السبت , 9 ديسمبر 2023

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

الإمام مسلم بن الحجاج

الإمام مسلم بن الحجاج
عدد : 02-2023
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا"

الإمام مسلم بن الحجاج بن مسلم بن ورد بن كوشاذ القشيرى النيسابورى هو من أهم علماء النبوى الشريف عند أهل السنة والجماعة وهو مصنف كتاب صحيح مسلم الذي يعتبر ثاني أصح كتب الحديث بعد كتاب صحيح البخارى وهو أحد كبار الحفاظ حيث طلب الحديث صغيرا وكان أول سماع له عام 218 هجرية الموافق عام 833م وكان عمره آنذاك 12 عاما وكان العصر الذى عاش في جزء كبير منه الإمام مسلم وهو الذى إمتد خلال الربع الأول والثاني والثالث من القرن الثالث الهجرى المقابل للربع الثاني والثالث والرابع من القرن التاسع الميلادى عصرا حاسما في تاريخ الفكر الإسلامي حيث كان عصرا نشيطا نيرا إزدهرت فيه الثقافة العربية إزدهارا قويا ونمت خلاله العلوم ووضعت أشهر الكتب في مختلف المعارف وفيه لمعت شخصيات فذة ونبغ مفكرون عظماء وعلماء مشهورون في مختلف البقاع العربية والإسلامية وذلك علي الرغم من أنه لم تكن الأقطار الإسلامية تدين كلها آنذاك لخليفة واحد فإن الصلات لم تنقطع بين أهل تلك البلاد على تباعد المسافات فيما بينهم ولم يؤثر في صلاتهم والعلاقات فيما بينهم إتساع أطراف الأقاليم الإسلامية التي إمتدت إلى حدود الهند والصين شرقا وإلى المغرب الأقصى غربا وقد عاصر الإمام مسلم تسعة من الخلفاء العباسيين أثناء حياته والذين حكموا خلال الفترة من عام 198 هجرية وحتي عام 279 هجرية هم المأمون والمعتصم والواثق بالله والمتوكل علي الله ومحمد المنتصر بالله وأحمد المستعين بالله وأحمد المعتز بالله ومحمد المهتدى بالله والمعتمد وكان ميلاد الإمام مسلم في نيسابور وهي عاصمة إقليم خراسان بإيران حاليا عام 206 هجرية الموافق عام 821م في زمن الخليفة المأمون الخليفة العباسي السابع والذى كانت فترة خلافته فترة إزدهار عظيمة في تاريخ العصر العباسي الأول وفي تاريخ الأمة الإسلامية بوجه عام حيث شهد عصر المأمون نهضة حضارية كبيرة وإزدهارا علميا كبيرا وكان هذا بسبب تشجيع المأمون الناس على العلوم كالفلسفة والطب والرياضيات والفلك حيث أنه كان محبا للعلم والأدب وكان هو نفسه شاعرا وعالما وأديبا يحب الشعر ويجالس الشعراء ويشجعهم وكان يعجب بالبلاغة والأدب كما كان للفقه نصيب كبير من إهتمامه وكان العلماء والأدباء والفقهاء لا يفارقونه في حضر أو سفر وقد أدى تشجيعه للشعراء في أيامه إلى إعطاء الشعر دفعة قوية كما كان تشجيعه للعلوم والفنون والآداب والفلسفة ذا أثر عظيم في رقيها وتقدمها ونهضتها وإنبعاث حركة أدبية وعلمية زاهرة ونهضة فكرية عظيمة إمتدت أصداؤها من بغداد حاضرة العالم الإسلامي ومركز الخلافة العباسية آنذاك إلى جميع أرجاء المعمورة وبإختصار فقد إستطاع الخليفة المأمون أن يشيد صرحا حضاريا عظيما وأن يعطي للعلم دفعة قوية ظلت آثارها واضحة لقرون عديدة وعلاوة علي ذلك فقد كان من أهم وأبرز أعماله تأسيس جامعة الحكمة في بغداد وهي جامعة عربية فريدة ضمت مكتبة لنسخ الكتب ومراكز ترجمة كبيرة ترجم فيها الكتب اليونانية ونشر هذه الكتب بين الناس فإرتفعت ثقافة المسلمين ومن ثم إزدادت إبداعاتهم في كافة العلوم والمجالات كما قام الخليفة المأمون بإرسال البعوث إلى القسطنطينية والإسكندرية وأنطاكية وغيرها من المدن الكبرى للبحث عن مؤلفات علماء اليونان وأجرى الأرزاق على طائفة من المترجمين لنقل هذه الكتب إلى اللغة العربية والتي إكتسبت فى عهده مكانة مرموقة وأنشأ مرصدين أحدهما في حي الشماسية ببغداد والآخر في تدمر بسوريا وأمر الفلكيين برصد حركات الكواكب والنجوم كما أمر برسم خريطة جغرافية كبيرة للعالم وفضلا عن ذلك فقد شجع الخليفة المأمون المناظرات الكلامية والبحث العقلي في المسائل الدينية كوسيلة لنشر العلم وإزالة أوجه الخلاف بين العلماء مما أدى إلى إزدياد قوة نفوذ العلماء في الدولة وكان من أشهرهم أبو عثمان الجاحظ .

