الخميس, 5 ديسمبر 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

السلطان محمد الرابع
-ج1-

السلطان محمد الرابع
-ج1-
عدد : 08-2022
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا”


السلطان محمد الرابع هو السلطان العثماني التاسع عشر الذى إشتهر بأنه آخر الفاتحين وهو إبن السلطان إبراهيم الأول بن السلطان أحمد الأول بن السلطان محمد الثالث بن السلطان مراد الثالث بن السلطان سليم الثاني بن السلطان سليمان القانوني بن السلطان سليم الأول بن السلطان بايزيد الثاني بن السلطان محمد الفاتح بن السلطان مراد الثاني بن السلطان محمد الأول جلبي بن السلطان بايزيد الأول بن السلطان مراد الأول بن السلطان أورخان غازي بن السلطان عثمان غازى بن أرطغرل مؤسس الدولة العثمانية وهو شقيق كل من السلطان سليمان الثاني والسلطان أحمد الثاني وإبن شقيق كل من السلطان عثمان الثاني والسلطان مراد الرابع وكانت مدة سلطنته حوالي 39 عاما ما بين عام 1648م وعام 1687م ولذا فإن فترة سلطنته تعد في المرتبة الثانية بعد فترة سلطنة السلطان العثماني العاشر سليمان القانوني الذى بلغت مدة سلطنته 46 عاما وكان ميلاده في عام 1642م بالعاصمة العثمانية إسطنبول وفي السنوات الأخيرة من حكم والده السلطان العثماني إبراهيم الأول ساءت أحوال الدولة العثمانية وإضطربت مالية البلاد وبالتالي ساءت أحوالها الإقتصادية وتشجع الجنود الإنكشارية إلى التدخل في شئون الحكم وكانت النتيجة أن عمت الفوضى والقلاقل وحاول السلطان أن يعيد الأمور إلى نصابها ويقمع حالة الفوضى التي إجتاحت العاصمة العثمانية إسطنبول ويقضي على رؤوس الفتنة من الإنكشاريين الذين تخلوا عن وظيفتهم الأساسية في الدفاع عن البلاد وتفرغوا لمناهضة السلطان والذى لم ينجح في ذلك حيث كان الإنكشاريون أسرع منه فإشتدت ثورتهم التي إندلعت في يوم 18 رجب عام 1058هجرية الموافق يوم 8 أغسطس عام 1648م ولم تنته ثورتهم إلا بخلع السلطان وقتله وتولية إبنه الشاهزاده محمد بدلا منه في منصب الخلافة وكان لم يكمل في ذلك الوقت السبعة أعوام من عمره ونظرا لصغر سنه فقد تولت جدته كوسم سلطان والمعروفة أيضا بإسم ماهبيكر أي وجه القمر نيابة السلطنة وأصبحت مقاليد الأمور في يديها وكان إسمها الأصلي أنستاسيا قد ولدت في اليونان وقيل أيضا في البوسنة عام 999 هجرية الموافق عام 1590م ولما تعدت سن الطفولة أرسلت من موطنها إلى إسطنبول عاصمة الدولة العثمانية من قبل والي البوسنة وإعتنقت الديانة الإسلامية وإلتحقت بقصر طوب قابي مقر الحكم وغيرت إسمها ليصبح إسمها كوسم ولفتت نظر السلطان أحمد الأول الذى تزوجها وهكذا بدأت حياتها الجديدة في قصر طوب قابي وبمرور الأيام أصبحت واحدة من أقوى النساء في التاريخ العثماني وأكثرهن سلطة ونفوذا بعد أن اكتسبت سلطتها في الدولة العثمانية عن طريق زوجها السلطان أحمد الأول ويقال إنها عملت كأحد مستشاريه ومع ذلك فقد إمتنعت عن توريط نفسها بإستمرار في القضايا الخطيرة لأن زوجها رفض أن يطغى سلطان ونفوذ زوجته عليه وبعد وفاته ظلت أيضا محتفظة بسلطانها ونفوذها من خلال إبنيها السلطان العثماني السابع عشر مراد الرابع الذى تولي الحكم خلفا لأبيه من عام 1623م وحتي عام 1640م وخليفته السلطان العثماني الثامن عشر إبراهيم الأول الذى تولي الحكم خلفا لأخيه من عام 1640م وحتي عام 1648م وأخيرا من خلال حفيدها القاصر السلطان العثماني التاسع عشر محمد الرابع .


