السبت , 7 ديسمبر 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

الإمام محمد ناصر الدين الألباني

الإمام محمد ناصر الدين الألباني
عدد : 02-2023
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا"


الإمام والمحدث أبو عبد الرحمن محمد بن الحاج نوح بن نجاتي بن آدم الأشقودري الألباني الأرناؤوطيّ المعروف بإسم محمد ناصر الدين الألباني باحث في شؤون الحديث النبوى الشريف ويعد من علماء الحديث ذوى الشهرة في العصر الحديث وله الكثير من الكتب والمصنفات في علم الحديث وغيره وأشهرها سلسلة الأحاديث الصحيحة وسلسلة الأحاديث الضعيفة وصحيح الجامع الصغير وزيادته وضعيف الجامع الصغير وزيادته وصفة صلاة النبي صلي الله عليه وسلم وفي واقع الأمر فإن هذه المؤلفات توضح للجميع أن الإمام الألباني كان نموذجا فريدا وعالما عظيما إستطاع بهمته وسعة علمه وغزارة فهمه إحياء علم الحديث وتجديده بعد أن توارى ذكره قرونا عديدة ولا ريب في أن الإمام الألباني هو مجدد هذا العصر وشيخ هذا الزمان إلى جانب الإمامين الكبيرين عالم الدراسات الإسلامية والقاضي والفقيه السعودى عبد العزيز بن باز المتوفي في عام 1999م والفقيه والمفسر والداعية السعودى محمد بن صالح العثيمين المعروف بإسم إبن عثيمين والمتوفي عام 2001م رحمهم الله أجمعين ويمكننا القول إن الإمام الألباني يعد مجددا من صفوة المجددين في علم الحديث وأحيا الله به العلم الشرعي وإتباع الدليل وجعله الله تعالى مفتاحا لكل خير بعلمه وفقهه وغزارة معرفته كما يذكر للإمام الألباني أنه إستطاع القيام بمشروعات كبيرة وجهود عظيمة في سبيل تبيان صحيح الحديث من ضعيفه وثابته من موضوعه ولم يكن الإمام الألباني عالما فحسب بل كان عالما ومحدثا ومربيا وفقيها يتبع الكتاب والسنة دون تعصب لمذهب أو تحيز لإمام معين و كان ميلاد الإمام الألباني في مدينة أشقودرة العاصمة القديمة لدولة البانيا في عام 1333هجرية الموافق عام 1914ميلادية ومن بلده إكتسب لقبه الألباني وكان عام ميلاده هو العام الذى بدأت فيه الحرب العالمية الأولى وفي السنوات الأخيرة للدولة العثمانية التي كانت تتبعها البانيا حتي عام 1912م فقد سقطت الدولة العثمانية بعد ولادة الإمام بتسع سنوات فقط وقد نشأ الإمام الألباني في أسرة كريمة فقيرة متدينة يغلب عليها الطابع العلمي فقد كان والده الحاج نوح من كبار علماء الحنفية في البانيا حيث كان قد درس الشريعة بالعاصمة العثمانية إسطنبول وعاد إلى بلده وأصبح أحد كبار علماء المذهب الحنفي هناك كما أنه كان من أهل الخير والغيرة على الدين ولذلك رفض البقاء في بلاده لما إتجه الرئيس الألباني والذى صار فيما بعد ملك البانيا في عام 1928م أحمد زوغو بالبلاد إلى العلمانية وطمس الهوية الإسلامية لبلاده والتخلي عن الشريعة الإسلامية وإستبدلها بالقوانين المدنية المطبقة في سويسرا متتبعا أثر مصطفي كمال أتاتورك الذى فعل ذات الشئ قبله بفترة بسيطة من نفس العقد في تركيا وكان من أهم قراراته