بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا"
زبيدة بنت جعفر بن أبو جعفر المنصور العباسية الهاشمية القرشية ويقال إن إسمها الحقيقي هو أمة العزيز هي زوجة الخليفة العباسي الخامس هارون بن محمد المعروف بهارون الرشيد الذى تولي الخلافة عام 170 هجرية الموافق عام 787م وحتي عام 193 هجرية الموافق عام 809م وهي إبنة عمه وإبنة خالته في الوقت نفسه فأمها هي سلسل شقيقة الخيزران بنت عطاء والدة هارون الرشيد وهي أيضا حفيدة المؤسس الثاني للدولة العباسية الخليفة العباسي الثاني أبو جعفر المنصور الذى تولي الخلافة في عام 137 هجرية الموافق عام 754م وحتي عام 158 هجرية الموافق عام 775م من خلال إبنه جعفر أما سبب تسميتها بإسم زبيدة فقد كان جدها يداعبها ويدللها في طفولتها ويقول لها أنت زبيدة نظرا لنضارتها وشدة بياضها فغلب عليها إسم المداعبة والتدليل وأصبحت تعرف به وهي تعتبر من أهم نساء الدولة العباسية وأكثرهم شهرة نظرا للدور الكبير الذى لعبته في حياة هارون الرشيد هي ووالدته الخيرزان بنت عطاء أثناء خلافته وقد أحبها هارون الرشيد حبا جما ومنحها مكانة رفيعة ونفوذا كبيرا فكانت على الدوام السيدة الأولى بين نسائه كما عرف عنها أنها كانت تشير على الخليفة زوجها في كثير من المناسبات والأحداث بالآراء وأنها كانت في حقيقة الأمر تمسك بيديها زمام الأمور أثناء غيابه في غزواته العديدة وفي ذلك قال المؤرخون إنه إذا كان المثل يقول إن وراء كل رجل عظيم إمرأة فلقد كان وراء الخليفة هارون الرشيد إمرأتان هما أمه الخيزران بنت عطاء تلك السيدة المهيبة ذات الشخصية القوية والثانية زوجته زبيدة بنت جعفر بن أبي جعفر المنصور والتي خلفت وراءها آثارا عديدة في مجالات متنوعة ما زالت تحمل إسمها حتى وقتنا الحاضر كما كان لها أيضا دور كبير في تولي إبنها محمد الأمين الخلافة خلفا لوالده هارون الرشيد بعد وفاته والذى قتل فيما بعد في عام 198 هجرية الموافق عام 814م على يد أنصار أخيه من الأب المأمون بعد نزاع وصراع بينهما على السلطة وكان مولد زبيدة بنت جعفر علي الأرجح في عام 149 هجرية الموافق عام 766م بمدينة الموصل بشمال العراق أثناء خلافة جدها الخليفة المنصور ونشأت في رغد من العيش في كنف جدها ومن بعده في كنف عمها ووالد هارون الرشيد الخليفة العباسي الثالث المهدى وكانت زبيدة حسبما تنقل لنا كتب التاريخ سيدة بارعة الجمال فاتنة الحديث رزينة ذات عقل ورأى وفصاحة وبلاغة تنظم الشعر وتناظر الرجال في شتى نواحي الثقافة إلى جانب جمالها وسمو خلقها وخطبها هارون الرشيد ثم تزوجها في عام 165 هجرية الموافق عام 782م أثناء خلافة أبيه الخليفة المهدى وكان زواجهما مشهودا في التاريخ وصلت نفقاته إلى 55 مليون درهم وذبحت فيه الولائم للناس في الطرقات .
