الخميس, 28 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

السلطان عبد الحميد الثاني
-ج1-

 السلطان عبد الحميد الثاني 
-ج1-
عدد : 09-2022
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا”


السلطان عبد الحميد الثاني هو خليفة المسلمين الثاني بعد المائة والسلطان الرابع والثلاثون من سلاطين الدولة العثمانية والسادس والعشرون من سلاطين آل عثمان الذين جمعوا بين الخلافة والسلطنة وآخر من إمتلك سلطة فعلية منهم وتنقسم فترة حكمه إلى قسمين الدور الأول وقد دام مدة سنة ونصف ولم تكن له سلطة فعلية خلال هذا الدور والدور الثاني وحكم خلاله حكما فرديا يسميه معارضوه دور الإستبداد وقد دام أكثر من ثلاثين سنة وقد تولى السلطان عبد الحميد الثاني الحكم في يوم10 شعبان عام 1293 هجرية الموافق يوم 31 أغسطس عام 1876م وتم خلعه بإنقلاب في يوم 6 ربيع الآخر عام 1327 هجرية الموافق يوم 27 أبريل عام 1909م وخلفه أخوه السلطان محمد الخامس أي أنه ظل في الحكم ما يقرب من 33 عاما ولذا فهو يعد ثالث السلاطين العثمانيين من حيث مدة الحكم بعد السلطان سليمان القانوني الذى ظل في الحكم 46 عاما والسلطان محمد الرابع الذى ظل في الحكم 39 عاما ووضع رهن الإقامة الجبرية حتي وفاته في يوم 10 فبراير عام 1918م وقد أطلقت عليه عدة ألقاب منها السلطان المظلوم بينما أطلق عليه معارضوه لقب السلطان الأحمر ويضاف إلى إسمه أحياناً لقب الغازى وهو شقيق كل من سلفه السلطان مراد الخامس الذى كان قد خلف عمهما السلطان عبد العزيز الذى تولي الحكم لمدة 3 أشهر فقط وخليفتيه السلطان محمد الخامس الذى تولي الحكم من عام 1909م حتي عام 1918م والسلطان محمد السادس الذى تولي الحكم من عام 1918م حتي عام 1922م وقد إستمر تحديث الإمبراطورية العثمانية خلال فترة حكمه بما في ذلك إصلاح البيروقراطية ومد خط سكة حديد روميليا وخط سكة حديد الأناضول وبناء خط سكة حديد بغداد وخط سكة حديد الحجاز وقد لعبت الشركات الألمانية دورا رئيسيا في عملية تأسيس وتطوير خطوط وأنظمة السكك الحديدية المذكورة وأيضا خطوط التلغراف وبالإضافة إلى ذلك تأسست في عهده أنظمة التسجيل السكاني والسيطرة على الصحافة إلى جانب أول مدرسة محلية في عام 1898م كما أُنشئت أيضا في عهده العديد من المدارس المهنية في عدة مجالات بما في ذلك القانون والفنون والمرفقات والهندسة المدنية والطب البيطري والجمارك وعلى الرغم من أن السلطان العثماني عبد الحميد الثاني كان قد أغلق جامعة إسطنبول في عام 1881م إلا أنه أعاد فتحها في عام 1900م وعلاوة علي ذلك فقد تم في عهده تشييد شبكة واسعة من المدارس الثانوية والمتوسطة والعالية والعسكرية في جميع أنحاء الإمبراطورية العثمانية ومما يذكر أيضا أنه في عهده أشرف السلطان عبد الحميد الثاني على حرب فاشلة مع الإمبراطورية الروسية ما بين عام 1877م وعام 1878م تلتها حرب ناجحة ضد مملكة اليونان في عام 1897م وكان أيضا مما يحسب للسلطان عبد الحميد الثاني أنه خلال فترة حكمه رفض رفضا قاطعا عروض مؤسس المنظمة الصهيونية وأبو الصهيونية السياسية الحديثة تيودور هرتزل لسداد جزء كبير من الدين العثماني الذى كان قد بلغ 150 مليون جنيه إسترليني من الذهب مقابل ميثاق يسمح للصهاينة بالإستقرار في فلسطين والتي كانت آنذاك تحت السيادة والسلطة العثمانية ويتردد أنه قال لمبعوث هرتزل والذى كان يشجع هجرة اليهود إلي فلسطين بهدف إنشاء وطن قومي لهم هناك ما دمت على قيد الحياة لن أقسم أجسادنا فقط وإن جثتنا هي ما يمكنكم تقسيمها فقط .


