الخميس, 28 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

شارع التبليطة

شارع التبليطة
عدد : 03-2022
بقلم المهندس/ طارق بدراوي
موسوعة" كنوز أم الدنيا"


شارع التبليطة هو أحد أشهر وأهم شوارع منطقة القاهرة الفاطمية وقد أنشئ مع الإنتهاء من تشييد الجامع الأزهر الشريف عام 971م وهو يقع بجواره وخلف مجموعة محمد بك أبو الدهب الأثرية وقد ذكره المؤرح الكبير تفي الدين المقريزى في كتابه المواعظ والإعتبار بذكر الخطط والآثار عام 1420م بإسم درب البيضاء وقال عنه هو من جملة خط الأكفانيين الآن المسلوك إليه من الجامع الأزهر وسوق الفرايين وهو سوق الحمزاوى الآن وعرف بذلك لأنه كان به دار تعرف بالدار البيضاء ثم تحدث عنه بعد ذلك بحوالي 500 عام تقريبا على مبارك باشا فى الجزء الرابع بالصفحة رقم 86 من كتابه الخطط التوقيفية الصادر في عام 1881م فقال عنه شارع التبليطة أوله من وسط شارع الغورية بجوار قبة الغورى وآخره شارع الأزهر بجوار مجموعة محمد بك أبو الدهب وطوله مائتا متر وبه جهة اليمين المدفن المعروف بمدفن الغورى ثم دار الشيخ الرافعى ثم وكالة قديمة تعرف بوكالة النخلة من إنشاء الغورى ثم بيت سليمان بك العيسوى أحد التجار المشهورين بمصر وكان من أشهر ما يميز شارع التبليطة بالنسبة لسكان المنطقة التي يقع فيها هو سوق التبليطة ‏وحنفية المياه العمومية التى كانت موجوده الى وقت قريب أمام السوق فى أحضان تكية محمد بك أبو الدهب وهو سوق شعبية للخضر والفاكهة‏ تخدم أهالي ‏المنطقة والمناطق المجاورة ويضم هذا الشارع علي الرغم من قصره العديد والعديد من الآثار فهو أشبه ما يكون بديكور مسرح عملاق فى كل شبر به أثر مهم وذلك بداية من مجموعة السلطان قنصوة الغورى التي تقع عند مدخل شارع التبليطة من الجهة الجنوبية وحتي ينتهي بمدرسة العينى مرورا بالعديد من الآثار والتي منها وكالة الغورى وهي وكالة وفندق أقيم في بدايات عهد السلطان قنصوة الغوري في عام 909 هجرية الموافق عام 1504م كجزء من المجموعة الأثرية التي بناها في التاريخ المذكور والتي تنتهي بهذه الوكالة الأثرية وهي مسجلة في هيئة الآثار المصرية في عداد الآثار الإسلامية تحت رقم ٦٤ وهي تعد من النماذج القليلة المكتملة بالنسبة للوكالات الآثرية .

