السبت , 7 ديسمبر 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

عرفجة بن هرثمة البارقي
-ج1-

عرفجة بن هرثمة البارقي
-ج1-
عدد : 09-2023
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
tbadrawy@yahoo.com
موسوعة كنوز “أم الدنيا"

عرفجة بن هرثمة بن عبد العزى بن زهير بن ثعلبة بن بارق بن حارثة بن عمرو مزيقياء بن عامر ماء السماء بن حارثة الغطريف بن إمرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد البارقي الأَزدى صحابي جليل من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم وأمير وقائد عسكرى ووالي وسياسي ورجل دولة عربي مسلم وكان من دهاة العرب ذوى الرأى والمكيدة في الحرب والنجدة ومن أجلاء الصحابة الأبطال برز ما بين عام 11 هجرية الموافق عام 632م وحتى عام 34 هجرية الموافق عام 654م بخوضه الكثير من المعارك والغزوات والحملات العسكرية الإسلامية على المرتدين عن الإسلام ثم على الإمبراطورية الفارسية الساسانية في بلاد العراق وإيران وضد الإمبراطورية البيزنطية في تكريت والموصل ويمتد نسبه كما يتضح من إسمه إلى قبيلة الأزد والتي كانت من قبائل العرب القحطانية وأكثرها شهرة والتي تنتسب إلى الأَزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان وهذه القبيلة إنحدرت منها بطون كثيرة زادت على ستة وعشرين بطنا كبيرا منها الأَوس والخزرَج وبارق وخزاعة وجفنة التي ينتسب إليها أمراء الغساسنة وكعب وأسلم وعك بن عدنان بن عبد الله بن الأزد وكانت مواطن الأزد الأولى بلاد اليمن جنوبي بلاد العرب وبعد خراب سد مأرب عام 543م نزحت قبائل الأزد من مواطنها في اليمن وتفرقت في مواطن أخرى فعلى سبيل المثال نزحت خزاعة إلى مكة المكرمة ونزحت الأوس والخزرج إلى المدينة المنورة بينما نزحت آل جفنة إلى بلاد الشام وأسسوا إمارة الغساسنة بجنوب الشام وقال عرفجة عن نسبه أنا إمرؤ مِنَ الأزد ثم من بارق في كثف لا يحصى عدده وحسب غير مؤتشب وكان ميلاد عرفجة على الأرجخ عام 30 قبل الهجرة في منطقة بارق بإقليم عسير بجنوب غرب شبه الجزيرة العربية ونشأ في بيت مترف ولما بلغ سن الشباب كان قوى البنية وتدرب على القتال والفروسية حتى أصبح ماهرا بالقتال بالسيف وبضروب الفروسية ولا غرابة في ذلك فقد كان سليل فرسان فهو رهط معقر البارقي أحد أشهر فرسان العرب الشعراء في الجاهلية وإتصف بأنه كان حاضر البديهة وعمل بالتجارة وأكسبه ذلك سعة الأفق ومعرفة الناس إضافة إلى إطلاعه على أوضاع البلاد التي تاجر معها وأحوالها وكان في الجاهلية أحد أشراف العرب وحاكما كثير المال لا يرد قويا يتبعه الرجال وكان خطيبا مفوها فصيحا قوى الحجة وحدث أن وقعت بين أقوام بارق حرب وثأرات وأصاب قوم عرفجة دما فقرر القوم أن يخرجوا منها ولحقوا بقبيلة بجيلة وحالفوها وهي قبيلة عربية قحطانية يمانية الأصل حجازية الموطن عرفت وإشتهرت بإسم الأم التي جاء من نسلها بطون القبيلة وهم بنو أنمار بن أراش بن عمرو بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ من قحطان وأمهم التي إشتهروا بإسمها هي بجيلة بنت صعب بن سعد العشيرة بن مذحج بن أدد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ من قحطان ومما يذكر أن الكثير من القبائل العربية عرفت وإشتهرت بإسم الأم منها غير قبيلة بجيلة قبيلة باهلة وجديلة وسحمة ومزينة وكثير غيرهم وشارك قوم عرفجة في يوم شعب جبلة مع بجيلة حلفاء بني عامر بن صعصعة وهي حرب قامت في الجاهلية قيل إنها حدثت في عام الفيل عام مولد النبي صلى الله عليه وسلم أي قبل ظهور الإسلام بأربعين عاما وكانت بين بني عامر بن صعصعة وحلفاءها وبين بني تميم ومن معها من الحلفاء والذين كان منهم قوم عرفجة والذين كانوا مع حلفاءهم من قبيلة بجيلة وكان هذا اليوم من أعظم أيام العرب وإنتهى بإنتصار بني عامر بن صعصعة وحلفاءهم على بني تميم وحلفاءهم وكان لقوم عرفجة في تلك الحرب مقاماتٌ محمودة وبلاء حسن .