وكان ميلاد السلطان عبد الحميد الثاني في يوم الأربعاء في شهر شعبان عام 1258 هجرية الموافق شهر سبتمبر عام 1842م في قصر جراغان في إسطنبول وهو إبن السلطان عبد المجيد الأول والسلطانة تيرمجكان الشركسية الأصل التي ماتت وهو في سن العاشرة من عمره فإحتضنته كبيرة المحظيات برستو هانم وتعهدت بتربيته فصارت أمه معنويا وتقلدت مقام السلطانة الأم لمدة ثمان وعشرين عاما خلال فترة حكمه وحتي وفاتها وقد درس السلطان عبد الحميد الثاني الموسيقى في شبابه ودرس الخط وتعلم اللغتين العربية والفارسية بالإضافة إلى الفرنسية والأدب العثماني والعلوم الإسلامية وتعمق في التصوف ونظم بعض الأشعار باللغة التركية العثمانية ودرس على يد علماء عصره بداية من عام 1266 هجرية الموافق عام 1850م وأتم دراسة صحيح البخاري في علم الحديث وتعلم السياسة والإقتصاد على يد وزير المعارف وخلال فترة تولي عمه السلطان عبد العزيز الأول العرش قام بزيارة مصر في شهر أبريل عام 1863م مع وفد عثماني كان علي رأسه السلطان عبد العزيز ثم ذهب بعد ذلك في زيارة إلى أوروبا في رحلة إستغرقت حوالي شهر ونصف من يوم 21 يونيو إلى يوم 7 أغسطس عام 1867م زار فيها فرنسا وإنجلترا وبلجيكا والإمبراطورية النمساوية المجرية والمانيا وعلاوة علي ذلك فقد إمتهن السلطان عبد الحميد الثاني النجارة وقد بدأ شغفه بها على أيام والده السلطان عبد المجيد الأول الذي كان أيضا محبا لها وكان إلى جانب والده رجل إسمه خليل أفندي تعلم على يده هذه المهنة وكان أيضا محبا للرياضة والفروسية وعرف بتدينه وتقول إبنته عائشة بخصوص هذا الموضوع كان والدي يؤدي الصلوات الخمس في أوقاتها ويقرأ القرآن الكريم وفي شبابه سلك مسلك الشاذلية وهي طريقة صوفية أسسها القطب الصوفي المعروف أبو الحسن الشاذلي وكان كثير التردد علي الجوامع لا سيما في شهر رمضان المعظم كما أنه إنتسب إلى جمعية العثمانيين الجدد في بداية تأسيسها لكنه تركها بعد أن إكتشف نوايا أعضائها المضرة بالدولة وبعد وقوع مذابح الأرمن في عهده أطلق عليه أعداؤه لقب السلطان الأحمر وقاتل الأرمن وقد تولي السلطان عبد الحميد الثاني الحكم في 11 شعبان عام 1293 هجرية الموافق يوم 31 أغسطس عام 1876م خلفا لأخيه السلطان مراد الخامس الذى كان قد خلف عمهما السلطان عبد العزيز في شهر مايو عام 1876م وإستمر حكمه 3 شهور فقط حين خلعه وزراؤه وسائر رجال الدولة بعد أن طرأ إختلال في قواه العقلية وأصابه الجنون وبويع أخوه الأصغر عبد الحميد الثاني بالسلطنة والذى توجه في الموكب الملكي إلى ضريح الصحابي أبي أيوب الأنصاري وهناك تقلد السيف السلطاني وفق العادة المتوارثة مذ أن فتح العثمانيون القسطنطينية ومنه سار لزيارة قبر والده السلطان عبد المجيد الأول ثم ضريح السلطان محمد الفاتح فاتح القسطنطينية ثم قبر جده السلطان محمود الثاني ثم قبر عمه السلطان عبد العزيز الأول .


وعندما بويع السلطان عبد الحميد الثاني بالخلافة وعرش السلطنة كانت البلاد تمر بأزمات حادة ومصاعب مالية كبيرة وكانت الدولة العثمانية تتعرض لمؤامرات ودسائس سياسية داخلية وخارجية تستهدف إسقاطها وإقتسام تركة الرجل المريض وهو المصطلح الذى كان يطلق علي الدولة العثمانية آنذاك حيث كانت بلاد البلقان تشهد ثورات عاتية كانت تقوم بها عناصر قومية تتوثب لتحقيق إنفصالها ومنذ اليوم الأول لإرتقاء السلطان عبد الحميد الثاني العرش واجه موقفا دقيقا وعصيبا فقد كانت الأزمات تهدد كيان الدولة كما إزدادت آنذاك سرعة إنتشار الأفكار الإنفصالية وأصبح للوطنية معنى جديد أخذت فكرته تنمو وتترعرع في العديد من الولايات العثمانية ووجد السلطان العثماني نفسه محاطا بالثورات والإضطرابات وحركات التمرد والعصيان وقد دامت الفترة التي واجه فيها السلطان عبد الحميد الثاني هذه الأزمات مدة سنة ونصف تقريبا وتحديدا من يوم 31 أغسطس عام 1876م وحتى يوم 13 فبراير عام 1878م وسميت هذه الفترة بالدور الأول