الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

شارع الجيش بالمنصورة

شارع الجيش بالمنصورة
عدد : 05-2022
بقلم المهندس/ طارق بدراوي
موسوعة" كنوز أم الدنيا"

شارع الجيش بالمنصورة يعد من أكبر وأوسع وأحدث شوارع مدينة المنصورة عروس الدلتا وعاصمة محافظة الدقهلية حيث يبلغ عرضه حاليا حوالي 70 متر وكان يعرف في الزمن الماضي وحتي بداية الستينيات من القرن العشرين الماضي بإسم شارع البحر الصغير حيث كانت تمر به آنذاك ترعة كانت تعد من أهم ترع مصر وهي ترعة المنصورية التي كانت تعرف بإسم ترعة البحر الصغير تمييزا لها عن نهر النيل الذى كان يسمي البحر الأعظم والتي كانت تخرج من نهر النيل عند موقع مبني محافظة الدقهلية حاليا والذى حاليا يعد بداية شارع الجيش وكان يخرج من هذه الترعة ترعة أخرى أصغر كانت تأخذ مسار شارع قناة السويس حاليا ومدينة المنصورة مدينة مصرية قديمة وعريقة وهي تطل على الضفة الشرقية لفرع دمياط بنهر النيل وتواجه مدينة طلخا أحد مراكز محافظة الدقهلية أيضا والتي لها إدارة مستقلة عن مدينة المنصورة ويربط بينهما كوبرى المنصورة طلخا المعدني القديم والمخصص للمشاة وللسيارات غير كوبرى المنصورة طلخا المعدني للسكك الحديدية والذى يربط محافظات منطقة إقليم وسط الدلتا بمحافظات إقليم شرق الدلتا حيث يربط ما بين محافظات الغربية وكفر الشيخ والمنوفية والقليوبية ومن وراءهما محافظات إقليم غرب الدلتا البحيرة والإسكندرية ومطروح وبين محافظات الدقهلية والشرقية ودمياط ومن وراءهما محافظات إقليم القناة الثلاثة بور سعيد والإسماعيلية والسويس ومحافظتي شمال وجنوب سيناء وتبعد مدينة المنصورة مسافة حوالي 120 كيلو متر عن مدينة القاهرة عاصمة مصر في الإتجاه الشمالي الشرقي منها ويربط بينها وبين مدينة القاهرة الطريق الزراعي القاهرة / قليوب / بنها / ميت غمر / أجا / المنصورة وأيضا الطريق الزراعي القاهرة / بنها / قويسنا / بركة السبع / طنطا / المحلة الكبرى / المنصورة .

وكان تأسيس مدينة المنصورة في عهد الملك الكامل محمد بن الملك العادل من ملوك الدولة الأيوبية عام 616 هجرية الموافق عام 1219م وكان يطلق عليها إسم جزيرة الورد لأنها كانت محاطة بالمياه من ثلاث جهات وكانت بها أكبر حدائق ورد في مصر وقد سميت بالمنصورة بعد النصر الكبير الذي حققه الشعب المصري على الحملة الصليبية السابعة بقيادة الملك لويس التاسع الفرنسي والتي إنتهت بأسره هو وقواده وسجنه في دار القاضي إبن لقمان بمدينة المنصورة حتي إفتدى نفسه وقواده بالمال مع الإنسحاب بقواته والعودة إلي بلاده وقد ظهرت أول خريطة لمدينة المنصورة في نهاية القرن التاسع عشر الميلادى في عهد الخديوى توفيق عام 1887م بمقياس رسم 1 : 2000 ويتضح منها أن العمران كان مقصورا على الرقعة المحصورة ما بين نهر النيل شمالا والمدافن القديمة مكان الساحة الشعبية حاليا وقد ذكرها المؤرخ الكبير تقي الدين المقريزى في مخطوطاته فقال إن هذه البلد على رأس بحر أشموم والذى سمي فيما بعد البحر الصغير وبناها الملك الكامل ناصر الدين محمد بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب في عام 616 هجرية عندما نزل الفرنجة الصليبيون مدينة دمياط وإحتلوها فنزل في موضع هذه البلدة وخيم به وبنى قصرا لسكناه وأمر من معه من الأمراء والعساكر بالبناء فبنيت هناك عدة دور ونصبت الأسواق وأدار عليها سورا مما يلي البحر يقصد فرع النيل الشرقي وستره بالآلات الحربية والستائر ولم يزل بها حتى دحر الفرنجة الصليبيين وإسترجع مدينة دمياط ثم صارت المنصورة مدينة كبيرة بها المساجد والقصور والحمامات والأسواق وجدير بالذكر أن الحملة الصليبية التي يشير إليها مؤرخنا الكبير تقي الدين المقريزى في مخطوطاته هي الحملة الصليبية الخامسة التي قادها حاكم عكا الصليبي جان دى برين والتي إنتهت بهزيمته وطلبه الصلح وإنسحابه إلي عكا مرة أخرى بعدما تكبد خسائر فادحة وكبيرة في أفراد جيشه وعدته وعتاده .

