الأحد, 26 يناير 2025

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

جلطة في قلب الوطن العربي

جلطة في قلب الوطن العربي
عدد : 10-2023
بقلم الدكتور/ محمود رمضان

هذه جلطة في قلب الوطن، إنها لحظة تاريخية فارقة في التاريخ الحديث والمعاصر، لأن تاريخ الأمة العربية يتشكل الآن.

مراحل التشكيل الثلاث :

المرحلة الأولى :

"مرحلة تقليم الأطراف.. في العقدين الأخيرين"

مرت الأمة العربية في العقدين الأخيرين بمرحلة مهمة جداً ضمن مراحل التاريخ الإنساني والسياسي من حيث تطوره وتدهوره في آن واحد، حيث عاصر المجتمع العربي خلال المرحلة الزمنية المذكورة مشاهد تَقْليم أظافِر وشد أطراف أمته والتي شملت سقوط عاصمة حضارية عريقة وتشرذم قواها التي كان يتفاخر بها كل عربي وطني قومي حر، لاسيما في إطار تنافس القوى الدولية الكبرى في السيطرة وبسط نفوذها على هذا الوطن الجريح واستغلال ثرواته الاقتصادية والطبيعية والحضارية أيضاً.

وتوالى الضعف والمرض والهزال مع مزيد من تكسير أطراف وعظام بعض دول الأمة العربية بإصابتها بما يسمى بالربيع العربي، بالإضافة إلى محاولة القوى الاستعمارية الكبرى والعمل على أن تتلاشى كافة الأفكار الوطنية للحفاظ على القضية الرئيسية في قلب الوطن العربي والإسلامي ألا وهي القضية الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، فتشتت جمع الدول التي مر بها هذا الإعصار المدمر فاقتلع معه الأطراف القوية المتينة للأمة العربية، وكُتب لبعض الدول الأخرى أن تتجاوز هذه الأزمات في مرحلة تاريخية استثنائية، ومازالت محاولات النهوض مستمرة بها حتى الآن للحفاظ على المقومات الطبيعية والحضارية والقوى البشرية واللغة والدين والقيم والأخلاق والأرض والعرض وحدود الوطن العربي الكبير من الضياع أو التشرذم أيضاً.

المرحلة الثانية :

المرحلة الحالية.. إصابة قلب الأمة العربية

إن ما يمر به الوطن العربي في الوقت الحاضر، من العدوان غير المبرر، مع حرب الإبادة الجماعية والتدمير المتعمد والمنهجي لشعب أعْزَلُ لا يملك أي حق من حقوق البشرية في الحياة، والتكتل الدولي الاستعماري ضد الحق في ظاهرة عنصرية وتعسفية خطيرة جداً ضد الإنسانية بشكل عام، ما هو إلا جلطة في أورطى قلب هذا الوطن بعد أن تقلمت أطرافه الشمالية والغربية والجنوبية وشدت شداً قوياً مؤلماً حتى كادت أن تتمزق تمزقاً تاماً، فأضحى الوطن مكتوف الأيدي فيما عدا المحاولات القليلة الجادة الحذرة في ظل الضغوط المختلفة، بالإضافة إلى تربص بعض القوى الكبرى لقنص ما يشرد من مكونات وطننا في أطرافه المختلفة التي دب فيها الوهن أيضاً.

ومع أن الإصابة الآنية قوية جداً، إلا أنه بحكمة الحكيم السياسي ودهاء ومهارة الطبيب العربي قد يتخطى وطننا العربي مرحلة الخطر، ولكن حتما ستترك آثار جانبية في الجسد والفكر العربي أيضاً، وسيحتاج المجتمع العربي إلى عقود للنقاهة ولتشافي من آثار هذه المرحلة وسيأخذ كل بلد من بلدان الوطن العربي الكبير حذره قبل الأقدام على أي خطوة من شأنها التأثير على أي بلد آخر مستقبلاً.

ومن المهم جداً إخراج الشعوب العربية من دائرة التنافس السياسي وتنفيذ أجندات الأنظمة العربية المختلفة بعيداً عن مطالبة أي مواطن عربي بمغادرة بلده الثاني تحت أي ظرف من الظروف، سيما حين تغلق الحدود والمنافذ، ومع الضغط المتواصل وتضييق الخناق على الشعوب العربية الكريمة المضيافة الأصيلة التي استقبلت الكثير من الأشقاء بكل حفاوة وترحاب عربي كريم.

ولما كان ذلك كذلك، فإن تاريخ الأمة العربية يُشكل الآن ولابد أن يكون حكماء الوطن العربي على دراية وإدراك تام بأهمية المرحلة التاريخية واستراتيجياتها، والتركيز على نشر الوعي السياسي والثقافي في المجتمع العربي لإبراز قيمة الأمن القومي العربي وحدوده المختلفة والعمق الإستراتيجي لوطننا في كل الاتجاهات الجغرافية والسياسية المحلية والإقليمية والدولية، وأن يكون المجتمع العربي على قدر المسئولية التاريخية بالعمل على الحفاظ على قيمه الأصيلة وإرثه وتراثه وحضارته وفنونه وإذكاء روح المحبة والود والسلام بين أبناء هذا الوطن.

لا تناحروا
لا تنابزوا
لا تجبروا
لا تكبروا
احذروا
كونوا إخوة
تمسكوا بحبل الله جميعا لا تفرقوا

المرحلة الثالثة :

المرحلة المستقبلية.. العقد القادم

تمثل هذه المرحلة حلقة مهمة في حلقات تاريخ أمتنا العربية وأخطرها لأنها تعتبر بمثابة مرحلة ما بعد النقاهة والتعافي المنتظرة، ولدي ثقة كبيرة جدا وأملاً أكبر أن يعي المجتمع العربي أولويات وضروريات المراحل الثلاث المشار إليها في عمر الوطن العربي، وبذل أقصى جهد وإخلاص ووطنية حتى تتخطى الأمة العربية أزماتها دون أن يحدث جلطات أخرى أو سكتات فكرية وسياسية أو هبوط مفاجئ في الدورة الدموية لحياة الوطن العربي السياسية والاقتصادية والحضارية والثقافية وغيرها.