وخلال هذا الدور لم يكن للسلطان عبد الحميد الثاني القول الفصل وإنما كان للسياسي العثماني أحمد شفيق مدحت باشا الذى كان قد تولى منصب الصدارة العظمي آنذاك حلفا لرشدى باشا ومن معه وخلال هذا الدور عمل السلطان عبد الحميد الثاني علي مداراتهم ومسايرتهم وكانت حركات التمرد والعصيان قد إنتشرت علي نطاق واسع في كافة أرجاء الدولة وتم عقد مؤتمر ترسانة والذى كان إجتماعه الأول في يوم 23 ديسمبر عام 1876م بمبنى نظارة البحرية التركية الواقع على خليج إسطنبول وكان هدف هذا المؤتمر الوصول إلى حل بين الدولة العثمانية والصرب بحضور مندوبين من دول أوروبا وروسيا ثم عقد الإجتماع الثاني يوم 28 ديسمبر عام 1876م ولم تتفق الأطراف المختلفة على حل يرضي الدولة العثمانية والصرب حيث رفضت الدولة العثمانية ما أسفر عنه هذا المؤتمر من قرارات خاصة بإعادة تنظيم ولايات البوسنة والهرسك والجبل الأسود وبلغاريا وإعادة ترسيم الحدود بينها مما يخلق مقاطعات جديدة مقترحة وقامت الدول الحاضرة في هذا المؤتمر بوضع الترتيبات الدستورية والتشريعية والتنفيذية وطرق إنفاذ القانون والنظام الإداري لهذه البلاد بعد إعادة تنظيمها وكذلك أنظمة المراقبة الدولية وأنظمة الضرائب في المقاطعات الجديدة المقترحة وفي هذا الإجتماع أيضا كرر كبير المبعوثين الإنجليز اللورد سالزبوري رفضه لحرب روسية عثمانية وكذلك القيصر الروسي الكسندر الثاني الذي مال إلى إقرار السلام ولكن الصدر الأعظم مدحت باشا ناصر وأيد الرآى الذى تبني إعلان الحرب على روسيا ولم يبال برأى السلطان الذي كان رافضا رفضا قاطعا لهذا الرأى ومن جانب آخر فبإصرار شديد من الصدر الأعظم مدحت باشا أعلنت الدولة العثمانية ما أطلق عليه المشروطية الأولى ونشرت القانون الأساسي والذى كان يعد الدستور الأول للدولة العثمانية والذى تمت كتابته من قبل عدد 28 عضو عينهم السلطان عبد الحميد الثاني وأعلنه في يوم 23 ديسمبر عام 1876م وإفتتح بعد إنجازه المجلس العمومي الذي يتكون من مجلس المبعوثان في يوم 19 مارس عام 1877م .


وقد شعر السلطان عبد الحميد الثاني بأنه أجبر على قرار الحرب بسبب ضغوط الصدر الأعظم مدحت باشا الذي حرض طلبة العلوم الدينية العليا للقيام بمظاهرات بهدف إجبار السلطان على إعلان الحرب علي روسيا مما تسبب في تصاعد الرأي العام على إثر هذه المظاهرات داعيا إلى الحرب وتيقن السلطان حينذاك علي أن هناك قصورا وعدم نضج في الرأي العام ممثلا في المجلس الذي دفع بالأمة إلى الحرب في غير وقتها وبدون إستعداد لها أو حاجة إليها لذلك قام بإصدار قرار بتعطيل الحياة النيابية إلى أجل غير مسمى في يوم 9 صفر عام 1295 هجرية الموافق يوم 13 فبراير عام 1878م وقد إستمر هذا التعطيل مدة ثلاثين عاما ونصف العام بعد حياة نيابية إستمرت عاما واحدا ونصف العام تقريبا ومن الملاحظ أن السلطان عبد الحميد الثاني لم يلغِ الدستور أو ينحيه بل إستمر نشر الدستور في النشرة السنوية للدولة طيلة 31 عاما متوالية دون إنقطاع وإن كانت أحكامه لم تطبق ولم يجتمع مجلس الأعيان ولكن أعضاءه إستمروا في تقاضي مرتباتهم بصورة رسمية مدى الحياة وعلى هذا الأساس فإن السلطان عبد الحميد الثاني أدار دولته بصورة شخصية دون مجلس في ظل دستور يمنع تدخل السلطان في شئون الحكومة ولذا فقد إتصف السلطان بصفة المستبد والديكتاتور ومما يذكر أن السياسي الألماني الشهير وموحد المانيا أوتو فون بسمارك قد إستصوب ما فعله السلطان عبد الحميد الثاني من حل مجلس المبعوثان وعلَّق عليه بقوله إن لم يكن قوام الدولة شعبا واحدا فإن ضرر مجلسها يكون أكبر من نفعه وعموما فبهذا حكم السلطان عبد الحميد الثاني الدولة العثمانية حكما فرديا من مقر إقامته في قصر يلذر وربط جميع مؤسسات الدولة بشخصه غير أنه لم يستعمل القوة القسرية مطلقا في حكمه حيث لم يتدخل الجيش في الشئون الداخلية وإن كان قد إعتمد على تحريات الأمن التي قامت أحيانا ببعض التجاوزات .


