بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا"
الإمام أبو عيسي محمد بن عيسي بن سورة بن موسى بن الضحاك السلمي الترمذى هو من كبار حفاظ الحديث النبوى الشريف ويعد من أعلامه وصاحب أحد كتب الحديث النبوى الشريف الستة المشهورة بكتابه المعروف بسنن الترمذى وكانت الكتب الخمسة الأخرى هي صحيح البخارى وصحيح مسلم وسنن النسائي وسنن أبي داود وسنن إبن ماجة كما أن للإمام الترمذى عدة مصنفات أخرى مثل الشمائل وأسماء الصحابة وقد بلغ مبلغا يذكره التاريخ في الإتقان في عمله كذلك ضرب به المثل في الحفظ حيث كان علم الأحاديث يتطلب هذه المهارة التي نجدها عند جل علماء الحديث وهم يتنقلون بين البلدان في مهام لم تكن بالسهلة في زمن كانت الحياة فيه ليست كاليوم وقد عاش الترمذى في أوائل القرن الثالث الهجرى وحتي أوائل ربعه الأخير ويعد هذا العصر عصر إزدهار علم الحديث إبان العصر الذهبي للدولة العباسية حيث كان ذلك القرن هو قرن الحديث النبوى الشريف بلا منازع ونشطت خلاله حركة الجمع والنقد وتمييز الأحاديث الصحيحة من الضعيفة ومعرفة الرجال ودرجاتهم من الضبط والإتقان وحالهم من الصلاح والتقوى أو الهوى والميل وذلك بعد أن كان الكذابون والوضاعون خلال القرن الثاني الهجرى قد أدخلوا في الحديث ما ليس من أحاديث وكلام النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وكان هذا مكمن الصعوبة ومن ثم كان الأمر يحتاج إلى مناهج غاية في الدقة والصرامة لتبين الحديث الصحيح من غيره وهذا ما قام به جهابذة وأئمة علم الحديث النبوى الشريف العظام ولذا ظهرت الكتب التي رأى أئمة الحفاظ أن تجمع الحديث النبوى الصحيح فقط وفق شروط صارمة ومناهج محكمة ومن ثم فقد ظهر فيه علماء وأئمة الحديث النبوى الشريف الذين بذلوا جهدا خارقا لا يمكن إنكاره في جمعه بكل دقة وكان علي رأسهم ومن أبرزهم أصحاب الكتب المذكورة في السطور السابقة وهم الإمام محمد بن إسماعيل البخارى صاحب كتاب صحيح البخارى والإمام مسلم بن الحجاج بن مسلم صاحب كتاب صحيح مسلم والإمام أحمد بن شعيب النسائي صاحب كتاب سنن النسائي والإمام أبو داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير الأزدى السجستاني صاحب كتاب سنن ابي داود والإمام أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجة صاحب كتاب سنن إبن ماجة وفضلا عن علم الحديث كان الإمام الترمذى هو أول من تحدث في علم الفقه المقارن أو علم الخلاف والذى يعد من علوم الفقه الإسلامي والذى يبحث في حكم مسألة فقهية معينة إختلف الفقهاء في حكمها تبعا لإختلافهم في الدليل أو فهمه ومناقشة كل مذهب مع دليله وصولا إلى الراجح من هذه الآراء كما أنه يتطرق أيضا إلى المسائل الفرعية التي إختلف فيها فقهاء الشريعة ومجتهدوها من أئمة المذاهب الفقهية المعروفة وغيرهم ممن سبقهم أو لحق بهم من المجتهدين علما بأن هناك كثير من المسائل الفرعية التي إختلف فيها الفقهاء والمجتهدون ونقلت إلينا بأدلتها المختلفة أو وجهات نظرهم في الدليل الواحد الذى يحتمل عدة أوجه وكان ميلاد الإمام الترمذى في أوائل القرن الثالث الهجرى في عام 209 هجرية الموافق عام 824م في قرية بوغ وهي إحدى القرى التابعة لمدينة ترمذ التي تقع اليوم على مجرى نهر جيحون بالجهة الشرقية لجمهورية أوزبكستان والذي يعرف اليوم بإسم نهر أموداريا ومن مدينته إكتسب لقبه كما كان متبعا حينذاك حيث كان العلماء والفقهاء يلقبون ببلدانهم أو أقاليمهم مثل الإمام البخارى المنتسب إلي مدينة بخارى إحدى مدن أوزبكستان حاليا والإمام الطبرى المنتسب إلي إقليم طبرستان والذى يقع في شمال دولة إيران وفي جنوب غرب دولة تركمانستان اليوم ويمتد في معظمه على الساحل الجنوبي لبحر قزوين والإمام القرطبي المنتسب إلي مدينة قرطبة ببلاد الأندلس .
