الخميس, 5 ديسمبر 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

أبو موسى الأشعرى

 أبو موسى الأشعرى
عدد : 11-2023
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
tbadrawy@yahoo.com
موسوعة كنوز “أم الدنيا"


أبو موسى عبد الله بن قيس بن سليم بن حضار بن حرب بن عامر بن عنز بن بكر بن عذر بن وائل بن ناجية بن الجماهر بن الأشعر رضي الله عنه والمعروف بإسم أبي موسى الأشعرى صحابي جليل من صحابة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وفقيه وأحد رواة الحديث النبوى الشريف وهو أحد السابقين إلى الإسلام وواحد من المهاجرين الذين إمتلأت قلوبهم بالإيمان وعرف عنهم الصبر والشجاعة وقوة الإيمان وكان من الشخصيات الذين يشهد تاريخ الإسلام لهم بأنهم أخلصوا لله الواحد القهار وعاشوا وخلدهم إيمانهم ومواقفهم القوية دفاعا عن ديننا الحنيف ينشدون ثواب الآخرة والهدى للبشرية كلها ومن ثم فقد تركت هذه الشخصيات أثرا كبيرا محفوظا في ذاكرتنا ووجداننا وهدى وبوصلة لنا في الطريق ففاحت عطور فضائلهم وعبقت في ديار الإسلام حيث إجتمعت فيه العديد من صفات البر والصلاح والزهد والعبادة وإمتاز بالكرم والجود والسخاء وسار في درب السعداء وكان من هؤلاء القوم الذين نصروا دين الله ونبيهم صلى الله عليه وسلم وما وهنوا وما ضعفوا وما إستكانوا ولا خافوا وفتحوا قلوبهم لنصرة دين الإسلام والنبي الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم سواء في مكة المكرمة أو في المدينة المنورة فتسابقوا فيما بينهم على البذل والعطاء وحسن الكرم والضيافة وتنافسوا في ميادين الفضائل إبتغاء مرضاة الله ورسوله والفوز بسعادة الدارين مصدقين بما جاء به نبيهم الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وهو ينتمي إلى قبيلة الأشعريين القحطانية وهي قبيلة سبأية تنسب إلى الأشعر بن أدد من كهلان بن سبأ والأشعر هو نبت بن أدد ولقب بالأشعر لأنه قيل إن أمه ولدته وقد غطى الشعر كل جسمه وقيل أيضا إنه كان من أول من نطقوا بالشِعر ونظموا الكلام والكلمات ولذا فقد لقب بالأشعر وكان ميلاد الصحابي الجليل أبي موسى الأشعرى رضي الله عنه ببلاد اليمن على الأرجح في العام العشرين قبل الهجرة وقدم إلى مكة المكرمة قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وحالف أبا أحيحة سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس وكان كثير التردد على مكة المكرمة بهدف العمل والتجارة في أسواقها وأثناء ذلك سمع بدعوة الرسول عليه الصلاة والسلام فشرح الله صدره للإسلام فكان من السابقين في الدخول إليه ولما إشتد إيذاء مشركي مكة للمسلمين وخاصة المستضعفين هاجر معهم إلى الحبشة حيث بقي فيها فترة من الزمن ثم ما لبث أن غادرها عائدا إلى قومه باليمن بهدف دعوتهم إلى الإسلام وليقرأ عليهم ما يحفظ من القرآن الكريم وقد نجح أبو موسى الأشعرى رضي الله عنه بالفعل في ذلك فكان سببا في دخول عدد كبير من قومه في الإسلام وعندما وصل إليه خبر هجرة الرسول عليه الصلاة والسلام إلى المدينة المنورة وتأسيسه للدولة الإسلامية فيها قرر مع من أسلم من قومه اللحاق بالرسول صلى الله عليه وسلم وكانوا بضعة وخمسين فيهم أخويه أبو رهم وأبو بردة وأمه ظبية بنت وهب العكية وخرجوا في رحلة بحرية طويلة إلا أنهم واجهوا العديد من الصعوبات أثناء رحلتهم هذه نتيجة الهيجان الشديد في البحر مما أدى إلى إنحراف سفينتهم عن مسارها المطلوب وإتجاهها نحو ساحل الحبشة وهناك إلتقوا بجعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وصحابته الذين إستبقاهم النبي صلى الله عليه وسلم بالحبشة إنتظارا لأوامره وبعد صلح الحديبية