منع النساء من إرتداء الحجاب وإلزام الرجل باللباس الغربي وتوجس والد الإمام الألباني وتوقع أن يسوء الأمر أكثر فقرر الهجرة من البانيا فرارا بدينه ودين أولاده من الفتن فهاجر هو وأسرته ومعه إبنه محمد إلى العاصمة السورية دمشق درة بلاد الشام وكان قد عرَفَها خلال رحلته لأداء فريضة الحج وكان مما شجعه على الهجرة إليها ما ورد في فضائلها من أحاديث نبوية صحيحة وفي دمشق إلتحق الألباني بمدرسة الإسعاف الخيرية وإستمر فيها حتى أشرف على إنهاء مرحلة الدراسة الإبتدائية وحينها قامت الثورة السورية على المحتل الفرنسي عام 1925م فإحترقت المدرسة فإنتقل إلى مدرسة أخرى بحي ساروجة وهناك أنهى الإمام دراسته الإبتدائية بتفوق ونظرا لرأى والده الخاص في المدارس النظامية من الناحية الدينية قرر عدم إكمال إبنه الدراسة النظامية ووضع له منهجا علميا مركزا قام من خلاله بتعليمه القرآن الكريم والتجويد والنحو والصرف وفقه المذهب الحنفي وإستطاع الألباني ختم حفظ القرآن الكريم على يد والده برواية حفص عن عاصم ومن الكتب التي درسها له كتاب مختصر أبي الحسين القدوري في فقه الأحناف كما درس على الشيخ والفقيه سعيد البرهاني مراقي الفلاح في الفقه الحنفي وبعض كتب اللغة والبلاغة .


ومما يذكر أن الإمام الألباني أخذ عن أبيه مهنة إصلاح الساعات فأجادها حتى صار من أصحاب الشهرة فيها وأخذ يتكسب رزقه وقوت يومه منها وقد وفرت له هذه المهنة وقتا جيدا للمطالعة والدراسة والبحث وهيأت له هجرته لبلاد الشام معرفة كاملة باللغة العربية والإطلاع على العلوم الشرعية من مصادرها الأصلية ويقول الإمام الألباني رحمه الله تعالى عن هذا الموضوع إن نعم الله علي كثيرة لا أحصي لها عدا ولعل من أهمها إثنتين هجرة والدى إلى الشام ثم تعليمه إياى مهنته في تصليح الساعات أما الأولى فقد يسرت لي تعلم اللغة العربية ولو ظللنا في البانيا لما توقعت أن أتعلَّم منها حرفًا ولا سبيل إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم إلا عن طريق إجادة اللغة العربية وأما الثانية فقد قيضت لي فراغا من الوقت أملؤه في طلب العلم فأتاحت لي فرص التجارة التي لو حاولت التدريب عليها أولا لإلتهمت وقتي كله وبالتالي لسدت بوجهي سبل العلم الذى لا بد لطالبه من التفرغ وعلى الرغم من توجيه والده المنهجي له بتقليد المذهب الحنفي وتحذيره الشديد من الإشتغال بعلم الحديث فقد أخذ الإمام الألباني يتوجه نحو البحث عن الدليل وإتباع السنة وإشتغل بعلم الحديث حيث تعلم الحديث النبوى في نحو العشرين من عمره متأثرا بأبحاث مجلة المنار التي كان يصدرها العالم الإسلامي والمفسر اللبناني الأصل وعضو مجمع اللغة العربية بدمشق محمد رشيد رضا ولنستمع للإمام الألباني وهو يحدثنا عن ذلك وعن قصة توجهه إلى علم الحديث فيقول رحمه الله أول ما ولعت بمطالعته من الكتب القصص العربية كالظاهر وعنترة والملك سيف وما إليها ثم القصص البوليسية المترجمة كأرسين لوبين وغيرها ثم وجدت نزوعا إلى القراءات