وتتكون مجموعة السلطان قنصوة الغورى من مسجد إلى جانب مدخله يوجد سبيل يعلوه كتاب وفي الخلف توجد خانقاة وإلي جوارها عدد 3 منازل وتجتمع المجموعة كلها في واجهة واحدة متصلة تشرف على شارع الأزهر وتلك المجموعة هي أعظم ماتركه السلطان الغورى من منشآت وتعد بحق أبدع وأجمل وأروع ماتركه لنا سلاطين دولة المماليك الجراكسة والسلطان الغورى كان في الأصل أحد مماليك السلطان المملوكي الأشرف قايتباى وإستمر في خدمته حتي أعتقه وصار يتقلب في الوظائف حتي على قدره إلي أن تولي بعد ذلك حكم مصر عام 906 هجرية الموافق عام 1501م وكان السلطان الغورى شغوفا بالعمارة وفنونها ومحبا لها مثل سيده السابق السلطان قايتباى فقام بإنشاء الكثير من المباني الدينية والخيرية ولم يكن إهتمامه مقصورا فقط علي المنشآت التي تم تشييدها في عصره وعلي يديه بل تعدى ذلك إلى المنشآت التي قام بتشييدها أسلافه فقام بعمل إصلاحات وترميمات وتجديدات بها وكان على رأسها الجامع الأزهر الشريف وقد إقتدى به الأمراء في عصره فقاموا بإنشاء العديد من المنشآت والمباني التي مازالت باقية حتي الآن تنطق جميعها بإزدهار العمارة والفنون في عصره إزدهارا عظيما وكان العصر المملوكي بحق هو العصر الذهبي للعمارة الإسلامية وفنونها في مصر وإستمر ذلك العصر حوالي 260 عاما أى أكثر من قرنين ونصف القرن حيث بدأ حكم دولة المماليك البحرية أولا لمصر في منتصف القرن الثالث عشر الميلادى على يد السلطان عز الدين أيبك التركماني بعد مقتل آخر السلاطين الأيوبيين توران شاه إبن السلطان الأيوبي الملك الصالح نجم الدين أيوب وعلي سبيل المثال لا الحصر فإن من أهم الآثار المملوكية في مصر غير مجموعة السلطان الغورى مجموعة السلطان قايتباى ومسجد السلطان المؤيد شيخ وعدد 3 مساجد للسلطان الأشرف برسباى ومجموعة السلطان حسن بالقاهرة وقلعة قايتباى بالإسكندرية وقلعة قايتباى برشيد غير عدد كبير من القباب والأسبلة والخانقهات والوكالات والمدارس والكتاتيب والمنازل الأثرية .

ويعد مسجد السلطان الغورى أهم مافي هذه المجموعة وقد تم تخطيطه على طراز نظام التخطيط المتعامد فهو يتكون من صحن مكشوف مربع الشكل تقريبا حيث يبلغ طوله 12 متر وعرضه 11 متر وتتعامد عليه وتحيط به عدد 4 إيوانات من جهاته الأربع كل منها به عدد من العقود فوقها شريط مكتوب عليه آيات قرآنية بالخط المملوكي ويعلوه ازار من المقرنصات جميلة الشكل والإيوانات الأربعة أكبرها إيوان القبلة وبه المحراب والمنبر والإيوان الموازى له بينما نجد الإيوانان الجانبيان أصغر منهما ويحيط بداير الصحن صفوف من الدلايات الخشبية المذهبة بينما يحيط بجدران الإيوانات الأربعة وزرة من الرخام الملون تنتهي من أعلى بشريط رخامي مكتوب عليه بالخط الكوفي آيات قرآنية وتاريخ بناء المسجد ويتوسط صدر إيوان القبلة محراب من الرخام الملون وبجواره يوجد منبر خشبي دقيق الصنع به حشوات رائعة الشكل من السن المدقوق بالأويمة وتتخللها حشوات صغيرة مدعمة بالزرنشان وأرضية المسجد تم تبليطها برخام ملون ومقسمة بتقاسيم بديعة وسقف المسجد مقسم إلى ترابيع منقوشة ومذهبة وأسفله مباشرة يوجد ازار عليه كتابات مذهبة وبأركانه مقرنصات بديعة المنظر وفي مؤخرة الإيوان الغربي وفي مواجهة المحراب مباشرة تجد دكة المبلغ ويحملها عدد 2 كابولي خشبي ومكتوب عليها إسم السلطان قنصوة الغورى وألقابه وأدعية له