الخميس, 28 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

شارع البطالسة

شارع البطالسة
عدد : 04-2022
بقلم المهندس/ طارق بدراوي
موسوعة" كنوز أم الدنيا"


شارع البطالسة هو أحد أقدم وأهم شوارع حي الأزاريطة بمدينة الإسكندرية التي تعد العاصمة الثانية لمصر وكانت هي عاصمة مصر لمدة حوالي ألفين عام منذ أن أنشاها الإسكندر الأكبر عام 331 ق.م وظلت عاصمة في عهد البطالمة خلفاء الإسكندر وخلال العهد الروماني وحتي الفتح الإسلامي لمصر في عام 642م حيث تم نقل العاصمة إلي مدينة الفسطاط بمصر القديمة والتي شيدها القائد عمرو بن العاص في العام المذكور شرقي نهر النيل بناءا علي تعليمات الخليفة عمر بن الخطاب له بتشييد عاصمة جديدة لمصر لا يكون بينها وبين المدينة المنورة عاصمة الخلافة أي حاجز مائي ويعود تاريخ شارع البطالسة إلي ما بعد تأسيس مدينة الإسكندرية بعدما إمتدت ناحية الشرق وهو يمتد حاليا من عند إستاد الإسكندرية وحتي حديقة الشلالات بحي الأزاريطة وكان المهندس اليوناني دينوقراطيس الذى كلفه الإسكندر الأكبر بتخطيط وتأسيس مدينة الإسكندرية بعدما أعجبه الموقع المحصور بين ساحل البحر المتوسط شمالا وبحيرة مريوط جنوبا والذى كانت تشغله قرية للصيادين تسمي راقودة أو راكوتيس باليونانية وأدرك أن هذا الموقع يصلح لبناء حاضرة عظيمة تكون عاصمة لمصر وتخلد إسمه علي مر الزمان ومن ثم قسم المهندس دينوقراطيس أرضها الفضاء الى طرق وميادين وأحياء فكان لعبقريته الهندسية الفذة الفضل فى تأسيس هذه المدينة العظيمة والتي في تخطيطه العام لها إختار النمط الهيبو دامى أو ما يطلق عليه في علم تخطيط المدن النظام الشبكي المتعامد وهو عبارة عن شارعين رئيسيين متقاطعين بزاوية قائمة عرض كل منهما 14 متر ثم تخطيط شوارع أخرى فرعية تتوازى مع كل من الشارعين عرض كل منها 7 متر وكان الشارعان الرئيسيان والمتقاطعان بزاوية قائمة أولهما شارع كانوب وهو شارع فؤاد حاليا وكان موازيا لشاطئ البحر ويربط بوابة القمر من الغرب وبوابة الشمس من الشرق وكان يمتد شرقا ليربط مدينة كانوبس وهي أبوقير حاليا وكان ثاني الشارعين الرئيسيين هو شارع سوما وهو شارع النبي دانيال حاليا وكان عموديا علي شاطئ البحر وكان يتقاطع مع شارع كانوب ويمتد من الشمال للجنوب حتي بحيرة مريوط وكان تقاطعهما هو مركز مدينة الإسكندرية .

ويقال إن الإسكندر الأكبر قد دفن هناك بهذه المنطقة بعد عودة جثمانه من بابل وكان هذا التخطيط هو ما شاع إستخدامه فى العديد من المدن اليونانية منذ القرن الخامس قبل الميلاد وهو يتميز بسهولة التنقل داخل المدينة مما يسهل عملية الدفاع عنها إذا ما تعرضت للحصار أو لهجوم عليها من الخارج وكان أمام المدينة جزيرة تسمي جزيرة فاروس تم ربطها باليابسة عن طريق ممر أو جسر سمي بالهيباستاديون وكان جسرا ضيقا نسبيا ثم تحول ليابسة ضمت الجزيرة بالبر ولتصبح شبه جزيرة وهي التي بنيت عليها منارة الإسكندرية في عهد الملك بطليموس الثاني المعروف بإسم فيلادلفيوس ما بين عام 280 ق.م وعام 270 ق.م ثم بني مكانها بعد إنهيارها في القرن الرابع عشر الميلادى قلعة قايتباى في أواخر القرن الخامس عشر الميلادى في عهد دولة المماليك الجراكسة وكان طول هذا الجسر 1300 متر ونتيجة لإنشاء هذا الجسر أصبح هناك ميناءان أحدهما شرقي يسمى بالميناء الكبير والأخر غربي ويسمى ميناء العود الحميد وتم تقسيم المدينة الى خمسة أحياء حملت حروف الأبجدية اليونانية الأولى ومن هذه الأحياء الحى الملكى أو البروكيون والحى الوطنى وحى اليهود وكان الشارع الرئيسي الذى يمتد من الشرق الى الغرب فى وسط المدينة هو شارع كانوب والشارع الرئيسي المتعامد معه والذى يمتد من الشمال إلى الجنوب هو شارع سوما كما ذكرنا في السطور السابقة كما كان من ضمن تخطيط المدينة معبد السرابيوم لعبادة الإله سيرابيس وكان يقع بالمنطقة بين باب سدرة وكوم الشقافة وكان بجواره معبد الإله مترا الإغريقي واللذان تهدما أيام الرومان وسرعان ما إكتسبت مدينة الإسكندرية شهرتها بعدما أصبحت سريعا مركزا ثقافيا وسياسيا وإقتصاديا وكانت تتسم في مطلعها في عهد الإسكندر بالصبغة العسكرية كمدينة للجند الإغريق ثم تحولت أيام خلفائه البطالسة أو البطالمة الإغريق إلي مدينة ملكية بحدائقها وأعمدتها الرخامية البيضاء وشوارعها المتسعة .

