الأحد, 28 أبريل 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

دحية بن خليفة الكلبي

دحية بن خليفة الكلبي
عدد : 11-2023
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
tbadrawy@yahoo.com
موسوعة كنوز “أم الدنيا"

دحية بن خليفة بن فروة بن فضالة بن زيد بن إمرئ القيس بن الخزرج وهو زيد مناة بن عامر بن بكر بن عامر الأكبر بن عوف بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن بن ثور بن كلب الكلبي رضي الله عنه صحابي من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم ينتمي إلى قبيلة كلب وهي قبيلة عربية كبيرة ومشهورة والتي كانت عاصمتها ومقر ديارها مدينة دومة الجندل والتي تقع حاليا في شمال المملكة العربية السعودية وكانت تقع على ملتقى الطرق ما بين الحجاز والشام والعراق وكانت علاقتها بقريش علاقات ود وصداقة ولذا فقد كانت قوافل قريش التجارية المتجهة إلى بلاد الشام والعائدة منها تمر دون أن يمسسها سوء وكانت ديانة هذه القبيلة هي الوثنية كغيرها من قبائل العرب في الجاهلية إذ كان لهم صنم بدومة الجندل يسمى ود وظلوا يعظمونه ويقدسونه حتى هدمه خالد بن الوليد رضي الله عنه في السنة الثامنة للهجرة وكانوا يعظمون إلى جانبه أيضا بعض أصنام قريش منها مناة واللات والعزى وغيرها ومما يذكر أنه قد دخلت النصرانية في قبيلة كلب في أواخر العصر الجاهلي مثلما دخلت في الكثير من قبائل العرب التي أقامت في الشام والعراق وما جاورهما مثل غسان وتنوخ وبهراء وبكر بن وائل وغيرها وفي صدر الإسلام كان من أول من آمن بالإسلام وبايع النبي محمد صلى الله عليه وسلم مولاه الصحابي زيد بن حارثة الكلبي رضي الله عنه الذى كان يسمى زيد بن محمد قبل أن يحرم التبني في الإسلام ثم دخل في الإسلام الصحابي سعد بن خولي الكلبي رضي الله عنه وكان مقيما في مكة المكرمة فهاجر ثم إستشهد في يوم أحد كما دخل في الإسلام الصحابي دحية بن خليفة الكلبي رضي الله عنه والذى ولد بدومة الجندل في العام الثلاثين قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة وعرف عنه جمال الوجه وحسن الصورة حتى قيل إنه كان أجمل الصحابة وكان يعمل بالتجارة وكون منها ثروة كبيرة ومن المؤكد أنه كان قد سمع وهو بمنطقته في دومة الجندل بأمر دعوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم بمكة فسار إليه وأسلم وبايع النبي صلى الله عليه وسلم ثم عاد إلى منطقته يدعو إلى دين التوحيد وفي ذلك قال المؤرخ محمد بن سعد البغدادى أسلم دحية بن خليفة الكلبي رضي الله عنه قديما ولم يشهد بدرا لكنه شهد أحد في شهر شوال عام 3 هجرية وأخذ مكانه في الصفوف الأولى بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أوائل السنة الثالثة للهجرة وفي ذلك قال الإمام والمؤرخ الأندلسي القرطبي الصحابي دحية بن خليفة الكلبي رضي الله عنه كان من كبار صحابة النبي صلى الله عليه وسلم وبعد أحد شهد الصحابي دحية الكلبي رضي الله عنه غزوة الخندق في شهر شوال عام 5 هجرية وكان ضمن المهاجرين الذين تصدوا لقريش وحلفائها من اليهود وقبائل نجد والذين كان يحمل لواءهم الصحابي زيد بن حارثة وإنتهت الغزوة بإنسحاب قريش وحلفائها من المدينة المنورة وعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى داره وقالت السيدة أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها عاد النبي يوم الخندق فبينما هو عندى وكان قد دخل ليغتسل إذ دق الباب فإرتاع لذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج فخرجت في أثره فإذا رجل على دابة والنبي متكئ على معرفَة الدابة يكلمه ثم عاد فلما دخل قلت من ذلك الرجل الذي كنت تكلمه قال ورأيته قلت نعم فقال بمن تشبهينه قلت بدحية الكلبي قال ذاك جبريل أمرني أن أمضي إلى بني قريظة وكان جبريل عليه السلام أحيانا عندما يأتي للنبي صلى الله عليه وسلم يأتيه في صورة الصحابي دحية الكلبي أو في صورة رجل لا يعرفه أحد شديد بياض الوجه وعليه ثياب بيضاء وأمر رسول الله المسلمین بالمسير إلى بني قريظة وذلك لسبع بقين من شهر ذى القعدة عام 5 هجرية وجاء في السيرة النبوية للمؤرخ عبد الملك بن هشام ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفر من أصحابه قبل أن يصل إلى بني قريظة فقال هل مر بكم أحد قالوا يا رسول الله قد مر بنا دحية بن خليفة الكلبي على بغلة بيضاء عليها رحالة عليها قطيفة ديباج فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك جبريل عليه السلام بعثه الله إلى بني قريظة يزلزل بهم حصونهم وأقدامهم ويقذف الرعب والخوف في قلوبهم وقال أبو العباس المبرد ثم مر بهم الصحابي دحية الكلبي رضي الله عنه بعد ذلك .


