بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا"
أسماء بنت يزيد بن السكن بن رافع بن إمرئ القيس بن عبد الأشهل الأنصارية الأوسية الأشهلية صحابية جليلة وكانت إبنة عمة سيد الأوس الصحابي الجليل سعد بن معاذ وقد لقبت أيضا بأم عامر وأم سلمة الأنصارية الأشهلية وكان إسلامها علي يد سفير الإسلام مصعب بن عمير الذى أوفده الرسول الكريم محمد صلي الله عليه وسلم بعد بيعة العقبة الأولي إلي المدينة المنورة ليعلم من أسلم من أهلها أصول وفرائض الإسلام وكانت إقامته في منزل الصحابي الأنصارى الجليل أسعد بن زرارة والذى كان من سادة الأنصار وسادة بني عبد الأشهل قوم السيدة أسماء بنت يزيد بن السكن وإبن خالة الصحابي الجليل سيد الأوس سعد بن معاذ وفي هذا الصدد ذكر المؤرخ وعالم الحديث محمد بن سعد البغدادى صاحب كتاب الطبقات الكبير عن عمرو بن قتادة رضي الله عنه قال أول من بايع النبي صلى الله عليه وسلم أم سعد بن معاذ كبشة بنت رافع وأسماء بنت يزيد بن السكن وشقيقتها حواء بنت يزيد بن السكن وكانت أسماء رضوان الله عليها تعتـز بهذا السبق إلى المبايعة فتقول عن نفسها أنا أول من بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت بذلك من الشخصيات التي خلدها إيمانها ومواقفها القوية دفاعا عن ديننا الحنيف والذين كانوا ينشدون ثواب الآخرة والهدى للبشرية كلها وتركت أثرا كبيرا محفوظا في ذاكرتنا ووجداننا وهدى وبوصلة لنا في الطريق ومن شدة إرتباطها بتعاليم دينها وبما يأمر به القرآن الكريم كانت سريعة الإستجابة لها وحرصا على قبولها وقالت في هذا الصدد أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبايعه فدنوت وعلي سواران من ذهب فبصر ببصيصهما وقال ألقي السوارين يا أسماء أما تخافين أن يسورك الله بأساور من نار فألقيتهما فما أدرى من أخذهما وبذلك فقد كانت من النساء اللاتي ورد خبرهن في الآية الكريمة بسورة الممتحنة وهي قوله سبحانه وتعالى يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَإسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ومنذ أن أسلمت إشتهرت السيدة أسماء بنت يزيد بن السكن بمتابعتها أمور دينها والتعرف على دقائق أموره خاصة فيما يخص شؤون النساء حيث كانت تسأل النبي صلي الله عليه وسلم عن أحكام دينها وكثيرا ما كانت أخواتها من النساء يستعن بها للإستفسار من النبي صلي الله عليه وسلم عن دقائق أمورهن الخاصة فتستجيب لذلك وتذهب إليه فتسأله وعرف عنها أنها كانت تحسن عرض الأسئلة وكذلك عرفت السيدة أسماء بنت يزيد بن السكن بأنها خطيبة النساء لأنها كانت تدافع عنهن وتسأل عن حقوقهن كما قال عنها الخطيب البغدادى ويستفاد من ذلك مدى أهمية سؤال المرأة وإستفسارها عن أمور دينها وكان ميلاد السيدة أسماء بالمدينة المنورة وغير معلوم لدينا تحديدا عام ميلادها لكنه كان من المؤكد قبل بعثة النبي الكريم محمد صلي الله عليه وسلم ثم هجرته إلي المدينة المنورة وكان أبوها يزيد بن السكن بن رافع الأنصارى من الصحابة الأجلاء أيضا وأمها هي السيدة الصحابية أم سعد بنت خزيم بن مسعود الأشهلية الأنصارية وقد تزوجت السيدة أسماء بنت يزيد بن السكن من أبي سعيد بن عمارة الأنصارى ودخلت في الإسلام كما ذكرنا في السطور السابقة في بداية الدعوة إلي دين الإسلام بالمدينة المنورة وكذلك دخل أبوها يزيد بن السكن بن رافع الأنصارى وأخوها عامر بن يزيد بن السكن وأختها حواء بنت يزيد بن السكن وعمها زياد بن السكن .
