بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا"
الإمام عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضو بن درع القرشي الحصلي البصروى الشافعي ثم الدمشقي محدث ومفسر وفقيه ومؤرخ برع في علوم الفقه والتفسير والحديث حيث وهبه الله جل جلاله حافظة قوية وذاكرة ممتازة وموهبة متفوقة فكان قادرا على حفظ العلوم والمتون وإكتناز المعلومات وظهر أثر ذلك في مصنفاته فقد حفظ إبن كثير القرآن الكريم كاملا وهو في الحادية عشرة من عمره وتقدم وأبدع في التفسير وحفظ متن التنبيه في الفقه الشافعي وعرضه وهو في الثامنة عشرة من عمره وحفظ أيضا كتاب مختصر إبن الحاجب للفقيه المالكي والنحوى والمقرئ أبو عمرو عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس الدويني الإسنائي والذى يعد من أشهر المتون في علم أصول الفقه المتنوعة ولذلك وصفه عدد من العلماء ومن شيوخه الذين تتلمذ علي أيديهم بحفظ المتون وقالوا عنه إنه يحفظ جملة صالحة من المتون والرجال وأحوالهم وله حفظ ومعرفة وقال عنه تلميذه الحافظ علاء الدين إبن حجي الشافعي كان إبن كثير أحفظ من أدركناه لمتون الأحاديث وأعرفهم بجرحها ورجالها وصحيحها وسقيمها وكان أقرانه وشيوخه يعترفون له بذلك ولذلك فقد سطر إسمه في كتب التاريخ بحروف من ذهب وكلمات من نور وترك ما ترك من الكنوز التي لا تقدر بثمن حيث ترك لنا علم وثقافة وزعت على العالم كله وهذه هي أعظم الصدقات الجارية التي يقدمها العلماء في كل زمان ومكان علم ينتفع به الناس ومن سطروا للأمم من بعدهم حياتهم وفسروا لهم حلالهم وحرامهم الذى أمر به الله سبحانه وتعالى وكان ميلاد الإمام إبن كثير بقرية مجدل من أعمال بصرى من منطقة سهل حوران أو درعا حاليا في جنوب العاصمة السورية دمشق عام 701 هـجرية الموافق عام 1301م كما ذكر ذلك في كتابه البداية وكان والده خطيب مسجد بالمدينة لذا فقد نشأ في بيت يتصف بالتقوى والورع وتوفى والده وهو في عمر عامين أى في عام 703 هجرية الموافق عام 1303م وكفله ورباه في كنفه أخوه الأكبر كمال الدين عبد الوهاب وقضي جزءا من طفولته في قريته يتيما بعد فَقْد الوالد ولكن قلبه إمتلأ من ذكريات الطفولة ونعم بآثار والده المعنوية وحفظ أحاديث الناس عن خطب والده وأقواله المأثورة وأشعاره المحفوظة وأدرك بحسه منزلة العالم المخلص وأثره في الحياة والمجتمع ومكانته في القلوب والنفوس وسمع من إخوته سبب تسميته بإسماعيل تيمنا بأخيه الأكبر من أبيه الذى سلك طريق العلم فأخذه عن والده ولما بلغ عمره 5 سنوات وفي عام 706 هجرية الموافق عام 1306م إنتقل مع أخيه كمال الذى كان بمثابة الوالد له والأستاذ المعلم إلى دمشق التي كانت موئل العلماء وحاضرة العلم ومركز الحضارة وينبوع العطاء ومحط الأنظار ومرابع المعرفة التي يفد إليها العلماء والفقهاء والطلاب من كل حدب وصوب وتفقه بدمشق على يد الشيخ والفقيه الشافعي إبراهيم الفزازى الشهير بإبن الفركاح وسمع بدمشق من الفقيه الشيخ عيسى بن المطعم ومن الإمام الحافظ شهاب الدين أحمد بن أبي طالب ومن الإمام والفقيه الحافظ القاسم بن عساكر والفقيه والمحدث إسحاق بن الآمدى والشيخ والفقيه والمحدث محمد بن زراد ولازم الشيخ العالم المؤلف وصاحب تهذيب الكمال وأطراف الكتب الستة جمال يوسف بن الزكي المزى وبه إنتفع وتخرج وتزوج بإبنته وفضلا عن ذلك فقد قرأ على شيخ الإسلام العالم والفقيه والمحدث والمفسر تقي الدين إبن تيمية كثيرا ولازمه وأحبه وإنتفع بعلومه وفقهه وعلى الإمام والشيخ الحافظ والفقيه الشافعي شمس الدين بن قايماز وأجاز له من مصر الإمام الفقيه والمفسر وعالم الدراسات الإسلامية أبو موسى القرافي والإمام والشيخ والفقيه الحنفي أبو الفتح الدبوسي والفقيه والإمام والمحدث علي بن عمر الواني وغيرهم وحفظ الكثير من الأسانيد والعلل والمتون وعرف التاريخ ورجاله وبرع في إقامة المناظرات في العلوم المختلفة مثل الفقه والتفسير والحديث والنحو وقيل أيضا إنه قد تعلم وأجاد اللغة العبرية .
