بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا”
عبد المؤمن بن علي الكومي هو الخليفة الثاني لدولة الموحدين بعد الخليفة الأول محمد بن تومرت وقد تولي الخلافة بعد وفاة هذا الأخير في عام 524 هجرية الموافق عام 1130م وحتي عام 553 هجرية الموافق عام 1163م ومما يذكر أنه حكم دولة الموحدين من العاصمة مراكش من عام 1147م وحتى عام 1163م بعد سقوط دولة المرابطين وطبق ما أخذه عن سلفه محمد بن تومرت من فقه ظاهرى وفكر أشعري وكان أول من وحد كامل بلاد المغرب العربي فحكمها دولة واحدة وتحت حكومة واحدة تمتد بطول كامل الساحل المتوسطي من المحيط الأطلسي غربا الى طرابلس الغرب شرقا إضافة إلي بلاد الأندلس وجعلها تحت عقيدة واحدة وتعد فترة حكمه من أزهى عصور المغرب وبعد أن ورث عن سلفه محمد بن تومرت حركة ثائرة إستطاع أن يحولها إلي دولة مد سلطانها حتى شملت المغرب كله وما بقي من الأندلس ووضع لها القواعد والنظم الإدارية التي تمكن من تسيير أمور الدولة وإدارة شئونها ويحفظ التاريخ له رسالة طويلة بعث بها إلى أهل بلاد الأندلس تعد دستورا لنظم الحكم الموحدية أكد فيها على ضرورة إتصال الولاة بالناس دون وساطة ودعا فيها إلى أن تكون العقوبة على قدر الجريمة ولا يطبق الإعدام على أي شخص دون الرجوع إلى الخليفة ورفع تفاصيل جريمته إليه وحث الولاة على محاربة صنع الخمر وبيعها وألا يفرضوا أي غرامات أو مكوس على رعيتهم إلا بإذن منه وعلاوة علي ذلك فقد نظم عبد المؤمن بن علي الكومي أمور دولته وجعل لها مؤسسات فكان للعدل والنظر في الشكايات والمظالم وزير ولأعمال الحرب والجهاد وزير يسمى صاحب السيف وللثغور وزير وللشرطة رئيس يسمى الحاكم وجعل للكتابة والمراسلات وزيرا من أهل الرأى والبلاغة كما كان لعبد المؤمن مجلس خاص للشورى والنظر فيما تتعرض له الدولة وتبادل الآراء فيما يجب إتخاذه من قرارات يحضره الفقهاء ونواب القبائل وكبار رجال الدولة وعلاوة علي ذلك فقد عني عبد المؤمن بن علي الكومي بالجيش حتى صار من أعظم الجيوش في وقته وكان هو نفسه قائدا عظيما وجنديا ممتازا يشاطر جنوده مشقة الطريق وتقشف الحياة العسكرية وإجتمع له من الجيوش الجرارة ما لم يجتمع لملوك المغرب مثله حيث إستطاع أن يحقق به العديد من الإنتصارات الرائعة وشهد عصره حركة إصلاح إجتماعي حيث قام بمحاربة المنكرات بلا هوادة وإشتد في محاربة الخمر وإنزال العقوبة على شاربيها وصانعيها وكان حريصا على أن تقام الصلوات الخمس في مواقيتها وأن تجمع الزكاة وتصرف في مصارفها الشرعية كما كان عبد المؤمن إلى جانب براعته الإدارية والعسكرية فقيها حافظا لأحاديث رسول الله صلي الله عليه وسلم وله معرفة واسعة ر بالنحو واللغة والأدب محبا لأهل العلم ولا يعرف عنه ميل إلى اللهو والمجون بل كان جادا وافر العقل مسلما ملتزما شديد الغيرة على الدين متحمسا لكل ما يصلحه .