التاريخية وذات يوم لاحظت بين الكتب المعروضة لدى أحد الباعة جزءا من مجلة المنار فإطلعت عليه ووقعت فيه على بحث بقلم العالم الإسلامي والمفسر محمد رشيد رضا يصف فيه كتاب الإحياء للإمام وعالم العقيدة الشافعي والفيلسوف والشاعر أبي حامد الغزالي ويشير إلى محاسنه ومآخذه ولأول مرة أواجه مثل هذا النقد العلمي فإجتذبني ذلك إلى مطالعة الجزء كله ثم أمضي لأتابع موضوع تخريج الحافظ العراقي على الإحياء ورأيتني أسعى لإستعارته لأني كنت لا أملك ثمنه ومن ثم أقبلت على قراءة الكتاب فإستهواني ذلك التخريج الدقيق حتى صممت على نسخه وهكذا إجتهدت حتى إستقامت لي طريقة صالحة تساعد على تثبيت تلك المعلومات وأحسب أن هذا المجهود الذى بذلته في دراستي تلك هو الذى شجعني وحبب إلي المضي في ذلك إذ وجدتني أستعين بشتى المؤلفات اللغوية والبلاغية وغريب الحديث لتفهم النص إلى جانب تخريجه وكان الإمام الألباني يحضر أيضا دروس الإمام والفقيه وعالم الحديث محمد بدر الدين بن يوسف الحسني في المسجد الأموى بدمشق وهكذا كانت النشأة العلمية الأولى للإمام العظيم الألباني قبل توجهه إلى دراسة الحديث الشريف وعلومه وكان أول عمل قام به هو نسخ كتاب المغني عن حمل الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار لعالم الحديث المصرى الشافعي الحافظ زين الدين العراقي مع التعليق عليه ويعد هذا العمل بداية للألباني حيث أصبح الإهتمام بالحديث وعلومه هو شغله الشاغل فأصبح معروفًا بذلك في الأوساط العلمية بدمشق حتى إن إدارة المكتبة الظاهرية بدمشق قامت بتخصيص غرفة خاصة له ليقوم فيها بأبحاثه بالإضافة إلى منحه نسخة من مفتاح المكتبة ليدخلها وقتما يشاء وجدير بالذكر أن هذه المكتبة تعد من أقدم المكتبات في مدينة دمشق ومن أهم المكتبات العربية بوجه عام وكانت قد تأسست علي يد السلطان المملوكي الظاهر بيبرس عام 676 هجرية الموافق عام 1277م وهي تقع ضمن المدرسة الظاهرية الكائنة في باب البريد بجانب المسجد الأموى في دمشق القديمة وهي تحوى نفائس المراجع وكما كبيرا من أمهات الكتب والمخطوطات والمراجع وضمت إليها العديد من المكتبات الأخرى على مر السنين كما أوقف الكثير من المسلمين كتبهم على طلابها إذ كانت في أول أمرها مدرسة .


وبعد فترة بدأ الإمام الألباني في إعطاء درسين أسبوعيا في العقيدة والفقه والأصول وعلم الحديث وكان يحضر دروسه طلبة وأساتذة الجامعة كما بدأ ينظم رحلات شهرية للدعوة في مختلف مدن سوريا والأردن وحصل على إجازة من عالم الحديث وعضو مجمع اللغة العربية السورى محمد راغب الطباخ لتدريس أحد كتب علم الحديث لما رأى سعة علمه علي الرغم من حداثة سنه وفضلا عن ذلك كان الإمام الألباني يحضر ندوات العالم والفقيه محمد بهجت البيطار مع بعض أساتذة المجمع العلمي بدمشق ثم إختارته كلية الشريعة في جامعة دمشق ليقوم بتخريج أحاديث البيوع الخاصة بموسوعة الفقه الإسلامي التي عزمت الجامعة على إصدارها عام 1955م وبعد ذلك إختير في عام 1958م عضوا