الأحد, 8 ديسمبر 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

السلطان بايزيد الأول
-ج3-

السلطان بايزيد الأول
-ج3-
عدد : 07-2022
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا”


نتيجة لكل ما ذكرناه من مقدمات أصبح الصراع بين السلطان بايزيد الأول وتيمورلنك واقعا لا محالة وتشجع العالم المسيحي لإقتراب اللحظة المصيرية التي سيحدث فيها الصدام بينهما إذ كان كل ما يتمناه البابا والحكام الأوروبيون والإمبراطور البيزنطي أن تنشب الحرب بين العثمانيين والمغول وفعلا أضحت تلك الحرب وشيكة وشعرت القسطنطينية بالإرتياح وتنفست الصعداء عند إقتراب المعركة لأن أسوارها كانت واقعة تحت الحصار العثماني فأجرى الإمبراطور البيزنطي مفاوضات مع تيمورلنك وحذا حذوه شارل السادس ملك فرنسا وحتى إمبراطورية طرابزون الرومية الصغيرة التي كانت تشغل الشريط الساحلي الجنوبي للبحر الأسود شمالي الأناضول أعلنت إستعدادها السماح لتيمورلنك بإستخدام مينائها الوحيد وكذلك وعد أهالي جنوة الذين كانوا يديرون منطقة پيرا الواقعة عند خليج القرن الذهبي بإرسال سفنهم ومنع أية إمدادات عسكرية عثمانية تحاول العبور من أوروبا إلى آسيا الصغرى إذا ما شن السلطان بايزيد الأول حربا هناك وأدرك تيمورلنك بعد محاولات التقرب هذه من جانب القوى المسيحية أن هذه القوى لا يعنيها شئ سوى أن يقضي الرجلان على بعضهما البعض لذلك لم يعر تلك التعهدات أدنى أهمية وفهم أن أية دولة من تلك الدول المسيحية لن تتحرك إلا بعد أن تصبح الرؤية واضحة المعالم ويتبين أى من الجانبين سيكتب له النصر ومهما يكن من أمر فإنه نتيجةً لفشل المباحثات بين الطرفين العثماني والمغولي ظهر تيمورلنك على رأس جيوشه الجرارة في أونيك شرقي الأناضول في شهر شوال عام 804 هجرية الموافق شهر مايو عام 1402م وتوغلت بعض فرق فُرسانه نحو الغرب إلى عمق الأراضي العثمانية بحجة البحث عن أعلاف لخيولها وبقي تيمورلنك مدة شهرين في أونيك ينتظر عودة رسله بجواب السلطان بايزيد الأول ثم تذرع بتأخر هؤلاء ليقوم بغارة على قلعة كماخ الواقعة عند المجرى الأعلى لنهر الفرات وهي أقرب المواقع العثمانية إلى أونيك وكان من الممكن أن يتقدم إلى مدينة بورصة لولا أن توقتمش خان مغول القبيلة الذهبية عاود غزو بلاد ما وراء النهر فإضطر أن يجتاح مناطق جنوبي روسيا ومن ثم أرسل إلى السلكان بايزيد الأول إنذارا نهائيا بالتسليم لكن بايزيد رد عليه بأنه سوف يسحق جيوش المغول ويتخذ من زوجة تيمورلنك جاريةً له وإستعد الطرفان للحرب وعند هذه النقطة إضطر بايزيد أن يرفع الحصار عن القسطنطينية ويسير لملاقاة المغول في الأناضول وإكتفى قبل رحيله بإبرام إتفاق صلحٍ آخر مع يوحنا السابع جدد بموجبه شروط المعاهدة السابقة وأضاف إليها شروطا أُخرى منها أن يدفع الإمبراطور البيزنطي عشرة آلاف قطعة ذهبية لبايزيد الذي حصل على سلمبرية وجميع الأراضي الواقعة خارج الأسوار وتحديد أماكن سكن المسلمين في القسطنطينية وبناء مسجد لهم وإقامة محكمة شرعية للنظر في شُؤون المسلمين وضرب النقود بإسم السلطان العثماني وسرعان ما رفعت الجيوش العثمانية الحصار عن العاصمة البيزنطية وعادت إلى الأناضول وحاول تيمورلنك أن يفرق بين بايزيد وأتباعه من المغول والتتر الذين كانوا يسكنون بلاد الأناضول والذين شكلوا ثلثي جنوده فكاتب أُمراءهم حتى إستمالهم إليه مما كان له تأثير قوى ومباشر على نتيجة المعركة المرتقبة بين الطرفين وكانت خطة السلطان بايزيد الأول العسكرية تقضي بملاقاة تيمورلنك بعيدا خارج الأراضي العثمانية والتصدي له في ضواحي سيواس حتى لا يمكنه من التوغل في ممالكه والعمل على تخريبها لا سيما وقد حل موسم الحصاد ونضجت الفواكه والثمار في حين كانت خطة تيمورلنك على العكس من ذلك تقضي بأن تتوغل جيوشه المغيرة مسافات بعيدة في أملاك العثمانيين بِهدف تحقيق المزيد من الإرباك للسلطان العثماني ومن أجل ذلك زحفت الجيوش المغولية بإتجاه الأناضول وتوغلت بعيدا داخل الأراضي العثمانية حيث توجهت إلى الجنوب الغربي جاعلةً نهر قزل أرماق الذى يجرى من شرق إلي غرب الأناضول ثم إلي الجنوب الغربي حدا فاصلا بين قواته وبين القوات العثمانية .