وكان ميلاد عبد المؤمن بن علي الكومي بمدينة تاجرت الجزائرية التي تبعد نحو ثلاثة أميال عن مرسى هنين التي تقع على ساحل البحر المتوسط بالقرب من مدينة تلمسان بشمال غرب الجزائر والتي كانت تابعة لدولة المرابطين في المغرب الأقصى وكان والده صانع خزف ويقال إن عبد المؤمن كان في صباه نائما فسمع أبوه دويا فإذا سحابة سمراء من النحل قد أهوت مطبقة على بيته فنزلت كلها على الصبي فما إستيقظ فصاحت أمه فسكنها أبوه وقال لا بأس لكني متعجب مما تدل عليه ثم طارت عنه وإستيقظ الصبي وجلس سالما فذهب أبوه إلى أحد الشيوخ فذكر له ما جرى فقال له الشيخ يوشك أن يكون لإبنك شأن يجتمع عليه طاعة أهل المغرب وفي مدينة تاجرت نشأ وتعلم عبد المؤمن مبادئ القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم ودرس شيئا من الفقه والسيرة النبوية ثم إنتقل إلي تلمسان وكانت من حواضر الثقافة والعلم لكي يستكمل تعليمه وتلقى العلم على عدد من كبار العلماء كان في مقدمتهم الشيخ عبد السلام التونسي إمام عصره في الفقه والحديث والتفسير ثم إستعد للرحلة إلى بلاد المشرق طلبا للمزيد من العلم والمعرفة وقبل الرحيل سمع بوجود فقيه جليل يتحدث الناس عن علمه الغزير يدعي محمد بن تومرت فإشتاق إلى رؤيته فإتجه إليه حيث يقيم في بلدة ملالة القريبة من مدينة بجاية عاصمة الدولة الحمادية بشرق بلاد الجزائر وفي هذا اللقاء أُعجب عبد المؤمن بشخصية إبن تومرت وغزارة علمه وقدرته على حشد الأنصار والأتباع وتخلى عن فكرة السفر إلى المشرق ولزم إبن تومرت ودرس على يديه والذى كان عالما كبيرا وفقيها متبحرا ودرس في بلاد المغرب الكبير ثم رحل إلى المشرق وقابل العلماء وأخذ عنهم وتوثقت الصلة بين الرجلين ثم غادرا ملالة وإتجها إلى فاس وفي أثناء الرحلة لم يكف إبن تومرت عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكان يقوم بتحطيم آلات اللهو وإراقة الخمر حتى وصلا إلى مدينة فاس فأقاما بها يدرسان العلم حتي عام 514 هجرية الموافق عام 1120م ثم إرتحل إبن تومرت ومعه تلميذه عبد المؤمن بن علي إلى مدينة مراكش عاصمة دولة المرابطين وأقاما بها وأخذ إبن تومرت في الدعوة إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإعترض على سياسة الدولة المرابطية في بعض الأمور التي رآها مخالفة للدين والشرع ووعظ أمير المسلمين علي بن يوسف حين قابله في المسجد وطالبه بتغيير المنكر فلما إستفحل أمره وتجمع الناس حوله دعا الأمير علي بن يوسف العلماء إلى مناظرته فغلبهم بقوة لسانه وحدة ذكائه وسعة علمه ولم يجد الأمير مفرا من طرده من عاصمته معتقدا أن ذلك كاف لزوال خطره على سلطانه وإتجه إبن تومرت بأتباعه أولا إلي اغمات قرب مراكش ومنها إنتقل إلى تينمل وهي موقع حصين يبعد نحو 100 كيلو متر جنوب شرقي مدينة مراكش على الطريق المؤدية إلى تارودانت بجنوب بلاد المغرب لتكون قاعدته الجديدة وبدأ في تنظيمهم وإعدادهم وجعلهم في طبقات على رأسها الجماعة التي تمثل أعلى سلطة في حكومته وهي تتألف من عشرة رجال كان من بينهم تلميذه النجيب عبد المؤمن بن علي الكومي .
وفي تينمل بدأ محمد بن تومرت يدعو إلى المهدى المنتظر ويشوق الناس إليه فلما أدرك أصحابه فضيلة المهدى المنتظر إدعى ذلك لنفسه وأطلق علي نفسه إسم المهدى بن تومرت وقال أنا المهدي المعصوم أنا أحسن الناس معرفة بالله ورسوله وغير نسبه الأمازيغي إلى نسب الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما حفيد النبي الكريم محمد صلي الله عليه وسلم وبالتالي فإنه يلزم الإقتداء به في جميع أفعاله وأقواله وقبول أحكامه الدينية والدنيوية وتفويض الأمر إليه في كل شئ وقام محمد بن تومرت بنشر هذه المبادئ والأفكار على شكل خطب ومؤلفات مشروحة شرحا مستفيضا وفرض علي أتباعه قراءة