بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا”
أبو يوسف يعقوب بن يوسف المنصور بالله أو إختصارا الخليفة الموحدى أبو يوسف يعقوب المنصور هو رابع خلفاء دولة الموحدين ببلاد المغرب والذى خلف والده الخليفة أبو يعقوب يوسف الذى كان قد خلف أباه الخليفة عبد المؤمن بن علي الكومي والذى بدوره كان قد خلف محمد بن تومرت مؤسس دولة الموحدين بالمغرب وقد تولى الخليفة أبو يوسف يعقوب المنصور الحكم وهو يبلغ من العمر 25 عاما فقط وكانت مدة حكمه ما بين عام 1184م وعام 1199م وقد إهتم بالعمران بشدة وتميز عهده بالمشاريع الكبيرة حيث بنى مئذنة مسجد الكتبية في مراكش وإستكمل إنشاء مدينة الرباط العاصمة المغربية الحالية وبني أكبر مسجد بالعالم بها وهو مسجد حسان وكان ابوه قد بدأ البناء إلا أن المنية وافته والإنشاء في بداياته تاركا صومعة حسان وأنشأ أيضا المستشفيات وغرس فيها كثيرا من الأشجار ومن جانب أخر فقد عرف الخليفة أبو يوسف يعقوب المنصور الموحدي بقيامه بأمر وشؤون دولته خير وأحسن قيام حيث رفع راية الجهاد ونصب ميزان العدل ونظر في أمور الدين والورع والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالتي هي أحسن وغير كثيرا من أسلوب الخلفاء السابقين له وبدأ يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر بشئ من الهدوء والسكينة الكبيرة حتى إنه كان يقف في الطريق ليقضي حاجة المرأة والضعيف وكان يؤم الناس في الصلوات الخمس كما أنه كان زاهدا غاية الزهد يلبس الصوف الخشن من الثياب وكان يقيم الحدود حتى في أهله وعشيرته فإستقامت الأحوال في البلاد وعظمت الفتوحات ومن جانب آخر فقد كان في نفس الوقت حازما جدا وحليما جدا حارب الخمور بشدة وأحرق كتب الفلاسفة العلمانيين وإهتم بعلوم الطب والهندسة وألغى المناظرات العقيمة التي كانت موجودة في أواخر عهد دولة المرابطين وأوائل عهد دولة الموحدين وزاد بشدة في عطايا العلماء ومال إلى مذهب الإمام علي بن حزم الظاهرى لكن لم يفرضه على الناس بل إنه أحرق الكثير من كتب الفروع وأمر بالإعتماد على كتاب الله الكريم وكتب السنة النبوية الشريفة الصحيحة وأسقط الديون عن الأفراد وخصص الأموال الثابتة لكل مريض لشراء الأدوية وكان رحمه الله يعود المرضى بنفسه يوم الجمعة وكان يجمع الزكاة بنفسه ويوزعها على الفقراء والمحتاجين وكان كريما جدا معهم حيث وزع في أحد الأعياد أكثر من سبعين ألف شاة على الفقراء وكان هو أول من أعلن صراحة فساد أقوال مؤسس دولة الموحدين محمد بن تومرت في قضية العصمة والمهدى المنتظر وقال عن ذلك إن هذا ضلال من الضلالات وأنه لا عصمة لأحد إلا للرسل والأنبياء فقط وكان مجلسه دائما عامرا بالعلماء والفقهاء وأهل الخير وذكر الذهبي رحمه الله في العبر إنه كان يجيد حفظ القرآن الكريم والحديث النبوى الشريف ويتكلم في الفقه ويناظر حيث كان فصيح اللسان مهيبا يرتدي زي الزهاد والعلماء وكان مع ذلك عليه جلالة الملوك وجدير بالذكر أنه هناك في مدينة فاس في بلاد المغرب الأقصى عشيرة من نسل الخليفة أبو يوسف يعقوب المنصور وهم العبدلاويون أو عائلة العبدلاوي معن الأندلسي حسب ما جاء في كتاب زهرة الآس للعلامة الكتاني وهم أهل خير وديانة وبرز منهم العديد من العلماء والفقهاء والشيوخ الكبار ولهم زاوية أجدادهم المعروفة بهم اليوم في حومة المخفية وحي رأس الزاوية في فاس الأندلسية ولهم أيضا مراقدهم التي حوت رفاة أجدادهم ممن إستقروا بمدينة فاس ببلاد المغرب بعد نزوحهم من بلاد الأندلس إبان سقوط ملكهم وهلاك آخر الأمراء الموحدين بها .