وكانت الثورة قد تجددت في إقليمي البوسنة والهرسك بمنطقة البلقان بجنوب شرق أوروبا وإستمرت في بلغاريا بحلول عام 1877م وكان الصرب والجبل الأسود آنذاك في حالة حرب مع الدولة العثمانية ولهذه الأسباب تدخلت الدول الأوروبية لإستغلال الموقف بغية تحقيق مصالحها بحجة إحلال السلام في إقليم البلقان فشجعت روسيا والنمسا الصرب والجبل الأسود على حرب العثمانيين حيث رغبت النمسا في ضم البوسنة والهرسك بينما رغبت روسيا في ضم بلاد الأفلاق والبغدان نيا حاليا وبلغاريا ووعدت روسيا النمسا والصرب والجبل الأسود بالوقوف إلي جانبهم إذا قامت حرب بينهم وبين العثمانيين وبالفعل قامت الحرب بين الدولة العثمانية وتلك الدول إلا أن الجيوش العثمانية إستطاعت الإنتصار ووصلت إلى مشارف بلجراد عاصمة الصرب غير أن تدخل دول أوروبا أوقف الحرب وفي عام 1877م حدث أن أرسلت الدول الأوروبية الكبرى لائحة للدولة العثمانية تقضي بتحسين الأحوال المعيشية لرعاياها النصارى وإجراء إصلاحات في البوسنة والهرسك وبلاد البلغار وتعيين الحدود مع الجبل الأسود وأن يقوم سفراء الدول الأوروبية لدى الدولة العثمانية مراقبة تنفيذ هذه اللائحة وعندما وصلت اللائحة للسلطان عبد الحميد الثاني عرضها على مجلس المبعوثان الذي كان رافضا جر البلاد للحرب بسبب تردي الأحوال الداخلية والخارجية ولم تستشار الدولة العثمانية بخصوص هذه اللائحة ولم تشارك في مناقشتها ومن ثم فقد رفضها المجلس وإعتبر أن ذلك يعد تدخلا صريحا في شؤونها الداخلية بإسم حماية النصارى فإستغلت روسيا هذا الرفض وإعتبرته سببا كافيا للحرب وقطعت علاقاتها السياسية مع الدولة العثمانية وأعلنت بالفعل الحرب وفي هذه المرة تركت أوروبا روسيا لتتصرف كيفما تشاء مع العثمانيين فإحتلت الأفلاق والبغدان وبلغاريا ووصلت مدينة إدرنة داخل حدود الدولة العثمانية وأصبحت على بعد 50 كيلو متر فقط من العاصمة العثمانية إسطنبول ودخلت جيوشها كذلك إقليم الأناضول وقامت بلاد الصرب والجبل الأسود أيضا بإعلان الحرب على الدولة العثمانية فإضطرت الأخيرة إلى طلب الصلح وأبرمت معاهدة سان ستيفانو مع روسيا والتي وقعت في قرية سان ستيفانو‏ وهي قريةٌ تقع على ساحل بحر مرمرةَ تبعد أحد عشرَ كيلو متر غربَ المدينة التاريخية القديمة لإسطنبول حاليا من قبل الكونت نيكولاس بافلوفيتش إچناتيف والكسندر نليدوف نيابةً عن الإمبراطورية الروسية ووزير الخارجية العثمانية صفوت باشا والسفير العثماني في برلينَ سعد الله بك نيابةً عن الإمبراطوريّةِ العثمانية وقد أنهت المعاهدة الحرب الروسيةَ التركية وقد نصت هذه المعاهدة على إنشاء إمارة ذاتية الحكمِ لبلغاريا بعد ما يقرب من 500 عام من الحكم العثماني ويحتفل البلغار باليوم الذي جرى فيه التوقيع على هذه المعاهدة وهو يوم 3 مارس عام 1878م بإعتبار أنه يوم التحرير ومع ذلك فإن بلغاريا الموسعةَ التي تصورتها المعاهدة أزعجت الدولَ المجاورة وكذلك دولتي فرنسا وبريطانيا وجدير بالذكر أن معاهدة سان ستيفانو كانت من المعاهدات المحورية المهمة في تاريخِ الدولة العثمانية حيث أنها فرضت على العثمانيين المهزومين أمام روسيا الإعتراف بإستقلال الصرب والجبل الأسود والأفلاق والبغدان وبلغاريا والتنازل عن عدة مدن في قارة آسيا إلي جانب إدخال إصلاحات جوهرية على أوضاعِ المواطنين المسيحيين في ولايات الدولة العثمانية لا سيما في ولاياتها الأوروبية وفي جزيرة كريت وهو ما ضمن العديد من الحقوق والإمتيازات للأقليات المسيحية كانت لا تتمتع بها الأغلبية المسلمة وكان ذلك إشارةً إلى رغبة الدول الأوروبية في تفجير الدولة العثمانية من الداخل بعد إضعافها للغاية في المحيط الدولي بحيث يترسخ مصطلح رجل أوروبا المريض الذى كان يطلق آنذاك علي الدولة العثمانية الذي ينتظر الجميع موته لتقسيم تركته الكبيرة .


