع التيناتي وبنان الواسطى وعمر بن الفارض وغيرهم كثيرون .

وفضلا عن ذلك فهناك أسطورة إرتبطت بجبل المقطم نبدأها بذكر أن الأقباط الأرثوذكس يصومون صوم الميلاد والذى يستمر لمدة ٤٣ يوما وينتهي يوم ٧ يناير يوم عيد الميلاد المجيد وتعود أيام صوم الميلاد إلى موسى النبي الذي صام 40 يوما في العهد القديم عندما إستلم لوحي الشريعة وعدد الأيام الثلاثة المتبقية في الصيام تعود لأسطورة نقل جبل المقطم الخاصة بالقديس سمعان الخراز وهو أحد قديسي الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وكان رجلا تقيا صالحا وكان يعمل أيضا في دباغة الجلود وإصلاح الأحذية ولذلك كان يلقب بسمعان الدباغ وكان معاصرا لعهد الخليفة الفاطمي المعز لدين الله الفاطمي ويذكر كتاب السنكسار وهو كتاب معتمد من الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ويحوى سير القديسين والشهداء قصة نقل جبل المقطم وذلك فى عهد البطريرك الثانى والستين من بطاركة الكرازة القبطية الأرثوذكسية البابا إبرام بن زرعة حيث تمت معجزة نقل جبل المقطم حيث جاء في السنكسار أنه كان يوجد وزير يهودي في عهد الخليفة المعز لدين الله الفاطمى يدعي يعقوب بن كلس وكان يكره المسيحيين وعندما قرأ الكتاب المقدس وجد آية به تقول لو كان لكم إيمان مثل حبة خردل لكنتم تقولون لهذا الجبل إنتقل من هنا إلى هناك فينتقل وعندما قرأ الآية إقترح يعقوب على الخليفة إستدعاء البطريرك ليقيم الدليل على صدق قول الإنجيل وطلب الخليفة من البابا إبرام الدليل الذى يثبت هذه الآية وطلب منهم أن ينقلوا بإيمانهم جبل المقطم لأنه كان يكتنف القاهرة وإذا تم نقله ستصير القاهرة أوسع ورد عليه البابا إبرام بأن يعطيه مهلة 3 أيام حتي يجتمع فيها مع الأساقفة والرهبان القريبين وقرر أن يصوم الشعب القبطي 3 ايام حتي تتحقق المعجزة وأضاف السنكسار إنه في فجر اليوم الثالث ظهرت السيدة مريم العذراء للأب البطريرك وأعلمه عن قديس إسمه سمعان الخراز سيجرى الله على يديه هذه المعجزة ثم أخبروا الخليفة المعز لدين الله إستعدادهم لنقل الجبل ووقف البطريرك ومعه جموع الأقباط في جانب ومعهم القديس سمعان الخراز وفي الجانب الآخر وقف الخليفة المعز ووزيره يعقوب ثم صلى البطريرك والمسيحيون الذين معه وسجدوا ٣ مرات قائلين كيرياليسون ومعناها يارب إرحم وكان عندما يرفع البطريرك والشعب رؤوسهم بعد كل سجدة يرتفع الجبل وكلما سجدوا ينزل إلى الأرض وإذا ساروا سار أمامهم ويستكمل السنكسار القصة أنه عندما رأي الخليفة ذلك هتف قائلا عظيم هو الله وتبارك إسمه لقد أثبتم أن إيمانكم حقيقى وحى فإطلب ما تشاء وأنا أعطيه لك فلم يقبل البطريرك أن يطلب شيئا ولما ألح عليه طلب تعمير الكنائس خاصة كنيسة القديس أبوسيفين بمصر القديمة وبالفعل تم له ما طلب وعقب ذلك أضافت الكنيسة إلي مدة صوم الميلاد عدد 3 ايام تذكار معجزة نقل جبل المقطم لتصبح ٤٣ يوما يصومها الأقباط حتي يوم ٧ يناير من كل عام .