وقد تعمد تيمورلنك أن يخفي قواته وهي تتحرك عن أعين العثمانيين وحاول أن يجعل الجبال حدا فاصلا بين الطرفين وعملت هذه القوات على إتلاف المزروعات وتدمير البلاد خلال الزحف بحجة جمع الأعلاف اللازمة لخيولها ولما بلغت الجيوش المغولية قيصرية أرسل تيمورلنك طلائع من قُواته إلى أنقرة للوقُوف على أخبار العثمانيين ثم تقدم بالجيش الرئيسي إلى ضفاف نهر قزل أرماق وعبره بإتجاه مدينة قر شهر الواقعة جنوب شرقي أنقرة وهناك تلقى إشارة تفيد بأن الجيوش العثمانية شوهدت تنزل بضواحي أنقرة ولما علم العثمانيون بتوغل قوات تيمورلنك في أراضيهم تقدموا من توقاد إلى السهول الواقعة إلى الشمال الشرقي من مدينة أنقرة حيث أقاموا معسكرات لهم وقام تيمورلنك على أثر وصول هذا الخبر إليه بتجهيز قوة عسكرية للمرابطة بالقرب من هذه المعسكرات بهدف الترصد من جهة ومحاولة دفع العثمانيين إلي الخروج من مكامنهم من جهة أخرى ونجحت هذه القوة في إستدراجهم إلى الضفة اليمنى للنهر في منطقة وعرة قفراء وتقدمت طليعةٌ جديدة من قوات تيمورلنك إلى أنقرة مباشرة حيث المكان الذى قرر فيه هذا القائد خوض المعركة لتقوم ببعض الأعمال التمهيدية كردم الآبار ودس السم في بعضها وتحويل مجرى النهر الصغير الذي يروي مدينة أنقرة لمنع العثمانيين من الإستفادة من مياهه ووصلت الأخبار إلى العثمانيين أخيرا وهم على الضفة اليمنى للنهر بأن قوات تيمورلنك ظهرت وراءهم في ضواحي أنقرة لذلك كان على بايزيد أن يسرع بجيوشه ويعود مرة ثانية بإتجاه الغرب فقطع النهر من جديد بإتجاه أنقرة خوفا من أن يترك المغول يجتاحون بلاده من وراء ظهره ويقطعون عليه خطوط تموينه وبقيت الجيوش العثمانية تسير مسرعة ثمانية أيام تحت أشعة شمس الصيف المحرقة حتى أضحت العساكر العثمانية كالموتى من التعب والعطش وحال المغول الذين وصلوا إلى مكان المعركة قبلهم بينهم وبين الماء وشاهد العثمانيون أعداءهم وقد حلوا في معسكراتهم التي كانوا قد تركوها قبل وقت قصير ففرضت عليهم المعركة وهم على هذا الحال الصعب والسئ في نفس الوقت وكان عدد الجنود المغول التيموريين حوالي 140 ألف جندي أغلبهم من الفرسان وكان معهم في مقدمة الجيش 32 فيلا حربيا ضخما مدرعة ومدربة علي القتال تدهش الناظرين وكان من ضمن قادة الجيش جميع أبناء تيمورلنك وأحفاده أما الجيش العثماني فقد بلغ تعداد أفراده حوالي 85 ألف جندى وفق تقديرات معاصرة بينما نصت مصادر قديمة على أنه بلغ حوالي 120 ألف جندي وشمل الفرسان السباهية ثقيلي التدريع والإنكشارية وعساكر الإمارات التركمانية الأناضولية وعساكر الإمارات والممالك المسيحية البلقانية الخاضعة للدولة العثمانية وفي مقدمتها الصرب والألبان الأرناؤوط.