وبمرور الزمن إمتدت مدينة الإسكندرية نحو الشرق ونشأ الحي المعروف حاليا بإسم حي الأزاريطة والذى يعد أحد أقدم وأهم وأرقى أحياء مدينة الإسكندرية والذى يقع في منتصفها تقريبا وكانت الأزاريطة في عصر البطالمة الذين ورثوا ملك الإسكندر الأكبر مؤسس المدينة هي إمتداد الحي الملكي والذى يسمي البروكيون والذى ضم مكتبة الإسكندرية القديمة والمجمع العلمي والذى كان يسمي الموسيون وهما الصرحان العظيمان اللذان ظلا ببثان ويشعان نور العلم إلى جميع أنحاء العالم حتي عام 272م إلي أن أحرق الإمبراطور الروماني أوريليان الحي بأكمله بما فيه من معابد ومقابر ملكية وقد شهد هذا الحي العريق قصة أنطونيو وكليوباترا وقصة انتحار كليوباترا بعد هزيمتها في معركة أكتيوم البحرية أمام الإسكندرية وما يزال هذا الحي حتي وقتنا الحاضر يتميز بمبانيه ذات الطابع اليوناني والروماني القديم الذى يميز الإسكندرية بوجه عام ويميز هذا الحي بوجه خاص والذى كان سكانه خليط من المصريين والجاليات الأجنبية ولذا فهو يعد حي كوزموبوليتاني ومن أهم شوارعه شارع البطالسة وشارع الفراعنة وشارع الإسكندر الأكبر وشارع سوتر وشارع شامبليون وشارع مسجد القائد إبراهيم باشا .

وكما هو واضح من الإسم فإن شارع البطالسة ينسب إلي ملوك البطالمة الذين كان يطلق علي كل منهم إسم بطليموس وإسم الجمع لهم البطالسة أو البطالمة وهم عائلة من أصل مقدوني نزحت إلى مصر بعد وفاة الإسكندر الأكبر عام 323 ق.م حيث تم توزيع مملكته علي قواد جيشه وكانت مصر من نصيب قائده بطليموس الأول المعروف بإسم سوتر وقد ظلت أسرة بطليموس تحكم مصر حتى دخلها الرومان في عام 30 ق.م في عهد آخر البطالمة وهي الملكة كليوباترا وإبنها من الإمبراطور الروماني يوليوس قيصر بطليموس الخامس عشر أو كما أطلق عليه قيصرون وفي عهدهم وصل نفوذ الدولة البطلمية إلى فلسطين وقبرص وشرق ليبيا وإزدهرت دولتهم خلال عهود بطليموس الأول وبطليموس الثاني وبطليموس الثالث وعلي الرغم من كون البطالسة ذوي أصول إغريقية فإن ذلك لم يمنعهم من التشبع بالتقاليد والعادات المصرية ومن ثم بنوا العديد من المعابد للآلهة المصرية مثل معبد حورس بمدينة إدفو ومعبد كوم إمبو بمدينة كوم إمبو وغيرهما كما كانت طريقة عيشهم مصرية وساعد علي ذلك تزاوجهم من المصريين وكما ذكرنا فجميع ملوكهم حملوا إسم بطليموس وإتخذوا من الإسكندرية عاصمة لهم كما كان يريد الإسكندر وظلت دولتهم قائمة حتى معركة أكتيوم البحرية عام 31 ق.م عندما إنتصر القائد الروماني أوكتافيوس على غريمه أنطونيو وحليفته الملكة كليوباترا أخر البطالمة لتصبح مصر ولاية رومانية منذ عام 30 ق.م ومما يذكر أن أسرة البطالمة قد شملت عدد 16 حاكما وذلك بإضافة الملكة كليوباترا السابعة وإبنها بطليموس الخامس عشر أو قيصرون إبنها من الإمبراطور الروماني يوليوس قيصر كما ذكرنا في السطور السابقة .

