بقلم الدكتور/ محمود رمضان
لكل نبوغ موطن صحي وعصامية رجال وأرض خصبة ترويها العادات والتقاليد الأصيلة التي ترتبط بالجذور الراسخة، والتمسك بتقوى الله سبحانه وتعالى والتربية الواعية والحرص على التميز .. من هنا نبت كيان إنساني بمعنى الكلمة، مؤرِّخ صاحب مقال ومفكر عظيم الشأن بدرجة إنسان يتميز بالخلق العالى والطيبة والشهامة والأصالة أيضاً.
إنه صديقي العزيز سعادة الأستاذ الدكتور /سعد بن ثامر الحميدي يحفظه الله أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر الإستشاري الثقافي بوزارة الثقافة والفنون والتراث سابقاً- دولة قطر ؛ المؤرخ الموضوعي صاحب الجهد والإثراء العلمي والثقافي المتميز، والإحساس والعاطفة والتسامح والخيال أيضاً، وقد برز ذلك من خلال المشاركات العلمية له في المؤتمرات المحلية والإقليمية والدولية.
أخ أكبر مخلص وزميل محترم وصديق عزيز ..يحرص على دوام الإبتسامة الطيبة والقلب النقي والمحبة مع كل من يتعامل معه ؛ كأن له يراع فنان بارع يرسم بمداد من الود والحب للوطن أجمل لوحة لقطر في كافة علاقاته الإنسانية التي تتسم بالباقة واللياقة والدبلوماسية والرقي.
أتذكر تفاني سعادته معي وحرصه على أن أنتهي من دراسة الماجستير والدكتوراه منذ عام 1998م، والصبر والمثابرة التي عشنا أيامها الصعبة في بدايات العمل في الدوحة وكيف كان هو السند والصديق العزيز في دعم المواقف المختلفة.
صارت مدينة الخور بأبراجها التاريخية بالنسبة لي مدينتي وأصدقائي بها، بل أهلي من محبة د.الحميدي؛ اعتدنا أن نتواصل معاً في الصباح الباكر قبل أي صديق وكذلك في مساء كل يوم منذ ربع قرن من الزمن وحتى هذه اللحظة، كُنت أرى جمال لحظة أي نجاح ليّ أو نتيجة أي عمل جيد انجزته، أراه في لمعة عينيه وملامح وجهه الصادقة التي تنطق بعبارات الدعم الكبير المتمثل في تعبيره عن سروره بذلك النجاح على شكل تهنئة تجلب ليّ كمية هائلة من البهجة، وتغمر قلبي بالسعادة أيضاً.
كنز من المعرفة والثقافة والود يكمن في صداقتنا معاً، ارتبط الحميدي بمصر ونيلها الخالد، ومال فؤادي عشقاً لتراب قطر الأبي، وكان من ثمار ذلك أن اشتركنا في إنتاج أعمال علمية منهجية متخصصة في التاريخ الحديث وكتابات في الثقافة والفن أيضاً، منها كتاب بعنوان مجلس التعاون لدول الخليج العربية والهند الأمن القومي والعمق الاستراتيجي، ولأن المؤرِّخ د.الحميدي غَوَّاص ماهر يَغُوص في بحور الدراسات ومصادرها الأصلية للوصول إلى الحقيقة التاريخية، بل رُبَّان محترف يَقود السفينة المبحرة نحو المغاصات أو الهيرات وسط الأمواج العاتية من الأراء والأفكار المختلفة، لكنه بحنكة المؤرِّخ يخرج لنا خلاصة تجربته الإنسانية المهمة التي تتمثل في موضوعية ما يطرحه منهجياً في مؤلفاته العلمية المتخصصة القيمة وأفكاره النيرة أيضاً. فأنتج لنا د.الحميدي مجموعة متميزة من المؤلفات التاريخية المتخصصة في تاريخ قطر الحديث والمعاصر وبخاصة عن دور النفط فى علاقات قطر الدولية، والعلاقات القطرية السعودية، وبحثه العلمي المتميز المنشور بمجلة كلية الآداب جامعة المنصورة المتخصصة المحكمة بعنوان توجيه عبدالعزيز بن سعود نحو قطر في الربع الأول من القرن العشرين، بالإضافة إلى بحثه المنشور بمجلة التجربة الآسيوية وهي مجلة متخصصة محكمة أيضاً تصدر عن معهد الدراسات الآسيوية جامعة الزقازيق بعنوان شط العرب والصراع في الخليج العربي، وكتابه القيّم بعنوان الصراع بين القوميتين العربية والتركية وأثره في إنهيار الدولة العثمانية في الربع الأول من القرن العشرين أيضاً.، ويمتلك مكتبة علمية تاريخية متميزة جداً عامرة بمصادر التاريخ والمعارف والثقافة والفنون والعلوم الاجتماعية وغيرها .
تغمرني سعادة كبيرة بزيارته في مكتبه في الطابق 19 كان، وأشاهد التطور المستمر للعمارة والحداثة في المناطق المحيطة بالمبنى ونتناقش دائماً حول المشهد الثقافي العربي بشكل عام والأمنيات الطيبة لتحقيق ثقافة عربية بمضمون ومحتوى يُغذي العقل ويبني فكر الشباب العربي بمنهج متزن، كما أن سعادته يوجه الدعوة ليّ بشكل شبه يومي على اللقاء وتناول القهوة أو الغذاء وأنا كذلك حتى ولو كان كل منا في بلد آخر، هكذا اعتاد كلانا.. هذا هو الود المتواصل؛ نشترك معاً في محبة أساتذتنا الكرام وكل كبير وكذلك كل الناس بمنتهى التواضع والإخلاص، مع مزيد من النجاح والتوفيق صديقي العزيز.
=========
* ( تبسيط الثقافات والمعارف والتاريخ والحضارة والآثار والفنون والعلوم الإنسانية وروافدها واتاحتها للمجتمعات البشرية في هذا الكون- المعرفة ليست حكراً على أحد)
(الثقافة حق للجميع -لا حَجْرَ على فِكْر) |