وبدأت المعركة بين أقدر قائدين في زمانهما في سهل أنقرة عند چبق آباد على بعد ميل من مدينة أنقرة في يوم الجمعة 27 ذي الحجة عام 804 هجرية الموافق يوم 28 يوليو عام 1402م وأرغمت إستراتيجية تيمورلنك العثمانيين على القتال بعد أن أرهقهم طول المسير وحدث أثناء المعركة أن إنحازت قوات إمارات آيدين ومنتشا وصاروخان وكرميان التركمانية الخاضعة حديثا لسلطة السلطان بايزيد الأول إلى صفوف تيمورلنك لوجود أولاد أُمرائهم الأصليين في معسكر المغول وكذلك فعلت القوات التترية التي سبق وراسلها تيمورلنك مما أضعف كفة العثمانيين وكان أحد الأسباب الكبرى في هزيمتهم وإستمر القتال قائما بين الطرفين حتى غروب شمس ذلك اليوم ولم يصمد مع السلطان بايزيد الأول إلا فرقة الإنكشارية البالغ عدد أفرادها حوالي عشرة آلاف جندى والعساكر الصربية ولكن ثبات تلك الفرق كان محدودا بسبب التفوق الملحوظ لجيش تيمورلنك والتعب الذى حل علي الجنود العثمانيين وعلى الرغم من هذه الظروف المعاكسة والتي كانت في غير صالح العثمانيين إستمر السلطان بايزيد الأول في القتال من دون تقدير للنتائج ولم يعر إلتفاتة إلى طلب كل من الصدر الأعظم علي زاده باشا وإبنه الشاهزاده سليمان بالإنسحاب والفرار لذلك إنسحب الإثنان بقواتهما البالغة حوالي 30 ألف جندي بإتجاه مدينة بورصة كما إنسحبت القوات الصربية إلى أماسية وهزم العثمانيون هزيمة نكراء ولما حاول السلطان بايزيد الأول في النهاية الفرار ليلا طوقته القوات المغولية عند هضبة چاتالدپة ووقع أسيرا في أيديهم مع إبنه موسى چلبي بينما تمكن إبناه محمد چلبي وعيسى چلبي من الهرب ولم يعثر لإبنه الخامس مصطفى چلبي على أثر ووصف المؤرخ شهاب الدين بن عربشاه الذي كان يرافق تيمورلنك ويؤرخ له منذُ أن أُخذ أسيرا في دمشق هذه المعركة ببلاغة كبيرة وأشار إلى أن العساكر العثمانية أصبحت أشبه بِالشياهم والقنافذ لكثرة ما أُمطرت بالسهام وأن السلطان بايزيد الأول بعد أسره قد إقتيد مكبلا إلى تيمورلنك والذى واصل سيره بعد هذا النصر الكبير بإتجاه مدينة بورصة فدخلها وعاث فيها خرابا ودمارا ثم أحرقها مما تسبب في ضياع كل الأرشيف العثماني العائد لزمن السلاطين العثمانيين الثلاثة الأوائل عثمان غازى وأورخان غازي ومراد الأول وحمل معه من المدينة المكتبة البيزنطية والأبواب الفضية كما إنتزع القسم الباقي بأيدى فرسان الإسبتارية من مدينة إزمير وسلمه لأمير آيدين وأقام في مدينة أفسس والتي تعد من أقدم المدن الإغريقية في غرب الأناضول وكان من نتائج الإنتصار الذى حققه المغول علي العثمانيين أن إرتعدت دول العالم المسيحي في أوروبا مرة أُخرى من الخطر المغولي الذى إقترب منها وسارعت إلي ترضية تيمورلنك فقدمت جنوة خضوعها ودفعت الجزية وأفرج السلطان المملوكي في مصر عن رسول تيمورلنك وإعترف بسلطانه وأعاد تيمورلنك إلى أُمراء قسطموني وصاروخان وكرميان ومنتشا والقرمان ما فقدوه من البلاد وأعطى إثنين من أولاد بايزيد هما عيسى چلبي ومحمد چلبي المناطق الأُخرى من الأناضول أما سليمان چلبي الإبن الثالث للسلطان بايزيد الأول فقد هرب إلى العاصمة العثمانية إدرنه وتحصن بها وقبل أن يكون تابعا لتيمورلنك .