وقد شهدت دولة البطالمة كما ذكرنا في السطور السابقة إزدهارا كبيرا في عهد الملوك الثلاثة لتلك الدولة والذين كان أولهم بطليموس الأول والملقب بسوتر والذى رغم كونه غير مصري حيث كان مقدونى المولد إلا أنه شهد ميلاد مدينة الإسكندرية المدينة الجديدة والتي أرادها أن تصبح عاصمة ثقافية وفكرية للعالم أجمع وفي عهده مابين عام 305 ق.م وحتي عام 283 ق.م إتسعت مملكته لتشمل ليبيا وفلسطين وقبرص بجانب مصر وفي عهده إنتعشت الإسكندرية وتم البدء في تأسيس مكتبة الإسكندرية القديمة الشهيرة في منطقة الشاطبي الحالية بالقرب من كلية سان مارك المعروفة ومبنى إدارة جامعة الإسكندرية التي يظن أن الإسكندر الأكبر قد وضعها ضمن تخطيطه للمدينة عند تأسيسها ولكنها لم تبن في عهده ومما يذكر أن مدينة الإسكندرية قد إزدادت إنتعاشا وبلغت أوج مجدها مع حلول عام 250 ق.م في عهد سلفه بطليموس الثاني الذى حكم مصر من عام 284 ق.م حتي عام 246 ق.م والذي عمل علي تحويل الإسكندرية إلى عاصمة جديدة للحضارة الإغريقية بدلا من أثينا وكان شغوفاً بالعلم والمعرفة ولذلك فقد إهتم بإستكمال بناء المكتبة التي تم البدء في بنائها أيام سلفه خلال النصف الأول من القرن الثالث قبل الميلاد وكان يشرف عليها وقام بتنظيمها ووضع مخططها المعمارى ديمتريوس الفاليرى اليوناني وكان مستشارا لبطليموس الأول وهو الذى جمع الكتب التي كانت تحتويها المكتبة حيث كانت تضم أكبر مجموعة من الكتب والمخطوطات في العالم القديم والتي وصل عددها آنذاك إلى 700 ألف مجلد بما في ذلك أعمال هوميروس ومكتبة أرسطو وجدير بالذكر أن بطليموس الثاني قام بتوسعتها وإضافة ملحقات لها مما جعلها تتسع لهذا العدد الهائل من الكتب والمخطوطات وللأسف حدث حريق ضخم عام 48 ق.م وذلك عندما أحرق يوليوس قيصر عدد 101 سفينة كانت موجودة علي شاطئ البحر المتوسط أمام مكتبة الإسكندرية بعدما حاصره بطليموس الصغير شقيق كليوباترا بعدما شعر أن يوليوس قيصر يناصر كليوباترا عليه وإمتدت نيران حرق السفن إلي مكتبة الإسكندرية فأحرقتها حيث يعتقد بعض المؤرخين أنها دمرت تماما وأن هذا الحريق قد أنهي حياة المكتبة ومحاها من الوجود بشكل كامل وهناك رواية أخرى في شأن دمار المكتبة ومحوها من الوجود نهائيا وهو أنه قد لحق بالمكتبة أضرارا فادحة أدت إلي تدميرها في عام 391م عندما أمر الإمبراطور الروماني ثيودوسيوس بتدميرها ومما يذكر أنه كان من أهم أعمال بطليموس الثاني أيضا البدء في تشييد الموسيون أو دار ربات الحكمة كما كان يطلق عليها قديما أو جامعة الإسكندرية وحرص على دعوة الكثيرين من علماء الإغريق وأدبائهم وفلاسفتهم وفنانيهم وكانت النتيجة أن إزدهرت فى المدينة الكثير من العلوم منها الدراسات الجغرافية والتاريخية ودراسات علوم الفلك ودراسات العلوم الهندسية والعلوم الطبية وعلوم الصيدلة والدراسات اللغوية والأدبية والدراسات الفلسفية وكان من بين هؤلاء العلماء والأدباء والشعراء والفلاسفة إقليدس عالم الهندسة الذي تتلمذ على يديه أعظم الرياضيين مثل أرشميدس وأبولونيوس وكان منهم أيضا عالم الطب والتشريح هيروفيلوس وعالم الصيدلة جالينوس وعالم الجراحة إراسيستراتوس وعالم الفلك إريستاكوس وعالم الجغرافيا إراتوستينس وعالم النبات ثيوفراستوس علاوة علي الشاعرين كليماكوس وثيوكريتوس والأديب فيلون السكندرى وعشرات غيرهم ممن أثروا الفكر الإنساني بالعالم القديم .