وتعود حكاية تأسيس شارع الجيش بمدينة المنصورة إلي فترة أواخر حقبة الخمسينيات من القرن العشرين الماضي وفي هذه الفترة كانت ترعة البحر الصغير والترعة المتفرعة منها تتسببان في إعاقة توسعة مدينة المنصورة وكانتا تفصلان مناطق تورييل وكفر البداماص وجديلة عن باقي أحياء المدينة القديمة وكان يوجد علي ترعة البحر الصغير هويس لتنظيم دخول وخروج المراكب القادمة من نهر النيل أو المتجهة إليه وكان عليه كوبرى يفتح ويغلق لزوم مرور أهل المنصورة من سكان تورييل وكفر البداماص وجديلة منه إلي باقي مناطق المدينة أو العكس وأطلق الأهالي علي هذا الكوبرى إسم كوبرى حمودة نسبة إلي عمدة كفر البداماص كما كان يوجد كوبرى آخر علي البحر الصغير أطلق عليه الأهالي إسم الكوبرى الأخضر وفي عام 1958م وفي عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر تم إعتماد خطة طموحة لتطوير مدينة المنصورة أطلق عليها الخطة 1958م / 2000م والتي بموجبها تم تحويل مجرى ترعة البحر الصغير خارج المنصورة وردم الجزء منها الموجود داخل المدينة ونتج عن ذلك ظهور شارع الجيش إلي الوجود مكان البحر الصغير والذى أصبح أوسع شوارع المدينة ومدخلها للقادم من العاصمة القاهرة مرورا بمدن كفر شكر وميت غمر وأجا ثم المنصورة وللقادم أيضا من طريق الزقازيق مرورا بمدينة السنبلاوين ثم المنصورة كما ظهر إلي الوجود أيضا شارع قناة السويس مكان الترعة الصغيرة التي كانت تتفرع من البحر الصغير والذى أصبح أيضا من أوسع شوارع المدينة وقد إستغرقت هذه العمليات عدة سنوات وتم بناء مبني محافظة الدقهلية علي رأس شارع الجيش وتم إنشاء حديقة واسعة أمامه لتزيين الشارع الجديد وميدان تم في مرحلة لاحقة وضع تمثال لسيدة الغناء العربي كوكب الشرق أم كلثوم إبنة قرية طماى الزهايرة التابعة لمركز السنبلاوين أحد مراكز محافظة الدقهلية في وسطه .

ومن الناحية التاريخية كان قد تم تأسيس الكثير من شون القطن علي ضفاف ترعة البحر الصغير قبل ردمها كانت ملكا للعديد من البنوك الأجنبية التي كان لها فروع بمدينة المنصورة ولبعض أعيان المدينة ولذلك فقد كان للمدينة شهرة واسعة ومكانة كبيرة في مجال تجارة القطن ومن ثم أصبحت مدينة تجارية كبرى وكان أيضا من المعالم الشهبرة التي كانت تطل علي ترعة البحر الصغير القصر الفخم الذى كان ملكا لإبراهيم بك الشناوى أحد أعيان المنصورة ومكانه حاليا عند تقاطع شارعي الجيش وقناة السويس والذى تم بناؤه عام 1928م وكان يتم الوصول إليه بواسطة معدية خاصة بالقصر وجمع في تصميم واجهاته بين طرازى النيو باروك والروكوكو وكانت المساحة الكلية لأرض القصر 5 آلاف متر مربع وكانت تحيط بالقصر حديقة واسعة ويتميز هذا القصر بوجود برجين علي سطحه يقعان علي طرفي واجهته الأمامية وبصالاته التي تزينها أعمدة رخامية وبأسقفه الداخلية المزخرفة بزخارف نباتية رائعة الجمال وبسلالمه الخشبية المتقنة الصنع وبعد ثورة يوليو عام 1952م آلت ملكية القصر إلى الدولة وفي البداية إتخذته محافظة الدقهلية مقرا لها وفي عام 1960م ألقي الرئيس الراحل جمال عبد الناصر أثناء زيارته للمنصورة خطابا من شرفته أمام الجماهير المحتشدة حول القصر وبعد إنتهاء بناء مبني المحافظة الحالي أصبح مقرا لمديرية أمن الدقهلية فى فترة الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين الماضي ثم اصبح حاليا مقرا لمساعد وزير الداخلية لمنطقة شرق الدلتا ومباحث مكافحة المخدرات والتموين ومما يذكر أن هذا القصر مسجل كأثر اسلامي لدى وزارة الآثار كما أنه شهد في عام 2012م وعام 2013م عددا من محاولات الحرق وإلقاء الطوب علي نوافذه خلال عدد من المواجهات الإحتجاجية التي إندلعت في تلك الفترة بالإضافة إلي إحباط محاولة من جانب خلية إرهابية حاولت تفجيره بعد حادث تفجير مبني مديرية الأمن الجديدة في شهر ديسمبر من عام 2013م وما زال القصر حتي الآن محافظا علي رونقه حيث حرصت وزارة الداخلية علي ذلك وعلي عدم تغيير معالمه وعمل الإصلاحات والترميمات اللازمة له إذا إستدعت الضرورة ذلك .

