السبت , 7 ديسمبر 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

شارع حمزة بن عبد المطلب

شارع حمزة بن عبد المطلب
عدد : 02-2022
بقلم المهندس/ طارق بدراوي
موسوعة" كنوز أم الدنيا"

شارع حمزة بن عبد المطلب هو أحد شوارع ضاحية مصر الجديدة التي تعد من أرقي ضواحي القاهرة وهو يتفرع من شارع عمار بن ياسر ويمتد حتي ينتهي بنقطة تقاطعه مع شارع محمد الدميرى وينسب هذا الشارع إلي الصحابي الجليل حمزة بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف عم الرسول محمد ﷺ وأخوه من الرضاعة وأحد وزرائه ومستشاريه وهو خير أعمام النبي ﷺ لقوله خير إِخوتي علي وخير أعمامي حمزة رضي اللَّه عنهما وهو أسن من الرسول محمد ﷺ بسنتين تقريبا حيث ولد قبل عام الفيل وهو العام الذى ولد فيه النبي محمد ﷺ بسنتين كما أنه قريب له من جهة أمه فأمه هي هالة بنت وهيب بن عبد مناف إبنة عم السيدة آمنة بنت وهب بن عبد مناف أم الرسول محمد ﷺ ولقب بسيد الشهداء وأسد الله وأسد رسوله محمد ﷺ ويكنى أبا عمارة وقد تربى حمزة بن عبد المطلب في رعاية والده عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف الذي كان سيد قريش وبني هاشم ونشأ مع إبن أخيه عبد الله بن عبد المطلب وأخيه من الرضاعة الرسول محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ﷺ وعاشا ينهلان من الشمائل والقيم العربية الأصيلة من بطولة وشجاعة وكرم ونجدة وغيرها وربطت بينهما صداقة متينة ووثيقة العرا وكان حمزة في الجاهلية فتى شجاع كريم سمح وكان أشد فتى في قريش وأعزهم شكيمة فقد شهد في الجاهلية حرب الفجار التي دارت بين قبائل كنانة ومنها قريش وقبائل قيس عيلان ومنها هوازن وغطفان وسليم وثقيف ومحارب وعدوان وفهم وكانت هذه الحرب والتي قامت عام 43 قبل الهجرة الموافق عام 580م وإستمرت حوالي 10 سنوات متواصلة أي حتي عام 33 قبل الهجرة الموافق عام 590م وكانت ما تلبث تهدأ ثم تشتعل من جديد هي إحدى حروب العرب الكثيرة التي قامت في الجاهلية وسميت بالفجار لما إستحلت فيه القبائل المتحاربة القتال بينها في الأشهر الحرم وأيضا لما إنقطع خلالها من صلات الأرحام بينهم وإنتهت أخيرا بعقد صلح بين الأطراف المتحاربة ودفع ديات القتلى من الطرفين وكانت هذه الحرب أولَ تدريب عملي لحمزة بن عبد المطلب علي فنون القتال حيث مارس التدريب على إستعمال السلاح وفنون القتال وتحمل أعباء القتال ومشقات الحروب .

