الأحد, 8 ديسمبر 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

الإمام البخارى

 الإمام البخارى
عدد : 01-2023
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا”

الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه والمعروف بإسم البخارى هو أحد كبار الحفاظ الفقهاء ومن أهم علماء الحديث وعلوم الرجال والجرح والتعديل والعلل عند أهل السنة والجماعة وله مصنفات كثيرة أبرزها كتاب الجامع الصحيح المشهور بإسم صحيح البخارى الذى يعد أوثق الكتب الستة الصحاح والذي أجمع علماء أهل السنة والجماعة أنه أصح الكتب بعد القرآن الكريم والذى أمضى في جمعه وتصنيفه ستة عشر عاما قضاها مرتحلا في أرجاء العالم الإسلامي رحلة طويلة للقاء العلماء وطلب الحديث وسمع من قرابة ألف شيخ وجمع حوالي ستمائة ألف حديث ومن ثم إشتهر شهرة واسعة وصيتا كبيرا وأقر له أقرانه وشيوخه وتلاميذه ومن جاء بعده من العلماء بالتقدم والإمامة في الحديث وعلومه حتى لقب بأمير المؤمنين في الحديث وقد تتلمذ عليه كثير من كبار أئمة الحديث كمسلم بن الحجاج وإبن خزيمة والترمذى وغيرهم وهو أول من وضع في الإسلام كتابا مجردا للحديث الصحيح كما أنه كان من أول من ألف في تاريخ الرجال وحقا فقد نهض الإمام البخارى بالحديث النبوي دراية ورواية وكان علي رأس الرجال النابهين سواء من العرب أو من أصول غير عربية لكن الإسلام رفع أصلهم وأعلى العلم ذكرهم وبوأهم ما يستحقون من منزلة وتقدير فكانوا شيوخ الحديث وأئمة الهدى ومراجع الناس فيما يستفتون وكان ميلاد الإمام البخارى في يوم 13 شوال عام 194 هجرية الموافق يوم 19 يوليو عام 810م بمدينة بخارى وهي بدولة أوزبكستان إحدى الجمهوريات السوفيتية السابقة حاليا والتي إكتسب لقبه نسبة إليها وتربى في بيت علم إذ كان أبوه من العلماء المحدثين وإشتهر بين الناس بسمته وتقواه وورعه وكانت أمه أيضا إمرأة صالحة لا تقل ورعا وصلاحا عن أبيه وكانا من أصول غير عربية بل كانا من أصل فارسي وكان أول من أسلم من أجداد ابيه المغيرة بن برد زبة وكان إسلامه على يد اليمان الجعفي والي بخارى فنسب إلى قبيلته وإنتمى إليها بالولاء وأصبح الجعفي نسبا له ولأسرته من بعده وكانت هذه هي العادة آنذاك حيث كان ينسب من دخل في الإسلام إلي من أسلم علي يديه وقد توفي أبوه وهو في سن صغيرة فنشأ يتيما في كنف أمه والتي إهتمت بتربيته وتنشئته حيث حببته في العلم وأخذت تزين له الطاعات فشب مستقيم النفس عف اللسان كريم الخلق مقبلا على الطاعة وكان يتمتع بالفطنة والذكاء والنجابة والذاكرة القوية وهو الأمر الذى ساعده كثيرا في جمع وحفظ الأحاديث النبوية الشريفة وفي صغره حفظ القرآن الكريم في الكتاب وتلقي العلوم الأساسية الخاصة بالدين الإسلامي من خلال أمهات الكتب التي كانت معروفة في عصره ولما بلغ العاشرة من عمره بدأ في حفظ الكثير من الأحاديث النبوية وساعده ذلك الجو العلمي الذى كان سائدا آنذاك في بخارى حيث كانت من أكبر مراكز العلم في بلاد الإسلام فكان يرتاد حلقات العلم ويستمع لكبار رجال الدين في بلاده ويتناقش معهم وينهل من علومهم ولما وصل إلي سن 15 عاما تعددت رحلات الإمام البخاري العلمية بداية من عام 209 هجرية للأخذ عن الشيوخ والرواية عن المحدثين فزار أكثر البلدان والأمصار الإسلامية في ذلك الزمان للسماع من علمائها فرحل إلى بلخ ومرو والرى وهراة ونيسابور .