وكانت زبيدة قد تربت على الإسراف ووصل بها الحال أنها طلبت أن يصنع لها بساط منْ ديباج فيه صورة كل ماهو معروف من حيوان من كل الأجناس وصورة كل ما هو معروف من الطيور علي أن تنسج أجسامها بالذهب وأن تكون أعينها من يواقيت وجواهر وأنفقت عليه مليون دينار ذهبي وفضلا عن ذلك فقد كانت صاحبة موضة تتطلع النساء إليها في الملابس حيث أحدثت المناطق والنعال المرصعة بالجواهر وإتخذت ثيابا من الوشي الرفيع يزيد ثمن الواحد منها عن 50 ألف دينار ذهبي ومن ثم كان لها الدور الكبير في تطور الأزياء النسائية في العصر العباسي وكانت النساء من مختلف الطبقات ينتظرن ظهورها على أحر من الجمر ويسعين إلى تقليدها فيما ترتديه من ثياب وقد عرف عنها أنها كانت قد إستوردت من الهند والصين أفخر أنواع الحرير الطبيعي الموشى بالذهب والفضة والحجارة الكريمة وكانت كثيرا ما تختار ألوانا باهرة لم يسبق لأحد من النساء أن إرتدتها من قبل وكان لديها العديد من الوكلاء ينوبون عنها في البيع والشراء ومما يذكر أنَ أحدهم كان يبيع ويشترى ويصرف على نفسه فلما حاسبوه كان عنده نقص 200 ألف درهم فأصرت زبيدة على محاسبته حتى لا يتجرأ الوكلاء على الإنفاق دون الرجوع إليها ولكنه لم يستطع أن يدفع ما عليه فأخذ إلى السجن وعندها أرسل إلى أصحابه يتوسط لديهم فخرج صديقاه عيسى وسهل بن الصلاح وفي الطريق إلتقيا بالوزير الفيض بن أبي صالح فإنضم إليهما وذهبوا جميعا إلى وكيل زبيدة المباشر وكان إسمه داود فكلموه في أمر صاحبهم فأرسل إلى زبيدة يستشيرها فأخبرته أن يعرفهم بما على صاحبهم من أموال وأنه لا سبيل لإطلاقه حتى يدفع الأموال وهنا أسقط بيد عيسى وسهل لكن الفيض أصابته النخوة فأخبر داود أنه سيتحمل الأموال عن الرجل حتى يطلق سراحه من السجن فأرسل إلى زبيدة فقالت أنا أولى بهذه المكرمة من الفيض بن أبي صالح فإردد عليه ماله وإدفع إليه بالرجل وقل له لا يعاود مثل ما كان عليه وفي عام 170 هجرية الموافق عام 787م تولي هارون الرشيد الخلاف وكانت زبيدة شريكة حقيقية له في شئون الحكم لكنها كانت تراعي على الدوام إبراز الرأي الصواب على أنه رأى الخليفة فكسبت بذلك إحترام وثقة الحاشية وكان من الأحداث ذات المغزى الذي يدل على حسن التصرف أن الرشيد وأم جعفر إختلفا وهما يتداعبان في صنفين من الحلوى كانا يسميان الفالوذج واللوزينج أيهما أطيب فحضر القاضي أبو يوسف فسأله الرشيد عن ذلك فقال يا أمير المؤمنين لا يقضى على غائب فأمر بإحضار الصنفين فأكل القاضي حتى إكتفى فقال له الرشيد إحكم فقال قد إصطلح الخصمان يا أمير المؤمنين فضحك الرشيد وأمر له بألف دينار فبلغ ذلك زبيدة فأمرت له بألف دينار إلا دينار وذلك كي تبقي مكرمة زوجها وهو الخليفة فوق مكرمتها .
وقد عرف عن زبيدة إهتمامها الكبير بالآداب والعلوم وبلغت مكانة راقية في كتابتها الأدبية فكانت تجيد فن التوقيعات وهو فن الرد على الرسائل بأسلوب نثرى بليغ وبكلمات موجزة ويقول محمد بن مسعدة أحد بلغاء الكتاب قرأت لأم جعفر يقصد زبيدة توقيعات في حواشي الكتب وأسافلها فوجدتها أجود إختصارا وأجمع للمعاني كما أنها كانت تتذوق الشعر بل وتنظمه وكان كلامها في الشعر من لطيف الكلام ومن الشعر النسوى الراقي الرقيق وفضلا عن ذلك فقد كانت فصيحة تعرف ما وراء المعاني من إشارات مثقفة تعرف مواقع العبارات وعلاوة علي ذلك فقد بذلت الكثير حتى حشدت في العاصمة بغداد مئات الأدباء والكتاب والشعراء والعلماء ووفرت لهم كل وسائل الإنتاج والبحث وكان ممن إشتهر منهم في مجال الشعر أبو نواس والعباس بن الأحنف ومسلم بن الوليد وأبو العتاهية والحسين بن الضحاك والراوية خلف الأحمر وشيخ أدب النثر الجاحظ وعلماء اللغة الخليل بن أحمد وسيبويه والأخفش الأكبر وأبو عمرو بن العلاء ومن علماء الدين الإمام أبو حنيفة النعمان والإمام الأوزاعي والإمام مالك بن أنس إضافة إلى الكثيرين من الأطباء والمجددين في شتى فروع العلم وقد بذلت في سبيل ذلك الأموال الطائلة حتى يمكن القول أنها فتحت أبواب خزائنها لتحويل بغداد إلى قبلة ومستقر للعلماء من الزوايا الأربع للدولة ومن الأطباء الذين كانت تشملهم برعايتها الطبيب جبريل الذى منحته راتبا شهريا قدره 50 ألف درهم كما