ولم تكن هاتان الحادثتان فقط اللتان نزل الملك جبريل عليه السلام ليلتقي بالرسول صلى الله عليه وسلم وهو على صورة الصحابي دحية الكلبي رضي الله عنه ففي يوم ذهب العباس بن عبد المطلب عم الرسول صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه إلى النبي في بيته ومعه عبد الله إبنه وكان طقلا لم يبلغ الحلم وكان الباب مفتوحا والنبي صلى الله عليه وسلم جالس فطرق الباب وإستأذن ثلاثا فما أذن له النبي صلى الله عليه وسلم وما إلتفت إليه وكان في بني هاشم غضب وعصبية فغضب العباس غضبا شديدا وأخذ بيد إبنه عبد الله وعاد غاضبا فقال له عبد الله يا أبت ما أغضبك فقال وكيف لا أغضب وعم رسول الله يستأذن عليه فلا يلتفت إليه فقال عبد الله لعله كان مشغولا بالرجل الذى كان يجالسه ويحادثه فقال العباس رجل يجالسه كيف ما كان يجالسه أحد فقال عبد الله لا يا أبت كان يجالسه دحية بن خليفة الكلبي فقال ما رأيته فقال عبد الله أنا رأيته يا أبي فقال العباس لأرجعن فرجعا وطرق العباس الباب فقام إليه النبي هاشا باشا فرحان بعمه فقال العباس عجبا يا إبن أخي جئتك منذ قليل وإستأذنت عليك ثلاثا ولم تلتفت ويزعم الغلام أنك كنت تجالس دحية الكلبي وما رأيت معك أحد فما الأمر فتبسم النبي وجثا على ركبتيه حتى صار في طول عبد الله وقال له أو رأيت الذى كان يجالسني يا عبد الله قال نعم يا رسول الله كان يجالسك دحية الكلبي يعتجر بعمامة خضراء فعانقه النبي صلى الله عليه وسلم وقبله بين عينيه وقال اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل يا عماه ذاك جبريل كان يجالسني في صورة دحية الكلبي أنعم الله على الغلام فرآه ولكن لماذا لم يره العباس يقول النبي صلى الله عليه وسلم وحجب الغضب بصرك فلم تره يا عماه وأراد أن يفهمه أن يقلل من غضبه فقال العباس بعدما فهم قصد النبي صلى الله عليه وسلم والذى بعثك بالحق لا أغضب بعد ذلك أبدا وبعد غزوتي الخندق وبني قريظة بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين شهرى جمادى الثانية وشعبان من العام السادس الهجرى الصحابي الجليل دحية الكلبي رضي الله عنه مبعوثا إلى عشيرته بدومة الجندل لدعوتهم إلى ترك الشرك وعبادة الأوثان والتوحيد والدخول في دين الإسلام الحنيف ومبايعة الرسول صلى الله عليه وسلم وهم بنو علیم بن جناب وبنو زهیر بن جناب وبنو عدى بن جناب فإستجاب لدحية الكلبي رضي الله عنه بنو عليم وبنو زهیر بن جناب وأسلم رئيسهم حارثة بن قطن بن زابد بن حصن بن كعب بن علیم بن جناب الكلبي وإبنه قطن بن حارثة الكلبي مع قومهما ووفد حارثة بن قطن الكلبي وكذلك إبنه قطن بن حارثة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة المنورة وأعلنا دخولهما في الإسلام وبايعا النبي صلى الله عليه وسلم وصارا من الصحابة وكتب رسول الله كتاب عهد لحارثة بن قطن وباقي طوائف كلب بدومة الجندل وقد شهد على الكتاب الصحابي الجليل دحية بن خليفة الكلبي رضي الله عنه وأما عشيرة بني عدى بن جناب فكانوا يدينون بالنصرانية وكان رئيسهم الأصبغ بن عمرو بن ثعلبة بن حصين بن ضمضم بن عدى بن جناب الكلبي نصرانيا فبعث إليهم رسول الله سرية حربية بقيادة عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه فغزاهم وذلك في شهر شعبان عام 6 هجرية وأمره أن يتزوج من إبنة ملكهم إذا فتح الله عليه فأخذ عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه اللواء وسار بجيشه وكان قوامه 700 مقاتل إلى وجهته التي كلفه بها الرسول صلى الله عليه وسلم ولما وصل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه بجيشه إلى دومة الجندل مكث ثلاثة أيام يدعوهم إلى الإسلام فدخل ملكهم الأصبغ بن ثعلبة في الإسلام الذى كان الصحابي دحية الكلبي رضي الله عنه قد سبق أن دعاه إليه في اليوم الثالث وأسلم معه أناس كثيرون من قومه وأقام الصحابي عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه من لم يسلم وبقي على النصرانية بالجزية وتزوج إبنة ملكهم تماضر بنت الأصبغ وقدم بها