ولايفوتنا هنا أن نلقي الضوء علي أهمية مكتبة الإسكندرية القديمة فقد كانت أقدم مكتبة عامة حكومية يستطيع أى فرد زيارتها ومطالعة الكتب بها فالمكتبات المثيلة لها في عهد الفراعنة كانت خاصة بالكهنة كما تعود أهميتها أيضا إلي أنها قد حوت كتب وعلوم الحضارتين الفرعونية والإغريقية وبها حدث المزج العلمي والإلتقاء الثقافي الفكري مابين علوم الشرق وعلوم الغرب فهي إذن نموذج للعولمة الثقافية في العصر القديم والتي أفرزت الحضارة الهلينيستية حيث تزاوجت الحضارتان الفرعونية والإغريقية وترجع عظمة المكتبة أيضا إلي النظام الذى وضعه القائمون عليها حيث فرضوا على كل عالم يدرس بها أن يدع بها نسخة من مؤلفاته ولأنها أيضا كانت في معقل العلم ومعقل البردى وأدوات الكتابة المصرية القديمة حيث جمع بها ما كان في مكتبات المعابد المصرية القديمة وما حوت من علم جامعة أون الفرعونية وأخيرا وليس آخرا تحرر علماؤها من قيود السياسة والدين والجنس والعرق والتفرقة فالعلم فيها كان من أجل البشرية فالعالم الزائر لها أو الدارس بها لا يسئل إلا عن علمه لا عن دينه ولاعن قوميته وعلاوة علي ذلك فقد قام بطليموس الثاني بجمع كل الكتب من اليونان وسوريا وبابل وبلاد فارس والهند والتي قام بشرائها بماله الخاص ووضعها في المكتبة لكي يأتي الطلبة إليها من جميع أنحاء العالم ليتعلموا أمور علوم الرياضيات والفيزياء والطب والفلسفة والأدب كذلك قرر أن تتم ترجمة التوراة إلى اليونانية وبناءا على طلبه إختار الكاهن الأكبر لمعبد القدس 72 من كبار اليهود وأرسلهم إلى الإسكندرية ليقوموا بشرح التوراة للمترجمين فأتموا ترجمة الكتب الخمسة المنسوبة إلى نبي الله موسى وأصبحت هذه الترجمة للتوراة معروفة بالنص السبعيني و لم تكن الإسكندرية في ذلك العصر معروفة فقط بأنها عاصمة العلم والمعرفة بل كانت أيضا معروفة بأنها أكبر مكان لتجمع اليهود على مستوى العالم حيث كان لإنتعاش ونمو المدينة أثر في زيادة الهجرات اليهودية للمدينة وكان جيش البطالمة يضم بعض الجنود المرتزقة الذين كان منهم اليهود والذين سكنوا مصر وبالتحديد في مدينة الإسكندرية كذلك فقد إشترى بطليموس الثاني الكثير من العبيد اليهود ثم أطلق سراحهم وسمح لهم بالسكن في الإسكندرية والحقيقة أن يهود الإسكندرية في ذلك العصر قد شاركوا في نمو المدينة فكريا فظهر منهم الكثير من الفلاسفة والأدباء والشعراء والعلماء .

وبالإضافة إلي مكتبة الإسكندرية القديمة فقد تم بناء منارة الإسكندرية أحد عجائب الدنيا السبع القديمة في عهد بطليموس الثاني أيضا عام 280 ق.م وذلك علي يد المهندس المعمارى اﻹغريقي سوستراتوس فوق شبه جزيرة فاروس بشاطئ اﻹسكندرية الغربي والتي بنيت مكانها بعد إنهيارها قلعة قايتباى بعد ذلك في عهد السلطان المملوكي اﻷشرف قايتباى عام 1477م والتي مازالت قائمة حتي اﻵن وتعد من أهم معالم الإسكندرية ومزاراتها السياحية والآثار الإسلامية بها حيث دمرت المنارة بسبب زلزال تعرضت له اﻹسكندرية عام 1323م في عهد السلطان المملوكي الناصر محمد بن قلاوون ويظن أن الحجارة التي بنيت بها قلعة قايتباى من بقايا الحجارة التي كانت مبنية بها المنارة وكانت قاعدة المنارة مربعة الشكل بها حوالي 300 غرفة لزوم سكن الفنيين الفائمين علي تشغيل المنارة وأسرهم يعلوها دور أول مثمن اﻷضلاع فدور ثاني دائرى الشكل ثم تأتي قمة المنارة ويستقر عليها الفانوس الذى كان يعد مصدر اﻹضاءة ﻹرشاد السفن يعلوه تمثال ﻹيزيس ربة المنارة وكان إرتفاع المنارة بالكامل 120 مترا ويظن أن الصعود للمنارة كان يتم عبر منحدر حلزوني وأن الوقود اللازم لتشغيل فانوس المنارة كان يتم رفعه بواسطة نظام هيدروليكي إبتكره علماء هذا العصر وعلاوة علي ذلك فقد تم أيضا في عهد بطليموس الثاني إعادة حفر وتشغيل قناة سيزوستريس التي كانت تربط بين البحر المتوسط والبحر الأحمر والتي كان قد تم حفرها في عهد الملك سنوسرت الثاني عام 1874 ق.م وسميت قناة بطليموس الثاني .