وقد إستمرت فترة نيابة السلطانة كوسم سلطان في عهد حفيدها السلطان القاصر محمد الرابع ثلاث سنوات إزدادت خلالها أحوال الدولة العثمانية سوءا علي سوء وإستبد الإنكشارية بالحكم وسيطروا على شئون الدولة وتدخلوا في تصريف أمورها ولم يعد لمؤسسات الدولة معهم حول ولا قوة حيث كانت قد تكونت عدة مراكز قوى كانت بمثابة أحزاب متعارضة وكانت كلها تعمل في تدبير المكائد لبعضها البعض وكان كل منها يحاول نهب ما يستطيع من ثروات البلاد وقد أطلق المؤرخون على هذه الفترة فترة سلطنة الأغوات وخلالها إنخفضت قيمة العملات العثمانية ومن ثم إرتفعت الأسعار وضج الناس وكانت النتيجة أن حدثت عدة إضطرابات وتمردات في الدولة بدوافع مختلفة حيث كانت تمردات الأناضول تأخذ الطابع الإجتماعي الذى يبحث عن الإستقرار المادى والهدوء الأمني بينما كانت تمردات الشام ذات طابعٍ سياسي وأحيانا ديني أما تمردات مصر فكانت من أجل السيطرة على الميزانية التي تدر في العادة أموالا طائلة وفي وسط هذه الأحداث أرادت السلطانة كوسم سلطان إستبدال حفيدها السلطان محمد الرابع بحفيد آخر من أحفادها إلا أن السلطانة خديجة تورخان أم السلطان محمد الرابع إنزعجت من ذلك ولم تكن مطمئنة من ناحية كوسم سلطان فدبرت مكيدة للخلاص منها وبالفعل تم إغتيالها خنقا في عام 1061 هجرية الموافق عام 1651م ودفنت بجانب قبر زوجها السلطان أحمد الأول في منطقة سلطان أحمد بمدينة إسطنبول وفي ذلك الوقت لم يكن السلطان محمد الرابع قد بلغ بعد السن التي تمكنه من مباشرة سلطاته وتولي زمام الأمور فتولت أمه السلطانة خديجة تورخان نيابة السلطنة بدلا من جدته كوسم سلطان وكانت قد ولدت عام 1627م في أسرة روسية لكنها لم تنعم بدفء أسرتها طويلا فقد تم إختطافها في إحدى غارات التتار وبيعت كجارية وهي لا تزال في الثانية عشرة من عمرها وشاءت أقدارها أن ينتهي بها المطاف في قصر طوب قابي مقر حكم السلاطين العثمانيين حيث تم إرسالها إلى الحرملك كهدية للسلطانة كوسم سلطان والتي أهدتها بدورها لإبنها السلطان إبراهيم الأول وكانت رائعة الجمال فتزوجها وأنجب منها ثاني أبنائه والذى أصبح السلطان العثماني التاسع عشر محمد الرابع .


وكانت السلطانة خديجة تورخان عندما تولي إبنها السلطان محمد الرابع السلطنة شابة في الرابعة والعشرين من عمرها وإتصفت على الرغم من صغر سنها برجاحة العقل وإتزان الرأي حيث كانت ذات رأى وحكمة وتدبير ومن ثم كانت حريصة على مصالح الدولة العليا التي أصبحت تعصف بها أهواء الإنكشارية من جانب وحركات التمرد والعصيان في أقاليم وولايات الدولة من جانب آخر ولذا فقد شغلت نفسها بالبحث عن الرجال الأكفاء الذين يأخذون بيد الدولة ويعيدون إليها هيبتها وكانت تأمل في أن تجد صدرا أعظم قديرا يعتمد عليه السلطان في جلائل الأعمال حيث توالى على هذا المنصب خلال المدة من عام 1651م وحتي عام 1656م عدد 11 أشخاص تولوا منصب الصدر الأعظم عجزوا جميعا عن الخروج بدولتهم من محنتها الأليمة وتفاقم الأمر عندما إستغلت جمهورية البندقية الإيطالية هذه الإضطرابات فقامت بحملة بحرية ناجحة على بحر إيجة وإستطاعت خلال الفترة من شهر يونيو وحتي شهر أغسطس عام 1656م أن توقِع عدة هزائم مهينة بالأسطول العثماني وكانت النتيجة سقوط عدة جزر إستراتيجية في يد البنادقة كان منها تينيدوس والتي كان العثمانيون قد فتحوها قبل ذلك وساموتراس وليمنوس كما أغلقت البندقية مضيق الدردنيل الذى يفصل بين بحر مرمرة والبحر الأسود وفرضوا حصارا بحريا على الدولة العثمانية ومنعوا دخول سفن المواد التموينية القادمة من مصر والشام إلي العاصمة العثمانية إسطنبول مما تسبب في ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتدهور الحالة الاقتصادية للبلاد وكادت أن تحدث مجاعة في العاصمة العثمانية إسطنبول وفضلا عن ذلك قطع البنادقة أيضا طرق المواصلات مع القوات العثمانية في جزيرة وكان هذا كله دافعا إلى ثورة شعبيَّة جديدة ضد الحكومات الضعيفة الهشة وكان من الممكن أن تكون هذه اللحظات هي الأخيرة في عمر الدولة العثمانية كدولة واحدة تحكم ملايين الكيلومترات المربعة وكان من الممكن أن ينفرط العقد تماما ويتم تقسيمها إلى عشرات الأقاليم المستقلة أو يتقاسمها أعداؤها الكثيرون ومن جانب آخر كانت دول أوروبا كانت قد إنتهت من حرب الثلاثين عاما الشهيرة منذ ثماني سنوات أي منذ عام 1648م ومن ثم كان حالها آنذاك يتجه للقوة وظهرت فيها بعض الدول التي تسعى لكي يكون لها تأثير علي الساحة العالمية كان في مقدمتهم فرنسا وبعدها إنجلترا وهولندة ثم أسبانيا والبرتغال والسويد وبولندا هذا فضلا عن روسيا التي بدأت تتعافى من أزماتها السياسية والإقتصادية في ظل الحكم المستقر لآل رومانوف وهي الأسرة التي تأسست عام 1613م وظلت تحكم روسيا أكثر من ثلاثة قرون حتى تنازل القيصر نيقولا الثاني عن الحكم في يوم 15 مارس عام 1917م نتيجة لثورة فبراير من نفس العام وإلغاء الإمبراطورية الروسية ومعها حكم عائلة رومانوف ولكل هذه الأسباب كان من الممكن أن تكون نهاية الثورة الشعبية داخل الدولة العثمانية كارثية لولا أن أخيرا وجدت السلطانة الشابة خديجة تورخان ضالتها المنشودة بعد خمس سنوات من البحث المضني الشاق والدؤوب حيث رشح لها أحد مستشاريها وهو رئيس المكتبة محمد أفندى رجل غير مشهور هو محمد باشا الكوبريللي وتسليمه منصب الصدارة العظمى والذى كان في ذلك الوقت قد ناهز الثمانين عاما من عمره وكان متقاعدا في بيته منذ أربع سنوات أي منذ عام 1652م وكانت النصيحة غريبة لكنها كانت أمينة وصادقة وبعد تردد وتفكير طويل في الأمر وافقت السلطانة خديجة تورخان على مقابلة الرجل فكان هذا سببا في الدخول في مرحلة تاريخية جديدة لها سماتها وطبيعتها الخاصة جدا وكان محمد باشا الكوبريللي من أصل ألباني وكان يتميز بأنه سياسي ماهر ومحنك وقوى الشكيمة ورجل دولة من الطراز الأول وإشترط لنفسه قبل أن يتولى هذا المنصب الرفيع أن يكون مطلق اليد في مباشرة سلطاته وألا تغل يده وألا يتدخل أي شخص في عمله وأن لا يحاسبه أحد أيا كان علي أي من قراراته وأعماله حتى لو كان السلطان العثماني نفسه وقد تمكن من إقناع السلطانة الوالدة أنه لن يتمكن من تحقيق الإصلاحات التي ترجوها ووقف الفتنة والمؤامرات التي تكاد أن تعصف بالبلاد بغير تلك السلطات والصلاحيات الواسعة وكانت هذه هي السابقة الأولي في تاريخ الدولة العثمانية التي يشترط فيها شخص شروط خاصة قبل أن يحصل على منصب الصدر الأعظم وقد قبلت السلطانة الشابة خديجة تورخان هذه الشروط حرصا منها على مصالح الدولة العليا ورغبة منها في أن يعود النظام والهدوء والإستقرار والسكينة إلى كافة ربوع ومؤسسات الدولة .


ويعد محمد باشا الكوبريللي مؤسس أسرة كوبرولو الألبانية العثمانية التي برز منها وزراء ورجال حكم وسياسة وقادة ومحاربون ورجال دولة هيمنوا على الشؤون السياسية والإدارية في الدولة العثمانية خلال النصف الأخير من القرن السابع عشر الميلادى وهي الحقبة التي عرفت بالحقبة الكوبريللية وكان مولده في عام 1575م في مدينة كوبرى وإليها نسبت الأسرة وكان إلتحاقه بالقصر السلطاني وهو في سن صغيرة حيث أصبح أحد العاملين بالمطبخ السلطاني ثم نقل لاحقا لقوات الفرسان السباهية الثقيلي التدريع وأثناء حصار السلطان العثماني مراد