ومن أهم الآثار والمعالم الإسلامية بجبل المقطم مسجد الجيوشي والذى يقع علي حافة جبل المقطم في مواجهة طريق صلاح سالم وهو مسجد من العصر الفاطمي قام ببنائه بدر الجمالي قائد جيوش الخليفة الفاطمي المستنصر بالله عام 478 هجرية الموافق عام 1085م ومن هنا جاءت تسميته بمسجد الجيوشي والذى كان قد تقلد العديد من المناصب الهامة حتي علا شأنه وتولي إمارة دمشق عام 455 هجرية الموافق عام 1062م في زمن الخليفة الفاطمي الثامن والإمام الثامن عشر لطائفة الشيعة الإسماعيلية المستنصر بالله فلما حدثت أحداث شديدة بمصر وإختلت أحوال الخلافة الفاطمية وتهددت بالسقوط نتيجة وقوعها في أيدى الطامعين والمغامرين وإشتعال الفتن والثورات بين فرق الجيش والتنافس علي إمتلاك الجاه والسلطان وذلك علي الرغم من أنها كانت قد إستقرت تماما وإتسعت أملاكها إتساعا هائلا وبلغت دعوتها في نشر المذهب الشيعي أقصى مدى لها في الذيوع والإنتشار وإمتلأت خزائنها بالأموال فإستدعاه الخليفة الفاطمي المستنصر بالله إلي القاهرة عام 465 هجرية الموافق عام 1072م فأعاد الأمور إلي نصابها وقضي علي حركات الفتنة والتمرد والثورات وعاد الإستقرار من جديد إلى شئون الخلافة وبذلك أصبح له شأن كبير وتحكم في مصر تحكم الخلفاء والملوك وأصبحت له سلطات تقارب سلطات الخليفة خاصة وأن الخليفة المستنصر بالله قد كلفه بالعديد من المهام الكبيرة والتي أنجزها كلها بنجاح كبير ومشهود وكان من الأعمال التي قام بها بناء هذا المسجد في المقطم وهو يعد من المساجد الصغيرة وهو مستطيل الشكل طوله حوالي 18 متر وعرضه 15 متر بمساحة إجمالية قدرها 270 متر مربع غير الساحة وبعض الإضافات الخارجية ومدخله يوجد في وسط الواجهة الشمالية الغربية المواجهة للقبلة وتعلوه المئذنة ويؤدى المدخل إلي ردهة مسقوفة بقبو نصف أسطواني وعلي يمين المدخل حجرة مربعة داخلها سلم يؤدى إلي سقف المسجد وعلي يساره حجرة أخرى مربعة أيضا ومسقوفة بقبو نصف أسطواني وتؤدى الردهة إلى صحن المسجد وهو صحن صغير طوله حوالي 6.5 متر وعرضه حوالي 5.6 متر ومحور الصحن يؤدى الي رواق الصلاة والقبلة في الجانب الجنوبي الشرقي من المسجد وهو يتكون من باكيتين بهما 6 مساحات مربعة أكبرهما المساحتان الوسطيتان وبكل بائكة 3 عقود أكبرها العقد الأوسط والمنطقة المربعة التي توجد أمام المحراب تعلوها قبة أما المناطق الخمس الأخرى فهي مغطاة بأقبية متقاطعة وجدار القبلة والقبة عليهما من الداخل زخارف جصية دقيقة ومتقنة بديعة الشكل بأشكال تميز العصر الفاطمي كما يوجد بهما أشرطة مكتوبة بكتابات بالخط الكوفي ويتوسط حائط القبلة محراب المسجد وهو من المحاريب النادرة بزخارفه الجصية الدقيقة المتقنة ويبلغ إرتفاعه حوالي 3.15 متر .