ولما بلغ البخارى من العمر 16 عاما وفي عام 210م إرتحل مع أمه وأخيه أحمد لأداء فريضة الحج وبعد أن أدى الفريضة لم يعد إلي بلاده وتنقل بين مكة المكرمة والمدينة المنورة ثم إنطلق في الأمصار الإسلامية المختلفة حتى شملت رحلاته أغلب الحواضر العلمية في وقته فرحل إلى بلاد العراق فدخل بغداد وواسط والكوفة والبصرة ثم إنتقل إلي الشام فدخل دمشق وحمص وقيسارية وعسقلان كما رحل إلى مصر واقام في كل بلد وقتا أنفقه في جمع الأحاديث النبوية المشرفة وقد بدأت رحلة الإمام البخارى في الأمصار الإسلامية من مكة المكرمة بعد أداء فريضة الحج حيث لبث في مكة المكرمة مدة ثم رحل إلى المدينة المنورة وهناك صنف كتاب التاريخ الكبير وكان عمره ثماني عشرة عاما وقد روى تلميذ البخارى ووراقه وصاحبه أبو جعفر محمد بن أبي حاتم أنه قال للبخارى كيف كان بدء أمرك فقال ألهمت حفظ الحديث في الكتاب ولي عشر سنين أو أقل ثم خرجت من الكتاب بعد العشر فجعلت أختلف إلى الداخلي وغيره فقال يوما فيما يقرأ على الناس قوله عن سفيان عن أبي الزبير عن إبراهيم فقلت له إن أبا الزبير لم يرو عن إبراهيم فإنتهرني فقلت له إرجع إلى الأصل فدخل ثم خرج فقال لي كيف يا غلام قلت هو الزبير بن عدى عن إبراهيم فقال صدقت وهنا قال بعض أصحابه للبخارى إبن كم كنت فقال إبن إحدى عشرة عاما وإستطرد البخارى قائلا ولما بلغت ست عشرة عاما حفظت كتب عبد الله بن المبارك ووكيع وعرفت كلام هؤلاء ثم خرجت مع أمي وأخي أحمد إلى مكة المكرمة فلما حججت رجع أخي بها إلي بخارى وتخلفت في طلب الحديث فلما بلغت ثماني عشرة عاما جعلت أصنف قضايا الصحابة والتابعين وأقاويلهم وذلك أيام عبيد الله بن موسى وصنفت كتاب التاريخ إذ ذاك عند قبر النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في الليالي المقمرة وقل إسم في التاريخ إلا وله عندى قصة إلا إني كرهت تطويل الكتاب وقد روى عن البخارى أنه كان لا يتكلم في الحديث أو يكتبه إلا بعد أن يتوضأ ويصلي ركعتين لله وقال الخطيب البغدادى عن رحلات البخارى إنه قد رحل في طلب العلم إلى سائر محدثي الأمصار وكتب بخراسان والجبال ومدن العراق كلها وبالحجاز والشام ومصر وقال البخارى عن رحلته ببلاد العراق إنه قد دخل بغداد مرات عديدة وأنه كان كل مرة يجالس الإمام أحمد بن حنبل وقال أيضا لقيت أكثر من ألف رجل من أهل العلم من أهل الحجاز ومكة المكرمة والمدينة المنورة والكوفة والبصرة وواسط وبغداد وبلاد الشام ومصر فلقيتهم كرات قرنا بعد قرن ثم قرنا بعد قرن وأدركتهم وهم متوافرون أكثر من ست وأربعين سنة وقابلت أهل بلاد الشام ومصر والجزيرة مرتين وأهل البصرة أربع مرات في سنين ذوى عدد ومكثت ببلاد الحجاز ستة أعوام ولا أحصي كم دخلت مدينتي الكوفة وبغداد وأراد البخارى أيضا الرحلة إلى بلاد اليمن ليسمع من عبد الرزاق الصنعاني فلم يقدر له ذلك وقال في هذا الأمر أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي قدم البخارى عاصمة الخلافة بغداد وعزم على المضي إلى عبد الرزاق ببلاد اليمن فإلتقى بيحيى بن جعفر البيكندي فإستخبره فقال مات عبد الرزاق لكنه سمع حديثه من يحيى بن جعفر .