وللدكة درابزين خشبي مقسم من أسفل إلى حشوات بعضها مطعم بالسن والأبنوس وبعضها عبارة عن خرط خشبي دقيق وللمسجد عدد 3 واجهات أهمها الواجهة الشرقية التي تطل علي شارع المعز لدين الله وبوسطها المدخل وبها عدد 3 صفوف من الشبابيك يعلوها شريط مكتوب عليه أية قرآنية ثم إسم السلطان الغورى وألقابه وأدعية له أيضا وتتوج الواجهة شرفات محلاة بزخارف محفورة في الحجر وصدر المدخل محلي بتلابيس من الرخام الأبيض والأسود وهو علي هيئة عقد ذو 3 فصوص وتعلوه طاقية من المقرنص الجميل وباب المدخل تمت تكسيته بالنحاس المزخرف ويتم الوصول للمدخل عن طريق سلم مزدوج مكون من بضع درجات وهو يؤدى إلي ردهة مربعة سقفها به نقوش وأرضيتها من الرخام وبها بابان باب يؤدى إلى دهليز ومنه إلى صحن المسجد والآخر يؤدى إلى دهليز آخر يؤدى إلى حجرة مستطيلة وفي الطرف الجنوبي الشرقي للمسجد توجد المئذنة وهي من أروع وأجمل المآذن في العالم الإسلامي كله حيث أنها ضخمة ومربعة الشكل ولها 3 حطات كل منها مربع الشكل أكبرها الحطة السفلية وأصغرها الحطة العلوية وبين كل حطة وأخرى تشكيل من المقرنصات البديعة الشكل وتنتهي المئذنة من أعلى بتحفة معمارية فنية بديعة عبارة عن 5 رؤوس كمثرية الشكل يعلو كل منها هلال نحاسي ويبقى لنا أن نذكر أن السلطان الغورى قد قام بتشييد مئذنة للجامع الأزهر تسمي المئذنة ذات الرأسين تعتبر أيضا من المآذن الفريدة من نوعها فهي مئذنة دائرية رشيقة وتنتهي من أعلي برأسين كل منهما كمثرى الشكل وأسفل كل منهما جسم مخروطي ومحمولان علي دعامتين حجريتين بكل منهما فتحة معقودة من الثلاث جهات المكشوفة وتلك المئذنة ذات الرأسين أيضا تعتبر تحفة فنية معمارية رائعة لم تتكرر في أى مئذنة أخرى إلا في مئذنة جامع قاني باى الرماح بميدان القلعة وهو أحد أمراء المماليك في عهد السلطان قنصوة الغورى وقام ببناء هذا الجامع في فترة حكمه .

أما وكالة الغوري فهي عبارة عن مبنى يشمل مجموعة مباني وهي تجسد البناء المعماري للوكالات في أواخر العصر المملوكي وقد تم ترميمها مؤخرا وإستغرق ترميمها خمس سنوات وهي تتميز بروعة وجمال معمارها وهي حاليا تعد مركز ثقافي في القاهرة الإسلامية ويعد هذا المركز الثقافي هو رابع مركز ثقافي قام بإنشائه صندوق التنمية الثقافية حيث تم تجهيز الوكالة بكافة الأدوات والخدمات التي تعمل على تجهيزها لهذا الغرض فنجد أنه يوجد بها مسرح حديث مجهز بأحدث وسائل وأجهزة الصوت والضوء وغرفة خلع ملابس ومقاعد لراحة ولإستقبال زوار الوكالة وتقديم أفضل وأهم العروض لهم كما توجد أماكن لبيع التحف والهدايا وقد خصصت وزارة الثقافة فرقة للفنون التراثية في قصر الغوري للتراث لتقديم العروض طوال أيام السنة بالإضافة إلى المشاركة في الحفلات الوطنية والقومية وقد قامت هذه الفرقة بزيارة معظم دول العالم لتقديم عروضها على آلة الربابة وآلة السلامية وبها بعض المنشدين الشعبيين للإنشاد الديني والتي من أشهرها عرض التنورة والذى يعتمد على الحركات الدائرية بالإضافة إلى فقرة موسيقية وهذا العرض يتكون من عدد من الإستعراضات لكل الآلات الموسيقية والغناء المصاحب له يكون عبارة عن مديح للنبي صلى الله عليه وسلم ودعاء وفضلا عن ذلك يوجد بالوكالة أيضا بيت العيني وهو مخصص لإبداع الأطفال وعروض بيت السحيمي وهو عبارة عن مسرح لتقديم العروض المسرحية وخاصة في شهر رمضان المعظم .