وقضى الإمام الترمذى طفولته بقريته ثم لما وصل لسن الصبا والشباب تلقى العلم في صباه على علماء بلاده والعلماء القادمين إليها وإلى ما جاورها وكان من أوائل شيوخه أحد أئمة المسلمين وعلماء الدين الكبار وهو الإمام إسحاق بن راهويه الملقب بالإمام الكبير وشيخ المشرق وسيد الحفاظ والذى إجتمع له الحديث والفقه والحفظ والصدق والورع والزهد وهو صاحب مذهب من المذاهب المندثرة وإرتحل بعد ذلك الإمام الترمذى إلى إقليم خراسان طلبا للعلم والذى يقع حاليا شمال غرب أفغانستان مثل مدينة هراة وأجزاء من جنوب جمهورية تركمانستان إضافة لمقاطعة خراسان الحالية في إيران وزار مدنه الكبرى حيرات ونيسابور وبلخ ومرو وطوس والتي تعرف بإسم مشهد اليوم وأعقب ذلك بالسفر إلى بلاد العراق وأخذ الفقه من أهل الرأى بمدينة الكوفة كالإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان وأصحابه والفقيه والمفتي والقاضي الكوفي محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصارى وغيرهما وفي بلاد العراق أيضا درس أقوال الأئمة أحمد بن حنبل وإسحق بن راهويه وسفيان الثورى فجمع بذلك علم الفقه إلى علم الحديث ثم إنتقل بعد ذلك إلي بلاد الحجاز وأخذ فقه أهل الرأى بها حيث تلقى فقه الإمام مالك عن القاضي والفقيه إسحق بن موسى الأنصارى المدني والفقيه والقاضي أبي مصعب الزهرى تلميذ الإمام مالك وتلقى عن الإمام العلامة وراوى الحديث الحسن الزعفراني تلميذ الإمام الشافعي ومما يذكر أن الإمام الترمذى لم يزر مصر وبلاد الشام بخلاف ما كان سائدا من جانب العلماء في زمانه إلا أنه روى عن علماءهم بالوساطة وقيل أيضا أنه لم يدخل بغداد ويرجع ذلك إلى إضطراب الأحوال وإنتشار الفتن في زمن وجوده ببلاد العراق وكانت علاقة الإمام الترمذي بالإمام البخارى وثيقة فقد تفقه على يده ورافقه في الفترة التي أقام فيها بمدينة نيسابور عاصمة إقليم خراسان وتعلم منه كيفية إستنباط الأحكام وقال عن ذلك إن ما أخذته من ذكر العلل في الأحاديث النبوية الشريفة والرجال والتاريخ فهو ما إستخرجته من كتب التاريخ وأكثر ذلك ما ناظرت به الإمام محمد بن اسماعيل البخارى ومنه ما ناظرت به الإمامين عبد الله بن عبد الرحمن الدرامي وأبا زرعة الرازى وأكثر ذلك عن الإمام البخارى ولم أر أحدا بالعراق ولا بخراسان في معنى العلل والتاريخ ومعرفة الأسانيد أعلم من محمد بن إسماعيل البخارى ولما مات البخارى في عام 870م صار الإمام الترمذى هو العالم الذي يشار إليه في خراسان وظل هكذا حتي وفاته والتي كانت بعد وفاة البخارى بإثنين وعشرين عاما ويروى أنه حزن علي وفاة معلمه الإمام البخارى حزنا شديدا وبكى كثيرا على موته .