جزء منها كل يوم بعد أداء صلاة الفجر وأدخل إلقاء خطبة الجمعة باللغة الأمازيغية حتى يسهل إستيعابها من طرف مختلف الشرائح الإجتماعية وفضلا عن ذلك فقد قام محمد بن تومرت بإنشاء مؤسسات سياسية مستمدا تسميتها من السيرة النبوية وهي مجلس العشرة المشار إليه في السطور السابقة على غرار صحابة الرسول الكريم محمد صلي الله عليه وسلم العشرة المبشرين بالجنة وكان من إختارهم إبن تومرت لهذا المجلس من خيرة المساندين للحركة الموحدية وقد تميز هؤلاء الأعضاء العشرة بالعلم والقدرة على القيادة وروح التضحية وكان من أبرزهم عبد المؤمن بن علي الكومي وإلي جوار هذا المجلس أنشأ أيضا مجلس الخمسين وضم رؤساء خمسين قبيلة سباقة لمساندة الحركة الموحدية وكان هذا المجلس ذو طابع إستشارى وبالإضافة إلي هذين المجلسين أسس محمد بن تومرت جماعة أطلق عليها جماعة الطلبة وكان أعضاء هذه الجماعة من دعاة الحركة الموحدية في البداية والذين مارسوا فيما بعد التربية والتعليم والإدارة وشئون الجيش وقد اتاحت هذه التنظيمات تلقينا مذهبيا وسياسيا مكثفا لأبناء القبائل المناصرة للموحدين وإتضحت بواسطتها الأهداف السياسية للحركة الموحدية وهي الإطاحة بحكم دولة المرابطين ومن ثم إستعد محمد بن تومرت لمواجهة المرابطين بجذب الأتباع والأنصار وتجهيز الحملات العسكرية لتوجيهها إلي المناطق التي يسيطر عليها المرابطون بهدف الوصول في النهاية إلي عاصمتهم مراكش للإستيلاء عليها ومن ثم تسقط دولتهم وكانت سائر بلاد السوس حلال هذه المرحلة قد دانت لمحمد بن تومرت بحد السيف وبالفعل ففي غرة شهر المحرم عام 516 هجرية الموافق يوم 12 من شهر مارس عام 1122م بدأت المواجهة المسلحة بين أتباع إبن تومرت والجيش المرابطي وفي ذلك الوقت كان أمير المسلمين علي بن يوسف قد عبر إلى بلاد الأندلس إثر ثورة أهل قرطبة وبلغته أثناء ذلك أنباء حركة محمد بن تومرت والذى كان قد قرر الإنتقال بدعوته إلى الكفاح المسلح والعمل على إسقاط دولة المرابطين والتي كان قد حل بها الضعف والوهن وظهرت بها المعاصي والمفاسد رغم أنها كانت دولة جهادية سلفية العقيدة ونشرت الإسلام في وسط وغرب قارة أفريقيا وبالإضافة إلي ذلك كانت أيضا قد خدمت الإسلام في بلاد الأندلس خدمة عظيمة يوم معركة الزلاقة والتي نشبت يوم الجمعة 12 رجب عام 479 هجرية الموافق يوم 23 أكتوبر عام 1086م وإنتصر فيها جيش المرابطين بقيادة أمير المسلمين يوسف بن تاشفين يسانده جيش أندلسي بقيادة المعتمد بن عباد صاحب إشبيلية علي الجيش القشتالي المسيحي الذى كان يقوده ألفونسو السادس ملك قشتالة وهي تعد أول معركة كبيرة تشهدها شبه الجزيرة الأيبيرية في العصور الوسطى وإحدى أبرز المعارك الكبرى في التاريخ الإسلامي وأمام الخطر الموحدى علي المرابطين عاد أمير المسلمين علي بن يوسف بن تاشفين أدراجه سريعا إلى عاصمته مراكش وجهز جيشا جعل علي رأسه أبو بكر بن محمد اللمتوني ووجهه الي جنوبي البلاد حيث بلاد السوس فلقي أتباع محمد بن تومرت عند جبل إيجليز في يوم 6 شعبان عام 516 هجرية الموافق يوم 9 أكتوبر عام 1122م فإنهزم المرابطون وغنم أتباع محمد بن تومرت ما كان معهم من متاع ومؤن وسلاح وكان لذلك أثره الكبير في أن قويت شوكته أكثر وذاع صيته وأصبح له شهرة كبيرة في تلك الأنحاء وإنضم الكثير من أبناء قبائلها إلى دعوته وأدرك أمير المسلمين علي بن يوسف بن تاشفين خطورة الموقف فأرسل جيشا آخر ليواجه قوات محمد بن تومرت بقيادة أخيه الأصغر إبراهيم بن يوسف بن تاشفين فإنهزم أيضا أمام أتباع محمد بن تومرت الذين كان قد سماهم الموحدين فقام أمير المسلمين علي بن يوسف بن تاشفين بإرسال جيش ثالث وجعل علي رأسه قائده سير بن مزدلي اللمتوني فلم يكن حظه أفضل من سابقيه وباء أيضا بالهزيمة أمام قوات الموحدين .
