abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

التراث والتجريب والفن المعاصر
خبرة الفنان وتجاربه.. وفكره الفلسفي
(الفنان المصري العالمي الأمير رفقي الرزاز )

التراث والتجريب والفن المعاصر 
خبرة الفنان وتجاربه.. وفكره الفلسفي
(الفنان المصري العالمي الأمير رفقي الرزاز )
عدد : 09-2023
بقلم الدكتور/ محمود رمضان

أربعون عاماً في فضاءات الفن التشكيلي، وبخاصة في رحاب الفنان القدير سعادة الفنان الأمير/ رفقي الرزاز يحفظه الله؛ فهو سليل عائلة الأمراء الكبار من طائفة الرزاز أحفاد الأمير خليل أغا بن عثمان أغا الرزاز في العهد العثماني، ولقد تأكد ليّ من خلال الدراسات التاريخية والوثائقية والأثرية والفنية بأن هذه الطائفة وأولادهم واحفادهم واحفاد احفادهم طبقة بعد طبقة ونسل بعد نسل حتى الآن، كانوا وما زالوا يتمتعون بحس فني عالي المستوى، فقد برز منهم كوكبة من الفنانيين الكبار وفي مقدمتهم الفنان الأستاذ الدكتور مصطفى الرزاز، والفنان القدير الأستاذ الأمير رفقي الرزاز ، والفنان المصور القدير/ عمر الرزاز وغيرهم الكثير، الذين نبغوا في مجالات فنية متنوعة من هذه العائلة الكريمة العريقة أيضاً.

تعلمت من الفنان رفقي الرزاز ، كيفية فهم مسار الحركة الفنية ومتابعة الحديث في مجالات الفن، كالحداثة والحداثة الجديدة والمعاصرة، ومعنى ومضمون الفن في كل صوره، وأن لكل لوحة شخصية ولغة خاصة بها، وثمة فلسفة للحوار من المهم أن تعقد بين الفنان والمتذوق في حضور اللوحة أو العمل الفني بشكل عام، ويقاس براعة الفنان في استهواء حواس المتذوق للغوص به في روحانيات خفية في العمل الفني -على أن يتم تبادل الأدوار بينهم - بقدر نجاحه وثبات يقين الفنان بأن رسالته الهادفة من عمله قد وصلت ذهن وقلب المتذوق وأن رغبة الفنية المتذوق لا تتوقف ولن يكتفي بالتذوق فقط بل سيتعدى ذلك إلى مرحلة فنية مهمة ألا وهي مرحلة المتذوق الناقد، وهذا موضوع ستنفرد له مساحة آخرى قريباً بإذن الله تعالى.

واسمحوا لي أصدقائي الأعزاء أن اترككم مع مضمون التراث والتجريب والفن المعاصر
و خبرة الفنان القدير الأمير رفقي بيك الرزاز وتجاربه .. وفكره الفلسفي ونظرته في شرح هذا المضمون الفني المهم وذلك ومن خلال اسهاماته الفنية التالية في مجمل حديثه عن الفنان المبدع المرحوم أدوار الخراط غفر الله له.
…….
مغامرة التجريب والاقتحام واكتشاف المطوي المخبوء غير المرتاد فى الذات ..

