الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

شارع إبن هشام

شارع إبن هشام
عدد : 05-2022
بقلم المهندس/ طارق بدراوي
موسوعة" كنوز أم الدنيا"

شارع إبن هشام هو أحد شوارع ضاحية مصر الجديدة التي تعد من أرقي ضواحي القاهرة وهو يتفرع من شارع الحجاز أحد أهم وأطول شوارع الضاحية الراقية ويمتد موازيا لشارع كعب بن مالك ومتقاطعا مع شارع إبن ظافر وشارع الأحنف بن قيس وينتهي بنقطة تقاطعه مع شارع علي عبد الرازق وينسب هذا الشارع إلي أبو محمد عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري المعروف بإسم إبن هشام وهو كاتب سير ومؤرخ كما كان عالما بالأنساب واللغة وأخبار العرب وكان مولد إبن هشام في مدينة البصرة جنوبي العراق أثناء الخلافة العباسية وكانت بلاد العراق آنذاك قبلة العلماء وطلاب العلم ولم يذكر مصدر من المصادر التي أرخت لحياة إبن هشام تاريخ ميلاده ولكنهم ذكروا يوم وفاته وكان هذا حال كثير من العلماء قديما ممن لم تذكر المصادر تاريخ ميلادهم ولكنهم ذكروا تاريخ وفاته ومن ثم فيمكن إذا علم المرء عمره عند الوفاة ولو بالتقريب أن يرجح سنة ميلاده وكان إبن هشام كثير الترحال في طلب العلم وكانت أبرز محطّتين وقف فيهما إبن هشام هما مصر والبصرة إذ بعد البصرة سافر إبن هشام إلى مصر ومن هنا يحصره عدد من المؤرخين بين البصرة ومصر وهذا خطأ والصواب أنه قد تنقل في أكثر من مكان ولكن ربما لأنه قد أقام في مصر كثيرا فإنّهم يعتقدون ذلك الإعتقاد ولكن في عصر إبن هشام كان العلم يؤخذ بالسماع نقلا عن الشيوخ ولذلك كان لا غنى لطالب العلم عن السماع آنذاك وكذلك لا يعقل أن يكون إبن هشام قد إكتفى بمصر والبصرة وترك باقي حواضر العالم الإسلامي التي كانت تموج بالعلماء .

وعموما فقد كان إبن هشام عالما بالنحو وباللغة وبالأنساب وبأخبار العرب وكان من الأئمة باللغة العربية وكان يحفظ كثيرا من أشعار العرب حتى إنه حين إلتقى الإمام الشافعي في مصر تذاكرا كثيرا من الأشعار وهو الذي هذب سيرة إبن إسحاق والتهذيب يقال له اليوم التلخيص وفيما بعد جاء السهيلي وشرح السيرة النبوية التي هذبها إبن هشام وسمى السهيلي كتابه الروض الأُنف في شرح السيرة النبوية لإبن هشام وكما قلنا فقد كانت السيرة لإبن إسحاق بينما كان إبن هشام إنما كان مهذبا لها فنسبت لإبن هشام من باب نسبة التهذيب إليه لا التأليف وكتابه سيرة إبن هشام هو أشهر مؤلفاته على الإطلاق وباتت أكثر سير النبي ﷺ شيوعا بين المسلمين حتى يومنا هذا وهي تعتبر من المصادر التاريخية المهمة لا سيما أنه نحى خلال تصنيفها إلى تحري الدقة والموضوعية والإبتعاد عن ذكر الروايات والأشعار الغريبة التي ليس لها سند موثوق وقد طبعت هذه السيرة عدة طبعات في عصور مختلفة وما يزال يتم طباعتها حتي وقتنا الحاضر ومما يذكر أنه لما قدم إبن هشام مصر أصبح من أبرز علمائها ولما قدم الإمام الشافعي مصر كان إبن هشام آنذاك المرجع الأول فيها في العلوم العربية والشعر والأنساب حيث نقل النووي وغيره عن المزني تلميذ الشافعي إنه لما قدم علينا الشافعي وكان بمصر عبد الملك بن هشام صاحب المغازي وكان علامة أهل مصر بالعربية والشعر فقيل له فلتذهب إلي الشافعي فتثاقل ثم ذهب إليه فقال ما ظننت أن الله يخلق مثل الشافعي وقال الصفدي في ذلك قيل له لو أتيت الشافعي فأبى أن يأتيه ثم قيل له أخرى فأتاه فذاكره أنساب الرجال فقال له الشافعي بعد أن تذاكرا طويلا دع عنك أنساب الرجال فإنها لا تذهب عنا وعنك وخذ بنا في أنساب النساء فلما أخذا في ذلك بقي إبن هشام مبهوتا فكان إبن هشام يقول بعد ذلك ما ظننت أن الله خلق مثل هذا وكان يقول أيضا الشافعي حجة في اللغة .

