بقلم المهندس/ طارق بدراوي
موسوعة" كنوز أم الدنيا"
شارع فيكتور عمانويل هو أحد الشوارع الهامة بحي سموحة أحد وأهم وأرقي أحياء مدينة الإسكندرية العاصمة الثانية لمصر والتي تأسست عام 331 ق.م علي يد الإسكندر الأكبر المقدوني عندما كلف مهندسه الإغريقي دينوقراطيس بتخطيط الموقع الذى يقع بين البحر المتوسط شمالا وبحيرة مريوط جنوبا والذى كانت تشغله قرية صغيرة للصيادين تسمي راقودة أو راكوتيس باليونانية حيث أدرك أن هذا الموقع يصلح لتشييد حاضرة عظيمة تكون عاصمة لمصر ويعتبر حي سموحة حاليا من أكثر مناطق الإسكندرية جذبا للسكان بالرغم من أنه لا يطل على البحر المتوسط إلا أنه نظرا لما يتمتع به الحي من تنظيم جيد للشوارع حيث الطرق واسعة إلي جانب تواجد العمارات السكنية الحديثة به والحدائق الواسعة بين العمارات السكنية وتوافر الخدمات التي تتمثل في المراكز التجارية المتكاملة والعديد من المدارس والكليات والمعاهد والمستشفيات والمراكز الطبية المتخصصة بالإضافة إلى موقعه المتميز وهذا كله جعل سكانه غير راغبين في الخروج منه حيث كل إحتياجاتهم متوافرة ويتوسط هذا الحي مدينة الإسكندرية الحديثة ويقع في نفس الوقت على مدخل الإسكندرية الجنوبي حيث طريق القاهرة الإسكندرية الزراعي وحيث طريق المطار السريع ناهيك عن أنه يطل على محطة قطار سيدي جابر إحدى المحطتين الرئيسيتين بالإسكندرية إلي جانب قربه الشديد من مطار النزهة الدولي وكذلك حدائق النزهة وحدائق أنطونيادس وبالإضافة إلي ذلك فهو الحي الوحيد في مدينة الإسكندرية الذى يشمل عدد 6 ميادين وهي ميادين فيكتور عمانويل وعلي بن أبي طالب والإبراهيمية وكليوباترا والمعهد الديني والعيون وهذه المميزات المتعددة أدت إلى إزدهار الأعمال التجارية به حتى أصبح لكافة البنوك التي تعمل في مصر أفرع هناك كما أنه يحيط به عدد كبير من الأحياء وهي من الغرب حي الحضرة وحي النزهة ومن الشمال حي الإبراهيمية وحي سبورتنج وحي كليوباترا وحي سيدي جابر وحي مصطفى كامل وحي رشدي ومن الشرق حي الظاهرية وحي الصالحية ومن الجنوب طريق المطار ومطار النزهة الدولي وطريق القاهرة الإسكندرية الزراعي وكان هذا الحي أحد الأحياء الني إمتدت إليها مدينة الإسكندرية في عهد البطالمة خلفاء الإسكندر الأكبر بعد أن زاد تعداد سكانها وكانت تقع ضمن ضاحية إيلوزيس أو جنات النعيم بمدينة الإسكندرية وتعود تسمية الحي بهذا الإسم إلي أنه في عام 1924م تم تجفيف بحيرة الحضرة والتي كان إسمها أصلا ملاحة رجب باشا جد السفير المعروف حسن رجب وكان من قام بتجفيفها رجل الأعمال جوزيف سموحة وهو يهودي عراقي والذي كان قد وفد علي مصر ليتاجر في الأقمشة فتم إطلاق إسمه علي المنطقة التي بدأت تشهد تخطيطا عمرانيا حديثا ومتميزا منذ منتصف حقبة العشرينيات من القرن العشرين الماضي .
