الخميس, 5 ديسمبر 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

أرطغرل بن سليمان شاه

أرطغرل بن سليمان شاه
عدد : 07-2023
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
tbadrawy@yahoo.com
موسوعة كنوز “أم الدنيا"


أرطغرل بن سليمان شاه القايوى التركماني ويسمي إختصارا أرطغرل بك هو أحد أهم الشخصيات في التاريخ الإسلامي والتركي حيث أنه بذل جهدا كبيرا لجعل الأناضول وطنا له ولقبيلته وشارك في حروب السلاجقة ضد المغول وأنهى الهيمنة البيزنطية علي إقليم الأناضول كما أنه يعد أول من وضع حجر الأساس لقيام الإمبراطورية العثمانية التي دامت عدة قرون وإستكمل مسيرته من بعده إبنه عثمان الأول الذى يعده المؤرخون مؤسس الدولة العثمانية والتي نسبت إليه وغالبا ما يشار إلى أرطغرل بك وإلى إبنه عثمان وحفيده أورخان وإلى نسلهما من سلاطين الدولة العثمانية الذين جاهدوا وغزوا في سبيل الله بلقب غازى أى مقاتل وبطل ومجاهد في سبيل رفع كلمة الإسلام ومعني إسم ارطغرل والذى يتكون من مقطعين الأول أر أى الرجل أو البطل أو الجندى وطغرل وهو طائر نسر العقاب القوى الذى يعد من أقوى الطيور الجارحة وبذلك يكون معني الإسم الطير القوى البطل وهو ينحدر من القبيلة الأولى من قبائل الأوغوز البالغ عددها 24 قبيلة بما كان يمثل تحالف أو إتحاد قبلي تركي إصطلح على تسميته بدولة أوغوز ياغبو والتي كانت دولة تركية أسسها الأتراك الأوغوز في عام 766م في منطقة آسيا الوسطى خلال فترة العصور الوسطى المبكرة وتحديدا في المنطقة الممتدة بين سواحل بحر قزوين وبحر آرال والتي تقع في دولة كازاخستان حاليا وقد نزحت هذه القبائل من شرق إيران إلى الأناضول هربا من الغزو المغولي الذى إجتاح آسيا الوسطى ووصل إلي المشرق الإسلامي خلال الفترة من أوائل القرن الثالث عشر الميلادى وحتي منتصفه وكان أرطغرل بك من عائلة بكوات عشيرة قايى التي تعد من سلالة خاقانية الأوغوز وهي الإمبراطورية التركية التي إستمرت نحو قرن من الزمان بين منتصفي القرن الثامن والتاسع الميلاديين وكانت عبارة عن إتحاد قبلي تكون في أراضي دولة منغوليا الحالية بوسط القارة الآسيوية وكان والد أرطغرل بك وهو سليمان شاه وأيضا أجداده من بكوات أو أمراء هذه العشيرة والتي كان مذهبها هو المذهب الحنفي أى أنهم كانوا ينتمون إلي أهل السنة والجماعة هذا وتعد قبيلة قايي أعظم قبائل الأوغوز الأربعة والعشرين وتعني كلمة قايى الشخص الذى لديه القوة والسلطة وكان رمز هذه القبيلة طائر السنقر الذى يعد أضخم أنواع الصقور وكان مولد أرطغرل بك علي الأرجح عام 1191م وزوجته هي حليمة خاتون والتي كان لها دور كبير في مساعدة زوجها وإدارة شؤون القبيلة وله منها 3 أبناء هم غوندوز وسافجي وعثمان وقد عرف أرطغرل منذ صباه بالقوة والمهارات القتالية والذكاء والعدل والكرم والشجاعة مثل والده سليمان شاه وقد سار على نهج الصالحين وأراد أن يعد قبيلته إعدادا محكما ويبني فيها القيم والمثل والإيمان والعمل بعدما تولي قيادتها بعد وفاة والده .