وكان أشهر مؤلفات الإمام البخارى كتابه المعروف الجامع المسند الصحيح المختصر من أُمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه والمعروف بإسم صحيح البخارى والذى يعد أبرز كتب الحديث النبوى الشريف عند المسلمين من أهل السنة والجماعة وقد صنفه الإمام محمد بن إسماعيل البخارى وإستغرق في تحريره ستة عشر عاما منذ أن خرج من بلاده إلي مكة المكرمة حاجا في عام 210 هجرية وكان عمره 16 عاما وبقي متنقلا بين مكة المكرمة والمدينة المنورة ست سنوات ثم إرتحل كما أسلفنا في العديد من الأمصار الإسلامية ليجمع أحاديث النبي الكريم محمد صلي الله عليه وسلم وإنتقى أحاديثه من ستمائة ألف حديث جمعها ويحتل هذا الكتاب مكانة متقدمة عند أهل السنة والجماعة حيث إنه أحد الكتب الستة التي تعتبر من أمهات مصادر الحديث النبوى الشريف عندهم وهو أول كتاب مصنف في الحديث الصحيح المجرد كما يعتبر لديهم أصح كتاب بعد القرآن الكريم كما أنه يعتبر أحد كتب الجوامع وهي التي إحتوت على جميع أبواب الحديث من العقائد والأحكام والتفسير والتاريخ والزهد والآداب وغيرها وقد إكتسب الكتاب شهرة واسعة في حياة الإمام البخارى فروى أنه سمعه منه أكثر من سبعين ألفا وإمتدت شهرته إلى الزمن المعاصر ولاقى قبولا وإهتماما فائقين من العلماء فألفت حوله الكتب الكثيرة من شروح ومختصرات وتعليقات ومستدركات ومستخرجات وغيرها مما يتعلق بعلوم الحديث حتى نقل بعض المؤرخين أن عدد شروحه وحدها بلغ أكثر من إثنين وثمانين شرحا وقد قصد البخارى في صحيحه إلى إبراز فقه الحديث الصحيح وإستنباط الفوائد منه وجعل الفوائد المستنبطة تراجم للكتاب أى عناوين له فيذكر متن الحديث بغير سند وقد يحذف من أول الإسناد واحد فأكثر وهذان النوعان يعرفان بالتعليق وقد يكرر الحديث في مواضع كثيرة من كتابه يشير في كل منها إلى فائدة تستنبط من الحديث وذكر في تراجم الأبواب الكثير من الآيات والأحاديث وفتاوى الصحابة والتابعين ليبين بها فقه الباب والإستدلال له حتى إشتهر أن فقه البخارى في تراجمه وروى عن أبي الأزهر أنه قال كان بسمرقند أربعمائة ممن يطلبون الحديث فإجتمعوا سبعة أيام وأرادوا مغالطة البخارى فأدخلوا إسناد الشام في إسناد العراق وإسناد اليمن في إسناد الحرمين فما تعلقوا منه بسقطة لا في الإسناد ولا في المتن وقد جمع الإمام البخارى في صحيحه حوالي 7593 حديث إختارها الإمام البخاري من بين ستمائة ألف حديث يحفظها حيث إنه كان مدققا في قبول الرواية وإشترط شروطا خاصة دقيقة في رواية راوى الحديث وهي أن يكون معاصرا لمن يروى عنه وأن يسمع الحديث منه أى أنه إشترط الرؤية والسماع معا هذا إلى جانب وجوب إتصاف الراوى بالثقة والعدالة والضبط والإتقان والورع والتقوى والأمانة وقد روى المؤرخون أن الإمام البخارى لما فرغ من تصنيف كتاب الصحيح عرضه على عدد من أكابر علماء وفقهاء عصره مثل الإمام أحمد بن حنبل وعلي بن المديني ويحيى بن معين فشهدوا له بصحة ما فيه من الحديث وقد روى عن مسلمة بن قاسم أنه قال سمعت من يقول عن أبي جعفر العقيلي أنه قال لما ألف الإمام البخارى كتابه في صحيح الحديث النبوى الشريف عرضه على كل من الإمام أحمد بن حنبل وعلي بن المديني ويحيى بن معين وغيرهم فإمتحنوه فكان كلامهم له إن كتابك صحيح إلا أربعة أحاديث فقط .


وعن عبادة الإمام البخارى فقد كان عابدا مكثرا شديد الخشوع في صلاته حتى كان إذا دخل في الصلاة لا يشغله عنها شئ ولا يلهيه عنها شاغل أو صارف وروى محمد بن أبي حاتم أن الإمام البخارى دعي إلى بستان بعض أصحابه فلما حضرت صلاة الظهر صلى بالقوم ثم قام للتطوع فأطال القيام فلما فرغ من صلاته رفع ذيل قميصه فقال لبعض من معه إنظر هل ترى تحت قميصى شيئا فإذا زنبور قد لسعه في ستة عشر أو سبعة عشر موضعا وقد تورم من ذلك جسده وكانت آثار لسعات الزنبور في جسده ظاهرة فقال له بعضهم كيف لم تخرج من الصلاة في أول ما لسعك فقال كنت في سورة فأحببت أن أتمها كما كان يؤم أصحابه في رمضان وكان كثير القراءة للقرآن في الصلاة كما في كل الأوقات وقد قال محمد بن خالد المطوعي حدثنا مسبح بن سعيد قائلا كان البخارى إذا كانت أول ليلة من شهر رمضان يجتمع إليه أصحابه فيصلي بهم فيقرأ في كل ركعة عشرين آية وكذلك إلى أن يختم القرآن وكذلك يقرأ في السحر ما بين النصف إلى الثلث من القرآن فيختم عند السحر في كل ثلاث ليال وكان يختم بالنهار كل يوم ختمة ويكون ختمه عند الإفطار كل ليلة وقال تاج الدين السبكي كان البخارى يختم القرآن كل يوم نهاراً ويقرأ في الليل عند السحر ثلثا من القرآن فكان مجموع ورده اليومي ختمة وثلث كما كان حريصا على قيام الليل وإتباع السنة النبوية وقال محمد بن أبي حاتم كان يصلى في وقت السحر ثلاث عشرة ركعة يوتر منها بواحدة كما كان متفكرا في القرآن متدبرا له كما وصفه الإمام الدارمي فقال كان البخارى أكيس خلق الله وعقل عن الله ما أمر به ونهى عنه في كتابه وعلى لسان نبيه وكان إذا قرأ القرآن شغل قلبه وبصره وسمعه وتفكر في أمثاله وعرف حرامه من حلاله كما كان جامعا بين العلم والعبادة حيث روى أبو أحمد بن عدى الجراني سمعت عبد القدوس بن همام يقول سمعت عدة من المشايخ يقولون حول الإمام البخارى تراجم جامعه بين قبر النبي صلى الله عليه وسلم ومنبره وكان يصلي لكل ترجمة ركعتين بالإضافة إلى أنه حج عدة مرات وقال الحاكم النيسابورى حدثني أبو عمرو إسماعيل حدثنا أبو عبد الله محمد بن علي قال سمعت الإمام البخاري يقول أقمت بالبصرة خمس سنين معي كتبي أصنف وأحج كل سنة وأرجع من مكة المكرمة إلى البصرة .