وفى الإتجاه المقابل لمجموعة الغورى وعلى بعد خطوات من وكالة الغورى نجد مجمع محمد بك أبو الدهب وهو عبارة عن مسجد ومدرسة وتكية شرع في إنشائها محمد بك أبو الدهب عام 1187 هجرية الموافق عام 1773م وكان في الأصل تابعا لعلى بك الكبير أحد أمراء مصر وكان قد إشتراه عام 1175 هجرية الموافق عام 1761م ثم صار يترقي في المناصب لديه حتي صار الذراع الأيمن له ثم ولاه منصب الخازندار وهو المسئول عن خزانة الدولة أى وزير المالية في وقتنا الحالي ومن شدة فرحه لما إرتدى خلعة هذا المنصب الكبير بالقلعة قام بتوزيع الهبات والعطايا الذهبية على الفقراء والعامة وصار ينثر الذهب على الفقراء وهو في طريقه إلى منزله ومن هنا لقب بمحمد بك أبو الدهب وقد علت منزلته وعظم شأنه في وقت قصير إلى أن إنفرد بإمارة مصر بعدما إنقلب علي سيده علي بك الكبير ويعد مسجد محمد بك أبو الدهب والذى دفن به بعد وفاته في عام 1775م من المساجد المعلقة أى التي بنيت مرتفعة عن مستوى الطريق وفتح بأسفل واجهاتها دكاكين وله واجهتان إحداهما تشرف على ميدان الأزهر ويتوسطها المدخل الرئيسي له ويصعد إليه بسلم مزدوج يصعد إليه عن طريق سلم بقلبتين تتقابلا أمام باب دخول المسجد وله درابزين من خشب الخرط أما باب الدخول فهو فى دخلة غائرة على جانبيها مكسلتان تعلوهما عضادتان يخلوان من الزخارف ويتوج المدخل عقد مدائنى ثلاثى ويتوسط كتلة المدخل فتحة باب الدخول والذى يعلوه عتب رخامى أما الواجهة الثانية فهي تقابل الجامع الأزهر ويصعد إليها بسلم ذو قلبة واحدة تنتهى أمام فتحة باب الدخول وهو يشبه فى تكوينه المدخل السابق وقد بنى هذا المسجد على نسق مسجد سنان باشا ببولاق من حيث التخطيط والطراز فيما عدا فروق بسيطة فبيت الصلاة مربع الشكل طول ضلعه 15 مترا تغطيه قبة كبيرة تتكون رقبتها من ستة عشر ضلعا فتح بها شبابيك من الجص والزجاج الملون والتي تعمل على إنارة صحن المسجد بإضاءة ملونة من خلال إنعكاس أشعة الشمس عليها وهي ترتكز على حوائط المسجد بواسطة أربعة عقود تشغل أركان المربع وتتبع النمط السلجوقي حيث إعتمدت منطقة إنتقال القبة على العقود الأربعة التي تقع فى أركان بيت الصلاة وهى ترتكز على حطتين من المقرنصات وتبدأ منطقة الإنتقال متسعة من أسفل أعلي فتحة العقد الثلاثى ثم تتتابع الحطات فى الإتساع حتى تندمج كلها مع رقبة القبة وهى المنطقة التى تعلو مناطق الإنتقال وهى تتكون من منطقتين مضلعتين كل منها فوق الأخرى تتكون أولاها من ستة عشر ضلعا بثمانية منها ثمانى قمريات دائرية تحيط بها ثمان مضاهيات يلى ذلك كابولى مقرنص بإستدارة كاملة تأتى بعده المنطقة المضلعة الثانية وبها ستة عشر ضلعا تتخللها قنديليات بسيطة تعلوها كتابات ذهبية على أرضية خضراء وتشتمل الكتابات على البسملة وآية قرآنية ثم إسم محمد بك أبو الدهب