وتاريخيا فقد وصلت قبيلة قايي إلى أعالي الجزيرة بين نهرى دجلة والفرات في عهد زعيمها كندز آلب جد أرطغرل بك وسكنت في المراعي المجاورة لمدينة أخلاط في منطقة شرق الأناضول الشرقية ثم توفي كندز آلب في العام التالي لنزوح عشيرته إلى الجزيرة الفراتية فترأس العشيرة إبنه سليمان شاه وإرتحل بعد ذلك أرطغرل مع أبيه وقبيلته إلى مدينة إرزنجان بشرق الأناضول وكانت مسرح للقتال بين سلاجقة الروم والخوارزميين وعلي الأرجح فقد تركت قبيلة قايي منطقة أخلاط حوالي عام 1229م تحت ضغط الأحداث العسكرية التي شهدتها المنطقة بفعل الحروب التي أثارها السلطان جلال الدين الخوارزمي وهبطت القبيلة إلى حوض نهر دجلة وأسست في موقعها الجديد إمارة صغيرة تميزت علي الرغم من صغر حجمها بأنها كانت بعيدة عن مناطق الغزو المغولي وبعيدة عن نفوذ الإمارات التركمانية القوية في جنوب الأناضول وجنوبه الغربي إلي جانب أن وقوع هذه المنطقة بالقرب من الطريق التجارى الذى كان يربط المناطق البيزنطية في الغرب بالمناطق التي يسيطر عليها المغول في الشرق ولكونها أيضا كانت الإمارة الوحيدة المواجهة للمناطق البيزنطية التي لم تفتح بعد فلكل هذه الأسباب نجدها قد جذبت إليها الكثير من التركمان الراغبين في الغزو والدراويش والمزارعين الفارين من بطش المغول وكان في عام 1227م علي الأرجح قد أصبح أرطغرل قائدا لجماعة قبيلة قايى وكان قد بلغ من العمر 36 عاما وأصبح أحد الحكام المحليين الذين يعرفون بلقب أوج باى أى محافظ الحدود أو أحد أمراء الحدود أو أمراء التخوم الذين يعملون تحت إمرة سلاطين دولة سلاجقة الروم والتي كانت قد قامت في الجناح الغربي لدولة السلاجقة العظام في عام 1077م على يد سليمان بن قتلمش نسيب السلطان السلجوقي ألب أرسلان وذلك بعد معركة ملاذكرد التي وقعت عام 1071م بين دولة السلاجقة العظام والبيزنطيين والتي فتحت أبواب إقليم الأناضول أمام المسلمين بست سنوات فقط حيث إنساب السلاجقة إلى الربوع الأناضولية التي إستعصت على المسلمين قبلهم رغم توغلهم في أرجائها أكثر من مرة منذ بداية العهد الأموى بداية من منتصف القرن السابع الميلادى وفتحهم المدن والقلاع الحصينة بعد مصادمات قاسية مع البيزنطيين إستمرت حتَى أواخر القرن الثاني عشر الميلادى وتمكَنوا من تثبيت أقدامهم في البلاد الجديدة بفضل الهجرات التركمانية المستمرة من الشرق .