وأثناء الرحلة الطويلة للإمام الترمذى في خراسان والعراق والحجاز جمع الكثير من الأحاديث والروايات ولكنه لم يدون منها في كتابه الجامع والمعروف بإسم سنن الترمذى والذى يعد أشهر كتبه إلا عدد 3956 حديثا حيث إشترط في أحاديث الأحكام التي يرويها في كتابه السنن أن تكون هذه الأحاديث قد عمل بها الفقهاء وإستدلوا بها على مذاهبهم وقال الترمذى عن ذلك إن جميع ما في هذا الكتاب من الحديث هو معمول به وبه أخذ بعض أهل العلم ما عدا حديثين كما أنه إشترط في كل حديث يرويه أن لا يكون في إسناده من يتهم بالكذب وأن لا يكون الحديث شاذا وأن يروى من أكثر من وجه وسمى هذا الحديث بهذه المواصفات حديثا حسنا وهو ليس بمعنى الحديث الحسن الذى إختاره علماء الحديث لاحقا ولهذا فقد جاء عامة ما في جامع الترمذى من نوع الأحاديث المقبولة الصحيحة والحسنة وفيها ما حكم بضعفه المحدثون لتدني شرطه عن شرط الشيخين البخارى ومسلم وجدير بالذكر أن غالب ما تضمنه كتاب السنن للترمذى من أحاديث هو أحاديث الأحكام كالمناقب والآداب والتفسير والعقائد والفتن مقسمة على أبواب متفرقة منها الطهارة والصلاة والزكاة والصوم والحج والعمرة والجنائز وغيرها وقد إعتبر أحد كتب متون الحديث الستة المشهورة التي ذكرناها في السطور السابقة وهي أهم كتب الأصول أى التي نقلت الأحاديث بأسانيدها الكاملة من المصنف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم دون إختصار أو تجريد للأسانيد وجدير بالذكر أن طريقة الإمام الترمذى في كتابه السنن أنه يترجم للمسألة أى يضع عنوانا للباب أو القسم ثم يورد فيه حديثا أو أكثر ثم يتبع ذلك بآراء الفقهاء في المسألة ومدى عملهم بحديثه ثم يتكلم عن درجة الأحاديث تصحيحا وتحسينا وتضعيفا ويتكلم في الرواة والأسانيد والعلل الكائنة فيها ثم يذكر طرق الحديث الأخرى ولكن وعلى جلالة قدر هذا المصنف العظيم إلا أن العلماء قد تعددت آراؤهم في ترتيبه بين الكتب الستة فمنهم من يقدمه بعد صحيح البخارى وصحيح مسلم فيكون الثالث ومنهم من يؤخره ليكون الخامس ووجهة نظر من جعل ترتيبه الثالث هو كثرة فوائده المتعلقة بترتيب الحديث والكلام على الرواة وتخريج الأحاديث وذكر الشواهد ومستند من جعل ترتيبه الخامس أن شرطه لتدوين الحديث النبوى الشريف أضعف من شرط الإمامين أبي داود السجستاني وأحمد بن شعيب النسائي حتى أنه روى لبعض الرواة المتروكين ومن زاوية أخرى يمتاز جامع الترمذى عن بقية كتب السنة الأخرى بحسن ترتيبه وعدم تكرار أحاديثه وبذكره لمذاهب الفقهاء ولوجوه الإستدلال بالحديث وبحكمه على الحديث وبيان أنواعه من الصحيح والحسن والضعيف والغريب والمعلل بالعلل وغير ذلك ويمتاز أيضا ببيان أسماء الرواة وألقابهم وكناهم ونحوها من الفوائد المتعلقة بعلم الرجال وفضلا عن ذلك فقد إشتمل على التعديل والتجريح ومن أدرك النبي الكريم محمد صلي الله عليه وسلم ومن لم يدركه ممن أسند عنه في كتابه وتعديد من روى ذلك وقد قال الإمام الحافظ زين الدين بن رجب الحنبلي عن ذلك أعلم أن الإمام الترمذى خرج في كتابه الصحيح والحسن والغريب والغرائب التي خرجها فيها بعض المنكر ولا سيما في كتاب الفضائل ولكنه يبين ذلك غالبا ولا أعلم أنه خرج عن متهم بالكذب متفق على إتهامه بإسناد منفرد نعم قد يخرج عن سئ الحفظ ومن غلب على حديثه الوهن ويبين ذلك غالبا ولا يسكت عنه هذا وقد إعتنى بشرح سنن الترمذى عدد من العلماء وصنفوا في ذلك شروحا مهمة ومن هذه الشروح عارضة الأحوذى بشرح صحيح الترمذى من تأليف عالم أهل الأندلس القاضي والفقيه أبي بكر بن العربي المالكي الإشبيلي وتحفة الأحوذى بشرح جامع الترمذى من تأليف الفقيه وعالم الحديث الهندى عبد الرحمن المباركفوري ومعارف السنن شرح جامع الترمذى من تأليف الفقيه والعالم والمجاهد الباكستاني محمد يوسف البنورى .
