الأحد, 28 أبريل 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

مجاعات مصر الفاطمية
أسباب ونتائج

مجاعات مصر الفاطمية
أسباب ونتائج
عدد : 11-2023
د. أحمد السيد الصاوي

ارتبط تاريخ مصر منذ فجر التاريخ بنهر النيل الذي لعب دوراً رئيسياً في تحديد قسمات أول حكومة مركزية في العالم ، ولم يتوقف النيل عن ممارسة دوره الفاعل خلال العصر الإسلامي، ذلك أن مصر كانت بلداً زراعياً ، تتوقف فيه كل مظاهر الحياة على طبيعة النهر الفيضية الموسمية .

وكان التغير في مستوى الفيضان سواء بالنقص أو الإرتفاع الجامح يعيد إلى ذاكرة المسلمين

قصة السبع سنوات العجاف التي وردت في سورة يوسف .

ونظراً لأهمية هذا النهر ، فإن كتابات المؤرخين والجغرافيين التي أشارت إلى مصر من قريب أو بعيد لم تخل من ذكر النيل وفيضانه ومنابعه ، وقد جمع د . محمد حمدي المناوي كتابات العصر الإسلامي عن النيل في كتابه نهر النيل في المكتبة العربية القاهرة ١٩٦٦ ، أما كتابات المحدثين فأهمها كتاب «نهر النيل» لمحمد عوض الذي نشر بالقاهرة عام ١٩٥٦ ومؤلفات د . جمال حمدان التي أجملها في مؤلفه الضخم شخصية مصر الذي صدر في جزءين ۱۹۸۰ - ۱۹۸۱ وقد حظيت المجاعات والأوبئة التي حدثت في العصر الإسلامي باهتمام المؤرخين المسلمين حتى أن المقريزي أفرد "رسالة لهذه المجاعات أسماها إغاثة الأمة بكشف الغمة "، لفت فيها الأنظار إلى وفاء النيل في بعض هذه المجاعات .

وكان نصيب العصر الفاطمي هو الأوفى من هذه المجاعات ، التي أفرد لها الأستاذ الدكتور عبد المنعم ماجد فصلاً خاصاً في كتابه ظهور خلافة الفاطميين وسقوطها في مصر» (الإسكندرية ١٩٦٨)، وقد درجت المؤلفات التي تعرضت بالبحث لتاريخ الدولة الفاطمية في مصر على التمييز بين فترتين مختلفتين في تاريخ هذه الدولة تفصل بينهما أحداث المجاعة التي استمرت سبع سنوات في . عهد الخليفة المستنصر بالله من عام ٤٥٧ هـ ـ ٤٦٤ هـ ، عرفت أولهما بعصر الخلفاء الأقوياء والثانية بعصر الوزراء العظام الذي تناوله بتفصيل كبير كتاب د. محمد حمدي المناوي "الوزارة والوزراء في العصر الفاطمي القاهرة ۱۹۷۰م" . ولفت النظر إلى تغير وظائف الوزراء وألقابهم بعد هذه المجاعة ، ما أورده الأستاذ الدكتور / حسن الباشا في مؤلفيه الألقاب الإسلامية في التاريخ والوثائق والآثار القاهرة ۱۹۷۸ ، والفنون الإسلامية والوظائف على الآثار العربية 3 أجزاء القاهره ١٩٦٥ - ١٩٦٦ .

ولما كانت الآثار ، وهي علم من علوم التاريخ ، هي السجل المادي الباقي لحوادث التاريخ فقد رأيت أن أدرس أثر هذه المجاعات التي تكررت في العصر الفاطمي بشكل خاص ، على الإنتاج الفني لهذا العصر من خلال علاقة هذا الإنتاج بالتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي نجمت عن المجاعات .

وقد استرعى إنتباهي ما نشره هربرت ليتي عن إمكانات إستخدام الإحصاء في إعطاء تعبير كمي عن حوادث التاريخ التاريخ والإحصاء الاقتصادي - مجلة فكر وفن العدد ۲۰ ص (۲۰) فسعيت إلى استغلال الأرقام الواردة في مصادر هذا البحث ومراجعه وتسخيرها في سبيل ذلك .