هذا ولم توضعِ معاهدة سان ستيفانو المشار إليها في السطور السابقة موضع التنفيذ مطلقا إذ حلت محلها معاهدة برلين التي أعقبت مؤتمرَ برلينَ الذي عقد بعد حوالي 4 شهور في يوم 13 رجب عام 1295 هجرية الموافق يوم 13 يوليو عام 1878م في العاصمة الألمانية برلين ووفقا للموقف الروسي الرسمي لم تقصد روسيا من خلال التوقيعِ على معاهدة سان ستيفانو أكثر من أن تكون مسودة أولية مؤقتة وذلك تمهيدا لتحقيق تسوية نهائية مع القوى العظمى الأخرى حيث كانت هناك معارضة شديدة لمعاهدة سان ستيفانو من جانب دول إنجلترا وفرنسا والمانيا والنمسا لأنها كانت لا تتفق مع مصالحها الإستراتيجية وقد تضمنت معاهدة برلين عدد 64 مادة وتم بموجبها سلخ المزيد من الأراضي عن الدولة العثمانية وتأكيد وتثبيت إستقلال بلغاريا وضم البوسنة والهرسك للنمسا وإستقلال الجبل الأسود والصرب وضم قارص بشرق تركيا وأرداهان بشمال شرق تركيا وباطوم بجمهورية جورجيا حاليا لروسيا وقد كشفت قرارات مؤتمر برلين عن مدى الضعف الذى كانت قد وصلت إليه الدولة العثمانية حيث إستغلت الكيانات السياسية والقومية هذا الضعف وقامت بحركات تمرد وعصيان وإنتفاضات جديدة على الحكم المركزي للدولة العثمانية بهدف الحصول على الإستقلال الكامل ودعمتها دول أوروبا في سبيل تحقيق ذلك وهكذا توالت الأزمات السياسية في وجه السلطان عبد الحميد الثاني بعد الحرب العثمانية الروسية ومؤتمر برلين وعلاوة علي دول أوروبا فقد إنضمت دولة تونس أيضا إلى قائمة الأقاليم التي فقدتها الدولة العثمانية لصالح أوروبا في عهد السلطان عبد الحميد الثاني عندما إحتلتها فرنسا التي أجبرت باى تونس على توقيع معاهدة قصر سعيد وأدخلت فرنسا ولاية تونس المستقلة ذاتيا تحت حمايتها ولم تعترف الدولة العثمانية حتى معاهدة لوزان بدولة سويسرا التي عقدت في عام 1923م بالإحتلال الفرنسي وكانت تعتبرها ولاية عثمانية تحت الإحتلال الفرنسي غير الشرعي ولم تقتنع بريطانيا بما حصلت عليه في جزيرة قبرص فإستغلت تراكم الديون على الحكومة المصرية بعد فتح قناة السويس للملاحة البحرية في شهر نوفمبر عام 1869م في عهد الخديوى إسماعيل فإحتلت مصر في شهر سبتمبر عام 1882م في عهد خليفته الخديوى توفيق بعد أن إنتصرت على قوات الجيش المصرى الذى كان يقوده الزعيم أحمد عرابي باشا وفي بلاد السودان قامت الثورة المهدية بقيادة الزعيم السوداني محمد أحمد المهدى والتي سيطرت على البلاد بحجة حماية الدولة العثمانية من أى إعتداء وتقاسمت بريطانيا مع فرنسا وإيطاليا دول شرق قارة أفريقيا وبلاد الحبشة .


ولم تقف المصائب التي توالت علي الدولة العثمانية عند ما خسرته بموجب معاهدة برلين المشار إليها في السطور السابقة حيث طمعت اليونان في ولايتي يانيا وكريت العثمانيتين فأعلنت الحرب ضد الدولة العثمانية وبعد معارك عديدة إنتصرت القوات العثمانية وسقطت الوزارة في العاصمة أثينا وطلبت الوزارة الجديدة الدول الكبرى راجية الصلح وأرسل القيصر الروسي إلى السلطان العثماني عبد الحميد الثاني برقية طالبا الصلح فوافق بشرط إعادة تيساليا ودفع غرامات قيمتها 10 ملايين ليرة عثمانية ومن ثم عقدت معاهدة إسطنبول التي تتكون من 16 مادة في يوم 4 ديسمبر عام 1897م وتم منح كريت حكما ذاتيا وفي عام 1320 هجرية الموافق عام 1902م إندلعت إضطرابات في الولايات الثلاث كوسوفو وسالونيك ومناستر المختلفة الأعراق والأديان والمذاهب وكانت المادة 23 من معاهدة برلين تجبر العثمانيين على إجراء إصلاحات في مقدونيا ولكن السلطان عبد الحميد الثاني كان يرفضها ويجابهها لأنه لو قام بها ستؤدي إلى إستقلالها وفي عام 1893م أسس البلغار جمعية ثوار مقدونيا وكان الأعضاء فيها من العصابات وشكل بقية الأعراق من اليونانيين والصربيين والرومانيين في المنطقة عصابات ليواجهوا خطرهم حيث كان هدفهم إزاحة هؤلاء عن الطريق ليتفرغوا للأتراك وساند الباب العالي الأعراق الثلاثة الأخيرة لمواجهة البلغار وفي عام 1902م م بدأ هؤلاء عملهم فبدأوا بقتل إخوتهم البلغاريين الذين لم ينضموا لهم ووزعوا القنابل في كل ناحية وفي أواخر عام 1902م تحولت حربهم إلى ثورة حقيقية وخلال شهر واحد أخمد الجيش العثماني الهمايوني الثالث ثورتهم في يوم 21 سبتمبر عام 1902م وقبل مرور سنة وفي يوم 2 أغسطس عام 1903م قام البلغاريون مرة أخرى بحركة تمرد وعصيان وزادت ضغوط الدول الأوروبية لإجراء الإصلاحات فيها وأرسل الباب العالي والي اليمن حسين حلمي باشا إلى هذه الولايات الثلاث بإسم مفتش عام الولايات الثلاث وأُلفت لجنة لإصلاح أحوالها برئاسة والي ولاية قونية آفلونيالي محمد فريد باشا الذي أصبح لاحقا صدرا أعظما .