وفي أواخر العام السادس الهجرى أرسل النبي صلى الله عليه وسلم برسالة إلى النجاشي ملك الحبشة الذى كان قد دخل في الإسلام حملها الصحابي عمرو بن أمية الضمرى رضي الله عنه يطلب منه إرسال جعفر وصحابته إلى المدينة المنورة فأعد لهم سفينتين حملتهم إلى المدينة المنورة وكان الرسول صلى الله عليه وسلم آنذاك في غزوة خيبر التي خرج إليها النبي للقضاء على هذه البؤرة التآمرية التي كانت تكيد للإسلام والمسلمين فلما عاد منتصرا بعد فتح حصون خيبر سر سرورا شديدا بعودة جعفر رضي الله عنه وصحابته وأسهم النبي محمد لهم كمن حضروا فتح خيبر وقال لهم لكم الهجرة مرتين هاجرتم إلى النجاشي وهاجرتم إلي ومنذ ذلك اليوم صارت حياة الصحابي أبي موسى الأشعرى حافلة بالعطاء والتضحية والمساهمة في بناء مجتمع إسلامي قوى ومتين فقد كان شديد الملازمة للرسول صلى الله عليه وسلم في حله وترحاله وفي غزواته أيضا .


وكانت أولى المشاهد التي شهدها الصحابي الجليل أبو موسى الأشعرى رضي الله عنه مع النبي صلى الله عليه وسلم فتح مكة في شهر رمضان عام 8 هجرية وبعدها غزوة حنين في شهر شوال عام 8 هجرية وبعد إنتصار المسلمين على قبائل هوازن في غزوة حنين أرسل النبي محمد صلى الله عليه وسلم سرية في أعقاب الغزوة مباشرة قادها أبو عامر الأشعرى عم أبي موسى الأشعرى رضي الله عنهما ضد الفارين من جيش هوازن والذين كان في قيادتهم دريد بن الصمة وسميت هذه السرية بسرية أوطاس نسبة للمنطقة التي حدثت فيها المعركة وهي وادى يقع بين حنين والطائف وكانت فرقة من قبائل هوازن لما وقعت الهزيمة بهم في غزوة حنين ذهبت إلى الطائف فتحصنوا بها بينما توجهت فرقة أخرى من قبيلة ثقيف نحو منطقة نخلة وسارت فرقة أخرى فتحصنوا بأوطاس فبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم السرية المشار إليها فلحقت بهم وقاتلتهم وفي اثناء المعركة رمي أبو عامر الأشعرى رضي الله عنه بسهم لا يعرف رامية فسقط شهيدا فأخذ الراية إبن أخيه الصحابي أبو موسى الأشعرى رضي الله عنه وإستمر القتال حتى إنتصر جيش المسلمين وقتل قاتل أبو عامر الأشعرى ولما عاد أبو موسى الأشعرى إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وأخبره بموت أبي عامر رضي الله عنه إستغفر له الرسول صلى الله عليه وسلم وقال اللهم إجعله من أعلى أمتي في الجنة وفي رواية أخرى اللهم اجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك من الناس ودعا النبي صلى الله عليه وسلم أيضا لأبي موسى الأشعرى رضي الله عنه فقال اللهم إغفر له ذنبه وأدخله يوم القيامة مدخلا كريما وبعد المعركة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتم جمع السبي والغنائم التي أخذها المسلمون من غزوتي حنين وأوطاس فجمعت في منطقة شمالي مكة المكرمة يقال لها الجعرانة وتوجه الرسول إلى الطائف وحاصرها وكان السبي ستة آلاف رأس والإبل أربعة وعشرون ألفا والغنم أكثر من أربعين ألف شاة وأربعة آلاف أوقية فضة وكان على الغنائم الصحابي مسعود بن عمرو الغفارى رضي اله عنه وقد أخذ المسلمون الكثير من السبايا يوم حنين وأوطاس وكانوا يتكرهون نساء السبي إذا كن ذوات أزواج فإستفتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك فنزل قول الله تعالى وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ والمقصود ما ملكت أيمانهم من اللاتي سبين ولهن أزواج كفار فهن حلال للسابين والنكاح مرتفع بالسبي ومن ثم إستحلل المسلمون سبايا حنين وأوطاس بشرط ألا توطأ حامل من السبي حتى تضع حملها ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة وكان هذا هو أمر النبي صلى الله عليه وسلم في سبايا حنين وأوطاس .