وكان إسلام حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه علي الأرجح بعد دخول النبي محمد ﷺ دارَ الأرقم في السنة الخامسة أو السادسة من بعَثته وكان لإسلامة واقعة شهيرة حيث كان عمرو بن هشام المخزومي والمعروف بإسم أبو جهل قد إعترض الرسول محمد ﷺ عند جبل الصفا فآذاه وشتمه ونال منه ما يكره من العيب لدينه والتضعيف له فلم يكلمه الرسول محمد ﷺ وشاهدت هذه الواقعة مولاة لعبد الله بن جدعان التيمي القرشي كان لها مسكن فوق الصفا وإنصرف أبو جهل عن النبي ﷺ وعمد إلى ناد لقريش عند الكعبة فجلس معهم ولم يلبث حمزة بن عبد المطلب أن أقبل متوشحا قوسه عائدا من قنص له وكان إذا فعل ذلك لا يمر على ناد من قريش إلا وقف وسلم وتحدث معهم وكان أعز قريش وأشدها شكيمةً وكان يومئذ مشركا على دين قومه فلما مر بالمولاة وكان الرسول محمد ﷺ قد رجع إلى بيته فقالت له يا أبا عمارة لو رأيت ما لقي إبنَ أخيك من أبي الحكم آنفا فقد وجده ههنا فآذاه وشتمه وبلغ منه ما يكره ثم إنصرف عنه ولم يكلمه محمد فإحتمل حمزةَ الغضب فخرج سريعا لا يقف على أحد كما كان يصنع يريد الطواف بالبيت معدا لأبي جهل أن يقع به فلما دخل المسجد نظر إليه جالسا في القوم فأقبل نحوه حتى إذا قام على رأسه رفع القوس فضربه بها فشجه شجةً منكرة ثم قال له أتشتمه وأنا على دينه أقول ما يقول فرد ذلك علي إن استطعت وقام رجال من قريش من بني مخزوم إلى حمزة لينصروا أبا جهل منه فقالوا ما تراك يا حمزة إلا قد صبأت فقال حمزة وما يمنعني منه وقد إستبان لي منه ذلك وأنا أشهد أنه رسول الله وأن الذي يقول حق فوالله لا أنزع فإمنعوني إن كنتم صادقين فقال أبو جهل دعوا أبا عمارة فإني والله لقد سببت إبن أخيه سبا قبيحا وبقي حمزة على إسلامه وعلى ما بايع عليه الرسولَ محمد ﷺ من قوله ولما سمعت قريش بإسلام حمزة علمت أن الرسول محمدا ﷺ قد عز وإمتنع حيث سيمنعه بالإضافة إلي عمه الآخر أبي طالب فكفوا عن بعض ما كانوا ينالون منه .

وبعد إسلام حمزة قويت شوكة المسلمين وأخذ حمزة يعلن دينه في كل مكان ويتحدى أبطال قريش ويشاء الله أن يثلج صدر نبيه محمد ﷺ عندما كان يدعوه بأن يعز الإسلام بأحد العمرين والمقصود بهما عمر بن الخطاب وعمرو بن هشام فيستجيب له له ويهتدى عمر بن الخطاب لدين الله ويقابل خباب بن الأرت ويقول له دلني يا خباب على محمد حتى آتيه فأسلم فقال له خباب هو في بيت عند الصفا معه فيه نفر من أصحابه فأخذ عمر سيفه فتوشحه ثم عمد إلى الرسولِ محمد ﷺ وأصحابه فضرب عليهم الباب فلما سمعوا صوته قام رجل من أصحاب الرسول ﷺ فنظر من خلال الباب فرآه متوشحا السيف فرجع إلى الرسولِ محمد ﷺ وهو فَزع فقال يا رسول الله هذا عمر بن الخطاب متوشحا السيف فقال حمزة بن عبد المطلب إئذن له يا رسول الله فإن كان جاء يريد خيراً بذلناه له وإن كان جاء يريد شرا قتلناه بسيفه فقال الرسول محمد ﷺ إئذنوا له فأذن له الرجل وإستقبله حمزة وأمسك به ونهض إليه الرسول محمد ﷺ فأخذ حجزته أى موضع شد الإزار أو بمجمع ردائه ثم جذبه منه جذبة شديدة وقال له ما جاء بك يا إبن الخطاب فوالله ما أرى أن تنتهي حتى ينزل الله بك قارعة فقال عمر يا رسول الله جئتك لأؤمن بالله وبرسوله وبما جاء من عند الله فكبر الرسول محمد ﷺ تكبيرة عَرف منها أهل البيت من أصحاب الرسول ﷺ أن عمر قد أسلم فتفرق أصحاب الرسول ﷺ من مكانهم وقد عزوا في أنفسهم حين أسلم عمر مع إسلام حمزة وعرفوا أنهما سيمنعان الرسولَ محمدا ﷺ وينتصفون بهما من عدوهم وهذه القصة تدل على شجاعة حمزة فقد كان عمر مشهورا بالشدة والبطش والقوة لكن من كان لعمر سوى حمزة وبعد إسلام عمر خرج المسلمون إلى شوارع مكة المكرمة ثم دخلوا المسجد الحرام وهم يهللون ويكبرون جهرة وكانوا بصفَين أحدهما يتقدمه عمر والثاني يتقدمه حمزة ويتقدم أمامهما في الوسط النبي محمد ﷺ فبإسلام حمزة وعمر عز الإسلام والمسلمون ولما رأت قريش ذلك قالت إن حمزة وعمر قد أسلما وقد فشا أمر محمد في قبائل قريش كلها فإنطلقوا بنا إلى أبي طالب فليأخذ لنا على إبن أخيه وليعطه منا والله ما نأمن أن يبتزونا أمرنا ويدل ذلك على خوف المشركين من إسلام كل من حمزة وعمر وقلقهم وخوفهم من أن ينتشر الإسلام بين قبائل قريش كلها بإسلامهما .

