الأحد, 28 أبريل 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

عياض بن غنم الفهرى

 عياض بن غنم الفهرى
عدد : 09-2023
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
tbadrawy@yahoo.com
موسوعة كنوز “أم الدنيا"


عياض بن غنم بن زهير بن أبي شداد بن ربيعة بن هلال بن وهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن نبي الله إسماعيل بن نبي الله إبراهيم الخليل عليهما السلام الفهرى القرشي وقيل أيضا الأشعرى صحابي جليل وهو إبن عم الصحابي الجليل أمين الأمة وأحد العشرة المبشرين بالجنة أبي عبيدة بن الجراح وكان من أشراف قريش أسلم قبل صلح الحديبية وكان عمره 45 عاما تقريبا وعلى ذلك فيكون مولده قبل الهجرة بحوالي 40 عاما وإشتهر بالورع والتقوى والإيمان الصادق والجود والكرم وقد شهد له الجميع بذلك كما أُطلق عليه لقب زاد الركاب حيث أنه كان يقوم بإطعام الناس زاده حتى إذا نفذ الزاد قام بنحر بعيره من أجلهم وفي نفس الوقت كان قائد عسكرى محنك ومقاتل بارز وفاتح إسلامي عظيم شارك في فتوحات بلاد الشام والعراق في عهدى الخليفتين الراشدين الأول والثاني أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما وقاتل ببسالة وساهم في فتح بلاد الجزيرة الفراتية التي تقع بين بلاد العراق والشام ولم تذكر المصادر التاريخية تفاصيل حياته قبل الإسلام وبدأ ذكره مع بداية فتوحات بلاد العراق في بداية عام 12 هجرية في عهد الخليفة الراشد الأول أبي بكر الصديق وذلك بعد إنتهاء حروب الردة في أواخر عام 11 هجرية فقد وجد المسلمون أنفسهم على حدود هذه البلاد كما أن أهلها سواء من الفرس أو العرب الموالين لهم كانوا من الذين أيدوا ودعموا المرتدين وكان لابد من مواجهتهم وكسر شوكتهم وقد طارد المثنى بن حارثة الشيباني فلول المرتدين حتى دخل جنوبي العراق فإستأذن الخليفة أبا بكر في غزوه وطلب منه أن يؤمره على قومه ليقاتل بهم الفرس فكان له ما أراد ويذكر أنه حدث في مطلع القرن السابع الميلادى ما جعل العراق أرضا ممهدة ومهيأة للعمليات العسكرية فقد تدهورت العلاقات بين الفرس وبين عرب العراق لا سيما قبيلة بكر بن وائل التي ينتسب إليها المثنى والذى حشد جيشا من قومه وراح يغير على أسفل العراق على نواحي كسكر والتي تقع بين الكوفة والبصرة تارة وعلى أسفل الفرات تارة أخرى وبعد عدة عمليات ناجحة تبين له خلو المنطقة من مقاومة جدية ولفت هذا النجاح المبدئي نظر الخليفة أبي بكر وأدرك الوضع المتهاوى الذي تتخبط فيه دولة الفرس وأنه حان الوقت لغزو أراضيها وضمها إلى الدولة الإسلامية ونشر الإسلام في ربوعها فوضع خطة عسكرية إستراتيجية تقضي بفتح كافة البلدات بداية من الأبلة في الجنوب بمنطقة شط العرب عند ملتقى نهرى دجلة والفرات والتي تعتبر الميناء الرئيسي للعراق والذى يربطها بالخليج العربي ومنه إلى المحيط الهندى حتى المصيخ والتي تقع على حدود الشام مما يلي العراق في الشمال في