السبت , 7 ديسمبر 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

شارع العزيز عثمان

شارع العزيز عثمان
عدد : 04-2022
بقلم المهندس/ طارق بدراوي
موسوعة" كنوز أم الدنيا"

شارع العزيز عثمان هو أحد شوارع جزيرة الزمالك التي تقع بنيل القاهرة وتعد من أرقي مناطقها وهي أحد 3 جزر سكنية كبيرة توجد بالنيل بالقاهرة وهي جزيرة الروضة وجزيرة الزمالك وجزيرة الوراق وهو يتفرع من شارع 26 يوليو الذى يعد الشارع الرئيسي بالجزيرة والذى يمتد بعرضها من الشرق إلي الغرب ويعد أحد الشوارع التي تنسب لشخصيات تنتمي للدولة الأيوبية والتي منها شارع صلاح الدين وشارع الكامل محمد وشارع الصالح أيوب وشارع شجرة الدر وشارع بهاء الدين قراقوش ويمتد شارع العزيز عثمان جنوبا متقاطعا مع شارع إبن زنكي وشارع صلاح الدين ثم ينتهي بتقاطعه مع شارع بهاء الدين قراقوش وينسب هذا الشارع إلي العزيز عماد الدين أبو الفتح عثمان الإبن الثاني للسلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب والذى ولد بالقاهرة في عام 567 هجرية الموافق عام 1171م وقد إهتم والده بتعليمه منذ صغره فسمع الحديث من الحافظ السلفي بالإسكندرية بالإضافة إلى سماعه من الفقيه أبي الطاهر بن عوف الزهرى وسمع بالقاهرة من العلامة أبي محمد بن بري النحوي وغير هؤلاء من العلماء وكان العزيز شابا شجاعا مقداما حسن الصورة ظريف الشمائل قويا ذا بطش وخفة حركة حييا كريما عفيفا عن الأموال حتي بلغ من كرمه أنه لم تبق له خزانة ولا مال خاص ولا فرس بينما بيوت أمرائه تفيض بالخيرات وكان والده صلاح الدين قد جعله نائبا عنه في مصر عندما كان بالشام وحينما توفي صلاح الدين إستقل بملكها بإتفاق الأمراء وكبار رجال الدولة وبذلك يمثل العزيز أول حاكم من بني أيوب يولد على أرض مصر ويتولى حكمها وقد حكم العزيز مصر حوالي خمسة أعوام ما بين عام 1193م وعام 1198م وإمتد سلطانه فشمل جنوبي فلسطين بإستثناء منطقة الكرك وجدير بالذكر أن المصادر المعاصرة أشادت بإستقامة العزيز عثمان وصلاح حكمه وعدله في الرعية حتى وصفه المؤرخ إبن خلكان بأنه كان ملكا مباركا كثير الخير واسع الكرم محسنا إلى الناس .

وعلى الرغم من أن مصر في عهد العزيز عثمان ظلت بمثابة قلب الدولة الأيوبية مثلما كانت في عهد أبيه صلاح الدين إلا أن أحوالها الإقتصادية تأثرت إلى حد كبير بسبب إنخفاض فيضان النيل في عام 1194م مما ترتب عليه حدوث القحط وإنتشار الوباء فهلكت المواشي وكثر الزحام في الأسواق على الخبز لقلته ويبدو أن إنشغال العزيز عثمان بالنزاع مع أخيه الأفضل في ذلك الوقت لم يساعد على سرعة وضع حد لتلك الأزمة الإقتصادية التي أثرت تأثيرا خطيرا في أحوال البلاد والعباد وكان الأفضل نور الدين علي هو الإبن الأول لصلاح الدين وعندما توفي والده كان يحكم دمشق والساحل وبيت المقدس وبعلبك وصرخد وبصرى وبانياس وهونين إلى الداروم ببلاد الشام وأخذ أمراء الدولة الأيوبية وكبار قوادها الذين أتوا إلى مصر يوقعون بين الملك العزيز عثمان وأخيه الملك الأفضل وأوعزوا للملك العزيز الإستبداد بالملك والقيام بالسلطنة بدلا من أخيه فلما أحس وزير الملك الأفضل ضياء الدين بن الأثير بما يجري في القاهرة أشار على الملك