وكان أيضا مما واجهه السلطان العثماني عبد الحميد الثاني قضية اليهود الذين كانوا قد نشطوا منذ ثمانينيات القرن التاسع عشر الميلادى في تهجير اليهود المشتتين في أنحاء العالم إلي فلسطين وطالبوا بإنشاء دولة لهم فيها وكانت أول محاولاتهم في عام 1293 هجرية الموافق عام 1876م إذ عرض على السلطان شراء مساحات من الأراضي في فلسطين لإسكان المهاجرين اليهود فيها إلا أنه رفض عرضه وإستعان اليهود الروس بالسفير الأميريكي في إسطنبول لإقناع السلطان بذلك لكنه لم ينجح في مسعاه لكن علي الرغم من ذلك لم تنقطع الهجرات الفردية إلي فلسطين كما أنه خلال المدة من عام 1882م وعام 1896م كانت هناك بعض الهجرات وعلى أثر إغتيال القيصر الروسي الكسندر الثاني في عام 1891م وإتهام منظمة أحباء صهيون تعرض اليهود إلى حملة مذابح وإضطهادات فطلبوا من القنصل العثماني في ميناء أوديسا الواقع علي البحر الأسود في أوكرانيا حاليا منحهم تصريحات لدخول فلسطين إلا أن الحكومة رفضت هذا ورحبت بهم في أي إقليم آخر من أقاليم الدولة ونتيجة لإزدياد شعور السلطان العثماني بالتحرك اليهودى أبلغ المبعوث اليهودى أوليڤانت أن بإستطاعة اليهود العيش بسلام في أية بقعة من أراضي الدولة العثمانية إلا فلسطين وأن الدولة العثمانية ترحب بالمضطهدين ولكنها لا ترحب بإقامة دولة دينية يهودية في فلسطين وقد حاول بعض اليهود تحدي قرار الباب العالي بالنزول في ميناء يافا لكن السلطات العثمانية منعت دخولهم إلى مدينة القدس الشريف لكن علي الرغم من ذلك إستمرت هجرتهم بشكل بطئ وبشكل غير رسمي عن طريق التحايل على القانون ورشوة الموظفين وبمساعدة قناصل الدول الأجنبية وأرسلت الحكومة إلى متصرف القدس رؤوف باشا أن يمنع دخول اليهود من الجنسيات الروسية والرومانية والبلغارية من دخول القدس والروس بشكل خاص وتدخلت الدول الأوروبية بعد إلحاح اليهود عليها فأصدرت الحكومة العثمانية تعليمات جديدة سمحت لليهود بسكن القدس لمدة شهر واحد فقط في عام 1305 هجرية الموافق عام 1888م وبعد مرور ثلاثة أعوام أى في عام 1308 هجرية الموافق عام 1891م تدخلت بريطانيا وبذلت جهودها للتخفيف من شرط الإقامة الزمني فرضخ السلطان العثماني لتلك الضغوط وجعل مدة الإقامة بالقدس ثلاثة أشهر وإتخذ الباب العالي قرارا بتحويل سنجق القدس التابع لوالي دمشق إلى متصرفية حيث أن المتصرفيات تتبع الباب العالي مباشرة وذلك لتشديد المراقبة وأرسل أعيان مدينة القدس إلى السلطان عبد الحميد الثاني شكوى يطلبون فيها إجراء فعال يمنع دخول اليهود ويمنعهم من شراء الأراضي فأصدر فرمانا في يوم10 جمادى الآخرة عام 1310 هجرية الموافق يوم 30 ديسمبر عام 1892م يحرم فيه بيع الأراضي الحكومية لليهود حتى لو كانوا عثمانيين من رعايا الدولة .