خط مواز لنهر الفرات مع تطهير منطقة غربي النهر من القوات الفارسية والعربية الموالية للفرس وبذلك تقف جيوش المسلمين على حدود لا تبعد أكثر من خمسين كيلو مترا عن العاصمة الفارسية الأولى كتسفون والتي يسميها العرب المدائن وهي الهدف الأسمى ولكي يتم تنفيذ هذه الخطة تطلب الأمر إرسال جيشين يقوم أحدهما بعبور شبكة الأنهار إلى المدائن ويكون الآخر عونا له وحاميا لمؤخرته على أن يدخلا المنطقة من ناحيتين مختلفتين ويلتقيان في الحيرة التي تقع غربي نهر الفرات وتعد العاصمة الثانية للفرس في مواجهة المدائن فكتب إلى خالد بن الوليد وكان آنذاك في اليمامة يأمره بالتوجه إلى العراق لمحاربة الفرس وأن يضم المثني برجاله إلى جيشه على أن يبدأ بالأبلة كما كتب إلى عياض بن غنم يأمره بغزو العراق من أعلاه على أن يبدأ بالمصيخ حتى يلقى خالدا على أن تكون القيادة لمن يصل إلى الحيرة أولا وأمرهما بأن لا يكرها أحدا على المضي معهما وبهذه الخطة العسكرية الإستراتيجية الذكية يكون الخليفة العظيم أبو بكر الصديق رضي الله عنه قد حصر القوات الفارسية الموجودة في العراق بين فكي الكماشة بحيث يكون عليها مواجهة أحد الجيشين وهي مهددة من خلفها بالجيش الآخر أو يكون عليها تقسيم نفسها إلى قسمين يواجه قسم منهما الجيش المسلم الأول ويواجه الجيش الآخر الجيش المسلم الثاني مما يسبب لها الضعف والتشتت والإرتباك .

وإنطلق القائدان كل في الطريق المحدد له من أجل تنفيذ خطة الخليفة بتفاصيلها ولكن قواتهما تناقصت نتيجة عدم رغبة بعض الجنود بقتال الفرس فكتبا إلى الخليفة يطلبان مددا فأمد خالدا بالقعقاع بن عمرو التميمي وأمد عياضا بعبد بن عوف الحميرى وأوصاهما بإستنفار أبناء القبائل التي قاتلت المرتدين ونهاهما عن الإستعانة بمرتد أما خالد بن الوليد فقد إنطلق إلى منطقة العراق الجنوبي وإستطاع خلال الثلاثة شهور الأولى من عام 12 هجرية أن يكتسح هذه المنطقة حتى وصل الحيرة وفتحها وأقام فيها ينظم شؤونها ويرتب أوضاعها منتظرا وصول عياض بن غنم بجيشه لكي يستكملا معا الزحف نحو المدائن لكن كان عياض عندما بدأ تحركه ليدخل بلاد العراق من الشمال كما إقتضت خطة الخليفة كان عليه أن يفتح قلعة أو حصن دومة الجندل الذى يتحكم في الطرق التي تربط الشام بالعراق بشبه الجزيرة العربية حتي يؤمن ظهره قبل دخوله بلاد العراق وكان أهل هذا الحصن قد صالحوا المسلمين قبل ذلك في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم في العام التاسع الهجرى لكنهم نقضوا الصلح وكان لابد من إعادتهم إلى النفوذ الإسلامي ولما وصل عياض إلى حصن دومة الجندل وجد أهله من قبيلة كلب العربية التي كانت تدين بالنصرانية قد حصنوه تحصينا شديدا وتمركز عياض على الجهة الجنوبية من الحصن ونشأت حالة تعتبر هراءا من الناحية العسكرية فقد إعتبر العرب النصارى أنفسهم محاصرين رغم أن الطريق من جهة الشمال كان مفتوحا وحدث أن جاءت قبائل عربية أخرى منها