ويلى ذلك شريط كتابى ثانى يعلوه النوافذ العلوية تشتمل كتاباته على البسملة وآية قرانية وخوذة القبة عبارة عن خوذة أجرية حجرية ضخمة تغطى كل مساحة بيت الصلاة وزخرف باطنها بكتابات نسخية ذات شكل دائرى تمثل البسملة ويليها سورة الإخلاص بالإضافة الى مجموعة من الزخارف النباتية والهندسية الملونة والمذهبة والتي لم يبق منها سوى آثارها ويتوسط جدار القبلة محراب مجوف يقع في جنوب شرق المسجد أسفل القبة الرئيسية وهو عبارة عن حنية نصف دائرية ذات عقد مدبب يرتكز على عمودين رخاميين زين الجزء الأسفل منه بوزرات رخامية مفرغة على هيئة أعمدة رأسية متعرجة ذات زخارف نباتية وزين القسم الأوسط بفسيفساء رخامية وصدفية دقيقة ذات أطباق نجمية وزين أعلاه بثلاث دوائر بأولاها ما شاء الله وبثانيها لا قوة إلا بالله وبثالثها لا إله إلا الله محمد رسول الله ويعد هذا المحراب واحدا من أبدع وأروع المحاريب المجوفة فى عمارة مصر العثمانية وعلى جانبى المحراب دخلتان رأسيتان ذواتى عقدين مدائنيين أسفل كل واحد منهما نحتة شباك ذات حجاب خارجى من المصبعات المعدنية يعلوه عتب مستقيم مزرر وإلى جانب المحراب يوجد منبر خشبى صنعت ريشتاه بحشوات مجمعة ذات أطباق نجمية مطعمة بالعاج والصدف والزرنشان وصنع درابزينه من خشب الخرط البديع ويعلو باب المقدم صدر مقرنص أسفلة كتابة نصها من الأمام إن الله وملائكته يصلون على النبى ونصها من الخلف يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما وفى أعلاه جلسة خطيب عليها كتابة نصها إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الأخر إلى قوله سبحانه تعالي ولم يخش إلا الله وعلى باب روضته كتابات نصها بعد البسملة قال الله تبارك وتعالى ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين إدعوا ربكم .

وتجاه المحراب بالجدار المقابل له فى الضلع الغربى لبيت الصلاة توجد دكة المبلغ محمولة على كابولين ولها درابزين من الخشب الخرط ويصعد إليها وإلى سطح المسجد بواسطة سلم داخل هذا الجدار وللمسجد ثلاثة أبواب تنفذ إلى الأروقة الثلاثة المحيطة بجوانبه الثلاثة والتي تغطيها قباب ضحلة أصغر من القبة الرئيسية محمولة على عقود ترتكز على أكتاف من الحجر وأعمدة من الرخام كما هو الحال بمسجد سنان باشا ببولاق وفى نهاية الرواق البحرى على يسار الداخل من الباب الرئيسي مقصورة من النحاس المصنوع بتصميم جميل بها قبر المنشئ وجدرانه مكسوة بالقيشانى المزخرف ويجاور هذه المقصورة مقصورة أخرى بها خزانة الكتب وبالركن القبلى الغربي تقوم منارة شاهقة بنيت مربعة لها 3 طوابق وتنتهى من أعلى بخمسة رؤوس على شكل زلع وهى بشكلها هذا تعتبر فريدة بين المآذن العثمانية وهي شديدة الشبه بمئذنة جامع السلطان المملوكي قنصوة الغورى كما تم إلحاق مكتبة كبيرة إلي المسجد تضم نحو 