وبعد هذا النصر الساحق الذى حققه تيمور لنك علي العثمانيين عقد العزم على العودة إلى سمرقند بعد أن حاول أن يبدد النقمة التي أثارها في نفوس المسلمين إثر الضربة القوية التي أنزلها بالعثمانيين وذلك بِإنزال ضربات قاسية بالمواقع الصليبية وفي الواقع كانت الضربة قوية وقاسيةً جدا للدولة العثمانية وكانت إحدى أكبر الكوارث التي أخرت نمو هذه الدولة وفتوحاتها نصف قرن تقريبا كما أطالت عمر الإمبراطورية البيزنطية وحقبة القرون الوسطى نفس المدة كما أنها أخرت وحدة منطقة الأناضول 70 عاما تقريبا فعلي سبيل المثال لم يتمكن السلطان سليم الأول تاسع السلاطين العثمانيين من ضم بعض الأراضي التي كانت على عهد السلطان بايزيد الأول إلي الدولة العثمانية إلا بعد حوالي 115 عام من معركة أنقرة وقد حمل تيمورلنك معه السلطان بايزيد الأول وعامله بكل إجلال وإحترام على الرغم من الرسائل المهينة التي تبادلاها قبل نشوب الحرب بينهما وأمر بفك أغلاله وأجلسه إلى جانبه وأكد له أنه سيبقي على حياته وأصدر تعليماته بِأن تنصب ثلاث خيام فخمة لحاشيته لكن عندما حاول بايزيد الهرب ثلاث مرات وضبط تم إحتجازه في غرفة ذات نوافذ مسدودة بالحواجز تسمى تختروان يجرها حصانان ونظرا لكون بعض مؤرخي الترك قد أطلقوا على التختروان لفظ قفص فقد ترجم هذا اللفظ إلى أغلب اللغات الأوروبية بنفس المسمي وقيل إن بايزيد إحتجز في قفص كما الوحوش الكاسرة وقال إبن عربشاه الذي كان يكن العداء والكراهية لتيمورلنك إن هذا الأخير جعل يأتي ببايزيد كل يوم بين يديه ويلاطفه ويترقق إليه ويسخر منه ويضحك عليه وقد أحضره إلى مأدبة الإنتصار التي أقامها حيث تعرض إلى مزيد من الإذلال فإسودت الدنيا في عينيه وتصدع قلبه وتضرم لبه وتزايد كمده وتفتت كبده وتصاعدت زفراته وتضاعفت حسرته وبخلاف ما أورده إبن عربشاه فإن شرف الدين علي اليزدي مؤرخ البلاط التيموري قال إن بايزيد عومل كما يستحق أن يعامل أي ملك عظيم من حيث تقديم الإحترام له وتكريمه ويقول مؤرخون معاصرون إن السرد التاريخي عما حدث لبايزيد رغم تضمنه مغالطات ومبالغات عدة إلا أنه يمكن الإستئناس به عند الحديث عن معاملة تيمورلنك له فعلى الرغم من بطش تيمورلنك وإراقته دماء غزيرة في غزواته إلا أنه لم يعمد يوما إلى إذلال أى من أعدائه عندما أصبحوا في قبضته وكان أقصى ما يفعله معهم هو إعادة تنصيبهم وكلاء عنه على ممالكهم شرط خضوعهم الكامل لسيطرته وهذا ما يبدو أنه كان قد قرر فعله مع بايزيد لولا وفاته بعد أشهر قليلة من أسره وفي الحقيقة فإن بايزيد لم يتقبل هزيمته القاسية على يد تيمورلنك فتحطم نفسيا ومرض مرضا شديدا وهو ما يزال في آق شهر قرب مدينة قونية وبلغ من درجة مرضه أنه فقد المقدرة على الوقوف على قدميه فصرف تيمورلنك النظر عن إصطحاب أسيره إلى آسيا الوسطى ودعا له أفضل الأطباء لمعالجته وأرسل من يسهر على رعايته ومواساته لكن هذه الرعاية لم تجد شيئا لبث القوى الحيوية في جسد السلطان العثماني فمات في يوم 14 شعبان عام 805 هجرية الموافق يوم 9 مارس عام 1403م وله من العمر 43 عاما وبعد أن دامت سلطنته مدة 13عاما وشهرا وثمانية أيام وقيل إن وفاة بايزيد جاءت نتيجةً لمزيجٍ من إلتهاب حاد في الشعب الهوائية والنقرس فيما أشارت مصادر أُخرى إلى أنه كان مصابا بحمى شديدة قبل وفاته مباشرة وفي المقابل قالت مصادر بيزنطية إن السلطان بايزيد الأول قد دس له السم ومات من جراء التسمم فيما قالت مصادر أُخرى إنه قد إنتحر بسم كان يخفيه في خاتمه ويقول أحد المؤرخين إن عينا تيمورلنك قد إغرورقتا بالدموع عندما بلغه أن السلطان بايزيد الأول قد فارق الحياة وهو أسير إذ أنه كان بصدد إعادة العرش العثماني إليه وأمر بدفنه في تربة السيد محمود الحيراني الرومي وهو أحد العلماء المسلمين المتصوفين ثم أطلق سراح إبنه الشاهزاده موسى چلبي الذي أُسر مع والده في معركة أنقرة وصرح له بنقل جثمان والده إلى مدينة بورصة فأُجريت له مراسم جنائزية سلطانية وحمل إلى بورصة حيث دفن بجوار الجامع الكبير بِالمدرسة التي بناها وذلك بموجب وصيته وجدير بالذكر أنه بعد موت السلطان بايزيد تعرضت الدولة العثمانية لمحنة عظيمة حيث تجزأت إلى عدة إمارات صغيرة كما حدث بعد سقوط الدولة السلجوقية فلم تنهض الإمارات التركمانية الأناضولية مجددا وحسب بل إستقل في هذه الفترة كل من البلغار والصرب والأفلاق ولم يبق تابعا للراية العثمانية إلا قليل من البلدان ومما زاد الخطر على هذه الدولة الفتية عدم إتفاق أولاد السلطان بايزيد الأول محمد چلبي وسليمان چلبي وعيسي چلبي على تنصيب أحدهم سلطانا خلفا لأبيه حيث كان كل منهم يدعي الأحقية لنفسه في أن يتولى الحكم وعرش السلطنة وإستمر هذا الصراع المرير حتي عام 1413م حينما تمكن محمد چلبي من حسم الصراع لصالحه وتقلد السلطنة وأصبح إسمه السلطان محمد الأول وبدأ يعيد الإستقرار للدولة العثمانية وفي إسترداد أملاكها المفقودة في الأناضول وأوروبا من جديد طوال 8 سنوات وذلك خلال المدة من عام 1413م وحتي وفاته في عام 1421م .