تنوخ والضجاعم وبهراء وغسان وأحاطت بالمسلمين المحاصرين للحصن وحسب المؤرخين فقد كان كل من الطرفين محاصرا بكسر الصاد ومحاصرا بفتحها وإنحصرت العمليات القتالية بين الطرفين على رمي النبال والتراشق من جانب حامية الحصن وقد دامت تلك الحالة لعدة أسابيع حتى تعب الطرفان في نفس الوقت وعانوا من الأضرار والخسائر بنفس الحجم تقريبا وإتبع القائد المسلم عياض نصيحة أحد رجاله وهو الوليد بن عقبة بن أبي معيط بالكتابة إلى خالد بن الوليد في العراق طلبا للمساعدة ففعل وشرح له الوضع القائم في دومة الجندل ولما وصلت هذه الرسالة إلى خالد تحرك في البداية شمالا ليؤمن الحيرة ففتح حصن الأنبار ثم إتجه نحو الجنوب الغربي نحو حصن في الصحراء يسمي عين التمر وذلك لكي يؤمن مؤخرته وهو في الطريق إلى دومة الجندل وكان خالد بن الوليد كقائد محنك دائما ما يؤمن تحركاته حتى لا يتعرض للحصار أو تضر ب مؤخرته أو مجنباته وإنطلق خالد نحو دومة الجندل ولما وصل خبر مسير خالد إلى دومة الجندل إجتمع زعماء القبائل الذين كانوا يساندون أهل الحصن لبحث كيفية مواجهة جيش المسلمين الذى يقوده خالد بن الوليد وكان أهل الحصن تحت قيادة أكيدر بن عبد الملك والجودى بن ربيعة ولما بلغهم دنو خالد إختلفا فرأى أكيدر مسالمة خالد وأبى الجودى ذلك فترك أكيدر الحصن وبلغ خالد ذلك فأرسل عاصم بن عمرو التميمي في طلب أكيدر فأسره وأتى به إلى خالد الذى أمر بضرب عنقه لردته عن الإسلام ونقضه عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم ولما بلغ خالد حصن دومة الجندل وجد القبائل التي إجتمعت لقتاله محيطة بالحصن الذى لم يسعهم فتحرك خالد وإتخذ وضعا بحيث جعل هذه القبائل محصورة بين قواته وبين قوات عياض بن غنم فإنقسموا إلى قسمين كل منهما يقاتل من يليه من المسلمين وفي النهاية كان النصر الحاسم للمسلمين وأسر الجودى بن ربيعة فضرب خالد عنقه وقتل المسلمون المقاتلين من أهل الحصن .

وأقام خالد بدومة الجندل لفترة ليرتب أوضاعه ثم عاد ومعه عياض وجيشه إلى الحيرة وإستكمل فتح حوض نهر الفرات حيث تم فتح الحصيد والخنافس والمصيخ والثني والزميل ثم كانت آخر معارك خالد وعياض في العراق معركة الفراض في شهر ذى القعدة عام 12 هجرية وهي بأقصي شمال العراق علي الحدود بينها وبين بلاد الشام وإنتصر فيها المسلمون على جيش كان خليطا من الفرس والبيزنطيين والعرب الموالين للفرس وبذلك أصبح حوض نهر الفرات وكل الأراضي غرب نهر دجلة في قبضة المسلمين وتحرك الجيش نحو الحيرة بينما ذهب خالد للحج وعاد مسرعا بعد أداء الفريضة ودخل الحيرة في الوقت الذى دخلها جيشه فلم يشعر أحد بغيابه وبدأ يعد العدة للهدف الأسمي وهو فتح المدائن لكنه فوجئ بخطاب من الخليفة أبي بكر يأمره بالتوجه إلى الشام ومعه نصف الجيش لنجدة الجيوش الإسلامية الأربعة المرابطة بأرض الشام بعد أن تحرج موقفها هناك بينما كانت الأوضاع مستقرة في جبهة العراق كما كان تقدير الخليفة