وبخلاف كتاب سنن الترمذى كان للإمام الترمذى كتب أخرى منها الشمائل المحمدية وهو أحد كتب السيرة النبوية الشريفة وقد ذكر الإمام الترمذي في هذا الكتاب صفات وخلق النبي الكريم محمد صلي الله عليه وسلم صحيحة وموثقة وشرح فيه وبين لنا الشمائل والأخلاق والآداب التي تحلى بها للتأسي به سلوكا وعملا وإهتداءا وذكر فيه أيضا مواقف عديدة من حياته ووصف مرضه الأخير ولحظات وفاته وقد بذل فيه الإمام الترمذى جهدا كبيرا يدل على كثرة حفظه وإتساع روايته فقسمه إلى عدد 56 بابا وجمع فيه عدد 397 حديثا ويعد هذا الكتاب مصدرا في غاية الأهمية وإعتباره من المصادر الكثيرة التي حفظت شمائل النبي محمد صلي الله عليه وسلم وقد تم تقسيم هذا الكتاب إلي 56 بابا وجعل لكل باب عنوان يتضمن إشارة مختصرة إلى ما تشتمل عليه أحاديث الباب وعقب الترمذى على بعض النصوص التي أوردها بالشرح والبيان والإيضاح تارة وبالكلام على الأسانيد تارة أخرى تصحيحا وتضعيفا وترجيحا لوجه على وجه أو بيانا لإسم راو ورد في السند مبهما ونحو ذلك وتارة ثالثة يجمع بين الشرح والكلام على الأسانيد وكان من أهم أبواب الكتاب باب ما جاء في خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وباب ما جاء في خاتم النبوة وباب ما جاء في شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد إشتمل الكتاب على 415 نصا مسندا وهي تتنوع بين أحاديث مرفوعة قولية وفعلية وآثار موقوفة على الصحابة والتابعين رضي الله عنهم وجدير بالذكر أن هذا الكتاب قد طبع عدة طبعات بغير إسمه الأصلي الشمائل المحمدية كان من أشهرها شمائل النبي بتحقيق الفقيه الشافعي السورى عزت عبيد الدعاس عام 1968م وأيضا بإسم أوصاف النبي الكريم بتحقيق سميح عباس وصدر عن دار الجيل بالعاصمة اللبنانية بيروت عام 1985م وبخلاف هذه الطبعات يوجد أيضا شروح لكتاب سنن الترمذى منها كتاب أشرف الوسائل إلى فهم الشمائل للإمام والفقيه صاحب المصنفات في الفقه الشافعي والمؤرخ والمحدث أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي المكي المتوفي عام 974 هجرية والذى يقول عنه مؤلفه هذه عجالة نلقيها على مشكل شمائل الإمام الحافظ أبي عيسى محمد بن سوْرة الترمذى لما قرئ علي في شهر رمضان من سنة تسع وأربعين وتسعمائة بالمسجد الحرام المكرم وسميتها أشرف الوسائل إلى فهم الشمائل أسأل الله قبولها آمين وكان أيضا من تلك الشروح كتاب الوصائل في شرح الشمائل والمكون من عدد حوالي 600 صفحة في مجلدين للمفتي والحافظ لكتاب الله الباكستاني ثناء الله المدني المتوفي عام 1442 هجرية والذى كان أيضا من ضمن مؤلفاته الهامة كتاب الفتاوى في عدد 4 مجلدات كبار في 900 صفحة باللغة الأردية لغة أهل باكستان وأيضا كتاب الصلاة في مجلد واحد .
