السبت , 7 ديسمبر 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

شارع جرانفيل

شارع جرانفيل
عدد : 06-2022
بقلم المهندس/ طارق بدراوي
موسوعة" كنوز أم الدنيا"


شارع جرانفيل أحد شوارع مدينة الإسكندرية وهو يقع خلف إستاد الإسكندرية بحي محرم بك أحد أحياء منطقة وسط الإسكندرية العاصمة الثانية لمصر وكان قبل ثورة عام 1952م يعتبر حى الطبقة الأرستقراطية حيث كانت تنتشر به القصور والفيلات كما أنه متاخم لمحطة السكة الحديد الرئيسية لمدينة الإسكندرية المسماة محطة مصر كما أنه يعد مدخل مدينة الإسكندرية من طريق القاهرة الإسكندرية الصحراوى وإلي جنوبه توجد بحيرة مريوط ومن ناحية الشرق يحده حي سموحة ومن الشمال يحده حي الشاطبي وحي الأزاريطة وعندما تطأ قدمك هذا الحي العريق بعد وصولك إلي نهاية طريق القاهرة الإسكندرية الصحراوى تصل لأنفك رائحة الخبز الطازج المختلطة برحيق الأسماك المشوية الممزوجان بأدخنة التبغ المنبعثة من مصنع الشركة الشرقية للدخان حاليا كوتاريللي اليوناني سابقا كما يصل إلي أذنيك ضجيج الترام الأصفر حيث أنت الآن تقف في وسط مدينة الإسكندرية في حي محرم بك الذي كان يوما ما أحد أهم الأحياء الأرستقراطية في المدينة ذات الطابع الكوزموبوليتاني والذى يمتاز بثرائه التاريخي وأعلامه من الفنانين والكتاب والشعراء وكان حتى وقت قريب أشبه بضاحية راقية تقبع على ضفاف ترعة المحمودية جنوبي مدينة الإسكندرية حيث نزحت إليه صفوة المجتمع من البارونات والأمراء والأثرياء بعد قصف الأسطول البريطاني لمدينة الإسكندرية عام 1882م وتحديدا للحي الأوروبي في منطقة المنشية ليصبح الحي مركزا لتجمع الجاليات الأجنبية التي خلقت لنفسها حياة إجتماعية متكاملة فيه وعلى الأخص الجاليات الإيطالية واليونانية والتركية واليهودية .

سمي الحي بإسم محرم بك زوج السيدة تفيدة هانم كريمة محمد علي باشا والي مصر والذى كان قائدا للأسطول البحري المصري حتى عام 1826م في عهد حميه وصهره محمد علي باشا وتخليدا لبطولاته سمي الحي بإسمه وأطلق إسمه أيضا على أطول وأوسع شوارع الحي وحتي الخمسينيات من القرن العشرين الماضي كان ركوب الترام المار بهذا الحي العريق يعد نزهة لطيفة راقية ومن عاصر تلك الفترة يتذكر كيف كان الكمساري يحصل التذكرة من ركاب الترام قائلا بإبتسامة لطيفة تذاكر يا هانم تذاكر يا بك وكيف كانت العائلات السكندرية التي كانت تسكن حي محرم بك تتباهى بإستضافتها أحد الفنانين أو الكتاب أما السير علي الأقدام والتجول في أنحاء وربوع الحي فقد كان متعة جميلة رائعة لامثيل لها تطيب لها النفس حيث شوارعه المرصوفة ببلاطات البازلت الأسود اللامعة والمتميزة بالهدوء والتي تتنتشر على جوانبها أشجار الموز والأشجار المعمرة الوارفة والممتدة الظلال ولكن للأسف لم يعد هذا هو الحال الآن بعد أن تبدلت أحوال الحي إلي الأسوأ فقد أصبح الحي شعبيا تتقلص فيه الطبقة الوسطى تدريجيا حتي كادت أن تنقرض منه بعدما إنقرضت منه بالفعل وتلاشت الطبقة الأرستقراطية تماما وتهدمت معظم قصوره وفيلاته الأنيقة الفاخرة وإقتلعت أشجاره ووقفت مكانها كتل خرسانية ضخمة قبيحة المنظر وكذلك تغيرت طبيعة ساكنى الحي حيث أصبح النوبيون الآن نسبة كبيرة من سكان هذا الحي الذي أصبح مركزا لهم حيث إستوطنوا الجزء المحيط بمنطقة محطة مصر منذ بدايات القرن التاسع عشر الميلادى حيث كانوا يعملون مع الأجانب ومع أبناء الطبقة الأرستقراطية التي كانت تسكن الحي .