ومن المعالم الحديثة التي تم بناؤها في شارع الجيش جامع النصر الكبير وهو أكبر وأهم مسجد بمدينة المنصورة ويتميز بجمال شكله المعماري وقد بدأ إنشاؤه في عام 1964م في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر علي مساحة تزيد على 4 آلاف متر مربع و يأتي موقعه المتميز في وسط شارع الجيش وتحيطه من كافة الإتجاهات حدائق مزهرة وأشجار ونخيل تزيد من جمال الموقع علاوة علي أن إنشاءه كتحفة معمارية نادرة وتميزه بالخطوط الفنية الفريدة جعل منه صورة وعنوان لإستقبال الزائرين قبل وصولهم الي ديوان مبني محافظة الدقهلية مرورا بالنصب التذكاري لشهداء أكتوبر العظيم وميدان أم كلثوم سيدة الغناء العربي ولا تفصله بينهما سوي أمتار قليلة وقد تم إفتتاح هذا المسجد في عام 1974م بعد إنتصارات حرب أكتوبر عام 1973م في عهد الرئيس الراحل أنور السادات وليطلق عليه جامع النصر وقد شهد هذا المسجد الكبير الكثير من الإحتفالات وإستقبال الرؤساء علي مدار هذه الحقبة من الزمن وكان شاهدا علي العصر لشهداء حرب أكتوبر وشهداء الشرطة والذين شيعت جنازاتهم العسكرية من هذا المسجد الشهير وعلاوة علي ذلك كان الجامع شاهدا علي ثورة 25 يناير عام 2011م والتي إنطلقت من أمامه المظاهرات وشيعت منه جنازات شهداء الثورة علاوة علي أنه كان دائما منبر الخطباء ومنارة للشعب الدقهلاوي ورواد مصر الإسلاميين والذين كان من بينهم إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي وشيخ الجامع الأزهر الأسبق جاد الحق علي جاد الحق وهما من أبناء الدقهلية وأيضا الكثير من أئمة مصر وقد أجريت له أعمال الصيانة عدة مرات كان أخرها في عام 2007م وكانت أفضل عملية صيانة أجريت له منذ إنشائه حيث أبرزت الكثير من معالمه الفنية والمعمارية والتي تجذب الناظرين ولا يعيب هذا الصرح الكبير إلا أن دورة المياه الوحيدة الخاصة به تقع خارج المسجد علي مسافة تتعدي 100 متر منه وهي تخص دار الضيافة والمناسبات الخاصة بمحافظة الدقهلية وقد أكد مسئولو المسجد علي أنهم قدموا العديد من المذكرات للحصول علي موافقة إنشاء دورة مياه ملحقة بالجامع ولم تتم حتى يومنا هذا حيث أشار أحد رواد المسجد بأن هناك العديد من المرضي وكبار السن يحتاجون لدورة مياه قريبة تساعدهم في قضاء حوائجهم دون عناء .