وقد نشأ الإمام مسلم بن الحجاج في أسرة كريمة وتأدب في بيت علم وفضل حيث كان أبوه فيمن يتصدرون حلقات العلم ولذا عني بتربية ولده وتعليمه فنشأ شغوفًا بالعلم مجدا في طلبه محبا للحديث النبوى الشريف فسمع وهو طفل صغير في الثامنة من عمره من مشايخ بلدته نيسابور والتي كانت آنذاك من أهم المراكز العلمية في العالم الإسلامي وخصوصاً فيما يتعلق بالحديث النبوى الشريف وعلومه وقد إشتهرت بعلو أسانيدها حتى أن المؤرخ المصرى الكبير وعالم الحديث والتفسير والأدب الشهير شمس الدين أبو الخير السخاوى والذى كان من أعلام مؤرخي عصر المماليك وصفها بدار السنة والعوالي وكان أول شيخ يجلس إليه ويسمع منه الإمام مسلم بنيسابور هو يحيى بن بكير التميمي وكانت جلسة مباركة أورثت في قلب الطفل الصغير النابه حب الحديث فلم ينفك يطلبه ويضرب في الأرض ليحظى بسماعه وروايته عن أئمته الأعلام وتذكر كتب التراجم والسير أن الإمام مسلم كان يعمل بالتجارة وكانت له أملاك وضياع مكنته من التفرغ للعلم والقيام بالرحلات الواسعة إلى الأئمة الأعلام الذين ينتشرون في بقاع كثيرة من العالم الإسلامي وقد أخذ الإمام مسلم العلم أولا عن شيوخ بلاده وسمع الكثير من مروياتهم ثم كانت له رحلة واسعة في طلب الحديث طاف خلالها البلاد الإسلامية عدة مرات فرحل قبل أن يكمل عامه الخامس عشر إلى بلاد الحجاز لأداء فريضة الحج والسماع من أئمة الحديث وكبار الشيوخ وزار كل من مكة المكرمة والمدينة المنورة ثم إرتحل إلي بلاد العراق حيث زار مدن البصرة وبغداد والكوفة ثم إرتحل إلي بلاد الشام ومنها إلي مصر ثم إرتحل إلي الرى وقد إستغرقت رحلته هذه قرابة الخمسة عشرة عاما قضاها في طلب الحديث ولقي فيها عددا كبيرا من الشيوخ والفقهاء والأئمة وجمع ما يزيد على ثلاثمائة ألف حديث وقد أثنى عليه علماء عصره ومن جاءوا بعدهم وإعترفوا له بإمامته وبالتقدم والإتقان في علم الحديث كما قدموا صحيحه على غيره من المؤلفات ولم يخالف أحد من العلماء في عظم قدره وإمامته وتمكنه في علم الحديث ومما يذكر أنه كان من شيوخه والذين أخذ عنهم الحديث محمد بن يحيى الذهلي إمام أهل الحديث بخراسان والحافظ الدارمي أحد الأئمة الحفاظ وصاحب مسند الدارمي وعبد الله بن مسلمة المعروف بالقعنبي وأبو زرعة الرازى محدث الرى المعروف والإمام أحمد بن حنبل وإسحق بن راهويه وغيرهم وتتلمذ على يد الإمام محمد بن إسماعيل البخارى وقد لازمه وإتصل به وبلغ من حبه له وإجلاله لمنزلته أن قال له دعني حتى أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين وسيد المحدثين وطبيب الحديث في علله .

