الأحد, 8 ديسمبر 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

حي ميت حدر

حي ميت حدر
عدد : 03-2022
بقلم المهندس/ طارق بدراوي
موسوعة" كنوز أم الدنيا"


حي ميت حدر هو أحد أحياء مدينة المنصورة عروس الدلتا وعاصمة محافظة الدقهلية وكان هذا الحي في الأصل قرية صغيرة تقع شرقي مدينة المنصورة وكانت تسكنها بطون العديد من القبائل العربية التي قدمت إلي مصر قادمة من بلاد المغرب العربي وإنتشرت في الوجهين القبلي والبحرى وكان الإسم الأساسي لهذه القرية هو منية حضر وكانت منذ نشأتها في عام 1228 هجرية الموافق عام 1813م قرية مستقلة بذاتها لها أراضيها الزراعية وكان زمامها يمتد بداية من حي الحسنية وميدان السكة الحديد وكانت لها مدافنها الخاصة التي كانت في موقع مدرسة ثمار الحياة الإعدادية ومدينة المنصورة مدينة مصرية قديمة وعريقة وهي تطل على الضفة الشرقية لفرع دمياط بنهر النيل وتواجه مدينة طلخا أحد مراكز محافظة الدقهلية أيضا والتي لها إدارة مستقلة عن مدينة المنصورة ويربط بينهما كوبرى المنصورة طلخا المعدني القديم والمخصص للمشاة وللسيارات غير كوبرى المنصورة طلخا المعدني للسكك الحديدية والذى يربط محافظات منطقة وسط الدلتا بمحافظات شرق الدلتا حيث يربط مابين محافظات الغربية وكفر الشيخ والمنوفية والقليوبية ومن وراءهما محافظات غرب الدلتا البحيرة والإسكندرية ومطروح وبين محافظات الدقهلية والشرقية ودمياط ومن وراءهما محافظات القناة الثلاثة بور سعيد والإسماعيلية والسويس ومحافظتي شمال وجنوب سيناء وتبعد مدينة المنصورة مسافة حوالي 120 كيلو متر عن مدينة القاهرة عاصمة مصر في الإتجاه الشمالي الشرقي منها ويربط بينها وبين مدينة القاهرة طريق القاهرة / قليوب / بنها / ميت غمر / أجا / المنصورة وأيضا الطريق الزراعي القاهرة / بنها / قويسنا / بركة السبع / طنطا / المحلة الكبرى / المنصورة وقد أنشأها الملك الكامل محمد بن الملك العادل من ملوك الدولة الأيوبية عام 616 هجرية الموافق عام 1219م وكان يطلق عليها إسم جزيرة الورد لأنها كانت محاطة بالمياه من ثلاث جهات وكانت بها أكبر حدائق ورد في مصر .

وقد تغير إسم المدينة ليصبح المنصورة بعد النصر الكبير الذي حققه الشعب المصري على الحملة الصليبية السابعة بقيادة الملك لويس التاسع الفرنسي والتي إنتهت بهزيمة ساحقة له وتم أسره هو وقواده وسجنه في دار القاضي إبراهيم إبن لقمان بالمنصورة والذى يعد حاليا من أهم المزارات الأثرية بها حتي إفتدى نفسه وقواده بالمال مع الإنسحاب بقواته والعودة إلي بلاده وقد ظهرت أول خريطة لمدينة المنصورة في نهاية القرن التاسع عشر الميلادى في عهد الخديوى توفيق عام 1887م بمقياس رسم 1 : 2000 ويتضح منها أن العمران كان مقصورا على الرقعة المحصورة ما بين نهر النيل شمالا والمدافن القديمة مكان الساحة الشعبية حاليا وقد ذكرها المؤرخ الكبير تقي الدين المقريزى في مخطوطاته فقال إن هذه البلد على رأس بحر أشموم والذى سمي فيما بعد البحر الصغير وبناها السلطان الأيوبي الملك الكامل ناصر الدين محمد بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب في عام 616 هجرية عندما نزل الفرنجة الصليبيون مدينة دمياط وإحتلوها فنزل في موضع هذه البلدة وخيم به وبنى قصرا لسكناه وأمر من معه من الأمراء والقادة والعساكر بالبناء فبنيت هناك عدة دور ونصبت الأسواق وأدار عليها سورا مما يلي البحر يقصد فرع النيل الشرقي وستره بالآلات الحربية والستائر والمتاريس ولم يزل بها حتى دحر الفرنجة الصليبيين وإسترجع مدينة دمياط ثم صارت المنصورة مدينة كبيرة بها المساجد والقصور والحمامات والوكالات والأسواق وجدير بالذكر أن الحملة الصليبية التي يشير إليها مؤرخنا الكبير تقي الدين المقريزى في مخطوطاته هي الحملة الصليبية الخامسة التي قادها حاكم عكا الصليبي جان دى برين والتي إنتهت بهزيمته وطلبه الصلح وإنسحابه إلي عكا مرة أخرى بعدما تكبد خسائر فادحة وكبيرة في أفراد جيشه وعدته وعتاده .

