الأحد, 15 ديسمبر 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

شرحبيل بن حسنة

 شرحبيل بن حسنة
عدد : 09-2023
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
tbadrawy@yahoo.com
موسوعة كنوز “أم الدنيا"


شرحبيل بن حسنة بن عبد الله بن المطاع بن عبد الله بن الغطريف بن عبد العزى بن جثامة بن مالك بن ملازم بن مالك بن رهم بن سعد بن يشكر بن مبشر بن الغوث بن مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن نبي الله إسماعيل عليه السلام وكان يكنى بأبي عبد الله صحابي جليل من صحابة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وكان حليفا لبني زهرة وقد أسلم قديما وكان يجيد القراءة والكتابة فكان من الذين كتبوا الوحي وعلاوة على ذلك كان من قادة الجيوش التي سيرها الخليفة الراشد الأول أبو بكر الصديق ومن بعده الخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب إلى بلاد الشام لطرد الروم منها ونشر الإسلام في ربوع تلك البلاد وكان يتصف بالتقوى والورع وكان كريما مضيافا ويتميز بالجرأة في الحق والصراحة والشجاعة والإقدام والفروسية والإقدام والإستبسال في القتال وكان صاحب مهارات حربية لا تجارى ويشهد له بذلك جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع الخلفاء الراشدين من بعده ويكفي أن يذكر التاريخ عنه أنه فاتح الأردن وأنه كان لجهاده في أرض الشام أثر كبير في إندحار الروم ونشر الإسلام في تلك الربوع وقد إختلف حول نسبه فقيل هو من كندة وقيل من تميم وكان مولده على الأرجح بعد عام الفيل بحوالي ثلاث سنوات وقد تم نسبه إلى أمه حسنة العدوية حیث أن والده توفي وهو صغير السن فغلب علیه إسم أمه ولم تذكر لنا المصادر التاريخية شيئا عن والده وكانت أمه كما يبدو من لقبها من بني عدى بن كعب بن لؤى قوم الخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه وإبنته أم المؤمنين حفصة بنت عمر رضي الله عنها وشقيقته فاطمة بنت الخطاب رضي الله عنها وزوجها الصحابي الجليل وأحد العشرة المبشرين بالجنة سعيد بن زيد والصحابي الجليل وراوى الحديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد نشا شرحبیل بن حسنة رضي االله عنه يتیما وتربى في بیت زوج أمه سفیان بن معمر الأنصاري حیث تزوجت أمه منه بعد وفاة أبيه وأنجبت له ولدين جابر وجنادة واللذان أصبحا أخوى شرحبيل لأمه وقد أسلموا جميعا في بداية الدعوة وكان شرحبيل من المهاجرين إلى الحبشة في الهجرة الثانية إليها والتي كانت في شهر شوال في العام الخامس للبعثة مع أمه وزوجها وأخويه من أمه وذلك بعد أن إشتد أذى مشركي قريش للمسلمین فجعلوا یحبسـونهم ویعـذبونهم لیفتنوهم عن دینهم فكان منهم من یفتتن من شدة البلاء وقلبه مطمئن بالإیمان ومنهم من كان یتمسك بدینه فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى الحبشة قائلا لهم إن بالحبشة ملك لا يظلم لديه أحد وهي أرض صدق حتى یجعـل االله لكم فرجا مما أنتم فیه واقاموا بالحبشة حتى هاجر رسول االله صلى االله علیه وسلم إلى المدينة المنورة فهاجروا إلیه فكانوا من أصحاب الهجرتين .


وبعد أنه هاجر شرحبيل بن حسنة رضي الله عنه إلى المدينة المنورة مع أسرته وإستقر بها لزم رسول االله صلى االله علیه وسلم فكان أحد كتاب الوحي العشرة الذین خصهم االله تعالى بهذه المهمة العظيمة لیكونوا أمناء الرسالة الإسلامیة الخالدة وكان رضي االله عنه من خیار صحابة النبي فقد روى عـن الصحابية الشفاء بنت عبد االله قالت أتیت رسول االله صلى االله علیه وسلم أساله فجعل یعتذر إلي وأنا ألومه فحضرت الصلاة فخرجت ودخلت على إبنتي وهي تحت شرحبیل بن حسنة فوجدت شرحبیل في البیت فقلت قد حضرت الصلاة وأنت في البیت وجعلت ألومه فقال یا خالة لا تلومیني فإنه كان لي ثوب فإستعاره النبي صلى االله علیه وسلم فقلت یا أبي وأمي كنت ألومه هـذا الیوم وهذه حاله ولا أشعر فقال شرحبیل ما كان إلا درع رقعناه ومن هنا فقد نال شـرحبیل رضي االله عنه شرف الصحبة والجهاد تحت لوائه صلى االله علیه وسلم وساهم معه في جمیع حروبه وغزواته جندیا كسائر الجند لم یتمیز عنهم بشئ وقد رأى رسول االله صلى االله علیه وسلم في شخص شرحبیل ألمعیة وذهنا متوقدا وحرصا على أداء الأمانة وتبلیغ الرسالة فكان شرحبيل بن حسنة رضي الله عنه هو من أرسله رسول االله صلى االله علیه وسلم إلى الحبشة لیصطحب أم المؤمنین أم حبیبة رملة بنت أبي سفيان رضي الله عنها إلى المدينة المنورة بعد أن تزوجها رسول االله صلى االله علیه وسلم وكانت قد هاجرت مع زوجها الأول عبيد الله بن جحش إلى الحبشة وهو إبن السيدة أميمة بنت عبد المطلب عمة الرسول صلى الله عليه وسلم لكنه إرتد وقيل تنصر وإنتهى أمره بالسقوط من أعلى جبل فلقي حتفه وإكراما لها تزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم وكان النجاشي ملك الحبشة وكيلا له في زواجها وقام بتجهيزها له وأصدقها أربعمائة دینار وأولم لها وليمة وبعد ذلك إختار النبي صلى الله عليه وسلم شرحبيل مرة أخرى في مهمة جديدة حيث إختاره رسولا إلى مصـر مبعوثا من قبله إلى المقـوقس عظيم القبط فقـام بالمهمة على أحسن وجه فكان آخر من بعثه رسول االله صلى االله علیه وسلم من الرسل وتوفي رسول االله صلى االله علیه وسلم وشـرحبیل فـي مصـر أثناء أداءه لهذه المهمة فقفل عائدا إلي المدينة المنورة وحدث أن تولى الخلافة الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه وتعرضت دولة الإسلام لفتنة الردة حيث إرتدت العديد من القبائل عن الإسلام بالكلية وعادوا إلى الشرك ومنعت بعض القبائل الزكاة وإدعى بعض زعماء القبائل النبوة فقرر الخليفة العظيم أبو بكر الصديق رضي الله عنه محاربة جميع المرتدين بشتى صورهم حيث كان مدركا أنه لو لم يتصدى لتلك الردة سيستفحل الأمر وسيشجع ذلك القبائل التي لم ترتد على أن تحظو حظو القبائل المرتدة وحشد 11 جيش كان على رأس أحدها شرحبيل بن حسنة رضي الله عنه والذى كلفه بالتوجه إلى اليمامة حيث بني حنيفة قوم مسيلمة الكذاب والذى كانت ردته من أخطر حركات الردة وكان قد إستطاع أن يجمع حوله جيشا ضخما قوامه أربعين ألفا من المقاتلين .