وبعد أن إستعرضنا سيرة السلطان بايزيد الأول تعالوا بنا نتعرف علي أهمية هذا السلطان الذى يعد رابع سلاطين الدولة العثمانية ففي أواسط عام 804 هجرية الموافق لأواخر عام 1401م وقبل شهور قليلة من هزيمة السلطان بايزيد الأول علي يد الغازى تيمورلنك في معركة أنقرة ووقوعه في الأسر كانت الدولة العثمانية قد بلغت أوج قوتها على الرغم من التهديدات التي أطلقها تيمورلنك إذ كانت قد بلغت مساحتها قُبيل المعركة المشار إليها 942 ألف كيلو متر مربع مما يعني أنها توسعت ما بين عام 1389م حينما تولي السلطان بايزيد الأول الحكم وحتي عام 1401م أي خلال 12 عام نحوا من 443 ألف كيلو متر مربع منها 441 ألف كيلو متر مربع في قارة أوروبا بمنطقة البلقان ونحو 500 ألف كيلو متر مربع في منطقة الأناضول بقارة آسيا ففي قارة أوروبا كانت تراقيا ومقدونيا وتساليا ودبروجة وبلغاريا وجزء من ألبانيا تحت سيطرتها المباشرة كما خضعت منطقة الأفلاق والصرب إسميا لها وإقتصرت الأملاك البيزنطية على القسطنطينية والمورة وفي الأناضول شملت الأملاك العثمانية المناطق مابين بحر إيجة وبين نهر الفرات بإستثناء سينوپ وطرابزون على البحر الأسود وإزمير على بحر إيجة وأخضع بايزيد منافسيه الرئيسيين القاضي برهان الدين في سيواس والأمير علاء الدين القرماني ثم تخلص من الأخير بشكل حاسم وتعامل بايزيد مع الجمهوريات البحرية الإيطالية وفي مقدمتها البندقية في سبيل تنشيط التجارة في دولته وتعزيز الإستقرار الداخلي فيها لكن البندقية سرعان ما قطعت علاقاتها التجارية مع الدولة العثمانية إثر خسارتها أمام تيمورلنك وهذا يعني أنها كانت تتحرك وفق مصلحتها وتتحين الفرص للإنقضاض على الدولة العثمانية والواقع أنها كانت تحرص على تأمين سلامة جالياتها المنتشرة في مستعمراتها في بحر إيجة وسواحل اليونان والبحر الأدرياتيكي فأجرت مفاوضات مع الجنويين وفُرسان الإسبتارية لإنشاء حلف معاد للعثمانيين بهدف مهاجمة أملاكهم وبخاصة ميناء كاليبولي المهم ولم يكن السلطان بايزيد الأول يطمئن إلى ولاء حكام الإمارات الأناضولية بالإضافة لأُمراء الحدود الذين تعاظمت قوتهم وراحوا يتصرفون بمعزل عن الإدارة المركزية وإحتفظوا بقدراتهم العسكرية ليستغلوها في أول فُرصة لِلتعبير عن سخطهم وإضطر بايزيد إلى تكليف الإنكشارية وحلفائه النصارى القيام بِمعظم حملاته في الأناضول والواقع أن بايزيد لم يعد حاكما لإمارة حدود بل بلغ مرحلةً إستطاع أن يكون فيها سلطانا لدولة إسلامية كبيرة تسعى لإقامة مؤسساتها وأجهزتها المختلفة ولكن على الرغم من ردود الفعل القادمة من دراويش التكايا والزوايا والعلماء والغزاة وللأسف الشديد فقد تعثر هذا التطور الذى كان يستهدف إقامة الدولة المركزية نتيجة الهزيمة التي حدثت في معركة أنقرة وإذا ما إنتقلنا إلي الصعيد الإدارى والإجتماعي فقد قام بايزيد بِأعمال تستهدف تحويل مجتمع إمارة الحدود إلى مجتمع دولة ثابتة تتمتع بِمقومات الحياة والإستمرارية فوضع البنية الأساسية اللازمة لإدارة دولة مركزية إسلامية وأمر بتسجيل الأراضي والعقارات ووضع نظاما ضريبيا متطورا وإقتبس القواعد المالية من الدولة الإلخانية التي كانت تحكم العراق وشرق الأناضول وإيران وأفغانستان وأذربيجان وأرمينيا وتركمانستان وطبقها وخصصَ الوظائف العامة لجنوده وغلمانه لكن أوضاع الدولة العثمانية مع ذلك كانت لا تزال هشة بفعل عدم ملاءمة التطورات الإجتماعية مع التوسع الخارجي فمنطقة الروملي كانت لا تزال ذات غالبية مسيحية والمنشآت الإسلامية فيها قليلة كما أن الوضع في الأناضول بقي غير مستقر فالإمارات التي ضمها العثمانيون ووضعها بايزيد تحت رقابته المباشرة هي إمارات إسلامية وهذا كان لا يشجع الغزاة والمجاهدين على شن حروب ضد المسلمين بفعل العقيدة الدينية وقد شاع في عهد السلطان بايزيد الأول إستعمال هيئات ملابس ممالك أوروبا والروم كالملابس الصوفية والعمامة المصنوعة من اللباد التي كانت تعرف بإسم صوف وسقرلاط وذلك بمقتضى العادات والتقاليد السائدة في تلك البلاد حيث كانت تلبس العمامة الحمراء والصفراء والسوداء بينما كان عامة العثمانيين قد إستبدلت العمائم السوداء بالعمائم البيضاء عملا بالحديث النبوي الشريف إِلبسوا من ثيابكم البياض فإِنها مِن خير ثيابكم ويقول المؤرخ العثماني خواجة أفندي إن واجهة الدولة غدت ناصعة البياض منذ ذلك الحين نظرا لإنتشار العمائم البيضاء بين الناس .