المدينة المنورة فأنجبت له إبنه أبا سلمة في عام 22 هجرية قرب أواخر عهد الخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه وبلا شك فقد كان إسلام الكثير من عشائر قبيلة بني كلب بدومة الجندل قوة للإسلام والمسلمين فقد أخذ العشرات من فرسان ورجال قبيلة كلب أماكنهم في الصفوف المؤمنة مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان منهم الكثير الذين خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لأداء العمرة في شهر ذي القعدة عام 6 هجرية وإنتهى الأمر بصلح الحديبية حيث تم الصلح والمهادنة بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وقريش .


وعلاوة على ما سبق كان للصحابي دحية الكلبي رضي الله عنه دور كبير في إسلام بني الضبيب من قبيلة جذام فيما يلي دومة الجندل وتبوك بأعالي الحجاز إلى آيلة وهي ميناء العقبة الحالية بجنوب الأردن وكان أولهم إسلاما رفاعة بن زيد الضبيبي الجذامي وحسان بن ملة الضبيبي وذلك بعد توقيع صلح الحديبية في أواخر السنة السادسة للهجرة وفي شهر المحرم عام 7 هجرية شهد الصحابي الجليل دحية الكلبي رضي الله عنه غزوة خيبر وكان الرسول صلى الله عليه وسلم بعد توقيع صلح الحديبية وبداية من أواخر العام السادس الهجرى قد بدأ في مراسلة الملوك والأمراء وقادة الأمم والشعوب والقبائل والجماعات التي كانت موجودة في عصره يدعوهم فيها إلى الإسلام وكانت هذه الرسائل تعد صفحة بارزة من صفحات السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي لأن تلك الرسائل كانت تكشف وجها من وجوه التطبيق العملي الملموس لعالمية الدعوة وكان ممن راسلهم النبي صلى الله عليه وسلم الإمبراطور البيزنطي هرقل ووقع إختيار النبي صلى الله عليه وسلم على الصحابي دحية الكلبي رضي الله عنه ليكون سفيره إليه وكان من أسباب هذا الإختيار أن دحية رضي الله عنه كان ذا شخصية فذة فقد كان أوسم وأحسن الناس صورة كما أسلفنا وكان له مهابة وبهاء وفضلا عن ذلك فقد كان من السابقين إلى الإسلام ومن كبار الصحابة ومن ثم فقد كان عارفا بتعاليم الإسلام وبالقرآن والسنة معرفة تتيح له توضيح ما قد يستلزم التوضيح ومناقشة ما قد يطرأ من نقاش بعد تسليم الرسالة كما أنه كان يجيد اللغة السريانية فقد كانت السريانية الآرامية لغة الديانة المسيحية التي كانت منتشرة في القبائل العربية الشمالية ومنها قبيلة كلب التي ينتمي إليها دحية رضي الله عنه والذى خرج من المدينة المنورة في شهر ربيع الأول عام 7 هجرية بعد عودته من غزوة خيبر وتوجه إلى بصرى بجنوب سوريا ومنها توجه إلى مدينة حمص التي كان يقيم فيها هرقل إمبراطور الروم حينما يكون في الشام لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يدفع الكتاب إلى عظيم بصرى وهو الحارث ملك غسان ليدفعه إلى قيصر ولما إنتهى دحية إلى بصرى كان حينئذ عظيم بصرى في حمص فبعث رجلا مع دحية ليبلغه إلى قيصر والذى كان ذاهبا إلى بيت المقدس لأنه لما كشف اللّه عنه جنود فارس مشى من حمص إلى بيت المقدس شكرا للّه عز وجل فيما أولاه من ذلك وتوجه دحية رضي الله عنه من حمص إلى بيت المقدس حيث كان هرقل فيها آنذاك ووقف بين يدى هرقل يقرأ بثبات الرسالة النبوية التي جاء حاملا إياها وكان نصها الذى ورد في صحيح الإمام البخارى بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم سلام على من إتبع الهدی أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تسلم وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين وإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين ويا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا إشهدوا بأنا مسلمون وبعد أن أبلغ دحية رضي الله عنه رسالة النبي صلى الله عليه وسلم لهرقل تصايح الحضور في مجلس هرقل وإعترضوا على الرسالة ومحتواها وأخذوا يتناقشون حولها فتركهم دحية رضي الله عنه بعد ان انجز مهمته وإنصرف من أمام هرقل وقيل إن هرقل أمر لدحية بهد ية عبارة عن مال وكسوة وهو ما يفعله الملوك غالبا .


