بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا"
أسماء بنت عميس بن معبد بن الحارث الخثعمية صحابية حازت العديد من المناقب والصفات لم تحزها إمرأة غيرها ولذا فقد كانت شخصية فوق العادة وقد عاشت هى وأخواتها فى بيت النبوة والخلافة وكبار قادة الدولة الإسلامية فكن خير معين لأزواجهن على خدمة الإسلام والمسلمين بحكمة وإقتدار حيث كانت تتصف بالحكمة فى أقوالها وأفعالها فنجدها كنت تضع الشئ في موضعه تعرف كيف تقول الكلمة المناسبة في الوقت المناسب في القدر المناسب مع الشخص المناسب وقد عرفت أمها هند بنت عوف بن زهير بن الحارث من كنانة بلقب أكرم عجوز على الأرض أصهارا حيث تزوجت هند بنت عوف ثلاث مرات وأنجبت من زيجاتها هذه تسع بنات دخلن جميعا في الإسلام وكان الرسول صلي الله عليه وسلم يطلق عليهن لقب الأخوات المؤمنات وياله من شرف لهن وكان الزواج الأول للسيدة هند بنت عوف من خزيمة بن الحارث وأنجبت منه أم المؤمنين زينب بنت خزيمة التى تزوجها النبى محمد عليه الصلاة والسلام فى السنة الثالثة بعد الهجرة بعد غزوة أحد وذلك بعد أن إستشهد زوجها الأول إبن عم الرسول صلي الله عليه وسلم عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب في غزوة بدر وكانت تلقب بأم المساكين حيث كانت تتصف بالطيبة والكرم والعطف على الفقراء والمحتاجين والمساكين في الجاهلية والإسلام وكانت تكثر من التصدق عليهم ومكثت في بيت النبوة مدة قصيرة لا تتعدى الستة أشهر علي الأرجح وماتت دون أن تنجب له ثم تزوجت هند من الحارث بن حزن وأنجبت منه أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث التى تزوجها رسول الله صلي الله عليه وسلم بعد عمرة القضية والتي كانت في شهر ذي القعدة عام 6 هجرية ولم تنجب له وأنجبت هند أيضا من الحارث بن حزن أم الفضل أو لبابة الكبرى التى تزوجها العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه عم الرسول عليه الصلاة والسلام أيام البعثة وهو الذى إشتق العباسيون إسمهم منه وبسبب إنتمائهم له إدعوا أحقيتهم فى الخلافة أثناء الدولة العباسية التى جاءت بعد الدولة الأموية وأنجبت منه الفضل وعبيد الله وقثم ومعبد وأم حبيب وعبد الله بن عباس الذى يعتبر حبر الأمة وفقيهها وإمام التفسير وترجمان القرآن الكريم كما أنجبت هند أيضا من الحارث بن حزن لبابة الصغرى التى أصبحت زوجة للوليد بن المغيرة المخزومى فى الجاهلية وهو واحد من أغنى أغنياء مكة المكرمة حيث ورد أنه بنى ركنا من أركان الكعبة الأربعة عندما قامت قريش بترميمها قبل بعثة النبي صلي الله عليه وسلم بخمس سنوات وإشتركت باقى القبائل فى بقية الأركان وكان نتيجة هذا الزواج الصحابي الجليل خالد بن الوليد الشهير بسيف الله المسلول القائد العسكرى المسلم الشهير الذى شارك فى معارك عديدة فى الجزيرة العربية وضد الفرس حيث كان له دور كبير فى تدمير الإمبراطورية الفارسية وتحرير الشام من إحتلال الإمبراطورية الرومانية الشرقية وكان من أشهر المعارك التي خاضها في الشام معركة اليرموك وقد أدركت لبابة الصغرى الإسلام ودخلت فيه وهاجرت إلي المدينة المنورة وكان من بنات هند أيضا من الحارث بن حزن عصماء بنت الحارث وعزة بنت الحارث وحمدة بنت الحارث وتزوجت هند بنت عوف أيضا بعد ذلك من عميس بن معد بن الحارث وأنجبت منه أسماء بنت عميس التي تزوجت من جعفر بن أبي طالب إبن عم النبي فلما إستشهد في غزوة مؤتة في شهر جمادى الأولي عام 8 هجرية تزوجت من أبي بكر الصديق ولما توفي في شهر جمادى الثاني عام 13 هجرية تزوجت من الإمام علي بن أبي طالب وأنجبت أيضا هند بن عوف من زوجها الثالث سلمي بنت عميس التى تزوجها حمزة بن عبد المطلب عم الرسول صلي الله عليه وسلم الذى كان يلقب بأسد الله والذى إستشهد فى معركة أُحد وأنجبت منه أمامة وبهذا تكون هند حماة الرسول مرتين إذ تزوج من إثنتين من بناتها زينب بنت خزيمة وميمونة بنت الحارث وأيضا حماة إثنين من أعمام النبي صلي الله عليه وسلم وإثنين من أولاد عمومته وأيضا حماة إثنين من الخلفاء الراشدين .