ونظرا لما إتصف به عرفجة بن هرثمة فقد أهلته تلك الصفات أن يكون سيد بجيلة وعن سيادته وقومه على بجيلة قال عرفجة لعمر بن الخطاب كنا قد أصبنا في الجاهلية دما في قومنا فلحقنا ببجيلة فبلغنا فيهم من السؤدد ما بلغك وكان ترأس عرفجة بجيلة وهو شاب وإستمرت رئاسته حتى ظهور الإسلام وحتى أوائل خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه أى في عام 13 هجرية وفي ذلك يقول عرفجة فكنت في هؤلاء يقصد بجيلة أسودهم وأقودهم ولم تذكر لنا المصادر التاريخية أو كتب التراجم أي خبر عن وفادة عرفجة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفترة مكوثه بالمدينة المنورة وصحبته لرسول الله إلا أن عمر بن الخطاب قد ذكر أن عرفجة له هجرة وأنه كان أقدم بجيلة هجرة وإسلاما حيث أنه عندما أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه عرفجة بن هرثمة في أوائل عهده في فتوح بلاد العراق عام 13 هجرية على قبيلة بجيلة قالوا أعفنا من عرفجة فقال عمر لا أعفيكم من أقدمكم هجرة وإسلاما وأعظمكم بلاءا وإحسانا وغني عن البيان أنه لا يقال لأى من الصحابة له هجرة إلا إذا كان قد وفد وصحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل فتح مكة لقول النبي لا هجرة بعد الفتح وقد قال عمر بن الخطاب لبجيلة إن عرفجة أَقدمكم هجرة وإِسلاما فذلك يدل على وفادة عرفجة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في السنة السابعة الهجرية أو قبلها أى قبل فتح مكة في السنة الثامنة ولما أسلم عرفجة ساهم في نشر الإسلام بين عشائر بجيلة التي كان يرأسها وكذلك قبيلته الأم الأزد لأن علاقته بها لم تنقطع وقيل إن الخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يجل ويحترم عرفجة لسابقته في الإسلام ولبلائه في حروب الردة في عهد الخليفة الراشد الأول أبي بكر الصديق رضي الله عنه وكان أهل عمان قد وفدوا المدينة المنورة على رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلمين في السنة التاسعة للهجرة فبعث إليهم حذيفة بن محصن البارقي وأمره بأن يأخذ الصدقة من أغنيائهم ويردها على فقرائهم ففعل ذلك حذيفة ولما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وتولى الخليفة الراشد الأول أبو بكر الصديق رضي الله عنه الخلافة وبرزت فتنة الردة وإضطرب الأمر في شبه الجزيرة العربية إنطلق عرفجة بن هرثمة البارقي من بلاد قومه في جمع من فرسان بارق وبجيلة إلى أبي بكر الصديق بالمدينة المنورة ووضعوا أنفسهم تحت تصرفه وكان ممن إرتدوا أهل عمان حيث إرتدوا عن الإسلام ومنعوا الصدقة وإدعى أحد ملوك الأزد وهو ذو التاج لقيط بن مالك في دبا وهي بسلطنة عمان حاليا النبوة وتبعه بعض أهلها فدعاهم حذيفة إلى التوبة فأبوا وجعلوا يرتجزون لقد أتانا خبر ردى أمست قريش كلها نبي وتغلب لقيط على جيفر وعبيد إبني الجلندي عمال المسلمين على أهل دبا ففرا منه وأرسل حذيفة وجيفر إلى الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه ليخبراه بردة أهل دبا وتنبؤ لقيط فإغتاظ الخليفة لما تلقى رسالة حذيفة غيظا شديدا وقال من لهؤلاء ويل لهم وبعث إليهم بحملتين عسكريتين الأولى بقيادة الصحابي الجليل حذيفة بن محصن البارقي والثانية بقيادة الصحابي الجليل عرفجة بن هرثمة البارقي وكلاهما من الأزد في محاولة من أبي بكر لإخماد حركة متمردى الأزد برجال منهم دون قتال وأمر الخليفة حذيفة وعرفجة أن يجتمعا ويتفقا وأن تكون بدايتهما بعمان ويكون حذيفة هو الأمير في عمان فإذا ساروا إلى بلاد مهرة بشرق بلاد اليمن فيكون عرفجة هو الأمير وفي نفس الوقت أمر عكرمة بن أبي جهل أن يلحق بهما بحملته بعد أن فشل في قتاله مع مسيلمة الكذاب متنبئ اليمامة فجاءه كتاب أبي بكر أن سر إلى حذيفة في دبا فسار عكرمة في نحو ألفين من المسلمين لكي يلحق بالبارقيين حذيفة وعرفجة واللذين راسلا جيفر والقبائل التي ثبتت على الولاء للخليفة والإسلام وإجتمع جيفر وعبيد بمكان يقال له صحار بشمال سلطنة عمان حاليا فعسكرا به وبلغ لقيط بن مالك مجئ الجيش فعسكر في جموعه بدبا وإستقدم جيفر وعبيد عكرمة وحذيفة وعرفجة وتحرك الجميع من صحار إلى أن وصلوا دبا فقاتلوا المتمردين في منطقة دبا قتالا عنيفا ودارت الدائرة على المسلمين حتى أوشك ذو التاج لقيط أن ينتصر عليهم إلا أنه وصل لهم مدد بني ناجية وعبد القيس عليهم الخريت بن راشد وإبن صوحان فإنتصروا على جيش التاج لقيط بن مالك وفي ذلك قال المؤرخ أبو القاسم بن حجر العسقلاني كان بعمان ذو التاج لقيط بن مالك الأزدى فإدعى النبوة فقاتل‌ حذيفة بن محصن وعرفجة بن هرثمة البارقيين وجيفر وعبيد إبني الجلندى فإستعلاهم فأتى المسلمين مدد من بني ناجية وعبد القيس عليهم الحارث بن راشد وصيحان بن صوحان العبدى فقوى المسلمون .