الأفضل أن يسترضي أخاه الملك العزيز بمنحه مدينة القدس رغم أن القدس كان ضمن أعمال وممتلكات الأفضل إلا أن الأفضل رفض ذلك فإتفق أمراء الدولة الأيوبية في مصر على أن تكون المملكة مجتمعة للملك العزيز عثمان وأشاروا على العزيز بالتوجه إلى الشام لتجتمع له المملكتان أي مصر والشام وبالفعل خرج العزيز إلى دمشق مقر حكم أخيه الأفضل وحاصرها فأرسل الأفضل إلى عمه الملك العادل وملوك البيت الأيوبي لنصرته فتوسط العادل بين العزيز وأخيه الأفضل وتم الإتفاق على أن يرفع العزيز الحصار عن دمشق وبالفعل عاد العزيز إلى مصر إلا أن أحوال دمشق إختلت لأن الملك الأفضل لزم الزهد وأقبل على العبادة وترك أمور البلاد لوزيره ضياء الدين بن الأثير وكثرت الشكوى من سوء تدبير إبن الأثير فلما بلغ ذلك العادل والملك العزيز في مصر قررا الرحيل إلى الشام وإستطاعا الإستيلاء على دمشق وعزل الملك الأفضل عن ملكه وتم الإتفاق بين العادل والعزيز عثمان على أن تكون دمشق للعادل وأن تكون الخطبة والسكة بدمشق للعزيز عثمان وأن يكون العادل نائبا للعزيز عثمان بها وكانت وفاة الملك العزيز عندما توجه إلى الفيوم لممارسة رياضة الصيد فأصابته الحمى وحمل إلى القاهرة فتوفي بها عام 1198م .

وكان من أبرز سكان شارع العزيز عثمان الكاتبة المتميزة الدكتورة نعمات أحمد فؤاد والتي كانت أول فتاة تحصل على المركز الأول على القطر المصري في إمتحانات التوجيهية أو ما يعرف بالثانوية العامة في الوقت الحالي في عام 1944م وشغلت العديد من المناصب الهامة منها منصب مديرة لقسم الآداب والفنون بالمجلس الأعلى للآداب والفنون ومديرة عامة للمجلس الأعلى للثقافة كما قامت بالتدريس في جامعة الأزهر وجامعة طرابلس بليبيا وجامعة حلوان وإقترن إسمها بقضايا عديدة قامت بإثارتها وخاضت من أجلها الكثير من المعارك دفاعا عن مصر وحضارتها وشعبها كان من أهمها قضية هضبة الأهرام وقضية دفن النفايات الذرية وقضية الدفاع عن قبة الحسين وقضية الدفاع عن الآثار الإسلامية وقضية أبو الهول وقضية الآثار المصرية التي إستولت عليها إسرائيل أثناء إحتلالها لشبه جزيرة سيناء وكان لها عبارة مهمة تقول فيها شئ كبير أن يكون للإنسان قلم ولكن شيئا نفيسا أن يكون للإنسان موقف ومن نعم الله علي أن وهبني الكلمة والقرار أعني القدرة علي الإختيار الصعب فعرفت المواقف وتحملت في سبيل مواقفي الكثير وعلوت علي الإغراءات والعروض والمناصب والبريق فأعز منها جميعا تراب هذا البلد وكل ذرة من هذا التراب وكان مولدها في مدينة مغاغة التابعة لمحافظة المنيا في يوم 25 يناير عام 1926م وقبل مولدها بعدة شهور رأى والدها رؤية بها بشرى بأن مولوده القادم سيكون فتاة وأن إسمها نعمات وأنه سيكون لها شأن كبير في الحياة وبالفعل تتحقق الرؤية وتأتي للحياة صبية ذكية تمتلك من الهبات الكثير قدرة علي الحفظ والتذكر وبلاغة في التعبير وسعة في الأفق وشجاعة في الحق وإحساس بالجمال وإستطاعت أن تحفظ القرآن الكريم في طفولتها ولما وصلت إلي سن المدرسة إلتحقت بمدرسة مغاغة الإبتدائية ومن ذكرياتها في هذه المرحلة المبكرة من حياتها أنها وهي طالبة في السنة الثالثة الإبتدائية نظمت المدرسة رحلة للطالبات لزيارة مصنع السكر وبعد