وكتاب سيرة إبن هشام هو كتاب يجمع مغازي النبي ﷺ وسيرته التي جمعها قبلا إبن إسحاق وعندما فقد كتاب إبن إسحاق ولم يبقَ سوى الكتاب الذي قد هذبه إبن هشام صار الكتاب يعرف بإسم سيرة إبن هشام إلا أن إبن هشام ليس له من الكتاب سوى التهذيب وبعض الإضافات الأخرى ومما يذكر أن العرب في الجاهلية قبل ظهور الإسلام لم يكن معروفًا عندهم إشتغالهم بالتاريخ أو تسجيله كما هو الحال التي صار إليها المسلمون في صدر الإسلام ثم في العصور الإسلامية التي تلته فكان ما يعرفونه عن التاريخ هو مفاخر آبائهم وأجدادهم من الكرم والجود والوفاء وغير ذلك من مكارم الأخلاق التي كانوا يفخرون بها وأيامهم وأنسابهم وأحلافهم وكذلك ما جاء من أخبار عن البيت الحرام وسدنته وأيضًا ما جاء من أخبار عن بئر زمزم وإنبعاثها وكذلك أخبار قبائل جرهم وسد مأرب وتفرق القوم من بعده وغير ذلك من أخبارهم التي تبرز حياتهم الدينية والإجتماعية والسياسية في ذلك الوقت ثم جاء الإسلام فصار المسلمون يتناقلون حياة رسول الله ﷺ وبعثته وما سبق ذلك من إرهاصات سبقت نزول الوحي عليه ﷺ ذلك أنهم وجدوا فيها مادة غزيرة وكل هذا عن طريق الرواية فقط لا الكتابة ذلك أنه قد ورد عن رسول الله ﷺ حديث يقول فيه لا تكتبوا عني إلا القرآن فمَن كتَب عني شيئا فليمحه وكان ذلك خشية إختلاط الحديث بالقرآن الكريم ولكن هذا النهي كان مؤقتا كما يرى العلماء وهو في حياة النبي ﷺ ثم عندما جاء عصر الإمام المجدد الأول عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه إستخار ربه أربعين يوما كما يروى عنه في تدوين الحديث النبوي الشريف فسمح لأبي بكر بن محمد بن عمر بن حزم في ذلك وكان أبو بكر قاضيا قد ولي المدينة المنورة وكذلك أمَرَ أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه إبن شهاب الزهري أن يدون حديث رسول الله ﷺ ففعل وهكذا بدأت كتب الحديث تكتب شيئا فشيئا ثم صار كتاب الحديث يفردون أبوابا في كتبهم عن ذكر مولد النبي ﷺ وأخبار بعثته وغزواته وغير ذلك وكذلك قد جاء من يؤلف في التاريخ ويهتم بحياة النبي ﷺ ويؤرخ لها ومن هنا جاءت فكرة التأليف في السير والمغازي فيذكر المؤرخون أن أول من كتب في السيرة النبوية هو عروة بن الزبير بن العوام رضي الله عنهما وكذلك أبان بن عثمان بن عفان ووهب بن منبه وشرحبيل بن سعد وإبن شهاب الزهري وعبد الله بن أبي بكر بن حزم رضي الله عنهم أجمعين وهؤلاء جميعا قد بادت كتبهم وإختفت ثم جاءت بعدهم طبقة أخرى من المؤلفين كان بينهم موسى بن عقبة ومحمد بن إسحاق صاحب السيرة الأشهر التي هذبها إبن هشام فكانت سيرة إبن إسحاق أوثق هذه الكتب وأعلاها وأشهرها ثم بعد إبن إسحاق بنحو خمسين عاما جاء إبن هشام الذي هذب سيرة إبن إسحاق وقد سمع سيرة إبن هشام سيرة إبن إسحاق من أستاذه زياد البكائي فجاء إبن هشام بكتاب محمد بن إسحاق في السيرة النبوية فتناوله بالتحرير والإختصار والإضافة والنقد ومقارنة روايات إبن إسحاق بروايات علماء آخرين .