ويعد شارع فيكتور عمانويل أحد أهم واكبر شوارع مدينة الإسكندرية وحي سموحة وهو يبدأ من الميدان المعروف بنفس الإسم ويمتد حتي يتقاطع مع طريق أبو قير الذى يمتد من وسط المدينة ويسير عرضيا حتي منطقة فيكتوريا حيث يتغير إسمه إلي شارع الزعيم الراحل جمال عبد الناصر الذى يمتد حتي منطقة المنتزة شرقي المدينة وينسب هذا الشارع إلي آخر ملوك إيطاليا الملك فيكتور عمانويل الثالث والذي كان قد لجأ إلى مصر بعد خلعه عن عرش إيطاليا وأقام في الإسكندرية في فيلا يطلق عليها إسم آمبرون بنيت عام 1890م وعاشت فيها شخصيات مهمة مثل الكاتب لورانس داريل وكان قد بناها المهندس المعمارى ألدور أمبرون وعائلة زوجته الذين صمموا الميناء الشرقي في منطقة السلسلة وقد سمي الشارع والميدان الذى يبدأ منه بإسم الملك فيكتور عمانويل في عام 1933م بالتزامن مع موعد زيارته الملكية إلى المدينة بعد زيارة الملك فؤاد لأوروبا وكان ذلك قبل لجوئه إلى مصر وإستقراره فيها وذلك تكريما له بالتزامن مع زيارته لمصر ويرجع سبب إختيار الملك فيكتور عمانويل لمصر منفى له أنه كان صديقا وزميل دراسة بالمدرسة العسكرية للملك فؤاد الأول وتربيا سويا وكانت تجمعهما علاقة شخصية قوية جدا وكان الملك فيكتور عمانويل قد ولد في يوم 11 نوفمبر عام 1869م في مدينة نابولي وهو إبن الملك أومبرتو الأول وأبو الملك أومبرتو الثاني ونشأ في بيئة أسرية وترعرع على التربية العسكرية والعقيدة الصارمة وكان مربيه وأستاذه إيجيديو أوسيو يسمح له أن يأكل وجبات الطعام مع والديه مرتين فقط في الأسبوع ونضج على مر الزمن وكان يحب القراءة والدراسة في لحظات العزلة وكان معجبا بشكسبير ويتمتع بالتفكير والفضول وكان من بين أكثر الأماكن العزيزة عليه قلعة راكونيجي بولينزو التي إعتاد على التردد عليها أثناء إقامته في بيدمونت وإنخرط أيضا في الزراعة ودراسة التقنيات الخاصة بها ولذا فقد إنتقل إلى روما لتأسيس المعهد الدولي للزراعة وأجاد التحدث بأربع لغات وكان لا يحب الحفلات أو المسرح .
وقد تقلد فيكتور عمانويل عرش إيطاليا عام 1900م وحمل لقب ملك إيطاليا والمارشال الأول لإمبراطورية إيطاليا حتي عام 1946م كما حمل لقب ملك أثيوبيا بعد أن إحتلتها إيطاليا ما بين عام 1936م وعام 1943م ولقب ملك البانيا ما بين عام 1939م وعام 1943م وقد شهد طوال فترة حكمه الطويلة الحربين العالميتين الأولى والثانية إضافة إلى صعود وسقوط الفاشية حيث أنه بعد بداية الحرب العالمية الأولى عام 1914م دخلت إيطاليا هذه الحرب إلي جانب الحلفاء بقيادة بريطانيا وفرنسا وصربيا وبعد إنتهائها شهدت إيطاليا الكثير من التوترات والمشاكل حيث لم يكن العمل متوفرا للجنود العائدين من الحرب وتزايدت الأسعار بصورة مخيفة ولم يكن بإستطاعة الفقراء شراء إحتياحاتهم وقامت الكثير من الإضطرابات في المدن وتشكلت العصابات من الفقراء وحدثت إعتداءات علي بيوت الأغنياء وأحرق العديد منها وكان الجميع خائفا من شئ ما وإستشعر بينيتو موسوليني القيادى بالحزب الإشتراكي مزاج الشعب وحالته النفسية وغضب الجنود وكان أيضا غير راض عن حياة الفقراء وكان يريد تغيير ذلك وكان يؤمن بأن العنف هو السبيل الوحيد لتحقيق ذلك ومن هنا ظهرت الحركة الفاشية علي يد موسوليني والذي تحول من الإشتراكية إلى الفاشية والتي أصبحت حركة سياسية منظمة بعد إجتماع عقد في مدينة ميلانو في يوم 23 مارس عام 1919م