السبت , 9 ديسمبر 2023

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

مقاومة القمامة الفكرية والتشويش الذهني

مقاومة القمامة الفكرية والتشويش الذهني
عدد : 11-2023
بقلم الدكتور/ محمود رمضان
خبير الآثار والعمارة الإسلامية

زملائي الأعزاء والمحاضرين والعلماء
ضعوا نصب أعينكم، وضمن مناهج البحث والتدريس لديكم برامج جديدة لمقاومة ما يسمى القمامة الفكرية، والتشويش الذهني، والتباس المعنى، والهذيان والخلط في المصطلحات والمفاهيم ومضامين العلوم الطبيعية والإنسانية، والفرق بين العمل الثقافي والطرح العلمي ومناقشة القضايا التاريخية والعمل السياسي أيضاً.

اهتموا بإنتاج الأفكار الجديدة وانبذوا عدم رجاحة العقل واستقراره وعدم وضوح الرؤية والتمسك بالنسق غير العقلاني في معالجة القضايا الفكرية والثقافية وعدم ثبات اليقين العلمي، حتى نحصل على عقول متزنة غير مشوشة فكرياً تقبل النقد البناء، وتعتمد على التحليل والاستدلال للوصول للحقيقة، وفق منهج علمي يأخذ بالأصول والقواعد العلمية السليمة أيضاً.

ثمة حاجة خطيرة جداً في الخطاب العلمي العام حالياً؛ تتلخص في نقطة جوهرية قوامها النقدي كما يلي :-

( إن ما يشوش عقول البشر هو الخطاب المتعمق في السطحية الممتلىء بالفراغ، الذي يبث المضمون غير الموثق، وذلك لأن لهجة الخطاب العام البعيد عن المنهجية والأصول التربوية الذي يفتقد للموضوعية وعدم الأخذ بقواعد التطور والانغماس في الكلاسيكية المتحجرة أيضاً، يجعل اللهجة الخطابية المذكورة تعاني الفهم العام ويحدث فيها اصابات غائرة في مواطنها العقلية الطبيعية، وهذا بالفعل يظهر حقيقة ما يقلق الفكر المجتمعي العالمي، لأننا نحن بعدين بشكل ما عن تشخيص للمشاكل التاريخية بطريقة منهجية وعن رؤية واقعية لها، وعن فهم عميق لطبيعة العصر الذي نعيش ونتحرك فيه، ويرجع ذلك كله إلى عدم دراسة تقدير الموقف عند تناول أي مشكلة من المشاكل أو مصيبة من المصائب الإنسانية الأليمة.

إذاً فأنت أمام مشكلة حقيقية، وحالة غير صحية تعاني من اضطرابات في الصحة البدنية أو العقلية، ولابد من مواجهتها في المنهج الفكري العام، ولا يستقيم ذلك إلا بادراك المعلم والمفكر والمؤرخ والباحث والمتخصص في علوم الفقه وما يتربط به من فروع متخصصة آخرى بأهمية اتباع المنهج العلمي السليم في الطرح والمضمون النقدي دون غيره.

وفي زعمي أن معالجة هذه الظواهر غير الصحية لا يمكن معالجتها إلا عن طريق التحاور الفكري والثقافي المعتدل، بل أن نتصارع فكرياً بكل الود والتقدير والاحترام وحسب المنهج العلمي والموضوعي الجامع الشامل السليم دون الطرح المتعالي الذي يُعد من القوالب الضخمة التي لا تحتوي إلا على الفراغ الخالي من الأساليب المعرفية والبعد عن روافدها ومنابعها التي بدون الاعتماد على الأصول والدلائل الوثائقية لها، يصبح أي طرح يُبنى على الفراغ المذكور هو والعدم سواء، لأن البعد عن معرفة وفهم علم تاريخ الأفكار والقواعد الفكرية المنظمة له يجعل التشوش الحقيقي للأفكار هو ما يصيب العقول بالتشويش الذهني وعدم الاتزان، وتنتج هذه العقول بدورها كم كبير جداً من القمامة الفكرية غير الحميدة، ويحدث هزة في فكر الأجيال البشرية الحالية والقادمة بشكل عام.

ورجاء خاص بالإهتمام بالقراءة المتفحصة المتأنية للأطروحات والأبحاث والمقالات والمؤلفات العلمية، وأي طرح فكري، أيا كانت الفرضيات وقوتها والحجج وبيانها وفلسفتها ، فثمة من يعيدون إعادة الإنتاج الفكري والعلمي المنهحي للآخرين بحرفية عالية وتمرس مذهل على فعلهم ؛ كما انهم لا يحترمون علم تاريخ الأفكار المشار إليه ونظريات القبول والرفض والمعيار الزمني لتطبيق النتائج العلمية وأهميتها لخدمة الإنسانية والمجتمع وكافة فروع العلم والمعرفة. ، ولا يقتصر ذلك على منطقة جغرافية بعينها بل أضحى ذلك ملموساً في القراءات والأعمال الفكرية والعلمية والثقافات المختلفة ؛ ولما كان ذلك كذلك، فلابد من الانتباه وأخذ الحيطة والحذر والتعمق في الفحص والدراسة والتحليل لأي عمل علمي.

وفي الاتجاه الموازي لذلك ، ثمة متحدثين بفكر منسوخ هش أجوف غير نافع ، وما يزالوا يتشدقون به دون إدراك حقيقي لأصل الطرح الفكري المستنير وأسبقية تاريخ الإفصاح عنه ومعرفته، بالإضافة إلى عدم تحري الدقة والضبط والمغزى العلمي بشكل عام؛ ويردد غالبيتهم أدلة جمعوها دون أن يفقهوها ويقدمون عملاً إثر عمل، وما يزال الكثيرون في كل زمان وفي كل مكان في الكون الواسع يسيرون على نفس الدرب، مما يؤدي إلى عدم ثبات النظريات العلمية واعوجاج الطرح المنسوخ فاقد المعنى والروح، ويصيب البعض بالتشويش الذهني والدوار الفكري غير الراحج فاقد البصر والبصيرة ويدخل صاحبه النفق غير الحضاري بل في ظلام فكري دامس جداً لا يخرج منه إلا بثورة تصحيحية نقدية وإعصار فكري وطوفان جارف، لتنبت الأرض بذورها وحرثها الجديد الذي يليق بالبشرية وعصرها والحداثة الجديدة وما بعد الحداثة أيضاً.

" فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ".
صدق الله العظيم

====
* ( تبسيط الثقافات والمعارف والتاريخ والحضارة والآثار والفنون والعلوم الإنسانية وروافدها واتاحتها للمجتمعات البشرية في هذا الكون- المعرفة ليست حكراً على أحد)
(الثقافة حق للجميع -لا حَجْرَ على فِكْر)