الخميس, 5 ديسمبر 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

فاطمة بنت الخطاب

 فاطمة بنت الخطاب
عدد : 08-2023
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
tbadrawy@yahoo.com
موسوعة كنوز “أم الدنيا"

فاطمة بنت الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رباح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن نبي الله إسماعيل بن نبي الله إبراهيم الخليل عليهما السلام رضي الله عنها وقيل إن إسمها رملة بنت الخطاب وقيل أم جميل بنت الخطاب وقيل أميمة بنت الخطاب صحابية جليلة من السابقين إلى الإسلام وهي تلتقي مع الرسول صلى الله عليه وسلم في الجد السابع كعب بن لؤى بن وهي أخت شقيقة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخليفة الراشد الثاني وأخت غير شقيقة للصحابي زيد بن الخطاب حيث أنها أخت له من الأب والذى كان أيضا من المسلمين الأوائل وأيضا من المهاجرين الأوائل وكان أسن من أخيه عمر والذى كان شديد الحب لأخيه وكان إسلامه قبل عمر وحزن عليه حزنا شديدا لما إستشهد في معركة اليمامة ضد بني حنيفة وزعيمها مسيلمة الكذاب في آخر معارك الردة في شهر شوال عام 11 هجرية في عهد الخليفة الراشد الأول أبي بكر الصديق وأما زوج فاطمة بنت الخطاب فكان الصحابي الجليل سعيد بن زيد رضي الله عنه أحد العشرة المبشرين بالجنة وهو إبن عمها وأنجبت منه إبنها الوحيد عبد الرحمن وكان سعيد بن زيد من السابقين إلى الإسلام أيضا حيث أسلم بعد ثلاثة عشر رجلا وقبل أن يدخل النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم بن أبي الأرقم وقبل أن يدعو فيها وكان أيضا من المهاجرين الأوائل وممن شهدوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم المشاهد كلها فيما عدا غزوة بدر حيث كان هو والصحابي الجليل طلحة بن عبيد الله أحد السابقين أيضا إلى الإسلام وأحد العشرة المبشرين بالجنة في مهمة إستخباراتية كلفهما بها الرسول صلى الله عليه وسلم لمعرفة أخبار وتحركات قريش وأسهمهما الرسول سهم مثل سهم من شارك في القتال وكان أبوه زيد في الجاهلية من الأحناف أي على ملة نبي الله إبراهيم عليه السلام فكان لا يعبد إلا الله ولا يسجد للأصنام ولا يأكل الميتة ولا يشرب الخمر وكان أبوها الخطاب بن نفيل من سادات قريش ومن أَنجاد مكة المكرمة ورجالها نجدة وجراءة وشجاعة وإقداما وسفيرهم في عكاظ وأحد الذين شاركوا في حرب الفجار وهي إحدى حروب العرب في الجاهلية ووقعت بين قبائل كنانة ومنها قريش وبين قبائل قيس عيلان ومنها هوازن وغطفان وسليم وثقيف وسميت بالفجار لما إستحل فيه هذان الحيان من المحارم بينهم في الأشهر الحرم ولما قطعوا فيه من الصلات والأرحام بينهما وكانت بدايتها بسبب خلافات بين أفراد من الحيين على بعض المعاملات التجارية بسوق عكاظ تحولت إلي خصومة وعداء وقتال إستمر قرابة 10 سنوات من عام 43 قبل الهجرة حتى عام 33 قبل الهجرة وكانت وفاته قبل البعثة بأعوام قليلة وكان هو من ورث رئاسة عشيرته بني عدى بعد وفاة أبيه نفيل أحد القضاة في الجاهلية والذى كانت قريش تتحاكم إليه في خصوماتها ومنافراتها وأمها هي حنتمة بنت هاشم بن المغيرة المخزومية القرشية إبنة عم عمرو بن هشام الملقب بأبي جهل وولدت السيدة فاطمة بنت الخطاب رضي الله عنها في مكة المكرمة وغير معلوم لدينا بالتحديد تاريخ ميلادها ولما بلغت سن الشباب والزواج تزوجت من إبن عمها سعيد بن زيد وكانت ذات عقل راجح وحكمة سديدة وأسلم زوجها على يد الصحابي خباب بن الأرت أحد السابقين إلى الإسلام والذى كان من المستضعفين الذين عذبوا ليتركوا الإسلام وكان قد سبي صغيرا من قبيلته تميم وبيع في مكة فإشترته أم أنمار الخزاعية التي كانت حليفة لبني زهرة من قريش ولما سمع عن الإسلام أسرع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليسمع منه عن هذا الدين ثم أعلن إسلامه ليصبح من أوائل المسلمين وإصطحب خباب سعيد بن زيد معه لسيدنا النبي عليه السلام ليشهد أمامه بالإسلام وبالوحدانية والبيعة وبعدما غادر سعيد بن زيد النبي عليه السلام أسرع إلى زوجته فاطمة وقص عليها روائع ونفحات هذا الدين ولقائه بالنبي عليه الصلاة والسلام وأخلاقه وعن خبر إسلامه بين يديه وهي تصغي وتستمع بكل جوارحها حتى أسلمت معه وصارا معا من أوائل المسلمين لكنهما كتما إسلامهما حيث كان المسلمون آنذاك يعذبون أشد العذاب ويتعرضون للأذى الشديد من مشركي قريش .