وإستقر إبن كثير في دمشق وصار إبنا من أبنائها وعالما من علمائها وخطيبا ومدرسا فيها وأحبها من قلبه فلم يفارقها حتى مات ودفن فيها وكان وفيا لها فكتب تاريخها ووصف أفراحها وإنتصاراتها وبكى أحزانها وأتراحها وشارك في أحداثها وكان له دور فاعل في ذلك حتى صار يشار إليه بالبنان محدثا ومفسرا ومدرسا ورئيسا ومصلحا وداعيةً ومعلما ومؤرخا وقد تميز إبن كثير في كل ذلك بعدة صفات وسمات شخصية منها الإستحضار والتي إقترنت بقدرته علي الحفظ مما يدل على المنحة الإلهية التي حباه الله بها بقوة الذاكرة وقلة النسيان وهما من أعظم المواهب الإلهية وأكبر ميزة للعالم والمصنف والفقيه لذلك كان إبن كثير يستحضر المتون والكتب والعلوم حتى لفت نظر المحققين والمحدثين حيث كان ينقل من مصادر عدة ثم يصيغ المعلومات بطريقته وأسلوبه الخاص به مما يرجح أنه كان يكتب ويصنف من ذاكرته وحافظته ويتصرف بذلك حسب مقتضى الحال والمقام وفضلا عن ذلك فقد إتصف بالفهم الجيد وهي أيضا من المنح الإلهية للإنسان ومن التوفيق الرباني له وتتأثر بالعوامل المكتسبة عن طريق الإخلاص والتقصي والدراسة والإستيعاب والإجتهاد وتحرى الدقة العلمية مما يساعد صاحبها بفضل الله تعالى وتوفيقه على الفهم الجيد والإدراك الصحيح والإستنتاج المقبول ولذلك يقول عنه تلميذه إبن حجي كان إبن كثير فقيها جيد الفهم صحيح الذهن وعلاوة علي ذلك كان الإمام إبن كثير يتمتع بخفة الروح وسماحة النفس وهذه الصفة من الصفات الحسنة للإنسان عامةً ومن عوامل التفوق والنجاح في التدريس والوعظ خاصةً وتدل على سماحة النفس والإهتمام بالطلاب والتخفيف عنهم والترويح في التدريس وكان يتمتع أيضا بفضيلة الإلتزام بالحديث والسنة فنجده كان حريصا على إلتزام السنة والدعوة إلى إتباع السلف الصالح وهو ما يظهر عند مراجعة مؤلفاته وكتبه ولا غرابة في ذلك فهو المحدث الفقيه الحافظ لأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم كما كان إبن كثير رحمه الله يحارب أيضا البدع فكان يتتبعها ويتألم لوجودها ويدعو إلى تركها ويساهم في إنكارها ويسعى لإبطالها ويهلل ويفرح لإلغائها وإبطالها ويسجل هذه المشاعر والعواطف والمبادئ في كتبه ومصنفاته وكان أيضا من خلقه التحلي بالفضيلة والموضوعية بما يجعله حياديا وموضوعيا غير متحيز إلا للحق ولا متعصب تعصبا أعمى وكان يتمتع بالخصال والأخلاق الحميدة وملتزما بالفضائل والقيم وسعة الصدر والحلم والصبر علي المكاره والصداقة المخلصة وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حيث كان مؤمنا بأن على كل مسلم تغيير المنكر بالمعروف وبالنصيحة الحسنة وأن يقول الحق ولو على رقبته ولا يخاف في الحق لومة لائم فكان يقيم العدل بين المتخاصمين وينصف المظلوم وينصر الحق ويخالف أهوائه وميل نفسه وهذا كله من المبادئ الإسلامية الرشيدة التي حثنا عليها الله ورسوله في الدعوة والنصح والإرشاد والتكافل والتناصح بين أفراد الأمة والمجتمع وهو واجب عيني على كل مسلم قادر ومستطيع أن يقوم به ومما يذكر أن الإمام إبن كثير كان يردد دائما أن العدل من الفضائل وخاصةً إذا كان الأمر مع الخصم فهو أعلى درجات العدل بأن ينصف الإنسان خصمه من نفسه وهذه المرتبة العليا لا يبلغها إلا القلة وتدل على أن صاحبها بلغ رتبة عالية من تطبيق أحكام الشرع وآدابه ومراقبة الله تعالى في ذلك حتى يجاهد نفسه فيخضعها للحق ويقف بها عند جادة الصواب ولا يستسلم لهواه وأهوائه وهذا ما حدث مع الإمام إبن كثير رحمه الله في ترجمته لكثير من خصومه في الرأى والفكر والمواقف فيصفهم بالحق والعدل ولا يتجنى عليهم ولا ينقصهم صفة لهم ومن الشواهد الكثيرة على ذلك نجد في كتابه البداية والنهاية أنه كان بين الإمام إبن كثير