وكان إبن هشام ملتزما الأمانة والدقة والحرص على المجئ بعبارات إبن إسحاق كما هي وكل ما كان من إضافات من إبن هشام صدرها بقوله قال إبن هشام للتفريق بينها وبين النص الأصلي الذي هو لإبن إسحاق وقد أوضح إبن هشام في كتاب السيرة النبوية منهجه في سيرته في مقدمة الكتاب حين ذكر أنه سيبدأ الكتاب بالحديث عن نبي الله إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما السلام فهو إذن يترك ما جاء قبله من عهد آدم إلى عهد إسماعيل عليهما السلام على سبيل الإختصار ويوضح إبن هشام منهجه بالحذف بقوله تارك بعض ما ذكره إبن إسحاق في هذا الكتاب مما ليس لرسول الله ﷺ فيه ذكر ولا نزل فيه من القرآن الكريم شئ وليس سببا لشئ من هذا الكتاب ولا تفسير له ولا شاهد عليه وكذلك يقول إبن هشام إنه حذف أشعارا لم تثبت صحتها عند أهل العلم وأشياء كذلك بعضها يشنع الحديث به وبعض يسوء بعض الناس ذكره وبعض لم يقر لنا البكائي بروايته كما يقول إبن هشام فإذن كان لإبن هشام منهج واضح في الحذف وضحه في مقدمته لتهذيبه لسيرة إبن إسحاق وكذلك رصد العلماء لإبن هشام منهجا في تهذيبه لسيرة إبن إسحاق ومن ذلك الدقة والأمانة والحرص على الصدق في النقل عن البكائي ويدعم رواياته بالإعتماد على القرآن الكريم على أنه مصدر رئيسي إلي جانب إعتماده منهج الإستقصاء والتسلسل في العرض والترتيب وتحديد الأماكن والمواقع الجغرافية بدقة وهذا يدل على سعة علمه وإطلاعه والحرص على إستخدام النسب وتصدير الإضافات بما يفهم القارئ من خلاله أنّ هذه من إضافات إبن هشام فيقول في بداية كل كلام من إضافته كما ذكرنا في السطور السابقة قال إبن هشام وكان يستشهد بالشعر والقرآن الكريم وكان يعلق على ذلك بما يشعر القارئ بالمقدرة اللغوية الفائقة التي يمتلكها إبن هشام ومن ذلك مثلا تعليقه على بيت أبي طالب الذي يقول فيه وثور ومن أَرسى ثبيرا مكانه وراق ليرقي في حراء ونازل .

وكان أيضا من أشهر كتب إبن هشام كتاب التيجان في ملوك حمير وهذا الكتاب تم تأليفه مرتين الأولى حين رواه وهب بن المنبه والثانية حين جمعه إبن هشام ورتبه على النحو الذي بلغنا ويتألف من مقدمة وقسمين متفاوتين طولا أو تكثيفا ويفتتح الكتاب بالبسملة وطلب اليسر والعون من الله تعالى وهو ما من شأنه أن يضفي على القصة طابعا إسلاميا مما يؤكد أن الكتابة القصصية في هذا الكتاب لن تكون مرجعية موضوعية وذلك لتدخل الرواية الإسلامية وحينما نبحث في مصادر القصة في هذا الأثر نتبين في الفقرة الأولى الواردة في صدر الكتاب أن وهب بن المنبه رجع إلى كتب عديدة ومن المرجح أنها كانت متداولة في موطنه اليمن وفي أرجاء شبه الجزيرة العربية وغالب الظن أنَ وهبا إستقى أخبار قصة الخلق والتكوين من ثقافة رائجة تنفتح على تراث الشرق القديم ويبدأ وهب سلسلة قصصه بقصة الخلق ونشأة الإنسان ويمكن أن نختزلها في أن الخالق هو الله تعالى وأن الحالة قبل الخلق كان الماء يغم كل شئ فلا توجد أرض أو سماء أو بشر ثم جاءت عملية الخلق حيث إضطرب الماء ثم إهتاج ثم علا الزبد الماء وتم خلق البحر والحوت من ذلك الزبد وعقب ذلك تم خلق الجبال واليابسة وخلق السماء أيضا وقد خلقت من دخان ومن سموات سبع كما خلقت الشمس وخلق القمر وخلقت النجوم وخلقت الجنة وتم تعميرها بأجناس من الملائكة وخلقت النار بعد الجنة بألف عام ومن شرر النار خلق الله تعالى إبليس والجان ثم أسكنهم الجنة ثم طرد الجان بإستثناء إبليس إثر طغيان بعضهم على بعض ثم تم خلق آدم من طين وإمتناع إبليس عن السجود له وطرده من الجنة ثم خلق حواء ثم خروج أدم وحواء من الجنة بعد أن أكلا من الشجرة التي حذرهما الله من أن يقرباها بعد أن أغرى إبليس أدم فكان أن أخرج الله آدم وحواء من الجنة وأهبطهما إلي الأرض ثم يتعرض الكتاب للصراع بين البشر وإبليس وخلاف إبني آدم وقتل قابيل لهابيل ثم قصة نبي الله نوح عليه السلام وبناء السفينة التي حمل فيها من كل زوجين إثنين وعصيان إبنه له ثم الطوفان الذى أغرق الأرض وعموما فإن هذا الكتاب يجمع بين الوقائع التاريخية والوقائع والقصص الدينية والخرافة والأسطورة وفيه كثير من الإسرائيليات وبالذات فيما يتعلق بقصص الأنبياء منذ عهد آدم عليه السلام والقتال بين أبناء نبي الله نوح عليه السلام وفيه أيضا شئ عن تاريخ بلاد اليمن وملوكها الحميريين ويرى الكثيرون أنه ما من فائدة تاريخية ترجى منه وإنما يأتي الإهتمام به والحرص عليه من أنه كتاب فني يسجل ميلاد فجر القصة العربية وطريقة روايتها وأخيرا فقد كانت وفاة إبن هشام في مصر في عام 218 هجرية الموافق عام 834م .
 
 
الصور :