وفي عام 520 هجرية الموافق عام 1126م زحف جيش للموحدين يقوده البشير الونشريشي على أراضي قبيلة لمتونة فبعث علي بن يوسف لردهم جيشا بقيادة أخيه تميم بن يوسف فلحقت الهزيمة بالمرابطين وواصل الموحدون الزحف نحو أغمات فهزموا جيشا مرابطيا آخر يقوده أبو بكر بن علي بن يوسف وفي تلك الأثناء كان إبن تومرت قد جمع جيشا آخر قوامه 40 ألف مقاتل بينهم 400 فارس فقط ألحقه بجيش الونشريشي فبلغوه في عام 524 هجرية الموافق عام 1130م وتقدموا نحو أسوار مراكش وحاصروها 40 يوما صمدت خلالها المدينة حتى جاءتها الإمدادات من كل صوب حتى بلغ عدد جيش المرابطين مائة ألف مقاتل فخرج أميرهم علي بن يوسف بن تاشفين بنفسه على رأس جيش جرار في يوم 2 جمادى الأول عام 524 هجرية الموافق يوم 12 أبريل عام 1130م وإصطدم مع جيش الموحدين عند بستان كبير أمام أحد أسوار مدينة مراكش والبستان باللغة المحلية البربرية يسمى بالبحيرة ولذلك عرفت هذه المعركة بمعركة البحيرة والتي كانت معركة كبيرة إنتهت بهزيمة ساحقة للموحدين ولم ينج منهم سوى نحو 400 مقاتل فقط وكان في جملة من قتلوا قائدهم البشير الونشريشي وعدد كبير من زعمائهم وقوادهم وفر عبد المؤمن بن علي الكومي الذراع اليمني لمحمد بن تومرت بفلول الموحدين إلى تينمل فوجد هذا الأخير في مرض الموت وسرعان ما توفي في يوم 25 رمضان عام 524 هجرية الموافق يوم 31 أغسطس عام 1130م وخلفه عبد المؤمن بن علي الكومي والذى كان بمثابة المؤسس الثاني لدولة الموحدين ويقول المؤرخ المغربي عبد الواحد المراكشي في كتابه المعجب في تلخيص أخبار المغرب عن وفاة محمد بن تومرت إن هذا الأخير إستدعى قبل موته الرجال المسلمين بالجماعة وأهل الخمسين وثلاثة من كبار مريديه هم عمر أرتاج وعمر إينتي وعبد الله بن سليمان فدخلوا عليه فحمد الله ثم قال إن الله سبحانه وتعالي وله الحمد قد من عليكم أيتها الطائفة بتأييده وخصكم بحقيقة توحيده وقيض لكم من ألفاكم ضلالا لا تهتدون وعميا لا تبصرون قد فشت فيكم البدع وإستهوتكم الأباطيل فهداكم الله به ونصركم وجمعكم بعد الفرقة ورفع عنكم سلطان هؤلاء المارقين وسيورثكم أرضهم وديارهم ذلك بما كسبت أيديهم وبعد هزيمة الموحدين في معركة البحيرة سأل إبن تومرت أصحابه هل عبد المؤمن فيكم قالوا نعم قال وقد إخترنا لكم رجلا منكم وجعلناه أميرا عليكم بعد أن بلوناه فرأيناه ثبتا في دينه متبصرا في أمره وهو هذا وأشار إلى عبد المؤمن فإسمعوا له وأطيعوا ما أطاع ربه فإن بدل ففي الموحدين بركة وخير والأمر أمر الله يقلده من يشاء فبايع القوم عبد المؤمن بن علي الكومي ودعا لهم إبن تومرت وقال قد بقي أمركم ما دام عبد المؤمن فيكم ثم ما لبث أن فاضت روحه إلي بارئها .
وبوفاة محمد بن تومرت تحمل عبد المؤمن بن علي الكومي أعباء الدعوة بدلا من أستاذه الراحل وكانت المسئولية التي ألقيت علي عاتقه جسيمة بعد الهزيمة المدوية التي لحقت بالموحدين لكنه إستطاع في صبر وأناة أن يعيد تنظيم شئون دعوته ويجند أنصارا جددا وإستغرق منه ذلك نحو عام ونصف العام حتى إذا آنس في نفسه قوة وثقة بدأ في الإستعداد من جديد لمناوشة المرابطين وبالفعل ظل يناوشهم دون الدخول معهم في معارك حاسمة وإستمر هذا الوضع حتى عام 534 هجرية الموافق عام 1140م وكان عبد المؤمن في أثناء هذه الفترة يعمل على زيادة نشر الدعوة الموحدية وجذب قبائل جديدة للدخول في طاعته وتوسيع رقعة دولته كلما سمحت له الظروف وبخاصة في الجهات الجنوبية والشرقية من المغرب بعيدا عن نفوذ وسلطان دولة المرابطين وعندما رأى عبد المؤمن أن الفرصة قد سنحت للقضاء على المرابطين آثر أن ينتهز هذه الفرصة وأن يسرع في ذلك وأن يبدأ بمهاجمتهم في قلب دولتهم فجهز جيشا عظيما لهذا الغرض وخرج به من قاعدته تينمل في العام المذكور 