وبين قاضي القضاة في دمشق تاج الدين السبكي خصومة فكرية وتشاء الظروف أن توجه إتهامات إلى قاضي القضاة بالتفريط في أموال الأيتام وطلب من المفتين أن يضعوا خطوطهم بتثبيت الدعوى ضده لتغريمه ومحاكمته ويصل الأمر إلى صاحبنا العلامة إبن كثير ذى الخلق الكريم والموقف العادل فيأبى الكتابة وينصف قاضي القضاة ويوقف الإفتراء عليه وإتهامه بالباطل بما ليس فيه إلي أن يتبين الحق ويسجل ذلك في تاريخه في أحداث عام 743 هجرية وأخيرا فقد كان من أهم خصال وصفات إمامنا إبن كثير التقدير والإحترام والتوقير لشيوخه فقد ترجم لعدد كبير منهم في تاريخه وأثنى عليهم خيرا وعدد مناقبهم وأثبت فضائلهم وإعترف بالأخذ عن الأساتذة وحسن الصحبة للزملاء والمعاصرين .
ويعد كتاب تفسير إبن كثير للقرآن العظيم من أشهر الكتب الإسلامية المختصة بعلم تفسير القرآن الكريم وهو يعد من أشهر ما دون في مجال التفسير بالمأثور أو تفسير القرآن بالقرآن حيث يعتمد إبن كثير على تفسير القرآن بالقرآن الكريم نفسه وبالسنة النبوية المشرفة وكذلك فهو في تفسيره يذكر الأحاديث النبوية الشريفة والآثار المسندة إلى أصحابها وأقوال الصحابة الكرام والتابعين كما إهتم باللغة العربية وعلومها وإهتم أيضا بالأسانيد ونقدها وإهتم بذكر القراءات المختلفة وأسباب نزول الآيات كما يشتمل على الأحكام الفقهية ويعتني بالأحاديث النبوية ويشتهر بأنه يخلو من الإسرائيليات تقريبا ويضعه البعض بعد تفسير الإمام الطبرى في المنزلة ويفضله آخرون عليه وعن منهجه في التفسير كان أول ما حرص عليه إبن كثير توضيح المعنى وتفسير الآية بعبارة سهلة وبأسلوب مختصر يوضح المعنى العام مع تفسير القرآن بالقرآن أى تفسير الآية بآية أخرى إن وجدت حتى يتبين المعنى ويظهر المراد وقد يذكر إبن كثير عدة آيات في تفسير الآية الأولى وكأنه يجمع بين الآيات المتشابهة والمتماثلة في المعنى والمتحدة في الموضوع فتأتي الآيات المتناسبة في مكان واحد إضافة إلي رواية الأحاديث إن لم يجد ما يفسره بالقرآن فيفسره بالأحاديث النبوية فيروى الأحاديث بأسانيدها غالبا وبغير إسناد أحيانا وذلك إلي جانب التفسير بأقوال الصحابة الكرام حيث يردف إبن كثير في تفسير الآية ما وصله من أقوال الصحابة في تفسير هذه الآية حسب المؤهلات التي يمتلكونها وكان لا يكتفي بذلك بل يذكر أيضا أقوال التابعين وتابعي التابعين ومن يليهم من علماء السلف وخاصةً أهل القرنين الأول والثاني الهجرى وكان إبن كثير يحذر في تفسيره من الإسرائيليات تارةً يذكرها والتعقيب عليها بأنها من الإسرائيليات الباطلة المكذوبة وأنها دخيلة على الرواية الإسلامية وتارةً لا يذكرها بل يشير إليها ويبين رأيه فيها وقد نوه على وجود هذه الإسرائيليات في مقدمة تفسيره حيث قال إنني أذكرها للإستشهاد لا للإعتضاد وكان إبن كثير عندما يأتي إلي تفسير آيات الأحكام الفقهية يلجأ إلي تبيان الأحكام الشرعية ويستطرد في ذكر أقوال العلماء وأدلتهم فيها ويخوض في المذاهب ويعرض أدلة كل مذهب وكان في كل ما سبق يعتمد على اللغة العربية في فهم القرآن الكريم ويأخذ في الإعتبار مقتضى الألفاظ وأساليب اللغة ودلالات الألفاظ وشواهد الشعر التي تدل على المعنى وتوضح المراد وحرص أيضا علي ذكر الأعلام الذين نقلت عنهم الآراء فذكر العديد من أسماء العلماء وأعلام الرجال إلي جانب الإعتماد على من سبقه من المفسرين والنقل عنهم وكان يصرح بذلك ولا يخفيه وكان منهم الإمام والمفسر محمد بن جرير الطبرى والإمام المحدث والمفسر أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن إدريس المعروف بإبن أبي حاتم و المفسر والمحدث الأندلسي أبو محمد عبد الحق بن أبي بكر غالب المعروف بإسم إبن عطية وأستاذه الإمام إبن تيمية .