وكان أبو بكر الصديق قد بعث بعكرمة بن أبي جهل أولا لشغل مسيلمة حتى لا يدعم أو يساعد غيره من القبائل المرتدة وأمره ألا يتورط معه في قتال ثم سير وراءه شرحبيل بن حسنة وذلك لشغل مسيلمة أيضا إنتظارا لوصول سيف الله المسلول خالد بن الوليد رضي الله عنه بجيشه لكي تجتمع الجيوش الثلاثة وتواجه جيش مسيلمة الكبير لكن ما حدث أن عكرمة لم ينتظر وكان يريد أن يحرز نصرا للإسلام تكفيرا له عن معارضته ومحاربته للنبي صلى الله عليه وسلم وهاجم مسيلمة الذى أنزل به الهزيمة فأمرهُ أبو بكر بالسير إلى عمان ومهرة ثم إلى اليمن لمساندة المُسلمين في قتال أهل الردة في هذه البقاع ولما وصل شرحبيل بن حسنة بجيشه إلى اليمامة أمره بالبقاء مكانه حتى قُدوم خالد بن الوليد لكنه تسرع أيضا وواجه بني حنيفة وحلت به الهزيمة أيضا قبل وصول خالد بن الوليد وعندما وصل هذا الأخير كان على رأس جيش تراوح عدده ما بين عشرة آلاف إلى إثني عشر ألف مقاتل من ضمنهم جماعةٌ من المهاجرين وممن شهد بدرا والقراء وضم إليه شرحبيل وجيشه وأصبح هو القائد العام للجيش وكان مسيلمة قد عسكر بجيشه في عقرباء بطرف اليمامة عندما علم بزحف المسلمين جاعلا ريف اليمامة وحصونها وراء ظهره وعبأ جنوده إستعدادا للمواجهة المرتقبة وعسكر خالد في مواجهته وتأهب الجمعان لخوض أشرس معركة سمع بها العرب حتى ذلك الحين وإبتدأت المعركة بمبارزات فردية قبل أن يلتحم الجمعان وتولى خالد قیادة المقدمة ومعه شرحبیل ودارت بين الجيشين عدة جولات وتعرض المسلمون في بداية المعركة لضغط قتالي شديد فإضطر خالد إلى تعديل خطته العسكرية فأجرى تغييرات جذرية في وضع الجيش من خلال تمييز المقاتلين حسب قبائلهم وهدف من وراء ذلك إثارة التنافس بين المسلمين للقتال حتى أقصى مداه وفعلا فقد أثارت هذه التغييرات القوة العصبية والحمية الدينية لدى المقاتلين المسلمين فإشتد التنافس بينهم فكانت كل فرقة تود أن تنال النصر وشرف الغلبة فيندفع جنودها إلى الشهادة وإستمر القتال في الجولة الأخيرة عدة ساعات كثر فيها عدد القتلى من الجانبين وثبت بنو حنيفة ولم يحفلوا بكثرة من قتل منهم فأدرك خالد عندئذ أن الحرب لن تخف وطأتها ما بقي مسيلمة بين بني حنيفة وأن العدو لن ينهزم إلا إذا قتل وأن المعركة لن تنتهي إلا بموته لذلك شدد ضغطه القتالي وجعل ينادى وامحمداه لإثارة حمية جنوده فضغط المسلمون على مسيلمة وجنوده فإضطر الأخير إلى التراجع ودخل حديقته مع عدد كبير من أتباعه وأغلق بابها لتخفيف الضغط عليهم فحاصر المسلمون الحديقة وإقتحموها وجرى بداخلها قتال ضار وكان من بين المسلمين وحشي بن حرب مولى المطعم بن عدى سابقا وقاتل حمزة بن عبد المطلب عم الرسول محمد في معركة أُحد وكان قد أسلم بعدها وإعتذر إلى النبي صلى الله عليه وسلم عما فعله فلاحت له وسط خضام المعركة فرصة إنكشف مسيلمة خلالها أمامه فرماه بحربته فأصابه ووقع أرضا فسارع إليه أبو دجانة سماك بن خرشة الأنصارى بسيفه وأجهز عليه وقد شكل مقتل مسيلمة بداية النهاية لهذه المعركة الضارية ووضع حد لذلك القتال الشديد إذ تزعزعت قوة العدو وإنهارت وإشتدت في المقابل قوة المسلمين ففتكوا بجنود مسيلمة فتكا ولم يترك لمجاعة بن مرارة الحنفي الذى تولى القيادة بعد مقتل مسيلمة الخيار فأعلن إستسلامه وطلب الصلح وكان بنو حنيفة قد تكبدوا واحد وعشرين ألف قتيل في حين تكبد المسلمون ألفا ومائتي قتيل كان منهم الكثير من أهل بدر ومن حفظة القرآن الكريم فأُطلق على الحديقة حيث جرى القتال إسم حديقة الموت .