وبعد فشله في الانتخابات التي أجريت في هذا العام 1919م تمكن من دخول البرلمان في عام 1921م وتزامن ذلك مع تشكيل الفاشيين فرق مسلحة من المحاربين القدامى سميت سكوادريستي لإرهاب الفوضويين والإشتراكيين والشيوعيين وفي عام 1922م زحف موسوليني بتظاهراته الكبرى التي شارك فيها نحو أربعين ألفا من أنصاره أصحاب القمصان السود الذين جاءوا من مختلف المدن الإيطالية ليحقق مسيرته الكبرى إلى روما المهترئة ولم يكن لهؤلاء الأنصار أي وجود غداة الحرب العالمية الأولى لكنهم خلال سنوات قليلة وصل تعدادهم إلى عشرات الألوف والذين حملوا هوية الحزب الذي شكله موسوليني وأصبحوا ينعمون بالإمتيازات في وسط أوضاع متردية سياسيا وإقتصاديا وقد هيأت هذه الظروف والأوضاع لموسوليني أن يجعل من حزبه بديلا لدولة لم تعد ذات وجود ومكنه ذلك أيضا من القيام بحملة ديماجوجية حرك من خلالها الغرائز المتطرفة لعدد كبير من العاطلين عن العمل من الجنود المسرحين ومن ذوي السوابق الإجرامية ومن فلول عصابات الإجرام المنظم المعروفة بإسم المافيا والكومورا وفايدا فجعل لهم أيديولوجية متعصبة إلى حد التطرف ليملأ الفراغ السياسي والأيديولوجي والروحي المتأزم بسبب عدم حصول إيطاليا على أية إمتيازات بعد الحرب العالمية الأولى والتي كانت قد وعدت بها من قبل دول الحلفاء بعد إنتهاء الحرب .
وكنتيجة لعدم التدخل الحاسم من جانب الحكومة من أجل حل هذه المشاكل والأزمات تفاقمت المشكلة وقام موسوليني مقابل دعم مجموعة من الصناعيين بالموافقة على إستخدام قواته في كسر الإضراب ووقف الإنتفاضات الثورية عندما فشلت الحكومات الليبرالية المتعاقبة التي ترأسها جيوفاني جوليتي وإيفانو بونومي ولويجي فاكتا في وقف إنتشار الفوضى وإستجاب الكثير له بطريقة سحرية في البداية وعاد العمال لمصانعهم والطلاب إلى مدارسهم وبدأ القائد موسوليني أو الدوتشي رحلة للسيطرة على السلطة بحيث أصبح في النهاية الحاكم الوحيد الذي لايخضع إلا للملك وبعد تنظيم الفاشيين لمظاهرات ومسيرات إحتجاجية توجه 14 ألف فاشي إلى روما بالقطارات والحافلات ونتيجةً للذعر الذي شعرت به الحكومة عرض على موسوليني منصب وزير في الحكومة فناشد رئيس الوزراء الملك فيكتور عمانويل الثالث ليعلن حالة الطوارئ وفرض الأحكام العرفية لكن الأخير رفض ودعا الملك موسوليني في يوم 31 أكتوبر عام 1922م لتأليف حكومة جديدة وكان عمره آنذاك 39 عاما وأصبح أصغر رئيس وزراء في تاريخ إيطاليا وسرعان ما تم تحويل الملك فيكتور عمانويل إلى ملك صورى أو أقل من قبل موسولينى لكن فى عام 1943م وبعد الإنتكاسات العسكرية الإيطالية الكارثية فى الحرب العالمية الثانية بعدما شاركت فيها إيطاليا ضمن دول المحور بقيادة المانيا النازية فبحلول عام 1942م كانت إيطاليا قد وصلت إلي حافة الهاوية حيث كان جيشها مهزوم وجائع ولديه نقص في العتاد والسلاح كما كان هناك نقص في المؤن داخل إيطاليا نفسها مما تسبب في غضبة شديدة من جانب الشعب الإيطالي ورأى أن موسوليني قد كذب عليه حتى وصل الأمر أن بلادهم قد إحتلت من قبل الجيوش البريطانية والأميركية وبذلك أصبح بينيتو موسوليني عدو الشعب الأول وأمر الملك بإعتقاله وقام بتنصيب المارشال بيترو بادوليو كرئيس للوزراء وعلي الرغم من ذلك فقد فشلت هذه الخطوة فى تخليص إيطاليا من الحرب أو إخراج الملك من وضعه الصعب وبسبب كل هذه الأحداث وفشل الملك في