وبخلاف عبادته وورعه وتقواه كان الإمام البخارى حريصا على حقوق الناس متحريا لرد الحقوق إلى أصحابها فمن ذلك ما رواه محمد بن أبي حاتم قال ركبنا يوما إلى الرمي فجعلنا نرمي وأصاب سهم الإمام البخارى وتد قنطرة نهر قريب فإنشق الوتد فلما رآه نزل عن دابته فأخرج السهم من الوتد وترك الرمي وقال لنا إرجعوا ورجعنا معه إلى المنزل فقال لي يا أبا جعفر لي إليك حاجة تقضيها قلت أمرك طاعة قال حاجة مهمة وهو يتنفس الصعداء فقال لمن معنا إذهبوا مع أبي جعفر حتى تعينوه على ما سألته فقلت أية حاجة هي قال لي تضمن قضاءها قلت نعم على الرأس والعين قال ينبغي أن تذهب إلى صاحب القنطرة فتقول له إنا قد أخللنا بالوتد فنحب أن تأذن لنا في إقامة بدله أو تأخذ ثمنه وتجعلنا في حل مما كان منا وكان صاحب القنطرة حميد بن الأخضر الفربري فقال لي أبلغ البخارى بأنه في حل مما كان منك وقال جميع ملكي لك الفداء وإن قلت نفسي أكون قد كذبت غير أني لم أكن أحب أن تحتشمني في وتد أو في ملكي فأبلغته رسالته فتهلل وجهه وإستنار وأظهر سرورا وقرأ في ذلك اليوم على الغرباء نحوا من خمسمائة حديث وتصدق بثلاث مائة درهم وبالإضافة إلى ما سبق فقد إشتهر عنه كره الغيبة والنميمة قال ما إغتبت أحدا قط منذ علمت أن الغيبة تضر أهلها كما أنه كان حريصا علي ألا يكون بينه وبين أحد من الناس أية مظلمة قال محمد بن أبي حاتم سمعته يقول لأبي معشر الضرير إجعلني في حل يا أبا معشر فقال من أى شئ فقال رويت حديثا يوما فنظرت إليك وقد أُعجبت به وأنت تحرك رأسك ويديك فتبسمت من ذلك قال أنت في حل يرحمك الله يا أبا عبد الله وقد تحرى الإمام البخارى أن لا يدخل في شئ من معاملات الدنيا لئلا يصيبه شئ فيه شبهة من حرام أو غيره فروى عنه أنه قال ما توليت شراء شئٍ ولا بيعه قط فقال له أبو جعفر كيف وقد أحل الله البيع قال لما فيه من الزيادة والنقصان والتخليط فخشيت أني إن توليت ذلك أن أستوى بغيرى فقال له ومن كان يتولى أمرك في أسفارك ومبايعتك قال كنت أكفى ذلك وعلاوة علي كل الصفات والخلال الطيبة السابق ذكرها فقد كان متورعا إذا وعد أوفى بوعده وأنفذ الأمر حتى وإن كان هذا لا يزال في نيته قال الخطيب البغدادى كان قد جاءت إلى الإمام البخارى بضاعة فإجتمع التجار بالعشية فطلبوها منه بربح قدره خمسة آلاف درهم فقال لهم إنصرفوا الليلة فجاءه من الغد تجار آخرون فطلبوا منه تلك البضاعة بربح قدره عشرة آلاف درهم فرفض وردهم وقال إني نويت البارحة أن أدفع إلى أولئك الذين جاءوني في العشية ولا أحب أن أنقض نيتي وبالفعل دفع البضاعة إلي من جاءوه بالعشية .