وشارك الصحابي الجليل أبو موسى الأشعرى رضي الله عنه في حصار الطائف والذى كان الهدف منه فتح الطائف والقضاء على قوات ثقيف وهوازن الهاربة من غزوة حنين وسرية أوطاس وكان هذا الحصار إمتداد لهما وذلك أن معظم فلول هوازن وثقيف دخلوا الطائف مع قائدهم مالك بن عوف النصرى وتحصنوا بها فسار إليهم النبي محمد صلى الله عليه وسلم ولما وصل المسلمون إلى الطائف عسكروا هناك وقضوا عدة أيام على إختلاف الروايات وفرضوا الحصار عليهم وخلال الحصار رماهم أهل الحصن رميا شديدا حتى قتل إثنا عشر من المسلمين فأشار الصحابي الحباب بن المنذر الأنصارى رضي الله عنه أن يبتعد المسلمون عن الحصن حتى لا تصيبهم السهام وبالفعل عسكر الرسول صلى الله عليه وسلم في مكان لاتصل إليه السهام ولكنه إستمر في حصار الطائف وجرب المسلمون أكثر من طريقة لضرب هذا الحصار حيث قام الصحابي سلمان الفارسي رضي الله عنه بصناعة منجنيق لقذف حصون الطائف بالحجارة وصنعوا دبابةً خشبية كان يختبئ تحتها الجنود ليصلوا إلى القلاع والحصون دون أن تصيبهم السهام وبدأ المسلمون في قذف أسوار الطائف بالمنجنيق الذى صنعه سلمان وسار المسلمون تحت الدبابة الخشبية وبالفعل كسروا جزءا من السور وكاد المسلمون أن يدخلوا داخل أسوار الطائف لولا أن أهل الطائف فاجئوا المسلمين بإلقاء الحسك الشائك المحمى في النار وهو عبارة عن أشواك حديدية ضخمة أوقدت عليها النار حتى إحمرت فألقوها على المسلمين ورغبة في إضعاف معنويات ثقيف أخذ المسلمون في تحريق نخلهم فناشدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدعها لله وللرحم فإستجاب لهم ثم نادى منادى رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما عبد نزل من الحصن وخرج إلينا فهو حر فخرج منهم بضعة عشر رجلا فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفع كل رجل منهم إلى رجل من المسلمين ليقوم بشأنه وإحتياجاته وإستمر الحصار أربعين يوما وكان أهل الحصن قد أعدوا فيه ما يكفيهم لحصار سنة مما إضطر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يرفع الحصار بعد إستشارته للصحابي نوفل بن معاوية الديلي رضي الله عنه سيد بني بكر أحد بطون قبيلة هوازن وكان قد أسلم قبل الفتح وشارك في فتح مكة ثم في حنين وحصار الطائف وكان شيخا كبيرا عارفا بأحوال العرب فأجاب يا رسول الله ثعلب في جحر إن أقمت أخذته وإن تركته لم يضرك فأمر النبي صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأذن في الناس إنا قافلون غدا إن شاء الله وقيل إن بعض الصحابة الكرام قد طلبوا من النبي محمد صلى الله عليه وسلم أن يدعو على ثقيف وقد أخرقتهم نبالهم أى سببت لهم الجراح فقال اللهم أهد ثقيفا وإئت بهم مسلمين وتساءل الصحابة عن إمكانية العودة دون فتح وطلبوا أن يكرروا الإغارة على الحصن فوافقهم النبي صلى الله عليه وسلم ولما فعلوا كانت فيهم الجراح الأليمة من شدة المقاومة أيضا وهنا إستجابوا وعادوا فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم من حالهم وأمرهم أن يقولوا لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده ولما ركبوا رواحلهم أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بأن يقولوا آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون .


وبذلك إنتهى حصار الطائف وعاد النبي صلى الله عليه وسلم إلى الجعرانة حيث ترك غنائم وسبي حنين وأوطاس وقد تعددت المواقف الحكيمة للنبي صلى الله عليه وسلم عند توزيعه لها رغم إشتداد أذى قبائل الأعراب وإلحاحهم بطلب نصيبهم وتعجلهم في ذلك نظرا لحداثة عهدهم بالإسلام ونفاق البعض الآخر وكان من أهم تلك المواقف قيامه بحصر غنائم وسبي غزوة حنين وسرية أوطاس بعد عودته من الطائف إلى الجعرانة وقسمه أخماس وخص كثير من حديثي العهد بالإسلام بل وغير المسلمين من سادات قريش بالكثير منه بهدف تأليف قلوبهم وجمعها على الدين القويم وهذا ضرب من ضروب السياسة الدينية حتى جعل الله من الصدقات قسما للمؤلفة قلوبهم فعلى سبيل المثال أعطى النبي صلى الله عليه وسلم أبو سفيان بن حرب وإبنه معاوية وإبنه يزيد أربعين أوقية ذهب ومائة من الإبل فقال له أبو سفيان بأبي أنت وأمي لأنت كريم في السلم والحرب وكذلك حكيم بن حزام الذى طلب زيادة في نصيبه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم يا حكيم إن هذا المال خضرة حلوة فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه كالذى يأكل ولا يشبع واليد العليا خير من اليد السّفلى فكانت تلك الأموال آخر ما قبلها حكيم بن حزام في حياته وفضلا عن ذلك أعطى النبي صلى الله عليه وسلم عيينة بن حصن سيد قبيلة فزارة من غطفان مائة من الإبل وكذلك الأقرع بن حابس التميمي وكان من سادات قبيلة تميم والعباس بن مرداس السلمي وكان من سادات قبيلة سليم وصفوان بن أمية القرشي الذى منحه النبي صلى الله عليه وسلم ملء شعب نعما وشاء فقال صفوان ما طابت بمثل هذا نفس أحد وكان ذلك سببا في إسلامه وقد عاد ذلك بفائدة عظمى فإن كثيرين ممن أعطوا في هذا اليوم ولم يكونوا أشربوا في قلوبهم حبّ الإسلام صاروا بعد من أجلاء المسلمين وأعظمهم نفعا كصفوان بن أمية ويزيد بن أبي سفيان ومعاوية بن أبي سفيان والحارث بن هشام بن المغيرة وغيرهم وأما الأعراب فقد كانوا أكثر إلحاحا على النبي صلى الله عليه وسلم في طلب نصيبهم من الغنائم فقال لهم والله إن كان لي شجر تهامة نعما لقسمته عليكم ثم ما ألفيتموني بخيلا ولا جبانا ولا كذوبا بل وأكد لهم أن نصيبه وهو الخمس مردود للمسلمين لن يأخذ منه شيئا ودعاهم لعدم الغلول أى إختلاس شئ من الغنيمة فإنه يكون على أهله عارا وشنارا ونارا يوم القيامة ثم شرع يقسم فأصاب الرجل أربعة من الإبل وأربعون شاة والفارس ثلاثة أمثال ذلك ولما إتهمه صلى الله عليه وسلم أحد المنافقين بعدم العدل لهوى نفس رفض النبي أن يعاقبه أحد من الصحابة قائلا لعله أن يكون يصلي فلما قال خالد بن الوليد رضي الله عنه أنه قد يدعي ذلك فرد النبي إني لم أؤمر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق عن بطونهم ولما أعطى رسول الله ما أعطى من تلك العطايا لقريش وقبائل العرب وترك الأنصار لم يعطهم شيئا غضب بعضهم حتى قالوا إن هذا لهو العجب يعطي قريشا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم فجمعهم النبي مذكرا إياهم بأنه كان سببا من الله في هدايتهم وغناهم عن الناس وتأليف قلوبهم بعد أن كانوا أعداء وقال الحبيب محمد ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير وتذهبوا أنتم برسول الله إلى رحالكم فوالذى نفس محمد بيده لو سلك الناس شعبا وسلك الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار اللهم إرحم الأنصار وأبناء الأنصار فبكى القوم حتى إخضلت لحاهم وقالوا ربح البيع رضينا برسول الله صلى الله عليه وسلم قسما وحظا وإنصرف النبي صلى الله عليه وسلم من الجعرانة محرما وأدى العمرة في نهاية شهر ذى القعدة من العام الثامن الهجرى وبعد ذلك وفي شهر رمضان من العام التاسع الهجرى قدم وفد قبيلة ثقيف المدينة المنورة وبعد محاورات ومساومات ونقاشات عديدة مع النبي صلى الله عليه وسلم أعلنوا إسلامهم وعادوا إلى قومهم يدعونهم للإسلام حتى أسلم أغلبهم ودخلوا في دين الله افواجا .