وكان ميلاد السيدة أسماء بنت عميس في مكة المكرمة وغير معلوم بالتحديد سنة ميلادها وإن كان من المؤكد أنه كان قبل بعثة النبي محمد صلي الله عليه وسلم ولما بعث النبي كانت من أوائل من دخلوا في الإسلام وكان ذلك في وقت مبكر من الدعوة قبل دخول النبي دار الأرقم بن أبي الأرقم بمكة المكرمة والتي كانت تقع علي سفح جبل الصفا وكان صاحبها من السابقين الأولين في الدخول إلى الإسلام وإتخذ النبي محمد من داره مقرا للدعوة في بداية الإسلام وتعليم الصحابة السباقين رضوان الله عليهم إلي الإسلام مبادئ وفرائض الإسلام وكانت الدعوة حينذاك سرية وكان من هؤلاء الصحابة أبو بكر الصديق وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وزيد بن حارثة والزبير بن العوام بن خويلد وسعيد بن زيد وطلحة بن عبيد الله وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة بن الجراح وسعد بن أبي وقاص وعمار بن ياسر وفيها أسلم العديد من الصحابة الكبار كان منهم عمر بن الخطاب وقد هاجر الأرقم إلى المدينة المنورة بعد ذلك وشارك مع النبي محمد صلي الله عليه وسلم في غزواته كلها وتوفي بالمدينة المنورة في خلافة معاوية بن أبي سفيان وكان قد تجاوز عمره الثمانين عاما وبعد أن إشتد إيذاء مشركي قريش للمسلمين سمح النبي صلي الله عليه وسلم للمسلمين بالهجرة إلي الحبشة مادحا ملكها أصحمة النجاشي بأنه ملك لا يظلم عنده أحد فخرج عدد من المسلمين وكانت الهجرة الأولى إلى الحبشة في شهر رجب من العام الخامس بعد البعثة وكانوا أحد عشر رجلا وأربع نسوة وأمروا عليهم الصحابي الجليل عثمان بن مظعون وكان منهم أيضا الصحابي أبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد المخزومي وزوجته هند بنت أبي أمية المعروفة بإسم أم سلمة والتي تزوجها الرسول صلي الله عليه وسلم بعد وفاة زوجها ثم سرت شائعة وهم بأرض الحبشة أن أهل مكة قد أسلموا فرجع بعض منهم إلى مكة فلم يجدوا ذلك صحيحا فرجعوا مرة أخرى إلي الحبشة وسارت معهم مجموعة أخرى إلى هناك فكانت الهجرة الثانية وكانوا ثلاثة وثمانين رجلا وزوجاتهم وأبنائهم وكان على رأسهم الصحابي الجليل جعفر بن أبي طالب وكان هو المقدم عليهم والمترجم عنهم عند النجاشي ملك الحبشة وكان منهم أيضا الصحابي الجليل السكران بن عمرو وزوجته السيدة سودة بنت زمعة والتي تزوجها النبي محمد صلي الله عليه وسلم بعد موت زوجها وعودتها إلي مكة قبل الهجرة بحوالي عام والصحابي الجليل عبيد الله بن جحش إبن عمة النبي صلي الله عليه وسلم وزوجته أم حبيبة بنت أبي سفيان والتي تزوجها أيضا النبي محمد صلي الله عليه وسلم بعد ذلك بعد موت زوجها وكانت السيدة أسماء بنت عميس قد تزوجت حينذاك من الصحابي جعفر بن أبي طالب وكانت آنذاك عروس وولدت له في الحبشة عبد الله وعون ومحمد .