ومئذنة المسجد كما ذكرنا في السطور السابقة تعلو المدخل وإرتفاعها حوالي 20 متر وتتكون من 3 حطات الحطة الأولى أكبرها إرتفاعا وهي عبارة عن قاعدة مربعة وتنتهي بمقرنص ثم تبدأ الحطة الثانية علي شكل مربع أيضا ولكنه أصغر من السفلي ثم الحطة الثالثة علي هيئة شكل ثماني الأضلاع والحطتان الثانية والثالثة إرتفاعهما تقريبا متساوى وهذا الشكل المثمن يحمل رأس المئذنة وهو علي شكل قبة صغيرة مضلعة وتلك المئذنة من المآذن القليلة المتبقية من العصر الفاطمي إلي جوار مئذنتي جامع الحاكم بأمر الله حيث حدث أن إنهارت وتهدمت باقي مآذن العصر الفاطمي في عصور مختلفة ولم يعد لها أى أثر في وقتنا الحاضر وما يتواجد من مآذن حاليا علي مساجد العصر الفاطمي قد تم بناؤها بعد ذلك في العصر المملوكي مثل مئذنة جامع الأقمر ومئذنة الأقبغاوية ومئذنة السلطان الغورى ذات الرأسين بالجامع الأزهر وغيرها وجدير بالذكر أيضا أن هذا المسجد ظهر به المدخل البارز عن جسم بناء الجامع بشكل واضح بعد ظهور ذلك الطراز من طرز بناء المساجد في جامع الأقمر بشكل أقل من حيث بروز المدخل عن بناء المسجد ثم ظهوره بعد ذلك في جامع الحاكم بأمر بالله بشكل واضح بما يشكل كتلة ووحدة معمارية متميزة وكان مسجد الجيوشي هو ثالث المساجد التي يظهر بها هذا الطراز خلال العصر الفاطمي وجدير بالذكر أنه قد تعددت الآراء حول سبب بناء هذا المسجد بهضبة المقطم حيث يرجح بعض المؤرحين أنه قد تم بناؤه ليكون بمثابة برج مراقبة متنكر في زي مسجد نظرا لأن الوزير بدر الجمالي كان بارعا في الخداع والخطط العسكرية لمواجهة الأعداء بشكل مفاجئ وهم يرجحون ذلك نظرا لأن حجم المئذنة المبالغ فيه وطولها الذى يبلغ 20 مترا مقارنة مع حجم المسجد إلي جانب أن القبة التي أمام المحراب صغيرة جدا ولا تتناسب مع العمارة الفاطمية خلال هذه الحقبة بالإضافة إلى أن الوزير الجمالي كان قائدا كبيرا ومن غير المنطقي أن يكون هذا المبنى الصغير تجسيدا لمكانته وبطولاته خلال الحقبة الفاطمية فضلا عن أن الجمالي كان قائدا للجيوش المصرية وكان بارعاً في بناء الحصون الدفاعية وأبراج المراقبة ومن جانب آخر يرى البعض أنه لا بأس من أن يؤدى المسجد المهمتين في آن واحد أي أن يكون دارا للعبادة وفي نفس الوقت برج للمراقبة وجدير بالذكر أيضا أنه بحلول القرن العشرين الماضي كان هذا المسجد قد وصل إلي حالة سيئة جدا وكان معرضا للإنهيار وأُعيد بناؤه بمعرفة مجتمع البهرة الداوودية الشيعية تحت قيادة محمد برهان الدين وإستخدمت في البناء العناصر المعمارية على نسق الهياكل والعمارة الفاطمية في مصر القديمة .

وثاني المعالم الإسلامية الموجودة بسفح جبل المقطم هو جامع شاهين الخلوتى والذى تم بناؤه في أوائل العصر العثماني في مصر عام 945 هجرية الموافق عام 1539م وبناه جمال الدين شاهين لوالده الشيخ الصالح العارف بالله شاهين المحمدى الخلوتى الذي توفى في مصر عام 953 هجرية الموافق عام 1546م وكان الشيخ شاهين الخلوتي قد ولد بمدينة تبريز بإيران في القرن التاسع الهجري الموافق للقرن الخامس عشر الميلادى وأمضي في فارس طفولته ومعظم شبابه ثم رحل إلى مصر في عهد السلطان الأشرف قايتباى وكان ذا همة وشجاعة جميل الخلقة ممشوق القوام فإشتراه السلطان وأصبح من مماليكة وإنتظم في جنده إلا أن حياة المماليك والجندية لم توافق مزاج شاهين ولا طبيعته التي فطر عليها فقد كان منطويا يحب العزلة ولا يطمئن إلا إلي صحبة الفقهاء ورجال الدين فحفظ القرآن الكريم والكثير من الأحاديث النبوية الشريفة فلما عرف السلطان عنه ذلك قربه منه وصار لا يبارح مجلسه ولما طلب منه شاهين أن يتركه ويخليه لعبادة ربه إستجاب له وأعتقه فساح إلى بلاد فارس وهناك تتلمذ علي يد الشيخ العارف بالله عمر روشنى حتى أصبح من أقرب تلاميذه ومريديه إليه وأخذ عنه الطريق ثم رجع إلى مصر وصاحب ولى الله محمد الدمرداش بالعباسية وأصبح من أعز رفقائه ومريديه ولذلك عرف بشاهين الدمرداشى المحمدى كذلك أخذ الشيخ شاهين عن الشيخ أحمد بن عقبة اليمنى وحسين جابى المدفون بزاوية الدمرداش ولما توفي الشيخ الدمرداش ترك العباسية وسكن جبل المقطم وبنى له فيه خلوة للتعبد وحفر له فيها قبرا وكان طبيعيا أن يلجأ الزهاد والمتصوفون إلى جبل المقطم يأخذون من سفحه مقاما ومن أوديته مناما بعد أن عرفوا تقديس الديانات السماوية السابقة على الإسلام له وتكريم المسلمين له أيضا ولم يزل الشيخ شاهين مقيما في خلوته في جبل المقطم لا ينزل منه نحو ثلاثين سنة وإشتهر أمره فتردد عليه الأمراء والوزراء لزيارته والتبرك به وكان كثير المكاشفة قليل الكلام جدا وفي ذلك يقول الشعرانى كنا نجلس عنده اليوم كاملا لا تكاد تسمع منه كلمة وكان كثير السهر متقشفا في الملبس معتزلا عن الناس وظل كذلك حتى توفى عام 901 هجرية الموافق عام 1495م .