ومنذُ نهاية القرن المذكور بدأت تظهر المعالم السياسية والحضارية لدولة سلاجقة الروم وتنامت قوة هذه السلطنة مع مرور الزمن فأضحت مرهوبة الجانب وتوسعت على حساب جيرانها وبِخاصة الإمبراطورية البيزنطية وبسط السلاجقة سيطرتهم على مساحة واسعة من الأناضول وتدخلوا في النزاعات التي كانت تنشب بين جيرانهم وعبروا البحر الأسود وفتحوا سوداق في شبه جزيرة القرم وفرضوا الجزية على القفجاق وهو إقليم يقع بحوض نهر الفولجا بجنوب شرق روسيا الحالية وشمال البحر الأسود والقوقاز وقد بلغت سلطنة سلاجقة الروم أقصى إتساعها في عام 641 هجرية الموافق عام 1243م فشملت معظم أنحاء الأناضول وقيليقية في الجنوب الشرقي وأرمينية في أعالي الفرات وأجزاء من شمالي الشام والجزيرة الفراتية وإتخذوا من مدينة قونية بوسط جنوب الأناضول عاصمة لهم وكان منح لقب أوج باى لأرطغرل بك يتمشى مع التقاليد التي درجت عليها الحكومة السلجوقية وهو منح أى رئيس عشيرة يعظم أمره ويلحق به عدد من العشائر الصغيرة لقب محافظ حدود وحسب المصادر التاريخية فإن أول ظهور فعلي لأرطغرل حين سارع مع جيشه لمساعدة السلاجقة في معركة وقعت بالقرب من سيفاس القريبة من العاصمة التركية مدينة أنقرة حاليا ضد الوحدة المغولية الكبرى ورغم عدم معرفته بأطراف القتال فإنه أقبل على المعركة بمجرد مشاهدته ضعف الجيش الذى يرفع راية الإسلام وقد أوشك على الإنكسار وبفضل مساندة أرطغرل إنتصر الجيش السلجوقي وكافأه الحاكم السلجوقي علاء الدين قيقباد الأول بمنحه عدة أقاليم ومدن ليصبح أميرا عليها وصار لا يعتمد في حروبه مع مجاوريه إلا على أرطغرل ورجاله وكان عقب كل إنتصار يقطعه أراض جديدة ويمنحه أموالا جزيلة ثم لقبَ قبيلته بمقدمة السلطان نظرا لوجودها دائما في مقدمة الجيوش وتمام النصر على يديه وقد شارك أرطغرل في حروب السلاجقة ضد المغول وقام بهجمات على الأراضي البيزنطية وجدير بالذكر أن السلطان السلجوقي علاء الدين قيقباد الأول كان قد تقلد سلطنة سلاجقة الروم ما بين عام 1220م وعام 1237م وإستطاع أن يوسع حدود السلطنة على حساب جيرانه وخصوصاً إمارات المنكوجكيين والأيوبيين كما دعم وجود السلاجقة في البحر المتوسط بعد سيطرته على ميناء ألانيا بجنوب شرق الأناضول الذي سمي هكذا على إسم علاء فيما بعد تكريما له كما أخضع جنوب شبه جزيرة القرم لسيطرة السلاجقة لفترة وجيزة من الزمن بعد غزوه لسوداك بدولة أوكرانيا حاليا على البحر الأسود ويلقب هذا السلطان أيضا بقيقباد العظيم وذكره المؤرخ إسماعيل إبن كثير بأنه كان من أَعدل الملوك وأحسنهم سيرة ويذكر اليوم بتراثه المعماري الغني والثقافة الرائعة التي إزدهرت في ظل حكمه .

وكان من الأراضي التي منحها السلطان السلجوقي علاء الدين قيقباد الأول لأرطغرل بك كمكافأة له عي معاونته في حروبه مع الروم البيزنطيين وإخماده بقواته أى ثورة كان يقوم بها بقايا البيزنطيين أو أى جماعة أخرى في المنطقة أراض في منطقة جبلية بالقرب من أنقرة إستوطن بها هو عشيرته وبعد ذلك قام أرطغرل في شتاء عام 1231م بعد ذلك بضم قرية سكود وتسمي أيضا سوغوت وهي تقع قرب كوتاهية غربي تركيا حاليا في محافظة بيله جك بمنطقة