وبخلاف كتاب تفسير إبن كثير والذى يعد أهم مؤلفاته فقد كان له مؤلفات أخرى من أهمها كتاب قصص الأنبياء والذى يعد من أكثر الكتب التي تناولت قصص الأنبياء تميزا حيث يتميز كتابه بكونه من أكثر الكتب الشاملة والمرتبة التي ورد بها قصص الرسل والأنبياء عليهم السلام كما أنه يتميز أيضا عما دونه من الكتب بأنه جمع كل الآيات التي وردت في القرآن الكريم عن قصة أى نبي من الأنبياء في باب منفصل ثم قام بالربط بينها عن طريق تفسيرها والإشارة للأحاديث النبوية الشريفة التي تتناولها وأيضا كان من مؤلفات الإمام إبن كثير كتاب السيرة النبوية ومما يذكر أن سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم كانت من أكثر الأمور التي شغلت بال الكثير من العلماء والمفكرين ففي كل خطوة في حياته الشريفة هناك ما يمكنه تعلمه منها سواء قبل الإسلام أو خلال بعثته النبوية الشريفة وحتى مماته ولذا فقد تناول الكثير من العلماء سيرته العطرة بالدراسة كان منهم الإمام إبن كثير الذى جمع ما توصل إليه عن الرسول صلى الله عليه وسلم في كتاب يتكون من أربعة مجلدات تناول من خلالها حياته قبل الإسلام منذ مولده متطرقا لنشأته ونسبه وإسمه وغيرها ثم تناول نشأته في مكة المكرمة وحياته قبل أن يبعث بالنبوة ومن بعدها ذكر تاريخ بعثته ومختلف الأحداث المرتبطة بها منتقلا لذكر هجرته من مكة المكرمة للمدينة المنورة ولم يغفل بالطبع الغزوات والفتوحات الإسلامية التي تمت في حياته خاتما بوفاته وإنتقال روحه الشريفة لبارئها وإلي جانب كتابه السيرة النبوية كان للإمام إبن كثير كتاب معجزات النبي محمد صلى الله عليه وسلم فالله سبحانه وتعالى لم يبعث في الناس رسولا إلا وأيده بمجموعة من المعجزات التي تؤكد لهم بأنه نبي من عند الله والنبي محمد صلى الله عليه وسلم بعث بالكثير من المعجزات التي لا يعلم عنها كثير من الناس علي الرغم من تناول العلماء لها في العديد من المؤلفات وقد تطرق الإمام إبن كثير في هذا الكتاب للحديث عن كل معجزة وقصة نسبت للمصطفى عليه الصلاة والسلام مؤيدا ذلك بالأحاديث النبوية الصحيحة وكان من المعجزات التي شملها هذا الكتاب معجزات علمه بالعديد من أمور الغيب المستقبلية التي تحقق العديد منها حتى الآن كما قارن في هذا الكتاب بين معجزات النبي صلى الله عليه وسلم وبين المعجزات التي تخص غيره من الأنبياء والمرسلين عليهم السلام وغير الكتب التي ذكرناها في السطور السابقة للإمام إبن كثير كان له كتاب يعد أيضا من أهم مؤلفاته وهو كتاب البداية والنهاية وهو ليس مجرد كتاب بل هو عبارة عن موسوعة تاريخية شاملة تتكون من واحد وعشرين مجلد يضم كل مجلد منها مجموعة من الحقائق التاريخية التفصيلية عن الدين الإسلامي وقصص الأنبياء عليهم السلام وغيرها من الأمور التي تتعلق بالشريعة الإسلامية ويعده العلماء من أفضل المؤلفات التي بذل الإمام إبن كثير لإخراجها مجهودا جبارا في دراسة الفقه والشريعة والحديث والقرآن الكريم وقد تناول من خلال هذا الكتاب كل ما يتعلق بالحياة منذ بداية الخلق وحتى فتنة المسيح الدجال ففي بداية الكتاب يتطرق الإمام إبن كثير للحديث عن بداية خلق الأرض وعن أبي البشر نبي الله آدم ثم يتناول سيرة الأنبياء إستنادا لما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ويتطرق أيضا للسيرة النبوية العطرة وبعثة الرسول صلى الله عليه وسلم وما وقع من أحداث تاريخية في عهده ذاكرا الصحابة الكرام رضوان الله عليهم ومن توفى منهم وأهم الأحداث التاريخية التي وقعت في عهد النبي صلي الله عليه وسلم وعهد كل منهم وفي جزء النهاية يتحدث عن علامات الساعة وأهوالها كما ذكرها المصطفى صلى الله عليه وسلم فيتناول الأحداث التي حدث النبي عليه الصلاة والسلام بأنها ستقع ويذكر الفتن التي سيبتلى بها الناس وأنواعها خاصة التي ستحدث في آخر الزمان ويتطرق للحديث عن فتنة المسيح الدجال بالتفصيل وما ورد من صفاته نقلا عن المصطفى صلى الله عليه وسلم وما أخبرنا عن فتنته من خلال أحاديثه وما ذكره صلي الله عليه