وينسب شارع جرانفيل إلي الطبيب البريطاني الكسندر جرانفيل الذى ولد عام 1874م في مصر ثم سافر إلي بريطانيا لكي يتلقى تعليمه في مدرسة بلوكسهام وتلقى تدريبه الطبي في مستشفى سانت بارثولوميو وهو مستشفى يقع في منطقة سميثفيلد بحي السيتي في العاصمة الإنجليزية لندن تأسس في عام 1123م وعمل به العديد من رموز الطب والجراحة في التاريخ الحديث وعمل جرانفيل في البداية كطبيب وجراح في مستشفى ويست لندن في مايدا فالي ثم خدم في حرب البوير الثانية بجنوب أفريقيا ما بين عام 1899م وعام 1902م كضابط طبي في الجيش البريطاني وإنضم بعد ذلك إلى خدمة الحكومة المصرية الإستعمارية حيث شغل العديد من المناصب المهمة حيث عمل مفتشا لإدارة الصحة العامة ومديرا بوزارة الداخلية والمدير العام لبلدية الإسكندرية ما بين عام 1912م وعام 1917م وكان من أهم إسهاماته إنخفاض معدل الوفيات في القاهرة من خلال تحسين الظروف غير الصحية في الشوارع المزدحمة مما كان قد ساهم في إرتفاع معدل الوفيات بسبب المرض ثم اصبح جرانفيل بعد ذلك رئيسا للحركة الدولية لمنظمة الهلال الأحمر والصليب الأحمر الدولي وهي حركة إنسانية دولية مهمتها حماية حياة الإنسان وصحته النفسية والجسدية لضمان كرامته الإنسانية وتخفيف المعاناة عنه بدون أيّ تمييز مستند على الجنسية أو الجنس أو المعتقدات الدينية أو اللون أَو الآراء السياسية له وتشمل هذه الحركة عدة منظمات مستقلة قانونيا عن بعضها البعض لكنها متحدة ضمن الحركة من خلال المبادئ الأساسية المشتركة والأهداف والرموز والقوانين الحاكمة وفي عام 1916م حصل جرانفيل على وسام القديس ميخائيل والقديس جرجس وفي أوائل عام 1919م مثل مصر في مفاوضات معاهدة فرساي التي أسدلت الستار من جانب القانون الدولي علي الحرب العالمية الأولي وفي يوم 19 أغسطس عام 1919م أصبح أول رئيس لمجلس التوفيق العمالي وهي منظمة أنشأها الملك فؤاد الأول لتجنب خطر الإضرابات في مصر وعمل حينذاك كرئيس لمجلس الحجر الصحي في مصر وحصل في عام 1920م على رتبة الإمبراطورية البريطانية وفي عام 1922م حصل على لقب باشا من قبل الملك فؤاد الأول تقديرا لعمله في مجلس الحجر الصحي وكرم أيضا بقلادة النيل العظمى كما حصل على نيشان إسماعيل وفي عام 1923م حصل على وسام ليوبولد الثاني من الحكومة البلجيكية وكانت وفاته في العاصمة البريطانية لندن في يوم 30 مارس عام 1929م عن عمر يناهز 55 عامًا بعد صراع طويل مع المرض في سنوات عمره الأخيرة .

ومن أهم معالم شارع جرانفيل وفي مواجهة إستاد الإسكندرية توجد حديقة شهيرة يعرفها العامة باسم حديقة جرانفيل أو حديقة الإسعاف أو حديقة الإستاد وقد شهدت هذه الحديقة أعمال تطوير شاملة فى إطار إستضافة إستاد الإسكندرية لجانب من مبارايات كأس الأمم الأفريقية عام 2019م وتم التواصل حينذاك مع محافظة الإسكندرية للحفاظ على قاعدة نافورة جرانفيل المتواجدة بالحديقة حيث أنها غير مسجلة أثر أو تراث ولا يعلم عن وجودها وأهميتها سوى القليل وبالفعل تم الحفاظ عليها وتسليمها إلى هيئة الإسعاف المصرية بناءا على توجيهات محافظة الإسكندرية ومما يذكر أنه فى إطار إستضافة إستاد الإسكندرية لمباريات كأس الأمم الأفريقية طالب مدير الإستاد بضم الحديقة رسميا إلى تبعية الإستاد مشيرا إلى أن الحديقة أصبحت جزء من الإستاد بعد تطويره وتطويرها خاصة وأنها تستقبل المشجعين خلال إستضافة المبارايات المختلفة وتضيف إلى الإستاد المشهد الجمالى له كما أنة بنقل تبعيتها سيكون للإستاد الحق فى إجراء أعمال الإشراف والصيانة للمسطح الأخضر بها ونافورتها وفى المقابل أشار رئيس هيئة مرفق الإسعاف بالإسكندرية على أن الحديقة تتبع الهيئة رسميا حيث أنها ضمن أملاك هيئة الإسعاف ومن ثم لا يجوز ضمها إلى أى جهة أخرى ومشيرا أيضا إلى أن الحديقة حاليا تقع تحت إشراف محافظة الإسكندرية من حيث أعمال الصيانة للمسطح الأخضر والنافورة وأن الحديقة حاليا أضيفت إلى رصيد الحدائق بالإسكندرية حيث أصبحت متنزه للأهالى يستمتعون داخله بمسطحها الأخضر بها سواء فى أوقات المبارايات أو غير ذلك وقد صرح أيضا محافظ الإسكندرية السابق بأن حديقة جرانفيل جاء فى إطار تطوير منطقة محيط الإستاد مع الحفاظ على هويتها لجعلها نموذجا جيدا يحتذى به فى الحدائق الأخرى على مستوى الثغر مؤكدا على وضع آلية للحفاظ على إستدامة أعمال التطوير التى تتم بها وهو الأمر الذى تكلف حوالي 100 مليون جنيه وأنه سيتم نقل تجربة التطوير إلى مناطق أخرى مع إستمرار أعمال النظافة وغسيل الميادين وتطويرها والإلتزام بالتاريخ التراثى والمعمارى لها ومن جانب آخر فقد شهدت المنطقة حول الحديقة والإستاد تغيير الأسفلت بالكامل فى كل المحاور ومعالجة الهبوط الأرضي الموجود بها في أكثر من موقع مع إستبدال البلاط بالرخام وإنشاء سور زخرفى على الرصيف امام الحديقة بإرتفاع 6٠ سم كحرم للرصيف وإستبدال أعمدة الإضاءة بأعمدة زخرفية مع رفع كفاءة الإضاءة داخل وخارج المنطقة كما تم تطوير ورفع كفاءة شبكة المياه المغذية للمنطقة برفع الضغوط وزيادة الأفرع وتطوير شبكة الصرف الصحي بالمنطقة ورفع كفاءتها .
 
 
الصور :