وكان لفاطمة بنت الخطاب رضي الله عنها دور مهم في بداية الدعوة كما أنها قدمت نموذجا رائعا للمرأة في الكتمان والسرية حفاظا على الإسلام وعلى رسـول الله صلى الله عليه وسلم وقد ورد في السيرة الحلبية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخل دار الأرقم بن أبي الأرقم ليعبد الله تعالى ومن معه من أصحابه فيها سرا وكانوا ثمانية وثلاثين رجلا ألح أبو بكر الصديق رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهور أى الخروج إلى المسجد الحرام والجهر بالدعوة فقال يا أبا بكر إنا قليل فلم يزل به حتى خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من أصحابه إلى المسجد الحرام وقام أبو بكر رضي الله عنه في الناس خطيبا ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا يستمع له ودعا إلى الله ورسوله فكان أول خطيب دعا إلى الله تعالى فثار المشركون على أبي بكر وعلى المسلمين وأخذوا يضربونهم ضربا شديدا ووطئ أبو بكر بالأرجل وضرب ضربا شديدا وصار عتبة بن ربيعة يضرب أبا بكر بنعلين مخصوفتين أي مطبقتين ويحرفهما إلى وجهه حتى صار لا يعرف أنفه من وجهه فجاء نفر من بني تيم عشيرة أبي بكر لتخليصه من بين أيدى المشركين وأبعدوهم عن أبي بكر وحملوه في ثوب إلى أن أدخلوه منزله وهم يتوقعون موته ثم عادوا فدخلوا المسجد الحرام فقالوا والله لئن مات أبو بكر لنقتلن عتبة بن ربيعة ثم عادوا إلى أبي بكر وصار والده أبو قحافة ومن جاء من بني تيم يكلمونه فلا يجيب حتى إذا كان آخر النهار تكلم ولم يلق بالا لما أصابه وكان أول ما قاله ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فعذلوه فصار يكرر ذلك فقالت أمه ولم تكن آنذاك قد أسلمت والله ما لي علم بصاحبك فقال لها إذهبي إلى أم جميل بنت الخطاب أخت عمر بن الخطاب وكانت آنذاك قد أسلمت هي وزوجها ولكنهما كانا يخفيان إسلامهما فإسأليها عنه صلى الله عليه وسلم فخرجت إليها وقالت لها إن أبا بكر يسأل عن محمد بن عبد الله فقالت لا أعرف محمدا ولا أبا بكر ثم قالت لها أتريدين أن أخرج معك قالت نعم فخرجت معها إلى أن جاءت أبا بكر رضي الله عنه فوجدته صريعا فصاحت وقالت إن قوما نالوا هذا منك لأهل فسق وإني لأرجو أن ينتقم الله منهم فقال لها أبو بكر ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظرت إلى أمه كأنها تقول له هذه أمك تسمع وكانت لم تسلم بعد فقال لها فلا عين عليك منها أى أنها لن تفشي سرك فقالت فاطمة هو سالم فقال أين هو فقالت في دار الأرقم بن أبي الأرقم فقال والله لا أذوق طعاما ولا أشرب شرابا قبل أن آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمهلوه حتى إذا هدأت الرجل وسكن الناس خرجوا به يتكئ علي أمه حتى دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآه رق له رقة شديدة وأكب عليه يحتضنه ويقبله وأكب عليه المسلمون كذلك فقال بأبي وأمي أنت يا رسول الله ما بي من بأس إلا ما نال الناس من وجهي وهذه أمي بارة بولدها فعسى الله أن ينقذها بك من النار فدعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعاها إلى الإسلام فأسلمت وهكذا صارت أم أبي بكر من الذين أسلموا أيضا في أوائل الإسلام .