وسلم عن سيرته منذ بداية ظهوره وحتى هلاكه وأيضا في هذا الجزء الخاص بالنهاية يتناول صفات النبي المسيح عيسى بن مريم عليه السلام ومختلف الأحداث المتعلقة بظهوره من جديد متابعا الحديث عن علامات الساعة الكبرى حتى تقوم الساعة فيتحدث عن أهوال قيام الساعة وشفاعة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ويذكر صفات الجنة والنار و صفات أهل النار وأهل الجنة ولذا يمكن الإعتماد على هذا الكتاب كمرجع هام لمختلف الأمور المرتبطة بالشريعة والتاريخ الإسلامي كونه شامل لكل المعارف التي جاء بها النبي صلي الله عليه وسلم والتي ذكرها القرآن الكريم وفضلا عن كل ما سبق كان للإمام إبن كثير العديد من المؤلفات الهامة الأخرى منها التكميل في الجرح والتعديل وجامع المسانيد والسنن ومسند الفاروق والباعث الحثيث إلى إختصار علوم الحديث والآداب والأحكام المتعلقة بدخول الحمام وطبقات الشافعيين وتحفة الطالب بمعرفة أحاديث مختصر إبن الحاجب .
ومما يذكر أن كلا من الأشاعرة والسلفية قد تنازعا في أمر معتقد الإمام إبن كثير وقبل أن نتكلم في هذه النقطة فإن العقيدة الأشعر ية تنسب إلى إمامها ومؤسسها أبي الحسن الأشعرى الذى ينتهي نسبه إلى الصحابي الجليل أبي موسى الأشعرى وهي مدرسة إسلامية سنية تبع منهجها في العقيدة عدد من العلماء والأئمة والفقهاء أمثال حجة الإسلام أبي حامد الغزالي والقاضي الملقب بشيخ السنة أبي بكر الباقلاني البصرى وإمام الحرمين والفقيه أبي المعالي عبد الملك الجويني والإمام والمحدث أحمد بن الحسين المعروف بإسم البيهقي الخراساني وإمام الصوفية العالم والمفسر أبي القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيرى والإمام والفقيه الفخر الرازى الطبرستاني والإمام والفقيه والعالم والمحدث الحافظ أبي زكريا يحيي النووى والإمام والفقيه والمؤرخ جلال الدين السيوطي والإمام والفقيه الملقب بسلطان العلماء وشيخ الإسلام العز بن عبد السلام والإمام والفقيه الحافظ والمحدث والمفسر تقي الدين السبكي والإمام الحافظ أبي القاسم علي إبن عساكر وغيرهم ويعتبر أتباع هذه المدرسة أنفسهم منهجا بين دعاة العقل المطلق وبين الجامدين عند حدود النص وظاهره وعلي الرغم من أنهم قدموا النص على العقل إلا أنهم جعلوا العقل مدخلا في فهم النص كما أشارت إليه الآيات الكثيرة التي حثت على التفكير والتدبر وهم لا يخالفون إجماع الأئمة الأربعة أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد ولا يكفرون أحدا من أهل القبلة أما السلفية فهي منهج يدعو إلى فهم الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة والأخذ بنهج وعمل النبي محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام والتابعين وتابعي التابعين الذين عاشوا في القرون الثلاثة الأولى من الإسلام من أئمة الدين ممن شهد لهم بالإمامة والأمانة وأنهم ثقات وعرف عظم شأنهم في الدين وتلقي الناس كلامهم بثقة كاملة خلفا عن سلف والذين كتن منهم أئمة المذاهب الأربعة الكبار أبو حنيفة النعمان والشافعي ومالك بن انس وأحمد بن حنبل إضافة إلي الأئمة والفقهاء عبد الله بن المبارك وسفيان الثوري والليث بن سعد وإبراهيم النخعي والبخارى ومسلم وسائر أصحاب السنن الترمذى والنسائي وأبي داود وإبن ماجة وغيرهم من السلفيين الذين يعتقدون معتقد السلف الصالح وينتهجون منهج السلف في فهم الكتاب والسنة وتطبيقهما وذلك بإعتبار ان النهج المشار إليه يمثل نهج الإسلام والتمسك بأخذ الأحكام من كتاب الله ومما صح من حديث النبي الكريم محمد صلي الله عليه وسلم ويبتعد عن كل المدخلات الغريبة عن روح الإسلام وتعاليمه والتمسك بما نقل عن السلف والذين أثني النبي محمد صلي الله ع8ليه وسلم بقوله خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يأتي من بعد ذلك أناس يشهدون ولا يستشهدون ويخونون ولا يؤتمنون ويكون فيهم الكذب وأخيرا فإن السلفية تمثل في إحدى جوانبها إحدى التيارات الإسلامية العقائدية في مقابلة الفرق الإسلامية الأخرى .