وخلف بطليموس الثاني إبنه الأكبر بطليموس الثالث ليصبح الحاكم الثالث من البطالمة في مصر وقد جاء إلى الحكم عام 246 ق.م بعد موت أبيه وقد لقبه المصريون بالمحسن أو إيرجيتيس باليونانية وقد تمكن من السيطرة علي سوريا وآسيا الصغرى في عام 246 ق.م في الحرب السورية الثالثة حينما غزا أراضي السلوقيين وحقق إنتصارا شبه كامل عليهم لكنه أجبر على إنهاء حملته بعد حدوث تمرد في مصر وفي أعقاب هذا التمرد وثق علاقاته مع نخبة الكهنة المصريين ودون ذلك في مرسوم كانوب عام 238 ق.م كما عزز قوة الدولة البطلمية في مصر وقد تزوج من برنيكي الثانية ملكة برقة المتوجة فأدخل أراضيها تحت التاج البطلمي وقد نتج عن هذين الفتحين الكبيرين مجد عسكرى ومنفعة مادية وإنعكس ذلك على حب المصريين له وإستحق لقبه المحسن أما في بحر إيجة فقد تعرضت سلطة بطليموس الثالث لإنتكاسة بعد هزيمة أسطوله على يد الأنتيجونيين في معركة أندروس حوالي عام 245 ق.م لكنه واصل دعمه المالي لأعداء الأنتيجونيين في بر اليونان الرئيسي بقية فترة حكمه وبعد وفاته عام 222 ق.م بدأت مصر تسقط كقوة عظمى في العالم حيث منذ بداية عصر إبنه وسلفه الذى خلفه بطليموس الرابع والذى حكم مصر ما بين عام 221 ق.م وعام 204 ق.م بدأت تحدث بعض القلاقل والإضطرابات كما انه خاض حروبا في فلسطين أدت في النهاية لضياع الشام من قبضة مصر مما كان له أثر سلبي على يهود الإسكندرية الذين أظهروا كثيرا من التمرد والعنف طيلة الثلاثين عاما التالية ومن وقت لآخر حتى سقوط البطالمة وبصفة عامة كان للبطالمة الجانب المضئ والجانب السلبي أمرهم كأمر أي شئ في العالم فالنهضة العلمية والفكرية وتأسيس المكتبة والمنارة والمعابد وعلى رأسها معبد سيرابيس إلي جانب توصيل جزيرة فاروس بالشاطئ الرئيسي للمدينة وإنشاء المنطقة المعروفة بإسم المنشية حاليا الأمر الذى لم يتح فقط سهولة الإنتقال للجزيرة بل سمح كذلك بوجود مينائين للمدينة ميناء شرقي وميناء غربي كذلك إلتزام البطالمة بالتقاليد والعقائد المصرية حيث مزجوا بين المعبودات المصرية القديمة واليونانية وإعتمدوا بصفة عامة على ولاء الشعب المصري وإعتبروا نفسهم كمصريين .

وعلى الجانب الآخر كانت معاناة المصري البسيط من سوء الأحوال الإقتصادية بسبب الضرائب المرتفعة كذلك كان اليونانيون يمثلون الطبقة العليا في مصر رغم أن الجهاز الإداري ظل في أيدي المصريين فضلا عن أن القصر الملكى عاني من فضائح عائلية من قتل وسرقة للعرش وغيرها ولذا نستطيع أن نقول إن العصر الذهبي للإسكندرية كان وبحق من نصيب أول ثلاث حكام ولذلك فبسبب كثير من الصراعات على الحكم داخل الأسرة البطلمية في أواخر عهدها بدأت روما القوة الصاعدة الجديدة في ذلك الوقت في السيطرة على مصر حتى أصبحت مصر في النهاية تحت الوصاية الرومانية منذ عام 80 ق.م وفى عام 48 ق.م إستعانت كليوباترا السابعة بالقائد الروماني يوليوس قيصر للتخلص من أخيها بطليموس الثالث عشر بسبب صراعهما على الحكم فدخل بجيشه الإسكندرية للقضاء على أخيها وبعد عدة معارك إنتصر يوليوس قيصر وتم قتل أخيها وبذلك إستطاعت كليوباترا الإنفراد بحكم مصر وطبقا لآراء بعض المؤرخين فقد تم حرق مكتبة الإسكندرية الشهيرة في ذلك الوقت في صراع يوليوس قيصر مع شقيق كليوباترا كما دخلت كليوباترا في علاقة حب أولا مع يوليوس قيصر والذى تزوجها وأنجب منها طفل إسمه قيصرون ولكن لم يستمر الزواج طويلا حيث قتل يوليوس قيصر في عام 44 ق.م ثم دخلت بعد ذلك في علاقة حب أخرى مع القائد الروماني الشهير مارك أنطونيو الذي بسببه أقحمت الملكة كليوباترا السابعة مصر في معركة اكتيوم البحرية مع منافسه القائد الروماني أوكتافيوس تلك المعركة التي قامت يوم 2 سبتمبر عام 31 ق.م أمام ساحل الإسكندرية وإنتهت بهزيمة الأسطول المصري ومقتل القائد مارك انطونيو ثم إنتحار الملكة كليوباترا السابعة وإنتهي الأمر بسقوط مصر في يد الإمبراطورية الرومانية في عام 30 ق.م وإنتهاء العهد البطلمي إلي الأبد وبدء الحكم الروماني لمصر والذى إستمر حوالي طيلة سبعة قرون .