وبعد هذا النصر علي بني حنيفة وقف شرحبیل بن حسنة رضي اله عنه یدعو االله الذى منح جنده النصر المبین وشرف سـیفه بقتال أهـل الكفر والنفاق والكذب وأعلن بنو حنيفة بعد ذلك توبتهم من الردة وعودتهم إلى الإسلام ثم فتحت الحصون وأُخرج ما فيها من السلاح والحلقة والكراع والذهب والفضة فقسمه خالد بن الوليد على الجند وعزل الخمس وأرسله إلى الخليفة أبي بكر الصديق في المدينة المنورة مع وفد من بني حنيفة في إشارة وكدليل على توبتهم ولكي يجددوا إسلامهم أمامه وكانت هذه نهاية حروب الردة وليبدا فصل جديد من فصول التاريخ الإسلامي حيث بدأ الخليفة العظيم أبو بكر الصديق يفكر في الفتوحات في بلاد العراق والشام وذلك بعد التشاور مع كبار الصحابة وعلى رأسهم عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن ابي طالب وبعد الشورى وبعد أن كان آخر المتكلمين الإمام علي رضي الله عنه والذى قال لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لقد رفع الله لي الأرض فكان ملكي ما بين المشرق والمغرب ثم أضاف قائلا وها نحن مازلنا داخل الجزيرة العربية فسر يا خليفة رسول الله على بركة الله وكان هذا هو القول الفصل فأرسل الخليفة إلى خالد بن الوليد يكلفه بالسير إلى بلاد العراق لفتحها وطرد الفرس منها وعلى أن يدخلها من الجنوب من الكاظمة وهي بالكويت حاليا ثم يتجه نحو الأبلة وهي الميناء الرئيسي للفرس على شط العرب حيث يلتقي نهرا دجلة والفرات ثم يأخذ مسار مواز للضفة الغربية لنهر الفرات ويكون هدفه الحيرة العاصمة الثانية للفرس وحذره من عبور نهر الفرات حيث تكثر المجارى والمسطحات المائية وروافد النهر لأنها ستكون عائق إذا لا قدر الله إنكسر جيش المسلمين وأراد الإنسحاب غربي النهر إستعدادا لجولات أخرى خاصة وأن المسلمين اغلبهم لا يجيد السباحة وكان شرحبيل بن حسنة رضي الله عنه ضمن جيش خالد بن الوليد الذى بدأ به فتوحات بلاد العراق وشارك في المعارك التي دارت هناك بداية من المعركة الأولى معركة الكاظمة ثم الأبلة والمزار والولجة وأليس وأمغيشيا وصولا إلى فتح الحيرة في شهر ربيع الأول عام 12 هجرية والتي واجه فيها المسلمون جحافل جيوش الفرس ولم يخسروا منها معركة وبعد هذه المرحلة في فتوحات بلاد العراق إستدعى الخليفة العظيم أبو بكر الصديق رضي الله عنه شرحبيل بن حسنة رضي الله عنه حيث إختاره لقيادة أحد الجيوش الأربعة التي تم حشدها للتوجه إلى بلاد الشام لفتحها وتحريرها من المحتلين الروم ونشر الإسلام في ربوع نلك البلاد وكان أبو بكر لما قرر أن يغزو الروم بعد أن إستشار الصحابة الكرتم وجاءه شرحبيل بعد وصوله من العراق فجلس إليه وقال له يا خليفة رسول الله تحدثك نفسك أنك تبعث إلى الشام جند فقال نعم قد حدثت نفسي بذلك وما أطلعت عليه أحدا وما سألتني عنه إلا لشئ قال أجل يا خليفة رسول الله إني رأيت فيما يرى النائم كأنك تمشي في الناس فوق حرشفة من الجبل ثم أقبلت تمشي حتى صعدت قنة فأشرفت على الناس ومعك أصحابك ثم إنك هبطت من تلك القنان إلى أرض سهلة دمثة فيها الزرع والقرى والحصون فقلت للمسلمين شنوا الغارة على أعداء الله وأنا ضامن لكم بالفتح والغنيمة فشد المسلمون وأنا فيهم معي راية فتوجهت بها إلى أهل قرية فسألوني الأمان فأمنتهم ثم جئت فأجدك قد جئت إلى حصن عظيم ففتح الله لك وألقوا إليك السلم ووضع الله لك مجلسا فجلست عليه ثم قيل لك يفتح الله عليك وتنصر فإشكر ربك وإعمل بطاعته ثم قرأت إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ إلى آخرها ثم إنتبهت فقال له أبو بكر نامت عيناك خيرا رأيت وخيرا يكون إن شاء الله ثم قال بشرت بالفتح ونعيت إلي نفسي ثم دمعت عينا أبي بكر ثم قال أما الحرشفة التي رأيتنا نمشي عليها حتى صعدنا إلى القنة العالية فأشرفنا على الناس فإنا نكابد من أمر هذا الجند والعدو مشقة ويكابدونه ثم نعلو بعد ويعلو أمرنا وأما نزولنا من القنة العالية إلى الأرض السهلة الدمثة والزرع والعيون والقرى والحصون فإنا ننزل إلى أمر أسهل مما كنا فيه من الخصب والمعاش وأما قولي للمسلمين شنوا الغارة على أعداء الله فإني ضامن لكم الفتح والغنيمة فإن ذلك دنو المسلمين إلى بلاد المشركين وترغيبي إياهم على الجهاد والأجر والغنيمة التي تقسم لهم وقبولهم وأما الراية التي كانت معك فتوجهت بها إلى قرية من قراهم ودخلتها وإستأمنوا فأمنتهم فإنك تكون أحد أمراء المسلمين ويفتح الله على يديك وأما الحصن الذى فتح الله لي فهو ذلك الوجه الذي يفتح الله لي وأما العرش الذى رأيتني عليه جالسا فإن الله يرفعني ويضع المشركين قال الله ليوسف ورفع أبويه على العرش وأما الذى أمرني بطاعة الله وقرأ علي السورة فإنه نعى إلي نفسي وذلك أن النبي نعى الله إليه نفسه حين نزلت هذه السورة .


وبعد أن إستكملت التجهيزات وتمت الإستعدادات اللازمة عين الخليفة أبو بكر قادة الجيوش التي قرر أن يرسلها إلى الشام وهي الجيش الأول بقيادة يزيد بن أبي سفيان وأردف أبو بكر ربيعة بن الأسود بن عامر مددا له فأضحى عدد قواته سبعة آلاف مقاتل وحدد له طريق الزحف وهو وادى القرى تبوك الجابية دمشق وإنطلق هذا الجيش في يوم 23 رجب عام 12 هجرية الموافق يوم 3 أكتوبر عام 633م سالكا الطريق المحدد له والجيشُ الثاني بقيادة شرحبيل بن حسنة وهدفه بصرى عاصمة حوران بجنوب سوريا وتراوح عدده بين ثلاثة وأربعة آلاف مقاتل على أن يسلك طريق معان الكرك مأدبا البلقاء بصرى وخرج هذا الجيش من المدينة في يوم 27 رجب عام 12 هجرية الموافق 7 أكتوبر عام 633م والجيشُ الثالث بقيادة أبي عبيدة بن الجراح وهدفه حمص وتراوح عدده بين ثلاثة وأربعة آلاف مقاتل على أن يسلك طريق وادى القرى الحجر ذات المنار زيراء مآب الجابية حمص وخرج إلى وجهته في يوم 7 شعبان عام 12 هجرية الموافق يوم 17 أكتوبر عام 633م والجيش الرابع بقيادة عمرو بن العاص وهدفه فلسطين وتراوح عدده بين ستة وسبعة آلاف مقاتل على أن يسلك طريق البحر الأحمر حتى العقبة فوادى القرى فالبحر الميت وصولا إلى بيت المقدس وخرج من المدينة في يوم 3 من شهر المحرم عام 13 هجرية الموافق يوم 10 مارس عام 634م وقام الخليفة أبو بكر الصديق بإعداد جيش خامس بقيادة عكرمة بن أبي جهل وأبقاه في المدينة كقوة إحتياطية وبلغ عدده نحو ستة آلاف مقاتل وأوصى أبو بكر قادة الجيوش باللين مع الجنود وعدم تحميلهم ما يفوق طاقتهم للمحافظة على قدراتهم القتالية وأن يشاور كل منهم مرؤوسيه للوصول إلى القرارات السليمة وبأن يؤمنوا لهم العدل ويبعدون عنهم الشر والظلم في وقت السلم كي يلازموهم في وقت الحرب وعدم الفرار عند لقاء العدو لأن ذلك يغضب الله وعدم جواز قتل الأولاد والشيوخ والأطفال والنساء والعزل أو حرق الزرع وقطع الأشجار ونقض العهود والغدر وذلك لكسب قلوب سكان المناطق المفتوحة وعدم التعرض للبطاركة والرهبان والنساك والمتصوفون في الأديرة والصوامع والكنائس على أن يخير المشركون والنصارى الموالون للروم بين القتال أو الإسلام أو الجزية ومما يذكر أن الخليفة أبو بكر الصديق قد لجأ إلى خيار تسيير عدد أربعة جيوش إلى الشام ولا يجمعها في جيش واحد حتي تتفتت قوة الروم الذين يملكون جيوشا جرارة بأعداد كبيرة من الأرمن والروم البيزنطيين والعرب الموالين لهم وتوجه كل جيش من الجيوش الأربعة الأولى كل إلى الجهة المحددة له وخاض كل منها عدة معارك ضد جيوش الروم المتمركزة في بلاد الشام لكن لم يستطع أي جيش منها أن يحقق نصرا حاسما ضد الروم .