وكان ميلاد الخليفة أبو يوسف يعقوب بن يوسف المنصور في عام 555 هجرية الموافق عام 1160م بمراكش في إمارة جده عبد المؤمن بن علي الكومي ثاني خلفاء دولة الموحدين والذي توفي فجر يوم الثلاثاء 10 جمادى الآخرة عام 558 هجرية الموافق يوم 16 مايو عام 1162م ولما تعدى الحفيد أبو يوسف يعقوب المنصور سن الطفولة ووصل لسن الفتيان ولاه أبوه أبو يعقوب يوسف بن عبد المؤمن الوزارة فإستفاد من ذلك معرفة بأحوال الناس وسياسة الحكم وإكتسب العديد من الخبرات وبعد وفاة أبيه أبي يعقوب يوسف بن عبد المؤمن في عام 580 هجرية الموافق عام 1184م واجه في البداية ترددا من بعض إخوته وعمومته الذين إستصغروه حيث كان لم يكمل 25 عاما من عمره ومن ثم لم يرونه أهلا للإمارة فتلكأوا في بيعته وكان آنذاك في بلاد الأندلس لكن مع عبوره البحر إلي بلاد المغرب بأعوانه وعساكره ثم سيره حتى نزل مدينة سلا بغرب بلاد المغرب والتي بايعه بها أهل المغرب رأي شيوخ وكبار رجال الموحدين ومن كان قد تلكأ من أعمامه من ولد عبد المؤمن على تقديم الإبن أبو يوسف يعقوب لكي يتقلد الخلافة فبايعوه بعدما ملأ أيديهم أموالا وأقطعهم الأقطاع الواسعة وعقدوا له الولاية ودعوه أمير المؤمنين كأبيه وجده ولقبوه بالمنصور وفي بداية حكمه تعرضت دولة الموحدين لأزمة عرفت بإسم خروج إبن الغانية وكان لذلك الخروج خلفيته حيث كان الأمير المرابطي أبو الحسن علي بن يوسف بن تاشفين قد إستعمل على الجزائر الشرقية من بلاد الأندلس والمعروفة بإسم جزر البليار محمد بن علي بن يحيى المسوفي فتوارثها بنوه من بعده حتي عهد الخليفة الموحدى الثالث أبي يعقوب يوسف بن عبد المؤمن فبعث إليه أميرها محمد بن إسحاق المسوفي بالطاعة فقبل ذلك منه وبعث أبو يعقوب يوسف إليه قائده علي بن الروبرتير ليختبر أمره ويعقد له البيعة عليه ويؤكد الأمر في ذلك وكان لمحمد بن إسحاق إخوة عدة يشاركونه في الرياسة فلما إنتهى إليهم إبن الروبرتير وعلموا بسبب قدومه إليهم أنكروا على أخيهم ذلك لأنه لم يكن أعلمهم بمكاتبة الخليفة أبي يعقوب يوسف بن عبد المؤمن بن علي الكومي فقبضوا عليه وعلى إبن الروبرتير وحبسوهما وقدموا مكانه أخيهم علي بن إسحاق بن محمد المعروف بإبن الغانية ثم بلغهم خبر وفاة ابي يعقوب يوسف بن عبد المؤمن وولاية إبنه أبي يوسف يعقوب المنصور فخرج إبن الغانية علي بن إسحاق من جزيرة ميورقة عاصمة جزر البليار بأسطول مكون من عدد 20 سفينة إلى العدوة ونزل بساحل بجاية في الجزائر فقاتله بعض أهلها لكنه إستطاع أن يستولي عليها في شهر صفر عام 581 هجرية الموافق شهر مايو عام 1185م وإلتف حوله من لم يخضعوا لبني عبد المؤمن من عرب وبربر وتلقب بأمير المسلمين وهو لقب المرابطين والذين كانت قد زالت دولتهم علي أيدى الموحدين وجعل الدعاء على منابر بجاية لبني العباس ثم إستولى على مازونة ثم على مليانة ثم القلعة ببلاد الجزائر وتقدم إلى أن حاصر مدينة قسطنطينة الإستراتيجية بشمال شرق الجزائر أشهرا فلم يفلح في فتحها حيث إمتنعت عليه وصمدت أمامه .