650 كتابا فى شتى الفنون وقد إهتم العلامة الشيخ أحمد بن محمد بن شاهين الراشدى الذى كان خطيبا للمسجد بتأسيسها كما سعي إلي تزويدها بأمهات الكتب القيمة كما تم أيضا إلحاق تكية بجوار المسجد لتكون مدرسة تساعد الأزهر في أداء رسالته العلمية وبها أصبحت مجموعة محمد بك ابو الدهب ثاني أهم مجموعة أثرية تجسد روعة العصر الإسلامي وذلك بعد مجموعة السلطان المملوكي قنصوة الغورى وتعد هذه التكية من أهم التكايا في ذلك العصر حيث تتمتع بموقع فريد في منطقة الأزهر فهي تطل على الجامع الأزهر من واجهته الجنوبية الشرقية وعلى شارع التبليطة من واجهتها الجنوبية الغربية كما تتقاطع مع شارع الأزهر وبالقرب منها يوجد خان يسمي خان الزراكشة وتضم التكية كتابا ومسجد أنشئ للمتصوفين آنذاك بالإضافة إلي سبيل وحوض كان يستخدم في السابق للدواب ملحقين بالمسجد من الناحية الجنوبية بحيث يطل الحوض والسبيل بواجهتيهما الرئيسيتين علي شارع التبليطة تجاه سوق التبليطة وهذه التكية مكونة من 3 طوابق يحتوي الطابق الأول والثاني منهم على العديد من غرف النوم الواسعة أما الطابق الثالث فهو عبارة عن المسجد الملحق بها والذى نقشت أسقفه بالرسومات والزخارف الإسلامية التي تخطف الأنظار وفي هذا المسجد كان يجتمع الطلاب لقضاء فروض الصلاة والحديث ومناقشة أمور الدين بالإضافة إلى توافر جميع إحتياجات الطلاب من مأكل وملبس وكتب وأدوات وغيرها ومعماريا تختلف تكية أبو الدهب عن التخطيط المألوف للتكايا حيث تتكون من صحن أوسط مكشوف به حديقة ونافورة وحول الصحن قاعات على مدار ثلاثة طوابق وبأسفل هذه الطوابق ميضاة عظيمة تمتلئ بالماء من نافورة تستمد ماءها من بئر حفرها أبو الدهب وتتميز مياه هذه البئر بمذاق عذب على عكس مياه باقي الآبار الأثرية التي غالبا ما يخرج ماؤها بنسب ملوحة عالية .

وقد مرت هذه المجموعة بمشروع ترميم متكامل إستهدف صيانتها وتطويرها على مدى ستة أعوام بتكلفة بلغت عشرين مليون جنيه وشملت أعمال الترميم الدقيقة الآثار المكونة للمجموعة وإنشاء وحدات إضاءة على هيئة مشكاوات تلائم ما كان سائدا في العصر العثماني مأخوذة من النموذج الموجود بمسجد محمد علي باشا بالقلعة كما تمت إزالة التعديات والإشغالات والحوائط والمحلات الملاصقة للمجموعة وإستعادة الجزء السفلي للمسجد من دون أية إضافات بالإضافة إلى فك الأرضيات وإعادة تركيبها وتنظيف الحوائط من التراكمات والأملاح ومعالجة زخارف القبة وإظهارها كما شملت أعمال الترميم إستكمال الأجزاء المفقودة من شبابيك المسجد على نفس النمط الأثري القديم إلى جانب معالجة الشروخ الموجودة بالقباب الضحلة التي تغطي أروقة المسجد من دون اللجوء لأدوات الطلاء الحديثة وترميم وتثبيت الأشكال الهندسية بالأرضية الرخامية وإعادة بناء الدرابزين أو السور المحيط بالمئذنة