الخميس, 18 أبريل 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

شارع الشيخ بخيت

شارع الشيخ بخيت
عدد : 05-2022
بقلم المهندس/ طارق بدراوي
موسوعة" كنوز أم الدنيا"


شارع الشيخ بخيت هو أحد شوارع منطقة بحرى بحي الجمرك بمدينة الإسكندرية العاصمة الثانية لمصر وهو يقع قرب ميدان المساجد الشهير الذى يضم مسجد العارف بالله الصوفي أبي العباس المرسي ومسجد الأباصيرى والشيخ ياقوت العرش والذى أمر الملك فؤاد الأول في منتصف الثلاثينيات من القرن العشرين الماضي بتأسيسه وكلف المهندس المعمارى الإيطالي الأصل المتخصص في العمارة الإسلامية ماريو روسي الذى كان قد إستقدمه من إيطاليا للإشراف علي بناء المساجد الجديدة وصيانة المساجد الأثرية والقديمة التابعة لوزارة الأوقاف بوضع التخطيط والتصميم المناسب له إلا أن ظروف وفاة الملك فؤاد الأول في عام 1936م ثم قيام الحرب العالمية الثانية عام 1939م وتعرض مدينة الإسكندرية خلال عام 1941م وعام 1942م لغارات جوية من جانب قوات المحور أخر الإنتهاء من هذا المشروع حتي عام 1943م وقام بإفتتاحه في العام المذكور الملك فاروق ويمتد شارع الشيخ بخيت من طريق الجيش المعروف بإسم الكورنيش ويمتد جنوبا متقاطعا مع شارع الزعيم محمد كريم ثم يكمل مساره حتي ينتهي بتقاطعه مع شارع الأباصيرى وينسب هذا الشارع إلي الفقيه المفسر الأصولي المنطقي الفيلسوف المحقق المدقق الشيخ محمد بخيت حسين المطيعي والذى ولد ببلدة المطيعة التابعة لمركز ومحافظة أسيوط في يوم 10 محرم عام 1271هجرية الموافق يوم 2 أكتوبر عام 1854م وعندما بلغ سن 4 سنوات إلتحق بكتاب بلدته وهناك تعلم القراءة والكتابة ومبادئ الحساب وحفظ القرآن الكريم كله وجوده والحديث الشريف ثم إلتحق بالأزهر الشريف في عام 1282هجرية الموافق عام 1865م وكان حنفي المذهب ثم إتجه إلى دراسة المذهب المالكي ولعل الذي دفعه إلى دراسة المذهب المالكي أنه ربما سمع من شيخ الكتاب أو إمام المسجد في بلدته أو غيرهما من الذين لهم بعض الدراية بالفقه طرفا من حياة الإمام مالك أو تلاميذه وأهم ما أُلف في المذهب من المتون والشروح فلا غرو أن أقبل فور دخول الأزهر الشريف على دراسة مذهب إمام دار الهجرة وإمام مدرسة الحديث ومن ثم حفظ مختصر خليل وهو ممن إعتمد عليه المتأخرون من فقهاء المالكية في شرح المذهب .

وفي الأزهر الشريف تتلمذ شيخنا الجليل على يد كبار الشيوخ والأئمة في الأزهر وخارجه وكان منهم الشيخ محمد عليش والشيخ عبد الرحمن الشربيني والشيخ أحمد الرفاعي والشيخ عبد الرحمن البحراوي والشيخ حسن الطويل والشيخ محمد البهوتي والسيد جمال الدين الأفغاني وغيرهم وكذلك إلتقى ببديع الزمان سعيد النورسي وإجتهد في طلب العلم وكان ذا فكرة وقادة وذهن ثاقب وحفظ جيد فبرع في العلوم العقلية والنقلية وتقدم على أقرانه وفي عام 1294 هجرية الموافق عام 1877م وفي عهد الخديوى إسماعيل حصل على شهادة العَالِمية من الدرجة الأولى وأنعم عليه بكسوة التشريفة من الدرجة الثالثة مكافأة له على نبوغه وفضله وهي كسوة كان خديوى مصر يمنحها للأجلاء من العلماء كتقدير رسمي من الدولة لهم وإشتهر ذكره وذاع صيتهِ وقد وصف بأن فضيلته كان نابغة عصره وإمام دهره ووصف بأنه كان حلال المشكلات ورجل المعضلات وكان بارزا ومتميزا في علم الأصول وإستنباط الأحكام الشرعية وكان شديد التمسك بالحق ينسى مصالحه الخاصة في سبيل نصرة الحق ووقع عليه الإقبال من الناس وبعد حصوله علي شهادة العالمية عمل بتدريس علوم الفقه والتوحيد والمنطق في عام 1295هجرية الموافق عام 1878م ثم عين قاضيا للقليوبية في عام 1297هجرية الموافق عام1880م ثم إنتقل بعد ذلك ليعمل في سلك القضاء الشرعي حيث عمل قاضيا للمنيا عام 1298هجرية الموافق عام 1881م ثم إنتقل إلى قضاء بورسعيد عام 1300 هجرية الموافق عام 1883م ثم إنتقل إلى قضاء السويس عام 1302 هجرية الموافق عام 1885م ثم الفيوم عام 1304 هجرية الموافق عام 1887م ثم أسيوط عام 1309هجرية الموافق عام 1889م وإستمر يترقي في سلك القضاء إلى أن عين مفتشا شرعيا بنظارة الحقانية أي العدل في عام 1310هجرية الموافق عام 1892م وفي عام 1311هجرية الموافق عام 1893م عين قاضيا للإسكندرية ورئيسا لمجلسها الشرعي وفي عام 1315 هجرية الموافق عام 1897م عين عضو أول بمحكمة مصر الشرعية ثم رئيسا للمجلس العلمي بها وفي هذه الأثناء ناب عن قاضي مصر الشيخ عبد الله جمال الدين ستة أشهر حال مرضه إلى أن عين في المنصب بدلا منه ثم تركه عام 1905م وعين رئيسا لمحكمة الإسكندرية الشرعية عام 1907م ثم نقل منها إلى إفتاء نظارة الحقانية في أوائل عام 1912م وأحيل عليه قضاء مصر مرة ثانية نيابة عن القاضي نسيب أفندى ثم أحيل عليه مع إفتاء الحقانية رئاسة التفتيش الشرعي بها .