وبالطبع فقد وصل خبر إبن الغانية إلي الخليفة أبي يوسف يعقوب المنصور والذى أدرك خطر هذا التحدي الذي سيجعله مطمع كل طامع إن هو فشل في التصدي له خاصة وأنه في بداية ولايته فأعد جيشا كبيرا جعل علي رأسه أبا زيد بن أبي حفص بن عبد المؤمن وعقد له على حرب إبن الغانية وعقد لمحمد بن إبراهيم بن جامع على الأساطيل وإستعاد جيش الموحدين بجاية ثم وصل أبو زيد إلى أفريقية أي تونس وأمام ذلك شرد إبن الغانية إلى الصحراء ثم عاود الإغارة على بلاد أفريقية وظاهره على ذلك أحد زعماء المنطقة ويسمي قراقوش الغزى وبلغ المنصور أن إبن الغانية قد إستولى على مدينة قفصة بجنوب غرب تونس فنهض بنفسه وتحرك من مراكش في الثالث من شهر شوال عام 582 هجرية الموافق يوم 16 ديسمبر عام 1186م ووصل إلى مدينة فاس وإستراح بها مدة قصيرة ثم إستكمل سيره إلى رباط تازا ثم سار إلى تونس وكان إبن الغانية قد جمع إليه عددا كبيرا من الملثمين والعرب وجاء معه أيضا حليفه قراقوش الغزى وأمد الخليفة أبو يوسف المنصور قائده أبا زيد بن حفص بمقدمة من جيشه كمدد فلقيه إبن الغانية في جموعه وإستطاع أن ينتصر علي جيش الموحدين ووصل الخبر بالطبع إلى الخليفة ابي يوسف يعقوب المنصور وهو بتونس فنهض بجيشه في الحال ونزل مدينة القيروان بوسط تونس ثم تابع السير إلى مدينة الحامة بجنوب شرق تونس فإلتقى الجمعان في معركة طاحنة وإستطاع الخليفة أبو يوسف يعقوب المنصور أن يحقق النصر فيها علي إبن الغانية وجموعه والذى مات هاربا بعد إصابته بسهم في عام 583 هجرية الموافق عام 1187م وخلال الحرب مع إبن الغانية إستغل أهل قفصة الفرصة ودعوا لبني غانية فنزل عليها الخليفة أبو يوسف يعقوب المنصور فحاصرها أشد الحصار وإفتتحها عنوة وقتل من أهلها الكثيرون وهدم أسوارها وحصونها وأيضا كان وجود الخليفة في تونس يقاتل أعداءه قد أغرى بعض أقاربه الذين كانوا ما زالوا يستصغرونه ويعتبرونه غير مستحق للخلافة فخرج عليه عمه سليمان بن عبد المؤمن في مرسية في شرق بلاد الأندلس وأخوه عمر في بلاد صنهاجة بشمال غرب بلاد المغرب وبلغته أخبارهما وهو في بجاية فأسرع عائدا إلي بلاد المغرب دون إبطاء فقطع من بجاية إلى فاس سبع عشرة مرحلة فلما سمعا بقدومه خرجا يلتقيانه فأمر بالقبض عليهما وتقييدهما في مدينة سلا ثم بلغ عاصمته مراكش فكتب إلى القائم عليهما بقتلهما وتكفينهما والصلاة عليهما ودفنهما ففعل ذلك وكتب إليه بنيت قبريهما بالرخام وجعل يذكر حسنهما فكتب إليه الخليفة ما لنا ولدفن الجبابرة إنما هما رجلان من المسلمين فإدفنهما كيف يدفن عامة المسلمين وبعد قتل الخليفة أبو يوسف يعقوب المنصور لعمه وأخيه هابه بقية أقاربه وأُشربت قلوبهم خوفه بعد أن كانوا متهاونين في أمره محتقرين له وقد تغير هو كذلك فتزهد وتقشف وإخشوشن في ملبسه ومأكله وإستدعى الصالحين من البلاد وكتب إليهم يسألهم الدعاء ويصل من يقبل صلته منهم بالصلات الجزيلة فإنتشر في أيامه الصالحون والمتبتلون وقامت لهم سوق وعظمت مكانتهم منه ومن الناس.
وما بين عام 585 هجرية الموافق عام 1189م وعام 588 هجرية الموافق عام 1192م وبعدما حرر السلطان صلاح الدين الأيوبي بيت المقدس بعد معركة حطين الشهيرة التي وقعت في عام 583م الموافق عام 1187م حدث أن تجمع الفرنجة من كل أنحاء قارة أوروبا وتتابعت أساطيلهم بالمدد من كل ناحية إلى الثغور القريبة من بيت المقدس معترضين أسطول صلاح الدين وإستطاعوا بالفعل أن يحاصروا عكا مستفيدين كثيرا من قوتهم البحرية ولم يستطع صلاح الدين مواجهتهم لضعف أساطيله يومئذ مقارنة بما لدى