534 هجرية الموافق عام 1140م وإتجه إلى شرق المغرب وجنوبه الشرقي لإخضاع القبائل لدعوته بعيدا عن مراكش مركز جيش المرابطين القوى وكان عبد المؤمن آنذاك قد أنفق في غزواته ضد المرابطين أكثر من سبع سنوات متصلة أبدى فيها ضروبا من الحيل الحربية والمهارة العسكرية وهو ما جعل الجيش المرابطي يحل به الوهن دون أن يلتقي معه في لقاءات حاسمة ومعارك فاصلة وأثناء هذه الغزوة الأخيرة التي توجه فيها نحو شرق المغرب وجنوبه الشرقي توفي أمير المسلمين علي بن يوسف بن تاشفين سلطان دولة المرابطين في أواخر عام 537 هجرية الموافق أوائل عام 1143م وخلفه إبنه تاشفين بن علي لكنه لم يتمكن من مقاومة جيش الموحدين الذي تمكن من دخول تلمسان بشمال غرب الجزائر عام 539 هجرية الموافق عام 1144م فتراجع تاشفين إلى مدينة وهران القريبة منها فلحقه جيش الموحدين وحاصروا المدينة وأشعلوا النيران على باب حصنها ولما حاول تاشفين بن علي بن يوسف الهروب من الحصن سقط من على فرسه ميتا في يوم 27 رمضان عام 539 هجرية الموافق يوم 23 مارس عام 1145م ودخل الموحدون مدينة وهران وقتلوا من كان بها من المرابطين وبعد وهران تطلع عبد المؤمن إلى فتح مدينة فاس فإتجه إليها وضرب حولها حصارا شديدا ظل سبعة أشهر وعانى أهلها من قسوة الحصار نظرا للنقص الشديد في الغذاء والماء وإضطر واليها في النهاية إلى التسليم فدخلها الموحدون في يوم 14 ذي القعدة عام 540 هجرية الموافق يوم 5 مايو عام 1145م وبعدها دخلت كل من مدينة سبتة بشمالي البلاد والتي يحدها البحر المتوسط من الشمال والجنوب والشرق قرب مضيق جبل طارق ومدينة سلا بغربي البلاد في طاعة الموحدين قبل أن يتجهوا إلى مدينة تراشك لفتحها وكان يعتصم بها إسحاق بن علي بن يوسف الذى خلف أخاه تاشفين بن علي بن يوسف وضرب الموحدون حصارا حول المدينة دام أكثر من تسعة أشهر أبدى خلالها المدافعون عن المدينة ضروبا من الشجاعة والبسالة لكنها لم تغن عنهم شيئا وإستولى الموحدون على المدينة في يوم 18 شوال عام 541 هجرية الموافق 24 مارس عام 1147م وقتلوا إسحاق بن علي بن يوسف آخر أمراء المرابطين بعد أن وقع في أيدى قوات الموحدين أسيرا وبذلك سقطت دولة المرابطين وقامت دولة الموحدين تحت سلطان عبد المؤمن بن علي الكومي الذي تلقب بلقب خليفة .
وفي بلاد الأندلس إنتهز جماعة من الزعماء الأندلسيين فرصة إنشغال المرابطين بحرب الموحدين ببلاد المغرب فثاروا على ولاتهم التابعين لدولة المرابطين وأعلنوا أنفسهم حكاما وإستبدوا بالأمر وتنازعوا فيما بينهم يحارب بعضهم بعضا فلما تمكن عبد المؤمن بن علي من بسط نفوذه على بلاد المغرب بدأ في إرسال جيش إلى بلاد الأندلس في عام 541 هجرية الموافق عام 1146م فإستعاد إشبيلية وإتخذها الموحدون حاضرة لهم في الأندلس ونجح جيش الموحدين من بسط نفوذه على بطليوس وشمنترية وقادس وشلب ثم دخلت قرطبة وجيان في طاعة الموحدين عام 543 هجرية الموافق عام 1148م وإستعادوا ألمرية عام 552 هجرية الموافق عام 1157م من يد الأسبان المسيحيين وبذلك توحدت بقية الأندلس الإسلامية تحت سلطانهم وعين عبد المؤمن بن علي إبنه أبا سعيد عثمان واليا عليها وفي عام 555 هجرية الموافق عام 1160م أمر عبد المؤمن بن علي إبنه ببناء حصن ومدينة على سفح جبل طارق الذي سمي بجبل الفتح ولا تزال قطعة من هذا البناء باقية إلى اليوم في جبل طارق وتعرف بالحصن العربي وعلى إثر ذلك عبر عبد المؤمن من طنجة إلى الأندلس ونزل بجبل الفتح وأقام شهرين أشرف خلالهما على أحوال الأندلس ثم عاد إلى مراكش التي أخذها مركزا لحكمه وجدير بالذكر أنه قبل أن يعبر عبد المؤمن إلى الأندلس كان قد تمكن في عام 547 هجرية الموافق عام 1152م من فتح المغرب الأوسط وضم إلى دولته بلاد الجزائر وبجاية وقلعة بني