وبخصوص الإمام إبن كثير يرى الأشاعرة أنه أشعرى العقيدة وترى السلفية أنه سلفي الإعتقاد وهو الأرجح وقد جاء في كتاب أهل السنة الأشاعرة شهادة علماء الأمة وأدلتهم تحت عنوان أكابر مفسرى الأمة من الأشاعرة ما نصه الإمام الحافظ المفسر أبو الفداء إسماعيل بن كثير رحمه الله تعالى صاحب التفسير العظيم والبداية والنهاية وغيرها فقد نقل عنه أنه صرح بأنه أشعرى كما في كتاب الدرر الكامنة للإمام إبن حجر العسقلاني وفي كتاب الدارس في تاريخ المدارس للباحث والفقيه عبد القادر بن محمد النعيمي الدمشقي أضف إلى ذلك أنه ولي مشيخة دار الحديث الأشرفية التي كان شرط واقفها أن لا يلي مشيختها إلا أشعرى ويزيد عليه ما في تفسيره من التنزيه والتقديس والتشديد على من يقول بظواهر المتشابه كما مر من قوله عند تفسيره لقوله سبحانه وتعالى في سورة الأعراف إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ إسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ ۗ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ۗ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ حيث قال إبن كثير إن الله سبحانه وتعالي يخبر بأنه خلق هذا العالم سماواته وأرضه وما بين ذلك في ستة أيام كما أخبر بذلك في غير ما آية من القرآن الكريم والستة الأيام هي الأحد والإثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة وفيه إجتمع الخلق كله وفيه خلق آدم عليه السلام وإختلفوا في هذه الأيام هل كل يوم منها كهذه الأيام كما هو المتبادر إلى الأذهان أو كل يوم كألف سنة كما نص على ذلك الإمام والفقيه والمفسر مجاهد بن جبر والإمام أحمد بن حنبل ويروى إبن كثير ذلك من رواية الضحاك عن الإمام حبر الأمة وترجمان القرآن الكريم عبد الله إبن عباس فأما يوم السبت فلم يقع فيه خلق لأنه اليوم السابع ومنه سمي السبت وهو القطع وأما قوله سبحانه وتعالى ثم إستوى على العرش فللناس في هذا المقام مقالات كثيرة جدا ليس هذا موضع بسطها وإنما يسلك في هذا المقام مذهب السلف الصالح الأئمة والمفسرين مالك بن أنس وعبد الرحمن الأوزاعي وسفيان الثورى والليث بن سعد والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وغيرهم من أئمة المسلمين قديما وحديثا وهو إمرارها كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل والظاهر المتبادر إلى أذهان المشبهين منفي عن الله فإن الله لا يشبهه شئ من خلقه فهو ليس كمثله شئ وهو السميع البصير بل الأمر كما قال الأئمة ومنهم نعيم بن حماد الخزاعي شيخ الإمام البخارى من شبه الله بخلقه فقد كفر ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر وليس فيما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيه فمن أثبت لله تعالى ما وردت به الآيات الصريحة والأخبار الصحيحة على الوجه الذى يليق بجلال الله تعالى ونفى عن الله تعالى النقائص فقد سلك سبيل الهدى إلى غير ذلك من الأمثلة الظاهرة الجلية في كونه من أهل السنة الأشاعرة ويقول عبد الله بن محمد بن الطاهر المدرس بمدرسة الإمام البخارى للتعليم العتيق بمدينة أغادير بالمملكة المغربية في مقال له بعنوان أبو ذر الهروى الحافظ المحدث المالكي أول من أدخل العقيدة الأشعرية للحرم المكي وأول من بثها في المغاربة وبلا شك أن الحديث عن العقيدة الأشعرية وصفائها وصحتها لا بد أن يقودنا إلى الحديث عن الأعلام والفقهاء والأئمة والعلماء الذين إعتنقوها ونشروها وإستماتوا في الذود عنها وهم أئمة كان عليهم مدار العلوم الشرعية وآلاتها بكل تخصصاتها عبر إمتداد الزمان والمكان في هذه الأمة أمة النبي محمد صلي الله عليه وسلم العظيمة ثم بدأ بعد ذلك في سرد مجموعة من أسماء بعض كبار علماء وأئمة الأشاعرة على حسب