abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

مصر أرض السلام

مصر أرض السلام
عدد : 09-2023
بقلم / محمود فرحات

الإنسان المصري بطبيعته مسالم يسعى للبناء لا التخريب، فقد عاش أجدادنا القدماء منذ فجر التاريخ في وادينا الأخضر يزرعون ويبنون، يطورون ويعمرون الأرض.. وينتقلون من مرحلة حضارية لمرحلة أخرى أعلى، بينما في ذات الوقت كانت هناك تجمعات بشرية أدنى على أطراف دولتنا تحسد المصريين على ما شيدوه وصنعوه، وبدلا من أن يسعون لمقارعتهم في ميدان البناء والتمدن، فقد راحت تلك القبائل تسرق من المناطق الحدودية ما تستطيع.. هنا كانت بداية تفكير المصري القديم لتأمين حدوده فكون الفرق العسكرية لحماية المناطق الحدودية من كل غادر أراد أن يستبيح خيرات هذا البلد الطيب..

في ظل ذلك وخلال عصر الدولة القديمة كان المصريين كشعب مسالم محب لكل الشعوب يسمح للقبائل والشعوب الأخرى بالنزوح للمناطق الحدودية، والبقاء فيها خلال فترات المجاعات والجفاف، في المقابل استغلت تلك القبائل سماحة المصريين فكانوا يعتدون على المصريين وعلى الأراضي المصرية، لذلك كان ملوك الدولة الوسطى يقومون بحملات تأديبية للحدود المصرية لضمان الأمن والأمان فيها.. تطور الامر نهاية الدولة الوسطى حيث تألف حزب من الشعوب السامية (العرب والعبرانين) سكنوا شرق الدلتا مستغلين ضعف الدولة وسماحة حكامها وشعبها، وبدأت هجرة منظمة على مدار سنوات إنتهت بكارثة.. حيث تأسست دولة الهكسوس في الدلتا حتى شمال الصعيد، والذين نازعوا حكام مصر سلطتهم وعاملوا المصريين بغلظة وعدم لين وعدم تسامح..

عند تلك المرحلة أيقن المصريين أنه لابد أن يكون لهم أنياب ومخالب يأدبون بها أعدائهم فكان جيش أحمس البطل الذي طرد هؤلاء المغتصبين، وقد تعلمت مصر الدرس.. واصبحت من بعد تلك الفاجعة تسعى لدرأ الخطر قبل أن يصبح واقع.. ولكن الطباع المصرية كانت دوماً تجنح للسلم واللين، فهذا تحتمس الثالث إمبراطور الشرق المنتصر على كل ملوك الأرض في زمنه يسمح لابناء أعدائه بالإقامة والتعلم في مصر، قاصداً ترقيق طباعهم واستمالتهم حينما يجلسون على عروشهم وقد كان.. وهذا الملك سيتي الأول يضع حداً للحرب مع الحيثين ويمد يده بالسلام لعدوه ويوافق على هدنه مؤقته، وهذا إبنه رمسيس الثاني الملك العظيم والأشهر يوقع معاهدة السلام الاولى فالتاريخ، والتي أعتبرت الأساس لجميع معاهدات السلام التي تلتها، لاسيما أنها جمعت بين تطبيق القوانين والتشريعات وضمان حق الشعوب وتأكيد إقامة سلام عادل وشامل وتعزيز أواصر العلاقات العسكرية والدبلوماسية..

وقد جاء ضمن بنود تلك المعاهدة ما نصه: (أهمية إقامة علاقات جيدة بين الدولتين، والسعي إلى إحلال سلام أساسه احترام سيادة أراضي الدولتين، والتعهد بعدم تحضير الجيوش لمهاجمة الطرف الآخر، وإقامة تحالف وقوة دفاعية مشتركة، واحترام الرسل والمبعوثين بين الدولتين لأهمية دورهم لتفعيل السياسة الخارجية) وتنص المعاهدة كذلك على الصداقة الأبدية والسلام الدائم، وسلامة الأراضي للبلدين وعدم الاعتداء، وتسليم المجرمين والدعم المتبادل..

وقد حفظت نسخة طبق الأصل من معاهدة السلام المصرية الحيثية في مقر الأمم المتحدة باعتبارها أول معاهدة سلام مكتوبة وموثقة في التاريخ.. هذه هى مصر مهد السلام وأرض التعايش، التي قدمت للإنسانية عبر تاريخها الطويل مشاعل العلم والتنوير، وساهمت بتراث حضاري عظيم، وجنحت مبكراً للسلام والتعايش والإستقرار،،

وفي يوم السلام العالمي الذي يوافق 21 سبتمبر من كل عام نذكر العالم بالسلام، وندعو الله أن يعم السلام ربوع الأرض..