الرابع لمدينة بغداد التي كانت الدولة الصفوية الشيعية قد إستولت عليها في عام 1624م كان برتبه سنجق بك أى حاكم سنجق وفي أثناء الحصار إستشهد صديق عمره تاركا طفلا صغيرا إسمه مصطفى فكفله محمد باشا وضمه إلى أبنائه أحمد ومصطفي وكان هذا الطفل في نفس سن أحمد إبنه مما سمح لهما بأن يكونا أصدقاء وبعد فتنة مقتل السلطان إبراهيم الأول أصبح محمد باشا الكوبريللي وزيرا لكنه حرص على البعد عن الأحداث وعدم دس نفسه في أى خلافات مع أي شخص ولم يظهر طمعا في السلطة أو النفوذ أو المال مثل أقرانه وبالإضافة إلى كبر سنه فإن تلك العوامل جعلته في مأمن من غضب قوات الإنكشارية وكذلك لم ينظر إليه كبار الوزراء نظرة سوء بإعتباره يمثل خطرا على وظائفهم وبعد توليه منصب الصدارة العظمي كان من أهم أعماله المساهمة في إعادة بناء قوة الدولة العثمانية عن طريق إجتثاثه للفساد وإعادته لتنظيم الجيش العثماني مما أدى إلى توسيع حدود الدولة بعد أن نجح في هزيمة القوزاق والمجريين والبنادقة حيث أنه بعد إختيار السلطانة خديجة تورخان له لكي يشغل منصب الصدر الأعظم باشر عمله بداية من يوم 26 ذي القعدة عام 1066 هجرية الموافق يوم 15 سبتمبر عام 1656م وكان السلطان محمد الرابع قد بلغ آنذاك من العمر 14 عاما وأعلن أن السلطان محمد الرابع قد بلغ سن الرشد وأنه يمكنه الآن مباشرة أمور الدولة بنفسه غير أنه قدم النصح للسلطان بأن عليه الراحة والذهاب إلى مدينة إدرنه والتمتع بالصيد عوضا عن الغوص في أمور الدولة المتشابكة وقد رحب بهذا السلطان الفتى إذ أعجب كثيرا بهدوء إدرنه التي أنسته المؤامرات والتمردات التي كانت تشهدها العاصمة العثمانية إسطنبول فقرر الإقامة بها وأمضى بها معظم مدة سلطنته كما أنه أقبل علي مزاولة الصيد وقضى أوقاتا طويلة في رحلات الصيد وفي هذه المرحلة من حياته تزوج من رابعة كلنوش سلطان والتي أنجبت له ولديه مصطفي الثاني وأحمد الثالث اللذين صارا فيما بعد السلطانين العثمانيين الثاني والعشرين والثالث والعشرين وبهذا الإعلان المشار إليه من الصدر الأعظم محمد باشا الكوبريللي إنتهت نيابة السلطانة الوالدة التي دامت خمس سنوات والتي كانت قد أعلنت للديوان أنها عينت محمد باشا الكوبريللي صدرا أعظما بصلاحيات مطلقة وإنسحبت هي من المشهد السياسي تماما وتوارت إلى الظل ولم تعد تتدخل في أمور السلطنة بعد أن إطمأنت أن مقاليد البلاد قد أصبحت في أيد أمينة ومن ثم إنصرفت إلى أعمال الخير وتربية ولديها الآخرين الشاهزادة سليمان والشاهزادة أحمد وكان محمد باشا الكوبريللي معجبا بالسلطان العثماني مراد الرابع ورأى أن سياسة الشدة والقوة التي طبقها الأخير هي الأصلح لتعديل وإصلاح الأمور ومن ثم بدأ محمد باشا الكوبريللي أعماله بإعادة هيبة الدولة فضرب على يد الخارجين من الإنكشارية بيد من حديد وأجبرهم على إحترام النظام والإنشغال بعملهم والتفرغ للدفاع عن أراضي وحدود الدولة وحمايتها من أي إعتداءات خارجية بإعتبار أن هذا هو عملهم الأساسي ووظيفتهم الأولى وليس لهم حق التدخل في شئون الدولة وكان لسياسته الحازمة وميله إلى الشدة والترهيب فيما يتصل بأمور الدولة أثره في إنتظام أمورها وإستتباب أمنها ولما تحقق هذا كلفه السلطان العثماني محمد الرابع بالدفاع عن الدولة أمام الأخطار المحدقة بها .