في لجنة الحديث التي شكلت في عهد الوحدة بين مصر وسوريا للإشراف على نشر كتب السنة وتحقيقها وطلبت منه الجامعة السلفية في بنارس بدولة الهند أن يتولى مشيخة الحديث بها لكنه إعتذر عن ذلك لصعوبة إصطحاب الأهل والأولاد بسبب الحرب التي كانت مشتعلة بين دولتي الهند وباكستان آنذاك كما إختارته الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة لتدريس علوم الحديث من عام 1381 هجرية الموافق عام 1962م وحتى عام 1383 هجرية الموافق عام 1964م وبعدها عاد إلى دمشق لإستكمال دراسته للحديث وعمله في المكتبة الظاهرية وكان قد ترك محلّه لأحد أخوته وفي عام 1388 هجرية الموافق عام 1969م طلب إليه حسن بن عبد الله آل الشيخ وزير المعارف في المملكة العربية السعودية أن يتولى الإشراف على قسم الدراسات الإسلامية العليا في جامعة مكة المكرمة لكن حالت ظروفه الخاصة دون تحقيق ذلك كما اختير عضوا بالمجلس الأعلى للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة من عام 1395 هجرية الموافق عام 1975م وحتي عام 1398 هجرية الموافق عام 1978م وبعد ذلك قدمت له دعوة من إتحاد الطلبة المسلمين في أسبانيا وألقى محاضرة مهمة طبعت فيما بعد بعنوان الحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام وأيضا زار دولة قطر وألقى فيها محاضرة بعنوان منزلة السنة في الإسلام وزار أيضا دولتي الكويت والإمارات العربية المتحدة وألقى فيهما محاضرات ودروس عديدة كما زار عددا من دول قارة أوروبا وإلتقى فيها بالجاليات الإسلامية والطلبة المسلمين وألقى دروسا علمية هناك وفضلا عن ذلك فقد إنتدب من الشيخ والإمام والفقيه عبد العزيز بن باز الذى كان يشعل منصب رئيس إدارة البحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية للدعوة في مصر والمغرب وبريطانيا إلى التوحيد والإعتصام بالكتاب والسنة والمنهج الإسلامي الحق كما دعي إلى عدة مؤتمرات في العديد من دول العالم حضر بعضها وإعتذر عن كثير منها بسبب كثرة مشاغله العلمية .


وبخصوص التأليف والتصنيف فقد إبتدأهما الإمام الألباني في فترة مبكرة من حياته وقد تميزت مؤلفاته بالتحقيق العلمي الدقيق والتخريج الحقيقي الرائع وبالتمييز بين الأدلة الثابتة والأشياء الواهية كما تميزت أيضا بإتباع الدليل وتعظيم الأثر في كل مسألة وفي كل باب وبالترتيب والتنسيق وترابط الأفكار مما يجعل القارئ يفهم الفكرة فهما تاما وبالجملة فكتب الإمام الألباني تعد من خيرة الكتب وأعظمها ولا توجد مكتبة تقريبا إلا وفيها من هذا التراث العظيم المتمثل في كتبه الغنية بالخير والفوائد وكان من أول مؤلفاته كتاب تحذير الساجد من إتخاذ القبور مساجد وهو يتضمن تحذير من الشرك وبناء مساجد يكون داخلها قبور ويعد من أهم كتب التوحيد في الوقت الحاضر وقد تم طبعه عدة مرات ومن أوائل تخاريجه الحديثية المنهجية أيضا كتاب الروض النضير في ترتيب وتخريج معجم الطبراني الصغير وهو لا يزال مخطوطا وللإمام الألباني العديد من المؤلفات