بقلم الدكتور/ عادل عامر
مدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية
اعتمدت فعاليات التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي، ومنها مبادرة "كتف في كتف" على تقديم مساعدات حقيقية تتماشى مع قاعدة بيانات واضحة تضمن وصول المساعدات لمستحقيها، مع عدم تكرار المساعدات لنفس المناطق والأشخاص مرة أخرى وتوزيعها بصورة عادلة فتم إنشاء قاعدة بيانات دقيقة للمستفيدين وتطوير الخدمات بشكل يتواكب مع تلك القاعدة الجديدة، والتي تم بناؤها اعتمادًا على معلومات توفرت في أكثر من 25 ألف جمعية قاعدية، وأكثر من 30 كيانا ومؤسسة كبيرة في مصر إلى جانب التعاون الوثيق مع قواعد بيانات الجهاز التنفيذي للدولة بما يضمن النجاح الكامل للمبادرة.
ولأول مرة فى تاريخ العمل الأهلي فى مصر، يتم رسم سياسات عمل الجمعيات الكبرى بشكل تشاركى تكاملى، والدخول فى مشروعات مشتركة مع التخطيط بشكل مسبق لضمان تحقيق التكامل وليس المنافسة والتكرار بين المؤسسات الأهلية، ما ساهم فى إنفاق 12 مليار جنيه خلال 10 أشهر لمساعدة 30 مليون مواطن فضلا عن توفير 39.500 فرصة عمل من خلال المشروعات الصغيرة والمتوسطة وبالأخص مشروعات رؤوس الماشية، فضلًا عن إطلاق مبادرة "ازرع" لدعم ملف الزراعة وتحسين أحوال صغار الفلاحين ودعمهم وتشجيعهم على زراعة المحاصيل الاستراتيجية.
أن الدولة المصرية قد أعلنت عام 2022 عام المجتمع المدني، وتعكف على خلق ظروف مواتية لتعزيز المجتمع المدني، في ظل ظروف عالمية أثرت بشكل سلبي على مساحات المجتمع المدني في معظم أنحاء العالم إذ نجد البرلمان الأوروبي يعلن في مارس 2022 تقلص مساحة المجتمع المدني في أوروبا بشكل متزايد. ويقدم ملاحظات حول الانكماش العام لمجال المجتمع المدني في بعض دول الاتحاد الأوروبي وهو ما يمثل تهديدًا خطيرًا لسيادة القانون والديمقراطية والحقوق الأساسية.
تستهدف تلك المبادرة بالأساس دعم الفئات الأولى بالرعاية والأكثر استحقاقا، لتخفيف العبء عنهم في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة، وبدأها التحالف الوطني للعمل الأهلي في المحافظات الحدودية..
الهدف الرئيسي من المبادرة توزيع 6 ملايين صندوق مواد غذائية قبل شهر رمضان على الأسر الأولى بالرعاية، أو الأكثر استحقاقا، بمشاركة كافة المؤسسات المنضوية تحت مظلة التحالف.
كان هناك إطلاق تجريبي للمبادرة، في 16 محافظة كـ"بروفة أولية" قبل الانطلاقة الكبرى، وجرى توزيع العديد من صناديق الغذاء على المستحقين.
ستنطلق السيارات اليوم محملة بصناديق المواد الغذائية بعد إتمام الاستعدادات، في جميع المحافظات المصرية، للوصول للمستحقين وفق قاعدة بيانات سبق إعدادها وتجهيزها من قبل التحالف الوطني.
الصندوق يضم السلع الأساسية التي تحتاجها الأسرة المصرية على مائدة الإفطار في رمضان.
هناك تنسيق تام بين المؤسسات وتضافر جهود بشكل غير مسبوق مع العمل وفق قاعدة بيانات موحدة ومدققة، للأسر الأكثر احتياجا في مصر.
جرى إطلاق التحالف منتصف مارس 2022، عقب إعلان الرئيس المصري عام 2022 عاما للمجتمع المدني.