ومن جانب آخر كان رأس الردة لقيط لما بلغه مسير عكرمة بعث ألف رجل من الأزد يلقونه وبلغ عكرمة أنهم جموع كثيرة فبعث طليعة وكان للعدو أيضا طليعة فإلتقت الطليعتان فتناوشا ساعة ثم إنكشف أصحاب لقيط وقتل منهم نحو مائة رجل وبعث أصحاب عكرمة فارسا بخبره فأسرع عكرمة حتى لحق طليعته ثم زحفوا جميعا وسار على تعبئة حتى أدرك القوم فإقتتلوا ساعة ثم هزمهم عكرمة وأكثر فيهم القتل ورجع فلهم إلى لقيط بن مالك فأخبروه أن عكرمة مقبل وفي طريقه إلى حذيفة وعرفجة وبالفعل إستطاع أن يلحق بهما في مكان يسمى رجام قبل أن يصلا إلى عمان فقوى جانبهما ومن معهما من المسلمين وقاتل عكرمة معهما وقتل من عدوهم نحو عشرة آلاف من بينهم رأس الردة ذا التاج لقيط بن مالك الأزدى وغنم المسلمون الكثير في تلك المعركة ولما إنهزم العدو إنسحبت فلوله مسرعة إلى مدينة دبا فحاصرهم المسلمون شهرا وشق عليهم الحصار إذ لم يكونوا قد أخذوا له أهبة فأرسلوا إلى حذيفة يسألونه الصلح فقال لا إلا بين حرب مجلية أو سلم مخزية فقالوا أما الحرب المجلية فقد عرفناها فما السلم المخزية فقال تشهدون أن قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار وأن كل ما أخذناه منكم فهو لنا وما أخذتموه فهو رد لنا وأنا على حق وأنتم على باطل وكفر ونحكم فيكم بما رأينا فأقروا بذلك فقال إخرجوا عزلا لا سلاح معكم ففعلوا فدخل المسلمون حصنهم فقال حذيفة إني قد حكمت فيكم أن أقتل أشرافكم وأسبي ذراريكم فقتل من أشرافهم مائة رجل وسبى ذراريهم وخاض المسلمون أيضا معركة عنيفة أخرى في منطقة مهرة حيث سار إليها عكرمة بن أبي جهل ومعه من إستنصر من ناجية وعبد القيس فإقتحمها فوافق بها جمعين أحدهما مع رجل إسمه سخريت والثاني مع رجل إسمه المصبح فكاتب عكرمة سخريتا فأجابه وأسلم وكاتب المصبح يدعوه فلم يجب فقاتله قتالا شديدا فقتل وإنهزم أتباعه وركبهم المسلمون فقتلوا من شاءوا منهم وأصابوا ما شاءوا من الغنائم وبعث بالخمس إلى أبي بكر مع سخريت وإزداد عكرمة وجنده قوة بالظهر والمتاع واقام عكرمة حتى إجتمع الناس على الذي يحب وبايعوا على الإسلام وبذلك عادت تلك المناطق إلى لواء دولة الإسلام وبعد أن إستتب الأمر في عمان ومهرة مكث حذيفة بن محصن في مدينة دبا بعمان يسكن الناس وولاه الخليفة أبو بكر الصديق عليها وسار عرفجة البارقي إلى المدينة المنورة وتم إرسال خمس الغنائم إلى الخليفة أبي بكر الصديق مع عرفجة بالإضافة إلى الأسرى المتمردين على أبي بكر الصديق وكانوا ثلاثمائة من المقاتلة وأربعمائة من الذرية والنساء فلما وصل هم الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه بقتل المقاتلة وقسمة النساء والذرية فقال له عمر بن الخطاب رضي الله عنه يا خليفة رسول الله إن القوم على دين الإسلام وذلك أني أراهم يحلفون بالله مجتهدين ما كنا رجعنا عن دين الإسلام ولكن شحوا على أموالهم وقد كان منهم ما كان فلا تعجل عليهم وإحبسهم عندك إلى أن ترى فيهم رأيك وإعترض أيضا عرفجة بن هرثمة رضي الله عنه على حكم الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه فعدل عن قراره السابق ووافق رأى عمر وعرفجة رضي الله عنهما فحبسهم أولا ثم ما لبث أن أطلق سراحهم وعفا عنهم وفي ذلك قال المؤرخ أبو عبد الله محمد الواقدى لما قدم سبي أهل دبا أنزلهم الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه في دار رملة بنت الحارث وهو يريد أن يقتل المقاتلة فقال له عمر بن الخطاب رضي الله عنه يا خليفة رسول اللَّه قوم مؤمنون إنما شحوا على أموالهم فقال لهم أبو بكر رضي الله عنه إنطلقوا إلى أى البلاد شئتم فأنتم قوم أحرار فخرجوا من المدينة المنورة دون أن يتعرض لهم أحد بسوء .