الصليبيين فبعث هذا الأخير إلى الخليفة أبو يوسف يعقوب المنصور كتابا يطلب فيه إعانته بالأساطيل لقتال الفرنجة فلما وصل الرسول إلى المغرب وجد المنصور في بلاد الأندلس فإنتظره بفاس حتى عاد فقدم له الكتاب وكان عنوانه من صلاح الدين إلى أمير المسلمين وفي أوله الفقير إلى الله تعالى يوسف بن أيوب وبعد الحمد لله الذي إستعمل على الملة الحنيفة من إستعمر الأرض وأغنى من أهلها من سأله القرض وأجرى على يده النافلة والفرض وزين سماء الملة بدرارى الذراري التي بعضها بعض وبعد هذه المقدمة طلب السلطان صلاح الدين الأيوبي من الخليفة أبو يوسف يعقوب أن يمد بلاد الشام ومصر بسفن من الأسطول الموحدى الذى كان يتمتع بتفوق علي أساطيل الفرتجة الأوروبيين آنذاك وقد طلب السلطان صلاح الدين من الخليفة أبو يوسف المنصور ذلك لعلمه بأن قائد أسطول دولة صقلية المسيحية كان مسلما إسمه أحمد الصقلي والذى كان قد إنشق عن صقلية بعد وفاة ملكها ساخطا على الملك الجديد ولجأ إلى أبي يعقوب يوسف بن عبد المؤمن الذي تلقاه بالإكرام وقلده أمر أساطيله فأحسن إدارتها وكثّر عددها حتى صارت أقوى من أساطيل الدول النصرانية وإستمر كذلك في عهد إبنه الخليفة أبو يوسف يعقوب المنصور لكن لم يستجب هذا الأخير لطلب صلاح الدين رحم الله الإثنين ويزعم بعض المؤرخين أن المنصور لم ينجد صلاح الدين بأسطوله سخطا منه إذ لم يخاطبه بأمير المؤمنين ولكن كان هناك أمرا سياسيا يجعل مساعدة المنصور بعيدة المنال فقد كان المنصور يعاني في ذلك الوقت من بعض مماليك الدولة الصلاحية الذين تآمروا علي دولة الموحدين في تونس وطرابلس الغرب وتحالفوا مع بني غانية عندما نزلوا بسواحلها ولذلك قصة نرويها بإختصار وهي أن صلاح الدين أرسل مجموعة من أمرائه في عام 568 هجرية الموافق عام 1172م في عهد الخليفة أبي يعقوب يوسف لتقوم بتوسيع دولته غربا في سواحل شمال قارة أفريقيا ويسميهم المؤرخون الغز أو الأتراك فقام شرف الدين قراقوش مملوك إبن شقيق صلاح الدين بالتحالف مع أحد أعيان طرابلس الغرب المتمردين على الموحدين وإستولى على طرابلس الغرب وأسكن أهله بقصرها وملك كثيرا من بلدات تونس ولما إستولى الموحدون على تلك البلاد أكرموا الأتراك وأقطعوهم الإقطاعات ولكن قراقوش طمع في أن يصبح مالكها لبعد إبن عبد المؤمن عنه وإنشغاله بجهاد الفرنجة ولما جاء إبن غانية لينتزع البلاد من الموحدين تحالف معه الأتراك وكان بعضهم في الجيش الذي أرسله يعقوب لاسترداد سواحل أفريقية لكنهم خانوه وانضموا لإبن غانية ولما تولي أبو يوسف يعقوب المنصور الخلافة خلفا لأبيه وحيث أنه كان متسامحا حصيفا فلما هزم بني غانية وإستسلم الأتراك له صفح عنهم وأرسلهم إلى الثغور لكي يواجهوا أعداء الإسلام لما رأى من شجاعتهم وفروسيتهم ومع ما سبق فإننا نستبعد عدم إستجابة الخليفة أبو يوسف يعقوب المنصور للأسباب السابق ذكرها على ضوء أمرين أولهما ديانة المنصور وطموحه فالجهاد يدعوه للإستجابة لطلب صلاح الدين وهو المجاهد المغوار والطموح يدعوه ليكون له موطئ قدم في المشرق العربي وهو الذي يرى نفسه ودولته أحق بإمارة المؤمنين من صلاح الدين وقد ذكر المؤرخون أنه لم يخف نيته في فتح البلاد المصرية وضمها إلى دولته وكان يذكر ما فيها من المنكرات والبدع ويقول نحن إن شاء الله مطهروها وبقي على هذا العزم حتى مات أما الأمر الآخر الذى تسبب في عدم إستجابته لصلاح الدين أنه كان كما رأينا في شغل شاغل مع العدو الخارجي والداخلي اللذين كانا يهددان أمن وإستقرار دولة الموحدين سواء في بلاد المغرب أو في بلاد الأندلس .