وكان هرقل إمبراطور الروم قد وضع خطة عسكرية لمواجهة المسلمين على أثر إنتشار الجيوش الإسلامية الأربعة في أجزاء من الشام تقوم على عدد من الأُسس أهمها ضرورة ضرب الجيوش الإسلامية منفردة وذلك عبر تراجع الروم البيزنطيين وفق خطة تكتيكية محكمة والتخلي للمسلمين عن مناطق الحدود الشمالية لشبه الجزيرة العربية ثم تتجمع وحدات الجيش الأول في فلسطين بعد تعزيزها بقيادة تذارق شقيق هرقل لمواجهة جيش عمرو بن العاص وعلى الجانب الآخر تتجمع وحدات الجيش الثاني في أنطاكية بقيادة وردان أمير حمص ثم يزحف الجيش الثاني من أنطاكية إلى حمص ويباشر القتال مع كل جيش من الجيوش الإسلامية الثلاثة بشكل منفرد بحيث يستدرج كل جيش منها إلى القتال على حدة فيهزمه ثم يميل إلى الآخر وهكذا إلى أن ينتهي منها جميعا مستخدما أُسلوب المناورة بالخطوط الداخلية وبناءا على ذلك تراجع البيزنطيون بسرعة من أمام المسلمين متخلين عن الأراضي المتاخمة لشبه الجزيرة العربية ثم إستجمعوا قواهم في أنطاكية وفلسطين إستعدادا للتصدى للمسلمين وهكذا نشأت أمام المسلمين حالة جديدة لم يكونوا يتوقعونها وإزداد الموقف العسكرى وضوحا بعد إستعدادات البيزنطيين وحشدهم الجند ووقف القادة المسلمون في الشام على هذه التعبئة البيزنطية فتشاوروا فيما بينهم وإستقر الرأى على إقتراحٍ قدمهُ عمرو بن العاص ويقضي بإجتماع الجيوش الإسلامية في مكان واحد وقضت الخطة بالجلاء بأقصى سرعة ممكنة عن المناطق التي فتحوها في الداخل إذ أن المهم في الحرب ليس السيطرة على العواصم والبلدان بل القضاء على جيوش العدو وسحق مقاومتها وقضت الخطة أيضا التراجع حتى جوار بصرى مع تجنب الإشتباك بالعدو والدخول معه في معركة غير متكافئة على أن يتم تنظيم المرحلة التالية من العمليات فيما بعد وتنفيذًا لهذه الخطة سار أبو عبيدة بن الجراح بإتجاه بصرى وإنسحب يزيد من غوطة دمشق ورفع الحِصار عنها وإنسحب شرحبيل رافعا الحِصار عن بصرى وإجتمعت الجيوش الثلاثة في جوار بصرى في حين أخذ عمرو بن العاص ينسحب تدريجيا بمحاذاة الضفة الغربية لنهر الأُردن ليتصل بزملائه بعد تنفيذ إجراءات التراجع والتجمع في جوار بصرى وكتب أبو عبيدة رسالةً إلى أبي بكر يعلمهُ بقرار القادة ويطلب موافقته عليه وفعلا وافق أبو بكر على هذا القرار وأدرك في الوقت نفسه حرج موقف المسلمين على الجبهة الشامية وأنهم بحاجة إلى قيادة عسكرية فذَّة تخرجهم من هذا الوضع الحرج قيادة عسكرية تتمتع بفكر عسكرى عبقرى قيادة عسكرية قادرة على حشد وتعبئة جيوش المسلمين بالأسلوب الأمثل لإدارة المعارك المرتقبة مع الروم وبإختصار فإن هذه القيادة لن يجدها إلا في خالد بن الوليد الذى كانت قد إنتشرت أخبار إنتصاراته على الفُرس في العراق وإخضاعه حوض نهر الفرات من أقصى الجنوب وحتى أقصى الشمال وكل الأراضي غرب نهر دجلة لسلطان المسلمين فإستشار أصحابه من أهل الشورى فوافقوه وقال قولته الشهيرة والله لأنسين الروم وساوس الشيطان بخالد بن الوليد وكتب إليه وهو بالعراق يأمره بالمسير إلى الشام في نصف الجيش وأن يترك النصف الآخر تحت قيادة المثنى بن حارثة الشيباني .