والتحقيقات الأخرى ربت على المائة وترجم كثير منها إلى لغات مختلفة وطبع أكثرها طبعات متعددة في العديد من الأقطار وكان من أبرزها إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل وسلسلة الأحاديث الصحيحة وشئ من فقهها وفوائدها وسلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السئ في الأمة وصفة صلاة النبي من التكبير إلى التسليم كأنك تراها وأحكام الجنائز وآداب الزفاف وأداء ما وجب في بيان وضع الوضاعين في رجب والإسراء والمعراج والآيات البينات في عدم سماع الأموات والتوسل وحكم تارك الصلاة وحجة النبي وصلاة التراويح وخطبة الحاجة وفتنة التكفير وفقه الواقع ونصب المجانيق وتخريج أحاديث فضائل الشام ودمشق وهذا الكتاب قام بطباعته المكتب الإسلامي في بيروت عدة طبعات وحقق فيه الإمام الألباني الأحاديث الواردة في كتاب فضائل الشام ودمشق لمؤلفه عالم وراوى الحديث الحافظ أبو الحسن الربعي وكانت هذه الأحاديث خاصة بتبيان فضل بلاد الشام عامة وفضل مدينة دمشق خاصة ومما يذكر أن هذا الكتاب يشمل عدد 119 خبرا بعضها أحاديث مرفوعة وبعضها آثار عن الصحابة وبعضها إسرائيليات وفي نهاية الكتاب ملحق صغير بعنوان مناقب الشام وأهله لشيخ الإسلام الإمام إبن تيمية يتحدث فيه عن مناقب بلاد الشام وبركتها وفضل أهلها وإستخدم إبن تيمية هذه المناقب ليحث جيش المسلمين علي مواجهة جيوش التتار في الشام ولكي لا يتراجعوا إلى مصر وهذا ما كان وإنتصر المسلمون في معركة شقحب الشهيرة والتي تسمي أيضا بمعركة مرج الصفر والتي بدأت في يوم 2 رمضان عام702 هجرية الموافق يوم 20 أبريل عام 1303م وإستمرت ثلاثة أيام بسهل شقحب بالقرب من دمشق وكانت بين المماليك بقيادة الناصر محمد بن قلاوون سلطان مصر والشام والمغول بقيادة قتلغ شاه نويان أو قطلوشاه نائب وقائد محمود غازان خان مغول بلاد فارس وإنتهت المعركة بإنتصار ساحق لجيش المماليك أنهى طموحات محمود غازان في السيطرة على بلاد الشام والتوسع في العالم الإسلامي وقام الشيخ الألباني جزاه الله خيرا بتخريج أخبار الكتاب المشار إليه وتحقيقها حتى يميز الصحيح عن غير الصحيح وكان من الأحاديث الصحيحة فيه قول النبي صلي الله عليه وسلم يا طوبى للشام يا طوبى للشام يا طوبى للشام قالوا يا رسول الله وبم ذلك قال تلك ملائكة الله باسطو أجنحتها على الشام وقول النبي أيضا يوم الملحمة الكبرى فسطاط المسلمين بأرض يقال لها الغوطة فيها مدينة يقال لها دمشق خير منازل المسلمين يومئذ وإن الشام أرض المحشر والمنشر وإني رأيت عمود الكتاب إنتزع من تحت وسادتي فنظرت فإذا هو نور ساطع عمد به إلى الشام ألا إن الإيمان إذا وقعت الفتن بالشام أما الأحاديث الغير صحيحة كان منها الروايات التي تتحدث عن فضل الصلاة في جبل قاسيون والدعاء فيه وعن فضل المغارة التي يقال إن فيها دم قابيل وعن مقام يقال أنه لنبي الله إبراهيم عليه السلام فجميع هذه الروايات والأخبار غير ثابتة ولا يصح فيها شئ في هذا الكتاب أو في غيره .