كانت تستشير العلماء والأدباء وكانت تراسل كثيرا العالم الأديب الأصمعي وتهتم بالفقه فتجلس في قصرها تستمع لمناقشات الفقهاء والعلماء من خلف الستار وقد حبب إليها القرآن الكريم فصارت تتعاهده صباحا مساءا ثم جاءت بعدد 100 جارية قام العلماء بتحفيظهنّ القرآن الكريم وكان لكل واحدة منهن ورد من القرآن الكريم وكن يقمن على تلاوته طيلة اليوم في قصرها الواقع على الشاطئ الغربي لنهر دجلة والذي كان يسمى قصر زبيدة ويلقب بدار القرار وكانت تحيطه الحدائق والبساتين ولم يكن له شبيه في تلك الحضارة حتى صار لقصرها دوى كدوى النحل كما أنها كانت رفيقة الخليفة في معظم رحلاته سواء كانت لغزو الروم أو للدفاع عن حدود الدولة ضد الغزاة أم للحج وعرف عنه أنه كان يحج عاما ويغزو في العام التالي وهكذا ويذكر المؤرخون أن هارون الرشيد كان عندما يخرج لأداء الحج كان يقطع المسافة بين بغداد عاصمة الخلافة ومكة المكرمة سيرا على الأقدام طمعا في إكتساب ثواب أكبر ولذا فقد قال عنه الإمام الذهبي إنه كان أنبل الخلفاء وأحسن الملوك وإنه كان ذا حج وجهاد وغزو وشجاعة ورأى وكان يحب العلماء وكان كثير الإنفاق والصدقة يعظم حرمات الدين ويبغض الجدال في الكلام وكان من عظمة ملكه أنه كان يقول للسحابة إمض حيث شئت فسيأتيني خَراجك ومما يروى عنه من الطرائف أنه إختلف مرة مع زوجته زبيدة فقال لها والله لا تباتين في ملكي الليلة وإلا فأنت طالق ثم إغتم وندم على ما قال فإستفتي الإمام أبو يوسف تلميذ الإمام أبي حنيفة فقال تبيت الليلة في المسجد فالمساجد ليست في ملكه وإنما هي بيوت الله فقضت ليلتها في المسجد في العبادة وقراءة القرآن الكريم ويمكننا القول أنه لم تحظ إمرأة أخرى غير زبيدة بما حظيت به من المجد والمكانة فكانت فريدة بني العباس في الفضل والعلم والتقوى والعفاف والثقافة وعلوم القرآن الكريم والسنة والمعارك والأدب والكتابة والشعر والعلم .
ويذكر المؤرخون أنه في عام 186 هجرية خرجت زبيدة مع زوجها هارون الرشيد لأداء فريضة الحج فشاهدت ولمست بنفسها مدى معاناة حجاج بيت الله الحرام في الحصول على مياه للشرب حيث كان الوعاء الواحد يباع بدينار وبمجرد عودتها إلى قصرها ببغداد قررت أن تأخذ الأمور بيدها وكان أول قرار إتخذته علي الفور هو العمل علي تعميق بئر زمزم من أجل تخفيف بعض المعاناة عن الحجاج وفطنت إلى أنه لا يجب الإعتماد فقط على بئر زمزم ويقول المؤرخ أبو الفرج بن الجوزى في هذا الشأن إن زبيدة أمرت المهندسين بدراسة عاجلة لجلب المياه إلى مكة المكرمة فأشاروا عليها بأن الأمر صعب للغاية حيث يحتاج الأمر لحفر قنوات بين السفوح وتحت الصخور لمسافة طويلة جدا وقال لها وكيلها يلزمك نفقة كثيرة فأمرته بتنفيذ المشروع على الفور ولو تكلفت ضربة الفأس دينارا فأحضر خازن المال أكفأ المهندسين لزوم تنفيذ هذا المشروع وكانت الوديان القريبة من مكة المكرمة تحتوى على بعض الآبار لكنها لم تكن مناسبة ولكن تم العثور على مصدر المياه الوحيد المناسب لمثل هذا المشروع على بعد حوالي 35 كم في وادى حنين الذى يقع بين مدينتي مكة المكرمة والطائف ويقال إن زبيدة إشترت الوادي بأكمله وكلفت فريقها من المهندسين ببناء قنوات لجلب هذه المياه ومن بئر أخرى مجاورة إلى مكة المكرمة وهكذا أسالت الماء من الجبال ومن تحت الصخور ومهدت الطريق للماء في كل خفض وسهل وجبل وقد كلفها ذلك المشروع ما يقرب من 1.7 مليون دينار وقد تحملت زبيدة كامل هذه التكلفة من خزائنها الخاصة وعرفت العين فيما بعد وحتى الآن بإسم عين زبيدة والتي لقبت بساقية الحجيج وما زالت القناة التي بنتها تعرف بإسم نهر زبيدة وروى أن زبيدة في تلك الحجة بلغت نفقتها في ستين يوما 54 مليون درهم وكانت تنفق في اليوم الواحد آلاف الدنانير قائلة ثواب الله بغير حساب ومما يذكر أنه لما تم إنجاز عين ونهر زبيدة إجتمع العمال لديها وأخرجوا دفاترهم ليؤدوا حساب ما صرفوه وليبرئوا ذممهم من أمانة ما تسلموه من خزائن الأموال وكانت السيدة زبيدة في قصرها المطل على نهر دجلة فأخذت الدفاتر وألقت بها في النهر قائلة تركنا الحساب ليوم الحساب فمن بقي عنده شئ من المال فهو له ومن بقي له شئ عندنا أعطيناه وألبستهم الخلع والتشاريف .