وكان أن إجتمعت قريش في دار الندوة لمناقشة أمر هجرة المسلمين إلي الحبشة وإتفقوا علي أن يجمعوا الأموال والهدايا ويهدوها إلى النجاشي ملك الحبشة وإنتدبوا لذلك رجلين فبعثوا عمرو بن العاص وكان صديقا للنجاشي وعبد الله بن أبي ربيعة مع الهدايا فركبا البحر ولما دخلا على النجاشي سلما عليه وكان رجلا قريش قد إتفقا مع البطارقة أن يشيروا على النجاشي بأن يسلم المسلمين إليهم لكن النجاشي رأى بأن يدعو المسلمين ليستمع بنفسه إلى ما يقولون وأرسل إلى الصحابة فدعاهم فلما جاءهم رسولُه إجتمعوا ثم قال بعضهم لبعض ما تقولون للرجل إذا جئتموه قالوا نقول والله ما علمنا وما أمرنا به نبينا محمد صلي الله عليه وسلم كائنا في ذلك ما هو كائن فلما جاءوا وكان النجاشي قد دعا أساقفته ليقفوا حوله وسأل المسلمين ما هذا الدين الذى قد فارقتم فيه قومكم ولم تدخلوا في يهودية ولا نصرانية فقال جعفر لرفاقه من المسلمين أنا خطيبكم اليوم فسلم علي النجاشي ولم يسجد فقيل له مالك لا تسجد للملك فقال إنا لا نسجد إلا لله عز وجل وإن الله قد بعث إلينا رسولا ثم أمرنا أن لا نسجد لأحد إلا لله عز وجل وأمرنا بالصلاة والزكاة فقال عمرو بن العاص فإنهم يخالفونك في عيسى بن مريم فقال الملك فما تقولون في عيسى بن مريم وأمه فقال جعفر نقول كما قال الله هو كلمته وروحه ألقاها إلى السيدة مريم العذراء البتول التي لم يمسسها بشر فرفع عودا من الأرض وقال يا معشر الحبشة والقسيسين والرهبان والله ما يزيدون على الذى نقول فيه ما سوى هذا مرحبا بكم وبمن جئتم من عنده أشهد أنه رسول الله صلي الله عليه وسلم وأنه الذي نجد في الإنجيل وأنه الرسول الذى بشر به عيسى بن مريم إنزلوا حيث شئتم والله لولا ما أنا فيه من الملك لأتيته حتى أكون أنا الذى أحمل نعليه وأمر بهدايا قريش فردت إليهما وبذلك فشلت محاولة قريش لرد المسلمين من الحبشة إلي مكة ولما بدأت هجرة المسلمين إلي المدينة المنورة عاد البعض من مهاجرى الحبشة إلي مكة ومنها إلي المدينة المنورة وبقيت هناك مجموعة كان يقودها جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه ومعه زوجته أسماء بنت عميس وظلت بالحبشة حتي أوائل العام السابع للهجرة حيث عادت إلي المدينة في ذلك الوقت والذى تزامن مع عودة المسلمين منتصرين من غزوة خيبر وإستقبلهم النبي فرحانا وإحتضن إبن عمه جعفر وقبله بين عينيه قائلا والله لا ندرى بأيهما نفرح بفتح خيبر أم بعودة جعفر ومن الواضح أنه كان من حين إلى آخر كان البعض من مجموعة مسلمي الحبشة يهاجر إلي المدينة وفي النهاية بقي منهم بالحبشة ستة عشر رجلا فقط كما ذكر إبن إسحاق ومعهم أربع نساء وخمسة أطفال وكان هؤلاء يحملون هم الحفاظ على الدعوة والإطمئنان إلى وجود بؤرة دائمة تحمل الإسلام ولذا فقد كان مهاجرو الحبشة يعودون إلى مكة أو المدينة حسب الظروف والأحداث وبلا شك كان ذلك دوما بأوامر من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه لم يرد في السنة أنه عاتب أحدهم على عودته مبكرا أو متأخرا فسكوته على ذلك يؤكد معرفته ورضاه وهذا الرجوع الممنهج كان منطقيا ومخططا له بعد مشكلة العودة من الهجرة الأولى للحبشة التي صاحبتها آلام كثيرة نتيجة عدم التحقق من الأمر قبل العودة ومن ثم إستفاد المسلمون من الدرس وجاءت الهجرة الثانية ناجحة بكل المقاييس .