وعن الصفات والشمائل الشخصية للإمام الألباني رضي الله عنه فقد عرف عنه أنه كان غزير العلم والمعرفة واسع الإطلاع ناصرا للسنة قامعا للبدعة إماما من أئمة المسلمين ومجددا من مجددى الدين وعالما ربانيا من كبار المحدثين والفقهاء كما أنه كان كريما جوادا متواضعا جم التواضع يزور طلابه ويتفقدهم ويخدم أضيافه بنفسه وكان أيضا زاهدا تقيا نقيا سخي اليد كريم المعشر عظيم الأخلاق واسع العلم وكان ورعا عظيم الورع كثير النفع للناس أفنى حياته في خدمة السنة النبوية وخدمة العلم الشرعي وكان صادق اللهجة طيب اللسان نقي السريرة طاهر النفس لا ينتقم لنفسه ويعترف بالفضل لأهله ولا يعرف الفضل لأهله إلا ذووه وعلاوة علي ذلك كان الإمام الألباني فصيح اللسان عالما باللغة كثير الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يترسل في كلامه ويتمهل فيه وإشتهر بأنه كان إمام المحدثين في هذا الزمان ومجدد علم الحديث وصاحب السبق والفضل فيه فكان بحق إمام الحديث الشريف وشيخه ومجدده في العصر الحديث بلا منازع ولا مدافع وبإختصار شديد وفي عبارة موجزة لقد جمع الإمام الألباني الأخلاق الفاضلة والسجايا الكريمة والخصال الحميدة والمناقب الرشيدة فما فاته منها شئ فكان نموذجا فريدا في نبل الأخلاق ورفعة الشمائل وكرم النفس وطهارة الروح وجمع الله فيه كل فضيلة ووهب له كل منقبة وجميلة ووصل إلى مرتبة صار فيها جديرا بقول الشاعر الأموى المعروف الفرزدق حلو الشمائل لا تخشى بوادره يزينه إثنان حسن الخلق والشيم وقد أثنى الكثير من أهل العلم والفضل على الإمام الألباني وأشادوا بعلمه وفضله وهو أهل لكل مدح وثناء حيث قال عنه سماحة الإمام محمد بن إبراهيم آل الشيخ هو صاحب سنة ونصرة للحق ومصادمة لأهل الباطل وقال سماحة الإمام عبد العزيز بن باز من إخواننا الثقات المعروفين من إخواننا الطيبين أخونا وصاحبنا العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني وهو من المجددين وقال الإمام محمد بن صالح العثيمين فضيلة محدث الشام الشيخ الفاضل محمد بن ناصر الدين الألباني حريص جدا على العمل بالسنة ومحاربة البدعة سواء كانت في العقيدة أو في العمل ومن خلال قراءتي لمؤلفاته فقد عرفت عنه ذلك وأنه ذو علم جم في الحديث رواية ودراية وأن الله قد نفع في كتبه كثيرا من الناس من حيث العلم ومن حيث المنهاج والإتجاه إلى علم الحديث وهو ثمرة كبيرة للمسلمين ولله الحمد أما من حيث التحقيقات العلمية الحديثية فناهيك به على تساهل منه أحيانا في ترقية بعض الأحاديث إلى درجة لا تصل إليها من التحسين أو التصحيح وعدم ملاحظة ما يكون شاذ المتن مخالفا لأحاديث كالجبال صحة ومطابقة لقواعد الشريعة وعلى كل حال فالرجل طويل الباع واسع الإطلاع قوى الإقناع وكل يؤخذ من قوله ويترك سوى الله ورسوله ونسأل الله أن يكثر من أمثاله في الأمة وأن يجعلنا وإياه من الهداة المهتدين والقادة المصلحين وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا إنه جواد كريم وقال العلَّامة محب الدين الخطيب عن الإمام الألباني إنه كان من دعاة السنة البارزين الذين وقفوا حياتهم على العمل لإحيائها وقال الشيخ علي الطنطاوى الشيخ ناصر الألباني أعلم مني بعلوم الحديث وأنا أحترمه لجده ونشاطه وكثرة تصانيفه وأنا أرجع إليه في مسائل الحديث ولا أستنكف أن أسأله عنها معترفا بفضله وقال سماحة العلَّامة المفتي عبدالعزيز آل الشيخ عن الإمام الألباني ناصر السنة في هذا الزمان .