ولا يفوتنا هنا أن نتكلم بشئ من التفاصيل عن المشروع العظيم عين ونهر زبيدة فنجد أن السيدة زبيدة في أثناء أدائها فريضة الحج عام 186 هجرية كما أسلفنا أدركت مدى الصعوبات التي تواجه الحجاج خلال توجههم إلى مكة المكرمة من نقص المياه وما يعانونه من جراء حملهم لقرب الماء من تعب وإرهاق لدرجة أن كان الكثير منهم يموتون من جراء ذلك ومن ثم قررت تنفيذ مشروع عين ونهر زبيدة علي نفقتها الخاصة حيث أمرت بحفر قنوات مائية تتصل بمساقط المطر ولذا فقد إشترت جميع الأراضي في وادى حنين وأبطلت المزارع والنخيل وأمرت بأن تشق للمياه قناة في الجبال وفي أثناء مرور القناة بالجبال جعلت لها فتحات لقنوات فرعية أقامتها في المواضع التي تكون متوقعة لإجتماع مياه الأمطار والسيول لتكون هذه المياه روافد تزيد في حجم المياه المجلوبة إلى مكة المكرمة عبر القناة الرئيسية وكان من هذه القنوات الفرعية التي خصصتها للمياه الإضافية السيلية في الطريق عين مشاش وعين ميمون وعين الزعفران وعين البرود وعين الطارقي وعين تقبة والجرنيات وكانت كل مياه هذه القنوات الفرعية تصب في القناة الرئيسية وكان بعضها يزيد سنويا وبعضها ينقص بحسب الأمطار الواقعة على نواحيها من وادى حنين إلى عرفة وبالإضافة إلي ذلك فقد أمرت السيدة زبيدة بجلب مياه عين وادى حنين في قناة إلى موضع يقال له الأوجر في وادى حنين إلى عرفة وهي مياه تنبع من ذيل جبل كرا بأرض الطائف ثم أمرت أن تدار القناة على جبل الرحمة محل الموقف الشريف وأن تحفر منها فروع إلى البرك التي في أرض عرفة ليشرب منها الحجاج في يوم عرفة وهيأت الأماكن الخاصة لذلك على شكل حنفيات حجرية جميلة لكي يشرب الحجاج منها بكل يسر وسهولة كما بني في هذه القنوات الملتفة بجبل الرحمة مجار لتجميع مياه الوضوء وصرفها إلى المزارع المجاورة التي كانت موجودة في السابق ثم أمرت السيدة زبيدة أن تمتد القناة من أرض عرفة إلى خلف الجبل إلى منطقة يسميها أهل مكة المظلمة وبحيث تخترق القنوات خرزات أو ما يسمى حاليا بغرف تفتيش بعضها ظاهر على سطح الأرض ويسمى بالخرزات الظاهرة وأخرى مدفونة حدد مكانها دون أن تظهر على سطح الأرض ومن الجدير بالذكر فإن القناة تمر بمجرى أحد السيول لذا فقد بني سد لحجز تلك السيول والتحكم في تدفّقها لسقي المزارع الواقعة في أسفله ولا تزال أجزاء من هذا السد باقية حتى الآن ويمكن مشاهدته ومن ثم تصل إلى المزدلفة إلى جبل خلف منى ثم تصب في بئر عظيمة مرصوفة بأحجار كبيرة جدا تسمى بئر زبيدة ثم يمتد هذا المجرى إلى مكة المكرمة مرورا بمنطقة العزيزية ثم إلى منطقة الششة ثم تمر بالمعابدة وتستمر هذه القنوات متجهة نحو مكة المكرّمة لكنها تعود لتأخذ مسارها مدفونة على أعماق قريبة من سطح الأرض حتى تصب في بئر عظيمة مطوية بأحجار كبيرة جدا تسمى أيضا بئر زبيدة في منطقة تسمى اليوم بمحبس الجن والتي إليها ينتهي إمتداد هذه القناة العظيمة ومع توالي الأزمان وبفعل العوامل الطبيعية فقد تعرضت عين زبيدة للإنقطاع لقلة الأمطار وطرأ في بعض الأحوال على قنواتها تخريب من أثر السيول وكان الخلفاء والسلاطين الذين تعاقبوا على الحكم في الأقطار الإسلامية إذا بلغهم ذلك تحركت هممهم لإصلاح تلك العين التي تتمتع بتلك الهندسة الزبيدية العباسية وقام بإصلاحها العديد من الملوك والأمراء منذ إنشائها حتى زمن السلطان العثماني العاشر سليمان القانوني في أوائل القرن السادس عشر الميلادى .