ويتميز شارع البطالسة بوجود العديد من القصور والفيلات التي تحولت إلى مراكز ثقافية أجنبية حيث يوجد به المركز الثقافي الألماني المعروف بإسم معهد جوته والذى يمثل ركن أساسى على الساحة الثقافية فى الإسكندرية منذ عام 1959م وقد إنتقل إلي مقره الحالي بشارع البطالسة بالحي اللاتيني فى عام ١٩٧٣م في مبني كان فى السابق فيلا سكنية تم بناؤها عام ١٩٢٦م طبقا لتصميمات المهندس المعمارى ماكس أدرى وفى عام ٢٠٠١م تم ترميم هذا المبنى الأثرى وتألق من جديد مثل القليل من الفيلات القديمة التى ترسم تاريخ الإسكندرية ومن حلال هذا المعهد يتم تقديم دورات حديثة وتفاعلية للغة الألمانية لكل المستويات ولمختلف الشرائح العمرية كما يضم المعهد مكتبة تم تجديدها عام ٢٠١٥م لتصبح ملتقى ومكان للتعلم ويتيح المعهد أيضا الفرصة للتعرف على المانيا بطرق متعددة ووسائل حديثة فى جو منعش من الترحاب وذلك من خلال فعاليات ونشاطات منتظمة تخلق فرص للقاءات وللتبادل الثقافي وبالتعاون مع شركاء مصريين ينظم قسم البرامج الثقافية بالمعهد العديد من المشاريع المتنوعة فى مجال التأهيل والإعداد والإنتاج والعرض وتتمحور هذه الأنشطة فى مد أواصر الإتصال والتبادل مع الناشطين الألمان في مجالات الفن والثقافة والعلوم كما يهتم المعهد بشكل خاص بالشباب حيث يخلق مساحة غير مسبوقة لهم فى مجال اللغة والثقافة ولذلك فإن العروض المتنوعة للأطفال والشباب التي يقدمها المعهد فى تزايد مستمر وتحظى بالإهتمام الشديد .

وفي مواجهة معهد جوته يوجد أيضا المركز الثقافي الروسي وجدير بالذكر أنه كان يسمي في السابق المركز الثقافي السوفيتي وأنشئ أولا له فرع في القاهرة عام 1967م وتبعه إنشاء فرع له في الإسكندرية في العام التالي 1968م ولم يكن تأسيس هذين الفرعين مجرد إضافة لما حدث في ذلك الوقت من تعاون مثمر بين مصر ودولة الإتحاد السوفيتي التي كانت قائمة حينذاك في شتى المجالات وإنما كان نتيجة حتمية لتعميق وتوسيع الحوار الثقافي السوفيتي المصري الممتد قبل ذلك والذي بدأ مع انطلاق العلاقات السياسية بين مصر والإتحاد السوفيتي عام 1943م وتوثقت بعد قيام ثورة يوليو عام 1952م وبخصوص فرع الإسكندرية قام مدير المركز السوفيتي بالقاهرة بالتفاوض مع أرملة قسطنطين سلفاجو على شراء الفيلا المملوكة لها والمعروفة بإسم قصر سلفاجو والتي تقع في أرقى أحياء الإسكندرية وبالتحديد في رقم 5 شارع البطالسة بمنطقة الأزاريطة وإستطاع إتمام الصفقة لكي تصبح فيلا قسطنطين سلفاجو نجل ميشيل سلفاجو الذى كان من أعيان اليونان والتي تم بناؤها عام 1913م مركزا ثقافيا يعمل على تواصل الشعبين المصري والسوفيتي وقد حدث أنه تم إغلاق هذا المركز بعد توتر العلاقات المصرية السوفيتية بداية من يوم 15 ديسمبر عام 1977م وظل مغلقا لمدة 13 عاما إلي أن تم إفتتاحه مرة أخرى في يوم 26 نوفمبر عام 1990م بعد تفكك دولة الإتحاد السوفيتي وأصبح المركز يسمي المركز الثقاقي الروسي وأصبح من خلاله تقديم العديد من الأنشطة الثقافية المتنوعة ومنها دورات لتعليم اللغة الروسية يقوم بالتدريس فيها أساتذة متخصصون من روسيا ويتم إستخدام الوسائل الحديثة السمعية والبصرية في التدريس وذلك بالإضافة إلي دورات لتعليم اللغة الإنجليزية ودورات لتعليم اللغة العربية للأجانب ودورات كمبيوتر كما يتم أيضا تنظيم ما يسمي بإستوديو الباليه ويقوم بالتدريب فيه مدربة باليه روسية حائزة على لقب الجدارة وإستوديو الموسيقى وهو مدرسة لتعليم الموسيقى بإسم تشايكوفسكي وتضم تعلم العزف علي آلات البيانو والفلوت والكمان والتدريب علي الغناء ويقوم بالتدريس فيها أساتذة من روسيا ومن مصر وفي مجال الرياضة يتم تنظيم إستوديو الجمباز الإيقاعي وتقوم بالتدريب فيه مدربة متخصصة رياضيا وماهرة في مجال الجمباز الإيقاعي من روسيا ومجمع رياضي صحي ويضم صالة أيروبكس تقوم بالتدريب فيها متخصصة من روسيا حاصلة على الدكتوراة في مجال الطب الرياضي وقسم تدريب كاراتيه وفضلا عن ذلك يتم تنظيم إستوديو تعليم الرسم للأطفال وورشة عمل أشغال فنية وأعمال خزفية ونحتية للأطفال والكبار ونادى سينما والذي يعرض نخبة من الأفلام الروائية والتسجيلية الروسية المترجمة باللغة العربية كما يتم تنظيم صالون أدبي شهريا حيث يتم إختيار أحد الأدباء أو الشعراء الروس لسرد قصة حياته وإبداعاته الأدبية أو الشعرية وجدير بالذكر أن المركز يضم أيضا مكتبة متميزة بها ما يزيد عن عشرة آلاف كتاب في مجالات عديدة ومتنوعة .