وكان أول هذه الأخطار مواجهة البنادقة الذين كانوا قد إستولوا على العديد من الجزر الهامة المتواجدة في بحر إيجة وإحتلوا مضيق الدردنيل الذى يفصل البحر المذكور عن بحر مرمرة وفرضوا حصارا بحريا على الدولة العثمانية مما تسبب في أزمة طاحنة في المواد الغذائية كما ذكرنا في السطور السابقة وإزاء هذه الأزمة الكبيرة أمر محمد باشا الكوبريللي أحد قادة البحرية العثمانية وهو القبطان باشا توبال محمد بتعزيز الأسطول العثماني وتحرير الجزر المشار إليها وفتح الممرات البحرية المؤدية لإسطنبول فنجح العثمانيون في شهر مارس عام 1657م في الإفلات من حصار البنادقة لمضيق الدردنيل وأبحروا نحو جزيرة تينيدوس ولم يهاجموها لأن حاميتها كانت قويةً جدا وفي هذا الوقت أبحر القائد البندقي موتشينيجو إلى الدردنيل بأسطول معزز بسفن بابوية ومالطية منتظرا قدوم الأسطول العثماني الذي وصل إلى هناك في يوم 17 يوليو عام 1657م وتمكن العثمانيون من عبور مضيق الدردنيل وذلك بسبب الخلافات التي نشبت بين قادة الأساطيل المسيحية مما حال دون إكتمال جاهزيتهم ونشبت بين الأسطولين العثماني والأوروبي معركةُ تألفت من سلسلة من الإشتباكات على مدار ثلاثة أيام وإنتهت مساء يوم 19 يوليو عام 1657م عندما تمكن أحد جنود المدفعية العثمانيين من إستهداف سفينة القيادة للبنادقة فأصاب مخزن الذخيرة بها فإنفجرت إلى أشلاء وقتل قبطانها الذي يسميه الأتراك الأعور والذي كان كثيرا ما ضرب السفن العثمانية فكانت النتيجة أن خاف البنادقة وإنسحبوا من الجزر ومن ثم فتحت الممرات البحرية صوب العاصمة العثمانية إسطنبول مرة أخرى وكافأ محمد باشا جندى المدفعية مكافأة جليلة وعلى الرغم من أن العثمانيين تعرضوا لخسائر أكبر من البنادقة في هذه المعارك إلا أنهم نجحوا في تحقيق هدفهم وهو كسر الحصار البحرى الذي كان قد طال أمده وبعد هذه المعركة باشر الأسطول العثماني عمله من أجل إستعادة ما فقده العثمانيون من جزر قبل ذلك فإسترد جزيرة ليمنوس في يوم 31 أغسطس عام 1657م ثم جزيرة تينيدوس في يوم 12 نوفمبر عام 1657م ليقضي العثمانيون بذلك تماما على أى آمال مستقبلية للبنادقة في فرض حصار بحرى على العثمانيين ومن ثم إستبشر الناس خيرا بمحمد باشا الكوبريللي ووزارته ومما يذكر أن محمد باشا الكوبريللي كان يخشى كثيرا من منافسيه ويدرك أن منصبه مطمع للعديد من الوزراء والبشوات وكان متوهما بالذات من غازي حسين باشا الذي كان قائدا للقوات العثمانية في جزيرة كريت والذى كاد أن يتولى منصب الصدارة العظمي في السابق لكنها حولت عنه قبل إستلامه المنصب إلى شخص أخر وكان حسين باشا بطلا كبيرا إذ قاتل في جزيرة كريت التي كان قد حاصرها العثمانيون منذ عدة سنوات في ظروف بالغة الصعوبة ودون إمدادات معظم الوقت وبرغم ذلك فقد إنتصر عدة مرات على البنادقة وحاصر مدينة كانديه أو هراكليون عاصمة الجزيرة المذكورة وفشل البنادقة في إخراجه منها وعلي الرغم من ذلك أمر محمد باشا الكوبريللي بإستدعاء غازى حسين باشا إلى مدينة إدرنة وإتهمه بالتقاعس عن الإستيلاء على كانديه رغم علمه بصعوبة موقفه حيث لم تصل إليه أي إمدادات كان قد طلبها لتعزيز موقفه وأمر بحبسه وعلم محمد باشا لاحقا بأن السلطانة الوالدة خديجة تورخان قد تعاطفت مع غازى حسين باشا وأنها من الممكن أن تأمر الإفراج عنه وإطلاق سراحه فخشى أن يكون ذلك مقدمة لعزله من منصبه كصدر أعظم للدولة وتنصيب غازى حسين باشا صدرا أعظم بدلا منه فأمر بإعدامه سريعا وفي هذه الأثناء حدثت حركة إحتجاجات وتمرد وعصيان في صفوف قوات الفرسان السباهية في العاصمة العثمانية إسطنبول نظرا لعدم تحقيق مطالبهم فكان أن إستعان الصدر الأعظم محمد باشا الكوبريللي بالجنود الإنكشارية الأشداء وقضى على تمردهم وعصيانهم بمنتهي القسوة والعنف والوحشية ولهذا السبب فقد أصبح لمحمد باشا الكوبريللي صيت مفزع وأصبح كل الوزراء الآخرين وكبار قادة ورجال الدولة العثمانية يخشونه ويرهبونه ويعملون له ألف حساب .