وكان خالد آنذاك في الحيرة وقد أنشأ لنفسه موقعا ثابتا موطد الأركان نسبيا في غربي نهر الفرات لكنه لم يكن ينطوى منذُ البداية على الرغبة في فتح إقليم لنفسه والإستقرار فيه فإستجاب على الفور لأمر الخليفة من واقع كونها تحديا لكفاءته العسكرية وإصطحب خالد معه إلى الشام تسعة آلاف مقاتل وهم الذين كانوا قد قدموا معه يوم جاء إلى العراق وترك ثمانية آلاف مقاتل بقيادة المثنى بن حارثة الشيباني وهم الذين كانوا معه في العراق قبل مجيئه وخرج خالد بن الوليد من الحيرة في يوم 8 صفر عام 13 هجرية الموافق يوم 14 أبريل عام 634م وأرسل رسالةً عامةً إلى المسلمين في الشام يخبرهم بأمر الخليفة بنجدتهم ورسالة خاصَّة إلى أبي عبيدة يخبره بأمر الخليفة تعيينه قائدا عاما لجيوش المسلمين في هذه البلاد وإخترق الصحراء التي تفصل العراق عن الشام في ثمانية أيام وقيل خمسة أيام في طريق وعرة لم يسلكها أحد قبله وهي طريق قراقر عين التمر سوى أرك تدمر القريتين الغوطة بصرى ويتميز هذا الطريق بأنَه خال من قلاع الفرس والروم ومسالحهم ويصل بسالكه إلى بصرى دون أن يتعرض لهجمات العدو وإجتهد خالد حين أشرف على الشام وأراد قبل أن يتوغل فيها ألا يترك خلفه مواقع قائمة للبيزنطيين أو لحلفائهم من العرب فصالح أهل المصيخ وبهراء وأرك بعد أن إصطدم بهم وضرب الحصار حول تدمر والتي كانت من المراكز العسكرية المحصنة فحاصرها المسلمون من كل جانب وقد تحصن بها أهلها فهددهم خالد وقد أصر على فتحها ويبدو أنهم كانوا قد أدركوا حرج موقفهم في ظل غياب الدعم البيزنطي فمالوا إلى طلب الصلح وفتحوا أبواب مدينتهم للمسلمين وواصل المسلمون سيرهم حتى وصلوا إلى القريتين فإعترضهم أهلها وجرى إشتباكٌ بين الطرفين أسفر عن إنتصار المسلمين ثم مروا بحوارين فتحصن أهلها وراء أسوارها وطلبوا مساعدة عاجلة من المدن والقُرى المجاورة فجاءهم جيشان الأول من بعلبك والثاني من بصرى يبلغ عددهما أكثر من أربعة آلاف مقاتل لكن المسلمين إصطدموا بهما قبل أن يصلا وشتتوهما فإضطَّر أهالي حوارين إلى قُبول الصلح وتنوجه الُسلمون بعد حوارين بإتجاه الجنوب قاصدين غوطة دمشق فإعترضهم الغساسنة بقيادة الحارث بن الأيهم وجرى إشتباك بين الطرفين أسفر عن إنتصار المسلمين وتراجع الغساسنة إلى حصون دمشق وواصل المسلمون تقدمهم حتى بلغوا الثنية ووقفوا على التل المعروف بهذا الإسم ونشروا عليه الراية السوداء المسماة بالعقاب وهي رايةُ النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأغاروا على بعض قرى الغوطة وعسكروا أمام الباب الشرقي لدمشق على دير صليبا وفي رواية أن خالدا عسكر على باب الجابية الغربي وأجرى مباحثات مع أُسقف المدينة وعامل هرقل منصور بن سرجون أسفرت عن معاهدة صلح وكتب خالد كتابا لِأهل المدينة يتعهد لهم بأنه لو دخلها لن يتعرض لهم أحد في أنفسهم وأموالهم وكنائسهم وأن لا تسكن دورهم طالما أعطوا الجزية ومن الواضح أن دمشق لم تكن هدف خالد في هذه المر حلة إنما أراد فقط أن يحمي مؤخرة جيشه عندما يستأنف الزحف بإتجاه الجنوب . وكان القائد العام لجیش المسلمین فـي بلاد الشام أبو عبیدة بن الجراح رضي االله عنه قبل وصول خالد بن الوليد قد وجه شرحبيل بن حسنة في أربعة آلاف مجاهد إلى بصرى وإذا بالمدینة تفاجأ بقدوم شرحبیل بجيشه وعسـكره وكان على بصرى بطریق عظیم الشأن والقدر عند الإمبراطور الرومي وعامة الروم إسمه رومانس وكان یجتمع إلیه الروم من أقصى بلادهم یستمعون إلى ألفاظ حكمته ومواعظه فهرع الناس إليه يسألونه الحل والمخرج لهذا المأزق فخرج البطریق یسأل قائد جیش المسـلمین عـن مهمتهم وغـرض قدومهم وبعد محاورة طویلة بینهما أیقن البطریق أن الإسلام حق وأن نبیه صلى االله علیه وسلم هو الذى بشرت به كتبهم ونصح قومه بأن یؤدوا الجزیة ویصرفوا المسلمین عـنهم وأخفى إسلامه خشیة أن یتمردوا علیه ویقتلوه وفعلا غضبوا علیه وهموا بقتله فقال لهم مستدركا كلامهم وأراد أن یهـدئهم لاتعجلوا یاقوم إنما أردت أن أختبركم وأرى مبلغ حمیتكم لدینكم
والآن دونكم والقوم وأنا فـي مقدمتكم فإستعد الروم وجمعـوا جمعهـم وتجهـزوا للمنازلة فلما رأى شـرحبیل ذلك وقف في الجیش خطیبا یذكرهم بمعاني الجهاد وفضل الإستشهاد لتكون كلمة االله هي العلیا وكلمة الذین كفروا السفلى حيث قال لهم أیها المسلمون إعلموا رحمكم االله أن رسول االله صلى االله علیه وسلم قـال الجنة تحت ظلال السـیوف وأحب ماقرب إلي االله قطرة دم في سبیل االله أو دمعة جرت في جوف اللیل من خشیة االله تعالى یا أیها الذین آمنوا إتقوا االله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ثم حمل المسلمون على جیش بصرى حملتهم وإلتحم الجیشان ولم یزل القتال محتدما بينهما إلى أن توسطت الشمس في قبة الفلك وكاد العدو أن ينال من المسلمين وأن يبدد جمعهم فرفع شرحبيل رضي الله عنه یدیه یدعو الله بحرارة وصدق ویقول یا حي یا قیوم یا بدیع السماوات والأرض یا ذا الجلال والإكرام اللهم إنك تعلم أننا جئنا إلـى هـذا المكان لننصر دینك ووعدك الحق فإنصرنا على القوم الكافرین وما أن أكمل شرحبيل دعاءه حتى جاء النصـر المؤزر من عند االله العزیز الحكیم حيث شوهدت غبرة قـد أشرفت خلف جيش المسلمين من عند حوران فلما إقتربت منه فإذا تحتها جيش على مقدمته فارسان أحدهما ينادى ويصيح يا شرحبیل یا إبن حسنة أبشر بنصر االله أنا خالد بن الولید والآخر یصیح وأنا عبد الرحمن بن أبي بكر الصدیق فتعانق الجیشان وإشتبكا في قتال شدید ولما هدأت المعركة تسلم القیادة العامة خالد بن الولید فأمر الجیش بالراحة إستعدادا للمنازلة في الیوم التالي وما أن طلع الفجر إلا وتحركت جموع الروم وزحفت على المسلمین وإســتعد لها المسـلمون وأخذوا أهبتهم للحرب فجعل خالد ینظم الجیش بسرعة فائقة وبقي هو في القلب یعـظ الناس ویوصیهم بالثبات فلما نظر جیش بصرى تنظیم جیش المسلمین دبَ فـي صفوفهم الرعب وتلاقى الفریقان وإشتبكا وحمل المسلمون حملتهم وإرتفعت أصواتهم بالتهلیل والتكبیر فلم یكن للروم من ثبات مع المسلمین فولوا الأدبار وركنوا إلى الفرار وتراجعوا الى مدینتهم بصرى فدخلوها وتحصنوا بأسوارها وأحكموا غلق أبوابها فشدد المسلمون الحصار علیها وفي أثناء ذلك إستطاع البطریق رومانس أن یفلت من قومه ویأتي خالدا لكي یعلن إسلامه وینضم إلى صفوف المسلمین ویعینهم على فتح أبواب المدینة وإقتحامها وبذلك إنتهت المعركة بإستسلام الروم وإنتصار المسلمین وكانت بذلك بصرى أول مدينة فُتحت صلحا في الشام وأول جزية وقعت في هذا البلد في عهد الخليفة العظيم أبي بكر الصديق وفقا لِرواية البلاذرى .