ومن الناحية التاريخية فإن السنة النبوية الشريفة لم تدون في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كما دون القرآن الكريم وإنما كانت محفوظة في الصدور ونقلها الصحابة الكرام إلى من بعدهم من التابعين مشافهة إلا ما كان لبعض الصحابة من صحف يدونون فيها بعض ما سمعوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما كما أن الخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب كان قد فكر في تدوينها ولكنه عدل عن ذلك وفيما بعد بدأ تدوين الحديث النبوى الشريف رسميا في خلافة الخليفة الأموى الثامن الملقب بالخليفة الراشد الخامس عمر بن عبد العزيز ما بين عام 99 هجرية وعام 101 هجرية بإشارة منه فقد كتب إلى الأمصار يأمر العلماء بجمع الحديث النبوى الشريف وتدوينه وكان فيما كتبه إلى أبي بكر بن حزم عامله وقاضيه على المدينة المنورة إنظروا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فإكتبوه فإني خفت دروس العلم وذهاب أهله ومنذ ذلك الوقت بدأ العلماء في همة عالية وصبر جميل يجمعون أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ويدونونها في كتب ولم تكن المهمة يسيرة أو المسئولية سهلة وتكاد تفوق في عظمها وجسامة المسئولية جمع القرآن الكريم الذى تم في عهد الخليفة الراشد الأول أبي بكر الصديق رضي الله عنه علي يد الصحابي الجليل زيد بن ثابت الأنصارى كما أن القرآن الكريم كان محفوظا في صدور الصحابة الكرام على الترتيب الموجود بين أيدينا ويصعب أن يختلط بغيره أما السنة النبوية فقد كان أئمتها متفرقين في البلاد وكان من غير المعلوم عدد أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ومن ناحية أخرى كان الكذابون والوضاعون قد أدخلوا في الحديث ما ليس من كلام النبي محمد صلى الله عليه وسلم وكان هذا مكمن الصعوبة ويحتاج إلى مناهج غاية في الدقة والصرامة لتبين الحديث الصحيح من غيره وهذا ما قام به جهابذة وأئمة علم الحديث العظام وفي عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز لم يدون كل ما في المدينة المنورة من سنة وأثر وإنما فعل هذا أبو بكر بن شهاب الزهرى والذى كان قد ولد في آخر خلافة الخليفة الأموى الأول معاوية بن أبي سفيان وذكره العلامة محمد بن سعد البغدادى في الطبقة الرابعة من أهل المدينة المنورة وكان معاصرا للخليفة عمر بن عبد العزيز والذى كان يأمر جلساءه أن يذهبوا إليه لأنه لم يبق على وجه الأرض أحد أعلم بالسنة منه فدون كل ما سمعه من أحاديث وأقوال للصحابة وقد أسند الزهرى أكثر من ألف حديث عن الثقات وبلغ مجموع ما جمعه من أحاديث عدد 2200 حديث .