ولما إزداد أذى قريش على المسلمين ولم يسلم من أذاهم الأقوياء ولا الضعفاء وبعد بيعة العقبة الثانية مع الأنصار أذن لهم الرسول محمد ﷺ بالهجرة إلى المدينة المنورة وهاجر حمزة مع من هاجر من المسلمين إليها قبيل هجرة الرسول محمد ﷺ بوقت قصير وجاء في كتاب صحابيات حول الرسول أن صفية بنت عبد المطلب هاجرت مع أخيها حمزة وإبنها الزبير بن العوام وبعد هجرة الرسول محمد ﷺ إلى المدينة المنورة آخى بين أصحابه من المهاجرين والأنصار وقال تآخوا في الله أخوين أخوين ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب فقال هذا أخي فكان الرسول محمد ﷺ وعلي بن أبي طالب أخوين وكان حمزة بن عبد المطلب وزيد بن حارثة مولى الرسولِ محمد ﷺ أخوين وشارك حمزة في بناء المسجد النبوى الشريف ثم كانت أول سرية في الإسلام هي سرية تسمي سيف البحر وهي السرية التي أرسلها نبي الإسلام محمد ﷺ وذلك في شهر رمضان على رأس سبعة أشهر من الهجرة إلى المدينة المنورة وتقع سيف البحر في أرض جهينة من ناحية العيص وهي مدينة تقع بالقرب من المدينة المنورة حاليا وعقد النبي ﷺ لحمزة لواء أبيض وكان الذي حمله أبو مرثد كناز بن الحصين الغنوي وكان تعداد السرية ثلاثين رجلا كلهم من المهاجرين وكان الهدف من هذه السرية إعتراض عير قريش القادمة من الشام تريد مكة المكرمة وكان فيها أبو جهل في ثلاثمائة رجل فبلغوا ساحل البحر من ناحية العيص فإلتقوا وإصطف الفريقان للقتال فمشى مجدي بن عمرو الجهني وكان حليفًا للفريقين جميعا إلى هؤلاء مرة وإلى هؤلاء مرة حتى حجز بينهم ولم يقتتلوا فتوجه أبو جهل في أصحابه وعيره إلى مكة المكرمة وإنصرف حمزة بن عبد المطلب في أصحابه إلى المدينة المنورة ولم يحدث قتال .

وفي السنة الثانية للهجرة وفي شهر رمضان شهد حمزة بن عبد المطلب بدرا وأبلى فيها بلاءا عظيما مشهورا وكان هو من بدأ القتال مع المشركين حيث كان من العادة في الحروب آنذاك أن تبدا المعارك بالمبارزة الفردية فخرج رجل من جيش قريش هو الأسود بن عبد الأسد المخزومي القرشي فقال أعاهد الله لأشربن من حوضهم أو لأهدمنه أو لأموتن دونه فخرج إليه حمزة بن عبد المطلب فلما إلتقيا ضربه حمزة فأطن قدمه بنصف ساقه وهو دون الحوض فوقع على ظهره تشخب رجله دما نحو أصحابه ثم حبا إلى الحوض حتى إقتحم فيه يريد أن يبر يمينه وأتبعه حمزة فضربه حتى قتله في الحوض ثم خرج بعده عتبة بن ربيعة بين أخيه شيبة بن ربيعة وإبنه الوليد بن عتبة حتى إذا فصل من الصف دعا إلى المبارزة فخرج إليه فتية من الأنصار ثلاثة وهم عوف ومعوذ إبنا الحارث ورجل آخر يقال هو عبد الله بن رواحة فقالوا من أنتم فقالوا رهط من الأنصار فقالوا ما لنا بكم من حاجة ثم نادى مناديهم يا محمد أخرج إلينا أكفاءنا عن قومنا فقال الرسول محمد قم يا عبيدة بن الحارث إبن عمه وقم يا حمزة وقم يا علي فلما قاموا ودنوا منهم قالوا من أنتم قال عبيدة عبيدة بن الحارث وقال حمزة حمزة بن عبد المطلب وقال علي علي بن أبي طالب قالوا نعم أكفاء كرام فبارز عبيدة وكان أسن القوم عتبةَ بن ربيعة وبارز حمزة شيبة بن ربيعة وبارز علي الوليد بن عتبة فأما حمزة فلم يمهل شيبة أن قتله وأما علي فلم يمهل الوليد أن قتله وإختلف عبيدة وعتبة بينهما ضربتين