وفي زمن السلطان سليمان القانوني المشار إليه إنقطعت عين زبيدة وتهدمت قنواتها وصار أهل البلاد يستقون من آبار حول مكة المكرمة يقال لها العسيلات وأخرى يقال لها الجوخى وصار الماء غاليا جدا وكان الحجاج يحملون الماء إلى عرفات من الأمكنة البعيدة وصار فقراء الحجاج يوم عرفة لا يطلبون شيئا غير الماء لعزته ولما عرضت أحوال العين علي السلطان سليمان القانوني أمر بدراسة كيفية إعادة جريانها فتألفت لجنة من قاضي مكة المكرمة يومئذ الشيخ عبد الباقي بن علي الغربي والأمير خير الدين خضر أمير جدة وغيرهما من الأعيان فقرروا أنه يمكن إعادة جريان الماء بتكلفة قدرها 50 ألف ليرة عثمانية ذهبا ولما كانت صاحبة هذه الصدقة الجارية هي السيدة زبيدة العباسية فقد رؤى أن تكون كريمة السلطان هي التي تتولى إصلاحه وهكذا فقد عينت الأمير إبراهيم بن بردى لإنجاز هذه المهمة فحضر إلى مكة المكرمة وشرع في عمله وإستخدم من العمال أربعمائة مملوك ومعهم ألف آخرون من العمال والبنائين والمهندسين والحفارين وجلب من مصر والصعيد ومن الشام وحلب وإسطنبول واليمن طوائف بعد طوائف من المهندسين ومن المختصين بجلب المياه وترتيب القنوات وكثير من الحدادين والحجارين والبنائين والقطاعين والنجارين وكان قد حمل معه من مصر ما لا حصر له من آلات العمارة والنقب والمكاتل والمساحي والمجاريف والحديد والفولاذ والنحاس والرصاص وكان يظن أنه يستطيع أن يتم العمل في عام ولكنه أدرك بعد ذلك أن المهمة شاقة للغاية حيث كان يحتاج لحفر ألفي ذراع بذراع البنائين في الصخر حتي يمكن إتمام الإصلاح وإيصال الماء إلى مكة المكرمة وأن الحفر المطلوب عميق حيث يصل أحيانا إلى عمق 50 ذراعا ولم يمكنه ترك العمل بعد الشروع فيه حفظا لناموس السلطنة الشريفة فكان يوقد على الصخر الذى يجب حفره مقدار مائة حمل حطب ليلة كاملة وكانت النار لا تؤثر إلا في طبقاته العلوية أما فيما أسفلها فكانت تعمل عملا يسيرا لا يزيد على قيراطين إثنين فيزال القدر المحترق ثم يعاد إيقاد الحطب وهكذا فقد صبر الأمير إبراهيم صبر أيوب وكلما فرغ المصروف أرسل وطلب مصروفًا آخر إلى أن أتى على 500 ألف ليرة عثمانية ذهبية وغرق له في أثناء قيامه بالمهمة مركب فيه ثروته وقيمتها 100 ألف ليرة ذهبية فما تزعزع ولا توانى ثم مات له طفل وتبعه ولدان ومات أكثر مماليكه كل ذلك وهو يتجلد ويتجمل إلى أن وافاه الأجل قبل إنجاز المهمة الشاقة فتولى الأمر من بعده أمير جدة فمات أيضا دون إنجازه إلى أن أتمها القاضي السيد حسين الحسني بعد أن إستغرق العمل عشرة أعوام كاملة وهلك دونه أمراء وخدام ومماليك وأنفقت ثروة طائلة وفي العصر الحديث وفي العهد السعودى أى في عهد الملك عبد العزيز آل سعود أُنشئت إدارة خاصة لإدارة العين سميت عين زبيدة لكي تشرف إشرافًا كاملا على العين والآبار الخاصة بها وترميمها وقد قام الشيخ عبد الله الدهلوى بأمر من الملك عبد العزيز عام 1346 هجرية بعمارة عين زبيدة لعدة سنوات ثم بدأ توزيعها في مجار صغيرة إلى أحياء مكة المكرمة وكانت تسمى بالدبول وهي جمع دبل أى مجرى صغير للمياه وكانت هنالك أماكن مخصصة تصب فيها هذه الدبول تسمى بالبازان وهو بئر عميقة تصب فيه عين زبيدة يسحب منه السقاة المياه عن طريق الدلاء ومن ثم يقوم السقاة بتوزيعها على البيوت في الحي في أوان خاصة تسمى الزفا يحملها السقاة على أكتافهم إلى البيوت وهكذا إستمرت هذه العين شامخة قوية لأكثر من 1200 سنة إلى عهد قريب إلى أن إستعيض عنها بمياه البحار الناتجة عن محطات التحلية الضخمة وذلك بسبب شح المياه فيها وتدمير أغلب قنواتها بسبب التطور العمراني في مكة المكرمة وعموما فما زالت الأبحاث والدراسات مستمرة لإعادة إحياء عين زبيدة حيث مازالت تقوم الإدارة التي أسسها الملك عبد العزيز بالتنسيق في دراساتها مع عدة جهات ذات علاقة بالثروة المائية في منطقة مكة المكرمة منها مركز المياه ومشروع مياه عين زبيدة ومصلحة المياه بمكة المكرمة ومحطة تحلية المياه بالشعيبة ومصنع مبرة خادم الحرمين الشريفين وذلك بغرض الحصول على نسخ من الوثائق وكافة المعلومات الخاصة بعين زبيدة ومشروعات ترميمها وصيانتها وذلك بهدف إحيائها من جديد .