ولم يخل الطريق إلى ذلك البحث من مصاعب ومخاطر ، جاءت من قلة المصادر التاريخية الأصلية المعاصرة لحوادث هذه المجاعات وميل عدد من المؤرخين إلى إبراز الخلافة الفاطمية في صورة مشوهه شديدة السواد . إضافة إلى المبالغات التي ملأت هذه المصادر بشأن أسعار السلع وحوادث أكل الميتات ولحوم البشر .

وقد قسمت البحث إلى مقدمة وأربعة فصول وخاتمة وملاحق وكتالوج . تناولت في المقدمة أهمية نهر النيل وأشرت بإيجاز إلى تاريخ المجاعات في العصر الإسلامي قبل العصر الفاطمي .

واقتصرت في الفصل الأول على دراسة تطور منسوب الفيضان وعلاقته بالمجاعات والأسباب التي وقفت خلف المجاعات العديدة التي وقعت في العصر الفاطمي ، وفي طليعتها العوامل السياسية والإحتكار التجاري

وحوى الفصل الثاني دراسة تفصيلية للنتائج السياسية والاجتماعية التي ترتبت على أحداث هذه المجاعات، والتي من أهمها تزايد نفوذ الوزراء والعسكريين على حساب سلطات الخلفاء ، وانهيار سيطرة الخلافة على أملاكها خارج مصر ، واضمحلال مركز الزراعة بالنسبة لمجمل الاقتصاد المصري وتغير شكل الملكية الزراعية التي تركزت في أيدي العسكريين وأثر هذه المجاعات على التركيب الاجتماعي وحركة العمران في المجتمع المصري وشمل الفصل الثالث دراسة لأثر المجاعات على انخفاض إيرادات الدولة التي كانت تأتي من خراج الأرض ، والتي اضطرت بسببها الدولة إلى زيادة الضرائب التجارية (المكوس) ، كما أشرت إلى أثر العوامل السياسية على نفقات الدولة الفاطمية، واختتمت هذا الفصل بدراسة أسعار السلع الغذائية وعلاقة هذه الأسعار بالرواتب والأجور ومستوى المعيشة في فترات المجاعات وأثر المجاعات على المسكوكات الفاطمية وتحول مصر من التعامل على قاعدة المعدن الواحد (الذهب) إلى قاعدة المعدنين الذهب والفضة).

أما الفصل الرابع ، فقد خصصته لدراسة أثر نتائج المجاعات على حركة التشييد والبناء في العصر الفاطمي ، التي حمل لواءها الوزراء بعد الشدة العظمى وأثر ذلك على أحجام المباني ووظائفها ونصوصها التأسيسية.، واختتمت هذا الفصل بدراسة أثر تغيير التركيب الاجتماعي وتطور القوة الشرائية للسكان وظهور الاتجاهات الترفية بعد الشدة المستنصرية على منتجات الفنون التطبيقية ، وخاصة منتجات الخزف والفخار والنسيج ، وبالتحديد نسيج الطراز الذي كان مرآة صادقة في كتاباته لتطور نفوذ الوزراء . وكذلك تعرضت بالدراسة لأثر المجاعات على منتجات البللور الصخري والصناعات المعدنية والحلى، وأجملت في الخاتمة أهم النتائج التي توصلت إليها في هذه الدراسة .

أما الملاحق ، فأولها ملحق عن تطور منسوب الفيضان كما أورده أمين سامي في كتاب تقويم النيل وأضفت إليه ما عثرت عليه بين ثنايا سطور المصادر التاريخية الأخرى ، والملحق الثاني ، يحتوي قوائم تفصيلية لأسعار السلع التي وردت في المصادر التاريخية وما يقابل أوزانها بالنظام المتري وهي التي اعتمدت عليها في الرسوم البيانية المتعلقة بهذه الأسعار أثناء المجاعات وضم الكتالوج وصفاً لقطع المسكوكات التي أصدرها الفاطميون في أوقات المجاعات أو بعدها مباشرة ، والمحفوظة بدار الكتب المصرية ، إضافة إلى ٢٥ صورة للوحات من الفنون التطبيقية التي ترجع إلى العصر الفاطمي .