كلاهما أثبت صاحبه أي جرحه جراحةً لم يقم معها وكر حمزة وعلي بأسيافهما على عتبة فذففا عليه أي أسرعا قتله وإحتملا صاحبهما فحازاه إلى أصحابه وكان حمزة يعلم في الحرب بريشة نعامة وكان يسير في زهو وعزة فقال رسول الله ﷺ إن الله يبغض هذه الخطوات إلا في هذا الموضع وقاتل حمزة يوم بدر بين يدي الرسول محمد ﷺ بسيفين وكان يعد هو القائد الميداني للمعركة بينما كان النبي محمد ﷺ هو القائد العام وقد روي عن عبد الرحمن بن عوف أنه قال قال لي أمية بن خلف وأنا بينه وبين إبنه آخذا بأيديهما أي وهما أسيران عنده يا عبد الإله من الرجل منكم المعلم بريشة نعامة في صدره قلت ذاك حمزة بن عبد المطلب قال ذاك الذي فعل بنا الأفاعيل وكتب الله النصر للمسلمين وكان قتلى قريش سبعين رجلا وأُسر منهم سبعون آخرون وكان أكثرهم من قادة قريش وزعمائهم وإستشهد من المسلمين أربعة عشر رجلا هذا غير ما غنمه المسلمون من المال والسلاح والعتاد ولم تكن غزوة بدر خسارة حربية لقريش فحسب بل خسارة إقتصادية ومعنوية أيضا ذلك أن المدينة المنورة أصبحت تهدد تجارتها حيث أن اقتصاد قريش قائم على رحلتي الشتاء والصيف وإن تم قطع أحد الطرق فذلك يلحق ضررا بالآخر لأن تجارتهم في بلاد الشام قائمة على سلع اليمن وتجارتهم في اليمن قائمة كذلك على سلع بلاد الشام كما أصبحت المدينة المنورة تهدد أيضا سيادة قريش ونفوذها في الجزيرة العربية وبإختصار فقد اصبح المسلمون قوة تهدد كيانهم .

ونظرا لذلك ففي العام التالي الثالث للهجرة كانت غزوة أُحد والتي وقعت بين المسلمين وقبيلة قريش في يوم السبت السابع من شهر شوال في العام الثالث للهجرة وذلك بهدف القضاء علي قوة المسلمين ورغبة قريش في الإنتقام منهم بعد أن ألحقوا بها الهزيمة في غزوة بدر ومن أجل إستعادة مكانتها بين القبائل العربية التي تضررت بعد غزوة بدر وإستعادة النفوذ المفقود في الجزيرة العربية وكان جيش المسلمين بقيادة الرسول محمد ﷺ أما جيش قبيلة قريش فكان بقيادة أبي سفيان بن حرب وكانت هذه الغزوة هي ثاني غزوة كبيرة يخوضها المسلمون مع قريش وسميت الغزوة بهذا الإسم نسبة إلى جبل أحد الذى يقع بالقرب من المدينة المنورة حيث وقعت الغزوة في أحد السفوح الجنوبية له وكان عدد المقاتلين من قريش وحلفائها حوالي ثلاثة آلاف في حين كان عدد المقاتلين المسلمين حوالي ألف وإنسحب منهم حوالي ثلاثمائة علي رأسهم رأس المنافقين في المدينة عبد الله بن أبي بن سلول ليصبح عددهم سبعمائة مقاتل وكانت خطة المسلمين في المعركة هي أن يجعل الرسول محمد ﷺ المدينة أمامه وجبل أحد خلفه ووضع خمسين من الرماة على قمة هضبة عالية مشرفة على ميدان المعركة وكان قائدهم هو عبد الله بن جبير وأمرَهم الرسول ﷺ بالبقاء في أماكنهم وعدم مغادرتها إلا بإذن منه حيث قال لهم إدفعوا الخيل عنا بالنبال وقام بتقسيم الجيش إلى عدة أقسام وإستلم قيادة المقدمة وعندما علم المسلمون بتقدم قريش وحلفائها أمر الرسول محمد ﷺ السكان بالبقاء في المدينة بحيث إذا أقامت قريش في معسكرها كانت إقامتهم بلا فائدة وإذا قرروا دخول المدينة يدافع عنها الرجال في مداخل الأزقة والنساء على سطوح البيوت ووافقه على هذا الرأي زعيم المنافقين عبد الله بن أبي سلول كي يستطيع