وبعد عودة مهاجرى الحبشة إلي المدينة المنورة كان بعض الناس يقولون لمن هاجروا إلى المدينة المنورة من الحبشة نحن سبقناكم بالهجرة فأحزن هذا أسماء بنت عميس ومن كانوا معها ودخلت يوما على أم المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب زوجة النبي صلى الله عليه وسلم زائرة فدخل عمر على حفصة وأسماء عندها فقال عمر حين رأى أسماء من هذه فقالت أسماء بنت عميس فقال عمر مازحا الحبشية فقالت أسماء نعم فقال لها عمر سبقناكم بالهجرة فنحن أحق برسول الله صلى الله عليه وسلم منكم فحزنت وغضبت غضبا شديدا وقالت كلا والله كنتم مع رسول الله يطعم جائعكم ويعظ جاهلكم وكنا في أرض البعداء البغضاء في الحبشة وذلك في الله وفي رسوله وأيم الله لا أطعم طعاما ولا أشرب شرابا حتى أذكر ما قلت لرسول الله صلي الله عليه وسلم ونحن كنا نؤذى ونخاف وسأذكر ذلك لرسول الله وأسأله ووالله لا أكذب ولا أزيغ ولا أزيد على ذلك فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم قالت يا نبي الله إن عمر قال كذا وكذا فقال صلى الله عليه وسلم ليس بأحق بي منكم وله ولأصحابه هجرة واحدة ولكم أنتم أهل السفينة هجرتان ففرحت أسماء وقالت فلقد رأيت أصحاب السفينة يأتونني إرسالا يسألونني عن هذا الحديث ما من الدنيا شئ هم به أفرح ولا أعظم في أنفسهم مما قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وجدير بالذكر أن السيدة أسماء بنت عميس كانت شخصية إيجابية تتحرك حبا في الله ولدينه ولرسوله وطلبا للعلم ويروى أنها لما رجعت من الحبشة مع زوجها جعفر ابن أبي طالب دخلت على نساء النبي فقالت هل نزل فينا شئ من القرآن قيل لا فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن النساء لفي خيبة وخسار قال ولم ذلك قالت لأنهن لا يذكرن بالخير كما يذكر الرجال فأنزل الله هذه الآية إنّ المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدّقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذّاكرين اللّه كثيرا والذّاكرات أعد اللّه لهم مغفرة وأجرا عظيما ومما يذكر أيضا أن السيدة سلمي بنت عميس شقيقة السيدة أسماء بنت عميس كانت بعد إستشهاد زوجها حمزة بن عبد المطلب قد أقامت في مكة وكان معها إبنتها أمامة فقام الإمام علي بإحضارها من مكة بعد عمرة القضية التي كانت في شهر ذى القعدة بالعام السادس للهجرة وبعد العودة من غزوة خيبر وقدوم مهاجرى الحبشة إلي المدينة المنورة تنافس علي كفالتها ثلاثة من الصحابة الكرام هم الإمام علي بن أبي طالب وشقيقه جعفر بن أبي طالب والصحابي زيد بن حارثة وحكموا الرسول صلي الله عليه وسلم بينهم فقضي بأن يكفلها جعفر بن ابي طالب لأن زوجته أسماء بنت عميس خالتها وأن الخالة بمثابة الأم .