يستهدف بالأساس تنسيق الجهود بين كافة أطراف العمل الأهلي والتنموي تحت مظلة واحدة، بالتكامل مع جهود الحكومة والقطاع الخاص.
نجح التحالف في ضم 32 كيان تنموي وخدمي من رواد العمل المجتمعي في مصر، بإجمالي عدد متطوعين وصل لأكثر من 250 ألفا.
وتعتبر مبادرة "كتف فى كتف" الأكبر من نوعها، واستهدفت توفير أكثر من 4 ملايين كرتونة من المواد الغذائية فى جميع المحافظات قبل شهر رمضان، فضلا عن إنشاء مطابخ على مستوى المحافظات لتوفير الوجبات الساخنة للمواطنين.
وتكفى كرتونة السلع الخاص بمبادرة «كتف فى كتف»، أسرة مكونة من 5 أفراد لمدة شهر تقريبًا، فى ظل الاعتماد على 50 ألفًا من متطوعي التحالف الوطني.
وانطلقت أولى فعاليات مبادرة كتف فى كتف يوم 10 مارس فى 16 محافظة بالتوازي، وهى (القاهرة – الجيزة – القليوبية – الغربية – المنوفية – الشرقية – الدقهلية –كفر الشيخ – البحيرة – الإسكندرية – الإسماعيلية – الفيوم – بنى سويف – سوهاج – الأقصر – أسوان).
وقد تم التركيز فى البداية على استهداف المحافظات التى بها تجمعات أكثر وأعداد متطوعين أكثر، ولم تكتف المبادرة بتقديم المساعدات العينية والمواد الغذائية فقط، بل نظمت الهيئة العامة لقصور الثقافة عددًا من الفعاليات الثقافية والفنية بمحافظات: الأقصر، وكفر الشيخ، والشرقية، والقاهرة، من خلال ورش حكى للأطفال عن أهمية المشاركة المجتمعية، بالإضافة إلى العروض الفنية التى تناولت أهمية العمل التطوعى والتفاعل مع المجتمع. أ
ن هذه المبادرة تعد ترسيخًا للتلاحم والتكاتف الكامل بين الدولة ومؤسسات العمل الأهلي التنموي، وإيمانًا من الرئيس السيسي بالطاقات والجهود التي تمتلكها مؤسسات العمل الأهلي كشريك فاعل وأساسي في عملية التنمية؛ وهو ما تُرجم لأكثر من فعل آخرها المبادرة الأكبر "كتف في كتف"، مؤكدًا أهمية استمرار المشاركة الفعالة للجميع؛ بما يحقق أهداف العمل الوطني في تنمية المجتمع المصري بالتوازي مع المؤسسات الحكومية،
حيث وجه مناشدة للشعب المصري، بمختلف فئاته، بضرورة الوقوف على قلب رجل واحد، وإرساء مبادئ العمل التكافلي للجميع، لاستحضار روح التكاتف والتلاحم في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة، وتوسيع نطاق الحماية الاجتماعية، لمساندة الأسر الأولى بالرعاية، والعمل على توفير المقومات الأساسية لحياة كريمة للبسطاء ومحدودي الدخل. إذا ذكرنا بعض المبادرات التي أطلقتها “مؤسسة حياة كريمة، أحد أبرز كيانات التحالف الوطني” والتي استفاد منها ملايين من المواطنين الأكثر فقرًا واحتياجًا نجد منها: مبادرة “وصل الخير” والتي بلغ عدد المستفيدين منها 1.5 مليون مواطن، ومبادرة “راجعين نتعلم” والتي بلغ عدد المستفيدين منها 40000 طالب وطالبة، ومبادرة “التعليم حياة” التي استفاد منها 24000 طالب، ومبادرة “أنت الحياة” -وهي قافلة شاملة توعوية اجتماعية صحية ثقافية بيئية- والتي استفاد منها 52000 مواطن، ومبادرة “يدوم الفرح” والتي هدفت إلى الإرشاد الأسري للمقبلين على الزواج وتجهيز الفتيات المقبلات على الزواج واستفاد منها 800 فتاة. هذا إلى جانب مبادرة “قطار الخير”، ومبادرة “ستر وعافية” والتي استفاد منها 320 ألف مواطن، والمبادرة الأكبر التي نحن في صددها الآن “مبادرة كتف في كتف”.