الإنسحاب من المعركة دون أن يعلم أحد بذلك وهو ما حدث بالفعل وعندما تقارب الجمعان وقف أبو سفيان ينادي أهل يثرب بعدم رغبة مكة في قتال يثرب وإستنادا إلى سيرة الحلبي فإن عرض أبي سفيان قوبل بالإستنكار والشتائم وتقدم رجال من بني عبد الدار من قريش وكانت فيهم سدانة الكعبة ولواء قريش وعقد جيش مكة ثلاثة ألوية لواء مع طلحة بن أبي طلحة العبدري القرشي ولواء مع سفيان بن عويف الحارثي الكناني ولواء مع رجل من الأحابيش من كنانة وأعطى الرسول ﷺ راية جيشه لمصعب بن عمير وهو أيضا من بني عبد الدار من قريش وجعل الزبير بن العوام قائدا لأحد الأجنحة والمنذر بن عمرو قائدا للجناح الآخر ورفض الرسول ﷺ مشاركة أسامة بن زيد وزيد بن ثابت في المعركة لصغر سنهما ودفع الرسول ﷺ سيفه إلى أبي دجانة الأنصاري وكان مشهورا بوضع عصابة حمراء أثناء القتال وكان مشهورا أيضا بالشجاعة والتبختر بين الصفوف قبل بدء المعركة وقال فيه الرسول وإستنادا إلى السهيلي في كتابه الروض الأنف في تفسير السيرة النبوية إنها لمشية يبغضها الله إلا في مثل هذا الموطن .

وبدأت المعركة عندما هتف الرسول ﷺ برجاله أمت أمت وإستطاع المسلمون قتل أصحاب اللواء من بني عبد الدار من قريش حيث إستطاع علي بن أبي طالب قتل طلحة الذي كان حامل لواء قريش فأخذ اللواء بعده شخص يسمى أبو سعد ولكن سعد بن أبي وقاص تمكن من قتله كما قتل من حمل اللواء بعدهما وهو عبد حبشي لبني عبد الدار فلما قتل رفعته عمرة بنت علقمة الحارثية الكنانية زوجة غراب بن سفيان بن عويف الكناني وفي هذه الأثناء إنتشر المسلمون على شكل كتائب متفرقة وإستطاعت نبال المسلمين من إصابة الكثير من خيل أهل مكة وتدريجيا بدأ جيش مكة بإلقاء دروعهم وتروسهم تخففا للهرب وفي هذه الأثناء صاح الرماة الذين تم وضعهم على الجبل الغنيمة الغنيمة ونزل 40 منهم إلى الغنيمة مخالفين بذلك أوامر النبي ﷺ وكانت ميمنة المشركين التي يقودها خالد بن الوليد تراقب هذا الموقف فلما إنكشفت ظهر المسلمين لما ترك الرماة مواقعهم إنطلق خالد في هجمة مرتدة سريعة وإلتف حول جبل الرماة وصعد إليه وقضي علي ما تبقي من الرماة كما أطبقت فرقة أخرى على وسط المسلمين وتمكنت مجموعة أخرى من جيش مكة من الوصول إلى موقع الرسول ﷺ وإستنادا إلى الطبري فإنه عند الهجوم على الرسول ﷺ تفرق عنه أصحابه وأصبح وحده ينادي إلي يا فلان إلي يا فلان أنا رسول الله وإستطاع عتبة بن أبي وقاص الزهري القرشي أن يصل إلى الرسول ﷺ ويكسر خوذته فوق رأسه الشريف وتمكن عبد الله بن شهاب الزهري القرشي من أن يحدث قطعا في جبهة الرسول ﷺ وتمكن عبد الله بن قمئة الليثي الكناني من كسر أنفه وفي هذه الأثناء لاحظ أبو دجانة حال الرسول ﷺ فإنطلق إليه وإرتمى فوقه ليحميه فكانت النبل تقع في ظهره وبدأ مقاتلون آخرون يهبون لنجدة الرسول ﷺ منهم مصعب بن عمير ويزيد بن السكن وخمسة من الأنصار فدافعوا عن الرسول ﷺ ولكنهم قتلوا جميعا وعندما قتل عبد الله بن قمئة الليثي الكناني الصحابي الجليل مصعب بن عمير ظن أنه قتل الرسول ﷺ فصاح مهللا قتلت محمدا ولكن الرسول ﷺ في هذه الأثناء كان يتابع صعوده في شعب الجبل متحاملا على الصحابيين طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام .

وإستنادا إلى رواية عن الزبير بن العوام فإن تلك الصرخة كانت عاملا مهما في هزيمة المسلمين حيث قال إبن العوام وصرخ صارخ ألا إن محمدا قد قتل فإنكفأنا وإنكفأ القوم علينا وهناك آراء متضاربة عن الشخص الذي أطلق تلك الصيحة التي إشتهرت عند المسلمين بإسم صرخة الشيطان وقد أقبل أبي بن خلف الجمحي القرشي على النبي ﷺ وكان قد حلف أن يقتله وأيقن أن الفرصة سانحة فجاء يقول يا كذاب أين تفر وحمل على الرسول ﷺ بسيفه فقال النبي ﷺ بل أنا قاتله إن شاء الله وطعنه في جيب درعه طعنة وقع منها يخور خوار الثور فلم يلبث إلا يوما أو بعض يوم حتى مات ومضى النبي ﷺ يدعو المسلمين إليه وإستطاع بالرجال القلائل الذين معه أن يصعد فوق جبل أحد ووجد النبي ﷺ بقية من رجاله يمتنع بهم وعاد لهؤلاء صوابهم إذ وجدوا الرسول ﷺ حيا وهم يحسبونه قد مات وقد نجح الرماة حول الرسول ﷺ كسعد بن أبي وقاص وأبو طلحة الأنصاري في رد المشركين الذين حاولوا صعود الجبل وبذلك تمكن المسلمون الشاردون أن يلحقوا بالنبي ﷺ ومن معه وظن المسلمون لأول وهلة أن قريشا تنسحب لتهاجم المدينة نفسها فقال النبي ﷺ لعلي بن أبي طالب أخرج في آثار القوم فإنظر ماذا يصنعون فإن هم جنبوا الخيل وإمتطوا الإبل فإنهم يريدون مكة وإن ركبوا الخيل وساقوا الإبل فهم يريدون المدينة فوالذي نفسي بيده لئن أرادوها لأسيرن إليهم ثم لأناجزنهم فيها ويقول علي فخرجت في آثارهم فرأيتهم جنبوا الخيل وإمتطوا الإبل وإتجهوا إلى مكة المكرمة وبعد أن إحتمى المسلمون بصخرة في جبل أحد تقدم أبو سفيان من سفح الصخرة ونادى أفي القوم محمد ثلاث مرات فلم يجبه أحد ولكن أبا سفيان إستمر ينادي أفي القوم إبن أبي قحافة أفي القوم عمر إبن الخطاب ثم قال لأصحابه أما هؤلاء فقد قتلوا ولكن عمر لم يتمالك نفسه وقال كذبت والله إن الذين عددتهم لأحياء كلهم ثم صاح أبو سفيان الحرب سجال أعلى هبل يوم بيوم ببدر فقال الرسول محمد ﷺ الله أعلى وأجل لا سواء قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار .

هذا ما كان من أمر غزوة أحد أما عن حمزة بن عبد المطلب فقد كان من شهداء هذه الغزوة الأبرار لكنه قبل شهادته كان قد قتل من المشركين الكثير منهم أرطاة بن عبد شرحبيل بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار وكان أحد النفر الذين يحملون لواء قريش وكذلك قتل حمزة عثمان بن أبي طلحة وهو أحد حملة اللواء أيضا ثم مر به سباع بن عبد العزى الغبشاني وكان يكنى بأبي نيار فقال حمزة هلم إلي يا إبن مقطعة البظور وكانت أمه أم أنمار مولاةَ شريق بن عمرو بن وهب الثقفي فلما إلتقيا ضربه حمزة فقتله وكان جبير بن مطعم النوفلي القرشي قد دعا غلاما له حبشيا يقال له وحشي يقذف بحربة له قذف الحبشة قلما يخطئ بها فقال له أن أخرج مع الناس فإن أنت قتلت حمزة بن عبد المطلب عم محمد بعمي طعيمة بن عدي فأنت عتيق وكان وحشي كلما مر بزوجة أبي سفيان هند بنت عتبة أو مرت به تقول ويهاً أبا دسمة إشف وإشتف محرضة إياه علي قتل حمزة والذى كان يقاتل يومئذ بسيفين فقال قائل أي أسد هو حمزة وبينما هو كذلك إذ عثر عثرة وقع منها على ظهره فإنكشف الدرع عن بطنه فزرقه وحشي الحبشي الذى كان يراقبه ويتتبعه بحربة فقتله ومثل به المشركون وبجميع قتلى المسلمين إلا حنظلة بن أبي عامر الراهب الأوسي فإن أباه كان مع المشركين فتركوه لأجله وجعلت نساء المشركين هند بنت عتبة وصواحباتها يجدعن أنف المسلمين وآذانهم ويبقرون بطونَهم وبقرت هند بطن حمزة فأخرجت كبده فجعلت تلوكها فلم تسغها فلفظتها فقال الرسول محمد ﷺ لو دخل بطنها لم تمسها النار وكان عمر حمزة بن عبد المطلب حينذاك حوالي 55 عاما وقد روى وحشي بن حرب فيما بعد لجعفر بن عمرو بن أمية الضمري الكناني ولعبيد الله بن عدي بن الخيار النوفلي القرشي قصة قتله حمزة فقال كنت غلاما لجبير بن مطعم وكان عمه طعيمة بن عدي قد أصيب يوم بدر فلما سارت قريش إلى أحد قال لي جبير إن قتلت حمزة عم محمد بعمي فأنت عتيق فخرجت مع الناس وكنت رجلا حبشيا أقذف بالحربة قذف الحبشة قلما أخطئ بها شيئا فلما إلتقى الناس خرجت أنظر حمزة وأتبصره حتى رأيته في عرض الناس مثل الجمل الأورق يهد الناس بسيفه ما يقوم له شئ فوالله إني لأتهيأ له أريده وأستتر منه بشجرة أو حجر ليدنو مني إذ تقدمني إليه سباع بن عبد العزى فلما رآه حمزة قال له هلم إلي يا إبن مقطعة البظور فضربه ضربة كأن ما أخطأ رأسه وهززت حربتي حتى إذا رضيت منها دفعتها عليه فوقعت في ثنته حتى خرجت من بين رجليه وتركته وإياها حتى مات ثم أتيته فأخذت حربتي ثم رجعت إلى المعسكر فقعدت فيه ولم يكن لي بغيره حاجة وإنما قتلته لأعتق وبالفعل لما قدمت مكة أعتقت .

ويضيف وحشي قائلا ثم أقمت بمكة حتى إذا إفتتحها رسول الله ﷺ هربت إلى الطائف فمكثت بها فلما خرج وفد الطائف إلى رسول الله ﷺ ليسلموا فقلت ألحق بالشام أو اليمن أو ببعض البلاد فوالله إني لفي ذلك من همي إذ قال لي رجل ويحك إنه والله ما يقتل أحدا من الناس دخل في دينه وتشهد شهادتَه فلما قال لي ذلك خرجت حتى قدمت على رسول الله ﷺ المدينة المنورة فلم يرعه إلا بي قائما على رأسه أتشهد بشهادة الحق فلما رآني قال أوحشي قلت نعم يا رسول الله قال إقعد فحدثني كيف قتلت حمزة فحدثته فلما فرغت من حديثي قال ويحك غيب عني وجهك فلا أرينك فكنت أتنكب رسول الله ﷺ حيث كان لئلا يراني حتى قبضه الله ﷺ فلما خرج المسلمون إلى مسيلمة الكذاب صاحب اليمامة خرجت معهم وأخذت حربتي التي قتلت بها حمزة فلما إلتقى الناس رأيت مسيلمة الكذاب