وأخذ دحية رضي الله عنه طريقه عائدا من الشام نحو المدينة المنورة ومر بمنطقة جذام في أعالي الحجاز وهي منطقة صحراء حسمى وكان معه ما أجازه له هرقل من مال وكسوة فأغار عليه الهنيد بن غوص وعشيرته الضلعيون في ناس من جذام فقطعوا عليه الطريق فلم يتركوا عليه إلا سمل ثوب فسمع بذلك نفر مِن بني الضبيب فنفروا إليهم فإستنقذوا لدحية متاعه فمضی حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة المنورة فأخبره بنتائج لقائه مع هرقل عندما سلمه كتابه وكان قد أحضر معه للنبي صلى الله عليه وسلم مجموعة من الهدايا دلت على حسه الدبلوماسي المرهف وعلى أنه كان سفيرا متأنق حيث أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم فاكهة اللوز والفسدق وكعك وخفين لبسهما النبي حتى تخرقا وكان هذا دليل على حب النبي محمد لهدايا الصحابي دحية الكلبي رضي الله عنه كما أخبره أيضا بحادثة قطع الطريق التي تعرض لها في أرض حسمى فبعث رسول الله الصحابي زید بن حارثة رضي الله عنه في سرية من خمسمائة رجل من الصحابة ومعه دحية الكلبي رضي الله عنه إلى أرض حسمى وذلك في جمادی الثاني عام 7 هجرية لتأديب الهنيد بن غوص وعشيرته الضلعيين والقضاء على قطاع الطرق وتثبيت وتأكيد إنضواء أرض وقبيلة جذام في إطار الدولة والسلطة الإسلامية وكان زيد رضي الله عنه يسير بالليل ويكمن بالنهار وكان معه دلیل من بني عذرة ووصل ليلا إلى ديار القوم فلما أصبح الصباح باغتهم وهجم المسلمون عليهم وقتلوا فيهم فأوجعوهم وكان من ضمن القتلى الهنيد بن غوص وإبنه وغنموا من النعم ألف بعير ومن الشاء خمسة آلاف شاة ورحل رفاعة بن زيد الجذامي في نفر من قومه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابه الذى كان قد كتبه له ولقومه عندما أعلن إسلامه قبل حوالي عام وقال يا رسول الله لا تحرم علينا حلالا ولا تحل لنا حراما فقال كيف أصنع بالقتلى فقال أبو يزيد بن عمرو أطلق لنا یا رسول الله من كان حيا ومن قتل فهو تحت قدمي هاتين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق أبو يزيد وبعث النبي صلى الله عليه وسلم الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى قائد السرية زيد بن حارثة رضي الله عنه يأمره أن يخلي بينهم وبين محرمهم وأموالهم فتوجه الإمام على فلقي رافع بن مكيث الجهني بشیر زید بن حارثة رضي الله عنه على ناقة من إبل القوم وكان زيد قد أرسله ليخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأخبار السرية فرد الإمام علي رضي الله عنه الناقة إلى القوم ولقي زيد رضي الله عنه بالفحلتين وهي موضع يقع بين المدينة المنورة وذى المروة وهذه الأخيرة محطة للقوافل وعين ماء تبعد عن شمال المدينة المنورة بحوالي 180 كم فأبلغه أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد زيد رضي الله عنه الأسرى والأموال والإبل لرفاعة بن زيد الجذامي وأصحابه تنفيذا لما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم وبلا شك فقد كانت لسرية زيد بن حارثة رضي الله عنه إلى حسمى وما جاورها من أرض جذام نتائج وآثار إيجابية عديدة فقد حققت الغزوة أهدافها في القضاء فعلا على قطاع الطرق الذين كانوا يهددون قوافل المسافرين والتجار ما بين المدينة المنورة والشام وفي تثبيت وتأكيد إنضواء أرض وقبيلة جذام في إطار الدولة والسلطة الإسلامية كما كان إطلاق سراح الأسری ورد الأموال والنعم والشاء نهجا حكيما في تأكيد سماحة دين الإسلام ولما إطمأن الصحابيان الجليلان دحية وزيد رضي الله عنهما إلى إستتباب الأمر في أرض جذام عادا مع جيشهما إلى المدينة المنورة .