وقد تعرض الإمام البخارى لمحنة أثناء فتنة القول بخلق القرآن والتي نشأت في أواخر عهد الخليفة العباسي السابع المأمون بن هارون الرشيد وإستمرت طيلة عهد الخليفتين المعتصم والواثق من بعده وبقيت حتي أوائل عهد الخليفة المتوكل وكانت فتنةً عظيمة بين أهل السنة وفرقة المعتزلة التي إزدهرت مع بدايات العصر العباسي وإنتشرت أفكارهم في البداية في مدينة البصرة ثم في العاصمة بغداد وفي الكوفة ثم إنتشرت أفكارهم تدريجيا في مختلف مناطق الدولة الإسلامية كخراسان وترمذ واليمن والجزيرة العربية وكان من أسباب ذلك توسع الدولة العباسية في الفتوحات الإسلامية مما أدى إلي تسرب أفكار فلسفية يونانية في الثقافة الإسلامية وذلك بعد أن دخلت أمم عديدة وشعوب كثيرة في الإسلام ودخلت معها ثقافات وفلسفات مختلفة وقد لعبت هذه الفرقة دورا رئيسيا على المستوى الديني والسياسي آنذاك وقد غلبت عليها النزعة العقلية فإعتمدوا على العقل في تأسيس عقائدهم وقدموه على النقل وقالوا بالفكر قبل السمع ورفضوا الأحاديث وقالوا بوجوب معرفة الله بالعقل ولو لم يرد شرع بذلك وأنه إذا تعارض النص مع العقل قدموا العقل لأنه أصل النص ولا يتقدم الفرع على الأصل والحسن والقبح يجب معرفتهما بالعقل فالعقل بذلك موجب وآمر وناه وينتقدهم معارضوهم أنهم قد غالوا في إستخدام العقل وجعلوه حاكما على النص وبذلك إختلفوا عن السلفية الذين إستخدموا العقل وسيلة لفهم النص وليس حاكما وقد إندلعت نار هذه الفرقة وعم خطرها حيث تمكن أنصارها والذين برزوا في عهد الخليفة المأمون وإلتفوا حوله كبشر المريسي وثمامة بن الأشرس وأحمد بن أبي دؤاد من إقناع الخليفة بإعتناق الإعتزال وحمله على القول برأيهم أن القرآن مخلوق وتمكن القاضي أحمد بن أبي دؤاد أن يغرى الخليفة بحمل الناس على هذا القول فكتب المأمون إلى أمراء الأمصار أن يمتحنوا علماء الأمة بهذه المسألة فمن أجاب فقد سلم من الأذى ومن خالف كان جزاؤه الأذى والتنكيل وإمتحن بذلك أئمة كبار كالإمام أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وأبو خيثمة زهير بن حرب والنضر بن شميل وأحمد بن نصر الخزاعي الذى قتل ويوسف بن يحيى البويطي الذي مات في السجن وغيرهم فصبر بعضهم ورفض أن يقول بخلق القرآن فعذب بعضهم وحبس بعضهم وقُتل البعض وأجابه بعضهم وقد شغلت هذه الفتنة المسلمين نحو خمس عشرة سنة إلى أن إنتهت في زمن الخليفة المتوكل وقد أصاب البخارى طرف من هذه الفتنة فعندما دخل نيسابور إستقبله الناس بالحفاوة والتكريم والتعظيم وقال عن ذلك محمد بن يعقوب الأخرم سمعت أصحابنا يقولون لما قدم البخارى نيسابور إستقبله أربعة آلاف رجل ركبانا على الخيل سوى من ركب بغلا أو حمارا وسوى الرجالة وإلتف الناس وطلاب العلم والمحدثون حوله حتى هجروا مجالس المحدثين الآخرين مما كان سببا في إيغار صدور البعض عليه فأرادوا صرف الناس عنه فشغبوا عليه بمسألة خلق القرآن وفي هذا الشأن قال أبو أحمد بن عدى الجرجاني ذكر لي جماعة من المشايخ أن محمد بن إسماعيل البخارى لما ورد نيسابور وإجتمع الناس عليه حسده بعض من كان في ذلك الوقت من الشيوخ لما رأى من إقبال الناس عليه فقال لأصحاب الحديث إن محمد بن إسماعيل البخارى يقول اللفظ بالقرآن الكريم مخلوق فإمتحنوه فلما حضر الناس مجلس البخارى قام إليه رجل فقال يا أبا عبد الله ما تقول في اللفظ بالقرآن الكريم مخلوق هو أو غير مخلوق فأعرض عنه الإمام البخارى ولم يجبه ثلاثا ثم إلتفت إليه البخارى قائلا إن القرآن الكريم كلام الله غير مخلوق وأفعال العباد مخلوقة والإمتحان بدعة فشغب الرجل وشغب الناس وتفرقوا عنه .