قائما في يده السيف وما أعرفه فتهيأت له وتهيأ له رجل من الأنصار من الناحية الأخرى كلانا يريده فهززت حربتي حتى إذا رضيت منها دفعتها عليه فوقعت فيه وشد عليه الأنصاري فضربه بالسيف فربك أعلم أينا قتله فإن كنت قتلته فقد قتلت خير الناس بعد رسول الله ﷺ وقد قتلت شر الناس أيضا ولنعد إلي رسول الله ﷺ بعد إنتهاء غزوة أحد وإنصراف قريش فقد خرج يلتمس حمزة بن عبد المطلب فوجده ببطن الوادي قد بقر بطنه عن كبده ومثل به وجدع أنفه وأذناه وأقبلت أخته صفية بنت عبد المطلب لتنظر إليه وكان أخاها لأبيها وأمها فقال الرسولُ محمد ﷺ لإبنها الزبير بن العوام إلقها فأرجعها حتي لا ترى ما بأخيها فقال لها يا أماه إن رسول الله ﷺ يأمرك أن ترجعي قالت ولم وقد بلغني أن قد مثل بأخي وذلك في الله فما أرضانا بما كان من ذلك لأحتسبن ولأصبرن إن شاء الله فلما جاء الزبير إلى الرسولِ محمد ﷺ فأخبره بذلك قال خل سبيلها فأتته فنظرت إليه فصلت عليه وإسترجعت وإستغفرت له ثم أمر به الرسول ﷺ محمد فدفن وعن جابر بن عبد الله قال كان النبي ﷺ يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في قبر واحد يقول أيهم أكثر أخذا للقرآن فإذا أشير إلى أحدهما قدمه في اللحد وقال أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة وأمر بدفنهم في دمائهم فلم يغسلوا ودفن حمزة وإبن أخته عبد الله بن جحش الأسدي في قبر واحد وروى يونس بن بكير عن إبن إسحاق أنه قال كان ناس من المسلمين قد إحتملوا قتلاهم إلى المدينة ليدفنوهم بها فنهى رسول الله ﷺ عن ذلك وقال إدفنوهم حيث صرعوا .

وروي عن إبن عباس أنه قال أمر رسول الله ﷺ بحمزة فسجي ببردة ثم صلى عليه فكبر سبع تكبيرات ثم أتى بالقتلى يوضعون إلى حمزة فصلى عليهم وعليه معهم حتى صلى عليه إثنتين وسبعين صلاة وروي عن أنس بن مالك أنه قال كان النبي ﷺ إذا كبر على جنازة كبر عليها أربعا وأنه كبر على حمزة سبعين تكبيرة وعاد الرسول ﷺ إلى المدينة المنورة فلقيته حمنة بنت جحش الأسدية إبنة عمته فلما لقيت الناس نعي إليها أخوها عبد الله بن جحش الأسدي فإسترجعت وإستغفرت له ثم نعي لها خالها حمزة بن عبد المطلب فإسترجعت وإستغفرت له ثم نعي لها زوجها مصعب بن عمير العبدري القرشي فصاحت وولولت فقال الرسول ﷺ محمد إن زوج المرأة منها لبمكان لما رأى من تثبتها عند أخيها وخالها وصياحها على زوجها ومر الرسول محمد ﷺ بدار من دور الأنصار من بني عبد الأشهل وبني ظفر من الأوس فسمع البكاء والنوائح على قتلاهم فذرفت عيناه فبكى ثم قال لكن حمزة لا بواكي له فلما رجع سعد بن معاذ وأسيد بن حضير إلى دار بني عبد الأشهل أمرا نساءهم أن يتحزمن ثم يذهبن فيبكين على عم الرسول محمد ﷺ فلما سمع الرسول ﷺ بكاءهن على حمزة خرج عليهن وهن على باب مسجده يبكين عليه فقال إرجعن يرحمكن الله فقد آسيتن بأنفسكن وقال إبن هشام ونهي الرسول ﷺ يومئذ عن النواح وروي عن أبي عبيدة بن الجراح أن الرسولَ محمدا ﷺ لما سمع بكاءهن قال رحم الله الأنصار فإن المواساة منهم ما عتمت لقديمة مروهن فلينصرفن وقد ظل الرسول ﷺ مواظبا علي زيارة شهداء أحد حتي وفاته وكان على قبر حمزة مسجدا وفي عام 1344 هجرية قامت الحركة الوهابية بهدم قبر حمزة بالكامل وقاموا ببناء مسجد بجانب القبر عرف بمسجد حمزة ومسجد سيد الشهداء ويحرص زوار المدينة المنورة حتي يومنا هذا علي زيارة جبل أحد ومقبرة شهداء أحد الموجودة أسفله وقراءة الفاتحة علي أرواحهم والترحم عليهم .
 
 
الصور :