وبالعودة إلى هرقل فبعد أن تسلم رسالة النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابي دحية الكلبي رضي الله عنه تصادف أن أبا سفيان بن حرب زعيم قريش آنذاك وقائد جيشها ضد المسلمين في غزوتي أحد والخندق كان متواجدا في بلاد الشام على رأس قافلة تجارية لقريش وبينما هو ورفاقه متواجدين في سوق الشام إذ هجمت عليهم شرطة هرقل وسألتهم هل أنتم من مكة فقالوا نعم فسألوهم هل أنتم من قريش فقالوا نعم فسألوهم هل تعرفون محمد بن عبد الله الذى يقول إنه نبي فقالوا نعم فقالوا لهم هيا معنا إلى هرقل وساقوهم جميعا نحوا من ثلاثين رجل فقال أبو سفيان ورفاقه للجند الرومان ما الخبر فقالوا إن هرقل جاءه كتاب من محمد الذى يقول إنه نبي سلمه إليه رجل عربي مسلم يدعي دحية الكلبي فلما قرأ هرقل الكتاب قال إن هذا كتاب خطير وإهتم به كل الإهتمام ثم جمع رجال دولته وحاشيته وخواصه وقال لهم هل هنا في الشام أحد من قوم هذا الرجل الذى يزعم أنه نبي فقالوا نعم إن الكثيرين منهم في سوق المدينة فنادى رئيس شرطته وبلهجة الحزم والشدة قال له قلب المدينة ظهرا لبطن حتى تأتيني برجل أو رجال من قوم هذا الذى يدعي أنه نبي فبحثنا عنكم حتى وجدناكم فهيا إلى القصر فلما علم هرقل بوصولهم دعاهم إلى مجلسه وأدخلهم عليه وكان جالسا في مجلس ملكه وعليه التاج المرصع باللؤلؤ والجواهر وحوله عظماء الروم وعنده بطارقته والقسيسون والرهبان وبين يديه حراس مدججون بالسلاح منظرهم يثير الرعب والرهبة فأمر بهم أن يجلسوا أمامه فجلسوا على فراش الأرض فدعا بترجمانه وطلب منه أن يسألهم أيكم أقرب نسبا من هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي فقال أبو سفيان أنا أقربهم إليه نسبا فقال هرقل ما قرابتك منه فقال أبو سفيان هو إبن عمي فقال هرقل إقترب وأجلسوه وحده بين يديه وأجلسوا أصحابه من خلفه وقد خص هرقل الأقرب نسبا من النبي بالأسئلة لأنه الأكثر إطلاعا على أموره ظاهرا وباطنا ولأن الأبعد لا يؤمن أن يقدح في نسبه ثم أجلسه وحده بين يديه وأجلس أصحابه خلفه لئلا يستحيوا منه إذ يكذبونه إن كذب لأن المواجهة بالتكذيب وبتكذيب السيد الكبير صعبة محرجة فكونهم خلفه يجعل تكذيبهم له أهون عليه ثم قال هرقل لترجمانه قل لهم إني سائل هذا عن الرجل الذي يدعي أنه نبي والسؤال في الحقيقة موجه إليكم جميعا فإن كذبني فكذبوه وإن أخطأ فصوبوه وأصدقوني القول ولا تخفوا علي شيئا من الأمر وكان في نية أبي سفيان أن يسئ إلى محمد ولو كذبا ولكنه خاف أن يمسك عليه قومه كذبا فيقل في نظرهم حيث كان الكذب عند العرب لا يليق بكرام الرجال فضلا عن رؤسائهم وعلى الرغم من أنه كان لا يخاف من أصحابه أن يكذبوه أمام هرقل حيث كان واثقا من عدم تكذيبهم له لو كذب لمقامه عندهم ولإشتراكهم معه في عداوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ولكنه كان يربأ بنفسه عن الكذب وهو سيدهم ويخشى أن يأخذ عليه رفاقه كذبا وبدأ هرقل في سؤاله فقال هذا الذي يزعم أنه نبي كيف حسبه فيكم أهو من أشرافكم ومن ذوى الأصل فيكم فقال أبو سفيان هو صاحب حسب كبير فينا فسأل هرقل هل كان من آبائه ملك فرد أبو سفيان لا لم يكن من آبائه من ملك فسأل هرقل فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال فأجاب أبو سفيان لا فسأل هرقل ومن الذين يتبعونه أشراف الناس أم ضعفاؤهم فأجاب أبو سفيان بل ضعفاؤهم فسأل هرقل أيزيدون أم ينقصون فأجاب أبو سفيان بل يزيدون فسأل هرقل هل يرتد أحد منهم عن دينه ساخطا عليه بعد أن يدخله فأجاب أبو سفيان لا فسأل هرقل هل قاتلتموه فأجاب أبو سفيان نعم فسأل هرقل كيف كان قتالكم إياه يغلبكم أم تغلبونه فأجاب أبو سفيان تارة يغلبنا وتارة نغلبه فالحرب بيننا وبينه سجال نوبة له ونوبة لنا غلبنا مرة يوم بدر وأنا غائب وغزوته في بيته يوم أحد فمثلنا بهم وبقرنا البطون وجدعنا الآذان فسأل هرقل فهل يغدر بكم إذا عاهد فقال أبو سفيان لا وأراد أبو سفيان أن ينال من محمد صلى الله عليه وسلم فلم يجد إلا أن يشكك في وفائه بالعهد فقال وبيننا وبينه عهد لا ندري أيغدر بنا أم يفي فسأل هرقل هل إدعى أحد منكم قبله مثل ما يدعي فقال أبو سفيان لا .