العودة من الرحلة طلب الأستاذ أحمد عطية معلم اللغة العربية بالمدرسة منهن كتابة موضوع تعبير من عدة جمل عما شاهدوه في الرحلة فكتبت الطالبة نعمات عدد 12 صفحة بهت بها المعلم إلي حد أنه بكي من شدة التأثر وذهب لوالدها يطلب منه معاونته في رعاية موهبتها الأدبية ويومها تأكد والدها من صدق ما شعر به من قبل وتحقق رؤيته التي رآها في منامه منذ أكثر من 10 سنوات بخصوص تفوق ونبوغ وتميز إبنته وبدأ الإثنان في إمدادها بالكتب والمجلات التي تمكنها من تنمية ملكة الكتابة عندها وزاد هذا من مكانتها لدي أستاذها حتي إنها عندما كانت تذهب له لشأن ما أثناء تدريسه في فصل غير فصلها كان يطلب من طالبات هذا الفصل الوقوف لتحيتها من شدة تأثره بموهبتها وكان عمرها حينذاك لم يتعد العاشرة وكان من ذكرياتها أيضا في هذه المرحلة نشيد الصباح في المدرسة الإبتدائية والتي كانت كلماته رنانة تبعث علي حب نهر النيل العظيم ذلك الساري من الجنوب إلي الشمال في النفوس والتي كانت كلماته النيل العذب هو الكوثر والجنة شاطئه الأخضر ريان الصفحة والمنظر ما أبهي الخلد وما أنضر .

وفي عام 1944م حصلت الفتاة المتفوقة نعمات علي شهادة إتمام الدراسة الثانوية وإلتحقت بكلية الآداب بجامعة القاهرة وبدأت خطواتها الأولي في عالم الكتابة وهي في السنة الأولي وتخرجت من الكلية عام 1948م ويكون القرار بعد التخرج هو مواصلة الدراسة العلمية فتحصل علي درجة الماجستير برسالة كان محورها أدب إبراهيم عبد القادر المازني لتكون أول دراسة يدور مضمونها عن الأدب الحديث وكان ذلك في عام ١٩٥٢م وتلا ذلك بعد عدة سنوات رسالة أخرى نالت بها درجة الدكتوراة كان عنوانها النيل في الأدب العربي وهي الدراسة التي أكدت فيها أن النيل جزء من تراث الإنسان المصري وحياته اليومية من خلال ترحال دام شهورا طويلة بين مدن وقري مصر شمالها وجنوبها غربها وشرقها كانت خلالها تجلس وتستمع تسأل وتنتظر الإجابة لتخرج في بدايات الستينيات من القرن العشرين الماضي برسالتها عن النيل وأثناء إعدادها لهذه الرسالة وفي منتصف الخمسينيات كان الزواج من رفيق رحلتها في الحياة الأستاذ محمد طاهر الذي كان يمتلك مصنعاً للأدوية ودارا لنشر الكتب وقبل لقائه بها كان عازفا عن الزواج وهو ما يبرره بأنه منذ طفولته الغراء كان عاشقا للقراءة التي كانت رفيقته في كل لحظة حتي إنه قرر عدم الزواج حتي لا يرتبط بإمرأة تستشعر تفضيله للقراءة عليها ولكن سمحت له الظروف أن يلتقي بنعمات أثناء إنهائه بعض الأوراق إثناء عملها بوزارة الثقافة وكان كلما تردد عليها وجدها تمسك بكتاب تقرأ فيه فكان الحب والزواج في منتصف الخمسينيات وأنه شعر بحسه الأدبي والمتخصص في عالم الكتب أنه أمام موهبة قلما تتكرر حتي إنه منعها من القيام بمهام الزوجات في المنزل فكان لديهما الطاهي والخادمة ويذكر أنه عاد من عمله ذات يوم فوجدها تقف في المطبخ فنهرها بقوله إن ملايين النساء يستطعن القيام بتلك الأمور ولكن كم واحدة منهن تمتلك هبة الكتابة التي شبهها الأديب الراحل أحمد حسن الزيات في مقدمة كتابها بلادي الجميلة بمي زيادة مؤكدا علي تفوقها في الأسلوب وقال واصفا إياها للقارئ أنت من نعمات بين زوجة وفية وأم رءوم وأخت مواسية