وبعد هجرة النبي صلي الله عليه وسلم إلي المدينة المنورة وفي العام الثاني للهجرة وبعد غزوة بدر وفي ليلة زفاف السيدة أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تولت تجهيزها هي وصاحباتها وتقول السيدة أسماء رضي الله عنها عن ذلك إني قينت أي زينت عائشة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جئته فدعوته لجلوتها أى للنظر إليها فجاء فجلس بجوارها فأتي بعس أى قدح كبير به لبن فشرب ثم ناولها العس فخفضت رأسها وإستحيت فإنتهرتها وقلت لها خذى من يد النبي صلى الله عليه وسلم فأخذت فشربت شيئا ثم قال لها النبي صلى الله عليه وسلم أعطي تربك أى صاحباتك فقلت يا رسول الله بل خذه فإشرب منه ثم ناولنيه من يدك فأخذه فشرب منه ثم ناولنيه فجلست ثم وضعته على ركبتي ثم طفقت أديره وأتبعه بشفتي لأصيب منه مشرب النبي صلى الله عليه وسلم وكان للسيدة أسماء بنت يزيد بن السكن موقف مشهود في يوم غزوة أحد التي وقعت عند جبل أحد بالمدينة المنورة في شهر شوال من السنة الثالثة للهجرة بين المسلمين حيث إستشهد فيها والدها يزيد بن السكن ضمن السبعين صحابي من المهاجرين والأنصار الذين إستشهدوا في هذا اليوم نتيجة مخالفة الرماة لتعليمات وأوامر النبي صلي الله عليه وسلم والذين كانوا يحمون ظهور المسلمين والذين ظنوا أن المعركة قد إنتهت لصالح المسلمين ونزلوا لجمع الغنائم فكان أن إنكشف ظهر المسلمين فحمل عليهم المشركون وإنقلبت نتيجة المعركة لصالحهم كما أصيب في هذه المعركة أيضا أخوه زياد بن السكن والذى إستشهد بعد المعركة متأثرا بجراحه أما أخوها عامر بن يزيد بن السكن فقد إفتدى رسول الله صلى الله عليه وسلم بجسده والذى جعل منه ترسا يدافع به عن الرسول خلال المعركة وإستشهد خلالها وتلقت أسماء خبر إستشهاد والدها وشقيقها وعمها فى يوم واحد فى معركة أحد ولكنها تماسكت علي الرغم مما أصابها من إبتلاء وصدمت وصبرت نفسها بأن الرسول صلى الله عليه وسلم بخير وقالت لما رأته سالما كل مصيبة بعدك جلل ومما يذكر عن أبيها يزيد بن السكن أنه كان ممن دافعوا بإستماتة عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا اليوم حتى أثخنته الجراح فوقع على الأرض فأمر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة أن يدنوه منه فأدنوه فوضع النبي صلي الله عليه وسلم خد ذلك الصحابي على رجله حتى إستشهد وتحكي عن ذلك كتب السنة والسيرة حيث جاء فيها أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ألحمه القتال يوم أحد وخلص إليه ودنا منه الأعداء ذادَ عنه مصعب بن عمير حتى قتل وأبو دجانة سماك بن خرشة حتى كثرت فيه الجراح وأصيب وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وثلمت رباعيته وكلمت شفته وأصيبت وجنته وكان رسول الله صلَى الله عليه وسلم قد ظاهر بين درعين فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم من يبيع لنا نفسه فوثبت إليه فئة من الأنصار كانوا خمسة منهم زياد بن السكن فقاتلوا حتى كان آخرهم زياد بن السكن فقاتل حتى أثبت ثم ثاب إليه ناس من المسلمين فقاتلوا عنه حتى أجهضوا عنه العدو فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزياد بن السكن إدن مني وقد أثخنته الجراح فوسده رسول الله صلى الله عليه وسلم قدمه حتى مات عليها والنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يدعو له .