أن الفرس لن يستطيعوا قبل عدة شهور حشد جيوشهم لقتال المسلمين نظرا لوقوع فتنة في البلاط الفارسي حيث كان قد توفي كسرى أردشير ملكهم دون أن يكون له وريث وإنشغل الكل في البلاط الملكي الفارسي في الصراع على الحكم ولم يجتمعوا على ملك يحكمهم فكان أن لبى خالد مسرعا أمر الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وترك الحيرة في شهر صفر عام 13 هجرية بعد أن إستخلف عليها عمرو بن حزم الأنصارى مع المثنى بن حارثة الشيباني وإصطحب معه نصف الجيش بالإضافة إلى دليله رافع بن عميرة الطائي وكان ممن إصطحبهم معه كوكبة من أمهر وأشجع فرسان المسلمين منهم القعقاع بن عمرو التميمي وضرار بن الأزور الأسدى وعياض بن غنم الفهرى ولما وصل خالد بجيشه إلى الشام أغار على سرح النصارى ثم سار فأتى مرج راهط فأغار على غسان ثم سار إلى بصرى فقاتل بها فظفر بهم وصالحهم فكانت بصرى أول مدينة فتحت بالشام على يد خالد وأهل العراق وبعث بعدها بالأخماس إلى الخليفة أبي بكر الصديق وكانت تلك المدينة بداية عهد المسلمين فى بلاد الشام وساروا منها إلى اليرموك حيث وقعت المعركة الشهيرة في شهر رجب عام 13 هجرية ووحد خالد جيوش المسلمين الأربعة تحت قيادته وعبأ جيش المسلمين فجعله ميمنة تحت قيادة عمرو بن العاص وميسرة تحت قيادة يزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة وقلب تحت قيادة أبي عبيدة بن الجراح وقسم كل منها إلى كراديس أى إلى كتائب كل كتيبة ألف مقاتل وكان على كل كردوس أمير كان منهم عياض بن غنم الفهرى وإنتهت المعركة بإنتصار المسلمين وفتح الطريق لفتح باقي مدن الشام وفي هذه الأثناء توفي الخليفة أبو بكر الصديق وتولى الخلافة عمر بن الخطاب والذى أصدر أمرا بعزل خالد بن الوليد من القيادة العامة لجيش المسلمين وتولية أبي عبيدة بن الجراح والذى إستكمل فتوحات الشام ومعه خالد بن الوليد وعياض بن غنم ويزيد بن أبي سفيان وعمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة .

وبعد ذلك قاد عياض بن غنم أيضا جيش المسلمين في معركة حلب ضد حاميتها الرومية القوية التي كانت تحت قيادة قائد رومي إسمه يواخيم وكانت حلب مؤلفة من مدينة كبيرة محاطة بالأسوار وحصنا صغيرا منيعا خارج المدينة يقع على تل منعزل وفضل يواخيم أن يلتقي بالمسلمين خارج المدينة في معركة مفتوحة وإشتبك مع كتيبة الخيالة سريعة التحرك البالغ حجمها 17 ألف فارس على مسافة ستة أميال جنوبي المدينة ووقعت معركة دموية في ذلك المكان إنكسر فيها الروم وتراجع يواخيم الذى قفل راجعا بسرعة لحماية الحصن وزحف المسلمون بعد ذلك ليفرضوا الحصار على الحصن وبلغت خسائر الروم من ألف إلى ألفي قتيل بينما كانت خسائر المسلمين ضئيلة جدا وكان يواخيم قائدا صلبا وقام بعدة محاولات لكسر الحصار ولكنه فشل في كل مرة متحملا خسائر جسيمة وبعد عدة أيام من تلك الحالة قرر الروم البقاء في الحصن في إنتظار المساعدات التي يمكن للقيصر هرقل