وهناك حكاية غير معلوم مدى صحتها عن ميت حدر وإن كانت قد ذكرت في بعض الكتب والوثائق مفادها أنه قبل تأسيس مدينة المنصورة جاء إلي منطفة ميت حدر رجل مجذوب يسمي الشيخ سعد أبو السعود وكان برفقته عدد 100 من مريديه وإستوطنوا في المنطقة وبعد عدة أيام حدثت سرقة كبيرة في المنطقة وإتهم الأهالي الشيخ سعد ومريديه بإرتكاب هذه السرقة وأبلغوا حاكم المنطقة بأنه من المؤكد أن السارق هو الشيخ سعد والميه شخص اللي حضروا معه فإستدعي الحاكم الشيخ سعد الذى أظهر كراماته وأوهم الحاكم أن هناك أسدين يهاجمانه فوقع الرعب في قلبه وأبلغه الشيخ سعد بأنه سيساعده في إسترجاع المسروقات وبالفعل عادت المسروقات وإكراما للشيخ سعد قال له الحاكم مرحبا بك ياشيخ سعد أنت والميه اللي حضروا معاك ومنذ ذلك الوقت عرفت المنطقة بإسم ميت حضر وتدريجيا تحول الإسم إلي ميت حدر وبني بها مسجد كبير عرف بإسم مسجد الشيخ سعد أصبح من أشهر وأهم وأكبر المساجد في منطقة ميت حدر وفي مدينة المنصورة بوجه عام وتملك الشيخ سعد بعد ذلك مساحات كبيرة من الأراضي وأصبح صاحب أملاك وإشتهر شهرة واسعة في المنطقة وبخلاف مسجد الشيخ سعد هناك مسجد آخر بالمنطقة يسمي مسجد الأربعين وهو يتميز بأن مئذنته المبنية علي الطراز العثماني وتنتهي بالرأس المخروطية المميزة لهذا الطراز مازالت قائمة حيث تم إزالة معظم مآذن مساجد المنصورة القديمة نظرا لتهدمها وخوفا من سقوطها علي رؤوس المارة والمصلين وجدير بالذكر أن هناك مسجد آخر يحمل نفس الإسم بقرية سلكا القريبة من المنصورة وتقع علي الطريق الواصل بينها وبين مدينة أجا التابعة لمحافظة الدقهلية أيضا وفضلا عن ذلك يوجد العديد من المقامات في ميت حدر منها مقام العراقي ومقام الست أم الشعور والتي قيل إنها بعد أن توفيت وتم دفنها ظل شعرها ينمو ويخرج من تحت الأرض فأقام لها الأهالي مقام أصبح من أهم وأشهر المقامات في منطقة ميت حدر ومدينة المنصورة وجدير بالذكر أنه بعد عام 1869م وفي عهد الخديوى إسماعيل وبعد دخول خطوط السكك الحديدية إلي مدينة المنصورة نمت منطقة ميت حدر نموا عمرانيا كبيرا وتأسس بها سوق تجارى كبير للأغذية في عام 1903م وتم ضم المنطقة إلي زمام مدينة المنصورة وتملك فيها الكثير من أعيان المدينة من المصريين والأجانب أراضي ومنازل ومحلات تجارية .