وبعد غزوة أحد وإستشهاد أبيها وعمها وأخيها لم يفت ذلك في عضد السيدة أسماء بنت يزيد بن السكن وزادها ذلك حبا في الجهاد ورغبة في مشاركة الرجال وطلبا للشهادة في سبيل الله وشهدتْ السيدة أسماء غزوة الخندق في شهر شوال عام 5 هجرية وخرجت مع رسول الله صلي الله عليه وسلم في يوم الحديبية وبايعت بيعة الرضوان وشهدت أيضا غزوة خيبر في شهر المحرم في العام السابع للهجرة وفتح مكة في شهر رمضان في العام الثامن للهجرة وبعد وفاة النبي صلي الله عليه وسلم وفي عهد الخليفة الراشد الأول أبي بكر الصديق وفي السنة الثالثة عشرة للهجرة خرجت السيدة أسماء رضي الله عنها إلى بلاد الشام ضمن جيش الفتح وشاركت بالفعل في معركة اليرموك ضد الروم في شهر رجب من العام المذكور وكانت في جميع المعارك التي شهدتها تشارك مع النساء في سقاية الجرحى وتضميدهم وفي حث الجنود علي الإستبسال في القتال ونصرة الدين الحق ودعوتهم إلى الصمود في وجه الأعداء والقتال من أجل النصر أو الشهادة وردع عدوان المعتدين على المسلمين الموحدين بالله مرددة قول الحق سبحانه وتعالي إن الله إشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فإستبشروا ببيعكم الذى بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لغدوة أو روحة في سبيل الله خير مما تطلع عليه الشمس وتغرب وقوله أيضا الروحة والغدوة في سبيل الله أفضل من الدنيا وما فيها ومما يذكر أيضا عن السيدة أسماء بنت يزيد بن السكن أنها خلال معركة اليرموك كانت ضمن النساء اللاتي كلفهن قائد جيش المسلمين سيف الله المسلول خالد بن الوليد بالوقوف خلف جيش المسلمين وضرب من يفر من المعركة من جنود الإسلام من أجل إعادتهم إلي ميدان المعركة صائحين في هؤلاء الفارين أين تذهبون وتدعوننا للعلوج من كفار العجم كما كان من قصص شجاعتها في هذه المعركة أنها إقتلعت عمود إحدى الخيام وراحت تضرب به رؤوس جنود الروم حتى قتلت يومها تسعة منهم ومن كل هذه المواقف نستنتج أن إختلاط النساء بالرجال في ساحات القتال وتضميد ومعالجة جروحهم والخطابة فيهم من دون حرج أمر مسموح به ما داموا محتفظين بوقارهن وحشمتهن وأخلاق المرأة العفيفة المسلمة ولذا فقد سمح بذلك الرسول الكريم محمد صلي الله عليه وسلم ومن بعده الخلفاء الراشدون وأمراء وقادة الجيوش وكان أغلبهم علماء وفقهاء .