ولقد خلد التاريخ إسم السيدة فاطمة بنت الخطاب لشجاعتها حين وقفت في وجه أخيها عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما هم بضرب زوجها كما أنها قد أقرت بكل جرأة أنهما أسلما ولن يتركا هذا الدين أبدا وكان هذا الموقف هو السبب في أن يعز الله الإسلام بعمر بن الخطاب رضي الله عنه والذى صار فيما بعد ثاني الخلفاء الراشدين والذى كان لا يزال واحدا من أشد الأعداء وأشرسهم نقمة على الإسلام حتى ظن جميع أهل مكة أنه لن يسلم أبدا حتى قيل عنه إنه لن يسلم أبدا حتى يسلم حمار الخطاب كناية عن أنه لن يسلم أبدا وكان النبي صلى الله عليه وسلم بعد مضي ثلاث سنوات من بعثته قد أمر بالجهر في دعوة الناس إلى الإسلام فعاداه القرشيون لا سيما بعد أن بدأ يحقر من شأن آلهتهم هبل واللات والعزى ومن شأن الأصنام جميعها فهب سادة قريش إلى الدفاع عن معتقداتهم وأخذوا يعتدون على المسلمين ويؤذونهم وكان عمر بن الخطاب من ألد أعداء الإسلام وأكثر أهل قريش أذى للمسلمين وكان غليظ القلب تجاههم فقد كان يعذب جارية له علم بإسلامها من أول النهار حتى آخره ثم يتركها نهاية الأمر ويقول والله ما تركتك إلا ملالةً ومن شدة قسوته جند نفسه يتبع محمدا أينما ذهب فكلما دعا أحدا إلى الإسلام أخافه عمر وجعله يفر من تلك الدعوة وبعد أن أمر النبي محمد المسلمين في مكة بالهجرة إلى الحبشة جعل عمر يتخوف من تشتت أبناء قريش وإنهيار أسس القبيلة العريقة عندهم فقرر الحيلولة دون ذلك حيث أحس أنه لم تتخذ بعد الخطوة الحاسمة ضد الحركة الجديدة فقرر أن يبادر هو وأن يأخذها هو بأن يضع حدا لحياة الرسول صلى الله عليه وسلم فخرج من بيته يحمل سيفه بغير جرابه فلقيه صديق له هو نعيم بن عبد الله وكان من المسلمين الذين أخفوا إسلامهم والذى أخذته الدهشة للحالة التي رآه عليها فسأله عن وجهته وعما ينوى أن يفعله فقال عمر أريد أن أقتل محمدا فقال له أتظن بني هاشم تاركيك تمشي على الأرض وقد قتلت محمدا ألا تدرى أن أختك وزوجها قد أسلما ونزل عليه هذا الخبر نزول الصاعقة وإنقبض صدره بشدة فقرر أن يبدأ بأخته وزوجها أولا وعندما بلغ بيت أخته سمع صوت تلاوة في الداخل وكان الصوت هو صوت خباب بن الأَرت والذى كان قد أصبح يزور بيتهما ويتردد عليه من حين لآخر ليعلمهما أصول الدين ويقرأ عليهما ما يكون قد نزل على الرسول من القرآن الكريم فدلف عمر إلى البيت مسرعا وأحس خباب بريبة من الخطوات المتسارعة وهي تقترب فإختبأ وقامت فاطمة أخت عمر بتنحية الأوراق القرآنية جانبا وواجهت أخاها هي وزوجها سعيد بن زيد والذى حاول أن يلين قلبه ويستميله إلى الإسلام فقال يا عمر أرأيت إن كان الحق في غير دينك فقال عمر لقد سمعت أنكما صبأتما يقصد أنهما تخليا عن دينهما ورفع يده ليصك سعيد على وجهه فألقت فاطمة نفسها على زوجها كي تحول بينه وبين عمر فهبطت الضربة على وجه فاطمة وأصابت أنفها التي أخذت تنزف الدماء بغزارة ولكن الضربة زادت من شجاعة فاطمة فقالت نعم لقد أسلمنا ولن ندع هذا الدين أبدا وصاحت فيه يا عمر إن الحق في غير دينك أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله فإفعل ما بدا لك .