وسيتم إنشاء مطابخ على مستوى المحافظات لتوفير الوجبات الساخنة للمواطنين ضمن مبادرة “خيرك سابق” والتي تستهدف إطعام 5 ملايين مواطن من خلال الوجبات السخنة، وسيوفر التحالف الوطني كذلك الكثير من موائد الرحمن خلال شهر رمضان. دائمًا ما كان بُعد الحماية الاجتماعية حاضرًا بقوة على أجندة الدولة المصرية؛ فمنذ بدء الأزمة الروسية الأوكرانية، وجهت القيادة السياسية الحكومة باتخاذ إجراءات فورية لتخفيف آثار التداعيات الاقتصادية العالمية، وتوفير وتأمين السلع الغذائية للمواطن المصري؛ فتم اتخاذ موجات عديدة من الإجراءات لمواجهة تداعيات الأزمة، وزيادة العلاوة الدورية للموظفين بالجهاز الإداري للدولة، بالإضافة لزيادة المعاشات.
وكانت آخر موجة للحماية الاجتماعية في مطلع الشهر الجاري “2 مارس” عندما اتخذت القيادة السياسية قرارات عاجلة التنفيذ تنفذ بدايةً من شهر أبريل المقبل منها: تحسين دخول العاملين بالجهاز الإداري للدولة وأصحاب الكادرات الخاصة ، بحيث يزداد دخل الموظف في الجهاز الإداري بنحو 1000 جنية كحد أدنى؛ وزيادة الحد الأدنى للأجور للعاملين بالدولة؛ بالنسبة للدرجة السادسة وما يعادلها قدرت بقيمة 3500 جنيه شهريًا، وبالنسبة للعاملين بالدرجة الثالثة النوعية وما يعادلها فقدرت بـ 5000 جنيه شهريًا، وبالنسبة لحاملي درجتي الماجستير والدكتوراه من العاملين بالقطاع الحكومي لتكون بقيمة 6000، و 7000 جنيه شهريًا على التوالي، وأيضًا زيادة المعاشات بنسبة 15%؛ هذا إلى جانب رفع حد الإعفاء الضريبي على الدخل السنوي من 24 ألف جنيه ليكون بقيمة 30 ألف جنيه سنويًا؛ ذلك فضلًا عن زيادة الفئات المالية الممنوحة للمستفيدين من برنامج تكافل وكرامة بنسبة 25% شهريًا.
علمًا بأن تفعيل حزمة الحماية الاجتماعية هذه يتكلف نحو 150 مليار جنيه سنويًا، بالإضافة إلى تحمل الدولة أعباء إضافية بقيمة 54 مليار جنيه لدعم الخبز والذي ارتفعت أسعاره نتيجة التداعيات والظروف العالمية الراهنة. وكل هذه الإجراءات تؤكد انحياز القيادة السياسية لشواغل الشارع المصري؛ وسعيها إلى تخفيف آثار الأزمة الاقتصادية العالمية، والتي انعكست بطبيعة الحال على الأسعار ومعدلات التضخم في مصر، فنجد أنه إلى جانب إجراءاتها لحزمة الحماية الاجتماعية، أعلنت أن أغلب مخصصات الموازنة الجديدة 2033/ 2024 ستوجه إلى الحماية الاجتماعية.
ختامًا، يتضح أن المبادرات التي يجريها المجتمع المدني تعد ركنًا مهمًا في عملية التنمية بالدولة، وداعمًا أساسيًا لمثلث التنمية والحماية الاجتماعية مع القطاع الخاص وإجراءات الحماية الاجتماعية التي تجريها الحكومة؛ لتوفير غطاء آمن للفئات الأكثر تضررًا؛ إذ تمتلك مؤسسات المجتمع المدني كوادر من المتطوعين تستطيع تقديم الخدمات المجتمعية للفئات المستهدفة بسرعة وفاعلية.
|