مرمرة التركية إلى الأراضي التي كانت تحت سيطرته مكونا إقطاعية خاصة به وجدير بالذكر أن هذه القرية كانت العاصمة الأولي للدولة العثمانية عند تأسيسها في عام 1299م علي يد عثمان إبن أرطغرل بك وإنتقل بعد ذلك ارطغرل بك إلى منطقة دومانيش وهي تقع قرب كوتاهية أيضا وقضى الصيف هناك ومن هذه المناطق بدأ أرطغرل في تنظيم الغارات على القرى والبلدات الواقعة داخل حدود بيزنطة ومما يذكر أنه كان من الذين إنضموا إلي أرطغرل بك فيما بعد قبائل عديدة من التركمان عندما إتسعت رقعة الأراضي التي فتحها خلال نصف قرن كما أصبح من بين رعاياه مسيحيون من الروم نتيجة الفتوحات التي قام بها وفي نفس العام المذكور في السطور السابقة شن السلطان علاء الدين قيقباد الأول عملية عسكرية ضد بيزنطة لتأمين الحدود الغربية لدولته وإنضم الجيش السلجوقي القادم من قونية إلى أرطغرل بك وأتباعه لدعم السلطان في إسكي شهر وهي مدينة تقع في الشمال الغربي لتركيا تبعد 233 كم عن غرب أنقرة كما أنها تبعد 330 كم عن جنوب شرق إسطنبول وإنتصر السلاجقة في المعركة التي نشبت عند منطقة تسمي بازاريري ضد قوات الإمبراطور البيزنطي تيودور الثاني لاسكاريس بدعم من أرطغرل ومحاربيه وبعدها سلم السلطان علاء الدين قيقباد الأول إسكي شهر كجائزة إلى أرطغرل وبعد هذا الإنتصار وفرض السلطان علاء الدين قيقباد الأول حصارا على قلعة قره جه حصار وهي قلعة بيزنطية بنيت على هضبة مرتفعة عن سطح البحر 1010 متر بجوار نهر بورسك بجنوب غرب مدينة إسكي شهر محاطة بالجدران وتغطي مساحة ستين ألف متر مربع ولكن عندما ضرب مغول الدولة الإلخانية حصارا على الأناضول إضطر السلطان للعودة إلي عاصمته قونية وأعطى أرطغرل غازى رئاسة العمليات الحربية وبعد صراعات طويلة غزا أرطغرل بك مع الأمراء الأتراك الآخرون قلعة قره جه حصار في أواخر عام 1231م وأوائل عام 1232م وتم توزيع غنائم الحرب فيما بينهم وأرسلوا خمس الغنائم والأسرى من الرؤساء المسيحيين إلى السلطان علاء الدين قيقباد الأول ومما يذكر أن مساحة إقطاعية أرطغرل بك في كوتاهية كانت حوالي 1000 كم2 حين جاء من إرزنجان واستطاع أن يوسع أراضيه خلال نصف قرن إلى حوالي 4800 كم2 تقريبا في عام 1281م ووفقا للروايات التاريخية فبعد وفاة السلطان السلجوقي قيقباد علاء الدين الأول في عام 1237م فقد إستمر ولاء أرطغرل بك للسلاطين السلاجقة المتعاقبين وكان أول من خلفه هو السلطان غياث الدين كيخسرو الثاني وكان آخر من عاصرهم هو السلطان غياث الدين كيخسرو الثالث والذى تولي السلطنة عام 1265م وأعلن أرطغرل بك ولاءه له وقدم له هدايا وافرة عندما زار الحدود الغربية مع بيزنطة عام 1279م .

وبعد هذا العام سلم أرطغرل بك قيادة قبيلة قايي إلى إبنه عثمان وكان قد بلغ من العمر 88 عاما ثم توفي بعد ذلك بعامين في عهد السلطان كيخسرو الثالث حيث كانت وفاته علي الأرجح في عام 1281م عن عمر يناهز التسعين عاما وأوصى إبنه عثمان بوصية طويلة قيمة حثه فيها على ضرورة الإهتمام بأولياء الله من العلماء وكان قد نشأ في مناخ سياسي وعسكرى ملازما لأبيه في ساحات الجهاد نشأة فارس مسلم كما هي عادة فتيان قبائل الترك المرتحلة