وشرفتها على نفس نمط السور المحيط بالمسجد وكما هو معروف فإن التكية تعد أحد نماذج العمارة الخيرية والدينية المهمة التي إنتشرت في العصر العثماني بالرغم من كونها تجمع طرزا مملوكية نادرة وتعد واحدة من أهم الملامح التي إنتشرت في العصر العثماني التي تمزج الروحانيات بالعمارة التاريخية كما تشكل تحولا من نظام الخانقاوات الذي كان سائدا في العصر المملوكي وذلك لإيواء العاطلين من العثمانيين المهاجرين من الدولة العثمانية الأم والنازحين إلى الولايات الغنية مثل مصر والشام وكان يتم الوقف عليها بحيث يتم صرف الرواتب والأجور للمقيمين فيها من ريع هذه الأوقاف ولذا سمي محل إقامة المتصوفة والتنابلة تكية وتتشابه التكايا مع الخانقاوات من حيث الوظيفة كمبنى تقام به حلقات الدروس للمتصوفين ولكن بينما تكون الدراسة في الخانقاة إجبارية ومن ثم يتولى مشيختها كبار العلماء والفقهاء وتمنح الدارسين بها إجازات علمية فإننا نجد التكية لا إلتزام على المقيمين بها فلا تقوم فيها فصول للدراسة المنتظمة وإن كان الأمر لا يخلو من عقد محاضرات للوعظ والإرشاد كما تنعقد بها حلقات للذكر لكن مع مرور الوقت أخذت التكايا تؤدي أحد الوظائف التي كانت تقوم بها الخانقاوات بمعني أنها أصبحت خاصة بإقامة المنقطعين للعبادة من المتصوفين كما أنها قامت خلال العصر العثماني بدور آخر مستجد وهو تطبيب المرضى وعلاجهم وهو الدور الذي كانت تقوم به البيمارستانات في العصر الأيوبي والمملوكي إلا أنه مع بداية العصر العثماني أهمل أمر البيمارستانات وأضيفت مهمتها إلى التكايا وأخيرا فإن تصميم التكية المعماري يختلف عن تصميم الخانقاة بالرغم من إقتباس تصميم التكايا في الأصل من العمارة المملوكية عموما فبينما يحتوى الإثنان على صحن فناء مكشوف إلا أن الخانقاة تتميز بأنها عبارة عن صحن مكشوف تحيط به إيوانات متعامدة تستخدم لعقد حلقات الدراسة وهذه الإيوانات تتعامد على الصحن المربع وفى أركان هذا المربع توجد خلاوي الصوفية أي الأماكن أو الحجرات السكنية الخاصة بهم وبالرغم من أن التكية ليس بها مئذنة أو منبر فإنه يوجد بها جهة القبلة حجرة صغيرة بها محراب لإقامة الصلوات ولإجتماع الدراويش في حلقات لذكر الله تعالي وجدير بالذكر أنه قد تقرر مؤخرا تخصيص هذه التكية من أجل إنشاء متحف للروائي المصرى العالمي الكبير صاحب جائزة نوبل في الأدب نجيب محفوظ يضم مقتنياته ومكتبة تشمل مجموعة الكتب العربية والأجنبية التي تحدثت عنه إلي جانب صالون لكبار الزوار إلي جانب أن هناك تفكير في تجهيز قاعة بالمتحف لعرض الأفلام السينمائية المأخوذة عن روايات قام بكتابتها أديبنا العالمي ومنها فيلم ميرامار وثرثرة فوق النيل واللص والكلاب وخان الخليلي وزقاق المدق والتوت والنبوت والحرافيش وبين القصرين وقصر الشوق والسكرية والكرنك وغيرها .