ومع كل هذه التنقلات والمناصب المختلفة كان شيخنا الجليل مواظبا في نفس الوقت على التدريس حتى إنه لما كان موظفا في الإسكندرية وبينها وبين القاهرة أربع ساعات بالقطار كان يحضر كل يوم منها إلى القاهرة لإلقاء الدرس ثم يعود إليها مرة أخرى وبذلك كان لا ينقطع عن تدريس العلوم الشرعية النقلية والعقلية لطلبة العلم الشريف في أي مكان حلَ فيه وقد درس الكتب المطولة في علوم التفسير والحديث والفقه وأصول الفقه والتوحيد والفلسفة والمنطق وغيرها وكان شيخنا الجليل سهلا في التدريس ذا خلق حسن وكان واسع الصدر جدا يتحمل من الطلبة كثرة السؤال مع خروج بعضهم عن الموضوع وربما بقي الطالب يجادله ساعة حتى يذهب الدرس كله في الجدال والأخذ والرد وهو لا يتكدر ولا يتألم وفضلا عن ذلك فقد كان متواضعاً مع الطلبة ويمازحهم في الدرس وكان حلو النادرة مقبول الفكاهة ولا تمر به طرفة فيسكت عنها أًصلا حتى إشتهرت طرائفه بين الناس وكان أيا محبا للطلبة الغرباء من خارج مصر ميالا إليهم بحيث لم يكونوا يقبلون على غيره إذا لم يروا صدرا رحبا معهم سواه حتى كان آخر أيامه لا يعمر درسه إلا الأغراب من الأتراك والهنود والشوام والعراقيين والأكراد وغيرهم وكان يواسيهم ويمدهم بالمال ويساعدهم وكانوا يترددون على بيته فيجالسهم في مجلسه ويحسن إليهم وقد تخرج على فضيلته كثير من أفاضل العلماء الذين نفعوا الناس بعلمهم وقد وصلت طبقات من تخرج عليه من الطلبة إلى الطبقة الرابعة أو بعدها وممن تخرج عليه السيد عبد الله بن الصديق الغمارى والشيخ عبد الوهاب عبد اللطيف الأستاذ السابق بكلية الشريعة وغيرهم وفي يوم 9 من شهر صفر عام 1333هجرية الموافق يوم 26 ديسمبر عام 1914م عين مفتيا للديار المصرية وإستمر يشغل هذا المنصب حتى يوم 16 من شهر شوال عام 1338هجرية الموافق 2 من شهر يوليو عام 1920م حيث أحيل إلى المعاش وخلال شغله هذا المنصب الرفيع أصدر عدد 2028 فتوى وكان لخروجه علي المعاش قصة حيث كان قد شيد أحد الأغنياء مسجدا وأوقفه لله فإحتاجت الحكومة لموضع هذا المسجد فإستفتت مفتي الديار المصرية الشيخ بخيت المطيعي فقال لهم إذا وافقكم ربه فلا مانع فكلموا ذلك الغني فوافق فرجعوا إليه ليصدر فتواه وقالوا له إن ربه قد وافق فقال ومن ربه قالوا فلان الباشا قال ليس هو صاحبه الآن فإنه أوقفه لله وصار لله تعالى فهو ربه الذي قلت لكم إن وافقكم فإهدموه وكانت هذه الحادثة هي السبب في عزله من الإفتاء حيث كان رئيس الوزراء وقتئذ هو محمد توفيق نسيم باشا والذى قال فيه كلاما فبلغه فقال الشيخ نحن لا نعبأ بكلام العيال أو نحو هذا فبلغت مقولته رئيس الوزراء فقال سوف يعلم من العيال فإجتمع بمجلس الوزراء وأصدر قانونا يقضي بإحالة المفتي على المعاش إذا بلغ السن القانوني وكان منصب المفتي لا ينطبق عليه هذا القانون قبل ذلك فلما صادقت الحكومة على هذا القرار وكان هو قد جاوز سن الستين عزل وأحيل إلى المعاش وبعد خروجه علي المعاش أقام في بيته يفتي كما لو كان في دار الإفتاء ومما يذكر عن شيحنا الجليل أنه كان من أشد المعارضين لحركة الإصلاح التي قام بها الشيخ محمد عبده لكنه مع ذلك ظل يكن له التقدير والتبجيل .