بقلم الفنان/ رفقي الرزاز

" المبدع الكبير ادوار الخراط يرحمه الله ، فى معرض حديثه عن التجريب والتجديد والتراث 9محاور اجتماعية بل وسياسية سافرة ، ورغم ذلك لم تفقد حرارة مغامراتها فى الشكل والمضمون - وهذا يعنى ألا تعارض بين التجريبية وبين الهموم الثورية السياسية والاجتماعية ، بل يمكن ان يدار العمل الفنى التجريبي ، ويظل تجريبيا حول خبرات كمداخن المصانع وتروس الماكينات حتى اشواق الفقراء - واكثر الاوقات التى تزدهر فيها منطلقات التجريب الثورات الكبرى والتفجير السياسي والتحولات الاجتماعية ، وكذلك فساد المثقفين ومهادنة النقاد - التجريبية اذا إثراء للتجربة البشرية ، وهى من مقومات العمل الفنى الحقيقى ، وحينما يحتضن الفنان المجدد المجرب بعاطفته تراثه الخاص والفريد ، فإنه وحده لا غيره ، هو القادر على ان يكشفه لنا ، وان يخلقه من جديد ، وتلك هى رسالة الفنان والضرورة الحتمية التى تناهض معطيات شِق الميوعة والاحتذاء فى تناول دراما الحداثة ، و لايمكن ان يتسم بالاصالة حينما ينسخ التراث ، لكن اصالته هى اصالة الوجود الانسانى فى سياق حضارى محدد ، يتميز بنكهته الخاصة ، بتجديده وارهاصاته التى لا حدود لها ، ومن الجرائم الموجعة للقلب كما يقول ادوار رحمه الله ، ان نحاول بتر انفسنا ، وان نفرض على وجودنا التقلص والانكماش والتجمد فى أطر قابضة ، وان نحبس طاقات حياتنا فى قشرات خاوية ، حياتنا هى حياة الناس فى كل مكان وكل عصر ، لكن فى عصرنا ولحظتنا الخاصة يستوجب الانفتاح على هذا الواقع ، هذا التراث ، الانسانى العريض المتقلب بالتجدد والمرتكز على قيم انسانية ، علينا الانصهار فيه ، دون تميع وتزمت ، بحرية ونضج وفهم وامتلاك لادوات الفن والفكر وتراكم الخبرات التى تسمح بذلك ، لان التراث بداهة هو شئ نملكه ولا يملكنا ، سواء كان فصيحا كلاسيكيا او شعبيا محليا او حضاريا انسانيا ، ولا يقل عن ذلك بديهة ان علينا نفض تراب القرون عنه ، وان نبث فيه انفاس الحياة ، بل ان نحياه نحن حياة جديدة ، سواء كان ذلك عن وسائل تقنية منهجية او عن طريق وسائط فنية ابداعية ، او بإعادة تفسيره وتأويله من جديد ، وهذا يعنى ان التجريب ليس رفضا كاملا و ماحقاً للتراث ، بل هو إمكانية لتجديده وعصرنته وليس فقط مجرد استلهامه او الاهتداء به - التجريب يمكنه - فى حدوده - ان يتجاوز التراث ولا اقول يطوره فقط ، بل ان يغيره على نحو ما ، دون ان يتنكر لجوهره - يتضح من ذلك اننا و بمنطق التجريب علينا احتضان تراثنا والتراث الانسانى برمته ، فى الحياة والفن على السواء ، نعيد خلقه خلقاً جديدا ، ونتبناه بفعل ارادى ومتدبر ومدروس ، ليكون فى سياق التجريب والتجديد ، وما من شك ان مكوناً جوهريا لثقافتنا هو ذلك التراث العريق الذى يقطع ويتجاوز حدود المحددات العرقية والجغرافية السياسية ، ومع ذلك فإن هذا التراث عامل موحد لا يمكن فصله تعسفيا عن عناصر ما قبل العروبية التى لا تزال تثريه وتنوعه - وكما يعبر ادوار يرحمه الله ، ليس التراث العربى مكرساً ولا مصمتاً ، كما انه ليس أحادياً ، ولا هو ملقي من علٍ ، او سطور فى لوحٍ محفوظ ، بل هو اساساً موضوع للتبني و للتحدي على السواء ، ومن الوهم ان نتصور امكانية اسقاط تراث تاريخى جاهز ، سواء كان حقيقيا او متوهما ، واقعيا او مثاليا ، ونقله الى الحاضر ، اذ ان الماضي لا يمكن استنساخه ولا تكراره ، فالحياة بتعريفها تجدد مستمر - التجريبية اذا قيمة فكرية ، وخلقة شجاعة ، أما ان تكون إستعصاء على التقنين والتوصيف المسبق ، فقد تكون فى نطاق الفردية الذاتية وقد لا تكون ، واغلب الظن ان ما يتردي فى هوة التجربة الذاتية الضيقة ولا يتعداها الى ما هو لصيق بالذات الانسانية ، ليس فناً ، الفن الحق غير ذاتى ، بالمعنى المصطلح عليه ، لانه نابع من تجربة هذه الذات الانسانية الواسعة والحميمة التى تضم أخَص ما فى ذواتنا جميعا ، وتتجاوز أسرار خبراتنا المحدودة لكى تدخل فى نطاق الخبرة الانسانية ، التى لا يمكن ان تكون مجردة ، لأنها متفجرة عن هذا الجانب الحميم ، بل العضوي ، من حياة الذوات جميعا ، هذا الجانب الحميم الذى تشترك فيه الذوات ، يتكسر ما بينهما من فواصل الجسم والبيئة والحقبة ، بل حتى اللغة والتاريخ ، وكل ما يتردي فى الذاتية الضيقة ليس فناً بل هلاوس مرضية - الفن الحقيقي بطبيعته وحدوده متجاوز الذاتية الضيقة ، حينما تقرأ عملا فنيا يخال اليك انه مغرق فى الذاتية ، لكن وتراً دفيناً منك يهتز له ، اذا فقد تجاوز الذاتية ووصلك حتى دفينة مشاعرك ، وحينما تقرأ او ترى هلاوس السيكوباتيين فلا تشعر الا بالاشفاق ، الفن بشروطه هو سيطرة على الحرية فى داخل ذات الحرية ، وتجاوز واعٍ للذاتية ، اما الذاتية البحتة وما اكثرها لكثرة الاوهام والاشاعات ، فهى استسلام للفوضى ، ولا يمكن ان تصل الى الآخر ، لكن الآخر هو ، أنا ، والعكس صحيح.

…….
- (اللوحات المرفقة من أعمال الأمير الفنان المصري العالمي المهندس/ رفقي الرزاز).
 
 
الصور :