ولابد لنا في هذا المقام الحديث عن فتح جزيرة كريت وهو الأمر الذى إستغرق وقتا طويلا بلغ 24 عاما وبدأ بمناوشات بحرية متبادلة بين العثمانيين والبنادقة في عام 1645م في عهد السلطان إبراهيم الأول والد السلطان محمد الرابع حيث سعي كل طرف إلي تعزيز تواجده البحرى في البحر المتوسط وبحر إيجة والبحر الأدرياتيكي وفرض العثمانيون الحصار علي جزيرة كريت لمدة طويلة إلا أنه نظرا للنقص الشديد في الإمدادات إضطر القائد العثماني غازي حسين باشا الذى كان قائدا للقوات العثمانية المحاصرة لمدينة كانديه عاصمة الجزيرة إلى رفع الحصار عنها في بداية عام 1649م وذلك في بداية عهد السلطان العثماني محمد الرابع ثم عاود العثمانيون محاصرة المدينة المذكورة من جديد بعد شهرين فقط من الرحيل عنها بعد أن وصل الأسطول العثماني إليها في شهر يونيو عام 1649م وإستمر هذا الحصار حتى عام 1669م ليكون ثاني أطول حصار في التاريخ بعد حصار الموريين سكان شمال قارة أفريقيا لمدينة سبتة ببلاد المغرب الأقصى بقيادة إسماعيل بن الشريف الذى دام من عام 1694م إلى عام 1727م وهاجم العثمانيون حصون مدينة كانديه مفجرين أكثر من سبعين لغما لكن المدافعين تمكنوا من الصمود أمام المد العثماني وقد خسر العثمانيون نتيجة عملياتهم الحربية في جزيرة كريت أكثر من ألف جندى وإنسحب من ميدان المعركة عدد 1500 إنكشاري وعانت القوات العثمانية من إنعدام التعزيزات والإمدادات المرسلة لهم على مدار عام 1650م ولم يكن هناك خيار أمام القائد العثماني حسين غازى باشا سوى أن يبذل أقصى مجهود لتضييق الحصار على المدينة ما أمكن وعزز العثمانيون من موقفهم ببناء 3 حصون بمدينة خانية بجزيرة كريت والتي إتخذها العثمانيون قاعدة لهم كما وصلت إليهم التعزيزات في أواخر عام 1650م مما سمح لهم بمواصلة حصارهم المفروض على كانديه وتكالبت الأوضاع الصعبة بعد ذلك على العثمانيين مرة أخرى فالبنادقة كانوا قد نجحوا في فرض الحصار على مضيق الدردنيل كما أسلفنا وعلي الرغم من أن البلاط العثماني كان يعاني من الإضطرابات السياسية إلا أن الإمدادات الواصلة للجيش العثماني في جزيرة كريت كانت كافيةً للحفاظ على وجوده وإستمرار الحصار علي مدينة كانديه لكن الجيش كان في وضعٍ أضعف من أن يشن هجوما حقيقيا وقويا وحاسما عليها وفي عام 1653م نجح العثمانيون في الإستيلاء على حصن سيلينو الواقع على خليج سودا الذى يقع شمال غرب جزيرة كريت كما قاموا بتحسين تحصينات حصن سان توديرو الذى كانوا قد إستولوا عليه سابقا وقد خفضت النجاحات البحرية التي حققتها جمهورية البندقية على مدار السنوات اللاحقة من القدرة الهجومية للجيش العثماني في جزيرة كريت بشكل مؤثر لكن حصار كانديه ظل مستمرا .


و بعد ذلك إتجهت القوات العثمانية شمالا لمواجهة جورج الثاني أمير ترانسيلفانيا الأمر الذي تطور إلى صراع طويل مع مملكة هابسبورج النمساوية فحاول الأسطول البندقي الذي بات بقيادة موروسيني من جديد بداية من عام 1658م فرض الحصار مجددا على مضيق الدردنيل لكن دون جدوى وإتخذ موروسيني من مهاجمة المعاقل العثمانية تكتيكا له فحاصر جزيرة ليفكادا التي تقع في البحر الأيوني في شهر أغسطس عام 1658م لكن الحصار باء بالفشل وعلى الرغم من نجاح البنادقة في نهب بعض الأراضي العثمانية جنوبي المورة مثل كالاماتا وكاريستو خلال عام 1659م إلا أنهم لم يمتلكوا قوات كافية تمكنهم من إحتلال هذه المناطق ولم تكسبهم هذه الغارات مكاسب فعلية وكان رد العثمانيين بأن أمر الصدر الأعظم محمد باشا الكوبريللي ببناء حصنين جديدين على الشاطئ الأوروبي المطل على مدخل مضيق الدردنيل هما حصن سد البحر وحصن كليد أي مفتاح البحر وذلك لمنع البنادقة من دخول المضيق مرةً أخرى وقد أنهكت هذه الحرب البنادقة كثيرا خصوصا بسبب تعطيلها للتجارة التي يعتمد عليها إقتصاد الجمهورية إعتمادا كليا لذا أرسل البنادقة سفراءهم للعثمانيين لكنهم لم يستطيعوا قبول ما إشترطه عليهم العثمانيون لإحلال السلام ألا وهو التخلي عن جزيرة كريت لكن بصيصا من الأمل عاد إلى نفوس البنادقة بعد إنتهاء الحرب بين فرنسا وأسبانيا ومن ثم كان لديهم أمل في الحصول على المزيد من المساعدات من الجانب الفرنسي على وجه الخصوص حيث أن العلاقات بين الفرنسيين والباب العالي كانت قد توترت في الآونة الأخيرة بعد أن كان الطرفان مرتبطين بعلاقات ود وصداقة وثيقة لفترة طويلة وقد تحقق هذا الأمل بالفعل حيث تطوع أفراد وجماعات من الرجال قادمين من مختلف أنحاء أوروبا