وبذلك كان الزهرى أول من وضع حجر الأساس في تدوين السنة النبوية المشرفة ثم شاع التدوين في الجيل الذي يلي جيل أبو بكر بن شهاب الزهرى وفي منتصف القرن الثاني الهجرى بدأ تأليف الكتب في الحديث فكان أول من جمع الحديث في مكة المكرمة هو أبو الوليد عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج البصرى المتوفى ببغداد عام 150 هجرية الموافق عام 768م ومحمد بن إسحاق المتوفى عام 151 هجرية الموافق عام 769م في المدينة المنورة ومعمر بن راشد المتوفى عام 153 هجرية الموافق عام 770م في اليمن وسعيد بن أبي عروبة المتوفى عام 156 هجرية الموافق عام 772م في البصرة والليث بن سعد المتوفى عام 175 هجرية الموافق عام 791م في مصر والإمام مالك بن أنس المتوفى عام 179 هجرية الموافق عام 795م في المدينة المنورة وكانت معظم المؤلفات التي وضعها هؤلاء الصفوة الكرام تضم الحديث النبوى الشريف وفتاوى الصحابة الكرام والتابعين وتابعي التابعين رضي الله عنهم أجمعين كما هو واضح في كتاب الموطأ للإمام مالك بن أنس الذى ضم ثلاثة آلاف مسألة وسبعمائة حديث ثم تلا ذلك قيام بعض الحفاظ بإفراد أحاديث النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في مؤلفات خاصة بها فظهرت كتب المسانيد التي جمعت الأحاديث النبوية الشريفة دون فتاوى الصحابة والتابعين رضي اللهم عنهم وتجمع الأحاديث النبوية الشريفة التي رواها كل صحابي تحت عنوان مستقل يحمل إسمه ويعد مسند الإمام أحمد بن حنبل هو أشهر كتب المسانيد وأوفاها فضلا عن كونه أكبر دواوين السنة فلما جاء القرن الثالث الهجري نشطت حركة الجمع والنقد وتمييز الأحاديث الصحيحة من الضعيفة ومعرفة الرجال ودرجاتهم من الضبط والإتقان وحالهم من الصلاح والتقوى أو الهوى والميل ولذا ظهرت الكتب التي رأى أئمة الحفاظ أن تجمع الحديث الصحيح فقط وفق شروط صارمة ومناهج محكمة وكان أول من صنف في الحديث النبوى الصحيح هو الإمام البخارى في كتابه صحيح البخارى ثم تبعه تلميذه الإمام مسلم في كتابه صحيح مسلم . وكان حقا ما طير إسم الإمام مسلم بن الحجاج وأذاع شهرته هو كتابه العظيم المشار إليه في السطور السابقة والمعروف بصحيح مسلم ولم يعرف العلماء قدر صاحبه ومعرفته الواسعة بفنون الحديث إلا بعد فراغه من تأليف هذا الكتاب والذى به عرف وإشتهر فنجد الإمام النووى يقول في مقدمة شرحه لصحيح مسلم وأبقى له به ذكرا جميلا وثناءا حسنا إلى يوم الدين وقد بدأ الإمام مسلم في تأليف الكتاب في سن مبكرة في بلدته نيسابور بعد أن طاف بالبلاد وقابل العلماء وأخذ عنهم وكان عمره حين بدأ عمله المبارك في هذا الكتاب تسعا وعشرين عاما وإستغرق في تأليفه خمس عشرة عاما حتى أتمه في عام 250 هجرية الموافق عام 864م على الصورة التي بين أيدينا اليوم وقد جمع الإمام مسلم أحاديث كتابه وإنتقاها من ثلثمائة ألف حديث سمعها من شيوخه في خلال رحلاته الطويلة في الأقطار الإسلامية وهذا العدد الضخم خلص منه إلى عدد 3033 حديثا من غير تكرار في حين يصل أحاديث الكتاب بالمكرر ومع الشواهد والمتابعات إلى عدد 7395 بالإضافة إلى عشرة أحاديث ذكرها في مقدمة الكتاب وهذه الأحاديث التي إنتقاها رتبها ترتيبا حسنا وجعلها سهلة التناول فرتبها على أجزاء وجعل كل جزء يحوى أبوابا تندرج تحته وقد بلغت أجزاء الصحيح حسب ترقيم العالم الجليل والباحث والمؤلف المصرى المتخصص في الحديث النبوى الشريف محمد فؤاد عبد الباقي عدد 54 جزءا كان أولها الإيمان ويندرج تحته عدة أبواب مثل باب