وعلاوة علي الكتابين المذكورين في السطور السابقة كان للإمام الترمذى أيضا مصنفات أخرى منها كتاب العلل الصغرى وهو كتاب صغير ختم به الإمام الترمذى كتابه الجامع ويعد من أوائل الكتب في علم مصطلح الحديث وقد تضمن هذا الكتاب الكلام عن مصادر الإمام الترمذى التي إعتمدها في كتابه الجامع ورجاله ومصطلحاته ومع أن هذا الكتاب مسبوق بجهود متفرقة في علم مصطلح الحديث ودرايته كمقدمة كتاب صحيح مسلم التي حددت مقاصد الإمام مسلم بن الحجاج ورجاله وبعض آرائه وعلي الرغم من كل هذا فإن كتاب العلل الصغير للترمذى جاء أتم وأكمل وموضوعاته أكثر شمولا من موضوعات كتاب المحدث الفاصل للرامهرمزي الذي قيل فيه إنه أول مصنف في علوم الحديث وفضلا عن ذلك كان للإمام الترمذى أيضا كتاب إسمه العلل الكبرى وهو كتاب في علل الحديث يرويها الترمذي بأسانيده ثم يعقبها بالحكم على كل حديث منها إما بكلامه وإما بكلام شيوخه الذين يذكرهم وقد كان النصيب الأوفر من الحكم على هذه الأحاديث من نصيب شيخه وأستاذه الإمام البخارى حيث نقل عنه كثيرا وقد بلغت نصوص هذا الكتاب عدد 484 نصا مسندا وقد صنفه الإمام الترمذى على نظام الأبواب وقد نقل عن هذا الكتاب عدد من العلماء وإستشهدوا به وكان من هؤلاء العلماء الحافظ بن حجر العسقلاني في كتابه تلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير والحافظ الزيلعي في كتابه تخريج أحاديث الهداية وهذا الكتاب مفقود ويأمل العلماء في أن يتم العثور على مخطوطة لهذا الكتاب لكي يتم تحقيقها وطباعتها كما كان أيضا للإمام الترمذى كتب أخرى أشار إليها بعض العلماء كإبن النديم وإبن كثير وإبن حجر ولكن معظمها لم يصل لنا ولم يطبع منها كتاب الزهد كتاب أسماء الصحابة وكتاب التفسير وكتاب التاريخ وكتاب الأسماء والكنى وكتاب في الآثار الموقوفة وكان الترمذى قد أشار إليه في آخر كتابه الجامع .
وقد أثنى كثير من العلماء والفقهاء والأئمة على الإمام الترمذى ومن ذلك ما ذكره إبن الأثير الجزرى عنه حيث قال كان الترمذى إماما حافظًا له تصانيف حسنة منها الجامع الكبير في الحديث وقال أيضا هو أحد العلماء الحفاظ الأعلام وله في الفقه يد صالحة وأضاف أيضا هو أحد أئمة هذا الشأن في زمانه وقال عنه الأديب والمؤرخ والمفسر أبو الفداء إسماعيل بن كثير عماد الدين كان الترمذى إماما حافظًا وكان ضريرا وهو من أئمة الحديث المشهورين الذين يقتدى بهم في علم الحديث وقال المحدث والفقيه أبو سعد الإدريسي عنه هو أحد الأئمة الذين يقتدى بهم في علم الحديث صنف الجامع والتواريخ والعلل تصنيف رجل عالم متقن وكان يضرب به المثل في الحفظ وقال المحدث والمؤرخ أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابورى سمعت الإمام الحافظ عمر بن علك يقول مات الإمام البخارى فلم يخلف بخراسان مثل أبي عيسى الترمذى في العلم والحفظ والورع والزهد بكى حتى عمي وبقي ضريرا سنين وقال المؤرخ والفقيه عبد الحي إبن العماد الحنبلي كان مبرزا على الأقران آية في الحفظ والإتقان وقال العالم جمال الدين أبو الحجاج المزى الترمذى الحافظ صاحب الجامع وغيره من المصنفات أحد الأئمة الحفاظ المبرزين ومن نفع الله به المسلمين ووصفه المؤرخ والفقيه والمحدث أبو سعد السمعاني بأنه إمام عصره بلا مدافعة وقال المؤرخ شمس الدين