وبعد الفراغ من حجة الوداع في شهر ذى الحجة عام 10 هجرية ولى النبي محمد صلى الله عليه وسلم الصحابي الجليل أبي موسى الأشعرى زبيد ورمع وعدن والساحل ببلاد اليمن وإستمر في ولايته عليهم بعد وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم أثناء خلافة الخليفة الراشد الأول أبي بكر الصديق رضي الله عنه وعند تولي الخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخلافة شارك في فتوحات بلاد الشام ثم قام بتوليته على البصرة خلفا للمغيرة بن شعبة الثقفي وذلك في عام 17 هجرية فكان أهلا لهذه الأمانة والتي أداها على أكمل وجه وبذلك إستمر عطاء الصحابي أبي موسى الأشعرى للإسلام والمسلمين وفي نفس العام شارك أبو موسى في فتوحات بلاد فارس حينما جمع أهل الأهواز وأهل فارس الجيوش لحرب المسلمين وبلغ الخبر الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعث إلى سعد بن أبي وقاص في الكوفة بأن يبعث النعمان بن مقرن المزني بجيش كبير إلى الأهواز وكتب إلى أبي موسى الأشعرى في البصرة بأن يبعث إلى الأهواز جيشا آخر بقيادة سهيل بن عدى وأمر بأن يكون القائد الموحد للجيشين متى إجتمعا أبو سبرة بن أبي رهم وعلى كل من يأتيه من مدد وإلتقى الجيشان وتوجها إلى تستر فوجد أبو سبرة أن الهرمزان قائد الفرس قد جمع جموعا غفيرة فأرسل إلى الخليفة عمر يطلب المدد فأمر عمر أبا موسى بأن يسير إليه وحاصر أبو سبرة والمسلمون تستر أشهرا حتى دلهم رجل من أهلها على مكان يدخلون منه إلى المدينة فتسلل بعض المسلمين وفتحوا الأبواب وفتحوا المدينة ثم تابع أبو سبرة وجيشه فلول الفرس فوجدهم تحصنوا في السوس فحاصروها حتى طلب أهلها الأمان فأمنهم المسلمون ولما فرغ أبو سبرة من السوس خرج في جنده حتى نزل على جنديسابور وزر بن عبد الله بن كليب يحاصرهم حتى رمى أهلها إليهم بالأمان وفي العام التالي وفي شهر رمضان عام 18 هجرية شارك أبو موسى الأشعرى رضي الله عنه في معركة نهاوند وكان قائد المسلمين فيها النعمان بن مقرن المزني رضي الله عنه وبعد إنتصار المسلمين فيها ولاه عمر على الكوفة وأثناء ولايته هذه سار إلى الأهواز ثم أتى قم وأقام عليها أياما ثم إفتتحها ووجه الأحنف بن قيس إلى قاشان ففتحها عنوة ثم لحق به وفي أوائل عام 23 هجرية كتب إليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه يأمره بتوجيهه في جيش إلى أصبهان فوجهه ففتح عبد الله بن بديل مدينة جى صلحا بعد قتال على أن يؤدى أهلها الخراج والجزية وعلى أن يؤمنوا على أنفسهم وأموالهم خلا ما في أيديهم من السلاح وبعد ذلك أعاد عمر رضي الله عنه أبا موسى رضي الله عنه مرة أخرى إلى ولاية البصرة حيث بقي فيها حتى وفاة الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في أواخر عام 23 هجرية وتولي عثمان بن عفان رضي الله عنه الخلافة والذى قام بعزله عنها في عام 29 هجرية فخرج من البصرة وما معه سوى 600 درهم عطاء عياله وإنتقل إلى الكوفة وأقام بها حتى أخرج أهل الكوفة واليها سعيد بن العاص عام 34 هجرية وطلبوا من عثمان رضي الله عنه أن يستعمل أبا موسى عليهم فإستعمله وبقى عليها حتى قتل عثمان فعزله الإمام علي بن أبي طالب عنها .