وبعيدا عن المناصب الرسمية كان شيخنا الجليل من المشتغلين بالحركة الوطنية وعندما جاءت لجنة ملنر إلى مصر في أعقاب ثورة عام 1919م للبحث في أسباب قيام هذه الثورة وإقتراح الحلول اللازمة التي تضمن عدم تكرارها ونظرا لمكانة الرجل ذهب اللورد ملنر لزيارته في منزله كما أنه كان يكثر من مطالعة الكتب الأجنبية المترجمة وكتب المعاصرين ويقرأ من الصحف الأجنبية والمحلية كما كان يقتني الكتب بكثرة ويدفع فيها الأموال الطائلة حتى جمع مكتبة ضخمة وعلاوة علي ذلك فقد كان عضوا بلجنة الخمسين التي وضعت دستور عام 1923م وهو أول من إقترح إضافة المادة الخاصة بأن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع وخلاصة القول أن الشيخ محمد بخيت المطيعي كان يعد شيخ عصره وعرفته مصر أستاذا كبيرا وقاضيا لبقا فطنا يقضي بين الناس في مختلف ضروب النزاعات والخصومات فيكبره المحكوم عليه والمحكوم له كما أنه كان مفتيا تجرى بين الناس فتواه فيكون القول ما قال والرأي ما رأى وكان أعلم أهل جيله بدقائق الفقه الحنفي وأبسطهم لسانا في وجوه الخلاف بين أصحاب المذهب الشافعي وأصحاب المذهب الحنفي وجمع مكتبة كبيرة أهديت بعد وفاته للأزهر وخلال مسيرته لم يهمل التأليف بل أثرى المكتبة الإسلامية خلال المدة من عام 1900م وحتي عام 1927م بالمصنفات الرائقة الفائقة وذلك على الرغم من كثرة مشاغله في مناصبه المتعددة نذكر منها حاشية على شرح الدردير على الخريدة البهية وإرشاد الأمة إلى أحكام الحكم بين أهل الذمة وحسن البيان في إزالة بعض شبهات وردت على القرآن الكريم والقول الجامع في الطلاق البدعي والمتتابع وإزاحة الوهم وإزالة الإشتباه عن رسالتي الفونوغراف والسوكرتاه والكلمات الحسان في الحروف السبعة وجمع القرآن والقول المفيد على وسيلة العبيد في علم التوحيد والأجوبة المصرية عن الأسئلة التونسية أجاب فيها عن أسئلة وردت إليه من الشيخ محمد العروسي السهيلي الشريف المتطوع بالجامع الأعظم بتونس وإرشاد أهل الملة إلى إثبات الأهلة والبدر الساطع على جمع الجوامع في أصول الفقه وإرشاد العباد إلى الوقف على الأولاد والكلمات الطيبات في المأثور عن الإسراء والمعراج وإرشاد القارئ والسامع إلى أن الطلاق إذا لم يضف إلى المرأة غير واقع وأحسن الكلام فيما يتعلق بالسنة والبدعة من الأحكام والمخمسة الفردية في مدح خير البرية ومتناول سبيل الله في مصارف الزكاة والجواب الشافي في إباحة التصوير الفوتوغرافي والدراري البهية في جواز الصلاة على خير البرية ورفع الإغلاق عن مشروع الزواج والطلاق ومحاضرة في نظام الوقف والمرهفات اليمانية في عنق من قال ببطلان الوقف على الذرية وتطهير الفؤاد من دنس الإعتقاد وأخيرا فقد كانت وفاته في يوم 21 رجب عام 1354هـجرية الموافق يوم 18 أكتوبر عام 1935م عن عمر يناهز 81 عاما وذلك بعد حياة حافلة بالعلم والعمل .
 
 
الصور :