الذهبي هو الحافظ العالم صاحب الجامع ثقة مجمع عليه ولا إلتفات إلى قول الإمام أبي محمد علي بن حزم الأندلسي في الفرائض من كتاب الإيصال أنه مجهول فإنه ما عرف ولا درى بوجود الجامع ولا العلل له وذكره الإمام والمؤرخ الحافظ أبو حاتم محمد بن حبان البستي كان البخارى ممن جمع وصنف وحفظ والإمام الترمذى صاحب الجامع من الأئمة الستة الذين حرسوا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصبحت كتبهم في عالم السنة هي الأصول المعتمدة في الحديث ومن الذين نضر الله وجوههم لأنه سمع حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم فأداه كما سمعه وقال المؤرخ والقاضي والأديب شمس الدين بن خلكان الإمام الترمذى الحافظ المشهور أحد الأئمة الذين يقتدى بهم في علم الحديث صنف كتاب الجامع والعلل تصنيف رجل متقن وبه كان يضرب المثل وهو تلميذ أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخارى وشاركه في بعض شيوخه مثل الإمام والمحدث والفقيه قتيبة بن سعيد والعالم والمحدث علي بن حجر والمحدث والفقيه محمد بن بشار وغيرهم وقال الفيلسوف والفقيه الحنبلي أبو إسماعيل الهروى كتاب جامع الترمذى أنفع مِن كتاب صحيح البخارى وكتاب صحيح مسلم لأنهما لا يقف على الفائدة منهما إلا المتبحر العالم بينما الجامع يصل إلى فائدته كل أحد وقال عالم الحديث أبو يعلى الخليل بن عبد الله الخليلي القزويني محمد بن عيسى بن سورة الترمذى الحافظ متفق عليه له كتاب في السنن وكلام في الجرح والتعديل وروى عنه الفقيه والمحدث الشيعي الحسن بن محبوب إنه كان من العلماء الأجلاء وكان مشهورا بالأمانة والعلم .
وأخيرا نورد بعض من أقوال الإمام الترمذى والتي كان منها قال لي محمد بن إسماعيل البخارى ما إنتفعت بك أكثر مما إنتفعت وقال أيضا صنفت هذا الكتاب وعرضته على علماء بلاد الحجاز وبلاد العراق وخراسان فرضوا به ومن كان هذا الكتاب يعني سنن الترمذى في بيته فكأنما كان في بيته نبي يتكلم وقال عن هذا الكتاب ما أخرجت في كتابي هذا إلا حديثا قد عمل به بعض الفقهاء سوى حديث فإن شرب في الرابعة فإقتلوه وسوى حديث جمع بين الظهر والعصر بالمدينة المنورة من غير خوف ولا سفر وكان الإمام الترمذى في يوم ما مسافرا إلي مكة المكرمة فقال عن ذلك اليوم كنت في الطريق إلي مكة فكتبت جزئين من حديث شيخ فوجدته فسألته وأنا أظن أن الجزئين معي فسألته فأجابني فإذا معي جزآن بياض فبقي يقرأ علي من لفظه فنظر فرأى في يدى ورقا بياضا فقال أما تستحي مني فأعلمته بأمرى وقلت أحفظه كله فقال إقرأ فقرأته عليه فلم يصدقني وقال إستظهرت قبل أن تجئ فقلت حدثني بغيره قال فحدثني بأربعين حديثا ثم قال هات فأعدتها عليه ما أخطأت في حرف وفي أواخر حياة الإمام الترمذى أصيب بالعمي جراء حب العلم والقراءة والكتابة المتواصلة وليس صحيحا ما تردد عن أنه ولد أعمى كما ورد في بعض القصص عنه وقد رحل في يوم 13 رجب عام 279 هجرية الموافق يوم 8 أكتوبر عام 892م عن عمر يناهز السبعين عاما في البلدة نفسها التي ولد بها ترمذ وتم دفنه في ضريح خاص يعد حاليا من أهم المعالم السياحية في دولة أوزبكستان والتي يحرص كل زائر لها علي زيارته والتعرف علي سيرة الإمام الترمذى رحمه الله وعلي ما قدمه لأمته الإسلامية جزاه الله خيرا عنا أحسن الجزاء .
|