وعلاوة علي ذلك فقد أقامت زبيدة الكثير من المساجد والأبنية في بغداد كما أقامت الكثير من البرك والمصانع والآبار والمنازل على الطريق الواصل من بغداد إلى مكة المكرمة وقد ذكرها الخطيب في تاريخ بغداد وأثنى عليها وقال كانت زبيدة معروفة بالخير والفضل على أهل العلم والبر بالفقراء والمساكين ولها آثار كثيرة في طريق مكة المكرمة من مصانع حفرتها وبرك أحدثتها وكذلك بمكة المكرمة وبالمدينة المنورة كما تحدث إبن جيد عن هذه المرافق التي شيدتها زبيدة حتى أصلحت الطريق من بغداد إلى مكة المكرمة بما أقامته من منافع تخدم الحجيج والمعتمرين والمسافرين وتوفر لهم الماء والطعام والسكن حتى أحيت هذا الطريق الموحش ولولا ذلك لكان هذا الطريق من أوحش المسالك على الإطلاق وهذا الطريق يعد من أهم طرق الحج والتجارة خلال العصر الإسلامي وقد إشتهر بإسم درب زبيدة وقد إستخدم هذا الطريق بعد فتح العراق وإنتشار الإسلام في المشرق وأصبح إستخدامة منتظما وميسورا بدرجة كبيرة إذ تحولت مراكز المياه وأماكن الرعي والتعدين الواقعة عليه إلى محطات رئيسية وفي العصر العباسي أصبح هذا الطريق حلقة إتصال مهمة بين بغداد والحرمين الشريفين وبقية أنحاء الجزيرة العربية وقد إهتم الخلفاء العباسيون بهذا الطريق وزودوه بالمنافع والمرافق المتعددة كبناء احواض المياه وحفر الآبار وإنشاء البرك وإقامة المنارات وغير ذلك كما عملوا على توسيع الطريق حتى يكون صالحا للإستخدام من قبل الحجاج والمسافرين ودوابهم وتذكر المصادر التاريخية والجغرافية والآثار الباقية إلى أن مسار هذا الطريق خطط بطريقة عملية وهندسية متميزة حيث أقيمت على إمتداد المحطات والمنازل والإستراحات ورصفت أرضيته بالحجارة في المناطق الرملية والموحلة فضلا عن تزويده بالمنافع والمرافق اللازمة من آبار وبرك وسدود كما أقيمت علية علامات ومنارات ومشاعل ومواقد توضح مسارة ليهتدي بها المسافرون فمنذ بداية الدولة العباسية أمر الخليفة أبو العباس السفاح بإقامة الأميال وهي أحجار المسافة والأعلام على طول الطريق من الكوفة إلى مكة وذلك في عام 134هجرية الموافق عام 751م ومن بعده أمر الخليفة أبو جعفر المنصور بإقامة الحصون وخزانات المياه في نقاط عدة على طول الطريق على حين أمر الخليفة المهدى ببناء القصور في طريق مكة المكرمة كما أمر الخليفة هارون الرشيد ببناء خزانات المياه وحفر الآبار وإنشاء الحصون على طول الطريق فضلا عن تزويده بالمرافق والمنافع العامة لخدمة الحجاج والمسافرين وراحتهم وقد عين الخلفاء ولاة يشرفون على الطريق ويتعهدونه بالصيانة والإعمار أولا بأول ويبلغ عدد المحطات الرئيسية في هذا الطريق 27 محطة ومتوسط ما بين كل محطة ومحطة نحو 50 كم ومثلها محطات ثانوية تسمى كل منها متعشى وهي إستراحة تقام بين كل محطتين رئيستين وسبحان الله فبعد أن كانت زبيدة تعيش حياة الرفاهية والترف والإسراف بلا حدود لكنها لما رأت هموم الأمة أشغلت بقية حياتها بها وهنا العظمة حيث أنها غيرت مسار وتوجهات حياتها فإنتبهت إلى أن الأمة الإسلامية بحاجة إلى أن تفعل لها شيئا فلم تخلدها الجواهر والموضة وإنما خلدتها مشاريعها التي نفذتها وكلفتها من مالها الخاص من أجل خدمة المسلمين .