وبعد فتح بصرى شارك شرحبيل بن حسنة في معركة أجنادين في شهر جمادى الأولى عام 13 هجرية الموافق شهر يوليو عام 634م فبعد سقوط بصرى إستنفر هرقل إمبراطور الروم قواته وأدرك أن الأمر جد لا هزل فيه وأن مستقبل الشام بات في خطر ما لم يواجه المسلمين بكل ما يملك من قوة وعتاد حتى تسلم الشام وتعود طيعة تحت إمرته فحشد العديد من القوات الضخمة وجهز جيشا ضخما قوامه سبعين ألف مقاتل ووجهه إلى سهل أجنادين إلى الغرب من القدس الشريف وإنضم إليه نصارى العرب والشام وشكل خالد بن الوليد جيشه الذى كان قوامه حوالي ثلاثين ألف مقاتل ونظمه ميمنة وميسرة وقلب ومؤخرة فجعل على الميمنة معاذ بن جبل وعلى الميسرة سعيد بن عامر وعلى المشاة في القلب أبا عبيدة بن الجراح وعلى الخيل سعيد بن زيد وأقبل خالد يمر بين الصفوف لا يستقر في مكان يحرض الجند على القتال ويحثهم على الصبر والثبات ويشد من أزرهم وأقام النساء خلف الجيش يبتهلن إلى الله ويدعونه ويستصرخنه ويستنزلن نصره ومعونته ويحمسن الرجال وتهيأ جيش الروم للقتال وجعل قادته الرجالة في المقدمة يليهم الخيل وإصطف الجيش في كتائب ومد صفوفهم حتى بلغ كل صف نحو ألف مقاتل وأمر خالد جنوده بالتقدم حتى يقتربوا من جيش الروم وأقبل على كل جمع من جيشه يقول لهم إتقوا الله عباد الله قاتلوا في الله من كفر بالله ولا تنكصوا على أعقابكم ولا تهنوا من عدوكم ولكن أقدموا كإقدام الأسد وأنتم أحرار كرام فقد أبيتم الدنيا وإستوجبتم على الله ثواب الآخرة ولا يهولكم ما ترون من كثرتهم فإن الله منزل عليهم رجزه وعقابه ثم قال أيها الناس إذا أنا حملت فإحملوا وكان خالد بن الوليد يرى تأخير القتال حتى يصلوا الظهر وتهب الرياح وهي الساعة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب القتال فيها ولو أدى ذلك أن يقف مدافعا حتى تحين تلك الساعة وأعجب الروم بكثرتهم وغرتهم قوتهم وعتادهم فبادروا بالهجوم على الميمنة حيث يقف معاذ بن جبل فثبت المسلمون ولم يتزحزح أحد فأعادوا الكرة على الميسرة حيث سعيد بن عامر فلم تكن أقل ثباتا وصبرا من الميمنة في تحمل الهجمة الشرسة وردها فعادوا يمطرون المسلمين بنبالهم فتنادى قادة المسلمين طالبين من خالد أن يأمرهم بالهجوم حتى لا يظن الروم بالمسلمين ضعفا ووهنا ويعاودون الهجوم عليهم مرة أخرى فأقبل خالد على خيل المسلمين وقال إحملوا رحمكم الله على إسم الله فحملوا حملة صادقة زلزلت الأرض من تحت أقدام عدوهم وإنطلق الفرسان والمشاة يمزقون صفوف العدو فإضطربت جموعهم وإختلت قواهم وفي هذه المعركة أبلى المسلمون بلاءا حسنا وضربوا أروع الأمثلة في طلب الشهادة وإظهار روح الجهاد والصبر عند اللقاء وبرز في هذا اليوم من المسلمين ضرار بن الأزور الأسدى أحد أشجع فرسان المسلمين وكان يوما مشهودا له وبلغ جملة ما قتله من فرسان الروم ثلاثين فارسا كما قتلت الصحابية الجليلة أم حكيم بنت الحارث بن هشام المخزومية زوجة عكرمة بن أبي جهل أربعة من الروم بعمود خيمتها وبلغ قتلى الروم في هذه المعركة أعدادا هائلة تجاوزت الآلاف وإستشهد من المسلمين 450 شهيدا وبعد أن إنقشع غبار المعركة وتحقق النصر أرسل خالد بن الوليد برسالة إلى الخليفة أبي بكر الصديق يبشره بالنصر وما أفاء الله عليهم من الظفر والغنيمة جاء فيها أما بعد فإني أخبرك أيها الصديق إنا إلتقينا نحن والمشركين وقد جمعوا لنا جموعا جمة كثيرة بأجنادين وقد رفعوا صلبهم ونشروا كتبهم وتقاسموا بالله لا يفرون حتى يفنون أو يخرجونا من بلادهم فخرجنا إليهم واثقين بالله متوكلين على الله فطاعناهم بالرماح ثم صرنا إلى السيوف فقارعناهم في كل فج فأحمد الله على إعزاز دينه وإذلال عدوه وحسن الصنيع لأوليائه فلما قرأ أبو بكر الصديق رضي الله عنه الرسالة فرح بها وقال الحمد لله الذى نصر المسلمين وأقر عيني بذلك وكانت هذه المعركة أول لقاء كبير بين جيوش الخلافة الراشدة والروم البيزنطيين في الصراع على الشام .


وامام هزيمة الروم في أجنادين حشد هرقل جيشا ضخما يضم مائة وعشرين ألفا من الجنود من مختلف الولايات البيزنطية منهم فرقة من العرب المسيحيون تقدر بإثني عشر ألفا من الغساسنة ولخم وجذام بقيادة جبلة بن الأَيهم وفرقة من أرمينية تضم أيضا إثني عشر ألفا بقيادة جرجة بن توذار وكتب إلى روما عاصمة الإمبراطورية الرومانية الغربية يطلب نجدة عاجلة تساعده على التخلُّص من موقفه العصيب وكان ذلك في الواقع رغبةً منه في تحقيق إنتصار على المسلمين يعيد إليه هيبته وإلى الإمبراطورية مكانتها وإجلاء أعدائها عن الشام وإستردادها ونزل الروم بين دير أيوب واليرموك وكانوا بقيادة تذارق شقيق هرقل يساعده القائد الأرمني ماهان وعلم المسلمون بواسطة العيون التي بثوها بين البيزنطيين بهذا الحشد الضخم فتحرك جيش المسلمين والذى كان منقسما إلى أربعة ألوية إلى اليرموك فوجدوا البيزنطيين قد سبقوهم إليه فنزلوا عليهم بحذائهم وعلى طريقهم إذ ليس للبيزنطيين طريق إلا عليهم وبلغت قوة المسلمين ما بين 36 ألفا إلى 40 ألفا وعندما تواجه الجمعان في سهل فسيح شمال اليرموك يعرف بالواقوصة أدرك قائد المسلمين خالد بن الوليد رضي الله عنه أهمية هذه المعركة الفاصلة في حروب الشام وأظهر حنكة ومهارة عسكريةً عبر محاولته توحيد الألوية الأربعة تحت قيادة واحدة فخطب في الأُمراء داعيا إياهم إلى توحيد إمارة الجيش تحت قيادته لأن هذه المعركة إما ستفتح على المسلمين أبواب الشام على مصراعيها أو لن يفلحوا بعدها أبدا إن هزموا لا قدر الله وهكذا ولى أُمراء الألوية الأربعة عليهم خالد بن الوليد في ذلك اليوم وهم يتوقعون أن المعركة ستستمر عدة أيام فقسم خالد الجيش إلي ميمنة جعل عليها عمرو بن العاص وميسرة جعل عليها يزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة وقلب جعل عليه أبا عبيدة بن الجراح وتولى هو قيادة الفرسان مع ضرار بن الأزور وقسم كل قسم إلى كراديس أى كتائب كل كتيبة ألف مقاتل وعلى أن تنقسم كل منها أيضا إلى ميمنة وميسرة وقلب وجعل على كل كردوس أمير من أهل بدر أو من أمهر فرسان المسلمين فكان من أمراء الكراديس الزبير بن العوام وعياض بن غنم وعكرمة بن أبي جهل وخالد بن سعيد بن العاص والسهيل بن عمرو وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد وصفوان بن أمية وباشر المسلمون القتال وكان ذلك في شهر رجب عام 13 هجرية الموافق شهر سبتمبر عام 634م عندما أمر قائد الجيش خالد بن الوليد مجنبتا قلب الجيش بقيادة عكرمة بن أبي جهل والقعقاع بن عمرو التميمي بالهجوم فإخترق الزبير بن العوام صفوف الروم مرتين وإستمر القتال بين الجيشين لمدة ستة أيام وإستطاع المسلمون الصمود أمام جيش الروم الذى تفوق أعداده عدد جيش المسلمين بثلاثة أضعاف على الأقل وبرزت العديد من البطولات أثناء المعركة منها عندما نادى عكرمة بن أبي جهل يبايع على الموت فلحق به عمه الحارث بن هشام وضرار بن الأزور في أربعمائة من الجنود المسلمين يقاتلون حتى الموت فقتل معظمهم وكان أيضا من أحداث هذه المعركة إنضمام القائد الأرمني جرجة لجيش المسلمين معلنا إسلامه وقاتل في صفوف المسلمين وإستشهد في المعركة وفي اليوم السادس للقتال تراجع الروم بعد أن خسروا أعدادا كبيرة من جنودهم ما بين قتيل وجريح فزحف خالد بقلب الجيش مخترقا صفوف البيزنطيين ففرت الخيالة منهم تاركين المشاة أمام الجيش الإسلامي وإقتحم خالد عليهم خندقهم فتراجع الروم تحت جنح الظلام إلى سهل الواقوصة حيثُ أمعن المسلمون فيهم قتلا حتى هزموا وقُتل من الروم في هذه المعركة حوالي الستين ألفا وقدرت خسائر المسلمين بثلاثة آلاف قتيل منهم عدد من الصحابة الكرام مثل عكرمة بن أبي جهل وإبنه عمرو وعمرو بن سعيد بن العاص وسلمة بن هشام وهشام بن العاص وعمرو بن الطُفيل وإنحاز جبلة بن الأَيهم ومن معه من العرب المسيحيون إلى بني قومهم العرب المسلمون ثم أظهر الإسلام هو وجماعةٌ من قومه الغساسنة وكانت هذه المعركة من المعارك الحاسمة في الصراع الإسلامي البيزنطي إذ أنها فتحت أمام المسلمين باب الإنتصارات المتتالية في هذه البلاد ووضعت حدا لآمال هرقل في إنقاذها بعد أن قضى المسلمون على آخر ما تبقى لديه من جيوش وقوات جمعها بصعوبة بالغة .