ومواطنة مخلصة وعاشقة للنيل تنشد علي ضفافه الخضر أناشيدها المؤلفة من عبرات إيزيس وضحكات كليوباترا وصلوات عمرو وغزوات صلاح الدين لتطوف بك في مجالي الطبيعة ومشاهد الكون وحقا كان الزوج نعم الرفيق في مسيرة الدكتورة نعمات أحمد فؤاد وكان يحب بين الحين والآخر مفاجأتها بنفائس الكتب والنادر منها كدليل علي محبته لها ولعلمه بما يمكن لمثل تلك الهدايا من فعله بروحها ومن بين الموروثات التي حرص علي إقتنائها لها كتاب نادر باللغة الفرنسية إسمه بانوراما والذي يعود تاريخ طباعته إلي عام ١٨٤١م وقد طبع منه عدد ٥٠ نسخة فقط تم إهداؤها في حينها لأباطرة وملوك ورؤساء العالم أما النسخة التي حصلت عليها الدكتورة نعمات أحمد فؤاد فلها قصة يقول عنها زوجها في النصف الثاني من الخمسينيات حضرت أحد المزادات الخاصة بأحد القصور الملكية وكان هذا الكتاب من بين المقتنيات المعروضة للبيع وظللت أزايد علي ثمنه أنا وزوجة رجل أعمال شهير وكانت معروفة بحب الكتب والمزادات وظللنا نزايد علي بعضنا البعض حتي علا صوتي بمبلغ ٤٠٠ جنيه وكان مبلغا كبيرا بمعايير وقتها فصمتت السيدة وهي تظن أنني قد أبيعه لها بعد المزاد مقابل بعض الجنيهات الأخرى ولكنني كنت منذ رأيته أيقنت أن نعمات ستطير به فرحا حيث يحكي مصر ويصورها في وقت الحملة الفرنسية وبالفعل صار الكتاب أحد أهم ما نقتنيه وأتذكر يوما من عدة سنوات حينما أعلنت روسيا عن عثورها علي نسخة من هذا الكتاب النادر لدي أحد مواطنيها مشيرة في متن الخبر إلي أنه قد يكون النسخة الوحيدة الباقية في العالم يومها أصرت الدكتورة نعمات علي الإتصال بوكالة الأنباء الروسية وأخبرتهم بإعتزاز أن لديها هي الأخرى نسخة أصلية من هذا الكتاب .

إشتهرت الدكتورة نعمات أحمد فؤاد بخوضها العديد من المعارك الضارية حتي قالوا عنها إنها إمرأة ما تكاد تخرج من معركة إلا لتدخل أخرى جديدة لا يعنيها الجهد بقدر ما تعنيها النتيجة تارة تحارب الفساد الذي أراد يوما بيع هضبة الأهرام لمستثمر أجنبي كندي لبناء منتجع سكني بها وأخرى تحارب الجهل الذي لم يمانع في أن تكون مصر مدفنا للنفايات النووية وثالثة تعادي الأمية التعليمية والثقافية علي صفحات الجرائد رافضة بيع العقل والموروث المصري وفي هذا الصدد تقول عن نفسها لم أختر يوما معركتي بل كانت معاركي هي التي تختارني ولم أظن أنني في يوم ما سأخوض أي معركة وكانت البداية في منتصف السبعينيات من القرن العشرين الماضي عندما أرسل لي أحد طلابي حينما كان مبتعثا في كندا مجلة كندية علي غلافها صورة لرجل علي هيئة صقر يفرد جناحيه علي الأهرامات وكان عنوان الغلاف عودة بيتر مونك بينما تروي صفحات المجلة من الداخل كارثة بيع عشرة آلاف فدان من هضبة الأهرامات لهذا المستثمر الكندي مقابل نحو ٢ مليون دولار بالمشاركة مع شركة مصر للتنمية السياحية وهو رجل كما قالت المجلة سبق طرده من إحدي الولايات الكندية وتغريمه مبلغ طائل لخداعه لهم فجن جنوني حين علمت الخبر وسألت عن الشركة وعنوانها وتتبعت أساس الموضوع ووجدت أن صحيفة التيمس البريطانية أطلقت صيحة في عام 1975م لحماية الأهرامات وهضبتها من تلك الصفقة أي قبل معرفتنا بهذه الكارثة بنحو عامين وتأكدت من المعلومات التي جمعتها