ويضم شارع التبليطة أيضا عددا آخر من الآثار منها حمام المصبغة ويقع أمام سوق خضار التبليطة وقد سماه المقريزي حمام القفاصين ومنشئه هو نجم الدين يوسف بن المجاور في عام 1200م وهو وزير السلطان الملك العزيز عثمان بن صلاح الدين الأيوبى وثاني السلاطين الأيوبيين في مصر ويمتاز هذا الحمام بجمال وروعة معماره مما يشير إلي أن التقدم الحضارى والفن المعمارى لم يتوقفا في عصر الأيوبيين علي الرغم من تعرض الدولة في كل من مصر والشام للحملات الصليبية المتتالية الضارية خلال عهد هذه الدولة بأكمله ولمدة حوالي ثلاثة أرباع القرن من الزمان وظلت المدارس تفتح والمكتبات تنشأ والحصون والقلاع تبني والصناعات والحرف والفنون تواصل تقدمها من أجل بناء دولة وحضارة إسلامية قوية وفي نهاية سوق التبليطة خلف وكالة الغورى نجد أثرا آخر وهو سبيل القاضي زين العابدين وأنشئ هذا السبيل في القرن الحادى عشر الهجرى الموافق القرن السابع عشر الميلادى وهو سبيل مستقل غير ملحق بمبان أخرى ويعلوه كتاب وبه شباكان للتسبيل وحجرة التسبيل مستطيلة تحتوى على دخلتين مستطيلتين بكل دخلة شباك لتسبيل ماء الشرب وبصدر الحجرة رخام يسمي برخام الشذروان وهذا النوع كان يستخدم لتسقيع المياه في أسبلة العصر الإسلامي المملوكي ومن بعده العثماني وحتي عصر أسرة محمد علي باشا .

وفضلا عن ذلك يوجد أيضا في أول شارع التبليطة بزقاق مدفن السلطان الغورى أحد السواقى النقالة والتي قال عنها علي مبارك باشا فى الصفحة رقم 89 بالجزء الرابع من كتابه الشهير الخطط التوفيفية بأن هذه الساقية كانت تنقل الماء من الخليج المصرى بواسطة مجرى تحت الأرض متصلة بالخليج من عند قنطرة باب الخرق وهى من ضمن السواقى التى أمر بانشائها والي مصر المرحوم محمد على باشا عندما أنشأ سبيل العقادين وسبيل النحاسين لنقل الماء إليهما ثم لما تم تنفيذ خطوط المياه في عهد الخديوى إسماعيل بالقاهرة بعدما تولي حكم مصر إستغنى عنها وصارت الصهاريج تملأ من مجارى تقسيم مياه القاهرة وينتهي شارع التبليطة بمدرسة العيني والتي أنشأها الشيخ بدر الدين بن أحمد بن موسي العيني قاضي القضاة وأحد أئمة المذهب الحنفي عام 814 هجرية الموافق عام 1412م وقد دفن بها عام 855 هجرية الموافق عام 1451م وكان يدرس فيها بعض علماء الأزهر وبهذه المدرسة ضريح للشيخ أحمد العسقلاني شارح صحيح البخاري المتوفى عام 923 هجرية الموافق عام 1517م وهذه المدرسة مستطيلة الشكل وتضم قاعة تتوسط إيوانين متقابلين هما الإيوان الجنوبي الشرقي والإيوان الشمالي الغربي وقد ألحق بالمدرسة في الركن الشمالي من التخطيط ضريح يتكون من حجرة مربعة دفن فيه العيني فيما ترتفع المئذنة فوق الواجهة الرئيسية في الضلع الجنوبي الشرقي للمدرسة وقد عمل العيني في عدد من الوظائف منها الحسبة بالقاهرة ثم تولى وظائف دينية منها قاضي قضاة الحنفية بمصر في عام 829 هجرية الموافق عام 1426م ومما يذكر أن هذه المدرسة مازالت مقصدا لطلاب جامعة الأزهر علي إختلاف أعمارهم وجنسياتهم لكي يتلقوا بها الدروس الدينية والفقهية المختلفة على طراز الكتاب .
 
 
الصور :