وبعد إنتهاء حروب الردة في أواخر عام 11 هجرية كلف الخليفة أبو بكر الصديق الصحابيين عمرو بن العاص رضي الله عنه وعرفجة بن هرثمة رضي الله عنه بالتوجه إلى عمان بعد أن إستتب الأمر في الجزيرة العربية وتم القضاء على الردة وكان عمال أبي بكر الصديق رضي الله عنه على عمان ثلاثة هم عمرو بن العاص رضي الله عنه وحذيفة بن محصن رضي الله عنه وعرفجة بن هرثمة رضي الله عنه وفي عام 12 هجرية قاد عرفجة من ساحل عمان أول الغزوات البحرية العربية الإسلامية في التاريخ حيث غزا عرفجة عدد كبير من الجزر العربية في خليج عمان وفي ذلك روى المؤرخ والأديب التركي أحمد جودت باشا عن كتاب المؤرخ أبو عبد الله محمد الواقدى قال عرفجة بن هرثمة شيخ النخيلة الذى كان قابضا على زمام القوة من المال والرجال وحاكم عمان قال إنه ليس من الصواب منع المسلمين عن الغزو والجهاد وإكتساب المنافع والخبرات العملية وخالف نصح الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب وركب السفن وسار للغزو في بحر عمان وسائر الجزائر والسواحل فلما بلغ أمرها الخليفة عمر الفاروق كتب إلى عمرو بن العاص رضي الله عنه كتابا يسأله فيه زجر عرفجة ومؤاخذته وفي واقع الأمر فقد كانت نشأة عرفجة بن هرثمة ونسبه الرفيع وخلفياته وخبراته العسكرية قد كونت عنده إستقلالا في الرأى وحرية في إتخاذ القرار ويرجع الواقدى إستقلال عرفجة بن هرثمة رضي الله عنه إلى كثرة رجاله وماله التي جعلت منه حاكما قويا وقد تصرف أحمد جودت باشا في نص الواقدى وخلط بين الخليفة الأول أبي بكر الصديق والخليفة الثاني عمر بن الخطاب والصواب أن عمرو بن العاص وعرفجة رضي الله عنهما كانا في عمان زمن الخليفة أبي بكر ويؤكد ذلك رواية الطبرى وقوله عن عرفجة كان أبو بكر ولاه قتال أهل عمان في نفر وأقفله حين غزا في البحر ويستفاد من قول المؤرخ والإمام محمد بن جرير الطبرى أن الخليفة أبا بكر الصديق رضي الله عنه لما علم بغزوات عرفجة بن هرثمة البحرية دون الرجوع إلى موافقته عزله عن عمله وأعاده إلى المدينة المنورة وذلك في أواخر عام 12 هجرية وعلى أى حال من الأحوال فقد سجل التاريخ أن عرفجة بن هرثمة رضي الله عنه كان أول قائد مسلم يركب البحر ويغزو بالسفن والمراكب في التاريخ العربي الإسلامي وقال عن ذلك المؤرخ والوزير العراقي السابق محمود شيت خطاب إن الذى يقرأ سيرة عرفجة بن هرثمة سيتبين أنه كان مؤمنا حقا يتفانى من أجل عقيدته ومبدأه ولم يكن مرتزقا يجمع الأموال والعقار من أعماله العامة قائدا وواليا إرتفع بنفسه عن المادة الزائلة ليبقى عمله خالصا لوجه الله تعالى وحده وكان صادقا وفيا شهما غيورا كريما مضيافا رزينا متزنا عاقلا ذكيا يحب لغيره ما يحب لنفسه وكان أيضا إداريا حازما برز في الإدارة بروزا لا يقل عن بروزه في ميدان الحرب ويذكر التاريخ له أنه كان أول قائد عربي في الإسلام ركب البحر وجرأَ العرب على ركوبه وقال المؤرخ والأديب والكاتب اليمني محمد عبد القادر بامطرف كان عرفجة بن هرثمة أول أمير بحر في الإسلام وقال الشيخ والكاتب ورجل الدين المصرى أبو التراب سيد حسين العفاني عرفجة بن هرثمة رضي الله عنه بطل الأزد أمير البحر الأول في الإسلام وكان من أعظم القادة المسلمين بلاءا وإحسانا .


وبعد وفاة الخليفة العظيم أبي بكر الصديق رضي الله عنه في شهر جمادى الثانية عام 13 هجرية وتولي الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخلافة ولى أبو عبيد بن مسعود الثقفي قيادة جيش المسلمين في العراق بدلا من المثنى بن حارثة الشيباني وحدثت موقعة الجسر في أوائل شهر شعبان عام 13 هجرية وتعرض المسلمون الذين كانوا قد دخلوا العراق خلالها إلى هجوم فارسي كبير بمنطقة جسر بانقيا في الحيرة نتيجة مخالفة أبي عبيد لتعليمات الخليفة ونصيحة المثنى له بعدم عبور نهر الفرات ومحاربة الفرس في أرض السواد المحصورة بين نهرى دجلة والفرات وكان بهمن جاذويه قائد الفرس قد ترك لجند المسلمين مكانا ضيقا خاليا من مجال الكر والفر أجبرهم على النزول فيه مما أققدهم حرية الحركة والإنتشار وميزة المناورة ففرض عليهم بذلك المعركة وأُسلوب القتال ودارت بين الطرفين رحى معركة ضارية أدت الفيلةُ فيها دورا كبيرا بل إنها حددت نتائجها مبكرا حيث كانت نخيف خيل المسلمين وكنتيجة لإنحشار المسلمين في مكان ضيق فقد أمطرهم الفرس بالسِهام ومزقوا صفوفهم وحاول أبو عبيد قتل قائد الفيلة وكان فيلا أبهت لونا من بقية الفيلة عرف بالفيل الأبيض إلا أن ضربته طاشت ثم وطئه الفيل فمات شهيدا وتولى المثني بن حارثة قيادة جيش المسلمين والذى أدرك حرج الموقف وأن المعركة خاسرة فطلب من جنوده الإنسحاب لكن عبد الله بن مرثد الثقفي قطع الجسر