وبدأت معركتي بمقال في جريدة الأهرام نشر بتاريخ السابع من شهر يوليو عام 1977م كان بعنوان مدينة سياحية عند الهرم أكدت فيه رغبتي في إعمار كل شبر في مصرنا خاصة بعد أن كثر الحديث عن المدن والقري السياحية ولكن هذا لا يعني أن نأتي بعدد البناء لتدك وتحفر وتوصل أنابيب المياه والصرف إلي منطقة الأهرامات مؤكدة أن أصحاب الأموال غير أصحاب الحضارة وبعد مقالي هذا حادثني رئيس مجلس إدارة الشركة علي الهاتف ورجاني أن أزور المشروع قبل مهاجمته معلنا عن يقينه بتغييري رأيي في حال مشاهدة الورق الخاص به فحددت موعد لقائي به فعرض علي كتالوج المشروع بما فيه من صور المباني وملاعب الجولف التي ينوون إقامتها فكان أول ما لفت نظري أن الطراز المعماري الذي إختاروه للمنتجع هو الطراز الأندلسي وعندما تساءلت في سذاجة عن السبب قيل لي إن ذلك جاء بسبب رخص التكاليف حيث إن إقامة المشروع علي الطراز الفرعوني مكلف للغاية وهالني ما أري وأسمع فكل بلاد العالم المتحضر تحرص علي الزمن في كل مبني قديم وتمنع قيام الحديث إلي جانبه لتحقيق وحدة الطابع والطراز ومحاولة إصطناع الأصالة والعراقة فكيف نفكر عكس ذلك وبالطبع فشل المسؤول في منح الدكتورة نعمات إجابة مقنعة فلجأ للتهديد تارة بإخبارها بأسماء كبار المسؤولين الحاجزين لفيلات في المشروع وتارة أخري بإغرائها بمنحها فيلا هي الأخري في حال إلتزامها للصمت فإنصرفت ليكون مقالها في اليوم التالي الموافق ١٣ يوليو عام 1977م بجريدة الأخبار تحت عنوان إرفعوا أيديكم عن هضبة الأهرام أكدت فيه أن الهضبة ليست ملكا لوزارة أو نظام أو لشركة ولكنها ملك للهرم والتاريخ والحضارة الإنسانية مشيرة إلي أن المصريين يعيشون علي عنصرين نهر النيل الذي يطعم ويسقي والهرم الذي يشد إليه الرحال من كل بلاد الدنيا فيعطي لمصر المال والقيمة الحضارية وإختتمت مقالها بعبارة إن الآثار أعراضنا فإبقوا لنا الماضي إبقوا لنا شيئا ولم يأت المقال بالنتيجة التي رجتها فلم يتحرك أحد فسارعت لكتابة سلسلة من المقالات فأصدرت وزارة السياحة بيانا للرد علي مقالاتها نشر في جريدة الأخبار بتاريخ ٤ سبتمبر عام 1977م أكدت فيه أن العقد الخاص بالمشروع يتضمن حق الإنتفاع بالأرض لا بيعها بسعر ٤٠ قرشا للمتر وهو سعر مناسب كما أشار البيان إلي أن المشروع سيحقق أرباحا تقدر بستة ملايين دولار في السنة الأولي تصل إلي ٤٠ مليون دولار في سنته السادسة إلي جانب ما سيوفره من فرص عمل إلي جانب العديد من البنود التي فندتها في مقالها التالي وأكدت فيه أن وزارة السياحة تستخف بعقلية المصريين وبرلمانهم بعد موافقتها علي مشروع كهذا من دون الرجوع إلي مجلس الشعب مستندة في رأيها علي الوثائق والمستندات التي حصلت عليها وتشير إلي خداع المستثمر الأجنبي الكندي وكان لهذا المقال دوره الكبير والهام في تدخل مجلس الشعب بعد تكاتف الرأي العام والمثقفين مع مقالات الدكتورة نعمات أحمد فؤاد ولعب حينذاك المستشار ممتاز نصار زعيم المعارضة في مجلس الشعب دورا بارزا ومشهودا في معارضة هذا المشروع والهجوم عليه وبيان أضراره داخل المجلس وليصدر في النهاية قرار رئاسي فيما بعد في مطلع الثمانينيات من القرن العشرين الماضي بوقف هذا المشروع المشبوه .