فأتقن فنون المصارعة والمبارزة بالسيف منذ صغره وإحترف ركوب الخيل والرمي بالنبال والصيد وبرزت مهاراته أمام أقرانه ورافق هذا الإعداد البدني إعداد روحي حيث تلقى عثمان تعليما إسلاميا من مشايخ الصوفية الذين تأثر بهم في زمانه وعلى رأسهم معلمه الشيخ إده بالي القرماني الذي تتلمذ على يده بتوجيه من والده وكان لهذا الشيخ إده بالي مكانة كبيرة لدى الأب أرطغرل وتتحدث الروايات التاريخية عن وصيته لإبنه عثمان بضرورة إحترام شيخه وملازمته والأخذ بنصائحه ومشورته وهي الوصية التي بقي جزء صغير منها مكتوبا عند قبر أرطغرل جاء فيه إنظر يا بني يمكنك أن تؤذيني ولكن لا تؤذ الشيخ إده بالي فهو النور لعشيرتنا ولا يخطئ ميزانه قدر درهم كن ضدى ولا تكن ضده فإنك لو كنت ضدى سأحزن وأتأذى أما لو كنت ضده فإن عيني ستنظر إليك وإن نظرتا فلن ترياك إن كلماتي ليست من أجل الشيخ إده بالي بل هي من أجلك أنت ولتعتبر مقالتي هذه وصية لك وحين توفي أرطغرل بعد سيرة عظيمة حافلة بالفتوحات والإنتصارات كان قد أسس لقبيلته ولدولة السلاجقة مكانة قوية في المنطقة وورث هذه المكانة الكبيرة إبنه عثمان وهو في سن الرابعة والعشرين عاما على الأرجح نظرا لكفاءته وقدراته القيادية التي أظهرها خلال مرافقة أبيه في ساحات الجهاد والحروب والغزوات وأيضا من خلال مجالس القضاء والمشورات ومن ثم تسلم عثمان قيادة القبيلة وإستمر على نهج أبيه من أجل إستكمال رسالة السلطنة السلجوقية الرومية من أجل فتح الأراضي الرومية كافة وإدخالها ضمن الأراضي الإسلامية والخلافة العباسية وشجعه على ذلك حال الضعف الذى دب في جسم الإمبراطورية البيزنطية وأجهزتها حيث أتاح له ذلك سهولة التوسع بإتجاه غربي الأناضول وفي عبور مضيق الدردنيل إلى بلاد أوروبا الشرقية الجنوبية أكثر مما أتاح له الإلتفات نحو جيرانه المسلمين بالإضافة إلى إنهماك البيزنطيين في الحروب في أوروبا وحقق نجاحات مبهرة وكذلك فعل خلفاؤه فقد تابعوا الحملات التي بدأها عثمان إلى أواسط القرن السابع عشر الميلادى لتتحول الإمارة التي وضع أُساسها إلى إمبراطورية عالمية كبرى ونستطيع هنا ان نقول إن عثمان قد إلتزم بوصية والده وكان كأبيه مخلصا للدولة السلجوقية حتى ضعفت وسقطت فقام بتأسيس الدولة العثمانية في عام 1299م لتكون بداية لإمبراطورية جديدة إمتد حكمها عدة قرون .

ولما توفي أرطغرل بك غازى بنى له إبنه السلطان عثمان غازى في البداية قبر مفتوح بمدينة سوغوت تحول لاحقا إلى ضريح حيث تم عمل بناء فوق القبر من قبل السلطان محمد الأول جلبي وجاء تصميمه على شكل بناء مسدس الأضلاع تغطيه قبة وبنيت الجدران من صف حجارة يعلوها صفان من الطوب وفتحت بها نوافذ مستطيلة على الجدران الغربية والجنوبية الشرقية ويمكن الوصول إلى القبر داخل الضريح من خلال مدخل مستطيل الشكل على جانبيه نافذتان وفي عام 1757م أعاد السلطان مصطفى الثالث بناء الضريح وأجرى بعض التعديلات علي البناء الأصلي وفي عام 1886م تم ترميمه من قبل السلطان عبد الحميد الثاني وتم إضافة نافورة مياه إليه للوضوء وقد تعرض هذا الضريح لأضرار كبيرة أثناء الحروب التركية اليونانية التي نشبت بعد الحرب العالمية