على المسلمين ليرغمهم على الصمود فوقع المسلمون في مصيدة القتل والغرق وأعاد المثنى عقد الجسر بعد مجهود كبير وتحت ضغط الجيش الفارسي فتراجع عليه حوالي ثلاثة آلاف رجل نحو أُليس وأصيب عدد كبير من جند المسلمين في الموقعة المشار إليها وكان مجموع جيش المسلمين ثمانية آلاف إستشهد منهم أربعة آلاف ما بين قتيل وغريق وهرب من الناس بشر كثير وهاموا على وجوههم وإفتضحوا في أنفسهم وإستحيوا مما نزل بهم وبلغ ذلك الخليفة عمر بن الخطاب من بعض من عاد إلى المدينة المنورة وأدرك مدى جزع المسلمين من المهاجرين والأنصار من الفرار فقال للناس لا تجزعوا يا معشر المسلمين أنا فئتكم إنما إنحزتم إلي وقد ترتب على معركة الجسر أن مناطق إقليم الحيرة التي كان قد تم فتحها ومصالحة أهلها على يد خالد بن الوليد في خلافة أبي بكر الصديق عاد معظمها للخضوع لسلطة الفرس وقدم المدينة آنذاك جرير بن عبد الله البجلي وعرفجة بن هرثمة البارقي في ركب من قبيلة بجيلة وكان هذا الأخير سيد القبيلة وكان أصلا من قبيلة الأزد وكان حليفا لبجيلة كما أسلفنا فتكلم معهم عمر وقال لهم إنكم قد علمتم ما كان من مصيبة إخوانكم في العراق فسيروا إليهم وأمر عليهم عرفجة بن هرثمة وعقد له لواء قبيلة بجيلة فغضب جرير بن عبد الله البجلي وحرض بجيلة على عرفجة قائلا كلموا أمير المؤمنين فقالوا له لقد إستعملت علينا رجلا ليس منا وكان الشائع أن عرفجة بن هرثمة هو سيد بجيلة وكان عمر يرى أحقية عرفجة في الإمارة فقال له إثبت على منزلتك يقصد أن يثبت على إمارته فقال عرفجة رضي الله عنه لست فاعلا ولا سائرا معهم وحدث أن أقبلت الأزد في ركب من بارق وغامد وكنانة في عدة مئات من فرسانهم وفي ذات الوقت قدم الصحابي غالب بن عبد الله الكناني في عدة مئات أيضا فأمر عَلَى بني كنانةَ غالب بن عبد اللَّه وعلَى الأَزد عرفَجةَ بن هرثمةَ وأَمرهم بالتوجه إلى العراق فإنطلقوا جميعا إلى العراق في أواسط شهر شعبان عام 13 هجرية وساروا جميعا فدخلوا العراق وإنضموا إلي قائد الجيش المثنى بن حارثة الشيباني رضي الله عنه مع فلول المنهزمين في موقعة الجسر وكانوا مع المثنى فأقبلوا على النخيلة وكان جيش المسلمين زهاء عشرة آلاف فسار إليهم الجيش الفارسي بقيادة مهران وعسكر في البويب على الضفة الشرقية لنهر الفرات وكان عسكر المسلمين بالنخيلة على الضفة الغربية لنهر الفرات كما أسلفنا وكان بين البويب والنخيلة جسر.


وفي شهر رمضان عام 13 هجرية عبر جيش الفرس للمثنى وإشتبك الجمعان في رحى معركة طاحنة أدارها المثنى بحكمة بالغة ومهارة فائقة مما كفل له النصر وقتل مهران في المعركة وتشتت جيشه وفر أفراده في فوضى وإضطراب عارمين فطاردهم المسلمون طيلة يومين وقتلوا منهم وأسروا الكثير وسمي هذا اليوم بيوم الأعشار لأنهم أحصوا مائة رجل قتل كل منهم عشرة في المعركة وبذلك إنهزم الجيش الساساني وتفرق جنوده في كل مكان وفروا نحو نهر الفرات يريدون العبور ويتلمسون الفرار وأجبر عرفجة بن هرثمة والذى كان من أبطال هذه المعركة وأبلى بها بلاءا حسنا كتيبة من جيش الفرس حتى لم يكن وراءها إلا نهر الفرات فأعمل فيهم سيفه حتى قضى على تلك الكتيبة وفي ذلك قال عرفجة دفعنا بكتيبة منهم إلى الفرات ورجوت أن يكون اللَّه تعالى قد أذن في غرقهم وسلى عنا بها مصيبة الجسر فلما دخلوا في حد الإحراج كروا علينا فقاتلناهم قتالا شديدا حتى قال بعض قومي لو أخرت رايتك فقلت علي إقدامها وحملت بها على حاميتهم فقاتلتهم فولوا نحو نهر الفرات فما بلغه منهم أحد فيه الروح ومضى العرب ففتحوا نواحي ومناطق إقليم الحيرة من جديد وكان عرفجة بن هرثمة رضي الله عنه من الصحابة القادة الذين حققوا ذلك ولذا فقد لقب بشيخ النخيلة منذ ذلك اليوم هذا وقد جعلت هزيمة البويب أشراف وأعيان الفرس يجتمعون حول تولية ملك عليهم من السلالة الساسانية حيث أدركوا خطورة الموقف وأن ما بعد سقوط الحيرة وتكريت وساباط لن يكون إلا سقوط عاصمتهم كتسفون أو المدائن وتشاور أركان الحكم وعزلوا بوراندخت ونصبوا يزدجرد الثالث بن شهريار بن كسرى أبرويز وكان عمره إحدى وعشرين عاما ملكا علي الفرس وكان قد تم تهريبه بعيدا عن كتسفون بعد المذبحة التي قام بها عمه شيرويه حيث قام بقتل أخوته وأبناءهم بعدما تولي الحكم بعد قتله لأبيه كسرى أبرويز وعين يزدجرد رستم بن الفاروخزاد قائدا عاما لجيش فارس وكلفه بأمر المسلمين فبدأ يعد العدة ويحشد الجند والسلاح من أجل خوض معركة فاصلة بين الفرس والمسلمين يترتب عليها إما طرد المسلمين من بلاد فارس في حالة إنتصار الفرس عليهم أو فتح الطريق أمام المسلمين للإستيلاء علي كتسفون العاصمة ومنها يبدأ الزحف للإستيلاء علي باقي أنحاء بلاد فارس .

وأمام هذه التحركات الفارسية تراجع المثنى إلى منطقة ذى قار قرب الكوفة فنقض أهل الذمة في العراق العهود والذمم والمواثيق التي كانوا قد أعطوها لخالد بن الوليد بإستثناء البعض منهم فأخذ المثنى يطلب الإمدادات من الخليفة عمر بن الخطاب الذى قال والله لأضربن ملوك العجم بملوك العرب وخرج بنفسه في شهر المحرم عام 14 هجرية الموافق لشهر فبراير عام 635م ليعسكر في صرار على بعد ثلاثة أميال من المدينة على الطريق المتجه نحو العراق يريد قيادة الجيش الإسلامي بنفسه والذهاب للحرب لكن الصحابة أشاروا عليه أن يبقى في المدينة المنورة لأن ذهابه يتعارض مع المصلحة العامة للمسلمين وأشاروا عليه أن يعين قائدا للجيش يذهب بدلا منه وتقرر بعد التشاور تعيين الصحابي سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قائدا عاما للحملة والذى خرج في أربعة آلاف جندى من المدينة المنورة ثم لحق به بعد خروجه أربعة آلاف أخرى وإنضم إليه ثلاثة آلاف من بني أسد فيهم طليحة بن خويلد الأسدى الذى تنبأ أيام الردة ثم عاد للإسلام وحسن إسلامه كما لحق به الأشعث بن قيس في ألف وسبعمائة من أهل اليمن وقبل وصوله بقليل توفي المثنى بن حارثة الشيباني بسبب الجرح الذى كان قد أصابه يوم الجسر وترك وصية لسعد بن أبي وقاص أن لا يقاتل العدو إذا إستجمع أمرهم وجندهم في عقر دارهم وأن يقاتلهم على حدود أرضهم على أدنى حجر من أرض العرب وأدنى حد من أرض العجم فإن يظهر الله المسلمين عليهم لهم ما ورائهم وإن تكن الأخرى فأووا إلى فئة ثم يكون أعلم بسبيلهم وأجرأ على أرضهم إلى أن يرد الله الكرة عليهم وبوفاته فقد المسلمون قائدا فذا من قواد المسلمين وبطلا مغوارا من أبطال فتوحات بلاد العراق وفارس وفي العصر الحديث وتكريما لذكراه وتخليدا لجهوده في تحرير بلاد العراق من الإمبراطورية الساسانية أطلق إسمه على محافظة السماوة جنوب العراق فصارت محافظة المثنى وجدير بالذكر أن قائد المسلمين سعد بن أبي وقاص وصل إلي شراف وهي تقريبا في منتصف الطريق بين المدينة المنورة وبلاد العراق حيث إنضمت إليه القوات الموجودة في العراق ثم سار بالقوات مجتمعة فنزل بها بين العذيب والقادسية غربي الكوفة حاليا وأخذت الإمدادات تتوالى عليه حسب أوامر الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه فإنضم إليه المغيرة بن شعبة الثقفي وجنده وعمرو بن معديكرب الزبيدى وقيس بن المكشوح وكان أغلب هؤلاء أخبر من غيرهم في حرب الفرس نظرا لأن أغلبهم كانوا مع خالد بن الوليد أيام الفتوحات الأولى للعراق كما إنضمت بعض القبائل العربية المسيحية إلى صفوف المسلمين وأعلنت أن نقضها العهد الذى كانت قد قطعته لخالد بن الوليد عند مجئ رستم كان بضغط من الفرس الذين أخذوا منها الخراج ودخل الكثير من أبنائها في الإسلام .


وطلب الخليفة عمر بن الخطاب من قائد المسلمين الصحابي سعد بن ابي وقاص رضي الله عنه أن يرسل إلى يزدجرد ملك الفرس وفدا يدعونه إلى الإسلام وإلى إقرار الأمن والسلام في المنطقة فإختار عدد 14 من رجاله منهم عدد 7 من أهل الرأى والمشورة وعدد 7 من أهل المهابة والقوة الجسدية ورجاحة العقل ويقول المؤرخون إن جميع أعضاء ذلك الوفد كانوا من العمالقة الذين يتجاوز طولهم المترين كان علي رأسهم الصحابي الجليل النعمان بن مقرن المزني حيث كان هو القائد الأعلى لوفد العمالقة الأربعة عشر وهو أمير قبيلة مزينة البدوية وبطل من أبطال الفتوحات الإسلامية في العراق وفارس وكان فيما بعد أمير أمراء الجيوش الإسلامية المقاتلة في معركة نهاوند المصيرية التي أسقطت دولة الفرس إلي الأبد ورافقه الصحابي حملة بن جوية وكان سيدا من سادات قبيلة كنانة العربية وإشتهر برجاحة عقله وحسن مشورته والمعنى بن حارثة الشيباني سيد قبيلة بني شيبان ووزير دفاعها وفارسها المغوار وأحد قادة الفتوحات الإسلامية في بلاد العراق وفارس والشقيق الأصغر للمثنى بن حارثة الشيباني أحد قادة الفتوحات الإسلامية في بلاد العراق وفارس أيضا وكان عملاقا من عمالقة العرب إشتهر بضخامة جسده وصلابة قتاله وكان قد لعب دورا بارزا في معركة البويب الباسلة التي سبقت معركة القادسية مع أخيه الأكبر المثنى قائد المسلمين في هذه المعركة وأخيه الأصغر مسعود قائد المشاة والذى إستشهد خلالها وكان رابع العمالقة الصحابي عطارد بن حاجب وكان خطيب قبيلة تميم العربية وهو الرجل الذي قدمته تميم خطيبا في وفدها لرسول الله صلي الله عليه وسلم وأبوه حاجب بن زرارة صاحب القوس الشهيرة أيام الجاهلية وهي القوس التي رهنها عند كسرى فارس لكي يدخل ريف فارس وقد إرتحل عطارد بعد موت أبيه إلى المدائن ليقابل كسرى فارس يطلب منه أن يرد له قوس أبيه وكان إختيار عطارد لهذا الوفد إختيارا مهما فبالإضافة لفصاحته ورجاحة عقله كان عطارد هو الشخص الوحيد من أعضاء الوفد الذي دخل قصر المدائن الأبيض وأخذ يصف لرفاقه في الوفد أثناء رحلتهم مدى عظمة بناء إيوان كسرى وكرسيه الذهبي وتاجه المرصع باللآلئ لكي لا ينبهر المسلمون بما قد يرونه في المدائن فيظهر عليهم ذلك وكان العملاق الخامس سهيل بن عدى وهو من قادة الفتوحات الإسلامية في بلاد العراق وفارس وكان من أهل الرأى والمشورة في وفد الأربعة عشر وكان العملاق السادس الصحابي فرات بن حيان وكان كبير من كبراء قبيلة بكر بن وائل وهو من أعلم العرب بالطرق وكان بمثابة الدليل لوفد الأربعة عشر أما العملاق السابع فكان حنظلة بن الربيع كاتب رسول الله صلي الله عليه وسلم وقد إشتهر بإسم حنظلة الكاتب وهو أحد أشهر خطباء العرب في الجاهلية وفي الإسلام على حد سواء وكان العملاق الثامن الصحابي المغيرة بن زرارة وهو زعيم من زعماء قبيلة الأسد العربية عرف بفصاحة لسانه ورجاحة عقله وهو من قام بتلقين إمبراطور الفرس يزدجرد درسا في فن العزة العربية والكبرياء الإسلامي عندما قابله الوفد وكان العملاق التاسع بسر بن أبي رهم الجهني أحد أبطال معركة الولجة عام 12 هجرية مع خالد بن الوليد وكان فيها قائد أحد فكي عملية الكماشة المدمرة التي أطبقت على الجيش الفارسي لتهشم صفوفه وتسحقه سحقا طبقا للخطة التي وضعها عبقرى الحرب سيف الله المسلول خالد بن الوليد والتي مزقت جيش الفرس تمزيقا وأدت إلي فرار قائده الأندرزغر الذى تاه في الصحراء ومات جوعا وعطشا وكان العملاق العاشر عاصم بن عمرو التميمي شقيق الفارس المغوار العملاق القعقاع بن عمرو التميمي الذى قال عنه سيدنا أبو بكر الصديق لايهزم جيش فيه مثل هذا وإن صوت القعقاع في المعركة بألف رجل وهو ينتمي لقبيلة تميم العربية وكان كأخيه عملاقًا من عمالقة العرب وكان من أبطال القادسية الذين تخصصوا بإقتحام صفوف الفرس وقتل فيلتهم مع شقيقه القعقاع ومن قادة الفتوحات الإسلامية في بلاد العراق وفارس مع خالد بن الوليد رضي الله عنه حيث كان قائدا للميمنة ثم مع سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أى منذ بدايتها وحتى نهايتها أما العملاق الحادى عشر فكان عمرو بن معديكرب الزبيدى الذى لقب بفارس العرب صاحب سيف الصمصامة الأسطورى أشهر سيوف العرب في التاريخ وكان عملاقا عظيم البنية قال عنه عمر بن الخطاب تعجبا من عظيم جسده الحمد لله الذى خلقنا وخلق عمروا وكان العملاق الثاني عشر المغيرة بن شعبة الثقفي الحارس الشخصي لرسول الله صلي الله عليه وسلم وهو بطل من أبطال الفتوحات الإسلامية في بلاد فارس وكان عملاقًا عظيم الطول وكان شعره الطويل المسدل يزيد من هيبة شكله وكان أستاذ التفاوض مع الفرس بلا منازع حيث كان يتقن اللغة الفارسية بطلاقة ويتقن معها فن إذلال مجوس فارس ومقارعتهم الحجة بالحجة كما أنه كان واحدا من دهاة العرب الأربعة المشاهير مع عمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان وزياد بن ابيه وكان العملاق الثالث عشر الصحابي الأشعث بن قيس ملك كندة قبل الإسلام وإسمه الحقيقي هو معديكرب بن قيس بن معاوية الكندي وقد غلب عليه لقب الأشعث وكان عملاق من عمالقة معركة القادسية وكان العملاق الرابع عشر الصحابي الحارث بن حسان وهو الرجل الذي سأله رسول الله صلي الله عليه وسلم عن حديث عاد قوم هود وكيف هلكوا بالريح العقيم وكان سيدا من سادات ذهل بن شيبان من بني بكر بن وائل وكان عملاقًا عظيم الطول .


وقام أيضا سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه بإختيار أجود الخيول العربية الأصيلة لوفد العمالقة الأربعة عشر وقام هؤلاء بلبس أفضل الملابس وتقدموا ليعبروا بوابة المدائن عاصمة الإمبراطورية الفارسية الساسانية والأرض من تحتهم ترتج إرتجاجا فخرج عامة الفرس من على أسطح منازلهم وشرفات نوافذهم وتدافعوا في طرقات المدائن لكي يلقوا نظرة على أولئك العمالقة الذين لم تر فارس في تاريخها رجالا مثلهم وقد وصفت لنا ذلك المنظر الأسطوري لعمالقة العرب الموحدين إحدى النساء الفارسيات اللائي أسلمن بعد ذلك بقولها فوقفنا ننظر إليهم والله ما رأينا أربعة عشر مثلهم قط يعادل الواحد منهم ألف رجل وإن خيولهم لتنفث غضبا وتضرب في الأرض ووقعت في قلوبنا المهابة فتشاءمنا وسار الوفد الإسلامي من القادسية فإجتاز مدينة ساباط جنوب غربي عاصمة الفرس كتسفون والتي يسميها العرب المدائن ووصل الوفد إليها ودخل على يزدجرد في إيوانه وحوله قادته وتحدث الوفد إليهم عارضين عليهم الدخول في الإسلام بكل لين ولطف مبينين لهم فضلَ الإسلام ورحمته بالناس وعدله وإنصافه وأنهم إن إستجابوا إليه خلفوا فيهم كتاب الله على أن يحكموا بأحكامه ويرجعوا عنهم ويتركون لهم بلادهم وإن أبوا فالجزية فإن أبوا فالمناجزة فغضب يزدجرد وأخذته العزة بالإثم فأمر الوفد بالإنصراف وقال لولا أنكم رسل لقتلتكم ثم أمر بإحضار كيس من تراب وقال لرجاله إحملوه على أشرف هؤلاء فتسابق أفراد الوفد الأربعة عشر إلى حمله وتفاءلوا به وحشد الفرس جيشا جرارا بقيادة رستم فاروخزاد أكبر قوادهم وكان قوامه 120 ألف جندى وبدأ يتحرك من المدائن نحو القادسية فلما وصل وإستقر في القادسية أرسل إلى قائد المسلمين سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه يطلب منه أن يرسل إليه وفدا يفاوضه فأرسل إليه الصحابي ربعي بن عامر التميمي يناظره ويدعوه إلى الإسلام ويوضح له سبب مجئ المسلمين إلى العراق ووصل رِبعي إلى رستم فدخل عليه وقد زينوا مجلسه بالنمارق المذهبة والزرابي الحرير وأظهر اليواقيت واللآلئ الثمينة والزينة العظيمة وغير ذلك من الأمتعة الثمينة وكان عليه تاجه وقد جلس على سرير من ذهب بينما دخل ربعي بثياب صفيقة وسيف وترس وفرس قصيرة ولم يزل راكبها حتى داس بها على طرف البساط المؤدى لسرير رستم ثم نزل وربطها ببعض تلك الوسائد وأقبل وعليه سلاحه ودرعه وبيضته على رأسه فقالوا له ضع سلاحك فقال إني لم آتكم وإِنما جئتكم حين دعوتموني فإنما تركتموني هكذا وإِلا رجعت فقال رستم إئذنوا له فأقبل يتوكأ على رمحه فوق النمارق فخرق عامتها وجلس على الأرض و لما تعجب رستم من ذلك قال له ربعي إنا لا نستحب أن نجلس على زينتكم فقال له ما جاء بكم فقال ربعي إن الله إبتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله ومن ضيق الدنيا إلى سعتها ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام فأرسلنا بدينه إلى خلقه ندعوهم إليه فمن قبل ذلك قبلنا منه ورجعنا عنه ومن أبى قاتلناه أبدا حتى نفضيَ إلى موعود الله قالوا وما موعود الله قال الجنة لمن مات على قتال من أبى والظفر لمن بقي فقال رستم قد سمعت مقالتكم فهل لكم أن تؤخروا هذا الأمر حتى ننظرَ فيه وتنظروا فقال ربعي نعم كم أحب إليكم يوما أو يومين قال لا بل حتى نكاتب أهل رأينا ورؤساء قومنا فقال ما سن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نؤخر الأعداء عند اللقاء أكثر من ثلاث فإنظر في أمرك وأمرهم وإختر واحدة من ثلاث بعد الأجل فقال أسيدهم أنت قال لا ولكن المسلمون كالجسد الواحد يجير أدناهم على أعلاهم نؤجلكم ثلاثةَ أيام فإنظر في أمرك وأمرهم وإختر واحدة من ثلاث الإسلام أو الجزية أو المناجزة ثم تركهم وإنصرف فإجتمع رستم برؤساء قومه وقال هل رأيتم قط أعز وأرجح من كلام هذا الرجل فقالوا معاذ الله أن تميل إِلى شئ من هذا وتدع دينك إلى هذا الكلب أما ترى إلى ثيابه فقال ويلكم لا تنظروا إلى الثياب وإنظروا إلى الرأى والكلام والسيرة إن العرب يستخفون بالثياب والمأكل ويصونون الأحساب وفي اليوم التالي أرسل رستم إلى سعد يطلب منه إرسال ربعي بن عامر مرة أخرى للتفاوض معه فأرسل سعد حذيفة بن محصن والذى أسمع رستم نفس ما قاله له ربعي في اليوم السابق وفي اليوم الثالث طلب رستم مرة أخرى من سعد بن أبي وقاص أن يرسل له رجلا ثالثا فأرسل له المغيرة بن شعبة الثقفي فكرر ما قاله كل من ربعي وحذيفة فإستشاط رستم غضبا وقال لا صلح بيننا وبينكم ومن ثم أصبح اللقاء العسكرى بين المسلمين والفرس أمرا لا مفر منه .

 
 
الصور :
آثار مدينة تستر العظيمة جامع الموصل الكبير والمدينة التي أسسها عرفجة بن هرثمة