وقد تزامن مع هذه المعركة معركة أخرى جديدة بدأت بعدما نما لعلم الدكتورة نعمات أحمد فؤاد عن توقيع مصر والنمسا لبروتوكول إتفاقية في عام 1978م يقضي بإستقبال أول شحنة نفايات نووية كانت قادمة من النمسا لدفنها في صحراء مصر الشرقية وهي المعركة التي كتبت فيها العديد من المقالات وأيضا حاضرت في العديد من الندوات بالتعاون مع الدكتور حامد عبد الله ربيع الذي كان يشغل وقتها رئاسة قسم السياسة بكلية الإقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة وتقول الدكتورة نعمات عن تلك الواقعة إنه قد وقع تحت يدي بنود الإتفاقية فوجدتها يشوبها حالة من الغموض والتنازلات من الجانب المصري بلا أي مقابل وكأنه من دواعي سرورنا وإحساسنا بالمكانة الدولية أن نتقبل نفايات النمسا النووية بينما تدل القراءة الجيدة للإتفاقية علي أن بنودها لا تعدو إلا أن تكون تأجير لبعض الأراضي المصرية لصالح الطرف النمساوي وبهذا وجدتني وقد دخلت معركة جديدة لم أسع لها فكنت أصور الأوراق والمستندات وأوزعها علي الحاضرين بندواتي لإطلاعهم علي خطورة الإتفاقية وهو ما أثار الرأي العام العالمي وبالطبع وصل الأمر للرأي العام في النمسا وفوجئت في أحد الأيام بسفير النمسا في القاهرة يأتي لزيارتي في منزلي مقدما إعتذار بلاده ومؤكدا عدم المضي في المشروع من قبل حكومته وتضيف الدكتورة نعمات كان لمناهضتي لمشروع الهضبة وإتفاقية دفن النفايات النووية في مصر أثرهما في وضع إسمي في قائمة الإعتقالات التي طالت مصر في شهر سبتمبر عام 1981م وكنت أتوقع ذلك إلا أن إسمي رفع في اللحظة الأخيرة بعد زوال أسباب الصدام وكانت هاتان المعركتان في عهد الرئيس الراحل السادات وبعد ذلك وفي عهد الرئيس الراحل حسني مبارك خاضت الدكتورة نعمات أحمد فؤاد معارك لا معركة واحدة ضد وزير الثقافة المصرى فاروق حسني الذى شغل هذا المنصب من شهر أكتوبر عام 1987م وحتي أوائل عام 2011م معترضة علي ما يقيمه من معارض للآثار المصرية خارج مصر مؤكدة أن في سفر الآثار المصرية للخارج الكثير من الأخطار عليها حيث أنها بذلك تتعرض للتلف والكسر والسرقة وأن علي من يريد رؤية آثارنا المجئ لها وأنه لا توجد دولة في العالم تفعل ما نفعله مقابل حفنة من الجنيهات أو الدولارات وكتبت الدكتورة نعمات أحمد فؤاد الكثير من المقالات معارضة هذا التوجه ولكنها خسرت المعركة حيث لم يستمع لها أحد في هذه القضية إلا أن عروس النيل كما أطلق عليها كسبت إحترام الجميع وعلاوة علي هذه القضايا فقد تصدت الدكتورة نعمات أحمد فؤاد أيضا لقضية توصيل مياه النيل إلي إسرائيل وقضية الآثار المصرية التي قامت إسرائيل بسرقتها من شبه جزيرة سيناء أثناء إحتلالها لها وقضية التعديات علي نهر النيل وقضية الحفاظ علي الآثار الإسلامية المهملة .