إن الدين النصيحة وباب بيان خصال المنافق وبيان تحريم الكبر وتلا جزء الإيمان الجزء الخاص بالطهارة ثم الخاص بالحيض ثم الخاص بالصلاة وينتهي صحيح مسلم بالجزء الخاص بالتفسير وهو الجزء الرابع والخمسون وإلتزم الإمام مسلم بأن جعل لكل حديث موضعا واحدا جمع فيه طرقه التي إرتضاها وإختار فيه أسانيده المتعددة وألفاظه المختلفة فسهل بذلك على الطالب النظر في وجوه الحديث وما بين سنده ومتنه من فروق وقد تلقت الأمة بالقبول كتاب صحيح مسلم وقرنته بصحيح البخارى وعدت ما فيهما من الحديث صحيحا مقطوعا بصحته وقارن بعض العلماء بينهما ومال بعضهم إلى تفضيل صحيح مسلم على نظيره صحيح البخارى لكن الذى نص عليه المحققون من أهل العلم أن كتاب صحيح البخارى أفضل من حيث الصحة وكتاب صحيح مسلم أفضل من حيث السهولة واليسر حيث يسوق الأحاديث بتمامها في موضع واحد ولا يقطعها في الأبواب مثلما فعل البخارى وقد إعتنى العلماء بكتاب صحيح مسلم وخدموه خدمة عظيمة فوضعوا له عشرات الشروح وكان من أشهر هذه الشروح إكمال المعلم بفوائد مسلم للإمام العلامة شيخ الإسلام القاضي أبو الفضل عياض بن موسى الأندلسي والمنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج للإمام المحدث والفقيه واللغوى يحيي بن شرف النووى وإكمال العلم لعالم الحديث والففيه والمفسر محمد بن خلفة التونسي المعروف بالأبي والشروح الثلاثة مطبوعة ومتداولة وإمتدت العناية إلى رجال صحيح مسلم فصنف كثير من العلماء في هذا الإتجاه مثل كتاب رجال صحيح الإمام مسلم بن الحجاج للفقيه وراوى الحديث إبن منجويه الأصبهاني النيسابورى ورجال الإمام مسلم بن الحجاج لإبن شبرين الأنصارى وتسمية رجال صحيح مسلم الذين إنفرد بهم عن البخارى للمؤرخ شمس الدين الذهبي وبلغت عناية العلماء بكتاب صحيح مسلم أن وضعوا له مختصرات وجردوه من أسانيد وأحاديثه المكررة مثل مختصر صحيح مسلم للفقيه والمحدث والمفسر أبي عبد الله القرطبي والجامع المعلم بمقاصد جامع مسلم للمحدث والمؤرخ زكي الدين أبو محمد المنذرى وجمع بعض العلماء بين الصحيحين في كتاب واحد مثل الجمع بين الصحيحين للعالم وراوى الحديث والفقيه محمد بن عبد الله الجوزقي والجمع بين الصحيحين للإمام والفقيه والمحدث الحافظ البغوى وزاد المسلم فيما إتفق عليه الإمامان البخارى ومسلم للعلامة محمد حبيب الله الشنقيطي واللؤلؤ والمرجان فيما إتفق عليه الشيخان البخارى ومسلم للعالم الجليل محمد فؤاد عبد الباقي وقد طبع كتاب صحيح مسلم طبعات عديدة منفردا مرات عديدة ومقرونا مع شرح له مرات أخرى غير أن أفضل طبعاته هي التي حققها العالم الجليل محمد فؤاد عبد الباقي ورقم أحاديثها ووضع لها فهارس تفصيلية .

وبعد أن أنهي الإمام مسلم بن الحجاج كتابه الشهير صحيح مسلم ظل ببلدته نيسابور وكان يقوم بعقد حلقات العلم التي يؤمها طلابه والمحبون لسماع أحاديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم وكان من أشهر تلاميذه الذين رحلوا إليه الإمام والمحدث والفقيه وعالم الحديث محمد بن عيسى الترمذى والفقيه وعالم الحديث يحيى بن صاعد والإمام والفقيه محمد بن إسحق بن خزيمة النيسابورى والإمام وعالم الحديث أبو بكر محمد بن النضر الجارودي النيسابورى وغيرهم كما شغل وقته بالتأليف والتصنيف حتى إن الليلة التي توفي فيها كان مشغولا بتحقيق مسألة علمية عرضت له في مجلس مذاكرة فنهض لبحثها وقضى ليله في البحث لكنه لقي ربه قبل أن ينبلج الصباح في يوم 25 من شهر رجب عام 261 هجرية الموافق يوم 