وبخلاف جهاد السيدة أسماء بنت يزيد بن السكن فقد عرفت أيضا بفصاحتها وجرأتها كذلك فهى التى روى عنها أنها جاءت الرسول صلى الله عليه وسلم وهو بين أصحابه وقالت بأبى وأمى أنت يا رسول الله أنا وافدة من النساء إليك إن الله بعثك إلى الرجال والنساء كافة فآمنا بك وإنا معشر النساء محصورات مقصورات قواعد بيوتكم ومقضى شهواتكم وحاملات أولادكم وإنكم معشر الرجال فضلتم علينا بالجمع والجماعات وعيادة المرضى وشهود الجنائز والحج بعد الحج وأفضل من ذلك الجهاد فى سبيل الله وإن الرجل إذا خرج حاجا أو معتمرا أو مجاهدا حفظنا لكم أموالكم وغزلنا أثوابكم وربينا لكم أولادكم أفما نشارككم فى هذا الأجر والخير فإلتفت النبى صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه بوجهه كله ثم قال هل سمعتم مقالة إمرأة قَط أحسن من مساءلتها فى أمر دينها من هذه فقالوا يا رسول الله ما ظننا أن إمرأة تهتدى إلى مثل هذا فإلتفت النبى صلى الله عليه وسلم إليها وقال إفهمي أيتها المرأة واعلمي من خلفك من النساء أن حسن تبعل المرأة لزوجها وطلبها مرضاته وإتباعها موافقته يعدل ذلك كله فإنصرفت المرأة وهى تهلل وبسبب هذه الفصاحة لقبت أسماء بخطيبة النساء وعلاوة علي ذلك قالت السيدة أسماء بنت يزيد مر بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في نسوة فسلم علينا وقال إياكن وكفر المنعمين فقلنا يا رسول الله وما كفر المنعمين قال لعل إحداكن أن تطول أيمتها بين أبويها وتعنس فيرزقها الله زوجا ويرزقها منه مالا وولدا فتغضب الغضبة فراحت تقول ما رأيت منه يوما خيرا قط وعن السيدة أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق رضى الله عنهما أن أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية جاءت وسألت انبي صلى الله عليه وسلم كيف أغتسل من الحيض فقال لها خذى فرصة ممسكة أى قطعة قطن وتتبعي بها أثر الدم قالها ثلاثا وهو في كل ذلك يقول سبحان الله عند إعادتها السؤال ثم أعرض عنها بوجهه إستحياءا فأخذتها السيدة عائشة رضي الله عنها وأخبرتها بما يريد النبي صلى الله عليه وسلم توضيحه لها وبمنتهى الأدب وطهارة اللفظ تتبعي بها أثر الدم وإمسحي بها المكان الذي خرج منه الدم ففهمت أسماء وخرجت وضحكت السيدة عائشة من هذا الموقف الصعب لكنها قدرت السيدة أسماء قدرها وقدرت فيها شجاعة المرأة المسلمة في سؤالها عما ينفعها وما تحتاجه في دينها وقالت نعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن حياؤهن من أن يتفقهن في دينهن ولو أنها ترددت أو تكاسلت لأضاعت على نفسها وعلى بنات جنسها الفرصة في العلم بأمور الدين والدنيا لكنها أقدمت وتقدمت وسألت وحصلت على الجواب الشافي فإستفادت وتعلمت وعلمت النساء وصارت قدوة ومثلا في هذا الإتجاه وجدير بالذكر هنا أن نقول إن السيدة أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما كان لها دور كبير في توصيل الأحكام الخاصة بشئون النساء إلي نساء المسلمين سواء أثناء حياة النبي صلي الله عليه وسلم أو بعد وفاته علاوة علي نقلها للعديد من سنن النبي صلي الله عليه وسلم سواء للرجال أو للنساء .