وهنا بدأ هرقل يعلن لهم هدفه من الأسئلة وإستنتاجاته من الإجابات فقال لأبي سفيان سألتك عن حسبه فقلت إنه فينا ذو حسب وكذلك الرسل تبعث في أفضل أنساب قومها وسألتك هل كان في آبائه ملك فزعمت أن لا فقلت فلو كان من آبائه ملك جاز أن يكون طالبا ملك آبائه وسألتك عن أتباعه الأشراف أم الضعفاء فقلت الضعفاء وهكذا أتباع الرسل لأن الأشراف يأنفون من تقدم مثلهم عليهم والضعفاء لا يأنفون فيسرعون للإنقياد وإتباع الحق وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب فقلت لا فعرفت أنه ما كان ليترك الكذب على الناس ثم يكذب على الله وسألتك هل يرتد أحد منهم عن دينه الجديد ساخطا عليه بعد أن يدخله فقلت لا وكذلك الإيمان إذا خالط غشاء القلوب لا يزول عنه وسألتك هل قاتلتموه وكيف كانت نتيجة قتالكم إياه فقلت إن الحرب بينكم وبينه سجالا وهكذا الرسل يبتلون بالهزيمة ثم تكون لهم العاقبة وسألتك هل يغدر بكم فقلت لا وكذلك الرسل لا تغدر وسألتك هل قال هذا القول أحد معاصر قبله فقلت لا قلت لو قال هذا القول أحد قبله قلت رجل يأتم بغيره ويقول ما يقولون ثم سألتك بم يأمركم قلت يأمرنا بالصلاة والصدقة وصلة الأرحام والعفة وكذلك الرسل ولقد كنت أعلم أن نبيا سيرسل في آخر الزمان لكني كنت أتوقعه من بني إسرائيل وليس منكم أما اليوم فقد ظهر أنه من العرب لقد كنت أقرأ أوصافه التي ذكرت ففي التوراة نحو ما سمعت من علامات النبوة إن يكن ما قلته حقا فهو النبي صلى الله عليه وسلم الذى سيملك أتباعه مكان قدمي وملكي ولو كنت أستطيع أن أصل إليه ماشيا لفعلت ولغسلت بيدي رجليه خضوعا له وتبركا به ولكني أخاف من قومي أن يقتلوني لقد كان لي صديق قسيس أسقف أظهر إسلامه وألقى ثيابه التي كانت عليه ولبس ثيابا بيضاء وخرج على الروم فدعاهم إلى الإسلام وشهد شهادة الحق فقاموا إليه فضربوه حتى قتلوه إنني أخافهم ولولا ذلك لتكلفت المشي إليه ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأه القارئ وترجمه الترجمان وسمعه بالعربية أبو سفيان ثم طوى هرقل الكتاب وبمظاهر التكريم حفظه وظهر عليه الميل نحو الإيمان فكثر الصياح واللغط في المجلس وإرتفعت الأصوات بإستنكار الكتاب وإستنكار ما فيه فأمر هرقل بإخراج أبي سفيان وأصحابه فخرجوا فقال أبو سفيان لأصحابه لما خلا بهم إن أمر محمد سيعظم إن هرقل يخاف محمدا وقال في نفسه لقد دخلني الخوف من محمد وأيقنت أنه لا محالة ظاهر وغالب وفيما بعد أدخل الله في قلبه الإسلام فأسلم عام الفتح بعد هذه الحادثة بسنتين هذا ما كان من أمر أبي سفيان أما ما كان من أمر هرقل فمازال في داخله يعالج أمر الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم ويجاهد أن يؤمن ويعلن إسلامه مع الإحتفاظ بعرشه وملكه فقد كان يتمنى أن يسلم قومه الروم بل حاول أن يدعوهم إلى ذلك صريحا فقد روى الإمام البخارى أنه دعا زعماء الروم وعظماءهم إلى قصره وأغلق عليهم أبوابه ثم طلع عليهم من شرفة عالية فقال لهم يا معشر الروم هل لكم في الفلاح والرشد وأن يثبت ملككم بايعوا هذا النبي فهاجوا وماجوا وإتجهوا إلى الأبواب نفورا من هذه الدعوة ورفضا لها فوجدوا الأبواب مغلقة فأعادهم هرقل وهدأ من روعهم وغضبهم وقال لهم إني قلت لكم ما قلت لأمتحن مدى تمسككم بدينكم فشكرا لكم على شدة تمسككم به فقد رأيت منكم ما سرني فسجدوا له ورضوا عنه .