وبعد معركة اليرموك كانت معركة فحل وجرت بين المسلمين والروم في غور الأردن قرب مدينة بيلا الرومية في أول شهر ذى الحجة عام 13 هجرية الموافق يوم 25 يناير عام 635م وهي تسمى في المراجع الغربية واليونانية بإسم معركة بيلا فبعد الهزيمة التي لحقت بالروم في معركتي أجنادين واليرموك بدأ الروم يجمعون قواهم في أحد حصونهم المنيعة في مدينة بيلا التي تقع على إرتفاع 150 متر تحت سطح البحر وتطل على غور الأردن على بعد حوالي 50 كم جنوبي نهر اليرموك وكان هذا التجمع للروم في تلك المنطقة يشكل خطرا محدقا على جيش المسلمين المتوغل شمالا نحو دمشق وحمص لأن أى هجوم يقوم به الروم شرقا سيؤدى إلى قطع خطوط الإمدادات من الجزيرة العربية فقرر أبو عبيدة بن الجراح الإنسحاب جنوباً من وسط سوريا لتدارك الخطر في أغوار الأردن وإلتقى الجيشان قرب بيلا التي سار أبو عبيدة إليها وبعث خالد بن الوليد على المقدمة وعلى القلب شرحبيل بن حسنة وكان على المجنبتين أبو عبيدة وعمرو بن العاص وعلى الخيل ضرار بن الأزور وعلى الرجالة عياض بن غنم وكان أهل فحل قد قصدوا بيسان فنزل شرحبيل بجنده فحل وكان الروم قد قاموا بشق قنوات مائية من بحیرة طبریة وسلطوا میاهها على الأراضي المحیطة بالمدینة لمنع تقدم جیش المسـلمین فكانت بين جيش المسلمين وجيش الروم مياه وأوحال ولذا كانت العرب تسمي تلك الغزوة ذات الردغة وبيسان وفحل وفـرض جیش شرحبیل بن حسـنة حصارا شدیدا على فحل وإستهدف حرمان الروم من إستغلال التحصینات المائیة التي أقاموها وكان لا يبيت ولا يصبح إلا على تعبئة ودار بين الطرفين قتال شديد طوال النهار وحتى أظلم الليل عليهم وتمكن جيش المسلمين من دفعِ قوات الروم نحو الغرب بإتجاه القنوات والمستنقعات المائية الدفاعية التي أقاموها وإنتهت المعركة بإنتصار المسلمين نصرا حاسما وأصيب قائد الروم وفر الجنود فلحقهم المسلمون وقتلوا الكثير منهم وسقط عدد كبير منهم في الطين والأوحال فوخزوهم بالرماح وهزم الروم شر هزيمة وكانوا ثمانون ألفا لم يفلت منهم إلا الشريد وأكرم الله المسلمين وهم كارهون فقد كرهوا المياه والطين والأوحال فكانت عونا لهم على عدوهم وغنموا أموالهم فإقتسموها وهكذا سیطر المسلمون بعد معركة فحل على بیسان وتلتها طبریة حيث كانت أنباء إنتصارات شرحبیل بن حسـنة قد بلغت أهل طبریة فتهیأوا للصلح وتركوا فكرة القتال أمامه ثم واصلت قواته تقدمها بإتجاه بقیة مدن الأردن لتحریرها من الروم وإضطر سكان تلك المدن إلى طلب الأمان وكتبت عهود الصلح في كل مكان بمنح الأمان لهؤلاء السكان على أرواحهم ودورهم وأموالهم وأراضيهم وكنائسهم ومعابدهم مقابل الجزية .

