الجمعة, 19 أبريل 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

سيوة الأغنى بين الواحات المصرية
-ج3-
"عيد السياحة"

سيوة الأغنى بين الواحات المصرية
-ج3-
-عيد السياحة-
عدد : 09-2022
كتب دكتور/ مصطفي عزمى


لعل من أشهر الأعياد التى يتميز بها المجتمع السيوى هو عيد السياحة أو عيد الصلح. ففي كل عام عندما يحل شهر أكتوبر وعند اكتمال القمر تبدأ احتفالات أهالي سيوة بعيد الليالي القمرية" أو عيد السلام" أو عيد السياحة" عند سطح جبل الدكرور. ويجتمع السيويون شيوخا وشبابا وأطفالا تاركين منازلهم مجتمعون على مائدة واحدة ويتناولون طعاما واحدة لكل الناس لا فرق بين غني وفقير. ولا يبدأون في تناول الطعام قبل إطلاق إشارة البدء من شخص يسمى "القدوة" يجلس في أعلى مكان على الجبل وبعدها تبدأ الاحتفالات والأناشيد لأهم عيد في سيوة . وفي المساء تبدأ الاحتفالات بحلقات الذكر ويرون أشهر قصص تصالح السيويين الشرقيين والغربيين والذي كان الفضل فيه للشيخ أحمد الظافر المدني الذي صاهر من الشرق والغرب ليسود التسامح وتذهب الخلافات.

ويلاحظ حرص الجميع على المشاركة في هذا سواء من الطريقة المدنية أو من خارجها. ويقدم كل فرد خمسة أرغفة من المجردة ويوضع في أجولة ويخزن في الجامع وعددها ستة عشر جامعا. وأيضا الحطب المقرر على الجامع فيتطوع أهل الحارة بجمع الحطب المطلوب، فهناك من يقدم حزمة أو أكثر حتى يتم جمع الحطب المقرر على الجامع، والجامع الذي لا يحضر الحزم المطلوبة يمكن أن تفرض عليه غرامة نقدية حسب الحزم الناقصة ويقررها القدوة.

يستلم المقاديم (المسئولين عن تجهيز الطعام) النقود قبل موعد الاحتفال بيومين أو ثلاثة ويشترون بها مستلزمات الطعام، والذي يقوم بعملية الشراء لجنة تختار من بين المقاديم. وجدير بالذكر أن هناك من يقدم تبرعات عينية من أرز وزيت وماشية وغير ذلك، وترسل كل المشتريات والتبرعات والنذور والمجردق والحطب الذي غالبا ما يكون من الجريد وأواني الطهي والغرف إلى جبل الدكرور بصحبة الشواش (الشاوشية) قبل موعد الاحتفال بيوم ويستلمها الطباخون.

في اليوم السابق لبدء الاحتفال وبعد الإفطار حيث يفطر المقاديم في أماكنهم والطباخين في مكان الطهي، يصعد بعض الطباخين إلى حيث القدوة والمقاديم فيصبحون عليم ويقرأون الفاتحة ويأخذون الإذن ببدء العمل حيث يبدأ تجهيز الطعام للغذاء، وفي تلك الأثناء يتناول الطباخون الضحوية وهي عبارة عن تمر وفول سوداني وأي شيء خفيف. بالإضافة لفتة سواء في وجبة الغذاء أو العشاء، ولابد وأن تكون الفتة في أو يوم من المجردة حتى لو كان هناك قدر كاف من الأرز للفتة في الثلاثة أيام، وذلك للمعتد بأن من أكل من عيش الآخر لو كان هناك خصام لابد وأن يزول.

ونلاحظ أن العيش أو الخبز هو الأساس فى الوليمة وهذه هي الفلسفة الكامنة وراء الفتة؛ لأن المجردق يخبز في المنزل ولا يشترى ويختلط المجردق فلا يعرف الفرد من أي عيش كانت الفتة التي أمامه وبذلك يعم الصلح والوئام بين الجميع. ويلاحظ أن هذا المعتقد منتشر في مصر بشكل عام فهناك المثل الذي يقول " واكلين عيش وملح مع بعض". وحتى سنوات قليلة كانت الفتة توضع في قصعة من الخشب.

ويبدأ التوزيع عندما ينادي في الميكرفون أحد الأشخاص المخصصين لذلك ، قائلا: "وأعلم" ويكررها مرتين أو أكثر وذلك لكي يبدأ العمل، ويقف بعض الطباخين والمتطوعين صفا واحدا ويتم مناولة الأطباق التي بها الفتة الجافة من فرد إلى آخر حتى مكان المرق وتنقل بعدها حيث يوضع بها اللحم ثم ترص في صفوف، ويكون عددها في المتوسط أكثر من خمسمائة طبق كبير من الصاج والألومنيوم، وتتم تلك العملية مع أداء الذكر، ويكون ذلك بعد صلاة الظهر.

ويؤدي ذلك العمل صفان من المشاركين - ويتاح لأي فرد المشاركة . حيث يأخذ صف الأطباق التي بها الفتة الجافة وصف آخر يأخذها بعد وضع المرق ويرصها ويقف الصفار متقابلين.

تتم كل هذه الخطوات مع الذكر حيث يقف خمسة أو ستة منشدين وبينما يقوم الباقي بدور المرددين إلى أن ينتهي غرف الطعام ويبدأ التوزيع الذي يتسابق الأفراد للمساهمة فيه فيأخذون الأطباق من مكان الطهي ويضعونها في الساحة والمسافة بينهما حوالي مائة متر ويجلسون على الأرض حول تلك الأطباق في حلقات يتراوح عدد أفرادها بين ستة أفرا وثمانية، وكل فرد يأتي ويجلس في أول مكان خال فلا يسير بين الأطباق حتى لا يثير الغبار.