وكما ذكرنا في صدر هذا المقال يبدأ شارع البطالسة بإستاد الإسكندرية وهو إستاد متعدد الإستخدامات وهو حاليًا يستخدم في إقامة مبارايات كرة القدم كما تم إستخدامه في كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم عام 2006م التي عقدت في مصر ويعد هذا الإستاد هو الأقدم في مصر وأفريقيا حيث تم إفتتاحه في يوم 17 نوفمبر عام 1929م بحضور الملك فؤاد الأول بمباراة جمعت بين فريقي الإتحاد السكندري وفريق القاهرة وإنتهت لمصلحة الإتحاد بنتيجة هدفين للاشئ وسمي حينها بملعب فؤاد الأول وعقب قيام ثورة يوليو عام 1952م تم تغيير إسم الملعب إلى ملعب البلدية ثم تغير إلى إسمه الحالي إستاد الإسكندرية وقد شهد الملعب العديد من اللقاءات الدولية على مر السنين إضافة إلى أنه أول ملعب في الوطن العربي يتم تركيب أبراج إنارة فيه ويعد هذا الإستاد الملعب الرسمي لنادي الإتحاد السكندري والنادي الأوليمبي ونادي سموحة وكان قد أُسند تصميم الملعب عند تأسيسه إلى المهندس المعماري الروسي نيكوسوف الذي قام بتصميم الملعب من وحي أقواس النصر اليونانية على النمط الروماني القديم ولكن بطريقة حديثة وقد راعى أن يحتوى تصميم الملعب على أجزاء من أسوار الإسكندرية الإسلامية القديمة والتي كانت موجودة في نفس الموقع الذي بني عليه الملعب والتي تقع في الجانب الشمالي من الإستاد وتطل على المشجعين وقد تم تجديد الملعب في عام 1996م وذلك قبل بطولة كأس العالم للناشئين التي إستضاف الملعب بعض مبارياتها حيث تم تركيب 1200 كرسي إضافي في المقصورة الرئيسية كما تم تجديده قبل إستضافة بعض مباريات كأس الأمم الإفريقية لكرة القدم عام 2006م التي توج بها المنتخب المصري حيث كان يتسع الإستاد لحوالي 13660 متفرج وتم زيادة سعته بعد التجديدات حيث أصبح يتسع لعدد 20 ألف متفرج وفي عام 2017م تم تجديده مرة أخرى قبل إفتتاح البطولة العربية للأندية التي إستضافتها مصر في الإسكندرية والقاهرة في العام المذكور كما تم تطويره مرة أخرى قبل إستضافته للمجموعة الثانية في بطولة كأس الأمم الأفريقية عام 2019م على أحدث المقاييس الدولية عن طريق تطوير خمس منظومات وهي الدفاع المدني والبوابات الإلكترونية والإذاعة الداخلية والكاميرات بالإضافة إلى الإضاءة وقاعة المؤتمرات والمركز الإعلامي والإستوديو التحليلي وكبائن المعلقين وأماكن الإعلاميين ومقرات اللجنة المنظمة وتم رفع كفاءة أرضية الملعب والشاشة الإلكترونية والسور الخارجي للإستاد والصالة الصغرى وجميع الحمامات وعمل منظومة دقيقة وآمنة لدخول وخروج الجماهير .