الغربية للإنخراط في جيش جمهورية البندقية كما شعر الحكام المسيحيون أنهم مجبرون على تقديم المساعدات من رجال وسفن وإمدادات أما أولى البعثات الفرنسية فوصلت في شهر أبريل عام 1660م وكانت بعثةً مكونةً من عدد 4200 رجل بقيادة الأمير ألميريجو ديست كما وصلت فرق من المرتزقة الألمان وقوات من سافوى بالإضافة إلى السفن المرسلة من مالطة وتوسكانا وفرنسا ولكن على الرغم من كل التعزيزات والمساعدات وكافة صور الدعم التي قدمت للبنادقة فشلت العمليات التي قام بها موروسيني عام 1660م والتي كان منها محاولة إسترداد مدينة خانية التي هاجموها في شهر أغسطس عام 1660م كما هاجموا القوات العثمانية المحاصرة لمدينة كانديه في شهر سبتمبر عام 1660م محققين بعض النجاحات لكنهم فشلوا في كسر الحصار المفروض عليها وحدث أن توفي الأمير ديست بعد ذلك بفترة وجيزة في ناكسوس وعادت الكتيبة الفرنسية إلى بلادها وتلا ذلك عزل موروسيني وتسليم القيادة لأحد أقاربه ويسمي جورجيو موروسيني والذى حقق بعض النجاحات الطفيفة خلال عام 1661م حيث كسر الحصار العثماني على جزيرة تينوس وهزم الأسطول العثماني قبالة جزيرة ميلوس وإنخفضت وتيرة الحرب بعد ذلك وساد الهدوء بين الطرفين على الرغم من إنشغال العثمانيين مع النمساويين في بلاد المجر إلا أن البنادقة فشلوا في إقتناص الفرصة الثمينة التي لاحت لهم ولم يقوموا بأي عملية حقيقية من أجل التخلص من العثمانيين وطردهم من جزيرة كريت بإستثناء إعتراضهم لقافلة السفن التي كانت تحمل الإمدادات القادمة من الإسكندرية للقوات العثمانية قبالة جزيرة كوس اليونانية التي تقع في المنطقة الجنوبية من بحر إيجة والقريبة من السواحل التركية وكان ذلك في عام 1662م .


وخلال هذه الفترة تمكن العثمانيون من الإحتفاظ بالأراضي التي كانوا قد إستولوا عليها مسبقا في جزيرة كريت حتى وصول حملة عثمانية جديدة عام 1666م وذلك بعد أن وقعت الدولة العثمانية معاهدة فسفار المشار إليها في السطور السابقة مع مملكة النمسا عام 1664م مما سمح لها بحصر تركيزها على جزيرة كريت بعد أن كانت تحارب على عدة جبهات ومن ثم بدأ الصدر الأعظم العثماني فاضل أحمد باشا الكوبريللي الذى خلف أباه محمد باشا الكوبريللي في منصبه يجهز لحملة ضخمة في شتاء عام 1665/1666م وأرسل تسعة آلاف رجل لتعزيز القوات العثمانية في كريت وقبل البدء عرض العثمانيون على البنادقة إقتراحا يبقي كانديه في حوزة البنادقة مقابل دفع جزية سنوية لكن البنادقة رفضوا وفي شهر مايو عام 1666م خرج الجيش العثماني بقيادة شخصية من الصدر الأعظم من منطقة تراقيا وهي القسم الأوروبي من تركيا حاليا إلى جنوب بلاد اليونان بحيث يخرج الجيش إلى جزيرة كريت في فصل الشتاء وعلى الجانب الآخر تلقى البنادقةُ في شهر فبراير عام 1667م تعزيزات كبيرة من فرنسا وسافوي بلغت 21 سفينة حربية وحوالي 6 آلاف رجل ولكن المشاكل بين القادة الأوروبيين عادت من جديد حول الأسبقية بين الدول المشاركة مع البنادقة مثل فرنسا ومالطة وصقلية ونابولي والولايات البابوية الأمر الذي أثر سلبا عليهم وسعى البنادقة بقيادة القائد فرانسيسكو موروسيني إلى الإشتباك مع العثمانيين لكنهم تجنبوا ذلك وإستغلوا أفضليتهم من حيث الموارد والقواعد بإمداد قواتهم في كريت بشكل مستمر ولم تحقق القوات المسيحية المتحالفة أي إنتصار أو نجاح يذكر خلال عام 1667م بإستثناء صدهم لغارة عثمانية شنت على جزيرة سيريجو إحدى الجزر الواقعة جنوب اليونان وفي يوم 8 مارس عام 1668م خرج البنادقة منتصرين بشق الأنفس من معركة ليلية قبالة ساحل جزيرة سانت بيلاجيا وحينما حاولت قوة عثمانية مؤلفة من عدد 12 سفينة وألفي جندي الإستيلاء على سرب من السفن البندقية وعلم موروسيني بنوايا العثمانيين قبل وصولهم فعزز من قوة هذا السرب حتى يكون مستعدا للمواجهة وبالفعل إنتصر البنادقة على العثمانيين لكن هذا الإنتصار كان غالي الثمن وكان الإنتصار البحري الأخير الذي يحرزه البنادقة في هذه الحرب وقد حافظ البنادقة على حصارهم لمدينة خانية قاعدة الإمداد العثمانية الرئيسية في جزيرة كريت خلال الصيف معززين ومدعومين بسفن بابوية وإسبتارية كما هاجمت القوات الأوروبية المتحالفة جزيرة سانت مارينا لتأمين مرساهم قبالة جزيرة سانت توديرو لكن هذا النجاح لم يمنع الأسطول العثماني المحمل بالقوات والإمدادات والذخائر من الوصول إلى قاعدتهم مدينة خانية في شهر سبتمبر عام 1668م بعد أن كانت السفن البابوية والاسبتارية قد إنسحبت من ميدان المعركة .