ينظم رئيس الطباخين أو من ينيب عنه وضع الأطباق، ولا توضع الأطباق إلا في المكان الذي يشير إليه رئيس الطباخين، ولابد أن يكون له من قوة الملاحظة والإدراك ما يمكنه من تقدير الأطباق المطلوبة، مع العلم بأن عدد الأفراد التي تحمل الأطباق ربما يزيد عن العشرين فردا، وعندما يتم وضع الأطباق يبلغ رئيس الطباخين أحد المقدمين الذي يبلغ بدوره القدور بأن الطعام قد تم وضعه فيعطى الإذن للمقدم الذي يعطي بدوره إشارة للبواب بجوار الميكرفون فينادي قائلا: "بسم الله، فيبدأ الجميع في تناول الطعام - المتاح للجميع – دون التقيد بأن يكون عضوا في الطريقة المدنية أو مشاركة بالمال"، ويحرص الجميع على تناول ولو لقيمات منه لأنه بركة.

ولا يستطيع أي فرد أن يمد يده للطعام - وقد لاحظت ذلك - إلا بعد سماع "بسم الله" و وإذا حدث ومد فرد يده إلى الطعام قبل النداء فينصف أي يصطحبه اثنين شاويشية ويمر على جميع الحلقات قائلا: "أنا غلطان". أو يؤخذ إلى مجمع المقاديم لكي يعتذر. والهدف من أكل الفتة؛ رمزی فمن أكل لقمة واحدة يدرك معنى التسامح وتحل عليه البركة فهم يقولون يأكل "باروكية"، وهناك من يأكل قليلا ويذهب بعد ذلك ليستكمل طعامه من الأكل خاص به. وكان هذا ممنوعة قبل الآن بسنوات قليلة، فكان ولابد وأن تأكل وتشبع من الفتة، حيث كان ممنوعا إحضار الأكل؛ لأنها سياحة بدنية وروحية، واختلف الوضع الآن من حيث الشكل ولكن الجوهر باق وهو المهم.

بعد ذلك تلم الأطباق الفارغة وتغسل جميع الأوعية ويتناول الطباخون غذاؤهم ثم تجرى القرعة الخاصة بعمل كشوف تسليم أنصبة اللحم المغروز في سلة الجريد، والتي تغسل قبل غرز قطعتين صغيرتين أو ثلاث قطع صغيرة من اللحم، ويبلغ عدد سلات الجريد حوالي خمسة آلاف سلة.
وتتم القرعة بأن يكتب اسم كل حارة في ورقة وتوضع جميع الأوراق معا ويسحب المقاديم الأوراق، وعلى هذا الأساس يرتب توزيع أنصبة اللحوم على الحارات، ويعلق کشف بهذا الترتيب على الحائط.

وأحيانا يكون هناك أكثر من فريق لتوزيع سلات الجريد، ويبدأ أحد المقدمين أو الشاويشية في قراءة الاسماء؛ فلان الفلاني خمسة أو أربعة على قدر مساهمته. ويناوله أحد الطباخين تلك الأنصبة، وبعد الانتهاء من التوزيع يبدأ في إجراء مزاد على رؤوس المذبوحات وأرجلها وجلودها، بأن ينادي من يتولى أمر المزاد وهو عادة من الطباخين، قائلا: "المزاد يا أولاد الحلال اللي يحب ييجي ييجي"، وتبدأ المزايدة ومن يرسی عليه المزاد يدفع قيمته ويترك الشيء الذي زايد عليه للطباخين، فيقتسمون النقود ويأكلون الرؤوس.

وإذا تبرع أحد بشاة أو بأي شيء للطباخين يجرون عليه المزاد في يوم التبرع نفسه، ولا يأخذ المتبرع النقود ولا من رسی عليه المزاد الشيء الذي زايد عليه ويترك للطباخين؛ لأن الذي تبرع عادة ما يكون قد نذر الشيء المتبرع به للطباخين، لو أن الله حقق له ماطلبه كأن شفاه مثلا، حيث أن هناك اعتقاد بأن هؤلاء الطباخين دعواتهم مستجابة؛ فلذلك ينذر لهم ويطلب منهم الدعاء ولذلك يقال الندر للطباخين والباروكية للناس، أي أن البركة تحل على من نذر.

وبعد توزيع اللحم يمكن لمن يريد الانصراف أن ينصرف وهناك من ينصرف ويعود على حسب وقت فراغه، ويتضح من ذلك أن الارتباط الأساسي والاعتقادي في الاحتفال هو أكل الفتة، وأخذ سلة الجريد باللحم التي فيها البركة.

وينتشر الناس خاصة الصغار في الساحة التي قبل مكان الاحتفال يلعبون فيها ويركبون الدراجات والمراجيح ويشاهدون الأراجوز، ويتناولون الأطعمة والمشروبات. وبعد صلاة المغرب، يتم تناول العشاء ثم صلاة العشاء، وبعد ذلك حضرة الذكر الرئيسية في ساحة الطعام وينتظم فيها المقاديم والشاويشية والطباخين ومن يرغب من الحاضرين، حيث يقفون على شكل مربع، ويبدأ الذكر ويستمر قرابة الساعة ثم ينصرفون.
 
 
الصور :