وعندما بدأ الخليفة هارون الرشيد يفكر في تحديد من سيخلفه إختلفت زبيدة معه على من يتولى الخلافة من بعده فهي أم أولا وأخيرا وكان إبنها محمد الأمين هو الأصلح من وجهة نظرها لتولي الخلافة رغم أنه كان أصغر من أخيه المأمون بستة أشهر فالأمين هاشمي الأب والأم أما المأمون فقد كانت أمه جارية فارسية من جوارى القصر تدعى مراجل وكانت قد توفيت بحمى النفاس بعد ثلاثة أيام من ولادته وكانت زبيدة هي من تولت تربيته وكان هارون الرشيد يميل لتعيين المأمون وليا للعهد لعلمه برجاحة عقله وأدبه وإلتزامه بأدب السلاطين والخلفاء على عكس الأمين الذي كان الطيش يغلب عليه وكان من النتائج المباشرة للصراع من أجل تعيين ولي للعهد وقوع نكبة البرامكة وهؤلاء كانوا من أصل فارسي وكانوا وزراء العباسيين منذ أوائل أيام قيام دولتهم وكان كبيرهم في عهد الرشيد جعفر بن يحيى البرمكي شقيق الخليفة من الرضاعة حيث أن الخيزران أم هارون كانت قد أرضعت جعفرا الذي كان يكبر إبنها بأيام معدودات وكان سبب المذبحة أن جعفر وآل برمك أيدوا رأى هارون بتعيين إبنه المأمون وليا للعهد وربما كان دافعهم الأول أن أم المأمون كانت جارية فارسية وهم أيضا من سراة العجم وعندما علمت زبيدة بموقفهم أبلغت زوجها أنهم يتآمرون عليه للقضاء على دولته والإستقلال ببلاد فارس ويبدو أيضا أنها كانت تمتلك بعض الأدلة التي تؤكد تورطهم وهكذا أعمل هارون في آل برمك السيف فلم ينج منهم أحد حتى جعفر ولعل هذا الأمر يؤكد مدى الحظوة والنفوذ اللذين كانت زبيدة تحظى بهما لدى زوجها وعندما قالت للخليفة إبني الأمين خير من إبنك المأمون سخاء قلب وشجاعة نفس علما بأنها هي التي ربت المأمون رد عليها بقوله إن إبنك يزينه في عينيك ما يزين الولد في عين الأبوين فإتقيِ الله فوالله إن ابنك لأحب إلي إلا أنها الخلافة لا تصلح إلا لمن كان لها أهلا وبها مستحقا ونحن مسؤولون عن هذا الخلق ومأخوذون بهذا الأنام فما أغنانا أن نلقى الله بوزرهم وننقلب إلى الله بإثمهم وإستدعى ولديه واحدا تلو الآخر ودار حوار أسفر عن خطيئة ثانية كان لها أثر كبير في مستقبل الدولة فيما بعد ألا وهي تعيين الأمين وليا للعهد ومن بعده المأمون وليا لعهده ثم تعيين إبن ثالث هو القاسم وليا لعهد المأمون وقد ذُكر في التاريخ أن الأمين فشل في الحكم منذ أول يوم إعتلى فيه سدة الخلافة ودارت الدوائر عليه بعد أن أساء لطوائف كبيرة من الأتباع ولعدد من كبار القادة فإنقلب الجميع ضده وذلك بعدما تراجع عما قطعه لأبيه من عهود ومواثيق حيث جعل إبنه موسى وليا للعهد بدلا من أخويه المأمون والقاسم كما رفض أن يرد إلى أخيه المأمون 100 ألف دينار كان والده قد أوصى بها إليه وأثار هذا غضب المأمون الذى كان من المفترض أن يكون ولي عهد أخيه الأمين وسرعان ما تطور الخلاف بين الأخوين إلى نزاع وصراع وقتال دام حيث دارت حرب طاحنة عنيفة بين الجانبين .