وكما ذكرنا أيضا في صدر هذا المقال ينتهي شارع البطالسة بحدائق الشلالات وهي أحد الحدائق الشهيرة والكبيرة التي تقع في مدينة الإسكندرية قرب منطقة باب شرق وتشغل مساحة 8 أفدنة تقريبا وتتميز بالمدرجات المختلفة الإرتفاعات كما تضم بحيرات صناعية وشلالات مائية صناعية كما أنها تشمل بقايا أبراج وسور الإسكندرية القديم وبها أيضا صهريج تحت الأرض يعتبر هو الصهريج الوحيد الذي مايزال يحتفظ بحالته المعمارية دون أن يطرأ عليه أي تغيير وتبلغ مساحته نحو 200 متر مربع ويضم ثلاثة طوابق تحت الأرض وبه مجموعة نادرة من الأعمدة والتيجان المتنوعة وكانت الإسكندرية تعتمد في تغذيتها بالمياه العذبة على تخزين المياه في مثل هذه الصهاريج التي كانت تبني تحت الأرض وفي واقع الأمر فإن التاريخ يقول إن حدائق الشلالات من أهم المعالم الحضارية والتاريخية بمدينة الاسكندرية‏‏ فقد أنشئت منذ نحو مائة عام وكانت مساحتها حينذاك حوالي‏ 40 فدانا منها مساحة 22 فدانا في الشلالات البحرية ومساحة ‏18 فدانا في الشلالات القبلية وبها الأبراج الأثرية لسور الإسكندرية وهو من معالم العمارة الحربية النادرة‏‏ وقد صممت هذه الحدائق طبقا لفكر مخطط الحدائق الأميريكي الشهير فريدريك لو أولمستد الذي تبني أسلوب تحويل المواقع المستوية إلي مواقع حافلة بالتضاريس الطبيعية من بحيرات وهضاب وقنوات‏ وإستغلال القيمة الجمالية للمياه الساكنة والمتحركة حيث تشتمل الحدائق علي شلال رئيسي من ثلاث اجنحة من المياه إلي قناة مكشوفة تصل إلي ثلاثة بحيرات متتالية أهمها البحيرة الرئيسية التي تقع أمام الكازينو حاليا‏‏ وبها كشك البجع الشهير كما أن الحديقة زاخرة بمجموعة من الأشجار العتيقة والنباتات النادرة وتعتبر حديقة متحفية لكونها تشمل مزيج من النباتات النادرة والمتميزة والآثار القديمة التي تدل علي عراقة المنطقة حيث أن الحديقة توجد بها أشجار الفيكاس والتين البنغالي وهي أشجار معمرة يزيد عمر كل منها علي المائة عام وذلك يؤكده حجم الأشجار العملاقة والتي يزيد قطرها علي الستة أمتار وللأسف فإن هذه الأشجار تعاني حاليا من الإهمال نظرا لعدم إنتظام الري لها وسوء الإهتمام بها مما يعتبر جريمة ولولا حجم الأشجار الضخم وعمرها الطويل مابقيت علي قيد الحياة حتي الآن رغم إهمالها حيث ان هناك حشرة تسمي التريبس والتي تهاجم هذه النوعية من الأشجار ولكن نظرا لضخامة الشجرة فإن الحشرات تهاجم الأفرع فقط ولكنها لا تستطيع مهاجمة الجذع الأصلي للشجرة وذلك لحسن الحظ وقد أعلن منذ فترة قريبة عن تحويل الحديقة إلي مركز ثقافي ولذلك قسمت الحديقة الي 5 مناطق تحمل أسماء عدد من أعلام الفن والثقافة بالإسكندرية هم سيد درويش وبيرم التونسى ويوسف عز الدين عيسى وأحمد عثمان وسيف وانلى كما تم بناء مسرح صيفي للثقافة الجماهيرية بالحديقة لتقديم عروض فنية عليه خلال فصل الصيف من كل عام .

وعلي الرغم من أن سور الإسكندرية القديم وأبراجه قد مر علي تشييدهم آلاف السنين فما يزالا صامدين في وجه التاريخ ليشهد على عمر المدينة الساحلية التي لقبت بعروس البحر الأبيض المتوسط حيث ما زالت هناك أجزاء من جدران السور صمدت أمام حروب الطبيعة ولم تستطع عوامل التعرية والترسيب ان تمحيها يشاهدها المارة في وسط الإسكندرية وبين الأشجار العتيقة بحدائق الشلالات وكثيرا ما يمر أهالي الثغر بجوار هذه الجدران ولكنهم قد لا يعرفون أنهم يمرون بالقرب من جزء هام من تاريخ مدينتهم وأن هذه الأحجار كانت تصد غزوات الأعداء منذ إنشاء الإسكندرية ويعتبر هذا السور أحد أهم المعالم الأثرية لهذه المدينة التي أنشأها الإسكندر الأكبر عام 331 ق.م وأحاطها بسور ضخم ذو أبراج وحصون وأبواب للدفاع عنها وأتم هذا السور خلفاؤه من البطالمة ومن بعدهم زاد الرومان في تحصينه وبعد فتح عمرو بن العاص مصر في عام 21 هجرية الموافق عام 642م وبعد محاولة إحتلال الإمبراطورية الشرقية للإسكندرية عام 645م في بداية فترة خلافة عثمان بن عفان تم هدم جزء من أسوارها حتى لا تحتاج المدينة بعد ذلك إلي حصار طويل وقد تم ترميم هذا السور في عصور الدولة الطولونية ثم في العصر الفاطمي ثم في العصر الأيوبي حيث إهتم الوزير بهاء الدين قراقوش في عهد السلطان صلاح الدين الأيوبي بزيادة تحصين أسوار المدينة وإعادة بناء المتهدم منها في كثير من الأماكن وزيادة عدد أبراجها وتحصيناتها ثم في بداية عصر المماليك في زمن السلطان الظاهر بيبرس تمت تقوية السور وأبراجه وصيانتها وأيضا تم نفس العمل في عهد السلطان الناصر محمد بن قلاوون ومن بعده تكرر في عصر السلطان الأشرف شعبان وأيضا في عهد السلطان قايتباى والذى أضاف إلي تحصينات الإسكندرية قلعته المعروفة بإسمه التي بنيت علي شبه جزيرة فاروس في مكان منارة الإسكندرية التي كانت قد إنهارت بسبب زلزال مدمر إلى أن إندثرت أجزاء كبيرة من هذا السور في عهد محمد علي باشا نتيجة للتوسعات التي تمت في عهده بمدينة الإسكندرية وأيضا نتيجة القصف المدفعي الذى تعرضت له الإسكندرية في شهر يوليو عام 1882م من سفن الأسطول البريطاني وهو الأمر الذى إنتهي بالإحتلال البريطاني لمصر في نفس العام .
 
 
الصور :