أن يرسلها لهم ولكن هرقل لم يرسل شيئا وفي شهر شوال عام 16 هجرية الموافق شهر أكتوبر من عام 637م إستسلمت الحامية الرومية البيزنطية وسمح لها بالرحيل بسلام ولكن القائد البيزنطي يواخيم لم يرغب في المغادرة بل أعلن إسلامه وإختار أن يخدم تحت راية الإسلام وبالفعل فقد أثبت ولاءه في الأسابيع اللاحقة بشكل مميز وقاتل تحت رايات العديد من القادة المسلمين وكان أيضا من أهم أعمال عياض بن غنم في الفتوحات الإسلامية مساهمته في فتح بلاد الجزيرة الفراتية التي تقع بين نهرى دجلة والفرات في شمال العراق وجنوب تركيا وشرق سوريا وذلك خلال عام 17 هجرية وكان في هذه المنطقة كثير من العرب النصارى الذين إتحدوا مع قيصر الروم في حربه مع القوات الإسلامية في الشام ويعود سبب فتحها إلي أن أهلها طلبوا من ملك الروم إرسال الجنود إلى الشام ووعدوه بالمساعدة والمعاونة في حالة محاصرتهم للمسلمين بحوالي 30 ألفا ولما علم الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بموقف أهالي الجزيرة وتقديمهم المساعدة للروم وعلم بكتاب الصحابي الجليل أبي عبيدة بن الجراح بمحاصرة الروم ومعهم أهل الجزيرة لحمص كتب إلى الصحابي سعد بن ابي وقاص في الكوفة ليندب الناس مع القعقاع بن عمرو التميمي ويرسلهم فورا إلى أهل الجزيرة الفراتية لأنهم الذين إستثاروا الروم على أهل حمص فخرج القعقاع من الكوفة ومعه 4 آلاف مقاتل وإتجه نحو حمص ووجه عمر أيضا سعدا ان يسرح عبد الله بن عبد الله بن عتبان إلى نصيبين وهي مدينة تاريخية توجد حاليا بمحافظة ماردين التركية التي تقع على الحدود السورية التركية وكانت من أجمل مدن الجزيرة فهي وافرة الظلال والأشجار والمياه العذبة والأنهار ثم ليقصد حران بجنوب شرق الأناضول عند منبع نهر البليخ أحد روافد نهر الفرات والرها وهي من مدن أرض الجزيرة تقع بين الموصل والشام وأن يسرح الوليد بن عقبة بن أبي معيط على عرب الجزيرة من ربيعة وتنوخ وأن يسرح عياض بن غنم الفهرى فإن كان قتال فأمرهم إلى عياض وإستجابة لتعليمات وأوامر الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه جهز جيش الكوفة عدد 3 حملات لفتح الجزيرة قاد الحملة الأولى سهل بن عدى ووجهت لفتح مدينة الرقة الواقعة في شمال سوريا على الضفة الشرقية لنهر الفرات حيث تعيش قبائل مضر وقاد الحملة الثانية عبد الله بن عتبان ووجهت لفتح نصيبين عاصمة ربيعة وقاد الحملة الثالثة الوليد بن عقبة ووجهت لإخضاع الأجزاء الأخرى وعين عياض بن غنم الفهرى قائدا عاما لهذه القوة لخبرته في شؤون هذه البلاد فقد سبق له ان جاسها وبالفعل إنسحب أهل الجزيرة من محاصرة حمص وكانوا حوالي 30 الف مقاتل ليعودوا إلى أراضيهم وتمكن بعدها المسلمون من فك الحصار الذى كان الروم قد فرضوه على مدينة حمص وهزم الروم شر هزيمة بعد الإتفاق السرى مع مقاتلي قنسرين العرب الذين كانوا متحالفين مع الروم في الحصار على أن يهربوا أمام المسلمين في بداية الهجوم .