ويمكن رؤية هذا الجامع بالإتجاه على طريق الأوتوستراد نحو قلعة صلاح الدين الأيوبي ومدافن الأباجية حيث يظهر خلف المدافن منحوتا في الجبل وكانت هذه المنطقة تسمى قديما وادي المستضعفين وهو يوجد ضمن مجموعة تضم المسجد وضريح وثلاثة قبور أكبرهم لشاهين الخلوتي ثم آخران لجمال الدين شاهين وإبنه محمد شاهين والصعود إليه يتم عن طريث مزلقان ويعلو باب قبة الضريح قطعة رخام مكتوب عليها بسم الله الرحمن الرحيم أنشأ هذا الجامع ووقفه العبد الفقير إلى الله جمال الدين عبد الله نجل العارف بالله الشيخ شاهين إفتتح عام 945 هجرية وكان بالمسجد أربعة أعمدة من الحجر أما قبلته فهي مشغولة بقطع من الرخام الملون والصدف وداخل القبة أيضا مكتوب تاريخ تجديدها عام 1007 هجرية ويقال إنه كان يوجد صهريج مياه أيضا ملحق بالجامع وبيت خلاء ومجموعة من المغارات المنحوتة في الصخر على مستوى واحد أو على مستويات مختلفة من الجبل ويتصل بعضها ببعض بأنفاق يتم الوصول إليها بدرجات منحوتة في الجبل ويتبع هذا الجامع حاليا وزارة الأوقاف المصرية ويعتبر أطلال ولم يتبق منه تقريبا غير قبة الضريح والمئذنة والمكونة من عدد 3 حطات دائرية القطاع تفصل بينها شرفتان مقرنصتان وتنتهي برأس مخروطية علي غرار المآذن العثمانية ولذا فهو معرض للإنهيار بسبب حالة الإهمال الشديد التي تقع عليه رغم أنه مصنف منذ حقبة الخمسينيات من القرن العشرين الماضي ضمن الآثار الإسلامية المصرية تحت رقم 212 وأيضا فهو يعتبر له طراز معمارى نادر جدا وخاصة في مصر وهو عمارة الحجر المنحوت أو العمارة المقطوعة في الصخر كما يظهر في معبد حتشبسوت بالدير البحرى وفي مقابر وادي الملوك بالبر الغربي بالأقصر .

وعلاوة علي الآثار الإسلامية التي تقع بجبل المقطم يوجد به أيضا اثر قبطي شهير وهو دير الأنبا سمعان الخراز والذي يمتد على مساحة ألف متر مربع تقريبا وهو يعد بمثابة جوهرة معمارية في قلب الجبل وهو يستقطب العديد من السياح لزيارته ورؤية الجبل الذي نقل من مكانه وفقا للأسطورة التي تحدثنا عنها في السطور السابقة ويتألف هذا الدير من عدد أربعة كنائس وهي كاتدرائية السيدة العذراء والقديس سمعان الخراز وكنيسة الأنبا إبرام بن زرعة السرياني وكنيسة مارمرقس وقاعة القديس سمعان الخراز التي تتسع لألفي شخص وكنيسة الأنبا بولا أول السواح وترجع فكرة بناء هذا الدير عقب إكتشاف المغارة التي دفن بها القديس سمعان في عام 1974م من قبل بعثة من علماء الآثار القبطية الذين تمكنوا من العثور على مقبرة بها هيكل عظمي يعتقد أنه يعود لسمعان الخراز ورسم لصورة البطريرك وبرفقته رجل أصلع يملأ جرتي مياه وقد رجح العلماء أن الرجل هو سمعان الخراز كما وجد وعاء نادر يرجع تاريخ صناعته لما يزيد عن ألف عام ورجح العلماء أنه الوعاء الذي كان يستخدمه الخراز لنقل المياه لبيوت الفقراء ويضم الدير حاليا كافة الإكتشافات التي وجدت في قبر سمعان الخراز بالإضافة إلى لوحات جميلة نحتت في صخور جبل المقطم العاتية والتي تتناغم مع الفن المعماري المميز الذي بنى به الدير وقد بني الدير بشكل تدريجي حيث تم نقل أكثر من مليونين ونصف المليون حجر لبنائه وإستمر العمل في بنائه حتى وصل لشكله الحالي ومما يذكر أن الوصول لهذا الدير من الطريق الحالي تكتنفه بعض الصعوبات نظرا لوعورته وضيقه وكثرة الإشغالات به ولذا فإنه جاري الآن التفكير في عمل طريق بديل للصعود إليه وأيضا جارى حاليا التنسيق مع الأجهزة المحلية لتمهيد الطريق الحالي وسفلتته هو والشوارع الجانبية كما توجد أفكار ومشروعات مقترحة لعمل طريق آخر أو مصعد كبير يأتي من فوق الجبل من الناحية الشرقية أو عمل تلفريك يأتي من الطريق العمومي أو من الأوتوستراد ولكن تلك المشروعات تحتاج إلى تكلفة كبيرة يصعب تدبيرها حاليا ولكن جارى بحث سبل تدبيرها وفضلا عن ذلك فالدير في صدد الإنتهاء من المبنى الجديد المخصص لخدمة ذوي الإحتياجات الخاصة .