ويتبقي لنا أن نذكر أن الدكتورة نعمات أحمد فؤاد قد تم إختيارها كعضوة بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية بلجنة العلوم والحضارة وكعضوة باللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية وكرئيسة للجمعية العلمية للمحافظة على التراث والآثار التاريخية وكأستاذ بالمعهد الدولي للإقتصاد والبنوك الإسلامية التابع للإتحاد الدولي للبنوك الإسلامية كما أنها قامت بالتدريس في جامعات دول عديدة منها جامعة إسطنبول بتركيا وجامعة نيويورك وجامعة جورج تاون بالعاصمة الأميريكية واشنطن وكانت وفاتها صباح يوم 1 أكتوبر عام 2016م عن عمر يناهز 90 عاما وتم تشييع جنازتها من مسجد الرحمن الرحيم وتم دفنها بمقابر الأسرة بالجيزة ونعاها يومذاك المجلس القومي للمرأة ببالغ الحزن والأسى وأعربت الدكتورة مايا مرسى رئيسة المجلس عن حزنها الشديد لفقدان مصر هذه القامة الرفيعة مؤكدةً أن للفقيدة الراحلة سجلا حافلا بالإنجازات منذ أن كانت طالبة في المرحلة الثانوية ثم في الجامعة ثم بعد تخرجها وتوليها العديد من المناصب الهامة علاوة علي مؤلفاتها القيمة ومعاركها الضارية التي خاضتها ضد الفساد والجهل بإرادة فولاذية وبعزيمة صلبة لا تلين وقد نعاها أيضا حلمي النمنم وزير الثقافة حينذاك قائلا إن الكاتبة الراحلة لها مشوار طويل حافل من العطاء في الأدب والنقد وأن مصر تذكر لها وقفتها في مشروع هضبة الهرم فضلا عن مواقفها الوطنية في الكثير من القضايا كما أن الراحلة كانت متعددة الإهتمامات حيث كتبت عن أم كلثوم والعقاد بالإضافة إلى كتاباتها الأدبية والوطنية والسياسية وفضلا عن ذلك فقد نعاها أيضا إتحاد كتاب مصر برئاسة الدكتور علاء عبد الهادى قائلا إن الإتحاد خسر كثيرا برحيل الأديبة الكبيرة عضوا مهما من أعضائه الوطنيين البارزين ممن عبروا فى مواقفهم عن أرقى سمات الضمير الثقافى الوطنى وخصائصه وأنها كانت تمثل مكانة رفيعة فى خارطة الحياة الثقافية المصرية بوقوفها فى وجه من أرادوا التفريط فى مقدرات مصر الحضارية والوطنية وأن الراحلة ستظل بما تركته من تراث فكرى بارز ومن مواقف وطنية مشرفة مثلا يحتذى به لكل مثقف وكاتب وأديب يحب هذا الوطن وحقا فقد كانت هذه المناضلة القوية والمحاربة الباسلة رغم سنوات العمر الممتلئة بالمعارك تحيا حتي آخر لحظة في حياتها بصمود في وجه هجمات المرض التي تهاجمها بين الحين والآخر فتسلبها القدرة على الحديث أو النقاش ولكنها كانت تظل في البداية والنهاية نعمات أحمد فؤاد عروس النيل التي تري التراخي في علاج قضايا قومية كالتعليم أو الثقافة فتحزن في صمت بعد أن فقدت القدرة على خوض معارك جديدة . وكان أيضا من أبرز سكان شارع العزيز عثمان المفكر الأدبي والباحث الأكاديمي الفلسطيني الحاصل علي الجنسية الأميريكية إدوارد وديع سعيد والذى ولد بمدينة القدس في يوم 1 نوفمبر عام 1935م ودرس في مدرسة القديس جورج الأنجليكانية بالقدس ثم في كلية فيكتوريا في مصر لكن تم طرده منها عام 1951م لسوء السلوك ودرس بعدها في نورثفيلد ماونت هيرمون في ولاية ماستشوستس بالولايات المتحدة حيث تفوق أكاديميا ثم إلتحق بجامعة برينستون وحصل على شهادة البكالوريوس في الفنون عام 1957م وماجستير بالفنون عام 1960م وإلتحق بمنصب تعليمي في جامعة كولومبيا وإنضم إلى قسم اللغة الإنجليزية وقسم الأدب المقارن في عام 1963م وفي العام التالي 