وأما الجيش الكبير القادم من الكوفة وعلى رأسه عياض بن غنم فقد توجه إلى منطقة قرقيسياء في شمال النفوذ الإسلامي وهي تقع شرقي سوريا قرب الحدود السورية العراقية والذى كان يمتد آنذاك من قرقيسياء إلى الموصل ونينوى شمالي العراق فقط فلم تكن المنطقة التي في شمال تلك المدن في صف المسلمين في هذه الفترة وما إن وصل عياض بن غنم إلى قرقيسياء حتى بعث الصحابي الأنصارى سهيل بن عدى الخزرجي إلى مدينة الرقة وكان له من الإخوة إثنان وكانا قد شاركا في حروب فارس أحدهما الحارث بن عدى وقد إستشهد في معركة الجسر التي وقعت بين المسلمين والفرس ببلاد العراق في شهر شعبان عام 13 هجرية والأخ الآخر سهل بن عدى السابق ذكره وكان من الصحابة من قواد الجيوش أيضا وفي الوقت الذى كان يتوجه فيه سهيل بن عدى لفتح الرقة كان عياض بن غنم يتوجه بقوته الأساسية إلى حران لكي يفتحها وكانت من أشد المناطق حصانة في منطقة الجزيرة وأيضا كان يتوجه جيش من الكوفة رأسا إلى نصيبين وعلى رأس الجيش الصحابي عبد الله بن عتبان ولكن بمجرد وصوله إلى الموصل دخل تحت إمرة عياض بن غنم أيضا وتوجهت الجيوش الثلاثة إلى منطقة الجزيرة حيث توجه سهيل بن عدى بجيشه إلى الرقة وحاصرها ودام هذا الحصار أياما ثم نزل أهل الرقة مباشرة على الجزية مقابل أن يدافع عنهم المسلمون ويؤمنوهم على دمائهم ودورهم وأموالهم وبذلك سقطت مدينة الرقة بسرعة وفي الوقت نفسه توجه عبد الله بن عتبان إلى مدينة نصيبين وكان بها حامية قوية وما إن علمت هذه الحامية بسقوط مدينة الرقة في أيدى المسلمين حتى إستسلمت دون قتال وقبل أن يحاصرهم عبد الله بن عتبان طلبوا منه الصلح وعلى أن يدفعوا الجزية ومما يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال رفعت لي ليلة أسرى بي مدينة فأعجبتني فقلت لجبريل ما هذه المدينة فقال نصيبين فقلت اللهم عجل فَتحها وإجعل فيها بركة للمسلمين وهاقد تحققت دعوة النبي صلى الله عليه وسلم والذى لا ينطق عن الهوى وبعد إنتصار المسلمين وفتحهم مدينتي الرقة ونصيبين ودفع أهلها الجزية توجه عياض بن غنم إلى مدينة حران بقواته الأساسية وتوجهت قوات الصحابي سهيل بن عدى من الرقة وقوات عبد الله بن عتبان من نصيبين مع عياض بن غنم ليدخل حران بقوة كبيرة ووصلت القوات الإسلامية بقيادة عياض بن غنم إلى حران وبدأت في حصارها وإستمر الحصار شهرا أو أكثر لتسقط بعد ذلك مدينة حران بعد حصار طويل وبدون قتال وتقبل بدفع الجزية أيضا وبعد ذلك توجهت القوات الإسلامية إلى مدينة الرها لفتحها ومن الرها توجهت قوات عياض بن غنم إلى مدينة سميساط والتي تقع غربي نهر الفرات جنوبي ملطية وشرقي مرعش وجميعها من مدن جنوب شرق الأناضول وتقع في تركيا الآن .