وفي العصر الحديث بدأ البناء في المقطم في أوائل القرن العشرين الماضي بواسطة شركة إيطالية والتي قامت في البداية بتمهيد المنطقة والطرقات فوق قمة الجبل بعد أن وقعت عقد إمتياز مع الحكومة المصرية تقوم الشركة بموجبه بإنشاء المدينة وتعبيد طرقها مقابل بيع الأراضي لصالح الشركة لمدة 99 سنة ولما إنتهى عقد الإمتياز وآلت الملكية بالكامل للحكومة المصرية عهدت بإدارة المدينة والمرافق لإحدى الشركات التي تم إنشائها بموجب قرار جمهوري من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وهي شركة المنتزة والمقطم ثم تم سحب الإمتياز منها في عام 1984م وإعطائه لإحدى شركات قطاع الأعمال العام وهي شركة النصر وبخلاف الآثار والمعالم الإسلامية والقبطية التي يضمها جبل المقطم توجد به أيضا العديد من المنشآت الحديثة منها نادي الصيد الجديد وعدد من البنوك والشركات الخاصة ومشروع أب تاون كايرو التابع لشركة إعمار الإماراتية والميدان الرئيسي به هو ميدان النافورة والذى تقع علي مقربة منه منطقة تتكون من فيلات راقية تتميز بالهدوء وبسهولة الوصول إليها من الميدان ومدينة نصر عبر طريق صلاح سالم كما يوجد جزء بالمقطم به عمارات سكنية بإتجاه شارع 9 وهو الشارع الرئيسي بهذا الحي وهي مكونة من عدد 5 أدوار وتتوفر فيها شقق فاخرة وتتمتع بمنظر رائع على مدينة القاهرة كما أُقيمت مجموعة سكنية في نهاية شارع 9 سميت بمساكن الزلزال نسبة إلى زلزال شهر أكتوبرعام 1992م حيث تم نقل عدد كبير من متضرري الزلزال إلى هناك وفي السنوات الأخيرة تم تأسيس منطقة سكنية جديدة في نهاية هضبة المقطم سميت حي الأسمرات تقع علي الطريق بين مدينة نصر والطريق الدائري وتتكون من مجموعة من التجمعات السكنية وجزء من هذه المنطقة لا يزال قيد الإنشاء ومعظم الإسكان المتوفر فيه إقتصادي ومتوسط وبالإضافة إلي ذلك يوجد أيضا مشروع آخر بالمقطم وهو مشروع أب تاون كايرو وهو مجمع سكني متكامل ومغلق تم تطويره من قبل شركة إعمار مصر ويقع في موقع إستراتيجي على سطح جبل المقطم ويستمتع قاطنيه بإطلالة غير مسبوقة على مدينة القاهرة ويضم هذا المشروع فيلات وعمارات سكنية ومباني إدارية وملاعب جولف وفنادق ويعتبر من أرقى الأحياء السكنية في القاهرة بشكل عام وتتمتع وحداته بخدمات متميزة وتشطيبات عالية الجودة .

 
 
الصور :