تخصصاتهم فذكر منهم الأئمة والفقهاء والعلماء الكبار أبو عبد الله القرطبي وإسماعيل إبن كثير وأبو محمد عبد الحق إبن عطية الأندلسي من المفسرين وأبو إسماعيل عبد الله الهروى وإبراهيم بن موسي الشاطبي وأبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابورى وأبو الحسن علي الدارقطني من المحدثين وعلاء الدين الكاساني وأبو إسحاق الشيرازى وأبو الوليد محمد إبن رشد من الفقهاء ثم أبو بكر أحمد المعروف بإسم الخطيب البغدادى وعز الدين إبن الأثير وعبد الرحمن إبن خلدون وأبو القاسم علي بن الحسن المعروف بإبن عساكر من المؤرخين والناصر صلاح الدين الأيوبي والسلطان المملوكي ركن الدين الظاهر بيبرس من القادة والحكام وغيرهم الكثير والكثير .
ومن ناحية أخرى ترى السلفية أن الإمام إبن كثير سلفي الإعتقاد في غالب بل في كل مؤلفاته فكان يصرح بها ولعل المتتبع البسيط لتفسيره تفسير القرآن العظيم يرى بوضوح وبدون أدنى لبس أنه على عقيدة شيخه ومعلمه الإمام إبن تيمية وكذلك ما كتبه في أول كتابه الجليل البداية والنهاية عن علو الله على عرشه وإثبات صفة العلو والفوقية لله العلي القدير أما ما أثير حول كونه أشعريا لقبوله مشيخة دار الحديث الأشرفية التي شرط وقفها أن يكون المدرس فيها أشعريا فهو شرط غير ملزم وقد ولي مشيخة دار الحديث الأشرفية علماء سلفيون من قبله مثل الحافظ جمال الدين المزى والحافظ أبو عمرو بن الصلاح أما ما رواه الحافظ إبن حجر العسقلاني فهي كما قال نادرة وقعت بينهما ولم تكن في مقام البيان والإقرار ولا مانع من كون هذه الكلمة على فرض صحتها أنها خرجت منه على سبيل الفكاهة فهذا الحافظ إبن حجر يقول عنه في كتابه الدرر الكامنة وأخذ عن إبن تيمية ففتن بحبه وإمتحن بسببه وكان كثير الإستحضار حسن المفاكهة وسارت تصانيفه في البلاد في حياته وإنتفع بها الناس بعد وفاته فنجد الحافظ إبن حجر يقول إنه حسن المفاكهة والمقصود بقوله لأنني أشعرى هو ما وضحه الإمام برهان الدين بن شمس الدين إبن القيم الجوزية حين قال له لو كان من رأسك إلى قدمك شعر أى كثرة الشعر وهذا من باب المعاريض وهو جائز في المفاكهة والتندر بلا ريب فرسول الله صلى الله عليه وسلم عندما سأله الرجل البدوى في غزوة بدر من أين أنت قال أنا من ماء وهذا ما يسمى تعريض ومما يقوى رأى السلفية هو ما قاله الإمام إبن كثير بنفسه عن رجوع الأشعرى عن ما قاله في العقيدة فلو كان إبن كثير أشعريا فهو إذن على العقيدة التي يعتقد أن الأشعرى قد إستقر عليها آخر عمره كما يقوى ذلك شدة تأثره بأستاذه وشيخه الإمام إبن تيمية وتبجيله له وإنتصاره له حتى توفي ودفن بجواره وفي واقع الأمر فقد خالف إبن كثير أصول الأشاعرة وردهم في كثير من المواضع وكان مساندا لشيخه الإمام إبن تيمية وبالذات في مسائل الإعتقاد فالذهاب إلى أنه أشعرى لحادثة قبوله الوظيفة فهو يعلم أنه لا يلزم صاحب الوقف هذا الشرط في الوقف بل إن إبن كثير نشر عقيدة السلف وخالف الأشاعرة في دروسه كما أن عامة تلامذته من السلفية وأن مرد الكلام كله أن صاحب الكلام أعني القاضي تاج الدين السبكي كان عدوا لدودا لشيخ الإسلام إبن تيمية وهو أحد أهم الأسباب في سجنه بقلعة دمشق وكان ذو نفوذ وقوة عند حاكم البلاد آنذاك فسطر في كتابه ما أراد كونه أشعريا وكان الكل من طلاب شيخ الإسلام كالإمام إسماعيل إبن كثير والإمام شمس الدين إبن القيم الجوزية وغيرهم يدركون أن مواجهة القاضي تاج الدين السبكي تعني الإحتجاز بسجن القلعة وحدث هذا بالفعل للإمام إبن القيم فقد سجن هو الآخر ولكن الإمام إبن كثير تلافي ذلك وإبتعد عن مواجهة القاضي تاج الدين السبكي فلا يصح الإستدلال بأدلة وقرائن الخصم والغريم وهذا مبدأ ثابت ومعلوم عند أهل الأصول والفقه والعلم .