ولما إندلعت فتنة مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه إختار أبو موسى الأشعرى رضي الله عنه الإنضمام إلى حزب الإمام علي بن أبي طالب الذى إختاره ليكون حكما من عنده في جلسة التحكيم التي لجأ إليها الفريقان بعد وقعة صفين في شهر صفر عام 37 هجرية بين أنصار الإمام علي وأنصار معاوية بن ابي سفيان وذلك بعد أن قتل من الطرفين خلال المعركة سبعون ألف شهيد فمن أنصار معاوية بن أبي سفيان قتل 45 ألفا ومن أصحاب علي بن أبي طالب 25 ألفا ووكل معاوية عمرو بن العاص رضي الله عنه حكما من عنده وإنصرف الإمام علي إلى الكوفة وإنصرف معاوية إلى دمشق وكان مقر إجتماع الحكمين في دومة الجندل في شهر رمضان عام 37 هجرية وقد ذكرت روايات عديدة فيما توصل إليه الحكمان منها أن عمرو بن العاص خدع أبا موسى الأشعرى وجعله يخلع علي ومعاوية بينما خلع هو علي وثبت معاوية وهذه الرواية لا أساس لها من الصحة والصحيح هو أن الحكمين تراضيا على أن يعهدا بأمر الخلافة إلى الموجودين من أعيان الصحابة الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو راض عنهم فيجعلوا على الناس من يرونه أهلا للخلافة حسما للخلاف وحقنا للدماء وأخيرا فقد كانت وفاة الصحابي الجليل أبي موسى الأشعرى رضي الله عنه على الأرجح في شهر ذى الحجة عام 44 هجرية عن عمر يناهز 64 عاما في عهد الخليفة الأموى الأول معاوية بن أبي سفيان ودفن بالكوفة وقبل أن نختم مقالنا نذكر بعض ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم وبعض مناقب أبي موسى الأشعرى فحيث أنه كان يمتاز بجمال صوته في تلاوة القرآن قال عنه الرسول عليه الصلاة والسلام لقد أُوتيتَ مِزمارًا من مزامير آل داود وقد عرف عن أبي موسى الأشعرى العديد من الخصال الحسنة أبرزها سعة العلم وكثرة العبادة والورع والحياء وعزة النفس والزهد في الدنيا والثبات على المبدأ كما كان من كبار الفقهاء والمفتين وقد روى عن كبار الصحابة أمثال عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود كما روى عنه العديد من الصحابة وكبار التابعين إلا أنه لم يكن مكثرا في رواية الحديث خوفا من أن يقع في الخطأ والزلل وحرص على نشر العلم وحض الناس على طلبه حيث جعل مسجد البصرة مركزا علميا تعقد فيه الحلقات والمجالس العلمية كما إضطلع بمهمة تعليم أهل البصرة القرآن الكريم ونشره بينهم وقد ساعده على ذلك صوته العذب وقد بلغت شدة حرصه على تفقيه الناس وتعليمهم أنه كان يقوم بهذه المهمة حتى أثناء خروجه للجهاد رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته .
 
 
الصور :
مسجد أبي موسى الأشعرى باليمن