الأولي ما بين عام 1919م وعام 1922م نتيجة إطلاق النار عليه من جانب الجيش اليوناني وقد أصبح ضريح أرطغرل بك فيما بعد مكانا للزيارة ونظم أفراد قبيلة كاراكيجيلي التركمانية الأعياد في تاريخ الوفاة وتضمنت إحتفالاتهم ألعابا وطنية مثل الرماية والمصارعة وحتي الآن تتم زيارة قبر أرطغرل بالطريقة ذاتها وتقام المهرجانات في سوغوت كل عام في ذكرى وفاته وعلاوة علي ما سبق فقد عمل العديد من السلاطين العثمانيين علي تكريم جدهم الأكبر أرطغرل بك فعلي سبيل المثال ففي عام 1854م أمر السلطان العثماني عبد العزيز الأول ببناء فرقاطة حربية بنيت من الخشب في الترسانة العسكرية العثمانية بالقرن الذهبي بإسطنبول ودشنت في يوم 19 أكتوبر عام 1863م بحضور السلطان العثماني وأُطلق عليها إسم أرطغرل غازى وفي يوم 6 أبريل عام 1889م أصدرت وزارة البحرية أمرا بتعيين الأميرآلاي علي عثمان بك قائدا لرحلة الفرقاطة أرطغرل إلى اليابان من إسطنبول نظراً لتحدثه عدة لغات أجنبية ولمهاراته البحرية وكانت أهمية هذه الرحلة أنها زيارة ودية إلى اليابان لتقديم الهدايا ووسام الشرف العالي أعلى وسام في الدولة العثمانية من السلطان عبد الحميد الثاني إلى إمبراطور اليابان وكان هناك هدف آخر من الرحلة هو إظهار علم الدولة العثمانية في المحيط الهندى وكان عمر الفرقاطة أرطغرل وقتها 25 عاما في خدمة الخلافة العثمانية فتم ترميمها وتجديدها قبيل بدء رحلة اليابان وتم تجديد معظم أخشاب بدنها وبعد إنتهاء الزيارة الدبلوماسية للفرقاطة أرطغرل في اليابان عام 1890م لاقت في طريق العودة حال خروجها من ميناء يوكوهاما الياباني في يوم 15 سبتمبر عام 1890م إعصارا موسميا وإنجرفت بفعل الإعصار والأمواج إلى الساحل حيث غرقت في منتصف الليل بعد 4 أيام بذلت خلالها جهود جبارة من طاقمها للحفاظ عليها بعد إنكسار الصاري الأساسي ثم غرق غرفة الماكينات أيضا فإستحالت السيطرة عليها وإنعدم التحكم بها حتى إرتطمت بصخور الساحل وتحطمت عليها ومات من الفرقاطة نحو 533 بحارا منهم 50 ضابطا منهم قائد الفرقاطة اللواء علي عثمان باشا ونجا من الحادث عدد 6 ضباط وعدد 63 بحارا فقط أعادتهم لاحقا البحرية الإمبراطورية اليابانية إلى إسطنبول على متن الفرقاطتين المدرعتين اليابانيتين التوأمتين هي ياى وكونغوو وكان في إستقبلهم السلطان عبد الحميد الثاني تكريما لهم .

وقام أيضا السلطان عبد الحميد الثاني تكريما لأرطغرل بك غازى في عام 1887م ببناء مسجد وتكية أرطغرل في ضاحية يلدز بحي بشكتاش في إسطنبول بتركيا ويشمل البناء مسجد وتكية وبيت ضيافة ومقبرة ونافورة ومكتبة بالإضافة إلى قاعة الصلاة نفسها وقد تم بناء هذا المجمع بشكل رئيسي كبيت ضيافة لمختلف الشيوخ والعلماء المسلمين الذين كانوا يزورون إسطنبول من مختلف أنحاء العالم الإسلامي آنذاك في محاولة لتعزيز قوة موقف الخلافة العثمانية في العالم الإسلامي وقد تم بناء كل من المسجد ودار الضيافة من الخشب علي طراز العمارة الكلاسيكية في الفترة العثمانية المتأخرة بينما تم بناء المقبرة والمكتبة والنافورة على طراز الفن الجديد وكانت هذه المقبرة هي آخر ما بني في هذه المجموعة حيث بنيت لاحقا ما