وكان عمر شهما مع خشونته تلك وقد جعله وجه أخته المصبوغ بالدم من أثر يده يشعر بالأسف والندم فإذا به يتحول إلى شخص مختلف تماما وطلب من أخته وزوجها أن يرى الأوراق التي كان بها آيات من القرآن الكريم من سور طه و التي كانوا يقرأونها فرفضت فاطمة خشية أن يمزقها ويلقي بها فوعد عمر أنه لن يفعل ذلك ولكن فاطمة قالت له وقد طمعت في أن يسلم إنك رجل نجس وهذا القرآن لا يمسه إلا المطهرون فقم وإغتسل إنك غير طاهر فقام عمر وإغتسل وبعد أن إغتسل وتطهر وهدأت نفسه تناول الصحائف القرآنية في يده وكانت تحوى جزءا من سورة طه فراح يقرأ فيها قوله تعالى طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى * إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى * تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَا * الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ إسْتَوَى * لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى * إلى أن وصل إلى قوله تعالى إِنَّنِي أَنَا اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فإعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِى * إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى فكان هذا التوكيد الجازم لوجود الله تعالى وهذا الوعد الساطع بساعة قادمة حتمية يؤسس فيها الإسلام عبادة حقيقية مكان تلك التي إعتادت عليها مكة المكرمة وكان كل ذلك مع حشد من الأفكار الأخرى المرتبطة بها لابد أنها جميعا حركت مشاعر عمر فلم يملك نفسه أمام تدفق ينبوع الإيمان في قلبه وعند ذلك قال عمر ما أعجب هذا الكلام وما أروعه وإنه لا ينبغي لمن يقول هذا أن يعبد معه غيره دلوني على محمد فخرج خباب من مكمنه وصاح فليشهد الله لقد سمعت رسول الله بالأمس فقط يدعو الله أن يهدي للإسلام أحد العمرين عمر بن الخطاب أو عمرو بن هشام وأرجو أن تكون هدايتك ثمرة دعائه وعقد عمر العزم على إعتناق الإسلام بعد أن أضاء الإيمان عقله ورسخ في قلبه وسأل أين يكون الآن الرسول صلى الله عليه وسلم وعلم أنه مجتمع مع أصحابه بدار الأرقم بن أبي الأرقم وعلى الفور إتخذ طريقه إليه وكان قد أخذ سيفه معه وعندما طرق الباب رأى الصحابةُ عمر من شقوق الباب فخشوا أن يكون ثمة نية سوء لديه ولكن الرسول أمرهم أن يدعوه ليدخل فإن كان جاء يريد خيرا بذلناه له وإن كان يريد شرا قتلناه بسيفه فدخل عمر والسيف لا يزال في يده ونهض إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ مجمع ردائه ثم جذبه جذبة شديدة وقال ما جاء بك يا إبن الخطاب فوالله ما أرى أن تنتهي حتى ينزل الله بك قارعة أما آن لك أن تسلم فقال عمر يا رسول الله لقد جئتك لأومن بالله وبرسوله وبما جاء من عند الله أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فكبر الرسول صلى الله عليه وسلم ومعه الصحابة الله أكبر الله أكبر ورددت قمم الجبال صدى الصوت وإنتشرت أخبار إعتناق عمر بن الخطاب الإسلام في مكة المكرمة كالنار في الهشيم ووقع الخبر كالصاعقة علي المشركين وكان المسلمون قبل إسلام عمر وحمزة يخفون إيمانهم خوفًا من تعرضهم للأذى لقلة حيلتهم وعدم وجود من يدافع عنهم أما بعد إسلامهما فأصبح للمسلمين من يدافع عنهم ويحميهم لا سيما وأنهما كانا من أشد الرجال في قريش وأمنعهم فكان عمر يجاهر بالإسلام ولا يخشى أحدا فلم يرض مثلا عن