وبسقوط سميساط سقطت كل مدن الجزيرة وصارت تتبع المسلمين في هذه الفترة وعلاوة على ذلك فبعد أن فرغ عياض بن غنم من الجزيرة دخل الدرب فبلغ مدينة بدليس بشرق الأناضول فجازها إلى مدينة خلاط التابعة لها وصالح بطريقها وإنتهى إلى العين الحامضة فلم يتجاوزها وعاد منصرفا إلى الرقة ومضى إلى حمص وعلى الرغم من كل هذه الفتوحات لم يأمر الخليفة عمر بن الخطاب بالإنسياح في بلاد فارس أو إقليم الأناضول حيث كانت هذه الفتوحات التي تمت في شمال الجزيرة يعد جزء منها في بلاد فارس وجزء آخر في إقليم الأناضول وقد منع عمر بن الخطاب التوغل في شرق أرض فارس أو في جنوب الأناضول لأنه كان يخشى على المسلمين الإكثار من الغنائم والأموال من ناحية ومن ناحية أخرى كان لابد من تأمين ما تم من فتوحات وتثبيت أرجل المسلمين في البلاد المفتوحة حديثا ونشر الإسلام في ربوعها قبل إستئناف أى فتوحات أخرى وهكذا كان فتح الجزيرة من أسهل الفتوح في بلاد فارس فقد سقطت بدون قتال يذكر ويرجع ذلك إلى سقوط شرقي الجزيرة في أيدي المسلمين في حروبهم مع فارس وسقوط منطقة غرب الجزيرة في حروب المسلمين في الشام مع الجيش الرومي وبذلك أصبحت منطقة الجزيرة محصورة بين القوات الإسلامية الموجودة في فارس والقوات الإسلامية الموجودة في الشام مما كان له الأثر البين والواضح في هبوط عزيمة أهل الجزيرة الذين باتوا يرون أن لا قبل لأحد بحرب المسلمين فرضوا بدفع الجزية كما علموا أيضا بعهد المسلمين في الدفاع عنهم وتأمينهم على دمائهم إذا دفعوا الجزية وأن ما يأخذه المسلمون من جزية أقل مما كانت تفرض عليهم من كسرى فارس .

ولما توفي أبو عبيدة بن الجراح في طاعون عمواس وهي قرية ببلاد الشام قرب بيت المقدس عام 18 هجرية إستخلف عياض بن غنم على بلاد الشام وعلى كافة فتوح الجزيرة فأقره الخليفة عمر بن الخطاب وقال ما أنا بمبدل أميرا أمره أبو عبيدة وجدير بالذكر أنه توفي في هذا الوباء اللعين عدد كبير من أشراف وكبار الصحابة الكرام والناس وقادتهم منهم غير أبي عبيدة بن الجراح يزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة ومعاذ بن جبل والفضل بن العباس بن عبد المطلب وكثير من أبناء خالد بن الوليد حتى تخوفت قلوب المسلمين من طمع أعدائهم فيهم من كثرة من مات من المسلمين في هذا العام ولما تولي عياض بن غنم الفهرى على بلاد الشام وعلى كافة فتوح الجزيرة كان مثالا للنزاهة وحفظ الأمانة والمحافظة على أموال المسلمين وعدم التفريط في فلس واحد منها ومن أمثلة ذلك أنه لما قدم عليه نفر من أهل بيته يطلبون صلته ومعروفه فلقيهم بالبشر فأنزلهم وأكرمهم فأقاموا أياما ثم سألوه في الصلة وأخبروه بما تكلفوا من السفر إليه رجاء معروفه فأعطى كل رجل منهم عشرة دنانير وكانوا خمسة فردوها وإستخطوا ونالوا منه فقال أى بني عم والله ما أنكر قرابتكم ولا حقكم ولا بعد شقتكم ولكن والله ما خلصت إلى ما وصلتكم به إلا ببيع خادمي وبيع ما لا غنى لي عنه فإعذروني فقالوا الله ما عذرك الله إنك والي نصف الشام وتعطي الرجل منا ما جهده أن يبلغه إلى أهله فقال أفتأمروني أن أسرق مال الله فوالله لأن أشق بالمنشار أو أبرى كما يبرى السفن أحب إلي من أن أخون فلسا أو أتعدى وأحمل على مسلم ظلما أو على معاهد قالوا قد عذرناك في ذات يدك ومقدرتك فولنا أعمالا من أعمالك نؤدى ما يؤدى الناس إليك ونصيب ما يصيبون من المنفعة فأنت تعرف حالنا وإنا ليس نعدو ما جعلت لنا قال والله إني لأعرفكم بالفضل والخير ولكن يبلغ الخليفة أني قد وليت نفرا من قومي فيلومني في ذلك ولست أحمل أن يلومني في قليل ولا كثير فقالوا قد ولاك أبو عبيدة وأنت منه في القرابة بحيث أنت فأنفذ ذلك عمر ولو وليتنا فبلغ الخليفة عمر بن الخطاب فأنفذه فقال عياض إني لست عند عمر بن الخطاب كأبي عبيدة بن الجراح وإنما أنفذ عمر عهدى على عمل لقول أبي عبيدة في وقد كنت مستورا عند أبي عبيدة فقال في وأعلم مني ما أعلم من نفسي ما ذكر ذلك عني فإنصرف القوم لائمين له وكان عياض أيضا رجلا سمحا وكان يعطي ما يملك لا يعدوه إلى غيره ويوما جاءه غلامه ليقول له ليس عندنا ما تتغدون به فيقول خذ هذا الثوب فبعه الساعة فإشتر به دقيقا فقال له سبحان الله أفلا تقترض خمسة دراهم من هذا المال الذى في ناحية بيتك إلى غد ولا تبيع ثوبك فيقول والله لأن أدخل يدى في جحر أفعى فتنال مني ما نالت أحب إلي من أن أطمع نفسي في هذا الذى تقول فلا يزال يدفع الشئ بالشئ حتى يأتي وقت رزقه فيأخذه فيوسع فيه فمن أدركه حين يأخذ رزقه غنم ومن تركه أياما لم يجد عنده درهما واحدا .