بين عام 1905م وعام 1906م بعد وفاة الشيخ حمزة ظافر الليبي في عام 1903م الذى نقلت رفاته إليها ثم دفن فيها أيضا إخوته من بعده وحدث بعد ذلك في عام 1925م بعد سقوط الدولة العثمانية وقيام الجمهورية التركية عام 1923م أن ألغيت التكايا تم إغلاق كل من التكية والمسجد وتحويل مبنى دار الضيافة إلى مدرسة إبتدائية وفي عام 2008م بدأ ترميم جميع المباني إلا دار الضيافة ثم إفتتح الرئيس التركي عبد الله جول المسجد والمقبرة للجمهور في يوم 21 مايو عام 2010م وفي بداية القرن العشرين الماضي تم تأسيس متحف أرطغرل غازى بمدينة سوغوت العاصمة الأولي للدولة العثمانية وعلى الرغم من أن المتحف يحمل إسم أرطغرل إلا أن مبنى المتحف لا يقع في نفس الضاحية مع مقبرته وكان هذا المبني في البداية قد أنشئ ن كمستوصف وصيدلية ثم تم تجديده وإفتتاحه عام 2001م كمتحف وهو يحتوى علي العديد من العناصر الإثنوغرافية من قبائل يوروك التي كانت تعيش في منطقة بيله جك مثل الملابس القديمة والسجاد والموازين والأعلام والأسلحة ومحافظ النقود المعدنية وهناك أيضا عناصر أثرية مثل أدوات المطبخ الخزفي العائدة إلى الإمبراطورية الرومانية والقطع النقدية من العصور الرومانية والبيزنطية والعثمانية وعلاوة علي ما سبق ففي خارج تركيا وفي مدينة عشق أباد عاصمة دولة تركمانستان تم بناء نصب تذكاري لأرطغرل غازى بحديقة الإستقلال الوطنية كما تم بناء مسجد بها لتكريم إسم أرطغرل غازى والذى يعد الأب المشترك بين الأتراك والتركمان وذلك بعد حصول دولة تركمانستان على إستقلالها بعد تفكك دولة الإتحاد السوفيتي السابق عام 1991م وكان هذا المسجد ضمن عدة مساجد بنيت آنذاك بتركمانستان كإحدى خطوات إستعادة هويتها الإسلامية التي كانت قد طمست في العهد السوفيتي وتم إفتتاحه عام 1998م ويتميز هذا المسجد بأن له أربعة مآذن وقبة مركزية وشكل المسجد الرخامي الأبيض يماثل جامع السلطان أحمد في إسطنبول وديكوره الداخلي فخم مع نوافذ زجاجية ملونة وهو يستوعب عدد 5000 مصل في وقت واحد ومما يذكر أنه عند البدء في إنشاء المسجد إقترحت السلطات التركمانية إطلاق إسم سليمان ديميريل الرئيس التركي آنذاك عليه نظرا للدعم الكبير الذي قدمه خلال مرحلة إنشائه ولكن إستقر الأمر في النهاية على إطلاق إسم أرطغرل عليه بصفته الأب المشترك بين الأتراك والتركمان وبالإضافة إلي ذلك فقد أصدرت دولة تركمانستان عام 2001م في ذكرى إستقلالها ألف قطعة معدنية من العملات النقدية التذكارية من معدن الفضة من فئة 500 منات تركمانستاني ليست للتداول وإختارت شخصية أرطغرل بنقش بارز على خلفية العملة ةأخيرا فمن أجل تعريف الأجيال الجديدة بأرطغرل غازى أنتجت القناة الأولي التركية مسلسلا بإسم قيامة أرطغرل يسرد سيرته وجهاده في سبيل الله علي خمسة أجزاء .
 
 
الصور :
صورة للفرقاطة أرطغرل عام 1890م رسالة الغازي أرطغرل إلى ابنه عثمان الأول، موجودة بحديقة مقبرة الغازي أرطغرل بمدينة سكود قبر حليمة خاتون هانم زوجة أرطغرل بك بمقبرة أرطغرل بمدينة سكود مسجد وتكية أرطغرل بإسطنبول نصب للسطان علاء الدين قييقباد الأول في مدينة ألانيا بتركيا قبر أرطغرل بك بمدينة سكود