وبدأت المرحلة الأخيرة من حصار عاصمة جزيرة كريت مدينة كانديه بإشراف شخصي من الصدر الأعظم العثماني أحمد باشا الكوبريللي وقد إستمرت هذه المرحلة لمدة 28 شهرا وكلفت العثمانيين خسائر ضخمة منها أرواح عدد 70 ألف جندي وعدد 38 ألف من المجندين والرقيق الكريتيين الذين عملوا أثناء فترة الحصار لصالح قوات العثمانيين وعدد 29 ألف من المسيحيين المدافعين عن المدينة ونظر البنادقة بعين الخوف إلى الحملة العثمانية الجديدة التي توجهت إلي جزيرة كريت خصوصا وأن حالتهم الإقتصادية كانت تزداد سوءا يوما بعد يوم فأرادوا التوصل إلى تسوية سلمية مع الدولة العثمانية عام 1668م مستغلين إمكانية وصول تعزيزات كبيرة من دول أوروبا الغربية للضغط على العثمانيين على تقديم تنازلات لصالحهم في هذه التسوية وتم تعيين الأميرال أندريا فالير سفيرا للبنادقة في البداية لكنه إستبدل سريعا بألفيس دا مولين بسبب مرضه وتوجه مولين برفقة سفارته إلى مدينة لاريسا بشمال وسط اليونان حيث كان السلطان وحكومته هناك في رحلة صيد وإقترح العثمانيون بأن تحتفظ البندقية بنصف جزيرة كريت لكن البنادقة رفضوا العرض معتمدين على تعهدات الدول الأوروبية وبخاصة فرنسا بتقديم المساعدات لهم بالإضافة إلى علمهم بتجدد الإضطرابات في البلاط العثماني وفي العديد من أنحاء الدولة وتلقى مولين في غضون ذلك أوامر بمواصلة المفاوضات ومراقبة قوة العثمانيين ونواياهم دون أن يلزم نفسه أو جمهوريته بشئ ملموس ووصلت الوحدةُ الأولى من الكتيبة الفرنسية التي طال إنتظارها إلى كانديه في يوم 19 يونيو عام 1669م وقد بلغ قوام هذه الوحدة ستة آلاف رجل وواحد وثلاثين سفينة بقيادة فرانسوا دوق بوفور في حين وصلت الوحدة الثانية من الكتيبة في يوم 3 يوليو عام 1669م وكان العثمانيون قد أحرزوا تقدما ملحوظا في حصارهم للمدينة على مدار السنوات الماضية حتى إستطاعوا الوصول إلى حصونها الخارجية في حين كان المدافعون عنها قد وصلوا إلي حالة من الضعف والإرهاق يرثى لها وباتت معظم أجزاء المدينة مدمرة تماما وشن الفرنسيون هجومهم الأول على العثمانيين بعد وصول وحدتهم الأولي في يوم 25 يونيو عام 1669م بغتة وعلى حين غرة وبدا أنهم كانوا منتصرين في البداية لكن العثمانيين شنوا هجوما مضادا دحروا فيه القوات الفرنسية التي عانت من قلة التنظيم وبذلك إنتهى الهجوم الذي خطط له الفرنسيون بنتائج كارثية عليهم مكلفا إياهم عدد 800 قتيل من بينهم دوق بوفور نفسه الذى قتل من رصاصة وترك على أرض المعركة وقد أحيا وصول الوحدة الفرنسية الثانية في معنويات القوات المدافعة عن الجزيرة وتم الإتفاق على شن هجوم مشترك آخر يتضمن قصف خطوط الحصار العثماني بالمدفعية معتمدين على قوة أساطيلهم وقد بدأ هذا الهجوم الضخم في يوم 25 يوليو عام 1669م وقيل إن الأسطول الفرنسي وحده أطلق ما يصل إلى عدد 15 ألف قذيفة مدفعية لكن القوات العثمانية كانت محمية بفعل أعمال الحفريات العميقة التي كان العثمانيون قد قاموا بها ولذا فلم يتعرضوا سوى لأضرار وخسائر بسيطة .
 
 
الصور :
السلطان سليمان الثاني السلطانة خديجة تورخان السلطانة كوسم سلطان