وعلي جبهة الأندلس ففي شهر رجب عام 585 هجرية الموافق شهر أغسطس عام 1189م خرجت من أيدي المسلمين شلب وهي اليوم مدينة سيلفس والتي تقع في أقصى جنوب البرتغال حيث إنتهز الملك البرتغالي سانشو الأول والذى يسميه المؤرخون العرب بطرو بن الرنق أو الرنك مرور أسطول للصليبيين الإنجليز يقصد فلسطين ووعدهم إن أعانوه بالسفن أن يمنحهم ما تقع عليه أيديهم من الأسرى فشن حملة برية بحرية نجحت في الإستيلاء على المنطقة وسبي أهلها وملك سانشو البلد ووقع هذا الخبر على مسامع الخليفة أبو يوسف يعقوب كالصاعقة فجهز جيشا كبيرا من الموحدين عبر به إلى بلاد الأندلس في شهر المحرم عام 586 هجرية الموافق شهر فبراير عام 1190م فنزل قرطبة ثم سار منها إلى شلب وفي طريقه إستولى على عدد 4 حصون للفرنجة بعد أن ضرب عليها الحصار في منتصف عام 587 هجرية الموافق منتصف عام 1191م فلم يطق الفرنجة الصمود وخرجوا عن الحصون وعما كانوا قد ملكوه من أعمالها وبعد ذلك عاد الخليفة إلى مراكش وكانت آنذاك مملكة قشتالة وعاصمتها طليطلة تحت حكم ألفونسو الثامن بن سانشو الثالث المولود في عام 550 هجرية الموافق عام 1155م والمتوفى عام 610 هجرية الموافق عام 1213م والذي كان قد تولى الحكم طفلا عام 553 هجرية الموافق عام 1158م فأهمه أمر هذه الحملة التي جاءته على حين غرة فدخل في مباحثات للصلح مع المنصور تمخضت عن هدنة مدتها 5 سنين وحدث بعد ذلك أن مرض الخليفة أبو يوسف يعقوب بعد عودته ظافرا إلى المغرب مرضا شديدا أشرف فيه على الموت وكان بعد عودته قد ولى أخاه أبا يحيى الأندلس فجعل يتلكأ في الخروج إليها تربصا به وطمعاً في وفاته وكان الخليفة كلما أفاق سأل هل عبر أبو يحيى إلي الأندلس أم لا فلما بلغ أبا يحيى ذلك أسرع إلى العبور وهو لا يشك أن أول ما سوف يرد عليه خبر وفاة أخيه وبدأ عند وصوله إلي بلاد الأندلس في إستمالة وجهائها ودعاهم لمقابلته فتهربوا من ذلك وجعل واحدهم يحيله على الثاني وكتبوا بذلك رسائل للخليفة في مراكش خوفا على أنفسهم وكان الخليفة قد أفاق من مرضه وبلغه أمر أبي يحيى من عيونه كما كانت قد جاءته كتب أهل الأندلس التي كتبوها وسمع أبو يحيى بذلك فعبر البحر إلى المغرب معتذرا إلي أخيه الخليفة فلقيه بمدينة سلا فلما وقعت عينه عليه قال لمن عنده هذا الشقي قد جاء وأمر به فقيد وأرسل إلى بعض الوجهاء فحضروا وأدلوا بشهاداتهم وأمر به فأُحضر فقال له الخليفة إنما أقتلك بقوله صلى الله عليه وسلم إذا بويع خليفتان بأرض فإقتلوا الآخر منهما وأمر به فضرب عنقه وذلك في حضور جمع من الناس وأمر به فكفن ودفن وأقبل على قرابته فنال منهم بلسانه وأخذ منهم أخذا شديدا وأمر بإخراجهم على أسوأ حال حفاة عراة الرؤوس فخرجوا وكل واحد منهم لا يشك في أن مصيره قد يكون القتل .
وما كادت الهدنة التي عقدها الخليفة أبو يوسف يعقوب المنصور مع الفرنجة في بلاد الأندلس تنقضي في عام 590 هجرية الموافق عام 1194م حتى هجم ألفونسو ملك قشتالة على إشبيلية وعاث في البلاد الفساد فتجهز الخليفة المنصور من مراكش وتصدق بأربعين ألف دينار ثم عبر البحر بجيش كبير قوامه قبائل البربر زناتة وهناتة وبنو مرين ونزل مدينة إشبيلية فلم يقم بها إلا يسيرا ريثما عرض الجند وقسم الأموال وخرج يقصد بلاد العدو وكان الفرنجة على إستعداد للمعركة الوشيكة وتحالف ألفونسو الثامن مع سانشو ملك نافارا وألفونسو التاسع ملك ليون وكان الجيش القشتالي يحتل موقعا متميزا مرتفعا يطل على القوات المسلمة وقد كانت قلعة الأرك تحميهم من خلفهم وقد قسموا أنفسهم لمقدمة يقودها الخيالة تحت إمرة لوبيز دي هارو أحد معاوني ألفونسو وقلب الجيش ومؤخرته ويضم 100 ألف مقاتل من خيرة مقاتلي قشتالة ويقودهم ألفونسو بنفسه وكان ألفونسو قد إستدعى فرسان قلعة رباح وفرسان الداوية لينضموا إلى جيشه فبلغ بذلك تعداد جيشه