وعلي الصعيد العسكرى فبعيدا عن الفتوحات التي تمت خلال عهد السلطان بايزيد الأول فقد شهدت المؤسسة العسكرية تطورات ملفتة في عهده حيث وضع نظام الجند والغلمان في التطبيق العملي بشكل أكثر فعالية ومع ذلك فإن الوضع العسكري للدولة العثمانية آنذاك لم يكن مثاليا فعلى الرغم من قوة الجيش وإنصباط أفراده وأن قدرته على السيطرة على الأراضي والبلاد كان لا ينازعه فيها أي جيش آخر في الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية لكن في المقابل كانت السيطرة العثمانية على البحار ضعيفة وإستمرت في أيدي القوى المسيحية التي كانت تزود القسطنطينية بالمؤن وتسد المضائق في وجه المسلمين وقد شطرت الأراضي العثمانية إلى شطرين أراضي الأناضول وأراضي الروملي وقد إستمر هذا الوضع طويلا حتي تم تأسيس الأسطول البحرى العثماني فيما بعد والذى لعب دورا هاما في فتح القسطنطينية في عام 1453م في عهد السلطان محمد الفاتح أما أشهر القادة الذين عرفوا خلال عهد السلطان بايزيد الأول وساعدوه وكان منهم من ساعد أيضا أسلافه من السلاطين السابقين في فتوحاتهم فهم الحاج إيل بك البالقي والبكلربك لاله شاهين باشا والصدر الأعظم خير الدين باشا الجندرلي والبكلربك تيمورطاش باشا وأفرنوس بك وإسحق بك ولما كانت كثرة العساكر في عهد السلطان بايزيد الأول سببا للخلط والإلتباس بينهم فقد إقترح تنويع اللباس وبموجب إقتراح البكلربك تيمورطاش باشا أصبحت العمامة البيضاء خاصة بفرسان سپاهية السلطان وملازمي البلاط العالي وخصصت القلنسوة المستديرة الحمراء للخدم من أعيان الدولة وأركان السلطنة وعلي صعيد الحوار الديني فالمصادر العثمانية والبيزنطية تنص علي أن السلطان بايزيد الأول كان كأسلافه من السلاطين العثمانيين يعقد مناظرات وحوارات دينية بين المسلمين والمسيحيين ويتم عمل حوار ونقاش في جملة من الأُمور المشتركة بين الإسلام والمسيحية وكان من أبرز الروايات التي نصت على ذلك أنه في شتاء عام 1391م وبينما كان السلطان بايزيد الأول يزحف لقتال القاضي برهان الدين في سيواس إصطحب معه الإمبراطور البيزنطي عمانوئيل الثاني ليشاركه وجنوده بهذه الحملة وفي نهاية العمليات العسكرية أقام السلطان بايزيد الأول والإمبراطور البيزنطي وجيشيهما بعض الوقت في مدينة أنقرة للراحة والاستجمام وقد اختار بايزيد أن يقيم في منزل أحد العلماء الذي كان قد وصل لتوه إلى الأناضول من بغداد وقد إعتاد القضاة وعلماء الحديث على إلتماس نصيحة هذا العالم خصوصا وأنه كان يحظى بإحترام العثمانيين إضافةً إلى أنه كان وفقا لعمانوئيل نفسه ذا ثقافة عالية وأخلاقٍ حميدة وقد كتب الإمبراطور البيزنطي يقول إنه شارك مع السلطان بايزيد الأول في مناقشة هذا العالم وولديه حول بعض المسائل الدينية اللاهوتية والميتافيزيقية وأن مناقشاتهم غطَت موضوعات اللاهوت والتصور الإسلامي للجنة وطبيعة النبات والحيوان والإنسان والرسول محمد صلي الله عليه وسلم والعقيدة الإسلامية والأنبياء وبالأخص النبي موسى عليه السلام والروح القدس وطبيعة الإيمان والتصورات الإسلامية حيال الثالوث المقدس لدى المسيحيين أو الشرك بالله ومواضيع أُخرى أُثيرت وكان ذلك في أجواء روح من التسامح والصداقة وقد شارك في هذه المناقشة لفيف من العلماء المسلمين والمسيحيين من أهالي مدينة أنقرة وكان من الملحوظ أن الإمبراطور البيزنطي عمانوئيل كان عميق المعرفة بالثقافة الإسلامية وقد ذكر أن هذا النقاش قد جرى باللغتين العربية والفارسية .