ويضم شارع الجيش بمدينة المنصورة أيضا العديد من المنشآت الهامة منها مقر بنك الإئتمان الزراعي والذى أعيد بناؤه حديثا ومقار العديد من البنوك الأخرى العاملة في مصر ومقر مديرية تموين الدقهلية ومديرية زراعة الدقهلية ووحدة إطفاء مركزية كما يضم العديد من الإدارات التابعة لوزارة العدل ووزارة الداخلية ومعهد المنصورة الأزهرى وبإمتداده يوجد سجن المنصورة المركزى ومستشفي التأمين الصحي وإستاد المنصورة الرياضي والعديد من الإدارات الحكومية الأخرى التابعة لعدة وزارات وفي الحقيقة يعتبر شارع الجيش بمدينة المنصورة من أبرز إنجازات خطة المنصورة 1958م / 2000م وكان وراء ذلك الإنجاز الوزير عبد اللطيف البغدادى وزير الشئون البلدية والقروية وأحمد عبده الشرباصي وزير الرى والموارد المائية وللمحافظين النشيطين اللواء إسماعيل فريد وعبد الفتاح علي أحمد ومما يذكر أيضا أنه كان يمر بشارع الجيش القطار الفرنساوى أو الديزل الفرنساوى أو قطار الضواحي والذى كان منه ما ينقل الركاب والحيوانات والبضائع والمحاصيل الزراعية وكانت توجد على جانبي شريط السكة الحديد الخاصة بالقطار الفرنساوى قوائم من الخشب تسمى خشب التليفونات تحمل أسلاكا بعدد خطوط التليفونات في ذلك الوقت وكذلك خطوط التلغراف وكانت تتم عملية المقابلة بين القطارات داخل المحطات حيث كان خط السكة الحديد الخاص بهذا القطار خط مفرد ويكون مزدوجا فقط في نطاق المحطات ومن ثم كان يتم إتصال تليفوني بين ناظر المحطة والمحطات المجاورة لتنسيق وتنظيم هذا الأمر وكان التليفون يعمل بالمنافلة وعند رفع السماعة وتدوير المنافلة يدويا يرن الجرس في كل تليفونات المحطات من المنصورة للمطرية ويردد الناظر إسم المحطة المراد الحديث معها ومن يسمع إسم محطته يرد ويتم التواصل والإتفاق علي كيفية التقابلات .

وظل القطار الفرنساوى يعمل لزمن طويل تحت إدارة فرنسية وإستمر يؤدى دوره منذ أن تم إنشاؤه في عام 1885م في عهد الخديوى توفيق إلى أن إنتشرت وتعددت المواصلات البرية الأخرى وإشتد التنافس في البداية بين هذا القطار وبين وسائل المواصلات الأخرى ولكن كانت الغلبة في النهاية لهذه الوسائل لسرعتها ومن ثم توقف عمل القطار الفرنساوى وقد حاولت الحكومة الفرنسية تشغيله وصيانته أكثر من مرة ليظل رمزا لها في مصر ولكن تلك المحاولات باءت بالفشل وفي النهاية تم إلغاؤه نهائيا في أول فترة التسعينيات من القرن العشرين الماضي أي بعد 105 عام من تشغيله وكانت المحطة الرئيسية لهذا القطار تقع في الطرف الجنوبي من محطة قطارات المنصورة بالقرب من عزبة عقل وكان يخرج منها إلي شارع فخر الدين خالد عبده ويمر بشارع الجيش ثم يمتد إلي شارع الدراسات فشارع قناة السويس فشارع الإمام بحي تورييل ثم يخرج من المنصورة بعد أن يعبر الجسر المعدني الذى يعلو ترعة البحر الصغير التي كان قد تم تعديل مسارها في أوائل الستينيات من القرن العشرين الماضي متجها إلي قرى شمال محافظة الدقهلية ومنها إلي مدينة المطرية التي تقع في أقصي شمال المحافظة علي بحيرة المنزلة كما كان هناك خط آخر يتجه إلي مدينة كفر صقر بمحافظة الشرقية وكانت قضبان هذا القطار صغيرة والمسافة بينها اصغر بكثير من القطارات المعروفة حاليا وبالتالي كان حجم عربات القطار صغيرا وكثيرا ما كان القطار يخرج عن القضبان وينزل الركاب لإعادته مرة أخرى علي القضبان وكان لميعاد الساعة الثانية عشر ظهرا للقطار الآتي من المنصورة أهمية خاصة حيث كانت به عربة تسمى عربة البضاعة بها أرفف ودواليب منظمة وكان لهذه العربة شخص يديرها ينتظره المحتاج لأي طلب من المنصورة من كل القرى التي يمر عليها القطار وذلك لإعطائه مثلا روشته طبيب أو تكليفه بشراء أي إحتياجات مثل الملابس أو قطع الغيار أو المجلات أو تكليفه بالحجز عند أحد الأطباء في مدينة المنصورة وكان هذا الشخص يقوم بتسجيل إسم الطالب وطلبه في نوتة وذلك ليقوم بإنجاز الطلبات التي تم تكليفه بها لتسليمها في اليوم التالي نظير مبلغ بسيط مقابل أداء الخدمة .
 
 
الصور :