وبالإضافة إلى مناقبه السابقة كان عياض بن غنم الفهرى راويا للحديث النبوى الشريف فعن عياض بن غنم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين يوما فإن مات فإلى النار وإن تاب قبل الله منه وإن شربها الثانية لم تقبل له صلاة أربعين يوما فإن مات فإلى النار وإن تاب قبل الله منه وإن شربها الثالثة أو الرابعة كان حقا على الله أن يسقيه من ردغة الخبال فقيل يا رسول الله وما ردغة الخبال قال عصارة أهل النار وعنه أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تأكلوا الحمر الإنسية وحدثنا عبد الوهاب بن هبة اللّه بإِسناده عن عبد اللّه بن أَحمد حدثني أَبي حدثنا أَبو المغيرة حدثنا صفوان عن شريح بن عبيد عن جبَير بن نفير قال جلد عياض بن غنم صاحب دار حين فُتِحت فأَغلظ له هشام بن حكيم القول حتى غضِب عياض ثم مكث ليالي فأَتاه هشام فإعتذر إِليه ثم قال هشام لعياض أَلم تسمع رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول إِن من أشد الناسِ عذَابا أَشدهم للناس عذابا في الدنيا فقال عياض قد سمعنا ما سمعت ورأَينا ما رأَيت أَو لم تسمع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول من أراد أن ينصح لذى سلطان عامة فلا يبد له علانية ولكن ليخل به فإن قبل منه فذاك وإلا كان قد أدى الذى عليه له وإِنك يا هشام لأنت الجرئ تجترئ على سلطان الله فهلا خشيت أَن يقتلك السلطان فتكون قتيل سلطان الله وعلاوة على الأحاديث السابقة فقد أخرج المحدث والمفسر أبو بكر بن مردويه الأصبهاني محدث أصبهان وصاحب التفسير الكبير والتاريخ وكتاب الأمالي وأحد رواة الحديث النبوى عن عياض بن غنم أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا قوله تعالى أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ يقول لو دخلتم القبور ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ وقد خرجتم من قبوركم كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ في يوم محشركم إلى ربكم لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ أى في الأخرة حق اليقين كرأي العين ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِين يوم القيامة ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ بين يدى ربكم عن بارد الشراب وظلال المساكن وشبع البطون وإعتدال الخلق ولذاذة النوم وأخيرا وبعد حياة حافلة ومسيرة ظافرة في الفتوحات والقتال كان موت الصحابي الجليل عياض بن غنم الفهرى عام 20 هجرية عن عمر يناهز الستين عاما في عهد أمير المؤمنين الخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولم يترك مالا ولم يكن عليه دينا لأحد ونعاه الخليفة وأثنى عليه وإستخلف بعده سعيد بن عامر بن حذيم على بلاد الشام خلفا له رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته .
 
 
الصور :