وفي النهاية نختم حديثنا عن السلطان بايزيد الأول بالحديث عن بعض صفاته وسماته الشخصية فنجد أن الكتب العثماتية قد ذكرت إنه كان أحمر البشرة مع ميل إلى اللون البرونزي بينما تذكر مصادر أخرى إنه كانت بشرته بيضاء تميل إلي الحمرة وأن شعره كان يميل إلى اللون الأشقر بينما كان وجهه مستديرا وعيناه زرقاوان تميلان إلى اللون الأخضر وأنه كان كث الحاجبين ولحيته مصفرة وأنفه ضخم ونظراته مخيفة وقامته مربوعة وبنيته قوية وتصفه مصادر أُخرى بأنه كان ممتلئ الجسم إلى حد ما وقد عرف عنه حبه الجم للصيد وقد قام بتأسيس هيئة كبيرة العدد مختصة بالصيد ملتزما بتقاليد الأسرة العثمانية القديمة والعادات التركية كذلك ومنحها مكانةً رسميةً في بنية الدولة وقد وصلت هيئة الصيد التي أسسها السلطان بايزيد الأول في القصر العثماني إلى الذُروة في عهد السلطان محمد الرابع الذى تولي الحكم عام 1648م وقد جلب السلطان بايزيد فرسان أوروبا المشاهير الذين هزمهم وأسرهم إلى قصره في بورصة وإصطحب معه هيئة الصيد هذه في رحلات القنص بجبل أُلوطاغ ببورصة ويذكر المؤرخون أيضا أن السلطان بايزيد الأول كان مصارعا يهوى التصارع مع قادة الجيش وأقوى الجنود وأنه كان ماهرا في إستخدام السلاح وركوب الخيل وهناك أمر قبل عنه لا دليل علي صحته أو نفيه وهي أنه أول من لبس المخمل المطرز بالذهب الخاص بالحكام وأنه كان أول من إحتسى الخمر في الأُسرة العثمانية وتشير بعض المصادر إلى أن زوجته الصربية أوليڤيرا دسپينة هي من زين له شرب الخمر وعلى الرغم مما ينسب إليه بأنه كان يشرب الخمر إلا أن مصادر أُخرى تنص على أنه كان متدينا ومتمسكا بالإسلام فالروايات تفيد أنه كان قد نذر بناء عشرين جامعا من مال غنائم الحرب إن قدر له النصر في معركة نيقوبوليس وهذا ما كان وعمل مع رجاله على تحديد الأماكن التي ستبنى فيها هذه المساجد ولكنه إكتشف صعوبة بناء عشرين جامعا وطلب من العلماء المحيطين به إيجاد حل له فوجدوا أنه قال في نذره عشرين قبة ولم يقل مساجد حرفيا وأقنعوه أنه إذا بنى مسجدا جامعا بعشرين قبة يكون قد أوفى بالنذر وهكذا بني مسجد أُولو جامع أو جامع بورصة الكبير على شكل مستطيل تعلوه عشرين قبة كبيرة متلاصقة وتحت كل قبة مساحة كبيرة للصلاة في شكل مصفوفة خمسة قباب بإتجاه القبلة وورائهم مثلهم أربعةِ صفوف وتحت كل قبة مساحة مسجد من مساجد ذلك الزمان ومازال هذا الجامع يعتبر كبيرا بالمقاييس المعاصرة فمساحته حوالي 4000 متر مربع يوم كان تعداد سكان العالم أجمع حوالي 350 مليون نسمة وإلي جانب هذا المسجد الجامع توجد المدرسة التي دفن السلطان بايزيد الأول فيها ولما إنتهى بناء المسجد إستدعى السلطان صهره وزوج إبنته وأحد أقطاب مدينة بورصة الشيخ أمير سلطان لرؤية الجامع وإبداء رأيه فيه وكان ينتظر منه كلمات تقديرية إلا أن الشيخ قد وجه كلمات قاسية إلى السلطان بايزيد إذ رد عليه قائلا إِن بنيتم في كل زاوية من زوايا الجامع خمارة لأنفسكم فلن يكون به أي نقص ولما سأله السلطان متعجبا كيف يمكن بناء خمارة داخل بيت من بيوت الله فرد عليه الشيخ قائلا إن بيت الله هو هذا الجسم يقصد جسم الإنسان الذى خلقه الله سبحانه وتعالي ألا تخجل يا رجل من نفسك أنك قد حولته إِلي حانة في حين أتك تخجل من وضعِ الحانة في أطراف المسجد الذى قمت ببنائه وذلك بسبب ما أشيع عن تساهل السلطان بايزيد في مسألة شرب الخمر وبالإضافة إلى مسجد أولو جامع بنى السلطان بايزيد الأول أيضا مسجدا آخر في مدينة بورصة بين عام 1391م وعام 1395م عرف لاحقا باسم جامع يلدرم بايزيد .


