السبت , 8 فبراير 2025

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

سور مجري العيون

سور مجري العيون
عدد : 01-2023
بقلم / عاطف الدباح
مدير المكتب الفنى للأمين العام
المشرف على أعمال سور مجري العيون


في بداية الحديث عن سور مجرى العيون كمنشأة مائية تاريخية ، لابد أن نشير إلى ارتباط استقرار الإنسان في مصر عامة وفي وادي النيل خاصة بالنهر ، وذلك يتضح جليا من توزيع العمران البشري المصري منذ بداية العصور التاريخية حول النهر وواديه .

ومع تتابع العصور التاريخية وتأصل فكرة الدولة المركزية في مصر، كان الموقع المتوسط بين الوادي والدلتا هو الأمثل لإنشاء العاصمة المتحكمة والباسطة للسيطرة علي كامل القطر المصري ، وذلك منذ توحيد الدولة المصرية في بداية عصور الأُسرات والعصور التاريخية .

ومع الفتح الإسلامي لمصر وتأسيس مدينة الفسطاط على يد القائد المسلم عمرو بن العاص في عام 21هـ / 641 م ، والتي كانت ملاصقة لنهر النيل في مجراه القديم . ومع تأسيس مدينة القطائع والتي تبعد نسبيا عن مجرى نهر النيل في مكان عال وهو منطقة جبل يشكر والمكان أسفل قبة الهواء ــ قلعة صلاح الدين ــ فظهرت الحاجة لإنشاء قناطر لنقل المياة إلى المدينة فكانت قناطر أحمد بن طولون والتي نقلت المياة من بئر فى منطقة بير ام سلطان الحالية إلى مدينة القطائع وبقايا البرج والقناطر موجودة حتى الآن . أما عن مدينة القاهرة وهي أطول المدن عمرا فى تاريخ العواصم الإسلامية المصرية ، فقد أكتفى الفاطميين بحفر خليج يمر من غرب المدينة لتزويدها بالماء وذلك نظرا لعدم أرتفاع الأرض المؤسس عليها المدنية .

وحدثت النقلة الكبرى عند تأسيس قلعة صلاح الدين ، والحاجة إلى مصدر للمياة العذبة لتزويد القلعة بالمياة ومع فشل بئر يوسف الموجود داخل القلعة للوفاء بذلك ، فظهرت فكرة إنشاء قناطر للمياة توصل المياة للقلعة والميدان الموجود أمامها للشرب والري والزراعة .

وتحدثنا المصادر التاريخية عن أن أكمل بناء حدث لهذة القناطر ، كان على عهد السلطان المملوكي الناصر محمد بن قلاوون ولكن ليس بشكلها ولا موقعها الحالي ، والذي أهتم كثيرا بالعمارة والتعمير في القلعة وميدانها وفي سائر مناطق القاهرة عامة ، ويعود البناء الحالي للقناطر إلى السلطان المملوكي قنصوة الغوري.

وعن التكوين المعماري للقناطر والتي تعرف بسور مجرى العيون ، فهى تتكون من برج المأخذ وهو الموجود في منطقة فم الخليج ويطل على نهر النيل ، ويبلغ ارتفاعه حوالي 20 متر ويمتد منه أقواس حتى ميدان القلعة ، تنتهى بأقواس أو عقود على ارتفاع 3 متر .

وقد شهدت المنطقة حول سور مجرى العيون الكثير من التدهور عبر تاريخها وذلك بعد انتفاء دورها في نقل المياة إلي القلعة مع بداية العصر الحديث واستخدام الانابيب لنقل المياة ، وكذلك انتقال مركز الحكم من القلعة ، ولان المنطقة تبعد عن مركز الحكم ومركز المدينة ؛ فظهرت بها المناطق العشوائية والصناعية التي تؤثر بالسلب على مبنى القناطر وبرج المأخذ . فظهرت صناعة الجلود المضرة بالمكان والمناطق العشوائية والغير مخططة الملاصقة للسور .

وحاولت الدولة عبر تاريخها تطوير السور الأثري والمنطقة المحيطة ولكن كانت المناطق المحيطة بالأثر وما تمثله من عائق لهذا التطوير هي المشكلة الكبرى ، حتى تحقق ذلك عندما تخذت الدولة خطوات جادة وفاعله لنقل صناعة الجلود من المنطقة حول السور ، ونهضت جميع مؤسسات الدولة متمثله في وزارة السياحة والآثار ـ المجلس الأعلى للآثار ـ بالقيام بتطوير وترميم واعادة تأهيل القناطر وبرج المأخذ ، وانتهت المرحلة الأولى بترميم البرج واعادة تأهيله بجهود المجلس الذاتية، وتم ازالة التعديات التاريخية الملاصقة للبرج وتنظيف المنطقة وتسويرها .

وتواكب مع ذلك تسليم الارض الملاصقة للسور والبالغ مساحتها 95 فدان لصندوق التنمية الحضارية ، وذلك بعد نقل السكان وصناعة الجلود إلي منظقة الروبيكي بمدينة بدر ، وهنا تظهر عبقرية المخطط المصري لاستغلال البعد التاريخي للمكان بتخطيطة بعمارات سكنية ذات طابع وشكل تاريخي وتزويدها بمناطق ترفيهية من مسارح ودور سينما ، وذلك لتغيير الطبيعة السكانية والعمرانية للمكان والمنطقة بالكامل مما يعود بالإيجاب على الأثر والمنطقة المحيطة به ، مع مراعاة الشكل المعماري للمباني وكذلك خط الرؤية الذي يسمح برؤية السور الأثري وعدم تعدي المباني الحديثة علي خط الرؤية .

ومازال العمل مستمر بالمنطقة للنهوض بها معماريا وعمرانيا بما يتماشى مع الأهمية الأثرية والعمرانية للمكان ، كونه المنشأة المائية الأهم في تاريخ مدينة القاهرة .
 
 
الصور :