وقد لقبت السيدة أسماء بنت يزيد بن السكن أيضا بالمعتدة وقد جاء هذا اللقب لأنها كانت أول معتدة فى الإسلام حيث نزلت فيها آية حكم عدة المطلقات حيث روى عنها أنها قالت طلقت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن للمطلقة عدة فنزل قول الله تعالى فى سورة البقرة والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء وبخلاف ذلك كله كانت أسماء بنت يزيد بن السكن تتصف بالكرم وكانت هذه صفة طيبة من صفات الانصار بوجه عام وقد طرح الله بركة في طعامهم فقد أخرج إبن عساكر في تاريخه بسنده عن السيدة أسماء بنت يزيد بن السكن أنها قالت رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى المغرب في مسجده فجئت منزلي فجئته بعرق أى عظم عليه لحم وأرغفة فقلت بأبي أنت وأمي يا رسول الله تعش فقال النبي لأصحابه كلوا بسم الله فأكل هو وأصحابه الذين جاءوا معه ومن كان حاضرا من أهل الدار ووالذي نفسي بيده لرأيت العرق لم يتعرقه وعامة الخبز أى بقي منه ببركة النبي عليه الصلاة والسلام وكان القوم أربعين رجلا ثم شرب من ماء عندى كان في شجب أي في قربة ثم إنصرف فأخذت ذلك الشجب فذهبت فطويته يسقى فيه المريض ويشرب منه في الحين رجاء البركة وفضلا عن ذلك لم يقتصر الدور البارز لأسماء رضى الله عنها على الخطابة بل كانت أيضا راوية للحديث النبوى الشريف حيث أنها قد لازمت البيت النبوى الشريف طويلا وترددت كثيرا على بيوت زوجات النبي صلى الله عليه وسلم كما أنها قد سألت النبي صلي الله عليه وسلم في العديد من المسائل وأخذت عنه وكانت أيضا محبة للعلم والسؤال إذ كانت تمتلك الجرأة في الإستفسار لذلك كانت من أكثر النساء الصحابيات رواية للحديث عنه صلى الله عليه وسلم فقد روت عدد 81 حديثا في أبواب متفرقة منها ما يختص بأحكام ومنها ما يختص بآداب المعاملة بين المسلمين وقد روى عنها ثلة من أجلاء التابعين ورواة الحديث كما روى عنها أصحاب السنن الأربعة أبو داود والنسائي والترمذى وإبن ماجة وأخرج لها الإمام البخارى في الأدب المفرد وكان مما روته أسماء بنت يزيد بن السكن عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال العقيقة عن الغلام شاتان مكافأتان وعن الجارية شاة وعنها أيضا أنها قالت قال رسول الله صلي الله عليه وسلم إني لست أصافح النساء كما روى عنها أن النبي صلي الله عليه وسلم قال ألا أخبركم بخياركم قالوا بلى يا رسول الله قال الذين إذا رأوا ذكر الله تعالى أي أنهم من الخشية والخوف من الله أو من كثرة ذكر الله فإن الناس يذكرون الله عند حضورهم ثم قال ألا أخبركم بشراركم المشاءون بالنميمة المفسدون بين الأحبة وقالت أسماء بنت يزيد بن السكن أيضا أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال من بنى لله مسجدا فإن الله يبني له بيتا أوسع منه في الجنة وعندما توفي سيد الأوس الصحابي الأنصارى الجليل سعد بن معاذ رضي الله عنه متأثرا بجراحه نتيجة إصابته بسهم في ذراعه في يوم غزوة الخندق قالت السيدة أسماء بنت يزيد بن السكن عن ذلك ـأن أمه قد صاحت فقال لها رسول الله صلي الله عليه وسلم ألا يرقأ دمعك ويذهب حزنك فإن إبنك أول من ضحك الله إليه وإهتز له العرش .