وقد تحدثت المصادر التاريخية عن جانب آخر من جوانب شخصية السلطان بايزيد الأول حيث أفادت تلك المصادر أن السلطان بايزيد الأول كان ينظم الشعر وتميز بإلقائه الجدي ويروى أنه كان يلقي الشعر في بعض المجالس بإسم يلدرم الفني إن جاز وصفه بهذا الشكل وكان هو أول سلطانٍ عثماني يعرف عنه أنه إتخذ إسما فنيا وإنطلاقا من قول الخبراء إنه قد إستخدم مصطلحات شعبية في نظمه للشعر المكتوب بلغة بسيطة ويمكن القول بأن السلطان بايزيد الأول قد نظم شعرا شعبيا ولكن لم يعثر الباحثون أو يصلوا لأى نموذجٍ من شعره ومن جانب آخر يقال إن السلطان بايزيد الأول كان أول من إرتدى السراسر وهو فراء قيم مطرز بِالحرير والفضة والذهب وتناول الطعام من أطباقٍ ذهبية وفضية وتشير إحدى المصادر إلى أنه إرتدى قفاطين مخملية مزهرة بورصية أي صنعت بمدينة بورصة ومما يذكر أيضا عنه إنه قد أهدى الفرسان الألمان والفرنسيين والإنجليز الذين أسرهم في نيقوبليس أثوابا من القماش البورصي عندما أطلق سراحهم ومنذ أوائل القرن الرابع عشر الميلادي بات القماش العثماني رائجا في العاصمة الفرنسية باريس لكثرة ما أعجب به الفرنسيون ويروى أيضا أن السلطان بايزيد الأول كان منتميا إلى الطريقة الزينية الصوفية التي كانت لها تأثيرها في عهده بينما كان صهره أمير سلطان من أتباع الطريقة البيرمية وكلمة أخيرة عن السلطان بايزيد الأول وهي أنه يستبعد العديد من المؤرخين المسلمين المعاصرين فرضية إنتحاره بالسم بعد أن وقع في أسر تيمورلنك لأن ذلك يطرح سؤالا حول عدم إحتياط من أسروه وخصوصا أنه عند وفاته كان قد مر عليه أسابيع وهو في الأسر وعموما فهم يقولون إن السلطان بايزيد الأول سواء أكان قد إنتحر أو حرر من الأسر كان سيعد ميتا من الناحيتين السياسية والمعنوية نتيجة مر الذل الذي تلقاه عند هزيمته على يد المغول وبالتالي لا تعود فرضية موته مقهورا مستبعدة وكلمة أخيرة في بحثنا هذا كان مما ذكره المستشرق البريطاني طوماس آرنولد إن السلاطين العثمانيين كانوا قد تسموا بلقب خليفة ويقال إن أول سلطانٍ عثماني لقب نفسه بخليفة المسلمين كان السلطان مراد الأول وأن إبنه السلطان بايزيد الأول قد إستعمل نفس اللقب أيضا حيث قال في أخبار إنتصاراته التي أذاعها على القضاة ورجال الدولة إِن الله جهزني بطبيعة تحمل علامات الخلافة ولكي أكون سلطانا فاتحا للعالم وكان ذلك قبل إنتصارهم علي المماليك في عهد السلطان سليم الأول تاسع السلاطين العثمانيين وفتح بلاد الشام ومصر الأمر الذى تحقق في عام 1516م وعام 1517م بزمن طويل يقدر بحوالي 150 عام وعن وسبب تلقبهم بِهذا يرجع إلى أن الكثير من الأُمراء المسلمين قليلي الأهمية في العالم الإسلامي كانوا ينتحلون هذا اللقب الفخم منذ أن سقطت العاصمة العباسية العتيدة مدينة بغداد بيد المغول وقتل آخر خلفاء بني العباس أبو عبد المجيد عبدُ الله المستعصم بِالله عام 656 هجرية الموافق عام 1258م ومن ثم فليس من المستبعد ألا يرفض سلاطين آل عثمان الأقوياء هذا المديح .