ولم يكد ينقضي عام على مقام السيدة أسماء بنت عميس مع زوجها جعفر بن أبي طالب في المدينة المنورة حتى إستشهد في غزوة مؤتة في شهر جمادى الأولي عام 8 هجرية وكان هو القائد الثاني لجيش المسلمين بعد إستشهاد القائد الأول زيد بن حارثة وقد أحست بقلبها بأن شيئا قد جرى لزوجها حين دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا أسماء أين بنو جعفر تقول فجئت بهم إليه فضمهم وشمهم ثم ذرفت عيناه فبكى فقلت أى رسول الله لعلك أبلغت عن جعفر شئ قال نعم قتل اليوم قالت فقمت أصيح فإجتمع إلي النساء فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يا أسماء لا تقولي هجرا ولا تضربي صدرا فتماسكت وكانت من الصابرين فبشرها النبى بأن الله جعل لجعفر رضى الله عنه جناحين يطير بهما فى الجنة وقالت فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل على إبنته فاطمة وهي تقول واعماه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم على مثل جعفر فلتبك الباكية ثم قال إصنعوا لآل جعفر طعاما فقد شغلوا عن أنفسهم اليوم وبعد مرور عام زوج النبي محمد صلى الله عليه وسلم أبا بكر أسماء بنت عميس وذلك يوم حنين في شهر شوال في العام الثامن للهجرة وفي حجة الوداع خرج أبو بكر حاجا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لخمس بقين من شهر ذى القعدة في العام العاشر للهجرة وخرجت أسماء معه حتى إذا أتى ذا الحليفة ولدت أسماء محمدا بن أبي بكر وإحتاجت أن ترسل إلى النبي صلى الله عليه وسلم تسأله ماذا تفعل فأتى أبو بكر رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بالأمر فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأمرها أن تغتسل ثم تهل بالحج وتصنع ما يصنع الناس إلا أنها لا تطوف بالبيت وظلت السيدة أسماء مع زوجها أبي بكر حتى أصبح خليفة المسلمين وعاشت معه خلال سنوات خلافته وحتى وفاته فى شهر جمادى الثاني في عام 13 هجرية وكانت نعم الزوجة له حتى أنه أوصى بأن تتولى هى غسله وبالفعل نفذت وصيته ومرة أخرى ذاقت أسماء مرارة فقد الزوج ولكنها تماسكت كى تتولى تربية أبنائها وبعد إنقضاء عدتها تزوجت من أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأصبحت بذلك زوجة الأخوين الصحابيين جعفر بن أبي طالب وعلي بن أبي طالب ولما تولى الإمام على بن أبى طالب الخلافة أصبحت زوجة الخليفتين ومما يذكر أنه قد تفاخر في حضوره إبناها وقد كانا في كنفه محمد بن أبي بكر ومحمد بن جعفر فقال كل منهما أنا أكرم منك وأبي خير من أبيك فقال علي لأمهما إقض بينهما فقالت ما رأيت شابا من العرب خيرا من جعفر ولا رأيت كهلا خيرا من أبي بكر فقال علي ما تركت لنا شيئا ولو قلت غير الذى قلت لمقتك .