1964م حصل على شهادة الدكتوراة في الفلسفة في الأدب الإنجليزي من جامعة هارفارد وهو يعد أحد أهم المثقفين الفلسطينيين والعرب في القرن العشرين الماضي سواءا من حيث عمق تأثيره أو من حيث تنوع نشاطاته بل ثمة من يعتبره واحدا من أهم عشرة مفكرين تأثيرا في القرن العشرين وكان يعمل أستاذا جامعيا للنقد الأدبي والأدب المقارن في جامعة كولومبيا في نيويورك ومن الشخصيات المؤسسة لدراسات ما بعد المرحلة الإستعمارية ومدافعا عن حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني وقد وصفه الصحفي البريطاني الشهير روبرت فيسك بأنه أكثر صوت فعال في الدفاع عن القضية الفلسطينية وكان إدوارد سعيد من الشخصيات المؤثرة في النقد الحضاري والأدب وقد نال شهرة واسعة خصوصا بكتابه الإستشراق المنشور عام 1978م وفيه قدم أفكاره الواسعة التأثير عن دراسات الإستشراق الغربية المختصة بدراسة الشرق والشرقيين وقد قامت أفكاره على تبيان وتأكيد إرتباط الدراسات الإستشراقية الوثيق بالمجتمعات الإمبريالية معتبرا إياها منتجا لتلك المجتمعات مما جعل للإستشراق أبعاد وأهداف سياسيةً في صميمه وخاضعا للسلطة ولذلك شكك بأدبياته ونتائجه وقد أسس أطروحاته تلك من خلال معرفته الضليعة بالأدب الإستعماري ولاسيما أعمال رواده مثل ميشيل فوكو وجاك دريدا وقد أثبت كتابه الإستشراق ومؤلفاته اللاحقة تأثيرها في الأدب والنقد الأدبي فضلا عن تأثيرها في العلوم الإنسانية وقد أثر في دراسة الشرق الأوسط وعلى وجه الخصوص في تحول طرق وصفه وصفاته وقد جادل إدوارد سعيد حول نظريته في الإستشراق مع مختصين في التاريخ وبفعل كون دراساته شكلت منعطفا في تاريخ الإستشراق فقد إختلف العديد معه ولاسيما المستشرقون التقليديون أمثال البريطانيين برنارد لويس ومونتجمري واط .

عرف إدوارد سعيد كمفكر عام حيث ضمت مجالات إهتمامه بشكل دائم شؤونا ثقافية وسياسية وفنية وأدبية في المحاضرات والصحف والمجلات والكتب ونادى من واقع دراساته النظرية وأيضا تجربته الشخصية كمقدسي ترعرع في فلسطين وقت إنشاء دولة إسرائيل بضرورة إنشاء دولة فلسطين فضلا عن حق العودة الفلسطيني وطالب بزيادة الضغط على إسرائيل خاصةً من قبل الولايات المتحدة كما أنه إنتقد العديد من الأنظمة العربية والإسلامية بسبب مواقفها تجاه القضية الفلسطينية وقد حازت مذكراته خارج المكان المؤلفة عام 1999م على العديد من الجوائز مثل جائزة نيويورك لفئة غير الروايات كما حاز عام 2000م على جائزة كتب أنيسفيلد ولف لفئة غير الروايات وغيرها وفضلا عن ذلك كان إدوارد سعيد عضوا مستقلا في المجلس الوطني الفلسطيني في الفترة ما بين عام 1977م وعام 1993م وإستقال منه إحتجاجا على إتفاقية أوسلو التي وقعت بين القيادة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية في العام المذكور كما كان عازف بيانو بارع وقام مع صديقه دانييل بارينبويم بتأسيس أوركسترا الديوان الغربي الشرقي عام 1999م وهي مكونة من أطفال فلسطينيين وإسرائيليين وعرب من دول الجوار وبالمشاركةً مع بارينبويم أيضا نشر في عام 2002م كتابا عن محادثاتهم الموسيقية المبكرة بعنوان المتشابهات والمتناقضات إستكشافات في الموسيقي والمجتمع وقد بقي الدكتور إدوارد سعيد نشطا في مجالات إهتمامه حتى آخر حياته وتوفي بعد نحو عشرة أعوامٍ من الصراع مع مرض اللوكيميا أو سرطان الدم في عام 2003م .
 
 
الصور :