وقد ذكر العلماء والمؤرخون أن محمد بن يحيى الذهلي كان أحد من دخله الحسد بسبب إجتماع الناس على البخارى وكان الذهلي أحد كبار محدثي نيسابور وأحد شيوخ البخارى وقال مسلم بن الحجاج في ذلك إنه لما قدم محمد بن إسماعيل البخارى نيسابور ما رأيت واليا ولا عالما فَعَل به أهل نيسابور ما فعلوا به حيث إستقبلوه مرحلتين وثلاثة وقال محمد بن يحيى في مجلسه من أراد أن يستقبل محمد بن إسماعيل البخارى غدا فليستقبله فإستقبله محمد بن يحيى وعامة العلماء فنزل دار البخاريين وقال لنا محمد بن يحيى لا تسألوه عن شئ من الكلام فإنه إن أجاب بخلاف ما نحن فيه وقع بيننا وبينه ثم شمت بنا كل حرورى وكل رافضي وكل جهمي وكل مرجئ بخراسان فإزدحم الناس على محمد بن إسماعيل البخارى حتى إمتلأ السطح والدار فلما كان اليوم الثاني أو الثالث قام إليه رجل فسأله عن اللفظ بالقرآن الكريم فقال أفعالنا مخلوقة وألفاظنا من أفعالنا فوقع بينهم إختلاف فقال بعض الناس قال بأن القرآن الكريم مخلوق وقال بعضهم لم يقل حتى تواثبوا فإجتمع أهل الدار وأخرجوهم وعلق جمال الدين القاسمي على هذه الحادثة قائلا إن نهي محمد بن يحيي الذهلي عن سؤال البخارى عن شئ من الكلام فيه تلقين للفتنة وإشعالا لها وفتح لبابها وروى الخطيب البغدادى أخبرني محمد بن أحمد بن يعقوب بأن محمد بن نعيم الضبي أخبرنا بأنه سمع محمد بن حامد البزاز يقول سمعت الحسن بن محمد بن جابر يقول سمعت محمد بن يحيى يقول لما ورد محمد بن إسماعيل البخارى نيسابور قال إذهبوا إلى هذا الرجل الصالح العالم فإسمعوا منه قال فذهب الناس إليه واقبلوا على السماع منه حتى ظهر الخلل في مجالس محمد بن يحيى فحسده بعد ذلك وتكلم فيه وعلي إثر ذلك وبعدما صار بين البخارى والذهلي من الإختلاف فقد هجر الكثير من الطلاب مجالس البخارى وأطاعوا الذهلي لما كان له من قدر المكانة والمنزلة العظيمة في بلده نيسابور وثبت مع البخارى تلميذه الإمام مسلم بن الحجاج وكان مسلم أيضا يناضل عن الإمام البخارى حتى أوحش ما بينه وبين محمد بن يحيى الذهلي بسببه فترك شيخه محمد بن يحيي الذهلي ولازم البخارى وقال الحاكم النيسابورى سمعت أبا عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ يقول لما إستوطن الإمام البخارى نيسابور أكثر مسلم بن الحجاج الإختلاف إليه فلما وقع بين الذهلي والبخارى ما وقع في مسألة اللفظ ونادى عليه ومنع الناس عن الإختلاف إليه حتى هجر وخرج من نيسابور وفي تلك المحنة قاطعه أكثر الناس غير تلميذه مسلم فإنه لم يتخلف عن زيارته ومن ثم ثبت لمحمد بن يحيى أن مسلم بن الحجاج على مذهبه قديما وحديثا وأنه عوتب على ذلك بالعراق والحجاز ولم يرجع عنه فلما كان في يوم مجلس محمد بن يحيى قال في آخر مجلسه ألا من قال باللفظ فلا يحل له أن يحضر مجلسنا فأخذ مسلم الرداء فوق عمامته وقام على رؤوس الناس وخرج من مجلسه وجمع كل ما كتب منه وبعث به على ظهر حمال إلى باب محمد بن يحيى فإستحكمت تلك الوحشة وتخلف عن زيارته وغادر البخارى نيسابور بعد هذه الحادثة درءا للمفاسد ووأدا للفتنة وإيثارا للسلامة في دينه وقال أحمد بن سلمة النيسابورى دخلت على البخارى فقلت يا أبا عبد الله هذا رجل مقبول خصوصا في هذه المدينة وقد لج في هذا الحديث حتى لا يقدر أحد منا أن يكلمه فما ترى فقبض على لحيته ثم قال وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد اللهم إنك تعلم أني لم أرد المقام بنيسابور شرا ولا بطرا ولا طلبا للرياسة وإنما أبت علي نفسي في الرجوع إلى وطني لغلبة المخالفين وقد قصدني هذا الرجل حسدا لما آتاني الله لا غير يا أحمد إني خارج غدا لتتخلصوا من حديثه لأجلي فقال فأخبرت أصحابنا فوالله ما شيعه غيرى حيث كنت معه حين خرج من البلد وأقام على باب البلد ثلاثة أيام لإصلاح أمره .