وعن آراء العلماء والفقهاء في الإمام إبن كثير فقد قال عنه الإمام والمؤرخ شمس الدين الذهبي هو الإمام الفقيه المحدث البارع عماد الدين إبن كثير درس الفقه وأفتى وتفهم العربية والأصول ويحفظ جملة صالحة من المتون والرجال وأحوالهم وله حفظ ومعرفة وقال الذهبي أيضا في كتابه المعجم المختص هو الإمام المفتي المحدث البارع ثقة متفنن محدث متقن وقال عنه الإمام والمؤرخ جلال الدين السيوطي الإمام المحدث الحافظ ذو الفضائل عماد الدين وقال عنه المؤرخ الشهير إبن تغرى بردى الشيخ الإمام عماد الدين أبو الفداء جمع وصنف ودرس وحدث وألف وكان له إطلاع عظيم في الحديث والتفسير والفقه والعربية وغير ذلك وقال الفقيه والمؤرخ والمحدث إبن حبيب الحلبي عنه إنه إمام من ذوى التسبيح والتهليل وزعيم أرباب التأويل سمع وجمع وصنف وأطرب الأسماع بقوله وشنف وحدث وأفاد وطارت أوراق فتاويه إلى البلاد وإشتهر بالضبط والتحرير وإنتهت إليه رئاسة العلم في التاريخ والحديث والتفسير وقال عنه المؤرخ والكاتب خير الدين الزركلي هو حافظ مؤرخ فقيه وغير آراء العلماء في الإمام إبن كثير كان لهم أيضا آراء في مؤلفاته حيث قال جلال الدين السيوطي عن تفسير الإمام إبن كثير وله التفسير الذى لم يؤلف على نمطه مثله وقال الحافظ شهاب الدين أبو الفضل إبن حجر العسقلاني في كتابه الدرر الكامنة وسارت تصانيفه في البلاد في حياته وإنتفع بها الناس بعد وفاته وقال المؤرخ شمس الدين الذهبي في المعجم المختص إن له تصانيف مفيدة وقال إبن تغرى بردى عن كتابه البداية والنهاية وهو في غاية الجودة وعليه يعول البدر العيني في تاريخه وعن تلاميذه فقد تتلمذ على يده عدد كبير من العلماء الذين لهم ثقلهم في العلم مثل الإمام المحدث والحافظ والفقيه علاء الدين بن يحيى الشافعي والإمام المحدث والحافظ والفقيه محمد بن خضر القرشي والإمام والشيخ شرف الدين مسعود الأنطاكي النحوى والإمام والحافظ محمد بن أبي محمد الجزرى والإمام والفقيه الشافعي محمد بن إسماعيل بن كثير والإمام والحافظ والفقيه الحنفي صدر الدين بن أبي العز الحنفي والمؤرخ والحافظ والمحدث أبو المحاسن الحسيني وأخيرا كانت وفاة الإمام إسماعيل إبن كثير رحمه الله طبقا لما إتفق المؤرخون عليه بدمشق يوم الخميس السادس والعشرين من شهر شعبان عام 774 هجرية الموافق يوم التاسع عشر من شهر فبراير عام 1373م عن 72 عاما وكانت جنازته مشهودة وكبيرة وحافلة بكل الأطياف لحبهم للإمام إبن كثير وحزنهم عليه ودفن بوصية منه في دمشق بتربة شيخ الإسلام الإمام إبن تيمية المعروفة بإسم مقبرة الصوفية لمحبته له وتأثره به لينعم بجواره حيا وميتا وقد رثاه أحد طلاب العلم فقال لفقدك طلاب العلوم تأسفوا وجادوا بدمع لا يبيد غزير ولو مزجوا ماء المدامع بالدما لكان قليلا فيك يا إبن كثير رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله عن الإسلام والقرآن الكريم خير الجزاء .
|