حماد وجعل إبنه عبد الله واليا على المغرب الأوسط وعهد إليه بمواصلة الفتوح شرقا فنجح فيما عهد إليه كما نجح في القضاء على النورمانديين الصليبيين وطردهم من تونس التي كانوا قد إحتلوها وفي أواخر أيام عبد المؤمن بن علي حدث تمرد وعصيان في شرق الأندلس فأسرع إلى هناك وقمع الثائرين وقضى على الفتنة ثم عاد إلى المغرب وعندما وصل إلى مدينة سلا ألم به مرض شديد ولم يلبث أن توفي بعد أيام قليلة وذكر المؤرخ المغربي إبن أبي زرع الفاسي في كتابه الأنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس حول وفاة عبد المؤمن بن علي الكومي إنه لما بلغ سلا نزل به المرض وإشتد ألمه ووجعه إلى أن توفي فجر يوم الثلاثاء 10 جمادى الآخرة عام 558 هجرية الموافق يوم 16 مايو عام 1162م ودفن في تينمل بجوار قبر أستاذه محمد بن تومرت وفي النهاية نذكر بعض السمات والصفات الشخصية التي عرف بها عبد المؤمن بن علي الكومي حيث كان أبيض جميل الوجه ذا جسم عمم تعلوه حمرة أسود الشعر معتدل القامة جهوري الصوت فصيحا جزل المنطق لا يراه أحد إلا أحبه بديهة كما كان أيضا عظيم الهامة طويل القعدة أشهل العين ولما تقدم به السن كان شيخا وقورا أبيض الشعر كث اللحية واضح بياض الأسنان .
وبخصوص الإنجازات التي تحققت علي يد الموحدين سواء في عهد عبد المؤمن بن علي الكومي أو من خلفوه فسوف نجد أن الموحدين قد إهتموا إهتماما بالغا بالتعليم الإجبارى وكان على كل من إنضوى تحت راية الموحدين أن يتعلم ولم يقتصر دور التعليم على الرجال فقط حيث كانت النساء يشاركن الرجال في مدارس تعلم القراءة والكتابة كما أنشأ عبد المؤمن بن علي مدرسة لتعليم الملاحة بمدينة الرباط وأخرى لتخريج الموظفين بمدينة مراكش وأخرى لتعلم المبارزة بالسيف والرمي بالقوس وفنون الحرب وقد أسس الموحدون في عصره مدينة الرباط وإتخذوها عاصمة لهم بعد مراكش وهي تقع على ساحل المحيط الأطلسي في سهل منبسط فسيح على الضفة اليسرى لمصب نهر أبي رقراق الذي يفصلها عن مدينة سلا وكان المرابطون قد أسسوا في عهدهم في موقعها رباطا محصنا ومن هنا جاء إسمها ذلك أن هاجس الأمن كان أقوى العوامل التي كانت وراء هذا الإختيار ليكون نقطة لتجمع المجاهدين ورد هجمات قبائل البرغواطية الأمازيغية وقد عرفت المدينة خلال العهد الموحدي إشعاعا تاريخيا وحضاريا حيث تم تحويل الرباط الذى شيده المرابطون على عهد الخليفة عبد المؤمن بن علي الكومي إلى قصبة محصنة لحماية جيوشه التي كانت تنطلق في حملات جهادية صوب بلاد الأندلس وفي عهد حفيده يعقوب المنصور أراد أن يجعل من رباط الفتح عاصمة لدولته فأمر بتحصينها بأسوار متينة وشيد بها عدة بنايات من أشهرها مسجد حسان وكان ذلك في عام 593 هجرية الموافق عام 1197م والذى يبلغ طوله 183 متر وعرضه 139 متر وتبلغ مساحة قاعة الصلاة وحدها أزيد من 1932 مترا مربعا وهي مساحة غير معهودة في قاعات الصلاة بالمساجد الأخرى كما أنه ليس للمسجد صحن واحد كباقي المساجد المغربية بل له صحن كبير قرب صومعته أى منارته وصحنان جانبيان ويتميز هذا المسجد بصومعته الشامخة وهي مربعة الشكل ويصل علوها 44 مترا ولها مطلع داخلي ملتو يؤدي إلى أعلاها ويمر على ست غرف تشكل طبقات وقد زينت واجهاتها الأربع بزخارف ونقوش مختلفة على الحجر المنحوت وذلك على النمط الأندلسي المغربي من القرن الثاني عشر الميلادى وقد أضافت منظمة اليونيسكو العالمية هذا المسجد بصومعته لقائمة التراث العالمي في يوم 1 يوليو عام 1995م وفضلا عن ذلك فقد شيد الخليفة يعقوب المنصور الموحدي سورا حول المدينة عرف بالسور الموحدي بلغ طوله 2263 متر طولي وهو يمتد من الغرب حتى جنوب مدينة الرباط ويبلغ عرضه 2.5 متر وإرتفاعه 10 أمتار وهذا السور مدعم بأربعة وسبعين برجا كما تتخلله 5 