وقد تعرض الإمام الألباني أثناء إقامته في العاصمة السورية دمشق لكثير من المضايقات والتعب والأذى من المبتدعين والمتعصبين حتى وصل الأمر إلى التحريض عليه في المنابر وعند قوات الأمن ووجه له المفتي تهمة إثارة الفتنة والفتنة عند هذا المفتي ومن على شاكلته كانت في إتباع السنة وكان الإمام الألباني يقوم برحلات علمية داخل سوريا وخارجها فمنعه مفتي مدينة إدلب السورية من دخولها وتعرض لكثير من المضايقات في دمشق بل وصل الأمر إلى نشر فتوى منسوبة إلى رئيس رابطة العلماء يفتي فيها بجواز قتل الإمام الألباني وإستباحة دمه وما ندرى ما هو الجرم الذى إقترفه الإمام الألباني حتى يفتى بقتله غير دعوته لإتباع السنة والنهي عن البدعة والعلم النافع الذى كان ينشره الإمام وفي عام 1969م تعرض الإمام الألباني للسجن بسبب دعوته إلى الله وتم سجنه في سجن قلعة دمشق وهي نفسها التي سجن فيها شيخ الإسلام إبن تيمية قبل حوالي ستة قرون ونصف القرن ثم أفرج عنه ثم سجن مرة أخرى في نفس العام في سجن مدينة الحسكة شمال شرق سوريا وكان سجنها جديدا واسعا وإصطحب معه كتابه المحبب صحيح مسلم وقلم رصاص وممحاة ووصل إلى السجن وكان محبوسا فيه بعض المشايخ أحدهم يقال له الشيخ مصطفى كما كان في السجن أيضا شباب من حزب التحرير فكان الإمام الألباني يدخل معهم في نقاشات واسعة وإستطاع إصلاح بعض أفكارهم وكان الإمام الألباني يريد إختصار صحيح مسلم لكن كان المصباح الكهربائي في السجن ضعيفا لا يمكنه من القراءة والكتابة فطلب من مدير السجن بواسطة الشيخ مصطفى الذى كان قد أمضى في السجن مدة طويلة توفيرَ الإنارة الكافية في زنزانته فوافق مدير السجن بشرط أن يدفع الإمام الألباني ثمن الأغراض اللازمة لذلك فوافق الإمام الألباني وقال هذا أمر سهل وبالفعل تم ما يريده الإمام الألباني وتوفرت له الإنارة الكافية وبدأ يختصر صحيح مسلم وكان يقول فما أحسست بالغربة في السجن إطلاقًا كما قال إبن تيمية رحمه الله سجني خلوة وإستطاع الإمام الألباني أن يحقق أمنيته وإختصر صحيح مسلم بعد ثلاثة أشهر من العمل فيه فلله در هذا الإمام وما أعظم همته وأوسع علمه وبعد خروج الإمام الألباني من السجن بفترة وتحديدا في الأول من شهر رمضان عام 1400هجرية الموافق يوم 13 يوليو عام 1980م هاجر الإمام الألباني بأهله من دمشق إلى عمان عاصمة الأردن وإستقر بها لفترة ويقول الإمام الألباني عن هجرته من دمشق إلى عمان إن الله تبارك وتعالى قد جعل بحكمته لكل شئ سببا ولكل شئ سمى أجلا وقدر كل شئ تقديرا حسنا وكان من ذلك أنني هاجرت بنفسي وأهلي من دمشق إلى عمان في أول شهر رمضان عام 1400هجرية الموافق يوم 13 يوليو عام 1980م فبادرت إلى بناء دار لي فيها آوى إليها ما دمت حيا فيسر الله لي ذلك بمنه وكرمه بعد كثير من التعب والمرض الذى أصابني من جراء ما بذلت من جهد في البناء والتأسيس ولا زلت أشكو منه قليلا والحمد لله على كل حال والحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات .


وإستقر الإمام الألباني في الأردن قليلا في منزله الجديد وألقى قليلا من الدروس على طلبة العلم المتعطشين لعلومه ولكن فجأة حدث ما أجبره على الهجرة من الأردن حيث إضطر للخروج من عمان فهاجر إلى دمشق مرة أخرى ومنها إلى بيروت ويقول الإمام الألباني عن هذه التفاصيل وبينما أنا أستعد لإلقاء الدرس الثالث إذ بي أفاجأ بما يضطرني إضطرارا لا خيار لي فيه مطلقا للرجوع إلى دمشق حيث لم يبق لي فيها سكن وذلك أصيل نهار يوم الأربعاء 19 شوال عام 1401هجرية الموافق يوم 19 أغسطس عام 1981م فوصلتها ليلا وكنت في حالة كئيبة جدا وأنا أضرع إلى الله تعالى في أن يصرف عني شر القضاء وكيد الأعداء فلبثت فيها ليلتين وفي الليلة الثالثة سافرت بعد الإستشارة والإستخارة إلى بيروت مع كثير من الحذر والخوف لما هو معروف من كثرة الفتن والهرج والمرج والصراع الطائفي القائم فيها ووصلت إلى بيروت في الثلث الأول من الليل قاصدا دار أخ لي قديم وصديق وفيّ حميم فإستقبلني بلطفه وأدبه وكرمه المعروف وأنزلني عنده ضيفا معززا مكرما فجزاه الله خيرا وبعد فترة من الزمن قضاها الإمام الألباني في بيروت إضطر أن يهاجر مرة أخرى إلى الإمارات العربية المتحدة وتحديدا إمارة الشارقة عند بعض محبيه من أهل السنة والجماعة وإستقبله أهل الخير هناك وسعدوا به سعادة عظيمة وكانت أيامه في الإمارات أيام إنهماك في العلم وتوافد عليه الناس من دول الخليج لرؤيته وزيارته وإستغل فترة وجوده في الإمارات وزار بعض الدول المجاورة كالكويت وقطر وبعدها قام الشيخ محمد إبراهيم شقرة تلميذه ورئيس المسجد الأقصى بالشفاعة له عند ملك الأردن الراحل الحسين بن طلال وأخبره بدعوة الإمام ومنهجه وما تعرض له من الأذى على يد الجهلة والحساد فوافق الملك الحسين فورا على السماح للإمام الألباني بالعودة إلى الأردن وأمر بذلك وفرح طلبة العلم بعودة الإمام الألباني أيما فرح وإستقر الإمام الألباني مع أهله في الأردن حتى وفاته وبقي منارة علم وهدى يستضئ بها السائرون وإنتهت سلسلة المحن المتعاقبة التي تعرض لها وكتب للإمام التوفيق والقبول والتمكين في الأرض واخيرا فقد كانت وفاة الإمام الألباني في يوم 22 من شهر جمادى الآخرة عام 1420هجرية الموافق يوم 2 من شهر أكتوبر عام 1999م عن عمر يناهز 85 عاما في مدينة عمان عاصمة الأردن في حي ماركا الجنوبية ودفن بعد صلاة العشاء وعجل بدفنه لأمرين إثنين الأول تنفيذ وصيته كما أمر والثاني كانت الأيام التي توفي خلالها شديدة الحرارة فخشي أنه لو تأخر دفنه أن تقع بعض الأضرار أو المفاسد على الناس الذين يأتون لتشييع جنازته فلذلك أوثر أن يكون دفنه سريعا وعلي الرغم من عدم إعلام أحد عن وفاته إلا للمقربين منه حتى يعينوا على تجهيزه ودفنه بالإضافة إلى قصر الفترة ما بين وفاته ودفنه إلا أن الآلاف توافدوا وحضروا صلاة جنازته حيث تطوع الكثيرون من محبيه لنشر خبر وفاته فعلم الكثيرون به وبادروا إلي المشاركة في الصلاة عليه وحضور مراسم تشييع جنازته ودفنه وإعترافا بفضل الإمام الألباني فقد قام بعض تلاميذه بكتابة كتب في ترجمته وسيرته وقصة حياته بعض منها تم تأليفه في حياته منها حياة الألباني وآثاره وثناء العلماء عليه من تأليف محمد بن إبراهيم الشيباني ومع شيخنا ناصر السنة والدين محمد ناصر الدين الألباني مجدد القرن ومحدث العصر في شهور حياته الأخيرة بقلم علي الحلبي وجهود الإمام الألباني ناصر السنة والدين في بيان عقيدة السلف الصالحين في الإيمان بالله رب العالمين من تأليف أحمد الجبورى .
 
 
الصور :