إلي 100 ألف في رواية وفي رواية أخرى 150 ألف ومع ذلك طلب مساعدة ملكي ليون ونافارا النصرانيين اللذين جمعا حشودا ضخمة لكنهما تأخرا في المجئ للمساعدة وفي يوم 9 شعبان عام 591 هجرية الموافق يوم 18 يوليو عام 1195م كانت موقعة الأرك الفاصلة وكان قبيل ذلك بقليل قد بدأ المتطوعون في الجيش الموحدي في التقدم قليلا لجس النبض وإتبع القشتاليون نظاما متميزا وذكيا وهو نزول الجيش على دفعات كلما ووجه الجيش بمقاومة عنيفة وإستبدال مقدمة الجيش بمقدمة أخرى في كل مرة يقاومون فيها وأرسل القشتاليون في بادئ الأمر 70 ألف فارس وصفهم إبن عذاري في كتابه البيان المغرب في إختصار أخبار ملوك الأندلس والمغرب كبحر هائج تتالت أمواجه وقد رد الموحدون المسلمون هجمة الجيش الأولى فما كان من القشتاليين إلا أن أمروا بإرسال دفعة ثانية وقد قاومها الموحدون مقاومة قوية جدا مما حدا بلوبيز دي هارو بإرسال قوة كبيرة لتفكيك مقدمة الجيش الموحدى والقضاء عليها فلما تبين ذلك للخليفة المنصور نزل بنفسه دون جيشه في شجاعة نادرة وأخذ يمر على كل القبائل والصفوف قائلا جددوا نياتكم وأحضروا قلوبكم ورد المسلمون هجمات القشتاليين مرتين ولكن العرب والبربر إستنفذوا جميع قواهم لرد هذا الهجوم العنيف وعززت قوات القشتاليين بقوى جديدة وهجموا للمرة الثالثة وضاعفوا جهودهم وإقتحموا صفوف المسلمين وفرقوها وقتلوا قسما منها وأرغم الباقون على التراجع وإستشهد آلاف من المسلمين في تلك الصدمة منهم القائد العام أبو يحيى بن أبي حفص الذي سقط وهو يقاتل بمنتهى البسالة والشجاعة وإستمر القشتاليون في هجومهم وأخذوا يخترقون قوات الموحدين حتى وصلوا إلى قلب الجيش الموحدي وإعتقد النصارى أن النصر قد لاح لهم وأن الدائرة قد دارت على المسلمين بعد أن حطموا قلب جيشهم ولكن الأندلسيين بقيادة إبن صناديد وبعض بطون زناتة وهم الذين يكونون الجناح الأيمن للجيش هجموا عندئذ على قلب الجيش القشتالي فأضعفوا بذلك تقدم الفرسان القشتاليين والذين كان يتولى قيادتهم ملك قشتالة نفسه وكان يحيط به عشرة آلاف من أمهر الفرسان منهم فرسان الداوية وفرسان قلعة رباح فلقي ألفونسو المسلمين بقيادة إبن صناديد دون وجل فإستطاعوا ان يحاصروا القشتاليين وفصلوا بين مقدمة جيشهم ومؤخرته وفي تلك الأثناء خرج الخليفة المنصور بجنوده فتعاون جميع أقسام الجيش الإسلامي على الإطاحة بمن حوصر من القشتاليين الذين كانوا أغلب الجيش وقتلوا منهم خلقا كثيرا وفر الباقون.
وبعد ذلك بدأ المسلمون بقيادة الخليفة المنصور يتقدمهم لواء الموحدين الأبيض المكتوب عليه لا اله إلا الله محمد رسول الله ولا غالب إلا الله فتقدم ناحية من تبقى من الجيش المسيحي وهم عدة آلاف فارس الذين إلتفوا من حول ألفونسو الثامن وأقسموا على أن لا يبرحوا أرض المعركة حتى وإن كانت نهايتهم فيها وقاوم القشتاليون مقاومة عنيفة حتى قتل أغلبهم وهرب ألفونسو من أرض المعركة إلى طليطله عاصمته وقام المسلمون بعد إنتهاء المعركة بحصار قلعة الأرك التي كان قد فر إليها لوبيز دي هارو ومعه 5 آلاف من جنده وقاوم المسيحيون قليلا ثم إضطروا للإستسلام وطلبوا الصلح فوافق الخليفة المنصور مقابل إخلاء سبيل من أُسر من المسلمين ويختلف المؤرخون المسلمون في نتائج المعركة فيخبر المقرى في كتابه نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب وكان عدة من قتل من الفرنجة فيما قيل 146 ألفا وعدة الأسرى 13 ألفا وعدة الخيام 156 ألف خيمة والخيل 80 ألفا والبغال 100 ألف والحمير 400 ألف جاء بها المسيحيون لحمل أثقالهم لأن ليس لديهم إبل وأما الجواهر والأموال فكانت لا تحصى وبيع الأسير بدرهم والسيف بنصف درهم والفرس بخمسة دراهم والحمار بدرهم وقسم الخليفة الغنائم بين المسلمين بمقتضى الشرع ونجا الملك ألفونسو بهروبه كما ذكرنا إلى طليطلة في أسوأ حال فحلق رأسه ولحيته ونكس صليبه وفرض علي نفسه واقسم ألا ينام على فراش ولا يقرب النساء ولا يركب فرسا ولا دابة حتى يأخذ بالثأر وقد ذكر العلامة إبن خلدون إن عدد القتلى كان 30 ألفا وجعلهم إبن الأثير 146 ألفا بالإضافة إلي 13 ألف أسير وعموما فقد أكمل الخليفة المنصور مسيرته في أراضي مملكة قشتالة فإقتحم قلعة رباح وإستولى عليها وسقطت مدن تروخلو وبينافينتي ومالاغون وكاراكويل وكوينكا وتالفيرا وكلها تقع بالقرب من مدينة طليطلة عاصمة قشتالة ثم إتجه الخليفة بجيشه نحو العاصمة طليطلة وضرب عليها حصارا وإستخدم المسلمون المجانيق وأصبحت علي وشك السقوط ويخبر المقرى عن نتائج ذلك الحصار فيقول خرجت إليه يعني للمنصور والدة ألفونسو وبناته ونساؤه وبكين بين يديه وسألنه إبقاء البلد عليهن فرق لهن ومن عليهن بها ووهب لهن من الأموال والجواهر ما جل وردهن مكرمات وعفا بعد القدرة وقد أعطت نتيجة هذه المعركة مهابة للموحدين في بلاد الأندلس وإستمروا هناك حتى فاجعة معركة العقاب التي نشبت يوم 15 صفر عام 609 هجرية الموافق يوم 16 يوليو عام 1212م بين الموحدين والممالك المسيحية بأسبانيا والتي خسر المسلمون بعدها بقية أراضي بلاد الأندلس ما عدا غرناطة وإشبيلية وما حولهما وقد بقيت مرارة الهزيمة في فم ألفونسو ورغم تشجيع ملك أراجون له لم يهاجم ألفونسو الموحدين بعد هذه المعركة رغم إغاراتهم على أراضيه وإستيلائهم على عدد من حصونه ومع أن هذا الإنتصار قد فتح أمام الخليفة المنصور طريق طليطلة ومدريد إلا أنه لم يستثمره وإكتفى ببعض المكاسب المحدودة ولعل عذره كان أن أغلب جنده من بلاد المغرب كان قد أصابهم التعب والإرهاق الشديدين وكانوا يتوقون للعودة إلى الأهل والبلاد وطلبا للراحة في أقرب وقت ممكن .
وبعد هذا النصر المبين عاد الخليفة المنصور إلى قرطبة فأقام شهرا يقسم الغنائم وجلس للوفود في قبة مشرفة على نهر إشبيلية حيث جاءته رسل ألفونسو بطلب الصلح فصالحه وأمن الناس فدخلوا عليه على طبقاتهم ومراتبهم وأنشده شاعر من أهل مرسية إسمه علي بن حزمون قصيدة من بحر الخبب الذي إقترحه المنصور بالله على الشعراء كما أمر المنصور بعرض الجند في هذا اليوم في كامل أسلحتهم فلما إنتشروا بين يديه وأعجبه ما رأى من حسن هيئتهم قام فصلى ركعتين شكراً لله عز وجل وإتفق أنه في أثر فراغه من الصلاة أن جاءت سحابة فأمطرت مطرا غزيرا حتى إبتل الناس وأقام المنصور بإشبيلية الشهور الأخيرة من عام 591 هجرية الموافقة للشهور الأخيرة من عام 1195م وفي العام التالي 592 هجرية الموافق عام 1196م أراد الغزو فكتب قبل خروجه إلى جميع البلاد من أجل البحث عن الصالحين والمنتمين إلى الخير وحملِهم إليه فإجتمعت له منهم جماعة كبيرة كان يجعلهم كلما سار بين يديه فإذا نظر إليهم قال لمن عنده هؤلاء الجند لا هؤلاء ونزل المنصور على مدينة طليطلة بعساكره فقطع أشجارها وإنتسف معايشها وغور مياهها وأنكى في الروم أشد نكاية ثم عاد في العام التالي أيضا 593 هجرية الموافق عام 1197م وتوغل في بلاد الفرنجة ووصل إلى مواضع لم يصل إليها ملك من ملوك المسلمين قط ورجع إلى إشبيلية وأرسل الملك ألفونسو يسأله المهادنة والصلح فهادنه عشر سنين وذلك لأن عبد الله بن إسحاق بن غانية الميورقي إستغل فرصة إنشغال الخليفة المنصور في بلاد الأندلس فسار على سنن أخيه علي بن إسحاق الذى قتل في عام 583 هجرية الموافق عام 1187م في حركة التمرد التي كان قد قادها ضد الخليفة المنصور وأعاد الدعوة لبني العباس وتوجه للإستيلاء على ثغور شمال القارة الأفريقية التي كان الخليفة المنصور قد إسترجعها من أخيه المقتول ولذا فقد عاد الخليفة المنصور في أوائل عام 594 هجرية الموافق أوائل عام 1198م من الأندلس إلى مراكش بعد أن أصلح أمور الأندلس ورتب فيها من يقوم بحمايتها . ولما وصل الخليفة المنصور إلى