وكان المأمون في ذلك الوقت واليا من قبل والده على خراسان ببلاد فارس وكان يقيم في عاصمتها مرو وبالتالي كانت تضم أنصاره ومؤيديه ومن ثم أخذ البيعة من أهل خراسان وجمع حوله جيشا عظيما وسار به إلى بغداد عاصمة الخلافة فقصفها بالمنجنيقات مما أحدث بها دمارا وخرابا كبيرين وخاض معارك شرسة مع أخيه الأمين وفي عام 198 هجرية الموافق عام 813م وبعد 4 سنوات من الحرب إنتصر المأمون على أخيه وقتل الأمين في هذه الحروب علي غير رغبة المأمون كما أخبرنا بعض المؤرخين وتولي هو الخلافة وهكذا إنتهت واحدة من أقسى الحروب الأهلية التي عرفها المشرق الإسلامي وقد أجمع المؤرخون علي أن هذه الحرب قد نتجت عن قرار هارون الرشيد بشأن الخلافة بجعلها للأمين ثم للمأمون لكنها كشفت أيضا عن إنقسامات داخلية ضمن الإمبراطورية العباسية فلم تكن المسألة مجرد تنافس شخصي بين الأخوين بل كانت أيضا مسألة صراع بين مختلف الإتجاهات السياسية والدينية وهو ما إتضح خلال فترة حكم الخليفة هارون الرشيد وما بعدها ففي حين تمسك الأمين بالتقاليد والثقافة العربية كان المأمون منفتحا على الحركات الفكرية الجديدة والتأثيرات الخارجية وإلتفت إلى دعم الشخصيات الفارسية والولايات الشرقية وعندما إستلم المأمون خلافة المسلمين أصبح المشرق والمغرب بين يديه وسعى منذ الوهلة الأولى للعمل على إستقرار البلاد والقضاء على الفتن والثورات فتصدى بحزم وقوة لثورات الشيعة وواجه بحسم وعنف حركات التمرد ومحاولات الخروج على سلطة الخلافة ومن جانب آخر كان الفرس يودون أن يبقى المأمون بمرو لتكون عاصمة الخلافة فهو هناك في أمان وإطمئنان بين أنصاره ومؤيديه ولكنها بعيدة عن مركز الدولة كما أنها أكثر إتجاها نحو الشرق مما جعل سيطرتها على العرب ضعيفة لكن أهل بغداد بدأوا بإشعال الثورات ضد الخليفة المأمون خاصة بعد أن أقدم على خطوة جريئة وأمر لم يسبقه إليه أحد من الخلفاء فقد إختار أحد أبناء البيت العلوى وهو علي بن موسى الرضا ليكون وليا للعهد من بعده وقد أثار هذا الأمر غضب وإستياء العباسيين حتى إنهم خلعوه وبايعوا بدلا منه عمه إبراهيم بن المهدى عام 202 هجرية الموافق عام 817م فإضطر الخليفة المأمون أخيرا أن ينتقل إلى بغداد وأن يترك مرو للقضاء على هذه التحركات في مهدها بعد أن جهز جيشا كبيرا لهذا الغرض وسار على رأسه من خراسان قاصدا بغداد فهرب إبراهيم بن المهدى من بغداد والتي لما دخلها الخليفة المأمون عفا عن عمه كما خدمته الأقدار ففي ذلك الوقت توفي علي بن موسى فكان لذلك أكبر الأثر في تهدئة الموقف وفضلا عن ذلك كان من أخطر الثورات التي واجهها المأمون الثورة التي قامت في مصر حيث كان جند مصر قد إشتركوا في خلافات الأمين والمأمون كل فريق في جانب وبعد أن إنتهى الخلاف بإنتصار المأمون ظل الصراع قائما بين الفريقين وأصبح موضع الخلاف التنافس على خيرات البلاد فكان الجند يجمعون الخراج لا ليرسل للخليفة بل ليحتفظوا به لأنفسهم وقامت جيوش المأمون بمحاولات عديدة لإنهاء هذا الصراع لكن دون جدوى فإضطر المأمون في النهاية أن يرسل إليهم جيشا ضخما إستطاع القضاء نهائيا على الصراع بين الفريقين كما أخمد المأمون أيضا ثورة الحسن بن الحسين في بلاد الحجاز وثورة عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب في اليمن عام 207 هجرية الموافق عام 822م وبذلك سيطر على الدولة وعموما فإننا نستطيع القول بأن نهاية الأمين كانت مأساوية وقد برزت رجاحة عقل زبيدة ورزانتها مرة ثانية لما جاءها نبأ مقتل ولدها الأمين عندما وأدت مساعي أهل الفتنة لتحريضها على الثأر من المأمون الذي كان بمكان ولدها وقد أرسل إليها يبرئ نفسه بعد أن أرسلت إليه أبياتا من الشعر أبكته وأرسلت زبيدة للمأمون قائلة أهنئك بخلافة قد هنأت نفسي بها عنك قبل أن أراك ولئن كنت قد فقدت إبنا خليفة فقد عوضت إبنا خليفة لم ألده وأسأل الله أجرا على ما أخذ وإمتاعا بما عوض وأخذ المأمون بعد ذلك في إكرامها ومودتها ورضاها وقد عاشت السيدة زبيدة 22 عاما بعد وفاة هارون الرشيد وكانت وفاتها في بغداد عام 216 هجرية الموافق عام 831م في عهد الخليفة المأمون بعد أن عاشت في ظله معززة مكرمة كما كانت في عهد أبيه وكان المأمون يعاملها معاملة الأم وكثيرا ما كان يلجأ إلى مشورتها في أمور الدولة ويقبل برأيها حتى لو كان مخالفا لما يراه هو شخصيا كما كان يفعل أبوه الخليفة الراحل هارون الرشيد .
|