وقد وضح الذهبي معلقا وموضحا موقف الإمام البخارى من المسألة قائلا وأما البخارى فكان من كبار الأئمة الأذكياء فقال ما قلت ألفاظنا بالقرآن الكريم مخلوقة وإنما حركاتهم وأصواتهم وأفعالهم مخلوقة والقرآن الكريم المسموع المتلو الملفوظ المكتوب في المصاحف كلام الله غير مخلوق وصنف في ذلك كتاب أفعال العباد فأنكر عليه طائفة وما فهموا مرامه كالذهلي وأبي زرعة وأبي حاتم وأبي بكر الأعين وغيرهم وأيد إبن القيم مذهب الإمام البخارى في المسألة وصرح بأن البخارى أعلم بهذه المسألة وأولى بالصواب فيها من جميع من خالفه فقد قال قول السلف وأئمة السنة والحديث أنهم يميزون بين ما قام بالعبد وما قام بالرب والقرآن الكريم عندهم جميعه كلام الله حروفه ومعانيه وأصوات العباد وحركاتهم وأداؤهم وتلفظهم كل ذلك مخلوق بائن عن الله فإن قيل فإذا كان الأمر كما قررتم فكيف أنكر الإمام أحمد على من قال لفظي بالقرآن الكريم مخلوق وبدعه ونسبه إلى التجهم وهل كانت محنة أبي عبد الله البخارى إلا على ذلك حتى هجره أهل الحديث ونسبوه إلى القول بخلق القرآن قيل معاذ الله أن يظن بأئمة الإسلام هذا الظن الفاسد فقد صرح البخارى في كتابه خلق أفعال العباد وفي آخر الجامع بأن القرآن الكريم كلام الله غير مخلوق وقال حدثنا سفيان بن عيينة قال أدركت مشيختنا منذ 70سبعين عاما منهم عمرو بن دينار يقولون القرآن الكريم كلام الله غير مخلوق وقال البخارى وقال أحمد بن الحسين حدثنا أبو نعيم حدثنا سليم القارى قال سمعت سفيان الثورى يقول قال حماد بن أبي سليمان أبلغ أبا فلان المشرك أني برئ من دينه وكان يقول القرآن الكريم مخلوق ثم ساق قصة خالد بن عبد الله القسرى وأنه ضحى بالجعد بن درهم وقال إنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا ولم يكلم موسى تكليما ثم نزل فذبحه هذا مذهب الإمام البخارى ومذهب الإمام أحمد وأصحابهما من سائر أهل السنة فخفي تفريق البخارى وتمييزه على جماعة من أهل السنة والحديث ولم يفهم بعضهم مراده وتعلقوا بالمنقول عن أحمد نقلا مستفيضا أنه قال من قال لفظي بالقرآن الكريم مخلوق فهو جهمي ومن قال غير مخلوق فهو مبتدع وساعد ذلك نوع حسد باطن للبخارى لما كان الله قد نشر له من الصيت والمحبة في قلوب الخلق وإجتماع الناس عليه حيث حل حتى هضم كثير من رياسة أهل العلم وإمتعضوا لذلك فوافق الهوى الباطن الشبهة الناشئة من القول المجمل وتمسكوا بإطلاق الإمام أحمد وإنكاره على من قال لفظي بالقرآن الكريم مخلوق وأنه جهمي فومن ثم إشتعلت من مجموع هذه الأمور فتنة وقعت بين أهل الحديث .


ومن نيسابور توجه الإمام البخارى عائدا إلى بلدته بخارى فإستقبله الناس هناك بحفاوة وإكرام بالغين وحدثنا أحمد بن منصور الشيرازى عن ذلك قائلا سمعت بعض أصحابنا يقول لما قدم البخارى بخارى نصب له القباب على فرسخ من البلد وإستقبله عامة أهل البلد ونثر عليه الدنانير والدراهم والسكر الكثير فمكث مدة يحدث في مسجده فسأله أمير بخارى خالد بن أحمد بن خالد أن يحضر إلى منزله ويقرأ كتبه على أولاده فإمتنع البخارى عن ذلك لئلا يحابي أناسا دون آخرين وروى الخطيب البغدادى أن خالد بن أحمد الذهلي الأمير خليفة الطاهرية ببخارى سأل أن يحضر منزله فيقرأ الجامع والتاريخ على أولاده فإمتنع البخارى عن الحضور عنده فراسله أن يعقد مجلسا لأولاده لا يحضره غيرهم فإمتنع عن ذلك أيضا وقَال لا يسعني أن أخص بالسماع قوما دون قوم وفي رواية أخرى قال بعث الأمير خالد بن أحمد الذهلي والي بخارى إلى محمد ابن إسماعيل البخارى أن أحمل إلي كتاب الجامع والتاريخ وغيرهما لأسمع منك فقال محمد بن إسماعيل لرسوله أنا لا أذل العلم ولا أحمله إلى أبواب الناس فإن كانت لك إلى شئ منه حاجة فأحضرني في مسجدى أو في دارى فإن لم يعجبك هذا فأنت سلطان فإمنعني من المجلس ليكون لي عذر عند الله يوم القيامة إني لا أكتم العلم لقول النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم من سئل عن علم فكتمه ألجم بلجام من نار فبقى في نفس الأمير من ذلك وكان هذا سبب الوحشة بينهما فإستعان خالد بن أحمد بحريث بن أبي الورقاء وغيره من أهل العلم ببخارى عليه حتى تكلموا في مذهبه وإتفق بعد ذلك أن أرسل محمد بن يحيى الذهلي إلى خالد كتابا يؤلب فيه الأمير على الإمام البخارى فقرأ الأمير كتاب الذهلي على الناس يحرضهم على مفارقة البخارى فأبى الناس ذلك فأمره الأمير بعد ذلك بالخروج من بخارى فخرج منها وقال أحمد بن منصور الشيرازى في ذلك فكتب بعد ذلك محمد بن يحيى الذهلي إلى خالد بن أحمد أمير بخارى إن هذا الرجل قد أظهر خلاف السنة فقرأ كتابه على أهل بخارى فقالوا لا نفارقه فأمره الأمير بالخروج من البلد فخرج متوجها إلي خرتنك وهي قرية من قرى سمرقند على فرسخين منها وكان له بها أقرباء فنزل عندهم فأقام مدة من الزمن فمرض وإشتد مرضه وسمع ليلةً من الليالي وقد فرغ من صلاة الليل يدعو ويقول في دعائه اللهم إنه قد ضاقت علي الأرض بما رحبت فإقبضني إليك وكانت وفاته عليه رحمة الله في هذا المرض .


