كتبت/ ريهام البربري
rehamelbarbary2006@yahoo.com
يقول تعالى: "فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ" تلك الآية الجميلة كانت سبباً جلياً فى أن حلم عمرى بدأت بشائر تحقيقه في اليوم التالى مباشرة من تطبيقها على نفسي، التى أكرمها الله واستطاعت أن تتغلب على صدمتها الكبري فى خيانه وفساد أحد المقربين لها مهنياً، وأن تعفو وتصلح ما اقترفت يداه.. لتأتيها وبشكل سريع وغير متوقع عوض الله الجميل.. وكيف لا وهى تجارة رابحة مع الله؟!
فبعد صبر طويل، ذهبت لزيارة خير أرض الله وأحبها إليه .. مكة المكرمة.. وقدماى تتحسس خطواتها وهى تسير في أقدس بقعة على وجه الأرض حياءا وذهولا ، متوجهة لصحن الكعبة الشريفة التى أذهبت بأنفاسي من جمال بهاءها واجلالها، فسجدت شاكرة للواحد الأحد، ثم توجهت إلى ياقوتة الجنة - الحجر الأسود- لابدأ الطواف، ولسانى يلهج بالذكر والدعاء، مناجية السميع المجيب، فأستشعر أجمل النفحات ،منها حينما عجزت مرتين عن ملامسة الحجر الأسود من التزاحم الرهيب عليه، فبكيت وشكوت لله سراً ضعف حولى وقوتى، ثم بأمر الله وبدون مجاهدة انفتح الطريق أمامى دون أن يقترب منى أحد، فلمسته وقبلته ،وسكنت الروح في عبادة متصلة مع بارئها دون الشعور بكل من أتوا من كل فج عميق !!
أيضا حينما كنت أسعى بين جبلي الصفا والمروة، أراد ربي أن يعلمنى التسليم الكامل لقضائه ،ويزيدنى صبراً واحتمالاً على كل هم وغم ومشكلة تواجهنى، فذكرنى بمحنة السيدة هاجر حينما تركها زوجها سيدنا إبراهيم عليه السلام مع ولدها الرضيع في الصحراء القاحلة ، ويقينها بالله في قولها:"أن الله لن يضيعنا"، وصبرها على الجوع والعطش ، وهرولتها بين الجبلين 7 مرات تبحث عن منقذ دون جدوى، واغاثة الله لهما بانفجار بئر زمزم تحت أقدام رضيعها بعد أن بلغ منها التعب منتهاه، ومعجزة ارتواء الملايين منه دون أن ينضب منذ آلاف السنين!!...حقاً عوض الله يأتى دائماً بالمعجزات، وبعد كل محنة منحة!!
ثم غادرنا مكة مصطحبة في قلبي المطمئن بالايمان نفحاتى السرية والمعلنة على أمل العودة إن شاء الله مرة أخرى، متوجهين في سويعات مضت كالحلم إلى المدينة المنورة ،التى هاجر إليها الحبيب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيها سَكَن، وفيها دُفِن جسده الطاهر، وفيها استضافوه أهلها، ونصروه، وأصبحوا أصدق وأخلص جيرانه، وعمار مسجده، وسلساله المرابط في حرمه، فوجبت علينا محبتهم والاستئناس بجميل ذكرياتنا معهم، التى سأحتفظ بها في خزينة عقلي وقلبي حتى ألقاهم وأحدثهم بها على حوض سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام.
وكان من أروع هدايا القدر، تعديل موعد زيارتنا للروضة الشريفة ليكون صباح يوم الخميس بدلاً من ليله - هذا اليوم ترفع فيه صحيفة أعمالنا قبل الغروب وتعرض علي الله عز وجل لنيل مغفرتة – فبالطبع سعدت كثيراً أن ترفع صلاتى- وأجرها ألف صلاة- ودعائى ،وسلامى عليه ،وشهادتى له أنه قد بلغ الرسالة، وأدي الأمانة ونصح الأمة، وجاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين، وتبليغه سلام كل من حملنى أمانة السلام ـ تحديداً في صباح ذلك اليوم.. صلوات ربي والسلام عليك يا سيدى محمد وعلى آلك وأصحابك الطاهرين آجمعين..
وهكذا بفضل الله وكرمه تحقق حلم عمرى، وقضيت أجمل أيام حياتي في قلب الحرم المكى، وبجوار الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، فهناك وجدت ما افتقدت.
ولا يفوتنى هنا أن أقدم أطيب التحايا والشكر والعرفان لأخواننا السعوديين على المستويين الرسمى والشعبي، فما رأيت منهم إلا الخلق والكرم والإحسان والحرص الشديد على توفير كل سبل الراحة والآمان لضيوف الرحمن فى كل مكان، أيضاً الشكر موصول للسادة الضباط فريق عمل إدارة الشئون المعنوية للقوات المسلحة المصرية لقدرتهم الهائلة على تنظيم رحلات الحج والعمرة على أعلى مستوى تنافسي مع كبري شركات السياحة المصرية، أيضاً الشكر موصول لسيادة القائد الخلوق المنتدب للإشراف على المجموعة "6"، فقد حظى باحترام ومحبة الجميع لحكمته وصبره ومشقة جهده فى رعاية الجميع، وصدقاً تعلمنا منه الكثير.
وأخيراً وبعد أن تذوقت حلاوة أجر العفو والإصلاح والصبر والإحتساب،أدعو الله عز وجل في تلك الأيام المباركة، أن تكون تلك هى سماتنا القلبية في كل شدة وبلاء، وأن ينادي أرواحنا ما حيينا لتسبح على الدوام فى ذلك الملكوت الطاهر النقى ، كما أدعوكم حباً وبراً أن تشاركونى الدعاء لوالدى ولوالديكم أن يجعلهم الله ممن يدخلون الجنة بلا حساب ولا سابق عذاب ، ويجعل مقامهم في عليين بجوار سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام ، فلولا شرف ونزاهة عسكرية والدى، ما كان حلمى تحقق بكل تلك المتعة والراحة والآمان..تقبل الله منى ومنكم صالح الأعمال.. وكل عام وأنتم الى الله أقرب.
|