التعامل مع الفاشيين مما تسبب في تحول إيطاليا إلى دولة فاشية فبحجة محاولة إنقاذ النظام الملكي تنحى الملك لمصلحة إبنه الأمير أومبرتو الثاني في يوم 9 مايو عام 1946م لكن الشعب الإيطالي فوت عليه هذه الفرصة بإقتراعه إلى جانب إلغاء النظام الملكي إثر الإستفتاء الشعبي الذى أجرى في يوم 12 يونيو عام 1946م وجاء بنتيجة 54% لصالح تحويل إيطاليا إلى جمهورية وبذلك أصبح تاريخيا الملك فيكتور عمانويل الثالث آخر ملوك مملكة إيطاليا وأقام في مدينة الإسكندرية التي وصلها يوم 2 يونيو عام 1946م وتوفي فيها في يوم 28 ديسمبر عام 1947م ودفن بها خلف كاتدرائية سانت كاترين بالمدينة وفي يوم 18 ديسمبر عام 2017م تمت إعادة رفاته إلى إيطاليا بعد وفاته بسبعين عام ليدفن في ضريح خاص بالعائلة في مدينة فيكوفورتي بمقاطعة كونيو شمال غرب إيطاليا حيث دفن إلى جانب زوجته الملكة إلينا دل مونتينيجرو التي أُعيد جثمانها هي الأخرى من قبرها في مونبيليه بفرنسا حيث عاشت في المنفى هناك وجاء هذا النقل بعد موافقة الحكومة الإيطالية على إعادة جثامين أفراد العائلة المالكة الإيطالية التي منع دخول أعضائها إلى إيطاليا منذ إعلان النظام الجمهوري فيها .
ومن أهم معالم شارع فيكتور عمانويل نادي سموحة الرياضي الإجتماعي والذى أنشئ في عام 1949م في عهد الملك فاروق وهو يشارك في عدة رياضات فردية وجماعية كما أنه متواجد بالدوري المصري الممتاز لكرة اليد وكرة السلة والكرة الطائرة وكرة القدم ومما يذكر أنه على صعيد كرة القدم شارك الفريق في الدوري المصري الممتاز لأول مرة في موسم 2010م/2011م بعد صعوده إليه تحت قيادة المدير الفني مشير عثمان وذلك بعد الفوز على ضيفه أبو قير للأسمدة بنتيجة 7/1 قبل مرحلتين من نهاية الموسم وقام النادى حينذاك بتدعيم صفوفه بعدد من اللاعبين المتميزين وكان ذلك في عهد رئيسه المهندس محمد فرج عامر الذى ظل علي مدار 4 فترات متتالية أي لمدة 16 عام رئيسا للنادى من عام 2005م وحتي عام 2021م وفي موسم 2013م/2014م حقق إنجاز كبير إذ حقق وصافة الدوري الممتاز خلف النادي الأهلي كما وصل لنهائي كأس مصر في نفس العام 2014م حيث خسر في المباراة النهائية أمام نادى الزمالك بهدف نظيف كما شارك الفريق في البطولات الأفريقية مرة واحدة وكانت في دوري أبطال أفريقيا عام 2015م ووصل فيها إلى دور المجموعات وفي المواسم الخمسة الأخيرة ينافس النادى دائما علي الدخول في المربع الذهبي وفي موسم 2015م/2016م حقق المركز الثالث خلف النادى الأهلي ونادى الزمالك وفي موسم 2020م/2021م حقق المركز الرابع بعد نادى الزمالك والنادى الأهلي ونادى بيراميدز كما حقق المركز الخامس ثلاث مرات في موسم 2016م/2017م وموسم 2017م/2018م وموسم 2019م/2020م وعلاوة علي ذلك فقد تم إختيار بعض لاعبيه لتمثيل مصر ضمن منتخبها القومي في البطولات القارية وتصفيات أفريقيا لكأس العالم وأيضا حصل النادى علي قطعة أرض مساحتها 207 فدان بالحي الرابع بمدينة برج العرب الجديدة قرب الإسكندرية وتم تأسيس فرع جديد للنادى بها يضم مضمار للخيل وعدد 4 ملاعب كروكيه وملعبين كره قدم قانونين نجيل طبيعى وملعبين كره يد ترتان صناعى وعدد 3 ملاعب كره طائرة وعدد 3 ملاعب كره سلة وعدد 12 ملعب تنس ارضى وحمام سباحة ومبني إجتماعى رئيسى وحديقة أطفال مفتوحة ومسطحات خضراء وكافتريات وساحة لإنتظار السيارات تسع عدد 300 سيارة .
|