أبواب ضخمة هي باب العلو وباب الأحد وباب الرواح وباب زعير وفضلا عن ذلك فقد بني الموحدون قصبة الوداية وكذلك شيدوا قصبة مراكش والبوابة التاريخية للمدينة والتي تسمي باب أكناو وكذلك بنوا بمدينة مراكش التي أسسها المرابطون من قبلهم وإتخذوها عاصمة لهم مسجد الكتبية الشهير علي يد الخليفة الموحدى عبد المؤمن بن علي الكومي عام 1147م وهو لا يزال قائما إلى يومنا هذا وكان ذلك في عام 1158م وهو ينتظم في شكل مستطيل ويتبع في تخطيطه المساجد الجامعة الأولى ذات الصحن الأوسط المكشوف والظلات الأربع وأهمها هي ظلة القبلة التي تعتبر من أوسع بيوت الصلاة بالجوامع المغربية وهي في الأصل كانت مؤلفة من تسعة أروقة تسير عقودها عمودية على جدار القبلة وزيدت إلى 17 رواقا وهي موجهة بشكل عمودي نحو القبلة وتفصل هذه الأروقة عن بعضها بوائك مؤلفة من دعائم حجرية متنوعة المساقط، تحمل عقودا على هيئة حدوة الحصان مع تدبيب في أعلاها وإنتفاخ في جانبيها ولها تيجان فريدة تذكرنا بتلك التي نجدها بجامع القرويين بمدينة فاس ببلاد المغرب وهي نموذج للعقود التي شاع إستخدامها في عمائر الموحدين بالمغرب والأندلس .
وفي بلاد الأندلس بنى الموحدون الجامع الكبير بمدينة إشبيلية الذى يشهد علي عظمة المعمار العربي الإسلامي والذى يصل إرتفاعه إلي 37 مترا في منتصفه والكثير من الأثريات المحفوظة فيه مطلية بالذهب الخالص وكان تأسيسه في عهد أبي يعقوب يوسف ثالث خلفاء دولة الموحدين وهو إبن خليفتها الثاني عبد المؤمن بن علي الكومي وقد بدأ العمل في تشييده في شهر رمضان المبارك عام 567 هجرية الموافق شهر مايو عام 1172م وعهد الخليفة أبو يعقوب يوسف إلى شيخ العرفاء أحمد بن باسة الإشبيلي وهو من أبرز خبراء البناء والتصميم والتخطيط وتنفيذ المشاريع الموحدية الكبرى والبنائين من أهل إشبيلية ومراكش وفاس بذلك وقد حفر المهندسون أساسه حتى وصل الحفر إلى الماء ثم تم وضع أساسه تحت مستوى سطح الأرض من الآجر والجير والجص والأحجار وقد إستمرت عملية البناء من غير توقف لمدة أربعة أعوام حتى وصل البناء إلى التسقيف ويشبه هذا الجامع إلى حد كبير مسجد قرطبة الجامع من حيث الإتساع والفخامة والزخارف وقد إهتم شيخ العرفاء ومعاونوه ببناء قبة المحراب وأودعوا فيها كل عبقريتهم وفنهم كما تم صنع منبر لهذا الجامع يعد من أغرب وأندر المنابر في العالم الإسلامي فقد تم صنعه من أجود أنواع الخشب والتي نقشت بنقوش غاية في الروعة والجمال وتم تطعيمه بالأحجار الكريمة ثم أقيمت له مقصورة أحاطت بالمحراب والمنبر لصلاة الخليفة كما تم بناء قنطرة تربط بين الجامع وقصر الخليفة حتى يتسنى له أن يمشي فيه أثناء خروجه من قصره إلى الجامع للصلاة وهذا الجامع يعلوه برج يسمي لا خيرالدا الذي كان بمثابة مئذنة الجامع والتي يمكن الصعود إليها لمشاهدة معالم وأرجاء المدينة من أعلي ويعتبر هذا البرج حاليا من أهم معالم المدينة التي يزورها السياح من جميع أنحاء العالم وقد أصبح اليوم برجا لأجراس كاتدرائية إشبيلية التي أسسها الأسبان بعد نهاية حكم الموحدين لإشبيلية ويبلغ إرتفاع هذا البرج 97.5 مترا وكان عند بنائه أعلى برج في العالم وبشكله الحالي يظهر في بناء البرج تأثير الحضارات المختلفة بداية من الحضارة العربية الإسلامية وقد تم إدراجه ضمن مواقع التراث الوطني الأسباني في يوم 29 ديسمبر عام 1928م وضمن مواقع التراث العالمي العام المسجلة بمنظمة اليونيسكو العالمية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة في عام 1987م وجدير بالذكر أنه قد تم ترميمه في عام 1984م والإحتفال بمرور 800 عام على بنائه بتعاون بين المملكة الأسبانية والمملكة المغربية ووضع في مدخله لوحتان تذكاريتان باللغتين الأسبانية والعربية تحكيان تاريخه .