ومن جانب آخر كانت السيدة أسماء بنت عميس تحب الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وكانت متعلقة بآل البيت جميعا ولذا فقد سمت إثنين من أبنائها بإسم الرسول صلى الله عليه وسلم محمد بن جعفر بن أبي طالب ومحمد بن أبي بكر وبعد عودتها من الحبشة ظلت أسماء تخدم السيدة فاطمة حتى توفيت بعد وفاة الرسول صلي الله عليه وسلم بحوالي ست شهور وشاركت في غسلها بناءا على وصيتها وكانت هي أول من أشار بنعش المرأة وأول ما صنعته للسيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها وهو على شكل هودج كانت قد رأت النصارى يصنعونه بالحبشة وكانت رضي الله عنها قد قالت لأسماء إني أستقبح ما يصنع بالنساء تقصد حين موتهن يطرح على المرأة الثوب فيصفها فقالت أسماء يا إبنة رسول الله ألا أريك شيئا رأيته بالحبشة فدعت بجرائد رطبة فحنتها ثم طرحت عليها ثوبا فقالت فاطمة ما أحسن هذا وأجمله إذا مت فغسليني أنت وعلي زوجي ولا يدخلن أحد علي وفضلا عن ذلك كانت السيدة أسماء بنت عميس رضي الله عنها ممن يسألن النبي صلى الله عليه وسلم في كل شأن يعن لها أو واقعة تريد حكم الدين فيها وقد لاحظت أن أبناءها من جعفر تضمر أجسامهم وقد سألها النبي ذات مرة ما لي أرى أجسام بني أخي ضارعة أتصيبهم الحاجة قالت لا ولكن تسرع العين إليهم وبادرت الى سؤال النبي أفأرقيهم قال وبماذا قالت فعرضت عليه فأذن لها أن ترقيهم وقال صلى الله عليه وسلم لو كان شئ سابق القدر لسبقته العين وعلمت أسماء يوما أن فاطمة بنت أبي حبيش إستحيضت لمدة طالت أكثر من المعتاد في مثل هذه الأمور فلم تصل فسألت أسماء النبي عن حكم ذلك فقال صلى الله عليه وسلم سبحان الله هذا من الشيطان لتجلس في مركن فإذا رأت صفارة فوق الماء فلتغتسل للظهر والعصر غسلا واحدا وتغتسل للمغرب والعشاء غسلا ثم لتتوضأ فيما بين ذلك وقد أسند عنها الترمذى وأبو داود والنسائي وإبن ماجة وقال إبن حزم الأندلسي في كتابه أسماء الصحابة وما لكل واحد منهم من العدد إن لها ستين حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعدها الرقم 56 في ترتيب الصحابة من حيث الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد روى عنها رواة كثيرون منهم الإمام عبد الله بن عباس وزيد الخثعمي وسعيد بن المسيب وإبنها عبد الله بن جعفر بن أبي طالب وأبو داود وإبن ماجة وإبن أختها عبد الله بن شداد وعروة بن الزبير بن العوام وإبن ابنها القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق وعتبة بن عبد الله وأبو بردة بن أبي موسى الأشعرى وأبو يزيد المديني وفاطمة بنت على بن أبي طالب وفاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب وبنت إبنها أم عون بنت محمد بن جعفر بن أبي طالب وقد ظلت رضي الله عنها على مستوى المسؤولية التي وضعت لأجلها زوجة لآخر الخلفاء الراشدين الإمام علي بن أبي طالب وكانت على قدر هذه المسؤولية لما كانت تمر عليها من الأحداث الجسام حتى جاء على مسمعها نبأ مقتل ولدها محمد بن أبي بكر الصديق وأيضا زوجته في عام 38 هجرية في مصر وكان عمره 28 عاما والذى كان قد ولاه عليها الإمام علي بن ابي طالب وكان وقتها معاوية بن أبي سفيان فى صراع على الخلافة مع الخليفة الراشد الرابع الإمام على بن أبى طالب فأرسل جيشا لمحاربة جيش محمد بن أبى بكر بقيادة معاوية بن خديج الكندى وإلتقى الجيشان فإنهزم عسكر محمد بن أبى بكر وتم قتله بعد أن تم أسره أما زوجته فقد قتلت في دار الولاية بالفسطاط العاصمة فلما بلغها الخبر تلوت من الحزن والألم عليه وعكفت في مصلاها وحبست دمعها وحزنها وتمر الأيام وتتوالى الأحداث حتى تأتيها الفاجعة الأخيرة في حياتها وينعى إليها زوجها الخليفة علي كرم الله وجهه في شهر رمضان عام 40 هجرية أثناء خروجه من بيته بالكوفة لأداء صلاة الفجر علي يد رجل من الخوارج هو الشقي عبد الرحمن بن ملجم فأوجعتها المصيبة وراحت تكتم أحزانها وتطوى آلامها إلى أن أسلمت روحها الطاهرة لبارئها عز وجل بعد فترة قصيرة من وفاة زوجها رضي الله عنه وتوفيت رضي الله عنها أواخر عام 40 هجرية رحم الله السيدة أسماء بنت عميس هذه المرأة الجميلة المتميزة التى عاشت فى سنوات عمرها حيوات مختلفة كل واحدة منها تكفى عمرا بأكمله .
|