مراكش كان في نيته ألا يخلد للراحة فأمر بإتخاذ الأحواض والروايا وآلات السفر للتوجه إلى بلاد أفريقية فإجتمع إليه مشايخ الموحدين وقالوا له يا سيدنا قد طالت غيبتنا ببلاد الأندلس فمنا من له 5 سنين وغير ذلك فتنعم علينا بالمهلة بعض الوقت ولتكن حركتنا في أوائل عام 595 هجرية الموافق أواخر عام 1198م فأجابهم إلى ذلك وبعد ذلك إختلفت الروايات في أمره حيث أفاد بعض المؤرخين بأنه ترك ما كان فيه وتجرد وزهد في الملك وساح في الأرض حتى إنتهى إلى بلاد الشرق وهو مستخف حتى مات وقيل أيضا إنه جال في الأرض إلى أن وصل إلى منطقة في بلاد الشام هي اليوم في لبنان حيث دفن على قمة تلة في البقاع الغربي وهي الآن قرية تعرف بإسم قرية السلطان يعقوب نسبة إليه وفيها مزار له وهناك رواية ثالثة وهي إنه لما عاد الخليفة أبو يوسف يعقوب المنصور إلى مراكش قادما من الأندلس أمر شيوخ الموحدين بالإجتماع حين شعر بالموت يدنو منه ثم قال لهم وقد إغرورقت عيناه بالدموع أيها الناس أوصيكم بتقوى الله تعالى وبالأيتام واليتيمة فقال أحد الحاضرين وكان يسمي أبو محمد عبد الواحد يا سيدنا يا أمير المؤمنين ومن الأيتام ومن اليتيمة فقال اليتيمة هي بلاد الأندلس والأيتام هم سكانها المسلمون ثم تابع قائلا وإياكم والغفلة فيما يصلح بها من تشييد أسوارها وحماية ثغورها وتربية أجنادها وتوفير رعيتها ولتعلموا أعزكم الله أنه ليس في نفوسنا أعظم من همها ونحن الآن قد إستودعنا الله تعالى وحسن نظركم فيها فإنظروا أمن المسلمين وأجروا الشرائع على منهاجها وكانت وفاته في يوم 24 ربيع الأول عام 595م الموافق يوم 23 يناير عام 1199م عن 39 عام ودفن في العاصمة مراكش ويتبقي لنا أن نذكر إن الخليفة الموحدى أبا يوسف يعقوب المنصور كانت له العديد من المآثر المعمارية حيث كان مهتما غاية الإهتمام بالبناء والتشييد والعمران حيث قام بإستكمال بناء مدينة الرباط بما في ذلك السور والبوابات والتي كان قد بدأ بناؤها في عهد جده عبد المؤمن بن علي الكومي مرورا بعهد أبيه الخليفة ابي يعقوب يوسف كما بني بها جامع حسان والذى أضافته منظمة اليونيسكو للتراث العالمي لقائمة أولية في يوم 1 يوليو عام 1995م في فئة الثقافة وعلاوة علي ذلك فقد قام الخليفة المنصور بإعادة تشييد مسجد سلا الكبير أو مسجدها الأعظم ومدرسته الجوفية في عام 593 هجرية الموافق عام 1196م على مساحة تتجاوز 5 آلاف متر مربع وقام بنقل ترابه وحجارته عدد 700 ألف أسير من الأسرى الأوروبيين وبعد إكتمال بنائه إستدعى الخليفة أبو يوسف المنصور عالما محدثا هو أبو محمد عبد الله بن سليمان الأنصاري من بلاد الأندلس ليتولى الخطابة فيه ويلقي الدروس والمواعظ الدينية ويعد المؤرخون إعادة بناء الجامع الأعظم بسلا بداية النواة الأولى للنهضة العلمية لمدينة سلا إذ إحتضن دروس الكراسي العلمية وتخرج منه علماء كبار بلغ صيتهم المشرق والمغرب مثل إبن غياث السلاوي الذي درس في حلب السورية وأبو عبد الله الدقاق الذي كان يقدم كرسي الحديث في المسجد النبوي الشريف وبنى الخليفة المنصور أيضا الجامع الأعظم بقصبة مراكش وصومعة مسجد الكتبية بمراكش أيضا والتي تتخذ تصميما مربعا يعلوه المنور المتوج بقبة مضلعة كما تعلو هذين المستويين شرافات وتتكون نواة الصومعة من ستة غرف متطابقة الواحدة فوق الأخرى وهي محاطة بممر مائل ومستقيم ومغطى بقباب نصف أسطوانية تنطلق منها على مستوى الزوايا بعض القباب ذات الحافة الحادة وأخيرا كان أيضا من مآثر الخليفة المنصور إقامة مئذنة للمسجد الجامع في إشبيلية وهي المعروفة اليوم بإسم الخيرالدا وهو البرج الذي أمر ببنائه على أنقاض مبان رومانية قديمة وصنع أربع تفاحات مذهبة لتكلل هذه المئذنة بعد عودته من معركة الأرك الشهيرة وقد اصبح حاليا برجا لكاتدرائية إشبيلية بعد خروج المسلمين من بلاد الأندلس .
|