وبعد فتح مكة في شهر رمضان عام 8 هجرية وغزوة حنين في شهر شوال عام 8 هجرية كان دحية الكلبي رضي الله عنه من كبار الصحابة الذين شهدوا غزوة تبوك مع رسول الله في شهر رجب عام 9 هجرية وقد جاء في السيرة النبوية أنه قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوك فبعث دحية الكلبي رضي الله عنه مرة أخرى إلى هرقل إمبراطور الروم وكان ذلك هو البعث الثاني لدحية الكلبي رضي الله عنه إليه وقد بعث معه رسول الله صلى الله عليه وسلم رسالة جديدة إلى هرقل تتميز عن الرسالة الأولى التي قال له رسول الله فيها أسلم تسلم أسلم يؤتك الله أجرك مرتين فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين أما الرسالة النبوية الثانية التي حملها دحية الكلبي رضي الله عنه مبعوث النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل في شهر رجب عام 9 هجرية وقرأها دحية رضي الله عنه على هرقل في قصره بمدينة حمص فكان نصها كما يلي من محمد رسول الله إلى صاحب الروم إني أدعوك إلى الإسلام فإن أسلمت فلك ما للمسلمين وعليك ما عليهم فإن لم تدخل في الإسلام فأعط الجزية فإن الله تبارك وتعالى يقول في القرآن الكريم في سورة التوبة قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون وإلا فلا تحل بين الفلاحين وبين الإسلام أن يدخلوا فيه أو يعطوا الجزية فقال هرقل لدحية رضي الله عنه والله إني لأعلم أن صاحبك نبي مرسل وأنه الذى كنا ننتظره ونجده في كتابنا ولكني أخاف الروم على نفسي وعلى عرشي ولولا ذلك لإتبعته ثم أرسله إلى صغاطر وكان من أساقفة الروم عظيمي الشأن فجاءه دحية فأخبره بما جاء به من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل فقال صغاطر صاحبك والله نبي مرسل نعرفه بصفته ونجده في كتبنا بإسمه ثم خرج إلى الروم وهم في الكنيسة وأخبرهم أنه جاء الروم كتاب من نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم يدعوهم فيه إلى الله عزّ وجل وأنه يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله فوثبوا عليه وثبة رجل واحد فضربوه فقتلوه .