ومن أشهر الشوارع التي تمر بميت حدر شارع النقراشي باشا وهذا الشارع يبدأ من منطقة عزبة عقل ويخترق حي الحسنية ثم يتقاطع مع شارع السكة الجديدة ثم يمتد داخل منطقة ميت حدر حتي ينتهي عند شارع البحر حيث تقع عمارة الجمل المعروفة بمدينة المنصورة وحتي عام 1949م كان الجزء من هذا الشارع الذى يخترق حي الحسنية إسمه شارع وجيه بينما الجزء الذى يخترق ميت حدر يسمي شارع راغب والذى كان في نهايته من جهة شارع البحر عدة منازل وبيوت قديمة تم إزالتها لكي يتم وصل الشارع بشارع البحر وتغير إسم الشارع من أول بدايته عند عزبة عقل مرورا بالحسنية وميت حدر حتي يلتقي بشارع البحر ليصبح شارع محمود فهمي النقراشي باشا أو إختصارا شارع النقراشي باشا والذى كان من شباب ثورة عام 1919م المنتمين لحزب الوفد هو ورفيق دربه وكفاحه أحمد ماهر باشا وحكم عليهما الإنجليز بالإعدام بعد الثورة وترافع عنهما الزعيم الوفدى مصطفي النحاس باشا وتمكن من الحصول علي البراءة لهما وبعد ذلك تم إختيار النقراشي باشا وزيرا للمواصلات في حكومة الوفد في شهر يناير عام 1930م ثم شغل نفس المنصب في وزارة الوفد أيضا التي تشكلت في شهر مايو عام 1936م ثم نتيجة بعض الخلافات مع قيادات الحزب إنفصل هو ورفيقه أحمد ماهر باشا عن حزب الوفد وشكلا الحزب السعدى ثم شغل منصب وزير المالية في وزارة حسن صبرى باشا التي تشكلت في شهر يونيو عام 1940م وإستمرت حتي شهر نوفمبر عام 1940م ثم تم إختياره وزيرا للخارجية في وزارة أحمد ماهر باشا ما بين شهر أكتوبر عام 1944م وشهر فبراير عام 1945م ثم أصبح رئيسا لوزراء مصر مرتين الأولي من شهر فبراير عام 1945م حتي شهر فبراير عام 1946م والثانية من شهر ديسمبر عام 1946م حتي إغتياله في يوم 28 من شهر ديسمبر عام 1948م علي أيدى طالب بكلية الطب البيطرى ينتمي إلي جماعة الإخوان المسلمين وتكريما له وتقديرا لدوره الوطني ولأنه كان طاهر اليد ولم يتربح من مناصبه الرفيعة التي شغلها فقد تم إطلاق إسمه علي هذا الشارع .

ومن يتجول في حي ميت حدر فعند بداية شارع النقراشي باشا بعد أن يترك حي الحسينية ويدخل في نطاق حي ميت حدر سيجد أول ما تقع عليه عيناه محل شهير لبيع البن وتوجد أمامه أطلال سينما كانت تسمي سينما ركس والتي شهدت قاعاتها أهم وأعنف الإجتماعات السياسية الخاصة بالأحزاب المصرية منذ نشأتها وإنتهي بها الأمر لتصبح سينما درجة ثالثة كما يرى من يتجول في الشارع بعض المنازل الخشبية والتي يوجد تحت أحدها فسخاني يسمي فسخاني الممتاز والذى يعد أقدم فسخاني معروف بمدينة المنصورة كما يوجد أيضا بالشارع العديد من محلات البقالة ومحلات بيع الملابس ومطاعم الفول والطعمية والكباب والكفتة ومحلات لبيع العصير ومحلات لبيع الفواكه ومحل شهير لبيع الخروب يتزاحم عليه أهل المنصورة لشراء هذا المشروب خاصة في شهر رمضان المعظم وعندما يصل المتجول إلي نهاية الشارع تقابله عمارة الجمل عند تقاطع الشارع مع شارع البحر وهي العمارة التي كان يتواجد بها مكتب فريدة حسان المحامية المشهورة إبنة المنصورة التي توفيت في عام 1965م وكان من الطرائف التي إرتبطت بحي ميت حدر أن عبد الله النديم خطيب الثورة العرابية كان قد عاش بالمنطقة لفترة وإفتتح بها محلا لبيع المناديل وفام بتحويله إلي صالون أدبي لكنه لم ينجح كتاجر فترك المنطقة وشارك في أحداث الثورة العرابية وبعد فشلها وإنتهي الأمر بالإحتلال البريطاني لمصر في شهر سبتمبر عام 1882م وتم القبض علي قادتها كان النديم أيضا من ضمن المطلوب القبض عليهم لكنه هرب من مطاردة الخديوى توفيق له وتخفي لمدة عشر سنين وأثناء هربه طاف معظم قرى مصر وكان أهم ما يساعده في رحلة الهروب والتخفي سعيه وراء الموالد التي تقام للأولياء فينظر إليه الناس كواحد من المجاذيب أو المريدين وبالتالي لا يشك أهل القرية أو السلطات في دخوله وخروجه وكان من المناطق التي أقام بها متخفيا ومتنكرا منطقة ميت حدر بالمنصورة .