وعاد المسلمون من الأردن وإتجهوا نحو دمشق فأخذوا الغوطة وكنائسها عنوة وحاصر جيش المسلمين المدينة وتحصن أهلها داخل أسوارها وأغلقوا أبوابها وكان لديهم أمل بوصول نجدة من الشمال على وجه السرعة تفك الحصار عن المدينة ووزعت مهام الحصار بأن نزل أبو عبيدة على باب الجابية وخالد بن الوليد على الباب الشرقي ويزيد بن أبي سفيان على باب كيسان وعمرو بن العاص على باب الفراديس وشرحبيل بن حسنة على باب توما وعمد أبو عبيدة إلى عزل المدينة عمن حولها وقطع جميع إتصالاتها مع العالم الخارجي حتى يجبر حاميتها على الإستسلام فأرسل ثلاث فرق عسكرية تمركزت إحداها على سفح جبل قاسيون على مسافة خمسة كيلومترات إلى الشمال من المدينة عند قرية برزة والثانية على طريق حمص لكي يحول دون وصول الإمدادات من الشمال وقطع الإتصالات بينها وبين القيادة البيزنطية والأخيرة على الطريق بين دمشق وفلسطين لقطع طريق الجنوب وطال أمد الحصار على الدمشقيين والذى دام سبعين ليلة وقيل أربعة أشهر وكذلك ستة أشهر وإزداد التوتر بينهم وبخاصة بعد أن إنسحبت الحامية البيزنطية من مواقعها تاركةً للدمشقيين تدبير أمرهم بأنفسهم ولما يئسوا من وصول نجدة تنقذهم وتجلي المسلمين عن مدينتهم وهنت عزيمتهم ومالوا إلى الإستسلام وكان ذلك على الأرجح في منتصف عام 15 هجرية الموافق منتصف عام 636م وتتباين روايات المصادر في وصف أيام دمشق الأخيرة قبل دخول المسلمين إليها وفي تحديد كيفية هذا الدخول فقد ذكر البلاذرى أن أبا عبيدة دخل المدينة عنوة من باب الجابية ولما رأى الأُسقف منصور بن سرجون أنه قارب الدخول بادر إلى خالد فصالحهُ وفتح له الباب الشرقي فدخل الأُسقف معه ناشرا كتاب الصلح وإلتقى خالد مع أبي عبيدة بالمقسلاط وهو موضع النحاسين بدمشق فتحدث بعض المسلمين في ذلك معترضين على عدم جواز صلح خالد بن الوليد كونه ليس أمير الجيش لكن أبو عبيدة أجازه قائلا أنه يجيز على المسلمين أدناهم فأمضى الصلح ولم يلتفت إلى ما فُتح عنوة فصارت دمشق كلها صلحا وكتب بذلك إلى عمر وأنفذه وروى الإمام محمد بن جرير الطبرى رواية عكسية وهي أن خالد هو من إقتحم المدينة بعد أن تسلق سورها في أحد الليالي ومعه القعقاع بن عمرو التميمي بعد أن علم أن أهل دمشق مشغولون بالإحتفال بميلاد إبن لحاكم المدينة الرومي فإستيقظ السكان مذعورين على جند المسلمين يلِجونها ويمعنون في الجنود الروم تقتيلا ففتحوا أبواب مدينتهم للفرق الإسلامية الأُخرى ولجأوا إلى أبي عبيدة يعرضون عليه الصلح فقبل عرضهم ودخل كل قائد من الباب الذى هو عليه صلحا بإستثناء خالد الذى كان قد دخل عنوة وكان صلح دمشق على المقاسمة على الدينار والعقار وعلى جزية دينار عن كل رأس لِأن جانبا من المدينة فُتح عنوة فكان كله حقا للمسلمين في حين فتح جانب منها صلحا فوجبت عليه الجزية دون سواها لذلك أخذ المسلمون نصف ما في المدينة من كنائس ومنازل وأموال بحكم الفتح عنوة وفرضوا الجزية بحكم الفتح صلحا وذلك بحسب المؤرخ إسماعيل بن كثير وأخذ المسلمون عدد 7 كنائس من أصل 14 القائمة بدمشق كما إقتسموا الكنيسة الكبرى وهي كاتدرائية القديس يوحنا المعمدان مع الدمشقيين فتركوا نصفها للمسيحيين يقيمون فيه صلواتهم وجعلوا النصف الآخر مسجدا جامعا وفيما بعد وفي عهد الخليفة الأموى السادس الوليد بن عبد الملك تم بناء المسجد الأموى في موقع هذه الكنيسة فإحتج المسيحيون على هذا الإجراء فأعاد الوليد للمسيحيين باقي الكنائس التي كان قد إستولى عليها المسلمون عند فتح دمشق كتعويض مناسب ومرضي لهم وإنتهى البناء قبل وفاته بوقت قصير في عام 96 هجرية الموافق عام 715م .


وجدير بالذكر أن الأمانة تقتضي منا أن نذكر أن أحداث فتوحات الشام مختلف علي ترتيبها فإحدى الروايات تفيد بأن معركة فحل وفتح دمشق كانا قبل معركة اليرموك وتفيد روايات أخرى أن معركة اليرموك قد وقعت أولا بعد معركة أجنادين وتلاها معركة فحل وفتح دمشق وأخيرا ففي عام 18 هجرية الموافق عام 639م كان الخليفة عمر بن الخطاب قد أرسل أمرا إلى شرحبيل بن حسنة رضي الله عنه يفيد بإمارته على الأردن لكن شاءت الأقدار ألا تدوم الإمارة طويلا حيث إنتشر في العام المذكور فى بلاد الشام وباء إستمر حوالي لمدة شهر عرف بإسم طاعون عمواس وهي قرية بالشام على مقربة من بيت المقدس وكان السبب في هذا الوباء كما قال المؤرخون أن البيزنطيين لم يكونوا يدفنون قتلاهم فبقيت أعداد كبيرة من الجثث في ميادبن القتال المختلفة دون دفن ففسدت وتعفنت وكانت سببا في إنتشار هذا الوباء اللعين والذى تسبب في وفاة عدد كبير من المسلمين قيل إنه وصل إلى خمسة وعشرين ألفا وقيل ثلاثين ألفا كان منهم عدد كبير من كبا ر الصحابة الكرام وقادة جيوش المسلمين كان منهم أبو عبيدة بن الجراح وشرحبيل بن حسنة والفضل بن العباس بن عبد المطلب وضرار بن الأزور الأسدى ويزيد بن أبي سفيان ومعاذ بن جبل وإبنه عبد الرحمن وعدد من أولاد خالد بن الوليد وقيل إنه عندما وقع طاعون عمواس في بلاد الشام أن عمرو بن العاص وقف خطيبا في الناس فقال إن هذا الطاعون رجس فتفرقوا عنه في هذه الشعاب وفي هذه الأودية لكن إرادة الله شاءت أن يصاب شرحبيل بن حسنة رضي الله عنه فما لبث أن توفاه الله بسبب هذا الوباء اللعين وكان عمره سبعة وستين عاما ودفن على الأرجح في الأردن في الأغوار في منطقة إلى الجنوب من فحل بنحو خمسة كيلو مترات كانت تسمى وادى اليابس وهي تعرف الآن بوادى الريان حيث أن قیادة عملیاته كانت في هذه المنطقة والتي كان یعـود إلیها بعد إنتهاء أى مهمة خارجها وقد بني بجانب مقام شرحبیل بن حسـنة رضي الله عنه بالمملكة الأردنية الهاشمية مسجد تم تجدیده حدیثا في إطار إهتمام الحكومة الأردنية بمقامات الصحابة الكرام وتكريما له تم إطلاق إسمه على العديد من المدارس في المراحل المختلفة في مدن المملكة الأردنية كما يوجد مقام له في مدينة صيدا بجنوب لبنان یرمز إلى مشاركته في فتح هذه المدینة مع يزيد بن أبي سفيان بعد فتح دمشق بالإضافة إلى جملة مدن أخرى من مدن الساحل اللبناني منها بيروت وعرقا وجبيل ولايزال
 
 
الصور :
مقام الصحابي شرحبيل بن حسنة