أداء المسلمين للصلاة في شعاب مكة بعيدين عن أذى قريش بل فضل مواجهة القوم بكل عزم فقام وقال للنبي يا رسول الله ألسنا على الحق فأجابه نعم فقال عمر أليسوا على الباطل فأجابه نعم فقال عمر ففيمَ الخفية فقال النبي فما ترى يا عمر فقال عمر نخرج فنطوف بالكعبة فقال له النبي نعم يا عمر فخرج المسلمون لأول مرة يكبرون ويهللون في صفين صف على رأسه عمر بن الخطاب وصف على رأسه حمزة بن عبد المطلب وبينهما النبي محمد حتى دخلوا وصلوا عند الكعبة ومن بعيد نظرت قريش إلى عمر وإلى حمزة وهما يتقدمان المسلمين فعلت وجوههم كآبة شديدة ويقول عمر فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم الفاروق يومئذ حيث فرق الله بي بين الحق والباطل وأصبحت هذه كنيتي .

وجدير بالذكر أن إسلام عمر بن الخطاب كان حدثا بارزا في التاريخ الإسلامي فقد قوى وجوده في صف المسلمين شوكتهم حيث كان المشركون يخشون بأسه وأصبح للمسلمين من يدافع عنهم ويحميهم من أذى من بقي على الوثنية ومن الطريف أن عمر بن الخطاب بعد أن أعلن إسلامه فكر في أن يفعل شيئا يغيظ به المشركين فتوجه إلى بيت أبي جهل وطرق بابه ففتح أبو جهل الباب فقال له عمر إنه قد أسلم فإغتاظ أبو جهل غيظا شديدا وقال لعمر تبا لك لقد أفسدت علي يومي ونلاحظ فرحة المسلمين بإسلام عمر في عدة أقوال منسوبة إلى عدد من الصحابة الكرام منها ما قاله الصحابي الجليل صهيب الرومي لما أسلم عمر ظهر الإسلام ودعي إليه علانية وجلسنا حول البيت حلقا وطفنا بالبيت وإنتصفنا ممن غلظ علينا ورددنا عليه بعض ما يأتى به وقال أيضا الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود ما كنا نقدر أن نصلي عند الكعبة المشرفة حتى أسلم عمر وما زلنا أعزة منذ أسلم وقيل أيضا عن إسلام عمر إن إسلامه كان فتحا وهجرته إلي المدينة المنورة نصرا وخلافته رحمة وبذلك فلقد ساهمت فاطمة بنت الخطاب رضي الله عنها بدور كبير في إسلام سيدنا عمر بن الخطاب وبهذا تحققت على يديها دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دعا الله قائلا اللهم أعز الإسلام بأحد العمرين فإستجاب الله لدعاء نبيه وأثلج صدره بإسلام عمر الخطاب رضي الله عنه ولما إشتد إيذاء المشركين للمسلمين في مكة المكرمة وبعد بيعة العقبة الثانية بدأت هجرة المسلمين إلى المدينة المنورة وكانت فاطمة بنت الخطاب مع زوجها سعيد بن زيد من المهاجرين الأوائل وروى المؤرخ إسماعيل بن كثير أنهما كانا من الذين هاجروا مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه علانيةً حيث لما قرر عمر الهجرة تقلد سيفه ووضع قوسه على كتفه وحمل أسهما وذهب إلى الكعبة المشرفة وطاف بها سبع مرات ثم توجه إلى مقام إبراهيم فصلى ثم قال لحلقات قريش المجتمعة حول الكعبة المشرفة شاهت الوجوه لا يرغم الله إلا هذه المعاطس من أراد أن تثكله أمه وييتم ولده أو ترمل زوجته فليلقني وراء هذا الوادى فلم يتبعه أحد ولحق به أيضا عدد من ضعفاء المسلمين كان منهم عدد من أهله وأقاربه وقومه منهم شقيقه زيد بن الخطاب وأخته فاطمة بنت الخطاب وزوجها سعيد بن زيد وخنيس بن حذافة السهمي زوج إبنته حفصة رضي الله عنها التي تزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم فيما بعد بعد أن إستشهد على آثر إصابته في غزوة أحد وكانت الزوجة الرابعة له وصارت من أمهات المؤمنين رضي الله عنهن جميعا .