وقد روى محمد بن أبي حاتم قصة وفاته فقال سمعت غالب بن جبريل وهو الذى نزل عليه أبو عبد الله يقول أقام أبو عبد الله عندنا أياما فمرض وإشتد به المرض حتى جاء رسول إلى سمرقند بإخراجه فلما تهيأ للركوب ومشى قدر 20 خطوة أو نحوها وأنا آخذ بعضده ورجل آخر معى يقود الدابة ليركبها فقال رحمه الله أرسلوني فقد ضعفت فدعا بدعوات ثم إضطجع فقضى رحمه الله فسال منه من العرق شئ لا يوصف فما سكن منه العرق إلى أن أدرجناه في ثيابه وكان فيما قال لنا وأوصى إلينا أن كفنونى في 3 أثواب بيض ليس فيها قميص ولا عمامة ففعلنا ذلك فلما دفناه فاح من تراب قبره رائحة غالية فدام على ذلك أياما ثم علت سوارى بيض في السماء مستطيلة بحذاء قبره فجعل الناس يختلفون ويتعجبون وأما التراب ذو الرائحة الزكية فقد كان الناس يرفعونه عن القبر حتى ظهر القبر ولم يكن ممكنا المحافظة علي القبر بالحراس فكان أن نصبنا على القبر خشبا مشبكا فلم يكن أحد يقدر على الوصول إلى القبر وأما رائحة الطيب فكانت تدوم أياما كثيرة حتى تحدث أهل البلدة وتعجبوا من ذلك وقد ظهر عند مخالفيه ومعارضيه أمره بعد وفاته وخرج بعضهم إلى قبره وأظهروا التوبة والندامة وروى الخطيب البغدادى أخبرنا علي بن أبي حامد الأصبهاني في كتابه أن محمد بن محمد بن مكي الجرجاني حدثنا قائلا سمعت عبد الواحد بن آدم الطواويسى يقول رأيت النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في النوم ومعه جماعة من أصحابه وهو واقف في موضع فسلمت عليه فرد السلام فقلت ما وقوفك يا رسول الله فقال أنتظر الإمام البخارى فلما كان بعد أيام بلغني موته فنظرنا فإذا هو قد مات في الساعة التي رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فيها وكانت وفاته ليلة عيد الفطر السبت الأول من شهر شوال عام 256هجرية عند صلاة العشاء وصلي عليه يوم العيد بعد الظهر ودفن وكان عمره آنذاك يناهز 62 عاما وموضع قبره معروف إلى الآن وله ضريح مشهور في سمرقند وهو عبارة عن بناء بسيط طابعه إسلامي تعلوه قبة محززة إرتفاعها حوالي 17م يوجد تحتها ضريح الإمام البخارى والذى تتزين جدرانه بالبلاط الأخضر الفاتح والأزرق والأبيض والرخام والعقيق والجرانيت وتعد زيارته جزء لا يتجزأ من السياحة الدينية والتاريخية في دولة أوزبكستان من جانب المسلمين إلى جانب العديد من السياح الأجانب الذين يبحثون عن المناطق السياحية والأثرية حيث يتمكن غير المسلمين أيضا من زيارة الضريح بعد أن يرتدوا ملابس مناسبة للرجال أما النساء فيرتدين الحجاب عند دخول المكان .
 
 
الصور :
رسم تقريبي لرحلة الإمام البخاري في طلب الحديث رسم تقريبي لرحلة الإمام البخاري في طلب الحديث