وفي أواخر القرن التاسع عشر الميلادى برز تيودور هرتزل وهو صحفي يهودي نمساوي إستطاع قيادة الحركة الصهيونية ويعد مؤسس المنظمة الصهيونية وأبو الصهيونية السياسية الحديثة وسعى إلى إيجاد وطن قومي لليهود في فلسطين وحاول هرتزل بكل الطرق إقناع السلطان عبد الحميد الثاني وإستغل القضية الأرمنية وعرض عليه بذل الجهود من أجل تسوية المشكلة ولقيت فكرته ترحيبا من السلطان العثماني وعهد إليه وإلى صديقه الصحفي النمساوى نيولنسكي بمطالبة لجان الأرمن في أوروبا بالطاعة لأن السلطان سيحقق مطالبهم التي رفض تحقيقها تحت الضغوطات وبذلا جهودهما في إقناع الأرمن ومطالبة بريطانيا بالعمل علي وقف تحركاتهم إلا أنهما فشلا فيما يسعيان إليه وعند ذلك قرر تيودور هرتزل السفر إلى إسطنبول في عام 1314 هجرية الموافق عام 1896م ومقابلة السلطان إلا أنه لم يتمكن من ذلك وغادرها بعد عشرة أيام وبعد حوالي الشهرين إتصل بالأوساط العثمانية محاولا منح الدولة مساعدات مالية وغيرها وقوبل طلبه بالرفض وعقد اليهود مؤتمرهم الصهيوني الأول في مدينة بازل السويسرية برئاسة تيودور هرتزل ما بين يوم 29 من شهر ربيع الآخر ويوم 1 من شهر جمادى الأولى عام 1315 هجرية الموافق يوم 29 إلي يوم 31 أغسطس عام 1897م وإتخذ خلاله عدة قرارات أطلق عليها برنامج بازل أو البرنامج الصهيوني وكان أهم هذه القرارات العمل علي تأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين وبعد أن كان اليهود يطمحون في أن يكونوا تحت سيادة الدولة العثمانية أصبحوا بعد هذا المؤتمر يطمعون في السيطرة على فلسطين وكان السلطان عبد الحميد الثاني يتابع هذا المؤتمر ومقرراته عن قرب وإتخذ قرارا جديدا هو منع اليهود من السكن في فلسطين ومنع اليهود الأجانب من دخول مدينة القدس وبعد هذا المؤتمر لم تتوقف المؤتمرات الصهيونية عن الإنعقاد وكانت في كل مرة تزداد قوة وتأثيرا ويزيد عدد الحاضرين بها ولم تتوقف جهود تيودور هرتزل للإجتماع بالسلطان عبد الحميد الثاني ووصل إلي العاصمة إسطنبول مرة أخرى في يوم 24 محرم عام 1319 هجرية الموافق يوم 13 مايو عام 1901م وبالفعل تمكن هذه المرة من مقابلة السلطان بعد أربعة أيام من وصوله للعاصمة العثمانية ثم قابله بعد هذه المقابلة الأولي مرتين وعرض عليه إصدار فرمان يجيز لليهود الأجانب الهجرة إلى فلسطين ومنحهم حكما ذاتيا فيها مقابل دفعهم ثلاثة ملايين جنيه وفي بعض المصادر مليوني جنيه وبعد ذلك يقومون بدفع الجزية للدولة العثمانية لكن السلطان عبد الحميد الثاني ظل على موقفه رافضا لعرض هرتزل إلا أنه وافق على هجرة اليهود إلي إقليم آسيا الصغرى والعراق لقاء دفع الديون المترتبة على الدولة ولم يكن هرتزل راضيا عن هذا العرض وعند ذلك حاول عرض رشوة كبيرة على السلطان عبد الحميد الثاني تقدر بمليون جنيه مقابل حصول اليهود على فلسطين وكان رد فعل السلطان أن قال كلمته الشهيرة للصدر الأعظم العثماني إنصحوا الدكتور هرتزل بألا يتخذ خطوات جدية في هذا الموضوع فإني لا أستطيع أن أتخلى عن شبر واحد من الأرض فهي ليست ملك يميني بل ملك الأمة الإسلامية التي جاهدت في سبيلها وروتها بدمائها فليحتفظ اليهود بملايينهم وإذا مزقت دولة الخلافة يوما فإنهم يستطيعون آنذاك أن يأخذوا فلسطين بلا ثمن أما وأنا حي فإن عمل المبضع في بدني لأهون علي من أن أرى فلسطين قد بترت من الدولة الإسلامية وهذا أمر لا يكون وإني لا أستطيع الموافقة على تشريح أجسادنا ونحن على قيد الحياة وعلى الرغم من جهود السلطان عبد الحميد الثاني في الحد من هجرة اليهود إلي فلسطين إلا أنها إستمرت كما إستمرت أيضا الحركة الصهيونية في إنشاء أجهزة تشرف على شراء الأراضي في فلسطين وتنظيم عملية الإستيطان بها وطلب تيودور هرتزل من السلطان العثماني عبد الحميد الثاني في شهر المحرم عام 1320 هجرية الموافق عام 1902م الإذن له بإنشاء جامعة عبرية في مدينة القدس الشريف للشبان الأتراك إلا أن السلطان عبد الحميد الثاني رده بعكس ما يريد وفي عام 1321 هجرية الموافق عام 1903م حاول اليهود عقد أول مؤتمر صهيوني في فلسطين فحظر السلطان العثماني عبد الحميد الثاني نشاطهم السياسي الدولي وفي عام 1322 هجرية الموافق عام 1904م توفي تيودور هرتزل ولم يتخلف أتباعه عن تحقيق ما يريدون وما كان يحلم به زعيمهم الراحل تيودور هرتزل وبالفعل ففي عام 1336 هجرية الموافق عام 1917م وافقت بريطانيا وفقا لوعد وزير خارجيتها السير أرثر جيمس بلفور بالموافقة على تأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين .


وكان من الأحداث الساخنة التي تعرض لها السلطان العثماني عبد الحميد الثاني بعد توقيع معاهدة برلين التي تحدثنا عنها في السطور السابقة كما تنص المصادر العثمانية والإسلامية أو المؤيدة للعثمانيين أن الأرمن قد تجرأوا بعد معاهدة برلين حيث تضمنت المادة 61 من المعاهدة إصلاح أوضاع الأرمن في الولايات الست الموجودين فيها بإقليم الأناضول وهي أرضروم وديار بكر وسيواس وخربوط ووان وبدليس ولم يطبق العثمانيون هذه المادة فأمنت الدول الأوروبية وروسيا الأسلحة لهؤلاء الأرمن فبدأوا يقومون بأعمال ذبح وتقتيل في شرق الأناضول منادين بإستقلالهم وتشكيل أرمينيا مستقلة حيث قاموا بمهاجمة القرى المسلمة التي يتحدث سكانها اللغة الكردية وبدأوا بالقيام بأعمال إرهابية بها فقام العثمانيون بالرد على هذه الثورة والمجازر التي إرتكبوها بتشكيل فرق الخيالة الحميدية المشكلة من الأكراد أنفسهم ووجهوها إلى مناطق الثورة حيث دمروا العديد من القرى الأرمنية وقتلوا الكثير من الثوار ومن ساندهم وقد عرفت هذه الحادثة بإسم المجازر الحميدية وبعد هذا الحادث قام الأرمن بحركة تمرد وعصيان في ديار بكر قتل فيها منهم عدد 1190 قتيل وعلي إثر هذا الحادث قام بطريق الأرمن أزميرليان أمام الكل في عاصمة الدولة العثمانية إسطنبول بتسليح بضع مئات من الأرمن وكان هدفهم الذهاب إلى الباب العالي والقيام بمظاهرات معادية للحكومة ولكن تم قطع الطريق عليهم فإنسحبوا إلى منطقة يكثر فيها الأرمن في إسطنبول وهي منطقة قادرغة وبعد ذلك وفي يوم 26 أغسطس عام 1896م كان شغب الأرمن الثاني في العاصمة إسطنبول حيث كانوا قد عزموا على تفجير المصرف العثماني ولكن تم إكتشاف هذه العملية من قبل رجال الأمن السري وإعترف المشاركون في تخطيط وتنفيذ هذه العملية بعزمهم على تفجير المصرف وكذلك الباب العالي وتم عزل بطريق الأرمن أزميرليان ونفي إلى مدينة القدس وفي المقابل تنص المصادر المؤيدة للأرمن والمصادر الأرمنية على أن الأرمن بدأوا بالمطالبة بتفعيل الإصلاحات السياسية في الدولة العثمانية والتي نص عليها مؤتمر برلين وقاموا بمظاهرات داعية إلى مزيد من الحرية والإصلاح غير أنها جوبهت بعنف من قبل السلطان العثماني عبد الحميد الثاني وحدثت سلسلة من المجازر وإبادة شبه جماعية بحق الأرمن القاطنين شرق الأناضول بين عام 1894م وعام 1896م وكانت قد بدأت الأحداث الدامية بين الطرفين بإندلاع صراع عنيف وقع في صيف عام 1894م في مدينة ساسون فيما سمي بمقاومة ساسون عام 1894م وواجه الأرمنيون في مدينة ساسون الجيش العثماني وأدى إنضمام القوات غير النظامية الكردية المعروفة بإسم الخيالة الحميدية إلى جانب الجيش العثماني لإستسلام أعداد كبيرة من المقاومة الأرمنية كما قام السلطان العثماني بتحريض سكان بعض المدن من الأكراد والأتراك علي القيام بعمليات إبادة للأرمن شملت قرى بأكملها في جنوب وغرب الأناضول وأسفرت هذه العمليات عن إحتجاجات أرمنية قوية ضد سياسات السلطان العثماني الوحشية وتدخلت الدول الأوروبية لإقناع الحكومة العثمانية إلى تبني إصلاحات للمحافظات التي يسكنها الأرمن وفي بداية شهر أكتوبر عام 1895م تجمع ألفين من الأرمن متظاهرين في العاصمة العثمانية إسطنبول من أجل المطالبة بتنفيذ إصلاحات بخصوصهم ولكن الشرطة العثمانية قمعتهم بعنف وبعد فترة قصيرة إندلعت مذابح الأرمن في العاصمة وتلتها بقية الولايات العثمانية التي يسكنها الأرمن وهي ولاية بدليس وولاية ديار بكر وولاية أرضروم وولاية معمورة العزيز وولاية سيواس وولاية طرابزون وولاية فان وكلها تقع في إقليم الأناضول وقتل الآلاف على أيدي جيرانهم المسلمين والجنود العثمانيين ولقي الكثير مصرعهم خلال فصل الشتاء البارد في أواخر عام 1895م وأوائل عام 1896م ولم يكن ضحايا المجازر الحميدية حسب المصادر الغربية والأرمنية من الأرمن فقط بل شملت أيضا الآشوريين والسريان والكلدانيين وقد راح ضحية هذه المجازر حسب نفس المصادر المشار إليها ما لا يقل عن عدد 80 ألف من الأرمن وعدد 25 ألف من الآشوريين والسريان والكلدانيين .

يمكنك متابعة الجزء الثانى من المقال عبر الرابط التالى
https://www.abou-alhool.com/arabic1/details.php?id=52223
 
 
الصور :
السلطان عبد الحميد على عربته بعد إعلان المشروطية الثانية عام 1908م إفتتاح مجلس المبعوثان عام 1876م الصجفي والأديب التركي محمد نامق كمال مشهد يصور توقيع معاهدة سان ستيفانو مندوبو الدول التي حضرت مؤتمر ترسانة