6 من شهر مايو عام 875م وهو في الخامسة والخمسين من عمره ودفن في مقبرته بمنطقة نصر آباد في مدينة نيسابور ومما يذكر عن الإمام مسلم أيضا أنه كانت له مصنفات أخرى غير كتابه صحيح مسلم في علم الحديث وعلم الرجال طبع منها كتاب التمييز وهو كتاب يوضح منهج المحدثين في نقد الحديث وقد فقد جزء كبير منه وطبع الجزء المتبقي بتحقيق عالم الحديث الهندى المسلم محمد مصطفى الأعظمي وكتاب رجال عروة بن الزبير وجماعة من التابعين وكتاب المنفردات والوحدان ويذكر فيه تسمية من روى عنه رجل أو إمرأة حفظ أَو حفظت عن النبي محمد صلي الله عليه وسلم شيئا من قول أو فعل ولا يروى عن كل واحد منهم إِلا واحد من مشهور التابعين لا ثاني معه في الرواية فيما حفظ وكتاب الطبقات أو طبقات مسلم وغير هذه الكتب فقد كان له أيضا العديد من المؤلفات لكن أغلبها للأسف الشديد مفقود وأخيرا ننهي حديثنا عن الإمام مسلم بأقوال بعض العلماء عنه حيث قال عنه المحدث محمد بن بشار البصرى والذى كان من حفاظ الحديث الثقات حفاظ الدنيا أربعة أبو زرعة الرازى بالرى ومسلم بن الحجاج بنيسابور وعبد الله الدارمي بسمرقند ومحمد بن إسماعيل البخارى ببخارى وقال الإمام المحدث والنحوى محمد بن أحمد بن حمدان الحيرى سألت المحدث حافظ الحديث أبا العباس بن سعيد بن عقدة أيهما أحفظ البخارى أو مسلم فقال كان الإمام البخارى عالما ومسلم عالما فأعدت عليه مرارا فقال يقع للبخارى الغلط في أهل الشام وذلك لأنه أخذ كتبهم ونظر فيها فربما ذكر الرجل بكنيته ويذكر في موضع آخر بإسمه يظنهما إثنين وأما الإمام مسلم فقلما يوجد له غلط في العلل لأنه كتب المسانيد ولم يكتب المقاطيع ولا المراسيل وقال أَبو عبد الرحمن السلمي رأيت شيخا حسن الوجه والثياب عليه رداء حسن وعمامة قد أَرخاها بين كتفيه فقيل لي هذا الإمام مسلم فتقدم أصحاب السلطان فقالوا قد أمر أمير المؤمنين أن يكون الإمام مسلم بن الحجاج إماما للمسلمين فقدموه في الجامع فكبر وصلي بالناس وقال إبن حجر العسقلاني الملقب بشيخ الإسلام وأمير المؤمنين في الحديث حصل للإمام مسلم بن الحجاج في كتابه حظ عظيم مفرط لم يحصل لأحد مثله بحيث أن بعض الناس كان يفضله على كتاب صحيح محمد بن إسماعيل البخارى وذلك لما إختص به من جميع الطرق وجودة السياق والمحافظة على أداء الألفاظ كما هي من غير تقطيع ولا رواية بمعنى وقد نسج على منواله جماعةٌ عن النيسابوريين فلم يبلغوا منزلة الإمام مسلم بن الحجاج وحفظت منهم أكثر من عشرين إماما ممن صنف المستخرج على الإمام مسلم فسبحان الله المعطي الوهاب وقال الإمام الحافظ أبو عبد الله محمد بن يعقوب بن الأَخرم النيسابورى إِنما أخرجت نيسابور ثلاثة رجال من علماء ورواة الحديث محمد بن يحيي ومسلم بن الحجاج وإبراهيم بن أبي طالب وقال الإمام العلامة عبد الرحمن بن أَبي حاتم كان الإمام مسلم بن الحجاج ثقة من الحفاظ كتبت عنه بالرى وسئل أَبي عنه فقال صدوق وقال عنه الفقيه الحنبلي وعالم الحديث إسحق الكوسج لن نعدم الخير ما أبقاك الله للمسلمين وقال عالم الحديث الحافظ الفقيه أحمد بن سلمة رأيت عالما الحديث أبا زرعة الرازى وأبا حاتم يقدمان الإمام مسلم بن الحجاج في معرفة الصحيح على مشايخ عصرهما وقال الفقيه محمد بن عبد الوهاب الفراء كَان الإمام مسلم بن الحجاجِ من علماء الناس ومن أوعية العلم وقال عالم الحديث مسلمة بن قاسم القرطبي كان الإمام مسلم بن الحجاج ثقة جليل القدر من الأئمة.
 
 
الصور :
كتاب صحيح مسلم قبر الإمام مسلم بنيسابور