وغير برج لا خيرالدا بني الموحدون برج الذهب بهدف إحكام المراقبة العسكرية وقد تم بناؤه من الحجر في الثلث الأول من القرن الثالث عشر الميلادى ومايزال هذا البرج الحجري المهيب ينتصب شامخا على نهر الوادي الكبير في مدينة إشبيلية جنوبي أسبانيا وكأنه شاهد على الماضي الحربي والعمراني المجيد لحضارة الموحدين ولحضارة الإسلام في بلاد الأندلس بأسرها وفي مدينة إشبيلية على وجه الخصوص وقد بني في عهد الخلافة الموحدية التي حكمت بلاد المغرب وجزء من بلاد الأندلس مابين عام 1121م وعام 1269م بغرض السيطرة على حركة المرور إلى إشبيلية وإلى بلاد الأندلس التي تليها ويمر بها نهر الوادي الكبير ويفسر المؤرخون سبب تسمية هذا البرج ببرج الذهب بأن جدرانه الخارجية كانت مكسوة ببلاطات خزفية ذات طلاء ذهبي ومن ثم كان البرج في الليل المقمر ينعكس على صفحة الماء بلون أصفر متلألئ كلون الذهب وقد إحتفظ الأسبان بنفس الإسم وحافظوا عليه بعد إستيلائهم على إشبيلية في عام 646 هجرية الموافق عام 1248م وربما كان ذلك تقديرا للبرج الذي صمد طويلا مع أسوار المدينة ضد حصار أسباني إستمر 15 شهرا لم تفلح خلالها القوة في إخضاع المدينة التي إضطر الأندلسيون إلى تسليمها تحت وطأة الجوع ونقص الغذاء والمؤن وقد إستخدم هذا البرج كسجن خلال العصور الوسطى وكسياج أمن لحماية المعادن الثمينة التي كانت تأتي بالسفن من الهند ومن بلاد قارة أمريكا الجنوبية بعد إكتشافها في أواخر القرن الخامس عشر وأوائل القرن السادس عشر الميلاديين وقد أصبح هذا البرج متحفا منذ عام 1994م للبحرية الأسبانية حيث يضم المعدات البصرية الأثرية من العصور الوسطى التي إستخدمت في الرحلات البحرية من أجل إكتشاف الأمريكتين كما يضم نماذج مصغرة لأنواع السفن خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين ويضم أيضا عدد من اللوحات والرسوم والخرائط لأشهر المعارك البحرية وأيضا بعض المدافع من القرن السابع عشر الميلادى ونماذج من الأسلحة البحرية ودراسات من القرن التاسع عشر الميلادى توضح منسوب مياه الأنهار في أسبانيا وبعض الأواني الفخارية إلي جانب عدد من الأعلام والرايات البحرية ويبدو واضحا أن الحكومة الأسبانية قد ربطت بين البرج وبين عصور الإستكشافات الجغرافية وما رافقها من حروب واسعة فبالإضافة إلى روايات تكديس كنوز العالم الجديد بالبرج فإن الشارع الذي يمر عبر موقع السور القديم لمدينة إشبيلية قد أطلق عليه إسم المستكشف الشهير كريستوفر كولمبس ولذا فقد أصبح هذا المتحف من المزارات السياحية في أسبانيا ويأتي إليه آلاف السياح سنويا وعلاوة علي ذلك فقد أعاد الموحدون بناء قلعة طريفة التي كان الخليفة الأموى عبد الرحمن الثالث قد أمر ببنائها في عام 960م في جزيرة طريفة تحضيرا لإنشاء مدينة صغيرة لكي تكون حصنا للجنود الموكلين بحماية مضيق جبل طارق ثم قام الموحدون بتدعيم هذا البناء خلال القرن الثاني عشر الميلادى عندما أصبحوا حكاما على بلاد الأندلس لكي تكون قاعدة لمحاربيهم بعد وصولهم إليها وقام الخليفة عبد المؤمن بن علي الكومي في عام 1146م بنقل جيوشه إليها وفيما بعد وفي عام 1231م ترك الموحدون مدينة طريفة لتقع أخيرا تحت سيطرة ملك قشتالة سانش الرابع .
|