وكانت فاطمة بنت الخطاب علاوة على كل مناقبها السابقة من رواة الحديث النبوى الشريف وكان مما روته ما نقله الواقدى عن فاطمة بنت مسلم الأشجعية عن فاطمة الخزاعية عن فاطمة بنت الخطاب أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تزال أمتي بخير ما لم يظهر فيهم حب الدنيا في علماء فساق و قراء جهال وجبابرة فإذا ظهرت خشيت أن يعمهم الله بعقاب وبمراجعة الحديث الشريف السابق نجد فيه إشارة إلى خطورة العلماء في المجتمع وما يمكن أن يصنعوه من خير وتقدم إن كانوا صالحين أتقياء وما يجلبونه من شر وويل على الأمة إن كانوا فاسقين عصاة تعلقت قلوبهم بحب الدنيا ومتاعها ذلك لأنهم يشكلون نخبة المجتمع وصفوته وبصلاحهم يصلح المجتمع وبفسادهم يفسد المجتمع وبعد لم تكن تلك السطور السابقة سوى ومضات سريعة من مواقف في حياة إحدى عظيمات نساء العالم فاطمة بنت الخطاب رضي الله عنها تلك الشخصية التي سمت وبرزت في عالم الإسلام والإيمان في أبهى صورة للمرأة الداعية فكانت مثالا وقدوة يحتذى بها في التضحية للدعوة إلى الإسلام فقد كانت شخصية إتصفت بصبرها وإحتسابها إلى ربها عز وجل فقد تحملت الكثير من أجل إسلامها ولم تخف يوما من أخيها عمر بن الخطاب حينما كان في جاهليته في حين كانت مكة بأسرها تخاف من بطشه وكان من أهم الدروس التي تعلمناها من سيرة الصحابية الجليلة فاطمة بنت الخطاب رضي الله عنها أن لا يخاف المسلم في الله لومة لائم ويتضح ذلك في موقف فاطمة رضي الله عنها عندما أسلمت على الرغم من معرفتها ببطش أخيها وجبروته فلم تخش سوى ربها عز وجل وسعت لمرضاته إلي جانب ضرورة سعي المؤمن لهداية الأهل والأقارب وذوى الأرحام والناس عموما كما سعت فاطمة لهداية أخيها عمر وحيث كان لها الدور البارز في إسلامه رضي الله عنه كما رأينا إرتباط قصة إسلامه المشهورة بأخته فاطمة بنت الخطاب وأخيرا فقد ظلت فاطمة بنت الخطاب إلى جوار زوجها سعيد بن زيد بعد هجرتهما إلى المدينة المنورة وظلا يخدمان الإسلام والمسلمين سواء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أو عهد خلفائه وكانت وفاتها في المدينة المنورة ودفنت في البقيع ولم تذكر المصادر التاريخية عام وفاتها أما زوجها سعيد بن زيد فقد توفي عام 51 هجرية بمنطقة العقيق القريبة من المدينة المنورة وكان قد تجاوز السبعين عاما من العمر في خلافة الخليفة الأموى الأول معاوية بن ابي سفيان وحمل إلي المدينة المنورة وغسله الصحابي الجليل وأحد العشرة المبشرين بالجنة سعد بن أبي وقاص ونزل في قبره هو والصحابي الجليل عبد الله بن عمر بن الخطاب ودفن بالبقيع وكان هو تاسع من توفاهم الله من الصحابة العشرة المبشرين بالجنة والذين كان آخرهم وفاة الصحابي الجليل سعد بن ابي وقاص الذى توفي عام 55 هجرية بالمدينة المنورة في عهد الخليفة الأموى الأول معاوية بن أبي سفيان أيضا ودفن أيضا بالبقيع .