ولما دعي رسول الله صلي الله عليه وسلم إلى جنازة رجل من الأنصار قالت فلما وضع السرير تقدم نبي الله صلي الله عليه وسلم ليصلي عليه ثم إلتفت وقال على صاحبكم دين قالوا نعم يا رسول الله ديناران قال صلوا على صاحبكم فقال أبو قتادة أنا بدينه يا نبي الله فصلى عليه وفي أحد الأيام كانت السيدة أسماء عند رسول الله صلي الله عليه وسلم والرجال والنساء قعود عنده فقال لعل رجلا يقول ما يفعل بأهله ولعل إمرأة تخبر بما فعلت مع زوجها فأزم القوم فقلت أى والله يا رسول الله إنهم ليفعلون وإنهن ليفعلن فقال فلا تفعلوا فإنما مثل ذلك مثل شيطان لقي شيطانة فغشيها والناس ينظرون وعلاوة علي كل ما سبق كان من الأدلة على ورع هذه المرأة وخوفها من الله ما روته عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا كان قبل خروج الدجال بثلاث سنين حبست السماء ثلث قطرها وحبست الأرض ثلث نباتها فإذا كانت السنة الثانية حبست السماء ثلثي قطرها وحبست الأرض ثلثي نباتها فإذا كانت السنة الثالثة حبست السماء قطرها كله وحبست الأرض نباتها كله فلا يبقى ذو خف ولا ظلف إلا هلك فيقول الدجال للرجل من أهل البادية أرأيت إن بعثت إبلك ضخاما ضروعها عظاما أسنمتها أتعلم أني ربك فيقول نعم فتمثل له الشياطين على صورة فيتبعه ويقول للرجل أرأيت إن بعثت أباك وإبنك ومن تعرف من أهلك أتعلم أني ربك فيقول نعم فتمثل له الشياطين على صورهم فيتبعه ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وبكى أهل البيت ثم رجع ونحن نبكي فقال ما يبكيكم فقالت السيدة أسماء يا رسول الله ما ذكرت من الدجال فوالله إن أمة أهلي لتعجن عجينها فما تبلغ حتى تكاد تتفتت من الجوع فكيف نصنع يومئذ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يكفي المؤمنين من الطعام والشراب يومئذ التكبير والتسبيح والتحميد ثم قال لا تبكوا فإن يخرج الدجال وأنا فيكم فأنا حجيجه وإن يخرج بعدى فالله خليفتي على كل مسلم ومسلمة ومن أدلة ورعها أيضا ما ذكره الصحابي الجليل وراوى الحديث جابر بن عبد الله بن حيرام الأنصارى حيث قال إن السيدة أسماء بنت يزيد بن السكن كانت في نخل لها لبني حارثة فجعل النساء يدخلن عليها غير متزرات فيبدو ما في أرجلهن يعني الخلاخل وتبدو صدورهن وذوائبهن فقالت أسماء ما أقبح هذا فأنزل الله الآية الكريمة وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وأخيرا فقد عاشت السيدة أسماء بنت يزيد بن السكن إلى خلافة الخليفة الأموى الخامس عبد الملك بن مروان وكانت قد سكنت دمشق وإستمرت حتي نهاية حياتها تدعو للجهاد وتعلم الناس أمور دينهم وتوفيت علي الأرجح في حدود عام سبعين هجرية ويوجد قبرها في منطقة الباب الصغير بمدينة دمشق ورحم الله خطيبة النساء التي لم تحمل إسم ذات النطاقين السيدة أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما فقط لكنها سعت على دربها ونسجت على منوالها في الفروسية وطلب العلم وأيضا في الحكمة والفطنة وحسن البيان وحقا فإن سيرة السيدة الصحابية الجليلة أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية تعد صفحة مشرقة في تاريخ المرأة المسلمة فقد تعلمنا منها حسن التبعل والقيام بشئون البيت وترشدنا سيرتها أيضا إلى أن تلميذات بيت النبوة كن زوجات ناجحات وأمهات متفانيات ومع ذلك لم يمنعهن هذا من الإجتهاد في طلب العلم والتزود منه والتفقه في الدين وفضلا عن ذلك فإننا نتعلم في مدرسة أسماء بنت يزيد بن السكن أن الصحابيات كن لا يتخلفن عن ميادين الجهاد ونصرة دينهن بل كن لا يتوانين في الإقدام إذا لمسن من إخوانهم إدبارا إقدام يصد الأعداء ويستنهض همم الأصحاب وفي الحقيقة فإن سيرتها تعد سيرة سيدة عظيمة أعطتنا دروسا في كيفية تحقيق التوازن بين مسئولية المرأة تجاه بيتها وزوجها وابنائها وفي حق مجتمعها وأمتها توازن بدونه لا يستقيم سلوك المرأة مع الله سبحانه وتعالى وتطلعها لما عنده من خير عميم وفوق ذلك كله لم يمنعها فقهها في أمور دينها من تعلم أمور الدنيا التي تهم النساء كإتقان فن التجميل حيث عرفت بلقب مزينة عائشة أى التي زينت أم المؤمنين السيدة عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها يوم زفافها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . |