الأحد, 28 أبريل 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

مارية القبطية

مارية القبطية
عدد : 10-2023
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
tbadrawy@yahoo.com
موسوعة كنوز “أم الدنيا"


مارية القبطية بنت شمعون إمرأة مصرية لم تذكر كثيرا في كتب السيرة إلا أنه عندما يأتي ذكرها لا بد وأن نشعر بهالة من الجمال ليس فقط لكونها مصرية بل أيضا لكونها قد إرتبط إسمها بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم وأنها أم لإبنه إبراهيم وفي واقع الأمر هناك خلاف حول إعتبارها زوجة من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وبالتالي تكون من أمهات المؤمنين حيث يرى البعض ذلك حيث أمرها النبي بالتحجب منذ البداية وهذا الأمر الإلهي كان كما هو ثابت تاريخيا خاص بالزوجات الحرائر أو إعتبارها ملك يمين للنبي صلى الله عليه وسلم حيث كان قد أهداها إليه المقوقس عظيم القبط في مصر كما سنبين في السطور القادمة وجدير بالذكر أن كلمة قبطي أو قبطية لا تدل على ديانة الشخص حيث أن كلمة قبطى كانت تطلق فى الأصل على سكان مصر أى أنها تعنى النسب الى المكان ولأن مصر كانت فى العهد الرومانى تتبع الدين المسيحى لكونها كانت تابعة للإمبراطورية البيزنطية التى كانت تدين بالمسيحية فمن هنا حدث التداخل وإعتبر أن كل قبطى مسيحى وهذا ليس صحيحا لأن كل قبطى فى ذلك الوقت كان مصرى وليس مسيحيا ومن ثم فإن قولنا مارية القبطية معناه مارية المصرية وستبدأ قصتنا مع السيدة مارية القبطية رضي الله عنها بأنه في شهر ذى القعدة عام 6 هجرية كان النبي صلى الله عليه وسلم قد رأى رؤيا بأنه خرج مع الصحابة من المدينة المنورة متجها إلى مكة المكرمة لأداء العمرة وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يخشى أن يتعرض له مشركو قريش بحرب أو يصدوه عن البيت الحرام لذلك إستنفر من حوله من أهل البوادى من الأعراب ليخرجوا معه فأبطأوا عليه فخرج بمن معه من المهاجرين والأنصار وبمن لحق به من العرب وأذّن في أصحابه بالرحيل إلى مكة لأداء العمرة وسار النبي محمد صلى الله عليه وسلم بألف وأربعمائة من المهاجرين والأنصار وكان معهم سلاح السفر لأنهم كانوا يرغبون في السلام ولا يريدون قتال المشركين ولبسوا ملابس الإحرام ليؤكدوا لقريش أنهم يريدون العمرة ولا يقصدون الحرب وما حملوا من سيوف إنما كان للحماية مما قد يعترضهم في الطريق وعندما وصلوا إلى ذي الحليفة وهو ميقات أهل المدينة أحرموا بالعمرة فلما إقتربوا من مكة بلغهم أن قريشا جمعت الجموع لمقاتلتهم وصدهم عن البيت الحرام فلما نزل النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالحديبية أرسل الصحابي عثمان بن عفان رضي الله عنه إلى قريش وقال له أخبرهم أنا لم نأت لقتال وإنما جئنا عمارا وإدعهم إلى الإسلام وأَمره أن يأتي رجالا بمكة مؤمنين ونساء مؤمنات فيبشرهم بالفتح وأن الله عز وجل مظهر دينه بمكة فإنطلق عثمان فأتى قريشا فقالوا إلى أين فقال بعثني رسول الله أدعوكم إلى الله وإلى الإسلام ويخبركم أنه لم يأت لقتال وإنما جئنا عمارا قالوا قد سمعنا ما تقول فإنفذ إلى حاجتك وحدث أن إحتبسته قريش بعض الوقت فتأخر في الرجوع إلى المسلمين فخاف النبي عليه وخاصة بعد أن شاع أنه قد قتل فدعا إلى البيعة فتبادر إليه الصحابة وهو تحت الشجرة فبايعوه على أن لا يفروا وحيث أن عثمان لم يكن حاضرا فلما إنتهوا ضرب الرسول بيده اليمنى على اليسرى وقال هذه لعثمان وكانت هذه هي بيعة الرضوان وبعدها علم النبي أن عثمان بخير ولم يصبه سوء ثم بدأت قريش في التفاوض فجاء إلى النبي بديل بن ورقاء الخزاعي في رجال من خزاعة فكلموه وسألوه ما الذي جاء به فأخبرهم أنه لم يأت يريد حربا وإنما جاء زائرا البيت ومعظما لحرمته فرجعوا إلى قريش وقالوا يا معشر قريش إنكم تعجلون على محمد إنه لم يأت لقتال وإنما جاء زائرا هذا البيت فقالوا لهم وإن كان جاء ولا يريد قتالا فوالله لا يدخلها علينا عنوة أبدا ولا تحدث بذلك عنا العرب .


وبعد بديل بن ورقاء الخزاعي بعثت قريش للنبي مكرز بن حفص بن الأخيف العامرى القرشي فلما رآه النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال هذا رجل غادر فلما إنتهى إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم وكلمه قال له النبي نحوا مما قال لبديل وأصحابه فرجع إلى قريش فأخبرهم بما قال له النبي ثم بعثت قريش حليفهم سيد الأحابيش الحليس بن علقمة الكناني وهو من بني الحارث بن عبد مناة بن كنانة ليفاوض النبي محمد صلى الله عليه وسلم فلما رآه النبي قال إن هذا من قوم يتألهون فإبعثوا الهدي في وجهه حتى يراه فلما رآى الهدى رجع إلى قريش ولم يصل إلى النبي محمد إعظاما لما رأى فعاد إلى قريش وأخبرهم بما رأى فقالوا له إجلس فإنما أنت أعرابي لا علم لك فغضب منهم وقال يا معشر قريش والله ما على هذا حالفناكم ولا على هذا عاقدناكم أيصد عن بيت الله من جاء معظما له والذى نفس الحليس بيده لتخلن بين محمد وبين ما جاء له أو لأنفرن بالأحابيش نفرة رجل واحد فقالوا له مه كف عنا يا حليس حتى نأخذ لأنفسنا ما نرضى به وبعد ذلك قامت قريش بإرسال عروة بن مسعود الثقفي سيد قبيلة ثقيف إلى المسلمين وبعد أن تناقش مع النبي قال له لا يلبث أصحابك أن ينفضوا عنك فأراد النبي أن يريه مدى حب أصحابه له وإستعدادهم للتضحية بأنفسهم دونه فطلب وضوءا فتنافس الألف واربعمائة صحابي على من يوضئه فرجع عروة إلى أصحابه فقال أى قوم والله لقد وفدت على الملوك كسرى وقيصر والنجاشي والله ما رأيت ملكا يعظمه أصحابه كما يعظم أصحاب محمد محمدا والله ما إنتخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده وإذا أمر إبتدروا أمره وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه وإذا تكلم خفضوا أصواتهم وما يحدون إليه النظر تعظيما له ثم قال وقد عرض عليكم خطة رشد فإقبلوها ثم أسرعت قريش في إرسال سهيل بن عمرو القرشي لعقد صلح مع النبي فلما رآه النبي قال قد سهل لكم أمركم أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل فتكلم سهيل طويلا ثم إتفقا على شروط الصلح فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال له إكتب بسم الله الرحمن الرحيم فقال سهيل أما الرحمن فما أدرى ما هو ولكن إكتب بإسمك اللهم كما كنت تكتب فقال النبي يا علي إمحها وإكتب بإسمك اللهم ثم قال إكتب هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله فقال سهيل والله لو نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولكن إكتب محمد بن عبد الله فقال إني رسول الله وإن كذبتموني ثم قال يا علي إمحها وإكتب محمد بن عبد الله فقال الإمام علي والله لا أمحها أبدا فقال له الرسول أرينيها وقام هو بمحوها ثم كتبت صحيفة الصلح وتضمنت أنه من أراد أن يدخل في عهد قريش دخل فيه ومن أراد أن يدخل في عهد محمد دخل فيه وأن تتوقف الحرب بين الطرفين مدة 10 سنين وعلى أن يعود المسلمون ذلك العام على أن يدخلوا مكة معتمرين في العام المقبل وعلى أن يرد المسلمون من يأتيهم من قريش مسلما بدون إذن وليه وألا ترد قريش من يعود إليها من المسلمين وحدث أن دخلت قبيلة خزاعة في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم ودخل بنو بكر بن عبد مناة من كنانة في عهد قريش .

وبعد كتابة الصلح قال النبي لأصحابه قوموا فإنحروا ثم إحلقوا فما قام منهم رجل حتى قالها ثلاث مرات فلما لم يقم منهم أحد دخل منزعجا على زوجته أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها وكانت ترافقه يومذاك وقال لها لقد هلك القوم وذكر لها ما لقي من الناس فقالت له يا نبي الله أخرج إليهم ثم لا تكلم أحدا منهم كلمة حتى تنحر هديك وتدعو حالقك فيحلق لك فسيفعلون مثلك فخرج ولم يكلم أحدا كما أشارت عليه أم سلمة فنحر وحلق فلما رأَى أصحابه ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضا حتى كاد بعضهم يقتل بعضا غما وكمدا وهكذا أنقذت السيدة أم سلمة بهذا الرأى الصائب الصحابة من الهلاك بمخالفتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقد وافق الرسول على شروط هذه المعاهدة التي بدا للبعض أن فيها إجحافا وذلا للمسلمين وكان منهم عمر رضي الله عنه الذى قال للنبي صلى الله عليه وسلم ألسنا على الحق وعدونا على الباطل فقال صلى الله عليه وسلم بلى فقال فَلم نعطي الدنية في ديننا لكن الرسول كان مدركا وموقنا أن هذا الصلح سيكون فاتحة خير وبركة على المسلمين بعد ذلك ثم إنصرف رسول الله قاصدا المدينة .


وفي طر يق العودة نحو المدينة كان المسلمون في هم وغم وقد حيل بينهم وبين نسكهم فأنزل الله على نبيه سورة الفتح تبشره بالفتح القريب وتثني علي المؤمنين الذين إتبعوه وبايعوه تحت الشجرة فإنقلبت كآبتهم فرحا وسرورا وأدركوا أن التسليم لأمر الله ورسوله فيه كل الخير لهم ولدعوة الإسلام وما لم يدركه بعض المسلمين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستهدف من صلح الحديبية أن يعم السلام في الجزيرة العربية ومن ثم تتهيأ الفرصة أمام المسلمين للدعوة إلى الإسلام في هدوء ومن جانب آخر تحييد قريش للتفرغ لتأديب اليهود وقبائل نجد الذين تآمروا على المسلمين في غزوة الأحزاب وهددوا المسلمين في المدينة وكانوا يريدون إقتحامها مع باقي حلفائهم من أجل القضاء على الإسلام والمسلمين ومن ثم إستغل رسول الله صلى الله عليه وسلم فرصة صلح الحديبية والذى إستمر لمدة اقل من عامين قبل أن تنقضه قريش في عام 8 هجرية وكان فتح مكة في العام المذكور لتحقيق هذين الهدفين حيث قام بغزو خيبر بعد العودة مباشرة من صلح الحديبية في أوائل العام السابع للهجرة وقضى تماما على هذه البؤرة التآمرية التي كانت مصدر خطر دائم على المسلمين ومن ناحية أخرى قام النبي صلى الله عليه وسلم بمراسلة الملوك والأمراء وقادة الأمم والشعوب والقبائل والجماعات التي كانت موجودة في عصره يدعوهم فيها إلى الإسلام وكانت هذه الرسائل تعد صفحة بارزة من صفحات السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي لأن تلك الرسائل كانت تكشف وجها من وجوه التطبيق العملي الملموس لعالمية الدعوة الإسلامية وكان عدد السفراء النبويين الذين وقع عليهم الإختيار للقيام بهذه المهمة نخبة من خيرة الصحابة الذين يتميزون بالفصاحة والبلاغة وإجادة لغات الملوك والحكام المتوجهين إليهم وذلك خلال الفترة من أواخر عام 6 هجرية وحتى عام 10 هجرية قد بلغ خمسة عشر سفيرا كان منهم على سبيل المثال لا الحصر الصحابي عبد الله بن حذافة السهمي وكان سفير النبي لكسرى أبرويز ملك الفرس وكان يجيد اللغة الفارسية وأيضا الصحابي دحية الكلبي وكان سفير النبي لهرقل إمبراطور الروم وكان يجيد اللغة السريانية لغة الروم وقد إستشهد واحد من هؤلاء السفراء فقط حيث قتل غدرا قبل أن يبلغ رسالة النبي محمد إلى ملك بصرى بجنوب سوريا وهو في طريقه إليه ومزقت رسالة نبوية واحدة فقط من رسائل النبي محمد من جانب كسرى أبرويز ملك الفرس وهو ما لم يفعله حتى الذين رفضوا إعتناق الإسلام وقال لسفير النبي لولا أن الرسل لا تقتل لقتلتك ولما عاد السفير وأخبر النبي بما فعله أبرويز قال النبي مزق الله ملكه وبالفعل تمزقت مملكة فارس في السنوات التالية وسقطت إلى الأبد فالنبي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى كما رفض إعتناق الإسلام الحارث بن شمر الغساني ملك الغساسنة في الشام وصرف بالحسنى السفير النبوى كل من هرقل إمبراطور الروم والمقوقس عظيم قبط مصر والذى قدم هدية للنبي صلى الله عليه وسلم أما باقي الرسائل فقد حققت نتائج ممتازة حيث إنتشر الإسلام بسببها إنتشارا واسعا في تسعة أقطار هي اليمامة وعمان والبحرين واليمن في أربع مناطق شاسعة منها وحضرموت والحبشة حيث إستجاب ملوك وأمراء وحكام هذه الأقطار لدعوة الإسلام وأسلمت معهم أعداد كبيرة من رعاياهم .

وكان سفير النبي صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس عظيم قبط مصر والنائب العام للدولة البيزنطية في مصر هو الصحابي حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه وكان ممن شهدوا بدرا وكان معروفا بحكمته وبلاغته وفصاحته وبعد أن دخل على المقوقس الذي رحب به واخذ يستمع إلى كلماته فاُعجب بمقالته وقال له يا هذا إن لنا دينا لن ندعه إلا لما هو خير منه وإني قد نظرت في أمر هذا النبي فوجدته لا يأمر بزهود فيه ولا ينهي عن مرغوب فيه ولم أجده بالساحر الضال ولا بالكاهن الكاذب ووجدت معه آية النبوة بإخراج الخبء والأخبار بالنجوى وسأنظر في الأمر وكتب إلى النبي رسالة قال فيها بسم الله الرحمن الرحيم إلى محمد بن عبد الله من المقوقس عظيم القبط، سلام عليك أما بعد فقد قرأت كتابك وفهمت ما ذكرت فيه وما تدعو إليه وقد علمت أن نبيا بقي وكنت أظن أنه سيخرج بالشام وقد أكرمت رسولك وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم وبكسوة وأهديت إليك بغلة لتركبها والسلام عليك وكانت الجاريتان هما مارية بنت شمعون القبطية وأختها سيرين بنت شمعون أما باقي الهدية فكانت ألف مثقال ذهب وعشرين ثوبا وبغلة وشيخ كبير يسمى مابور ولما وصل حاطب إلى المدينة إختار الرسول صلى الله عليه وسلم مارية لنفسه ووهب أختها سيرين لشاعرهِ حسان بن ثابت الأنصارى رضي الله عنه وكانت السيدة مارية القبطية المصرية رضي الله عنها قد ولدت في إحدى قرى محافظة المنيا بوسط صعيد مصر والتابعة لمدينة ملوى والتي تقع على الضفة الشرقية لنهر النيل وكانت تسمى بسا وهو إله فرعوني قديم ثم أقيمت عليها مدينة هيبنو آتي نسبةً إلى الطبيب الخاص للملك الفرعوني رمسيس الثاني ثم حملت القرية إسم أنتينيو بوليس بعدما أعاد بناءها الإمبراطور الروماني هادريان وسماها بإسم غلامه تخليدا لذكراه وفي العصور التالية أطلق على القرية إسم حفن وفي العصر الإسلامي فعقب وصول قائد جيش المسلمين عمرو بن العاص رضي الله عنه إلى مصر وفتحها كان ضمن الجيش الصحابي عبادة بن الصامت الأنصارى رضي الله عنه والذى كلفه عمرو بالتوجه جنوبا لتطهير بلاد الصعيد من الرومان وإستكمال الفتح الإسلامي لأقاليم مصر فوصل إلى قرية حفن وعلم من الأهالي أنها المنطقة التي جاءت منها زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم مارية القبطية فقرر البقاء هناك وبنى مسجدا بجوار المكان الذي كان يوجد به منزل أسرة السيدة مارية رضي الله عنها وكان هذا هو أول مسجد في ملوى وجعل الصحابي عبادة بن الصامت مقر إقامته بتلك القر ية لتسمى القرية بعد ذلك بإسمه قرية الشيخ عبادة وهو الإسم المعروفة به حتى الآن وهذا المسجد مايزال قائما حتى الآن وتم توسيعه وترميمه وتقام به الشعائر إلى يومنا هذا ولا يزال أيضا بيت السيدة مارية بنت شمعون قائما حتى الآن ومغلقا بمعرفة وزارة الآثار ولكن أهل القرية يتباركون به ويعد مزارا للوافدين رغم عدم إدراج المنطقة للزيارات والتي يوجد بها أيضا بقايا معبد للملك رمسيس الثاني وبقايا مقابر فرعونية ومسرح روماني وبوابة النصر وكان شمعون والد السيدة مارية القبطية وأختها سيرين من عظماء القبط في مصر وكانت له مكانة خاصة لدى المقوقس كما أنه كان من المتعبدين المخلصين العارفين بالإنجيل مما يدل على أن مارية كانت من صلب طاهر ورجل عارف بالله ورسوله وذكر في بعض المصادر أن كل من مارية وسيرين كانتا أميرتين ويبدو أنه كان عند المصريين القدامى عادة تقديم فتيات أسرهم أو اللواتي ينتمين إلى عائلات نبيلة للزواج ممن يرغبون في تقوية العلاقات معهم ومثال ذلك عندما زار نبي الله إبراهيم عليه السلام مصر قدم له ملك مصر آنذاك فتاة نبيلة هي السيدة هاجر والتي كانت تلقب بأميرة منف للزواج ومنها أنجب إبنه البكر نبي الله إسماعيل عليه السلام ومن خلاله أصبحت أما للعديد من القبائل العربية الأخرى .


ولما خرجت الأختان مارية وسيرين من مصر بصحبة الصحابي حاطب بن أبي بلتعة كانتا حزينتين لكن حاطب أخذ يواسيهما ويشرح لهما فضائل الإسلام وروى لهما قصة جدتهما السيدة هاجر وكيف خرجت من مصر وفارقت الأهل والأحباب وسارت تقريبا في نفس المسار الذى كانوا يسيرون فيه ليكرمها الله بالزواج من أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام ولتنجب له نبي الله إسماعيل وتصير أما للعرب وشرح الله صدريهما للإسلام وبمجرد أن وصل الركب الى المدينة المنورة قالت مارية وأختها أشهد أن لا إله إلا الله وأنك يا محمد رسول الله فسأل النبى عليه الصلاة والسلام السيدة مارية ما الذى دفعك الى الإسلام ولم نجبرك عليه فأجابته يا رسول الله لقد أرسلوا معنا رجالا من أصحابك من مصر الى المدينة وأشهد الله أنهم كانوا أشد أمانا على عرضنا من إخوتى فقلت فى نفسى إن الذى ربى هؤلاء الرجال على تلك الأمانة لايمكن أن يكون بشرا عاديا إنما هو رسول من الله حقا وصدقا وكانت السيدة مارية رضي الله عنها بيضاء جميلة الطلعة وقد أثار قدومها الغيرة في نفس باقي أمهات المؤمنين فكن تراقبن مظاهر إهتمام رسول الإسلام بها وقالت عن ذلك السيدة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ما غرت من إمرأة إلا دون ما غرت من مارية وذلك أنها كانت جميلة جعدة أو دعجة فأعجب بها رسول الله وكان قد أنزلها أول ما قدم بها في بيت للصحابي حارثة بن النعمان الأنصارى رضي الله عنه فكانت جارتنا فكان عامة الليل والنهار عندها حتى فرغنا لها فجزعت فحولها إلى العالية وهي منطقة بالمدينة المنورة تتميز بحدائقها وبساتينها وكان يختلف إليها هناك فكان ذلك أشد علينا وبعد مرور أقل من عام على قدوم السيدة مارية إلى المدينة حملت وفرح النبي لسماع هذا الخبر فقد كان قد قارب الستين من عمره وكان قد فقد كل أولاده الذكور والإناث ما عدا السيدة فاطمة الزهراء وولدت مارية في شهر ذي الحجة من السنة الثامنة للهجرة النبوية طفلا جميلا يشبه الرسول وقد سماه إبراهيم تيمنا بأبيه إبراهيم خليل الرحمن وبمولده إزدادت مكانة السيدة مارية رضي الله عنها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصبحت ذات مكانة مميزه فى قلبه وقد عق عنه فى اليوم السابع لولادته بشاة كما حلق رأسه وتصدق بوزن شعره الذى حلقه فضة للفقراء والمساكين ودفن شعره بالأرض وتنافست نساء الأنصار على إرضاع إبراهيم حتى إختار له رسول الله أم بردة بنت المنذر بن زيد وعاش إبراهيم سنة ونصف السنة تقريبا يحظى برعاية النبي ولكنه مرض قبل أن يكمل عامه الثاني وذات يوم إشتد مرضه فرفعه الرسول وهو في الرمق الأخير ومات وهو بين يدى الرسول وكان لم يكمل الرضاعة بعد فبكى عليه النبي ودمعت عيناه وكان معه الصحابي عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه فقال له أتبكي يارسول الله فرد عليه الرسول إنها رحمة وإن العين لتدمع وإن القلب ليحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون وكسفت الشمس يومئذ فقال الناس لموت إبراهيم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم فصلوا وإدعوا الله وحزنت أيضا السيدة مارية رضي الله عنها حزناً شديداً على موت إبراهيم فواساها النبي بكلمات جميلة حيث قال لها إِن له مرضعا في الجنة وكان دائما ما يهتم بها ويراعيها لكنها بعد عام واحد فقط فجعت بوفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر ربيع الأول عام 11 هجرية فزاد حزنها ولزمت بيتها عابدة قانتة لله عز وجل وعاشت مارية رضي الله عنها بعد وفاة النبي ما يقارب خمس سنوات فى ظلال الخلافة الراشدة وكان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتولى أمورها والإنفاق عليها وكانت وفاتها رضى الله عنها فى شهر المحرم فى السنة السادسة عشرة للهجرة فدعا أمير المؤمنين الناس وجمعهم للصلاة عليها فجاء عدد كبير من الصحابة من المهاجرين والأنصار ليشهدوا جنازتها ودفنت الى جانب نساء أهل بيت النبى وإلى جانب إبنها إبراهيم رحم الله السيدة مارية رضي الله عنها رحمة واسعة وأسكنها فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا وجزاها عنا وعن الإسلام خير الجزاء .