وبعد وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان الصحابي الجليل دحية الكلبي رضي الله عنه من كبار الصحابة الذين شهدوا فتوح الشام وخاضوا غمار معاركها ضد الرومان منذ بداية إنطلاق الجيوش العربية الإسلامية إلى الشام في عهد الخليفة الراشد الأول أبي بكر الصديق في أواخر العام الثاني عشر للهجرة وأوائل العام الثالث عشر للهجرة وشهد الصحابي دحية الكلبي رضي الله عنه معركة اليرموك ضد الروم في شهر رجب عام 13 هجرية على رأس ألف مقاتل غالبيتهم من فرسان قبيلة كلب وقد جاء في ترجمته بكتاب الإصابة في تمييز الصحابة أنه قد شهد دحية اليرموك وكان على كردوس وقال إبن عساكر وشهد اليرموك وكان أميرا على كردوس ثم سكن دمشق وجاء في سير أعلام النبلاء وقد شهد اليرموك وكان على كردوس وكان عدد جيش المسلمين في موقعة اليرموك 36 ألف مقاتل قسمهم قائد الجيش سيف الله المسلول خالد بن الوليد رضي الله عنه إلى 36 كردوسا يضم كل كردوس ألف مقاتل وعلى كل كردوس أمير قائد من الصحابة فكان دحية الكلبي واحدا منهم وقال الطبرى في ذلك وخرج خالد في تعبئة لم تعبئها العرب قبل ذلك فخرج في ستة وثلاثين كردوسا إلى الأربعين وقال إن عدوكم قد كثر وطغى وليس من التعبئة تعبئة أكثر من رأى العين من الكراديس فجعل القلب كراديس وأقام فيه أبا عبيدة بن الجراح وجعل الميمنة كراديس وعليها عمرو بن العاص وفيها شرحبيل بن حسنة وجعل الميسرة كراديس وعليها يزيد بن أبي سفيان وكان هو قائدا عاما للجيش وقائدا لفرقة الخيالة المتحركة فإذا إنشغل حل محله ضرار بن الأزور على الخيالة وبعد اليرموك كان لدحية الكلبي رضي الله عنه إسهامات في فتح دمشق بقيادة أبي عبيدة بن الجراح وبعد فتحها إستخلف أبو عبيدة على دمشق يزيد بن أبي سفيان حينما سار إلى حمص وبعث يزيد دحية بن خليفة الكلبي في خيل إلى تدمر وأبا الزهراء القشيرى إلى البنية وحوران فصالحوهما على صلح دمشق وتولى كل منهما إمارة ما بعث عليه وبذلك كان دحية الكلبي هو فاتح تدمر والمناطق التابعة لها وأول أمير لتدمر في الإسلام وكانت تدمر آنذاك من أعمال دمشق في إطار ولاية الشام التي شهد دحية وفرسان كلب سائر فتوحاتها ومنها فتح حمص وفتح فلسطين عام 16 هجرية ومما يذكر أنه لما تولى دحية الكلبي إمرة تدمر أسس عصرها العربي الإسلامي وكان ذلك في خلافة عمر بن الخطاب وولاية يزيد بن أبي سفيان على دمشق ثم على الشام فلما توفي يزيد سنة 18 هجرية في طاعون عمواس إستعمل الخليفة عمر على الشام معاوية بن أبي سفيان وظل دحية الكلبي أميرا على تدمر وتزوج معاوية السيدة ميسون بنت بحدل من قبيلة كلب التي ينتمي إليها الصحابي دحية الكلبي فأنجبت له إبنه يزيد بن معاوية سنة 26 هجرية والذى أصبح خليفة المسلمين بعد وفاة أبيه في أواخر عام 60 هجرية وبعد ذلك سكن دحية الكلبي المزة وكانت قرية صغيرة قرب دمشق وحاليا هي أحد أحياءها وظل مقيما بها حتى وفاته في عام 50 هجرية على الأرجح في عهد الخليفة الأموى الأول معاوية بن ابي سفيان ودفن في مقبرة المزة وقبره معروف فيها إلى اليوم ومما يذكر عنه أنه قد تزوج من الصحابية الجليلة السيدة درة بنت أبي لهب رضي الله عنها إبنة عم النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاة زوجها الأول الحارث بن عامر بن نوفل والذى شارك في غزوة بدر في صفوف المشركين وقتل يومذاك هذا اليوم الذى نصر الله فيه الإسلام وأذل فيه الكفر وقد أسلمت رضي الله عنها بمكة بعد أن زين الله تعالى قلبها بالإسلام والإيمان وكره لها الشرك والفسوق والعصيان فكان إسلامها وفرارها من أبيها وأمها إلى الله ورسوله مثارا للإعجاب حيث تحدت درة رضي الله عنها أسرتها وبيئتها من أجل الإسلام وأعلنت كلمة التوحيد وجاهدت في العلم وتعرفت على الإسلام وأيقنت أنه الحق والعدل حيث كان من مبادئه إقراره لمبدأ مسؤولية الفرد وحسابه عن أفعاله لا عن أفعال غيره وإن كانوا أهله وأقر ب الناس إليه فقد قال الله تعالى في محكم آياته في سورة الإسراء مَنِ إهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وكون السيدة درة إبنة عدو الإسلام أبي لهب الذى ذمه رب العزة في قرآنه الكريم لا ينتقص من قدرها ولا من مكانتها أبدا ومن ثم فقد سعت إلى دين الله الحنيف الإسلام وإختارته متحدية بيئتها وقومها وخرجت مهاجرة إلى المدينة المنورة وقد تشرفت بقرابتها للنبي صلى الله عليه وسلم وحبها له رحمها الله رحمة واسعة هي وزوجها الصحابي الجليل دحية الكلبي رضي الله عنه وأسكنهما فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا .


 
 
الصور :