وكان أيضا من الشخصيات التي أقامت بمنطقة ميت حدر في منتصف القرن العشرين الماضي الكاتب الفلسطيني الطاهر حسن الذى كان الإنجليز يبحثون عنه في كل مكان في مصر وقد سجل هذا الكاتب في كتاب له إسمه ظلام السجن الكثير من ذكرياته أثناء إقامته في منطقة ميت حدر بالمنصورة ومقابلته للعديد من بكوات وبشوات مصر في شوارع هذه المنطقة وما دار بينه وبينهم من حوار ومناقشات في قهوة البرنسات حيث كان يلتقيهم وتحدث أيضا في هذا الكتاب عن حسن معاملة أهل المنصورة له وحب الكثير منهم لتربية القطط وعلاوة علي ذلك ذكر في كتابه عن مقابلته بميت حدر للكاتب والأديب المعروف علي أحمد باكثير الذى عمل في المنصورة مدرسا للغة الإنجليزية لمدة 10 سنوات والذى كان من أهم مؤلفاته رواية وا إسلاماه الشهيرة والتي قام بتأليفها أثناء إقامته بمنطقة ميت حدر بمدينة المنصورة وقام بتكريمه في عام 1960م الرئيس الراحل جمال عبد الناصر آنذاك ومنحه شهادة تقدير وذلك أثناء زيارته لمدينة المنصورة وذلك في شرفة مبني المديرية القديم علي مرأى ومسمع من جمع غفير من أهل مدينة المنصورة وهناك صورة شهيرة له وهو يصافح الرئيس الراحل أثناء تسلمه شهادة التقدير منه ومن الطرائف المرتبطة بميت حدر أنه كان لها في الزمن الماضي فتوة كما كان سائدا في أواخر القرن التاسع عشر الميلادى وأوائل القرن العشرين الماضي حيث كان لكل حي في كل مدينة بما فيها العاصمة القاهرة فتوة والذين كانت تنشب بينهم كل شهر تقريبا معارك ومشاجرات عنيفة وكان فتوة ميت حدر إسمه أبو الروس والذى كان من القصص التي رويت عنه أنه إنضم برجاله إلي مظاهرة من المظاهرات التي إندلعت أثناء ثورة عام 1919م هو وفتوة حي الحوار والذى كان يسمي المخ وذلك لإكتساب مزيد من الشعبية واللذان تقدما المظاهرة وكل منهما فاردا صدره وممسكا بنبوته ومن خلفه رجاله أما باقي المتظاهرين فقد إضطروا للسير من خلفهم بعد ان أزاحهم رجال الفتوات إلي الخلف ووصل المتظاهرون أمام مبني القنصلية الإنجليزية وحذر المحامون الشبان الذين قاموا بتنظيم المظاهرة في البداية قبل أن ينضم إليها الفتوات من التواجد أمام مبني القنصلية خشية رد الفعل العنيف من جانب الجنود الإنجليز إلا أنهم لم يستجيبوا ولمح المخ العلم البريطاني أعلي مبني القنصلية فقرر أن يقوم بعمل بطولي من أجل إكتساب المزيد من الشعبية فتسلق مبني القنصلية وإنتزع العلم ونزل به وسط صيحات رجاله الذين أخذوا يمزقونه وكرر المحامون تحذيراتهم للفتوات وأخيرا تحركت المظاهرة من أمام القنصلية ولم تكد تتحرك حتي خرج عليها الجنود الإنجليز من الشوارع الجانبية شاهرين أسلحتهم وأطلقوا النار بشكل عشوائي علي المظاهرة وبالطبع فقد فر أبو الروس والمخ ورجالهما بينما سقط من أبناء المنصورة والقرى المجاورة المشاركين في المظاهرة عدد 19 شهيد وقد خلف أبو الروس فتوة آخر إسمه الرفاعي والذى قتله شاب صعيدى أخذا بالثأر وإنتقاما منه بعد أن نال منه علقة ساخنة .

 
 
الصور :